إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

العمل على الرجاء اعلى منه على الخوف

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • العمل على الرجاء اعلى منه على الخوف

    العمل على الرجاء اعلى منه على الخوف


    العمل على الرجاء اعلى منه على الخوف، لان اقرب العباد احبهم اليه، و الحب يغلب بالرجاء. و اعتبر ذلك بملكين يخدم احدهما خوفا من عقابه و الآخر رجاء لعطائه، و لذلك عير الله اقواما يظنون السوء بالله، قال:«و ذلكم ظنكم الذي ظنتم بربكم ارادكم‏.

    و قال:

    و ظننتم ظن السوء و كنتم قوما بورا

    و ورد في الرجاء و حسن الظن ما ورد-كما تقدم-و في الخبر: «ان الله تعالى اوحى الى داود: احبني و احب من يحبنى و حببنى الى خلقى، فقال:

    يا رب! كيف احببك الى خلقك؟ قال: اذكرنى بالحسن الجميل، و اذكر آلائي و احسانى، و ذكرهم ذلك، فانهم لا يعرفون منى الا الجميل‏. و راى بعض الاكابر في النوم-و كان يكثر ذكر ابواب الرجاء-فقال: اوقفنى الله بين يديه، فقال: ما الذى حملك على ذلك؟ فقلت: اردت ان احببك الى خلقك. فقال: قد غفرت لك‏» .

    هذا مع ان الرجاء افضل من الخوف للعبد بالنظر الى مطلعهما، اذ الرجاء مستقى من بحر الرحمة و الخوف مستقى من بحر الغضب. و من لاحظ من صفات الله ما يقتضي اللطف و الرحمة كانت المحبة عليه اغلب، و ليس وراء المحبة مقام. و اما الخوف فمستنده الالتفات الى الصفات التي تقتضى الغضب فلا تمازجه المحبة كممازجتها للرجاء. نعم، لما كانت المعاصي و الاغترار على الخلق اغلب، (لا) سيما على الموجودين في هذا الزمان، فالاصلح لهم غلبة الخوف، بشرط الا يخرجهم الى الياس و قطع العمل، بل يحثهم على العمل، و يكدر شهواتهم، و يزعج قلوبهم عن الركون الى دار الغرور، و يدعوهم الى التجافي عن عالم الزور، اذ مع غلبة المعاصي على الطاعات لا ريب في اصلحية الخوف، (لا) سيما ان الآفات الخفية: من الشرك الخفي، و النفاق، و الرياء و غير ذلك من خفايا الاخلاق الخبيثة في اكثر الناس موجودة، و محبة الشهوات و الحطام الدنيوى في بواطنهم كامنة، و اهوال سكرات الموت و اضطراب الاعتقاد عنده ممكنة، و مناقشات الحساب ورد اعمالهم الصالحة لاسباب خفية محتملة، فمن عرف حقائق هذه الامور، فان كان ضعيف القلب جبانا في نفسه غلب خوفه على رجائه، و ان كان قوى القلب ثابت الجاش تام المعرفة استوى خوفه و رجاؤه. و اما ان يغلب رجاؤه فلا، بل غلبته انما هو من الاغترار و قلة التدبر، كما في غالب الناس، بل الاصلح لهم غلبة الخوف، و لكن قبل الاشراف على الموت، و اما عنده فالاصلح لهم غلبة الرجاء و حسن الظن، لان الخوف جار مجرى السوط الباعث على العمل، و قد انقضى وقته و هو لا يطيق هنا اسباب الخوف، لانها تقطع نياط قلبه و تعين على تعجيل موته و اما روح الرجاء فيقوي قلبه و يحبب اليه ربه الذى اليه رجاؤه.

    و ينبغي ان لا يفارق احد الدنيا الا محبا لله، ليكون محبا للقائه، و من احب لقاء الله احب الله لقاءه، و من احب الله و لقاءه، و علم انه تعالى ايضا يحب لقاءه، اشتقاق اليه تعالى، و كان فرحانا بالقدوم عليه، اذ من قدم على محبوبه عظم سروره بقدر محبته، و من فارق محبوبة اشتد عذابه و محنته، فمهما كان الغالب على القلب عند الموت حب الاهل و الولد و المال كانت محابه كلها في الدنيا، فكانت الدنيا جنته، اذ الجنة هي البقعة الجامعة لجميع المحاب، فكان موته خروجا عن الجنة و حيلولة بينه و بين ما يشتهيه. و هذا اول ما يلقاه كل محب للدنيا، فضلا عما اعد الله له من ضرور الخزى و النكال و السلاسل و الاغلال. و اما اذا لم يكن له محبوب سوى الله و سوى معرفته و حبه و انسه، فالدنيا و علائقها شاغلة له عن المحبوب، فالدنيا اول سجنه، اذ السجن هي البقعة المانعة عن الوصول الى محابه، فموته خلاص له من السجن و قدوم على المحبوب، و لا يخفى حال من خلص من السجن و خلي بينه و بين محبوبه، و هذا اول ابتهاج يلقاه من كان محبا لله غير محب للدنيا و ما فيها، فضلا عما اعده الله مما لا عين رات و لا اذن سمعت و لا خطر على قلب بشر.
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X