أهلا وسهلا بكم في منتدى الكـــفـيل
إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التفضل بزيارة صفحة
التعليمات
كما يشرفنا أن تقوم
بالتسجيل ،
إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.
الشجاعة صفة تتكون في النفس الإنسانية من خلال تدريبها، على اقتحام ما تهاب النفس منه، وهي صفة لا بد أن يحملها المجاهد في سبيل الله تعالى، وهي من الخلفيات الأخلاقية.
إن الشجاعة فرع من فروع الصبر، ولا يكون غير الصبور شجاعاً، ولهذا ورد في الحديث عن أمير المؤمنين عليه السلام: "الشجاعة صبر ساعة"1.
وفي رواية أخرى عن الإمام الحسن عليه السلام وقد سئل عن الشجاعة فقال: "موافقة الأقران والصبر عند الطعان"2.
كما أن الشجاعة أيضاً فرع من فروع علو الهمة التي تحدثنا عنها في الدرس السابق، إذ أن عالي الهمّة لا يرضى بأن يكون من الخائفين، والباقين في الحفر تهيباً من صعود الجبال، بل تحمله همّته العالية لبلوغ أعلى الدرجات إلى اقتحام
49
الصعاب بكل شجاعة، وإلى هذا المعنى أشارت الرواية عن الإمام علي عليه السلام: "شجاعة الرجل على قدر همته، وغيرته على قدر حمّيته"3.
والشجاعة من الصفات التي يحبها الله تعالى في الإنسان المؤمن، وقد أكدت على ذلك العديد من الروايات الشريفة منها ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "واعلم أن الله يحب البصر النافذ عند مجيء الشهوات والعقل الكامل عند نزول الشّبهات، ويحب السماحة ولو على تمرات، ويحب الشجاعة ولو على قتل حيّة"4.
القوة
والقوة التي نتحدث عنها ليست قوة البدن، وحجم العضلات، وإنما نتحدث عن قوة أخرى، تجعل الإنسان قادراً على أداء عمله بكماله وتمامه.
وهذا ما وضّحه لنا الإمام الصادق عليه السلام حيث روي عنه أنه قال: "إنّ قوّة المؤمن في قلبه، ألا ترون أنكم تجدونه ضعيف البدن نحيف الجسم وهو يقوم الليل ويصوم النّهار؟!"5.
والقوة تنشأ من العمل المستمر والدؤوب، وأما الكسل والتراخي والتملص من أداء المهام، فإن كل هذا يسبب الخمول والضعف لدى الإنسان المجاهد، ولهذا المعنى أشار الإمام علي عليه السلام: "من يعمل يزدد قوّة، من يقصر في العمل يزدد فترة"6.
وعلى من يشعر بالضعف في نفسه، والعجز فيها عن القيام بالواجب أن يتذكر دائما ان الله تعالى لا يحب المؤمن الضعيف، وأن المؤمن القوي أحب إلى الله تعالى من الضعفاء، ففي الرواية عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير. واحرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجز. وإن أصابك شيء فلا تقل: "لو أني فعلت كان كذا وكذا"، ولكن قل: "قدر
50
الله، وما شاء فعل"، فإنّ" لو "تفتح عمل الشيطان"7.
وعليه أن يزرع في قلبه دائماً فكرة أن لا يكون عالة على الآخرين وعبئاً عليهم، فإن عدم قيام المرء بالواجب الملقى عليه هو مخالفة للحكم الشرعي، وهو أيضاً خطيئة أخلاقية بحق العمل والعاملين أيضاً.
الحزم والاستقامة
يقول الله تعالى في محكم كتابه:
﴿فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ﴾8.
تشير الآية الشريفة إلى مفهومين في غاية الأهمية بالنسبة لكل من يؤدي دوراً إلهياً، والمفهومان هما الحزم، والاستقامة.
فلا يكفي أن يعمل الإنسان على أداء تكليفه بأي طريق كانت بل عليه أولاً ان يكون حازماً في أدائه لهذا التكليف، بمعنى أن لا يقبل بأي شكل من أشكال التباطؤ، أو التراخي في التطبيق، فالحزم في أداء الواجب أمر مطلوب بل أمر إلهي لكل من يقول بالعمل.
فعن الإمام علي عليه السلام: "لا يقيم أمر الله سبحانه إلا من لا يصانع ولا يضارع، ولا يتبع المطامع"9.
