بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
مثلما تعبّر الأمم عن إيمانها بهويتها الوطنية والسياسية من خلال وفائها واحترامها لِعَلَمِها، يعبر الإنسان عن إيمانه بقيمه وأفكاره من خلال ارتداء الزي الذي ينسجم مع تلك القيم والأفكار
الإنسان لا يرتدي اللباس من أجل أن يعرض جسمه، وإنما يرتديه لكي يستره. فاللباس بالنسبة له صيانة وبمنزلة سور القلعة الذي يحفظ جسمه، ويذود به عن كرامته. إنسان الإسلام لا يرى كماله في تزويق جسمه وتجميله كالبضاعة التي تُعرض للبيع، بل يلجأ إلى بيع نفسه لله، بدلًا من بيع جسمه للناس. نعم، قضية اللباس والزي، ليست بسيطة أو سطحية كي يمكن أن نعدّها خاضعة للذوق فحسب. إنها قضية ثقاقة أمة. وتغيير اللباس لا يحدث اعتباطاً، وإنما هو نتيجة من نتائج تغيّر الثقافة. ولهذا السبب بالذات ورد في الحديث: «مَن تشبّه بقوم فهو منهم».
فلباس أي إنسان، إنما هو عَلَم وجوده، وهو عَلَم يرفعه فوق بوابة بيت وجوده، ويعلن به عن الثقافة التي يتثقف بها. ومثلما تعبّر الأمم عن إيمانها بهويتها الوطنية والسياسية من خلال وفائها واحترامها لِعَلَمِها، يعبر الإنسان عن إيمانه بقيمه وأفكاره من خلال ارتداء الزي الذي ينسجم مع تلك القيم والأفكار. اللباس وسرّ الضمير ربما سمع الكثير من القرّاء بهذا الشطر الشعري الذي يقول «لونُ الوجه يُفصح عن سر الضمير»، ومراد الشاعر أنّ تغير اللون الذي يظهر بشكل طبيعي في وجه الإنسان، ينبىء ولا شك عن التغيّر الناجم في باطنه. وبإمكاننا أنْ نذهب أبعد من مراد الشاعر فنقول: ليس اللون الطبيعي للوجه فحسب، بل الألوان الصناعية الأُخرى التي يُصبَغ بها تنبىء أيضاً عن سر الضمير. فنوع مساحيق التجميل التي تصبغ بها المرأة وجهها، على صلة مباشرة بوضعها الباطني ونزعاتها النفسية. وليس تزويق الوجه فحسب، بل تزويق وتجميل الجسم بأسره، والشكل وطبيعة الفستان والثوب وقصره أو طوله، تكشف جميعها عن سر ضمير المرأة أيضاً. اللباس هوية المجتمع المجتمع الذي لا قيمة فيه للقيم المعنوية والإنسانية العليا، ويخلو العالم الباطني للإنسان فيه من الكرامة، وليس لديه معنى مستقل عن المظاهر الخارجية، فلا بد أن تتبلور فيه شخصية الإنسان وهويته بشكل عام على أساس اهتمامات الآخرين وآرائهم فيه. ومن البديهي أنْ يلجأ أفراد مثل هذا المجتمع إلى بلورة شخصياتهم عن أي طريق ممكن بما فيه الزي.
فعندما ينتزع من الانسان كل إمكانية للبروز الفردي والإبداع الشخصي، يجد نفسه مضطراً لسلوك أي طريق آخر للإعلان عن وجوده وتمايزه عن الآخرين، وبالتالي يسعى عن طريق التغيير في الزي والشكل وطريقة تجميل الوجه وشعر الرأس، إلى جلب اهتمام آخرين نحوه، وإنقاذ نفسه من الضياع في المجتمع، لأنه لا يؤمن بحقيقة أسمى من المجتمع، مثل الحقيقة الإلهية، ويرى في الضياع أو الذوبان في المجتمع فناءً لشخصيته وموتاً له. وحلّ دور مصمّمي الأزياء كي يلبّوا دعوة هذا الظمأ الذي لا يرتوي، وينتهزوا هذا الضعف الخلقي الناجم عن الانحطاط المعنوي. لباس الشهرة لحمّى الأزياء أو الموضة عوامل خلقية ونفسية أخرى. فالمجتمع الذي يعاني بشدة من التفاوت الطبقي، لا بد وأن ينعكس هذا التفاوت فيه على نوع البيت، وطراز السيارة، وأسلوب الحياة، ولا سيما في نوع الزي واللباس. ويسعى الأغنياء والنبلاء بشكل خاص إلى الإعلان عن ثرائهم من خلال نوع اللباس الذي يرتدونه. واللباس أفضل طرق المباهاة والتفاخر، وبإمكانه أنْ يقول من خلاله للآخرين أي إنسان هو! ويعبّر الزي أيضاً عند البعض عن الغرور، والحسد، ومنافسة الآخرين. كما يؤثر حبّ الجاه وحب السيطرة على الآخرين، في انتخاب نوع اللباس. وقد يلجأ الرجال إلى استخدام ألبسة نسائهم للتباهي والتفاخر وحبّ الظهور والاستعلاء. ونحن نعلم أنّ المرأة عند الرجل في المجتمعات التي تفتقد إلى المعنوية ليست سوى واسطة للامتياز والتفوّق، وهي ليست سوى أداة من الأدوات الكمالية.
