إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الاسلوب ف نهج البلاغة و العبقريه الخطابيه

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الاسلوب ف نهج البلاغة و العبقريه الخطابيه




    الاسلوب و العبقريه الخطابيه
    بيان لو نطق بالتقريع لا نقض على لسان العاصفه انقضاضا! و لو هدد الفساد و المفسدين لتفجر براكين لها اضواء و اصوات! و لو دعا الى تامل لرافق فيك منشا الحس و اصل التفكير فساقك الى ما يريده سوقا و وصلك بالكون وصا!
    و يندمج الشكل بالمعنى اندماج الحراره بالنار و الضوء بالشمس و الهواء بالهواء، فما انت ازاءه الا ما يكون المرء قباله السيل اذ ينحدر و البحر اذ يتموج و الريح اذ تطوف!
    اما اذا تحدث اليك عن بهاء الوجود و جمال الخلق، فانما يكتب على قلبك بمداد من نجوم السماء!
    و من اللفظ ما له و ميض البرق، و ابتسامه السماء فى ليالى الشتاء،!
    هذا من حيث الماده. اما من حيث الاسلوب، فعلى بن ابى طالب ساحر الاداء. و الادب لا يكون الا باسلوب، فالمبنى ملازم فيه للمعنى، و الصوره لا تقل فى شى ء عن الماده. و اى فن كانت شروط الاخراج فيه اقل شانا من شروط الماده!
    و ان قسط على بن ابى طالب من الذوق الفنى، او الحس الجمالى، لمما يندر وجوده . و ذوقه هذا كان المقياس الطبيعى الضابط للطبع الادبى عنده. اما طبعه هذا فهو طبع ذوى الموهبه و الاصاله الذين يرون فيشعرون و يدركون فتنطلق السنتهم بما تجيش به قلوبهم و تنكشف عنه مداركهم انطلاقا عفويا. لذلك تميز ادب على بالصدق كما تميزت به حياته. و ما الصدق الا ميزه الفن الاولى و مقياس الاسلوب الذى لا يخادع.
    و ان شروط البلاغه، التى هى موافقه الكلام لمقتضى الحال، لم تجتمع لاديب عربى كما اجتمعت لعلى بن ابى طالب. فانشاوه مثل اعلى لهذه البلاغه، بعد القرآن. فهو موجز على وضوح، قوى جياش، تام الانسجام لما بين الفاظه و معانيه و اغراضه من ائتلاف، حلو الرنه فى الاذن موسيقى الوقع. و هو يرفق و يلين فى المواقف التى لاتستدعى الشده. و يشتد و يعنف فى غيرها من المواقف، و لا سيما ساعه يكون القول فى المنافقين و المراوغين و طاب الدنيا على حساب الفقراء و المستضعفين و اصحاب الحقوق المهدوره. فاسلوب على صريح كقلبه و ذهنه، صادق كطويته، فلا عجب ان يكون نهجا للبلاغه.
    و قد بلغ اسلوب على من الصدق حدا ترفع به حتى السجع عن الصنعه و التكلف. فاذا هو على كثره ما فيه من الجمل المتقاطعه الموزونه المسجعه، ابعد ما يكون عن الصنعه، و اقرب ما يكون من الطبع الزاخر.
    فانظر الى هذا الكلام المسجع و الى مقدار ما فيه من سلامه الطبع: 'يعلم عجيج الوحوش فى الفلوات، و معاصى العباد فى الخلوات، و اختلاف النينان فى البحار الغامرات، و تلاطم الماء بالرياح العاصفات!' او الى هذا القول من احدى خطبه: 'و كذلك السماء و الهواء، و الرياح و الماء، فانظر الى الشمس و القمر، و النبات و الشجر، و الماء و الحجر، و اختلاف هذا الليل و النهار، و تفجر هذه البحار، و كثره الجبال، و طول هذه القال، و تفرق هذه اللغات، و الالسن المختلفات الخ...' و اوصيك خيرا بهذا السجع الجارى مع الطبع: 'ثم زينها بزينه الكواكب، و ضياء الثواقب
    [الثواقب: المنيره المشرقه.] و اجرى فيها سراجا مستطيرا
    [سراجا مستطيرا: منتشر الضياء. و يريد به الشمس.] و قمرا
    منيرا، فى فلك دائر، و سقف سائر الخ'. فانك لو حاولت ابدال لفظ مسجوع فى هذه البدائع جميعا، بآخر غير مسجوع، لعرفت كيف يخبو اشراقها، و يبهت جمالها، و يفقد الذوق فيها اصالته و دقته وهما الدليل و المقياس. فالسجع فى هذه الاقوال العلويه ضروره فنيه يقتضيها الطبع الذى يمتزج بالصناعه امتزاجا حتى لكانهما من معدن واحد يبعث النثر شعرا له اوزان و انغام ترفق المعنى بصور لفظيه من جوها و من طبيعتها.