بل إن عاقبة قلة الحزم المهانة في يوم القيامة كما ورد في الحديث عن الإمام الصادق عليه السلام: "إياكم والتّهاون بأمر الله، فإن من تهاون بأمر الله أهانه الله يوم القيامة"10.
51
والأمر الآخر هو الاستقامة، والاستقامة هي الثبات على النهج، وعدم التزلزل بسبب الظروف الطارئة والتي قد تجعل بعض الناس تنحى منحىً آخر غير الذي تسير فيه، فبعض الناس يسير في نهج سياسي مادام النهج يصب في صلاحه، ولو ظاهراً، ولكن إذا طرأ عليه أمر ما يخالف هواه أو ما يتمناه ينحرف إلى خط آخر يظن أن مطامعه تتحقق فيه، وهذا الشخص هو ما يسميه لنا أهل البيت عليهم السلام بالمتلون، فعن أمير المؤمنين عليه السلام: "اعلموا أن الله تبارك وتعالى يبغض من عباده المتلوّن، فلا تزولوا عن الحق، وولاية أهل الحقّ؛ فإن من استبدل به هلك"11.
فالاستقامة هي الثبات وهي من صفات المؤمن بالله تعالى، أي المؤمن حقاً بل الاستقامة هي النتيجة التي تتحصل من ثبات الإنسان على مبدئه في المحن والبليَّات، فعن الإمام الصادق عليه السلام: "المؤمن له قوة في دين ...، وبرّ في استقامة"12.
كما أن للاستقامة أثراً مهما وهو السلامة، وليس المقصود من السلامة سلامة الجسد، بل سلامة النفس من الجنوح لمحل غضب الله تعالى، وسلامتها من السقوط في مستنقع الانحراف، فعن أمير المؤمنين عليه السلام: "من لزم الاستقامة لزمته السلامة"13.
الصدق والأمانة
يقول الله تعالى في وصف المؤمنين:
﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُون﴾14.
صفتان ليستا من صفات المجاهد فحسب بل هما صفتان من صفات أي مؤمن، ولا بد من توفرهما في المجاهد بشكل آكد.
تحتل هاتان الصفتان في سلم الأخلاقيات الإسلامية أعلى المراتب، بل لا يكون المؤمن كاذباً كما في الأحاديث الشريفة.
52
لقد جعلت الأحاديث الصدق والأمانة ميزاناً من موازين قياس الإيمان، ففي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لا تنظروا إلى كثرة صلاتهم وصومهم، وكثرة الحجّ والمعروف، وطنطنتهم بالليل، ولكن انظروا إلى صدق الحديث وأداء الأمانة"15.
وفضلاً عن هذا كله فإن الصدق والأمانة، سبيلان إلى وصول أعلى درجات الإيمان والقرب من الله تعالى، فهذا الإمام الصادق عليه السلام يخبرنا عن حال جده أمير المؤمنين عليه السلام فيقول: "أنظر ما بلغ به عليّ عليه السلام عند رسول صلى الله عليه وآله وسلم فالزمه؛ فإنَّ عليّاً عليه السلام إنما بلغ ما بلغ به عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بصدق الحديث وأداء الأمانة"16.
53
خلاصة الدرس
الشجاعة صفة تتكون في النفس الإنسانية من خلال تدريبها، على اقتحام ما تهاب النفس منه، وهي صفة لا بد أن يحملها المجاهد في سبيل الله تعالى، وهي من الخلفيات الأخلاقية.
كما أن الشجاعة أيضا فرع من فروع علو الهمّة، إذ أن عالي الهمّة لا يرضى بأن يكون من الخائفين، والباقين في الحفر تهيباً من صعود الجبال، بل تحمله همّته العالية لبلوغ أعلى الدرجات إلى اقتحام الصعاب.
والقوة تنشأ من العمل المستمر والدؤوب، وأما الكسل والتراخي والتملّص من أداء المهام، فإن كل هذا يسبب الخمول والضعف لدى الإنسان.
لا يكفي أن يعمل الإنسان على أداء تكليفه بأي طريق كانت بل عليه أولاً أن يكون حازماً في أدائه لهذا التكليف، بمعنى أن لا يقبل بأي شكل من أشكال التباطؤ، أو التراخي في التطبيق.