وكما أنّ الرجل يسعى للتباهي من خلال سيارته وبيته وحذائه وقبّعته، نراه أيضاً يلجأ إلى تقديم نفسه للآخرين والإشارة إلى أهميته من خلال عرض زوجته وزيّها. يُطلق في ثقافتنا الإسلامية على اللباس الذي يُلبَس من أجل استقطاب أنظار الآخرين: «لباس الشهرة»، ومَنَعَ الإسلام الرجال والنساء بشدة عن ارتداء هذا اللباس. قال الإمام الحسين بن علي (عليهما السلام): «من لبس ثوباً يشهره، كساه الله يوم القيامة ثوباً من النار«. حينما تلجأ الطبقة المرفهة الثرية إلى التباهي، عن طريق التمايز عن الناس العاديين، واستقطاب أنظار الآخرين بواسطة انتخاب تصاميم أزياء جديدة، يجد العوام أنفسهم مجبرين على تقليد الطبقة الأرستقراطية، والانكباب على التصميم الجديد، مما يُخرجه في فترة قصيرة عن دائرة تلك الطبقة ويكتسب صفة العمومية، فيسقط من عينها فتندفع ثانية نحو تصميم زيّ جديد فيجد عامة الناس الذين أثقلتهم تكاليف الزي القديم أنفسهم أمام زي جديد وموضة جديدة. وينطلقون ثانية كالخراف خلف ذوق الطبقة المرفهة الثرية. وما أقسى هذا الأسر والعبودية! وما أكثر أنواع هذه العبوديات في المجتمعات الحرة وذات الفكر الحر.
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
مثلما تعبّر الأمم عن إيمانها بهويتها الوطنية والسياسية من خلال وفائها واحترامها لِعَلَمِها، يعبر الإنسان عن إيمانه بقيمه وأفكاره من خلال ارتداء الزي الذي ينسجم مع تلك القيم والأفكار
الإنسان لا يرتدي اللباس من أجل أن يعرض جسمه، وإنما يرتديه لكي يستره. فاللباس بالنسبة له صيانة وبمنزلة سور القلعة الذي يحفظ جسمه، ويذود به عن كرامته. إنسان الإسلام لا يرى كماله في تزويق جسمه وتجميله كالبضاعة التي تُعرض للبيع، بل يلجأ إلى بيع نفسه لله، بدلًا من بيع جسمه للناس. نعم، قضية اللباس والزي، ليست بسيطة أو سطحية كي يمكن أن نعدّها خاضعة للذوق فحسب. إنها قضية ثقاقة أمة. وتغيير اللباس لا يحدث اعتباطاً، وإنما هو نتيجة من نتائج تغيّر الثقافة. ولهذا السبب بالذات ورد في الحديث: «مَن تشبّه بقوم فهو منهم».
فلباس أي إنسان، إنما هو عَلَم وجوده، وهو عَلَم يرفعه فوق بوابة بيت وجوده، ويعلن به عن الثقافة التي يتثقف بها. ومثلما تعبّر الأمم عن إيمانها بهويتها الوطنية والسياسية من خلال وفائها واحترامها لِعَلَمِها، يعبر الإنسان عن إيمانه بقيمه وأفكاره من خلال ارتداء الزي الذي ينسجم مع تلك القيم والأفكار. اللباس وسرّ الضمير ربما سمع الكثير من القرّاء بهذا الشطر الشعري الذي يقول «لونُ الوجه يُفصح عن سر الضمير»، ومراد الشاعر أنّ تغير اللون الذي يظهر بشكل طبيعي في وجه الإنسان، ينبىء ولا شك عن التغيّر الناجم في باطنه. وبإمكاننا أنْ نذهب أبعد من مراد الشاعر فنقول: ليس اللون الطبيعي للوجه فحسب، بل الألوان الصناعية الأُخرى التي يُصبَغ بها تنبىء أيضاً عن سر الضمير. فنوع مساحيق التجميل التي تصبغ بها المرأة وجهها، على صلة مباشرة بوضعها الباطني ونزعاتها النفسية. وليس تزويق الوجه فحسب، بل تزويق وتجميل الجسم بأسره، والشكل وطبيعة الفستان والثوب وقصره أو طوله، تكشف جميعها عن سر ضمير المرأة أيضاً. اللباس هوية المجتمع المجتمع الذي لا قيمة فيه للقيم المعنوية والإنسانية العليا، ويخلو العالم الباطني للإنسان فيه من الكرامة، وليس لديه معنى مستقل عن المظاهر الخارجية، فلا بد أن تتبلور فيه شخصية الإنسان وهويته بشكل عام على أساس اهتمامات الآخرين وآرائهم فيه. ومن البديهي أنْ يلجأ أفراد مثل هذا المجتمع إلى بلورة شخصياتهم عن أي طريق ممكن بما فيه الزي.
