: وحدةُ المَسؤوليّةِ بين الذكر والأنثى في العمل الصالح وأهميَّة الإيمان في تحقيق الحياة الطّيبة رغم صعوبة الظروف والالتذاذ بذلك :
قال اللهُ تبارك وتعالى:
{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97)} النحل.
:1: من المعلوم أنَّ الله تعالى يهدف إلى تقريبنا من طاعاته ، وقد حبّبَ إلينا الإيمان ، وجعل دينه سمحاً سهلاً ، وأبلغَ ما يُريدُه بالقرآن الكريم وعلى لسان نبيّه الأكرم ، صلّى الله عليه وآله وسلّم .
:2: إنَّ هذه الآية الشريفة لا تفرّق هنا بين الذكر والأنثى في مقام العمل الصالح وتحمّل المسؤوليّة – وكلّ إنسانٍ مسؤول عن تصرّفه وفعله ، حسناً أكان أم سيّئا ، وسيُثابُ عليه ويُجازى.
:3: ذكر الآية الكريمة الذكر والأنثى لتأكيد خصوصيّة التساوي في المسؤوليّة في مقام العمل الصالح وبقيد الإيمان ، وأنّهما مسؤولان بحكم الوظيفة الإلهيّة لكّل واحد منها ، مع اختلافهما في الوظائف الأخرى ، وهذا أمر طبيعي.
:4: إنَّ ذكر الآية للقيد (وَهُوَ مُؤْمِنٌ ) لبيان أنَّ الدّين فيه جنبتان – جبنة الاعتقاد بالأصول والتي لا بُدّ من إيمان الإنسان بها ، ومن الضروري أن يجعل الإنسان لنفسه قواعد إيمانيّة يتحرّك على أساسها ليحصل على الثواب والعاقبة الحسنة – والجنبة الثانية من الدين : هي جنبة الشريعة والعمل والتكاليف.
:5: ولأهميّة قيد الإيمان فقد قرنت أغلب الآيات القرآنيّة بينه وبين العمل الصالح ،( الذّين آمنوا وعملوا الصالحات) ، والشارع الإسلامي بيّن ما هي الأعمال الصالحة والتي هي الواجبات والمُستحبّات وكذلك بيّن الأعمال الطالحة والتي هي المحرّمات – وإنَّ استساغة المجتمع للعمل الطالح لا يُغيّره عمّا هو عليه شرعاً ، وهذه ظاهرة غير صحيحة - وهي أنَّ من الشياع ما يجعل من العمل الطالح مستساغاً فيرتكبه أغلب الناس بهذا المناط ، وكذلك من الشياع ما يجعل العمل الصالح مهجوراً فيُترك.
:6: فمثلاً إذا استساغ المجتمع الكذبَ وشاع استعماله بينهم ، وهو عمل طالح وغير صالح ومحرّم شرعاً – فهذا لا يجعله صالحاً أو مستساغاً ، وكذلك العمل الربوي لا يجعل المعاملة حسنة وصحيحة وإن استساغها كثيرٌ من الناس- ومن الأعمال الصالحة برّ الوالدين والحجاب للمرأة والصلاة وغيرها ، فلو تركها المجتمع فلا تكون غير واجبة .
:7: قال تعالى: (فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً) وهنا تغيّر الخطاب وبمدلول عميق ورائع قبل ذكر الجزاء الأخروي ، وتم التأكيد لمفهوم الحياة باللام المؤكّدة ، لما في الحياة من معاني للديمومة والبقاء والعمل والإثارة ، والحكمة من ذلك المقطع – هو أنَّ المؤمن الذي يعمل صالحاً من ذكر وأنثى وإن واجه البلاءات والمشاكل في هذه الحياة ، لكنّه لن ينسلخ عن إيمانه ولا يتزلزل ولا يشكّ ، بل يلتذ بطعم الإيمان وعذوبته ، لأنّه يرى أنَّ اللهَ تعالى معه وفي كلّ شيء ،ولا يضيع عمله عنده.
:8: ونحن نقترب من شهر محرّم الحرام ، والذي له قيمة اعتقاديّة كبيرة عندنا، وفيه نظهر الولاء والحزن والمواساة – علينا أن ننظر في سير أصحاب الإمام الحُسيَن ، عليه السلام ، ومدى قوّة إيمانهم والتذاذهم به والتعلّم منهم ومن مواقفهم ، وهم مُلئوا بالإيمان من قرن رؤوسهم إلى أخماص أقدامهم .
إنَّ الشعور بطعم الإيمان يمنحَ الحياة وجهاً آخراً طيباً يختلف عن غيرها ، ويدفع للعمل الصالح والعطاء والتضحيّة ، كما هو حال الشهيد والذي فاز بإيمانه وعمله في الدنيا والآخرة.
______________________________________________
أهمُّ مَضَامِين خطبةِ الجُمعَةِ الأولى ،التي ألقاهَا سماحة السيّد أحمَد الصافي ، دام عِزّه, الوكيل الشرعي للمَرجعيّةِ الدّينيّةِ العُليا الشَريفةِ في الحَرَمِ الحُسَيني المُقدّس ,اليوم ، الواحد والعشرين من ذي الحجّة الحرام1440 هجري , الثالث والعشرين من آب 2019م . ______________________________________________
تدوين – مُرْتَضَى عَلِي الحِلّي – النَجَفُ الأشرَفُ .