والاستقامة هي الثبات على النهج، وعدم التزلزل بسبب الظروف الطارئة والتي قد تجعل بعض الناس تنحى منحىً آخر غير الذي تسير فيه، فبعض الناس يسير في نهج سياسي مادام النهج يصب في صلاحه، ولو ظاهرا، ولكن إذا طرأ عليه أمر ما يخالف هواه أو ما يتمناه ينحرف إلى خط آخر يظن أن خيره فيه، وهذا الشخص هو ما يسميه لنا أهل البيت عليهم السلام بالمتلون.
إنَّ الصدق والأمانة، سبيلان إلى وصول أعلى درجات الإيمان والقرب من الله تعالى، وجعلت الأحاديث الكثيرة الصدق والأمانة ميزاناً من موازين قياسِ الإيمان.
أسئلة حول الدرس
1- ما المراد من الشجاعة، وما علاقتها بالصبر؟
2- ما الرابط بين الشجاعة وعلو الهمة؟
3- ما المراد من الحزم والاستقامة؟
4 - ما محل الصدق والأمانة في الأخلاق؟
للحفظ
عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لا تنظروا إلى كثرة صلاتهم وصومهم، وكثرة الحجّ والمعروف، وطنطنتهم بالليل، ولكن انظروا إلى صدق الحديث وأداء الأمانة".
عن الإمام الصادق عليه السلام: "أنظر ما بلغ به عليّ عليه السلام عند رسول صلى الله عليه وآله وسلم فالزمه؛ فإنَّ عليّاً عليه لاسلام إنما بلغ ما بلغ به عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بصدق الحديث وأداء الأمانة".
فقه الجهاد
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
س 1082: فيما لو توقف الأمر والنهي في الأمور المهمة جداً كحفظ النفس المحترمة على التعدي إلى الضرب الموجب للجرح أو المنتهي إلى القتل أحياناً، فهل يشترط في مثله أيضاً إذن الحاكم؟
ج: إذا كان حفظ النفس المحترمة ومنع وقوع القتل يتوقف على التدخل الفوري والمباشر، فهو جائز، بل واجب شرعاً باعتباره دفاعاً عن النفس المحترمة، ولا يتوقف ثبوتاً على الاستئذان من الحاكم ولا على الحصول على أمر بذلك إلا أن الدفاع عن النفس المحترمة لو توقف على قتل المهاجم، فله صور مختلفة ربما تكون أحكامها متفاوتة18.
للمطالعة
الزهراء عليه السلام بشرته بالنصر!
أتمّ صلاة الصبح، تلا دعاءاً قصيراً، ثم غلبه النعاس فغفا مرهقاً متعباً، فالأيام الأخيرة كانت شاقَّة على المجاهدين في ذلك المحور، فالتحضيرات الميدانية الدقيقة التي تسبق الهجوم النوعي والكبير، جرت بظروف بالغة الخطورة، طائرات التجسس لم تغب عن سماء المنطقة.. الرادارات، الدوريات، القصف والتمشيط، إضافة إلى المهمة الخطرة التي أوكلت إليه بوصفه رامياً ماهراً في سلاح المدفعية، لقد تم كشف المربض وينبغي اختيار مكان آخر يتلاءم مع المهمة الجديدة وبسرعة، وتحت هذه الظروف والمراقبة الشديدة من اليهود للمنطقة لم يكن بالإمكان سوى أن ينقل المربض إلى مكان مؤقت بانتظار تحديد المكان الجديد للعملية الكبرى كان الهدف موقعاً استراتيجياً للعدو والخطة تقضي باقتحام صاعق ونسف وتدمير يؤرخ لمرحلة نوعية من العمل المقاوم ويسرّع في تقهقر العدو الهارب حديثاً من جزين وتصيب العملاء بالشلل التام!
إذاً، فقد صلى ونام، استراحة محارب، وما كاد يطبق جفنيه حتى رآها... سيدة النور، الزهراء فاطمة عليه السلام، تبشره باطمئنان وسكينة: ستنجح العملية وتحققون نصراً باهراً، أبقِ المربض حيث وضعته بالأمس بشكل مؤقت فهذا مكان ملائم، والنصر سيكون حليفكم! استيقظ مدهوشاً، لم يصدق، تذكر، نعم صدّق وهلل وكبَّر واستبشر، الزهراء عليه السلام تبارك العملية ومهمته و...
