إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

سر خلق ذوي العيوب والعاهات

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • سر خلق ذوي العيوب والعاهات

    إن تولد بعض الأفراد مشوهين أو معاقين ظاهراً أو باطناً يعود إلى جملة من الأسباب، منها أسباب سلوكية ومنها موضوعية ومنها غيبية.
    أما الأسباب السلوكية، فهي تلك المرتبطة بسلوك وتصرف الوالدين قُبيل أو أثناء الجماع، فإن عدم مراعاة ما ينبغي حال المجامعة يورث العيوب والعاهات لدى الأبناء، وقد ورد في الأخبار ما يؤيد ذلك، منها: أن وطئ الحائض يورث الحول في الولد، وأن من جامع امرأته وهي حائض فخرج الولد مجنوناً أو به برص فلا يلومن إلا نفسه، وعنهم(عليهم السلام): إن أكثر هؤلاء المشوهين من الذين يأتون نسائهم في الطمث، وروي أن الجماع بشهوة غيرها يورث تخنيث الولد، ومجامعتها من قيام يورث فيه البول في الفراش، وأن الجماع ليلة الفطر يورث عدم الولد في الولد (أي يكون الولد عقيماً) وليلة الأضحى يورث زيادة الأصبع أو نقصانها، وتحت الأشجار المثمرة يورث في الولد أن يكون جلاداً أو عريفاً، وبين الآذان والإقامة يورث كونه حريصاً على أهراق الدماء، ومع استقبال الشمس بدون ستر يورث فقر الولد وبؤسه حتى يموت، والجماع بغير وضوء يورث بخل الولد وعمى قلبه، وعلى سقوف البنيان يورث النفاق والرياء والبدعة، وغير ذلك من الأخبار الدالة على أن السلوك الزوجين حال الجماع تأثير في حصول العيوب والعاهات لدى الأبناء.
    وأما الأسباب الموضوعية فإنها ترتد إلى ما يقتضيه النظام التام وارتباط الأسباب والمسببات، وبعبارة أخرى فإن الحكمة الإلهية قاضية بتفاوت الخلق في السلسلتين الطولية والعرضية وضرورة التدرج في نظام الوجود وترتب الموجودات.
    وخلق الناس خاضع لنواميس ثابتة وسنن إلهية محسوبة ومقدرة بدقة ، فالتفاوت الملحوظ في مراتب الخلق مما تقتضيه الحكمة لأجل تبيان النعمة وحصول العبرة، فالجميل إنما يُعرف بالقبيح والكامل إنما يُعرف بالناقص والمؤمن إنما يُعرف بالكافر. إذ لو خلق الله الناس كلهم متساوين في الخلقة ظاهراً وباطناً بحيث لا يوجد عاهة ولا عيب ولا نقص لانتفت حكمة الخلق والتكليف وإرسال الرسل وإنزال الشرائع ولما تميز وجه الحكمة في الخلق، وعدم تميز وجه الحكمة يؤدي إلى عدم المعرفة التي هي الغاية من خلق الناس قال تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ) الذريات:56، وفُسرت العبادة في هذه الآية بالمعرفة تبعاً لجملة من الأخبار المعتبرة، أي أن التفاوت بين الخلق ضروري لتبين وجه حكمة الحكيم تبارك وتعالى فيعرف أنه الكامل ولا أكمل منه، والعالم ولا أعلم منه، والغني الذي لا يفتقر، والإله الذي لا شريك له..
    ثم إن أصحاب العاهات وإن سلبوا بعض نعم الله تعالى التي لا تحصى فقد أسقط الله تعالى عنهم ما بإزائها من التكاليف، وذلك يُعد تعويضاً عما أخذ منهم، علاوة على التعويض في الدار الآخرة، ولو قسنا عدد هؤلاء بالنسبة إلى سائر الناس لتبيّن لنا أنهم أقل من عشر معشار الناس، وبهم تحصل العبرة للبشر فيشكروا الله على إتمام نعمته عليهم، فتذهب عنهم الغفلة عن عظيم فضله وجزيل أحسانه إليهم.
