⚏⚏⚏⚏⚏⚏
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من بعث رحمة للعالمين محمد المصطفى الأمين وعلى آل بينه الميامين ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عظم الله اجوركم وتقبل الله عزاءكم
إنّ المتتبع لسيرة العباس بن علي (عليهما السلام) يجد فيها تجلي الولاء لأهل البيت (عليهم السلام)، ذلك الوليد الذي هو نتاج زوجة الأب حيث ربّته ام البنين (عليها السلام) على الإيثار واحترام ذرية رسول الله (صلى الله عليه وعليهم).
فالعباس (عليه السلام) وإن لم يبلغ درجة العصمة الكبرى إلاّ أنّه لم يخلُ من القيم والمبادئ التي انتهلها من ذوي العصمة الكبرى. "وقد قدم له أمير المؤمنين عليه السلام دروس الشهامة والفضيلة والكمال لمحبيه وشيعته ، وخصّ بذلك أيضاً أبناءه عليه السلام ، وقد ربّى ولده أبا الفضل العباس (عليه السلام) -وكان إحدى غاياته من زواجه بأم البنين (عليها السلام) ـ أحسن تربية ، فأفاض عليه مكونات نفسه العظيمة العامرة بالإيمان والمثل العليا ، وأفاض عليه آداب الاسلام وعلوم القرآن والحديث والفضائل الاخلاقية ، ولم يمنعه أي فيض من فيوضاته ، فعلّمه الزراعة والفروسية والرماية والمجالدة بالسيف ، وشركه في حروبه الثلاثة ـ الجمل وصفين والنهروان ـ فعلّمه على تجربة الحرب وخوض ساحات الوغى والمنون ، حتى طار صيته في الآفاق ، وصار العباس وشجاعته مثلاً تسير به الركبان ، ويتحدّث به العرب في أنديتهم.
🕐وفي الساعات الأخيرة من حياته الشريفة أخذ أمير المؤمنين عليه السلام يد العباس (عليه السلام) ووضعها في يد أخيه الحسين (عليه السلام) وأوصاهم بوصاياه المهمة"(1).
✨بل وقد طبّق وصية أبيه (عليه السلام) بعدم شرب الماء يوم عاشوراء قبل أن يشرب أخاه الحسين (عليه السلام)، حيث جاء في معالي السبطين عن كتاب عدّة الشهور: "لما كانت ليلة إحدى وعشرين من شهر رمضان وأشرف علي عليه السلام على الموت أخذ العباس وضمه إلى صدره الشريف وقال : ولدي وستقر عيني بك في يوم القيامة ، ولدي إذا كان يوم عاشوراء ودخلت المشرعة إياك أن تشرب الماء وأخوك الحسين عليه السلام عطشان"(2).
✨وكان العباس (عليه السلام) يترنّم في يوم عاشوراء قائلاً: "والله لئن قطعتم يميني، إني أحامي أبداً عن ديني"، استخدم أبو الفضل كلمة "أبداً" مع أنّ كلتا يديه قد قطعتا، فإن دلّت كلمته (أبداً) على شيء فإنّها تدل على الحماية الأبدية المحفوف بها الدّين المحمدي والتي يشهد بها منذ نشأته وحتى استشهاده، وفعلاً استشهد (عليه السلام) حامياً مدافعا.
🔰وتلك الأخلاق النبيلة للعباس (عليه السلام) يشهد بها كافة المعصومين (عليهم السلام) فالإمام زين العابدين (عليه السلام) يقول بحقه: "رحم الله العباس، فلقد آثر وأبلى، وفدى أخاه بنفسه حتّى قطعت يداه، فأبدله الله عز وجل بهما جناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنّة كما جعل لجعفر بن أبي طالب، وإنّ للعبّاس عند الله تبارك وتعالى منزلة يغبطه بها جميع الشهداء يوم القيامة"(3).
🌐والإمام الصادق (عليه السلام) قال بحقه: "كان عمّنا العباس بن علي عليه السلام نافذ البصيرة"(4).
🌐والإمام المهدي (عجّل الله فرجه الشريف) قال بحقه : "السلام على أبي الفضل العبّاس المواسي أخاه بنفسه الآخذ لغده من أمسه، الوافي له الساعي إليه بمائه"(5).