    و من سجع الامام آيات ترد النغم على النغم ردا جميا، و تذيب الوقع فى الوقع على قرارات لا اوزن منها على السمع و لا احب ترجيعا. و مثال ذلك ما ذكرناه من سجعاته منذ حين، ثم هذه الكلمات الشهيات على الاذن و الذوق جميعا: 'انا يوم جديد، و انا عليك شهيد، فاعمل فى خيرا، و قل خيرا!'
    و اذا قلنا ان اسلوب على تتوفر فيه صراحه المعنى و بلاغه الاداء و سامه الذوق، فانما نشير الى القارى ء بالرجوع الى 'روائع نهج البلاغه' هذا ليرى كيف تتفجر كلمات على من ينابيع بعيده القرار فى مادتها، و بايه حله فنيه رائعه الجمال تمور و تجرى. و اليك هذه التعابير الحسان فى قوله: 'المرء مخبوء تحت لسانه' و فى قوله: 'الحلم عشيره' او فى قوله: 'من لان عوده كثفت اغصانه' او فى قوله: 'كل وعاء يضيق بما جعل فيه الا وعاء العلم فانه يتسع' او فى قوله ايضا: 'لو احبنى جبل لتهافت'. او فى هذه الاقوال الرائعه: 'العلم يحرسك و انت تحرس المال. رب مفتون بحسن القول فيه. اذا اقبلت الدنيا على احد اعارته محاسن غيره، و اذا ادبرت عنه سلبته محاسن نفسه. ليكن امر الناس عندك فى الحق سواء. افعلوا الخير و لا تحقروا منه شيئا فان صغيره كبير و قليله كثير. هلك خزان المال و هم احياء. ما متع غنى الا بما جاع به فقير!'.
    ثم استمع الى هذا التعبير البالغ قمه الجمال الفنى و قد اراد به ان يصف تمكنه من التصرف بمدينه الكوفه كيف شاء، قال: 'ما هى الا الكوفه اقبضها و ابسطها...'
    فانت ترى ما فى اقواله هذه من الاصاله فى التفكير و التعبير، هذه الاصاله التى تلازم الاديب الحق بصوره مطلقه و لا تفوته الا اذا فاتته الشخصيه الادبيه ذاتها.
    و يبلغ اسلوب على قمه الجمال فى المواقف الخطابيه، اى فى المواقف التى تثور بها عاطفته الجياشه، و يتقد خياله فتعتلج فيه صور حاره من احداث الحياه التى تمرس بها. فاذا بالبلاغه تزخر فى قلبه و تتدفق على لسانه تدفق البحار. و يتميز اسلوبه، فى مثل هذه المواقف، بالتكرار بغيه التقرير والتاثير، و باستعمال المترادفات و باختيار الكلمات الجزله ذات الرنين. و قد تتعاقب فيه ضروب التعبير من اخبار الى استفهام الى تعجب الى الى استنكار. و تكون مواطن الوقف فيه قويه شافيه للنفس. و فى ذلك ما فيه من معنى البلاغه و روح الفن. و اليك مثلا على هذا خطبه الجهاد المشهوره، و قد خطب على بها الناس لما اغار سفيان بن عوف الاسدى على مدينه الانبار بالعراق و قتل عامله عليها:
    'هذا اخوغامد
    [اذا شئت شرحا للمفردات و التعابير الغريبه الوارده فى هذه الخطبه، فارجع اليها فى مكانها من هذا الكتاب.] قد بلغت خيله الانبار و قتل حسان بن حسان البكرى و ازال خيلكم عن مسالحها و قتل منكم رجالا صالحين.
    'و قد بلغنى ان الرجل منهم كان يدخل على المراه المسلمه، و الاخرى المعاهده، فينزع حجلها، و قلبها، و رعاثها، ثم انصرفوا وافرين ما نال رجا منهم كلم، و لا اريق لهم دم، فلو ان امرءا مسلما مات من بعد هذا اسفا، ما كان به ملوما، بل كان به عندى جديرا.
