" إخوتي ، أخواتي – تقبّلَ اللهُ طاعاتكم ويَسَّرَ لكُم سُبِلَ إحسانِه ورِضوانِه "
:: المُعطَيَاتُ القِيَميَّةُ لِصِيَامِ شَهرِ رَمَضَانِ الفَضيل وأهَمِيّةُ معرفةِ فضلِه وإجلال حُرمَته ::
:: إنَّ مِن جُملَةِ ما قاله الإمامُ السجّاد ، عليه السلام ، وهو يستقبلُ شهرَ رمضان المُبارك :
(اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ، وَأَلْهِمْنَا مَعْرِفَةَ فَضْلِهِ وَإِجْلاَلَ حُرْمَتِهِ وَالتَّحَفُّظَ مِمَّا حَظَرْتَ فِيهِ وَأَعِنَّـا عَلَى صِيَامِـهِ بِكَفِّ الْجَـوَارِحِ عَنْ مَعَاصِيْكَ، وَاسْتِعْمَالِهَا فِيهِ بِمَا يُرْضِيْكَ........) .
:1:- هنا يدعو الإمامُ ، عليه السلام ، اللهَ تبارك وتعالى بأن يُلهمَه معرفةَ فضل شهر رمضان ، إلهاماً لا بمعنى الوحي ، بل بمعنى طلب التوفيق من الله سبحانه للتقرّب المعنوي منه بالنيّة الصادقة والعمل بطاعته خالصا ((وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69))) العنكبوت.
:2:- إنَّ معرفة مفهوم فضل شهر رمضان أمر دقيقٌ جدّاً – فشهر رمضان شهر فضيل بكلّ آناته في نهاره وليله – لذلك تصدّى الإمام السجّاد ، عليه السلام ، لبيان بعض ما للشهر من مزايا عظيمة ينبغي معرفتها ومُراعاتها .
:3:- وأمّا إجلال حُرمَته :- فهو يعني تعظيمه لأنَّ لله فيه حُرماتٍ وحدوداً لا ينبغي تعدّيها وتجاوزها – فشهر رمضان شهرُ له حُرمته التشريعيّة والأخلاقيّة – ولا يحقّ لأيّ أحدٍ تجاوزها – وهناك حُرماتٌ :- منها حُرمة المؤمن والذي لا يجوز هتكها باغتيابه أو شتمه أو ذكر عيوبه ، وحرمة البيت العتيق وحرمة المسجد وحرمة العتبات المُقدّسة وحُرمة الأشهر الحُرم– وهذه الحُرمات لا ينبغي تجاوزها .
:4:- لنتأمّل في أنَّ اللهَ تعالى عندما يأمرنا بشيء فلندرك أنَّ فيه مصلحة لنا ، وعندما ينهانا عن شيءٍ ففيه مضرّة ومفسدة - فاللهُ سبحانه قد عظّم هذا الشهر وأخبرنا بنفسه عن حرمته وضرورة إجلاله ، كما أمرنا بالصلاة على النبي محمّد وآله
((إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56))) الأحزاب.
وهنا نلفت نظركم إلى أنَّ الله جلّ وعلا ولأهميّة أمر الصلاة على النبي وآله ، فقد باشر بنفسه بفعل ذلك كما أخبر في هذه الآية الشريفة ، وعلى نحو الدوام هو وملائكته – وهذا إنّما يدلُّ على عُمق وأهميّة هذه الصلاة .
:5:- وتأتي أهميّة معرفة فضل شهر رمضان وإجلال حُرمته من أنَّنا قد دُعينا فيه إلى ضيافة الله سبحانه ، وهو شهرٌ قد خصّه الله تعالى بنزول القرآن الكريم فيه هُدىً للناس وبيناتٍ من الهُدى والفُرقان ، وجعلَ فيه ليلةَ القدر ،والتي هي خير من ألف شهر – وهذا ما يستدعي عدم هتك حُرمته أو التجاهر بالإفطار فيه لمن جازَ لهم الإفطار .
:6:- ينبغي عدم هتك حرمة المؤمن بذكر عيبٍ موجود فيه – عيب ديني أو دنيوي غير ظاهر للناس – فلعلّه يتوب ويغفر الله له – وأنتَ تغتابه وليس من حقّك هتك حرمته في قبال ستر الله له .
:7:- ثُمّ قال ، عليه السلام : (وَالتَّحَفُّظَ مِمَّا حَظَرْتَ فِيهِ ) :- إنَّ التحفّظَ هو بذل جهدٍ في سبيل المحافظة على ما منع اللهُ تعالى منه – من أفعال وأقوال كالكذب على الله ورسوله ومفطّرات، ولا ينبغي أن نجعلَ أيامَ صومنا كأيّام فطرنا – لأنَّ الغرضَ من الصيام هو تعديل السلوك وتعويد النفس على طاعة الله سبحانه واستثمار أوقات الصوم بالطاعة وطلب المغفرة.
:8:- وفي وداع شهر رمضان قال ، عليه السلام ، : (السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَكْرَمَ مَصْحُوبٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ ، وَ يَا خَيْرَ شَهْرٍ فِي الْأَيَّامِ وَ السَّاعَاتِ ،السَّلَامُ عَلَيْكَ مِنْ شَهْرٍ قَرُبَتْ فِيهِ الْآمَالُ ، وَ نُشِرَتْ فِيهِ الْأَعْمَالُ ،السَّلَامُ عَلَيْكَ مِنْ قَرِينٍ جَلَّ قَدْرُهُ مَوْجُوداً ، وَ أَفْجَعَ فَقْدُهُ مَفْقُوداً ، وَ مَرْجُوٍّ آلَمَ فِرَاقُهُ .)
فالإمام ، صلوات ربّي وسلامه عليه ، يتمنّى أن تطولَ أيّامُ شهرِ رمضان الفضيل وتدومَ بركاته – وهذا كلّه يأتي من معرفة فضله واجلال حُرمته.
:9:- إذن لا بُد مِن أن نحافظَ على حُرمة هذا الشهر ، وذلك بعدم تجاوز حدود اللهِ فيه وإجلال قدره وطاعته.
_____________________________________________
أهمُّ مَضَامِين خطبةِ الجُمعَةِ الأولى ،والتي ألقاهَا سماحة السيّد أحمَد الصافي ، دام عِزّه, الوكيل الشرعي للمَرجعيّةِ الدّينيّةِ العُليا الشَريفةِ في الحَرَمِ الحُسَيني المُقدّس ,اليوم ، الحادي عشر من شهر رمضان الفضيل 1440 هجري , السابع عشَر من أيّار 2019م . ______________________________________________
تدوين – مُرْتَضَى عَلِي الحِلّي – النَجَفُ الأشْرَفُ .
:كَتَبْنَا بقَصدِ القُربَةِ للهِ تبارك وتعالى , رَاجينَ القَبولَ والنَفعَ العَامَّ, ونسألَكُم الدُعَاء.
___________________________________________
تعليق