إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

المراة في مواجهة الطغيان ..السيدة زينب انموذجاً

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • المراة في مواجهة الطغيان ..السيدة زينب انموذجاً

    بسم الله الرحمن الرحيم

    اللهم صلِ على محمد واله الطاهرين

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    ونحن نقترب من شهادة السيدة زينب بنت امير المؤمنين عليه السلام نذكر موقفق واحد من بطولتها التي دارت بينها وبين اعتى قوة في زمانها حينئذ .
    و لن نستطيع أن نستوفي الحديث عن مواقف السيدة زينب الرائعة و الرائدة ، ولا أن نلم ببطولاتها النادرة . . و لذا فنحن نكتفي بتسجيل لمحات عن موقفها في الشام مع يزيد الطاغية . . و بالأخص تسجيل مقارنة سريعة بين موقفي كل من : زينب الحق و الخير و المعرفة و الوعي . و يزيد الخمور و الفجور و الظلم و الطغيان و الجبروت .
    فيزيد . . هو صاحب الجاه و السلطان . . و يرى نفسه ملكاً على أعظم إمبراطورية في العالم ، و الناس كلهم تحت طاعته ، و رهن إشارته . .
    و يزيد . . يملك الرجال ، و الجيوش التي تدافع عنه و تحمي سلطانه ، و تخنق كل صوت يرتفع ضده ، و تسحق كل مخالف و مناوئ له . . و يستطيع أن يضرب بيد من حديد و يقضي على كل حركة أو إشارة من أعدائه .
    و يزيد . . يملك مقدرات أعظم دولة على وجه الأرض . . و كل الأموال الهائلة تجبى إليه من أقطار الأرض ، فالمال كل المال له ، و بين يديه ، و من أجله و في سبيله .
    و يزيد . . هذا الذي يرى نفسه أعظم رجل على وجه الأرض ، و يملك كل أساليب القوة و القهر و السلطان . . يرى نفسه أيضاً أنه هو المنتصر الفاتح ، و يرى أن انتصاره كان سريعاً و ساحقاً . . و هذا مما يزيد في غروره و طغيانه ، و تجبره ، و غطرسته .
    و يزيد . . لم يعرف غير النعيم و الرخاء ، و الطاعة العمياء من كل من حوله . .
    و يزيد . . في وطنه وفي بلده . . حيث نشأ وعاش وتربى . . ولا يحس بغربة ، ولا بوحشة . .
    و يزيد . . يرى الدنيا تضحك له و يرى نفسه قادماً على مستقبل مشرق رغيد ، يجد فيه كل أحلامه و أمانيه و مشتهياته . .
    و يزيد . . في أعز مكان يمكن أن يكون فيه : على تخت ملكه ، و في قصره و في مجلسه ، و على بساطه . .
    ويزيد . . لم يفقد أحداً من أعزائه وأحبائه في حرب كربلاء ، ليفت فقده في عضده ويجرح كبرياءه ، ويخفف من عنجهيته .
    و يزيد . . رجل و شاب . . و الرجل بطبيعته ـ و بالأخص إذا كان شاباً ـ أقوى على تحمل المصاعب ، و مواجهة المشكلات من المرأة ، و أقدر منها على مواجهة الصدمات و لاسيما العاطفية منها .
    و يزيد . . الرجل الشاب الفاتك ، ذو البطش ، الذي لم يكن ليقف في وجهه شيء و لا يمنعه شيء حتى الدين من أن يرتكب أي عظيمة ، و يقترف أي جريمة و لا يخاف شيئاً ، و لا يرهب من شيء في سبيل ملكه و كبريائه . . بل هو يقتل حتى أبناء الأنبياء ، و حتى الشيوخ و الأطفال الرضع ، و حتى النساء في سبيل وصوله إلى أهدافه ، و حصوله على مراداته ، مهما كانت رخيصة ، و غير معقولة . .
    يزيد هذا . . يقف في وجهه خصم قوي ، و مكافح شديد ، و يهينه و يذله ، و يبدو هو أمامه خانعاً عاجزاً مقهوراً . . و مما يزيد في مرارة الموقف ، و لوعته و ألمه أن خصمه في هذه المرة كان " امرأة " . .
    نعم . . امرأة . . و المرأة أضعف من الرجل و أرق . . كما يقولون ، و أقل تحملاً في مواجهة الصدمات العاطفية كما يعتقدون . .
    و امرأة . . مثكولة ، و مصابة بأولادها ، بأخوتها ، بأبنائهم ، بنجوم الأرض من بني عبد المطلب ، و بخيرة أصحابهم و شيعتهم و محبيهم . .