    'فيا عجبا! والله يميت القلب و يجلب الهم اجتماع هولاء على باطلهم و تفرقكم عن حقكم. فقبحا لكم حين صرتم غرضا يرمى: يغار عليكم و لا تغيرون، و تغزون و لا تغزون، و يعصى الله و ترضون!'
    فانظر الى مقدره الامام فى هذه الكلمات الموجزه. فانه تدرج فى اثاره شعور سامعيه حتى و صل بهم الى ما يصبو اليه. و سلك الى ذلك طريقا تتوفر فيه باغه الاداء و قوه التاثير. فانه اخبر قومه بغزو سفيان بن عوف الانبار، و فى ذلك ما فيه من عار يلحق بهم. ثم اخبرهم بان هذا المعتدى انما قتل عامل اميرالمومنين فى جمله ما قتل، و بان هذا المعتدى لم يكتف بذلك بل اغمد سيفه فى نحور كثيره من رجالهم و اهليهم.
    و فى الفقره الثانيه من الخطبه توجه الامام الى مكان الحميه من السامعين، الى مثار العزيمه والنخوه من نفس كل عربى، و هو شرف المراه. و على يعلم ان من العرب من لا يبذل نفسه الا للحفاظ على سمعه امراه و على شرف فتاه، فاذا هو يعنف هولاء القوم على القعود دون نصره المراه التى استباح الغزاه حماها ثم انصرفوا آمنين، ما نالت رجا منهم طعنه و لا اريق لهم دم.
    ثم انه ابدى ما فى نفسه من دهش و حيره من امر غريب: 'فان اعداءه يتمسكون بالباطل فيناصرونه، و يدينون بالشر فيغزون الانبار فى سبيله، فيما يقعد انصاره حتى عن مناصره الحق فيخذلونه و يفشلون عنه.
    و من الطبيعى ان يغضب الامام فى مثل هذا الموقف، فاذا بعبارته تحمل كل ما فى نفسه من هذا الغضب، فتاتى حاره شديده مسجعه مقطعه ناقمه: فقبحا لكم حين صرتم غرضه يرمى: يغار عليكم و لا تغيرون، و تغزون و لا تغزون. و يعصى الله و ترضون!'
    و قد تثور عاطفته و تتقطع فاذا بعضها يزحم بعضا على مثل هذه الكلمات المتقطعه المتاحقه: 'ما ضعفت، و لا جبنت، و لا خنت، و لا وهنت!' و قد تصطلى هذه العاطفه بالم ثائر ياتيه من قوم اراد لهم الخير و ما اردوه لانفسهم لغفله فى مداركهم و وهن فى عزائمهم، فيخطبهم بهذا القول الثائر الغاضب، قائا: 'مالى اراكم ايقاظا نوما، و شهودا غيبا، و سامعه صماء، و ناطقه بكماء الخ'
    و الخطباء العرب كثيرون، و الخطابه من الاشكال الادبيه التى عرفوها فى الجاهليه و الاسام و لا سيما فى عصر النبى و الخلفاء الراشدين لما كان لهم بها من حاجه. اما خطيب العهد النبوى الاكبر فالنبى لا خاف فى ذلك. اما فى العهد الراشدى، و فى ما تاه من العصور العربيه قاطبه، فان احدا لم يبلغ ما بلغ اليه على بن ابى طالب فى هذا النحو. فالنطق السهل لدى على كان من عناصر شخصيته و كذلك البيان القوى بما فيه من عناصر الطبع و الصناعه جميعا. ثم ان الله يسر له العده الكامله لما تقتضيه الخطابه من مقومات اخرى على ما مر بنا. فقد ميزه الله بالفطره السليمه، و الذوق الرفيع، و البلاغه الاسره، ثم بذخيره
    من العلم انفرد بها عن اقرانه، و بججه قائمه، و قوه اقناع دامغه، و عبقريه فى الارتجال نادره. اضف الى ذلك صدقه الذى لا حدود له و هو ضروره فى كل خطبه ناجحه، و تجاربه الكثيره المره التى كشفت لعقله الجبار عن طبائع الناس و اخاقهم و صفات المجتمع و محركاته. ثم تلك العقيده الصلبه التى تصعب مداراتها و ذلك الالم العميق الممزوج بالحنان العميق، و بطهاره القلب و سامه الوجدان و شرف الغايه.