🌀ومن أبرز ما وسم به من السمات (العبد الصالح) ذلك الوسم الذي وسمه به الإمام الصادق (عليه السلام) في زيارته المعروفة التي نقلها عنه أبو حمزة الثمالي، وبتركيب كلمة (العبد) مع كلمة (الصالح) يتضح لنا مدى صدق عبودية العباس (عليه السلام) لله عزّ وجل المقرونة بالهدى والحركة الإصلاحية.
💬ولو تأملنا في عبارةٍ نرددها أثناء الصلاة وهي (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين) لوجدنا سلامنا الدائم محفوف بكلّ عبدٍ صالحٍ ومنهم العباس (عليه السلام) كيف لا؟ وقد ساهم في إحياء معالم الدّين.
📊وقد ذكر الله تعالى مكانة العباد الصالحين في كتابه الكريم وفي الزبور بقوله سبحانه: { وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ}(6)
🔖ومعنى الوراثة هي التمكين من الحكم، وليس ببعيدٍ أن يكون العباس (عليه السلام) أحد مصاديق تلك الآية الكريمة –وإن فُسرت باختصاص أهل البيت بسمة العباد الصالحين- "إلاّ أنّ لبعض العلماء استدلالاً مباركاً في ادخال العباس بن علي (عليهما السلام) في أهل البيت (عليهم السلام) لا بتشريعٍ منه بل استناداً إلى توسيع دائرة شمولية بعض المصاديق لمصطلح أهل البيت الذي قال به النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) حينما أدخل سلمان الفارسي (رضوان الله عليه): "سلمانٌ منّا أهل البيت" فسمي بسلمان المحمدي"(7).
_______________
(1) ام البنين النجم الساطع في مدينة النبي الأمين، ص89،90.
(2) معالي السبطين: ج١،ص٤٥٤ ، المجلس ٢١.
(3) الأمالي: للشيخ الصدوق، ص 547.
(4) عمدة الطالب، 356.
(5) زيارة الناحية المقدسة.
(6) الأنبياء: 105.
(7) ظ: الخصائص العباسية لآية الله الكلباسي.
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من بعث رحمة للعالمين محمد المصطفى الأمين وعلى آل بينه الميامين ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عظم الله اجوركم وتقبل الله عزاءكم
إنّ المتتبع لسيرة العباس بن علي (عليهما السلام) يجد فيها تجلي الولاء لأهل البيت (عليهم السلام)، ذلك الوليد الذي هو نتاج زوجة الأب حيث ربّته ام البنين (عليها السلام) على الإيثار واحترام ذرية رسول الله (صلى الله عليه وعليهم).
فالعباس (عليه السلام) وإن لم يبلغ درجة العصمة الكبرى إلاّ أنّه لم يخلُ من القيم والمبادئ التي انتهلها من ذوي العصمة الكبرى. "وقد قدم له أمير المؤمنين عليه السلام دروس الشهامة والفضيلة والكمال لمحبيه وشيعته ، وخصّ بذلك أيضاً أبناءه عليه السلام ، وقد ربّى ولده أبا الفضل العباس (عليه السلام) -وكان إحدى غاياته من زواجه بأم البنين (عليها السلام) ـ أحسن تربية ، فأفاض عليه مكونات نفسه العظيمة العامرة بالإيمان والمثل العليا ، وأفاض عليه آداب الاسلام وعلوم القرآن والحديث والفضائل الاخلاقية ، ولم يمنعه أي فيض من فيوضاته ، فعلّمه الزراعة والفروسية والرماية والمجالدة بالسيف ، وشركه في حروبه الثلاثة ـ الجمل وصفين والنهروان ـ فعلّمه على تجربة الحرب وخوض ساحات الوغى والمنون ، حتى طار صيته في الآفاق ، وصار العباس وشجاعته مثلاً تسير به الركبان ، ويتحدّث به العرب في أنديتهم.
🕐وفي الساعات الأخيرة من حياته الشريفة أخذ أمير المؤمنين عليه السلام يد العباس (عليه السلام) ووضعها في يد أخيه الحسين (عليه السلام) وأوصاهم بوصاياه المهمة"(1).
