السؤال: معنى قول الإمام السجاد (عليه السلام) (وقرت بالنظر إلى محبوبهم أعينهم)
في المناجاة الخمسة عشرة للإمام زين العابدين علي بن الحسين السجّاد عليهما أفضل الصلاة والسلام وفي مناجاة العارفين بالخصوص توجد جملة أرجو منكم شرحها إذ ظاهرها يفيد أن المؤمنين ينظرون إلى الله عز وجل بأعينهم وهذا مُحال علميا وشرعيا ومنطقيا وعقليا وهي جملة (( وَقَرَّت بِالنَّظَرِ اِلى مَحبُوبِهِم اَعيُنُهُم )) ..
فهذه الجملة تفيد رؤية الله عز وجل بالعين المجرّدة إذ لو كان المقصود رؤية القلب لكانت الكلمة (رؤيا) بدل (نظر) ولكانت كلمة (قلوبهم) بدل (أعينهم) .
أرجو منكم كشف هذا الّلبس وبيان هذا الإشكال ولكم الأجر والثواب ..
الجواب:
العبارة المسؤول عنها مقتطعة من نص مترابط لا يفهم المراد منه إلا في ضمن السياق الواحد، وقد شرع الإمام(عليه السلام) في أول المناجاة بتنزيه الله عز وجل عن كافة أنحاء النقص وأنكر أن تكون العقول قادرة على إدراك حقيقته وألزمها بالإقرار بالعجز عن معرفته، فإذا كانت العقول وهي أسمى من الحواس عاجزة عن إدراكه عز شأنه فمن باب أولى أن تكون الحواس عاجزة بما فيها الباصرة، قال عليه السلام: (إلهي قصرت الألسن عن بلوغ ثنائك كما يليق بجلالك وعجزت العقول عن ادراك كنه جمالك، وانحسرت الأبصار دون النظر إلى سبحات وجهك، ولم تجعل للخلق طريقاً إلى معرفتك إلا بالعجز عن معرفتك...) الدعاء.
أما قوله(عليه السلام): (وقرّت بالنظر إلى محبوبهم أعينهم) ففيه إشارة بليغة إلى ما جرت عليه عادة المحبين من قرة العين لدى النظر إلى جمال المحبوب، وإنما وردت العبارة في صيغة العموم لبيان كمال الأدب مع المولى تبارك وتعالى، ولما تقدم من التنزيه في أول الدعاء، فيكون المراد بالنظر هنا ما هو أعم من نظر البصر والفؤاد، أو أن المقصود هو الثمرة الحاصلة عقيب ذلك النظر ولكل بحسب مقامه، وهذه الثمرة هي سكون النفس بحضور وشهود المحبوب ووصاله.
وقد ورد عند العرب تعبير ( قرت العين ) كقولهم لمن نال حظوة أو جاه أو مال أو ولد : (( قرت عينك )) . والفعل (قرّ) بمعنى سكن أو حمد, ولو حمل معنى العبارة على الظاهر لكان معنى ( قرت عينك ) جمُدت , وهو غير مقصود بطبيعة الحال. أما النظر إلى المحبوب فلا يشترط فيه نظر العين، بل يجوز فيه أيضاً نظر الفؤاد كقوله تعالى : (( وجوه يومئذٍ ناظرةٍ *إلى ربّها ناظرة )) (القيامة:22-23).
وبعبارة مختصرة، فان الإمام(عليه السلام) في هذه العبارة والعبارات التي قبلها كان في مقام التشبيه والتمثيل لمقامات المحبين.
المصدر/ موقع مركز الابحاث العقائدية
في المناجاة الخمسة عشرة للإمام زين العابدين علي بن الحسين السجّاد عليهما أفضل الصلاة والسلام وفي مناجاة العارفين بالخصوص توجد جملة أرجو منكم شرحها إذ ظاهرها يفيد أن المؤمنين ينظرون إلى الله عز وجل بأعينهم وهذا مُحال علميا وشرعيا ومنطقيا وعقليا وهي جملة (( وَقَرَّت بِالنَّظَرِ اِلى مَحبُوبِهِم اَعيُنُهُم )) ..
فهذه الجملة تفيد رؤية الله عز وجل بالعين المجرّدة إذ لو كان المقصود رؤية القلب لكانت الكلمة (رؤيا) بدل (نظر) ولكانت كلمة (قلوبهم) بدل (أعينهم) .
أرجو منكم كشف هذا الّلبس وبيان هذا الإشكال ولكم الأجر والثواب ..
الجواب:
العبارة المسؤول عنها مقتطعة من نص مترابط لا يفهم المراد منه إلا في ضمن السياق الواحد، وقد شرع الإمام(عليه السلام) في أول المناجاة بتنزيه الله عز وجل عن كافة أنحاء النقص وأنكر أن تكون العقول قادرة على إدراك حقيقته وألزمها بالإقرار بالعجز عن معرفته، فإذا كانت العقول وهي أسمى من الحواس عاجزة عن إدراكه عز شأنه فمن باب أولى أن تكون الحواس عاجزة بما فيها الباصرة، قال عليه السلام: (إلهي قصرت الألسن عن بلوغ ثنائك كما يليق بجلالك وعجزت العقول عن ادراك كنه جمالك، وانحسرت الأبصار دون النظر إلى سبحات وجهك، ولم تجعل للخلق طريقاً إلى معرفتك إلا بالعجز عن معرفتك...) الدعاء.
أما قوله(عليه السلام): (وقرّت بالنظر إلى محبوبهم أعينهم) ففيه إشارة بليغة إلى ما جرت عليه عادة المحبين من قرة العين لدى النظر إلى جمال المحبوب، وإنما وردت العبارة في صيغة العموم لبيان كمال الأدب مع المولى تبارك وتعالى، ولما تقدم من التنزيه في أول الدعاء، فيكون المراد بالنظر هنا ما هو أعم من نظر البصر والفؤاد، أو أن المقصود هو الثمرة الحاصلة عقيب ذلك النظر ولكل بحسب مقامه، وهذه الثمرة هي سكون النفس بحضور وشهود المحبوب ووصاله.
وقد ورد عند العرب تعبير ( قرت العين ) كقولهم لمن نال حظوة أو جاه أو مال أو ولد : (( قرت عينك )) . والفعل (قرّ) بمعنى سكن أو حمد, ولو حمل معنى العبارة على الظاهر لكان معنى ( قرت عينك ) جمُدت , وهو غير مقصود بطبيعة الحال. أما النظر إلى المحبوب فلا يشترط فيه نظر العين، بل يجوز فيه أيضاً نظر الفؤاد كقوله تعالى : (( وجوه يومئذٍ ناظرةٍ *إلى ربّها ناظرة )) (القيامة:22-23).
وبعبارة مختصرة، فان الإمام(عليه السلام) في هذه العبارة والعبارات التي قبلها كان في مقام التشبيه والتمثيل لمقامات المحبين.
المصدر/ موقع مركز الابحاث العقائدية
تعليق