    و انه من الصعب ان تجد فى شخصيات التاريخ من اجتمعت لديه كل هذه الشروط التى تجعل من صاحبها خطيبا فذا، غير على بن ابى طالب و نفر من الخلق قليل، و ما عليك الا استعراض هذه الشروط، ثم استعراض مشاهير الخطباء فى العالمين الشرقى و الغربى، لكى تدرك ان قولنا هذا صحيح لا غلو فيه.
    و ابن ابى طالب على المنبر رابط الجاش شديد الثقه بنفسه و بعدل القول. ثم انه قوى الفراسه سريع الادراك يقف على دخائل الناس و اهواء النفوس و اعماق القلوب، زاخر جنانه بعواطف الحريه و الانسانيه و الفضيله، حتى اذا انطلق لسانه الساحر بما يجيش به قلبه ادرك القوم بما يحرك فيهم الفضائل الراقده و العواطف الخامده.
    اما انشاوه الخطابى فا يجوز و صفه الا بانه اساس فى البلاغه العربيه. يقول ابوالهال العسكرى صاحب 'الصناعتين': ليس الشان فى ايراد المعانى- وحدها- و انما هو فى جوده اللفظ، ايضا، و صفائه و حسنه و بهائه و نزاهته و نقائه و كثره طاوته و مائه مع صحه السبك و التركيب و الخلو من اود النظم و التاليف.
    من الالفاظ ما هو فخم كانه يجر ذيول الارجو ان انفه و تيها. و منها ما هو ذو قعقعه كالجنود الزاحفه فى الصفيح. و منها ما هو كالسيف ذى الحدين. و منها ما هو كالنقاب الصفيق يلقى على بعض العواطف ليستر من حدتها و يخفف من شدتها. و منها ما له ابتسامه السماء فى ليالى الشتاء! من الكلام ما يفعل كالمقرعه، و منه ما يجرى كالنبع الصافى.
    كل ذلك ينطبق على خطب على فى مفرداتها و تعابيرها. هذا بالاضافه الى ان الخطبه تحسن اذا انطبعت بهذه الصفات اللفظيه على راى صاحب الصناعتين، فكيف بها اذا كانت،
    كخطب ابن ابى طالب، تجمع روعه هذه الصفات فى اللفظ الى روعه المعنى و قوته و جاله!
    و اليك شيئا مما قلناه فى الجزء الثالث من كتابنا 'الامام على صوت العداله الانسانيه' بصدد بيان الامام، لا سيما ما كان منه فى خطبه:
    نهج البلاغه آخذ من الفكر والخيال والعاطفه ايات تتصل بالذوق الفنى الرفيع ما بقى الانسان و ما بقى له خيال و عاطفه و فكر، مترابط باياته متساوق، متفجر بالحس المشبوب و الادراك البعيد، متدفق بلوعه الواقع و حراره الحقيقه و الشوق الى معرفه ما وراء هذا الواقع، متالف يجمع بين جمال الاخراج الموضوع و جمال الاخراج حتى ليندمج التعبير بالمدلول، او الشكل بالمعنى، اندماج الحراره بالنار و الضوء بالشمس و الهواء بالهواء، فما انت ازاءه الا ما يكون المرء قباله السيل اذ ينحدر و البحر اذ يتموج و الريح اذ تطوف. او قباله الحدث الطبيعى الذى لابد له ان يكون بالضروره على ما هو كائن عليه من الوحده لا تفرق بين عناصرها الا لتمحو وجودها و تجعلها الى غير كون!
    بيان لو نطق بالتقريع لانقض على لسان العاصفه انقضاضا! و لو هدد الفساد و المفسدين لتفجر براكين لها اضواء و اصوات! و لو انبسط فى منطق لخاطب العقول و المشاعر فاقفل كل باب على كل حجه غير ما ينبسط فيه! و لو دعا الى تامل لرافق فيك منشا الحس و اصل التفكير، فساقك الى ما يريده سوقا، و وصلك بالكون وصا، و وحد فيك القوى لاكتشاف توحيدا. و هو لو راعاك لادركت حنان الاب و منطق الابوه و صدق الوفاء الانسانى و حراره المحبه التى تبدا و لا تنتهى! اما اذا تحدث اليك عن بهاء الوجود و جمالات الخلق و كمالات الكون، فانما يكتب على قلبك بمداد من نجوم السماء!