    علاوة على أن عيوب هؤلاء الأفراد القلائل تحرك في نفوس الأكثرية الشفقة والرحمة وتحملهم على مساعدة المعاقين وإعانتهم فيحصل التواصل والتراحم بينهم، وهذا من صلب ما أمرت به كافة شرائع الله عز وجل.
    أما هو ذنب هؤلاء؟ فلا ذنب لهم ظاهراً ولكنه مقتضى رعاية النظام الشامل التام، ومقتضى التدرج في سلم الوجود وهو عين الحكمة وليس بقادح في عدله عز وجل، بل لو تصورنا خلو الدنيا عن هذه النقائض والعيوب بعد التسليم بأنها دار بلاء وامتحان وأنها لا تساوي عند الله جناح بعوضة كما ورد في الخبر لو تصورنا ذلك لأمكن أن نقدح في حكمته ـ معاذ الله ـ فتأمل.
    وأما الأسباب الغيبية فسنجمل الكلام عنها في هذا المقام لصعوبة مأخذها ولافتقار فهمها إلى إطلاع واسع على أخبار الباطن والأسرار، ويمكن الإشارة هنا إلى ارتباط هذه العيوب والنقائص بالإجابة في عالم الذر أو حصول اللطخ والخلط في الطينة بعد خلط طينة المؤمن بطينة الكافر أو إلى أمور تتعلق بالعوالم السابقة لا يعلمها إلا الله عز وجل.
    أما وجه عدم قدح خلق هؤلاء المشوهين والمعاقين وأصحاب العاهات والعيوب في عدالة الله عز وجل فيمكن تقريبه بالمثال الآتي: إن الله سبحانه خلق الحنطة لمصلحة عباده وقدّر فيها أنها إذا ألقيت في الأرض الصالحة للزراعة وسقيت بالماء أنها تنبت، بمعنى أن الله تعالى ينبتها لمن يفعل ذلك فإذا غصب الظالم حنطة المؤمن وزرعها في أرض مغصوبة وسقاها بماء مغصوب أنبتها الله سبحانه بمقتضى ما جعل في الحنطة وفي الأرض وفي الماء من قابلية، مع أنه عز وجل لم يرضَ بغصب حنطة المؤمن ولا غصب أرضه ولا غصب مائه، ولكنه فعل ذلك إجراءً لما جعل سبباً في التأثير في مسبباته.
    وهناك مثال آخر أوضح وأقرب إلى موضوعنا، وهو أنه إذا زنى الرجل الزاني وألقى نطفته في رحم المرأة التي زنى بها، فأنه تعالى يخلق منها الولد وهو لا يرضى بالزنا ولا إلقاء النطفة الحرام في الرحم الحرام ولا يرضى بولد الزنا، ولكنه تعالى أعطى الأشياء ما تقتضية طبائعها وأخبرهم بأنه لا يرضى بذلك، فإذا فعل العاصي خلاف ما أمره به لم يمنع الكريم عز وجل عطيته بل يعطيها بمقتضى طبائعها، فيخلق مقتضى فعل العاصي وإن لم يرضه، فكيف يقدح ذلك بعدله وهو عين الحكمة، فتأمل جيداً فإنه دقيق.
    وهكذا حال أصحاب التشوهات الخلقية والانحرافات السلوكية، فأن للعيوب والنقائض أسباباً اقتضت ظهورها في أصحابها طبقاً لحكمة الخلق، وليس بالضرورة أن تكون تلك الأسباب كلها منحصرة بالأسباب الطبيعية وليس بالضرورة كذلك أن تكون لها منكشفة لنا، ومع ذلك فيجب الإيقان بأنها حصلت طبقاً للحكمة من دون أن يكون ذلك قادحاً في عدله عز وجل، فالله تعالى عادل ولا يمكن أن نتصور عكس ذلك.
    sigpic

  • #2



    بارك الله فيك اخي معلومات رائعه ومفيده
    حفظك الله من كل شر وسدد خطاك وتقبل منك افضل الاعمال
    تقبل مروري المتواضع

    تعليق


    • #3
      المشاركة الأصلية بواسطة اساور مشاهدة المشاركة



      بارك الله فيك اخي معلومات رائعه ومفيده
      حفظك الله من كل شر وسدد خطاك وتقبل منك افضل الاعمال
      تقبل مروري المتواضع

      اشكر الاخت اساور
      sigpic

      تعليق

      المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
      حفظ-تلقائي
      Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
      x
      يعمل...
      X