لم يمضِ أكثر من يومين، أحسّهما عمراً من الانتظار، انتظار الهجوم الذي تمَّ تكليفه به لجهة الإسناد الناري لتمهيد هجوم المجاهدين ودكّ الموقع ثم تأمين الانسحاب وقصف القوات المساندة، وانتظار بشائر الزهراء عليه السلام... ترقّب وفرح ممزوج بالحماسة والتوكل والعزم.
جهّز العتاد وأبقى المربض في مكانه، فالزهراء أمرت والمقاوم يلبّي، بدأ الهجوم، قصف، اشتباك تطهير الموقع، ثم انفجار ضخم هزَّ المنطقة كلها، صاعقة عظيمة بل زلزال رهيب.
وهو على مربضه مع مساعده تم طلب الرمي منه لتأمين الانسحاب وتدمير القوى المساندة، كان الطيران قد غطى الأجواء والقصف قريب وغزير، نفذ الأوامر، إصابات دقيقة، ممتاز، كرر.
وما هي إلاَّ دقائق وأغار الطيران على المربض، بكل رهبة وعنجهية رمى الطيران ببركان حقدٍ على المجاهدَين اللذين احتميا في دشمة قريبة، تفقَّدا بعضهما، الحمد للَّه على السلامة، أما هو فكانت طبلة أذنه قد مزّقت من دوي الانفجار ولكن، استمر في مهمته، أدرك أن المربض قد تمَّ تحديده من رادارات العدو، لا بأس سنتابع العمل، طُلب من على "الجهاز" أن يتكرر الرمي، جهَّز نفسه للمواجهة، طلب من مساعده أن يبقى في مكانه وتوجه نحو المربض لوحده تواكبه بشائر الزهراء وروح التحدي والاستشهاد، رمى أهداف العدو بجحيم مدفعيته، عاد الطيران يهدر ويرعد، غارة ثانية قريبة جداً أحرقت الأشجار ولم تبقِ أي ساتر أو تمويه في مكان المربض، للمرة الثالثة جاء الأمر: "كرر الرمي"، بسرعة وبراعة أزاح الركام والحجارة المنتشرة بفعل الصواريخ والقصف عن القذائف وأعاد الرمي، ساخراً من الطائرات التي أغارت مرَّة ثالثة على المربض، ولكن هيهات!
انسحب المجاهدان من المربض بعد إتمام المهمة وتحت وابل من القصف والغارات على نفس الهدف الذي أحرق موقعهم وأعصابهم بصموده ولم يكن عندهما أي شك بأن المربض قد أصيب واحترق.
علم فيما بعد أن مربضه كان أكثر المرابض فعالية ونجاحاً وكذلك أكثرها تعرضاً للغارات والقصف، وعرف جميع المشاركين في الهجوم ومسؤولو المحور بوجود إعجاز وتدخل غيبي آخر، فبعد الهجوم مباشرة تغير الطقس فجأة وهبَّت عواصف رملية عجيبة، ضباب ورياح، سهَّل للمجاهدين انسحابهم وعطَّل أي إمكانية لتأثير الرادارات والطيران...
والهجوم الذي تم التخطيط له لأشهر عديدة وكان معلماً بارزاً ونوعياً، كانت القيادة تحتمل سقوط عدد من الشهداء فيه، لم يستشهد فيه أي مجاهد، إصابات العدو فاقت العشرة قتلى، هزَّت العملية كيان العدو والعملاء، سمع أكثر سكان الشريط دوي الانفجار الهائل، الذي كان إيذاناً ببداية الهروب الكبير للجيش الذي قهرته سواعد المقاومين المؤمنين.
وإلى صاحب القصة نعود.. لم تنته المسألة عند هذا الحد.. بل أن الأعجب كان: بعد أيام من الهجوم تقدم المجاهدون لاستكشاف المنطقة ومعرفة أسلوب العدو في الرماية والتعرف إلى ظروف المعركة أكثر، كانت المفاجأة: المربض الصامد وعلى الرغم من انكشافه واحتراق المنطقة المحيطة به والغارات الكثيفة، وُجد سالماً لم يصب بأي خدش!..
يتذكر الآن.. تلك المعركة.. يبتسم ويتمتم: السلام عليك يا زهراء.
تعليق