قال اللهُ تبارك وتعالى:
{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97)} النحل.
:1: من المعلوم أنَّ الله تعالى يهدف إلى تقريبنا من طاعاته ، وقد حبّبَ إلينا الإيمان ، وجعل دينه سمحاً سهلاً ، وأبلغَ ما يُريدُه بالقرآن الكريم وعلى لسان نبيّه الأكرم ، صلّى الله عليه وآله وسلّم .
:2: إنَّ هذه الآية الشريفة لا تفرّق هنا بين الذكر والأنثى في مقام العمل الصالح وتحمّل المسؤوليّة – وكلّ إنسانٍ مسؤول عن تصرّفه وفعله ، حسناً أكان أم سيّئا ، وسيُثابُ عليه ويُجازى.
:3: ذكر الآية الكريمة الذكر والأنثى لتأكيد خصوصيّة التساوي في المسؤوليّة في مقام العمل الصالح وبقيد الإيمان ، وأنّهما مسؤولان بحكم الوظيفة الإلهيّة لكّل واحد منها ، مع اختلافهما في الوظائف الأخرى ، وهذا أمر طبيعي.
:4: إنَّ ذكر الآية للقيد (وَهُوَ مُؤْمِنٌ ) لبيان أنَّ الدّين فيه جنبتان – جبنة الاعتقاد بالأصول والتي لا بُدّ من إيمان الإنسان بها ، ومن الضروري أن يجعل الإنسان لنفسه قواعد إيمانيّة يتحرّك على أساسها ليحصل على الثواب والعاقبة الحسنة – والجنبة الثانية من الدين : هي جنبة الشريعة والعمل والتكاليف.
:5: ولأهميّة قيد الإيمان فقد قرنت أغلب الآيات القرآنيّة بينه وبين العمل الصالح ،( الذّين آمنوا وعملوا الصالحات) ، والشارع الإسلامي بيّن ما هي الأعمال الصالحة والتي هي الواجبات والمُستحبّات وكذلك بيّن الأعمال الطالحة والتي هي المحرّمات – وإنَّ استساغة المجتمع للعمل الطالح لا يُغيّره عمّا هو عليه شرعاً ، وهذه ظاهرة غير صحيحة - وهي أنَّ من الشياع ما يجعل من العمل الطالح مستساغاً فيرتكبه أغلب الناس بهذا المناط ، وكذلك من الشياع ما يجعل العمل الصالح مهجوراً فيُترك.
:6: فمثلاً إذا استساغ المجتمع الكذبَ وشاع استعماله بينهم ، وهو عمل طالح وغير صالح ومحرّم شرعاً – فهذا لا يجعله صالحاً أو مستساغاً ، وكذلك العمل الربوي لا يجعل المعاملة حسنة وصحيحة وإن استساغها كثيرٌ من الناس- ومن الأعمال الصالحة برّ الوالدين والحجاب للمرأة والصلاة وغيرها ، فلو تركها المجتمع فلا تكون غير واجبة .
:7: قال تعالى: (فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً) وهنا تغيّر الخطاب وبمدلول عميق ورائع قبل ذكر الجزاء الأخروي ، وتم التأكيد لمفهوم الحياة باللام المؤكّدة ، لما في الحياة من معاني للديمومة والبقاء والعمل والإثارة ، والحكمة من ذلك المقطع – هو أنَّ المؤمن الذي يعمل صالحاً من ذكر وأنثى وإن واجه البلاءات والمشاكل في هذه الحياة ، لكنّه لن ينسلخ عن إيمانه ولا يتزلزل ولا يشكّ ، بل يلتذ بطعم الإيمان وعذوبته ، لأنّه يرى أنَّ اللهَ تعالى معه وفي كلّ شيء ،ولا يضيع عمله عنده.
:8: ونحن نقترب من شهر محرّم الحرام ، والذي له قيمة اعتقاديّة كبيرة عندنا، وفيه نظهر الولاء والحزن والمواساة – علينا أن ننظر في سير أصحاب الإمام الحُسيَن ، عليه السلام ، ومدى قوّة إيمانهم والتذاذهم به والتعلّم منهم ومن مواقفهم ، وهم مُلئوا بالإيمان من قرن رؤوسهم إلى أخماص أقدامهم .
إنَّ الشعور بطعم الإيمان يمنحَ الحياة وجهاً آخراً طيباً يختلف عن غيرها ، ويدفع للعمل الصالح والعطاء والتضحيّة ، كما هو حال الشهيد والذي فاز بإيمانه وعمله في الدنيا والآخرة.
______________________________________________
أهمُّ مَضَامِين خطبةِ الجُمعَةِ الأولى ،التي ألقاهَا سماحة السيّد أحمَد الصافي ، دام عِزّه, الوكيل الشرعي للمَرجعيّةِ الدّينيّةِ العُليا الشَريفةِ في الحَرَمِ الحُسَيني المُقدّس ,اليوم ، الواحد والعشرين من ذي الحجّة الحرام1440 هجري , الثالث والعشرين من آب 2019م . ______________________________________________
تدوين – مُرْتَضَى عَلِي الحِلّي – النَجَفُ الأشرَفُ .
تعليق