    بيان هو بلاغه من البلاغه، و تنزيل من التنزيل. بيان اتصل باسباب البيان العربى ما كان منه و ما يكون، حتى قال احدهم فى صاحبه ان كلامه دون كام الخالق و فوق كلام المخلوق!
    و خطب على جميعا تنضح بدلائل الشخصيه حتى لكان معانيها و تعابيرها هى خوالج نفسه بالذات، و احداث زمانه التى تشتعل فى قلبه كما تشتعل النار فى موقدها تحت نفخ الشمال. فاذا هو يرتجل الخطبه حسا دافقا و شعورا زاخرا و اخراجا بالغا غايه الجمال.
    و كذلك كانت كلمات على بن ابى طالب المرتجله، فهى اقوى ما يمكن للكلمه المرتجله ان تكون من حيث الصدق، و عمق الفكره، و فنيه التعبير، حتى انها ما نطقت بها شفتاه ذهبت مثا سائرا.
    فمن روائعه المرتجله قوله لرجل افرط فى مدحه بلسانه و افرط فى اتهامه بنفسه : 'انا دون ما تقول و فوق ما فى نفسك'.
    و من ذلك انه لما اعتزم ان يقوم وحده لمهمه جليله تردد فيها انصاره و تخاذلوا، جاءه هولاء و قالوا له و هم يشيرون الى اعدائه: يا اميرالمومنين نحن نكفيكهم. فقال من فوره: 'ما تكفوننى انفسكم فكيف تكفوننى غيركم؟ ان كانت الرعايا قبلى لتشكو حيف رعاتها، فاننى اليوم لاشكو حيف رعيتى، كاننى المقود و هم القاده'.
    و لما قتل اصحاب معاويه محمدا بن ابى بكر فبلغه خبر مقتله قال: 'ان حزننا عليه قدر سرورهم به، الا انهم نقصوا بغيضا و نقصنا حبيبا'.
    و سئل: ايهما افضل: العدل ام الجود؟ فقال: 'العدل يضع الامور مواضعها، و الجود يخرجها من جهتها، و العدل سائس عام، و الجود عارض خاص، فالعدل اشرفهما و افضلهما'.
    و قال فى صفه المومن، مرتجا:
    'المومن بشره فى وجهه، و حزنه فى قلبه، اوسع شى ء صدرا، و اذل شى ء نفسا. يكره الرفعه، و يشنا السمعه، طويل غمه، بعيد همه، كثير صمته، مشغول وقته، شكور صبور، سهل الخليقه، لين العريكه!'
    و ساله جاهل متعنت عن معضله، فاجابه على الفور: 'اسال تفقها و لا تسال تعنتا فان الجاهل المتعلم شبيه بالعالم، و ان العالم المتعسف شبيه بالجاهل المتعنت!'
    و الخاصه ان على بن ابى طالب اديب عظيم نشا على التمرس بالحياه و على المرانه باساليب البلاغه فاذا هو مالك ما يقتضيه الفن من اصاله فى شخصيه الاديب، و من ثقافه خاصه تنمو بها الشخصيه و تتركز الاصاله.
    اما اللغه، لغتنا العربيه الحبيبه التى قال فيها مرشلوس فى المجلد الاول من كتابه 'رحله الى الشرق' هذا القول الذكى: 'اللغه العربيه هى الاغنى و الافصح و الاكثر و الالطف وقعا بين سائر لغات الارض. بتراكيب افعالها تتبع طيران الفكر و تصوره بدقه، و بانغام مقاطعها الصوتيه تقلد صراخ الحيوانات و رقرقه المياه الهاربه و عجيج الرياح و قصف الرعد'، اما هذه اللغه، بما ذكر مرشلوس من صفاتها و بما لم يذكر، فانك واجد اصولها و فروعها، و جمال الوانها و سحر بيانها، فى ادب الامام على!
    و كان ادبا فى خدمه الانسان و الحضاره!
    مؤسسة السبطين العالمية



  • #2
    بسم الله الرحمن الرحيم و صلى الله على محمد وآله الطاهرين

    احسنت وأجدت الأخت الفاضلة صدى المهدي على مشاركتك ونقلك القيم
    تقبل الله منك صالح الأعمال
    مَوالِىَّ لا اُحْصى ثَنائَكُمْ وَلا اَبْلُغُ مِنَ الْمَدْحِ كُنْهَكُمْ وَمِنَ الْوَصْفِ قَدْرَكُمْ

    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
    x
    يعمل...
    X