فعندما ينتزع من الانسان كل إمكانية للبروز الفردي والإبداع الشخصي، يجد نفسه مضطراً لسلوك أي طريق آخر للإعلان عن وجوده وتمايزه عن الآخرين، وبالتالي يسعى عن طريق التغيير في الزي والشكل وطريقة تجميل الوجه وشعر الرأس، إلى جلب اهتمام آخرين نحوه، وإنقاذ نفسه من الضياع في المجتمع، لأنه لا يؤمن بحقيقة أسمى من المجتمع، مثل الحقيقة الإلهية، ويرى في الضياع أو الذوبان في المجتمع فناءً لشخصيته وموتاً له. وحلّ دور مصمّمي الأزياء كي يلبّوا دعوة هذا الظمأ الذي لا يرتوي، وينتهزوا هذا الضعف الخلقي الناجم عن الانحطاط المعنوي. لباس الشهرة لحمّى الأزياء أو الموضة عوامل خلقية ونفسية أخرى. فالمجتمع الذي يعاني بشدة من التفاوت الطبقي، لا بد وأن ينعكس هذا التفاوت فيه على نوع البيت، وطراز السيارة، وأسلوب الحياة، ولا سيما في نوع الزي واللباس. ويسعى الأغنياء والنبلاء بشكل خاص إلى الإعلان عن ثرائهم من خلال نوع اللباس الذي يرتدونه. واللباس أفضل طرق المباهاة والتفاخر، وبإمكانه أنْ يقول من خلاله للآخرين أي إنسان هو! ويعبّر الزي أيضاً عند البعض عن الغرور، والحسد، ومنافسة الآخرين. كما يؤثر حبّ الجاه وحب السيطرة على الآخرين، في انتخاب نوع اللباس. وقد يلجأ الرجال إلى استخدام ألبسة نسائهم للتباهي والتفاخر وحبّ الظهور والاستعلاء. ونحن نعلم أنّ المرأة عند الرجل في المجتمعات التي تفتقد إلى المعنوية ليست سوى واسطة للامتياز والتفوّق، وهي ليست سوى أداة من الأدوات الكمالية.
وكما أنّ الرجل يسعى للتباهي من خلال سيارته وبيته وحذائه وقبّعته، نراه أيضاً يلجأ إلى تقديم نفسه للآخرين والإشارة إلى أهميته من خلال عرض زوجته وزيّها. يُطلق في ثقافتنا الإسلامية على اللباس الذي يُلبَس من أجل استقطاب أنظار الآخرين: «لباس الشهرة»، ومَنَعَ الإسلام الرجال والنساء بشدة عن ارتداء هذا اللباس. قال الإمام الحسين بن علي (عليهما السلام): «من لبس ثوباً يشهره، كساه الله يوم القيامة ثوباً من النار«. حينما تلجأ الطبقة المرفهة الثرية إلى التباهي، عن طريق التمايز عن الناس العاديين، واستقطاب أنظار الآخرين بواسطة انتخاب تصاميم أزياء جديدة، يجد العوام أنفسهم مجبرين على تقليد الطبقة الأرستقراطية، والانكباب على التصميم الجديد، مما يُخرجه في فترة قصيرة عن دائرة تلك الطبقة ويكتسب صفة العمومية، فيسقط من عينها فتندفع ثانية نحو تصميم زيّ جديد فيجد عامة الناس الذين أثقلتهم تكاليف الزي القديم أنفسهم أمام زي جديد وموضة جديدة. وينطلقون ثانية كالخراف خلف ذوق الطبقة المرفهة الثرية. وما أقسى هذا الأسر والعبودية! وما أكثر أنواع هذه العبوديات في المجتمعات الحرة وذات الفكر الحر.