✨بل وقد طبّق وصية أبيه (عليه السلام) بعدم شرب الماء يوم عاشوراء قبل أن يشرب أخاه الحسين (عليه السلام)، حيث جاء في معالي السبطين عن كتاب عدّة الشهور: "لما كانت ليلة إحدى وعشرين من شهر رمضان وأشرف علي عليه السلام على الموت أخذ العباس وضمه إلى صدره الشريف وقال : ولدي وستقر عيني بك في يوم القيامة ، ولدي إذا كان يوم عاشوراء ودخلت المشرعة إياك أن تشرب الماء وأخوك الحسين عليه السلام عطشان"(2).
✨وكان العباس (عليه السلام) يترنّم في يوم عاشوراء قائلاً: "والله لئن قطعتم يميني، إني أحامي أبداً عن ديني"، استخدم أبو الفضل كلمة "أبداً" مع أنّ كلتا يديه قد قطعتا، فإن دلّت كلمته (أبداً) على شيء فإنّها تدل على الحماية الأبدية المحفوف بها الدّين المحمدي والتي يشهد بها منذ نشأته وحتى استشهاده، وفعلاً استشهد (عليه السلام) حامياً مدافعا.
🔰وتلك الأخلاق النبيلة للعباس (عليه السلام) يشهد بها كافة المعصومين (عليهم السلام) فالإمام زين العابدين (عليه السلام) يقول بحقه: "رحم الله العباس، فلقد آثر وأبلى، وفدى أخاه بنفسه حتّى قطعت يداه، فأبدله الله عز وجل بهما جناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنّة كما جعل لجعفر بن أبي طالب، وإنّ للعبّاس عند الله تبارك وتعالى منزلة يغبطه بها جميع الشهداء يوم القيامة"(3).
🌐والإمام الصادق (عليه السلام) قال بحقه: "كان عمّنا العباس بن علي عليه السلام نافذ البصيرة"(4).
🌐والإمام المهدي (عجّل الله فرجه الشريف) قال بحقه : "السلام على أبي الفضل العبّاس المواسي أخاه بنفسه الآخذ لغده من أمسه، الوافي له الساعي إليه بمائه"(5).
🌀ومن أبرز ما وسم به من السمات (العبد الصالح) ذلك الوسم الذي وسمه به الإمام الصادق (عليه السلام) في زيارته المعروفة التي نقلها عنه أبو حمزة الثمالي، وبتركيب كلمة (العبد) مع كلمة (الصالح) يتضح لنا مدى صدق عبودية العباس (عليه السلام) لله عزّ وجل المقرونة بالهدى والحركة الإصلاحية.
💬ولو تأملنا في عبارةٍ نرددها أثناء الصلاة وهي (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين) لوجدنا سلامنا الدائم محفوف بكلّ عبدٍ صالحٍ ومنهم العباس (عليه السلام) كيف لا؟ وقد ساهم في إحياء معالم الدّين.
📊وقد ذكر الله تعالى مكانة العباد الصالحين في كتابه الكريم وفي الزبور بقوله سبحانه: { وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ}(6)
🔖ومعنى الوراثة هي التمكين من الحكم، وليس ببعيدٍ أن يكون العباس (عليه السلام) أحد مصاديق تلك الآية الكريمة –وإن فُسرت باختصاص أهل البيت بسمة العباد الصالحين- "إلاّ أنّ لبعض العلماء استدلالاً مباركاً في ادخال العباس بن علي (عليهما السلام) في أهل البيت (عليهم السلام) لا بتشريعٍ منه بل استناداً إلى توسيع دائرة شمولية بعض المصاديق لمصطلح أهل البيت الذي قال به النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) حينما أدخل سلمان الفارسي (رضوان الله عليه): "سلمانٌ منّا أهل البيت" فسمي بسلمان المحمدي"(7).
_______________
(1) ام البنين النجم الساطع في مدينة النبي الأمين، ص89،90.
(2) معالي السبطين: ج١،ص٤٥٤ ، المجلس ٢١.
(3) الأمالي: للشيخ الصدوق، ص 547.
(4) عمدة الطالب، 356.
(5) زيارة الناحية المقدسة.
(6) الأنبياء: 105.
(7) ظ: الخصائص العباسية لآية الله الكلباسي.
تعليق