    و امرأة . . ليس فقط مثكولة بمن ذكرنا ، و إنما هي بنفسها رأت مصارعهم و شاهدت بأم عينها حالتهم البشعة ، و التي تقرح القلوب و تدميها . . .
    نعم رأت مصارعهم و رافقت كل الأحداث و المصائب التي مرت عليهم . .
    و امرأة . . وحيدة ، ليس معها من حماتها حمي ، و لا من رجالها ولي . .
    و ليس لها جيش يحامي عنها ، أو يدفع . و لا بيدها سلاح تملكه أو تلجأ إليه .
    امرأة . . ليست تملك من المال شيئاً تسد به رمقها و رمق من هي مسؤولة عنه ، بل تحتاج إلى أعدائها ليساعدوها على حفظ رمق الحياة و مواجهة عقارب الجوع و العطش اللاسعة ، و التي لا ترحم أحداً ، و لا ترثي لأحد . .
    و امرأة . . تعاني من ذل الغربة ، و وحشة الدار . . و ليس فقط الغربة عن بلدها . . بل هي في بلد عدوها و في يده و تحت سلطته و سلطانه . .
    و امرأة . . مهزومة عسكرياً أيضاً .
    و امرأة . . تعاني من ذل القهر و الأسر ، بالإضافة إلى ذل الهزيمة العسكرية .
    امرأة . . تجد الشماتة القاتلة من أهل الشام بها . . حتى لتزين دمشق استبشاراً بالانتصار عليها و على أحبتها و بقتلهم و إبادة خضرائهم . .
    امرأة . . ترافقها رؤوس أبنائها و إخوتها و غيرهم من أحبتها طول الطريق على رؤوس الرماح . بشكل يفتت الأكباد و يدمي القلوب . .
    امرأة . . هي بالإضافة إلى كل ذلك تتحمل مسؤولية الحفاظ على طائفة كبيرة من الأرامل و الأيتام و الأسرى و الأطفال . . و قضاء حاجاتهم و الإشراف على كل حركاتهم . .
    و امرأة . . قد عانت من مشاق السفر و متاعبه ما فيه الكفاية . .
    و امرأة . . لم لكن لها سلطان أو ملك تعتز به ، أو تعتمد عليه . .
    و امرأة . . تقدم على مستقبل مجهول و قاتم ، و لا تعرف مصيرها فيه و لا مصير كل أهلها و ذويها . .
    و امرأة . . لم تعرف البذخ و الترف و النعيم و الرخاء ، كما كان الحال بالنسبة لبنات الملوك و أبنائهم .
    امرأة . . مهما توقعنا منها . . فإننا لا نتوقع إلا أن تنهار ، و تنهزم و تبكي و تنتحب و تعجز . .
    نعم . . هذه المرأة بالذات ، و بهذه الخصائص و المميزات تقف في وجه الطاغية يزيد لتذله ، و تسحق شخصيته و وجوده بقدميها ـ تقف في وجهه ، و المواجهة أصعب من الغيبة و على بساطه و في دار ملكه . و يزيد هو من قدمنا ، تقف و بقوة إيمانها ، و صادق عزيمتها لتقول له ، و للعالم أجمع : إنها هي التي انتصرت في المعركة ، و يزيد ـ يزيد فقط هو الخاسر المغبون و لا خاسر غيره . .
    تقف أمام يزيد لتؤدي رسالتها ، و لتعطي الصورة الحقيقية للمرأة المسلمة الواعية ، التي لا تتصرف بوحي من عاطفة ، و لا يطغى على مواقفها العجز ، و لا الضعف و الوهن . .
    نعم . . هذه المرأة تقف في وجه يزيد ، و في دار ملكه ، و على بساطه و بين جنده ، و رجال ملكه ، و هي تعاني من ذل الأسر ، و القهر ، و العدم و الثكل . . تقف في وجهه لتقول له ـ عندما سمعته يتمثل بأبيات ابن الزبعري :
    ليت أشياخي ببدر شهدوا *** جزع الخوارج من وقع الأسل
    لأهـلـوا و استهلوا فرحاً *** ثـم قـالـوا : يا يزيد لا تشل
    قد قتلنا القرم من ساداتهم *** و عـدلنـاه بـبـدر فـاعتدل
    ثم زاد عليها قوله :
    لعبت هـاشم بـالملك فـلا *** خبر جـاء و لا وحي نـزل
    لست من خندف إن لم انتقم *** من بني احمد مـا كان فعل
    السَّلامُ عَلَى مَحَالِّ مَعْرِفَةِ اللهِ ، وَمَسَاكِنِ بَرَكَةِ اللهِ ، وَمَعَادِنِ حِكْمَةِ اللهِ ، وَحَفَظَةِ سِرِّ اللهِ ، وَحَمَلَةِ كِتَابِ اللهِ ، وَأَوْصِيَاءِ نَبِيِّ اللهِ ، وَذُرِّيَّةِ رَسُولِ اللهِ .
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X