رمضان شهر التجلي الإلهي للنبي الكريم (صلى الله عليه وآله)، وشعبان شهر التجلي الإلهي للأئمة الكرام (عليهم السلام) تبعاً لرسول الله (صلى الله عليه وآله). للإمام المهدي(عج) أبعاد مختلفة ينكشف بعضها بما حدث للبشر؛ ما اتضح للبشر من القرآن الكريم والنبي العظيم هو بعض أبعاد تلك المعنويات؛ فثمة معنويات في القرآن لم تكشف لبشر قط سوى النبي ومن تتلمذ عليه. وهناك أمور في أدعيتنا على هذا المنوال؛ فكما أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) حاكم ومهيمن على كافة الموجودات فإنّ الإمام المهدي(عج) كذلك، فذاك خاتم الأنبياء وهذا خاتم الأوصياء، ذاك خاتم الولاية العامة بالأصالة وهذا خاتم الولاية العامة بالتبع.
إذن هذان شهران يستوجبان منا الاحترام والتبجيل، فلنقرأ الأدعية الواردة في هذا الشهر الميمون (شهر شعبان) وتلك التي وردت في شهر رمضان المبارك بتدبر وتمعن. وليقم المفسرون بتفسير أدعية الأئمة الواردة؛ المناجاة الشعبانية من الأدعية النادرة، ودعاء أبي حمزة الثمالي المنقول عن الإمام السجاد (عليه السلام) دعاء لا يضاهى أيضاً. دعاء كميل ورد في شهر شعبان، وهو من الأدعية التي تقرأ في ليلة الخامس عشر منه، ويحتوي على أسرار نعجز عن إدراك كنهها.
ورد عن أئمة الهدى أدعية ذات مضامين عالية لا بد من التأمل فيها، وليقم العلماء والمفكرون بشرحها شرحاً وافياً ثم تقديمها إلى الناس، مع أنّه لا يتمكن أي شخص من شرحها بما يطابق الواقع. يجب أن نكتفي بهذا المقدار ونقر بأنّنا تابعون فحسب، ونحن نؤمن بأنّ نور النبوة ونور الإمامة بدأ منذ صدر الخلقة وسيبقى حتى انتهائها»[1].
دليل منـزلة الأئمة(عليهم السلام): من أراد أن يدرك منزلة الأئمة فعليه الرجوع إلىآثارهم، وما هي إلا أدعيتهم من قبيل المناجاة الشعبانية وأدعية نهج البلاغة ودعاء يوم عرفة، وفي الحقيقة لا يعرف الإنسان ما ذا يقول بشأنها. علىأية حال، نحن نعجز عن شكر النعمة العظيمة بكوننا ننتمي إلى مذهب يعتمد على مصدري الوحي والولاية، فأغلب الفرق تفتقر إلىالمصدر الثاني ونحن نعجز عن تقديم الشكر للباري جل وعلا علىذلك، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا لذلك. عندما نقرأ الآيات الشريفة أو نطالع سيرة الأنبياء (عليهم السلام) نلاحظ أنّ جميعهم عملوا على إيجاد العدالة في الدنيا، مع أنّ هذا لم يكن هدفاً رئيسياً، بل عبارة عن مقدمة لتحقيق الأهداف المتوخاة، فالنبي الكريم(صلى الله عليه وآله) سعى لإقامة العدالة لتكون مقدمة لطرح مواضيعه الجوهرية نظير إصلاح وتهذيب الإنسان، ومنذ أن هبط الوحي على الأنبياء كان هدفهم الأول معارضة الظالمين والجائرين كل بطريقته الخاصة، فلا يُتصور أنّ النبي يجلس في بيته ويقرأ الأدعية ويصدر الأوامر والأحكام؛ كلا ليس الأمر كذلك، كانوا يصدرون الأحكام ويتابعونها من أجل تنفيذها»[2].
* الإمام الخميني (قدس سره) – بتصرف يسير