حين يبني الشعر عوالمه من ميراث الحقيقة تتكون رؤى يقينية تتبلور عبر المرجع التاريخي لتصقل اللغة الشعرية الصادرة عن الذات فتكشف عن جوهرها الروحي ولهذا يصبح لكل جيل لغته ورؤاه ومفاهيمه التي لابد ان تراعى زمانيا ولا يمكن النظر لها عبر مؤثثات نقدية مستحدثة وخاصة في الشعر الحسيني الذي له روافده الخاصة به وشمولية التلقي التي تحتاج الى تبسيط المفهوم التاريخي وأساليب القراءة الانشادية تجعله يرتكز على جرس معين لكل مناسبة وهذه الرموز تمنح القراءة النقدية أيمانا لايقبل الشك بأن لاوجود لاية مساحة تفصل الشاعر عن عوالمه الشعرية فلذلك نجد ( ديوان العبادي )للشاعر الحاج فؤاد الشيخ علي العبادي الجزء الاول الخاص بالشعر الحسيني نقل تجربة حية عن حياة الشاعر صلة عميقة يحقق فيها التماهي التام بين سيرة ذاتية لحياة الشاعر الوالد الشيخ علي العبادي وبين مؤلفه دون ان يفصح ما للاب وما للابن الحاج فؤاد وكأنه يعلن عن توحد التجربتين وقد تمخض الديوان عن فاعلية استعادة التاريخ مع فاعلية المعطى الشعوري ليعبر عن محتواهما وكأنه أراد أن يسعى لتمييز حيوية الذات ـ التاريخ فيلتقي رموزه عبر مباشرة التحاور فنجد تكرار لاسماء والقاب منها وضعت للاستقامة الوزنية ومنها ما جاءت اعتزازا روحيا لكونها تمتلك زخما شعوريا نفسيا عند المتلقي ( فخر الغوالب / ابو اليمة / ينفل / يجيدوم / يصنديد / يابن النبي ..الخ) فحاول الشاعر العبادي من صهر تجربته الداخلية بقراءة التاريخ بتسلسل منطقي لاحتواء الاحداث
( من العراق هواي .... جت كتب لحسين
تطلب حضوره بساع ويتعنه بالحين )
فكان الهم الشعري هو تجسيد الملحمة التاريخية بكل تفاصيلها دون ان يترك شيئا أو أن يهمل شيئا فالشاعر يثعر ان مسؤوليته التاريخية مطالبة بتدوين التاريخ وتوثيقه فهو ينقل لنا وقائع احداث استشهاد أمير المؤمنين وينهض عند حياة الزهراء ليوثق كل ما مر بها في حياتها وبعد حياتها وله علاقة بها مثل ميلاد الحسن والحسين واسشتهادهما ويرحل بنا الى عوالم غربة العليلة وشجاعة العباس ومعاناة سفير الحسين وينحمس عند شجاعة أبي الفضل العباس ومعظم رموز الطف ومن ثم يتوغل في صراع التاريخ حيث فرح المواليد المباركة وحزن المصائب بعضها كتب بالفصحى والاغلب كتب بالعامية وهو يرى الواقعية في التاريخ والدخول في حومته عبر السؤال يقرب صور الواقع التاريخي
( ما تدري شصار شصار هاذي الليلة
أبسيف بن ملجم كضة
حيدر علي الكرار هاذي الليلة )
ومثل هذا التماثل أمام التاريخ كان شعورا جمعيا ثمة استيعاب عام والتحام شعوري ولذلك نجد بعض الاشتغالات الشعرية قريبة عن بعضها البعض في تجارب العديد من الشعراء من حيث التخريج الانشادي اللحني وبعض القصائد وردت بمعنى المحاكاة مع تجارب أخرى من حيث المعنى
( شلون تقبل سيدي تنساني وأنته بضميري وخاطري ووجداني او لاطاح ذكرك سيدي من الساني هيهات ينظام الذي ابعز أحماك )
وتتنوع الشعرية بين المواليد والمصائبية لتمنح الوضوح الحنيني وروح الاتحاد مع أهل بيت الرحمة وهذا التنوع يعتبر وعيا حيث يتجسد الحضور حلا وارتحالا حضورا في الحضور وحضورا في الغياب وهذا وعي ايماني دخل شعلة الشعر هما يتداخل بين الفرح ـ الحزن فرحا يؤدي الى نتيجة مهمة هي التمسك بمحبة أهل البيت نجد ثمة توآلف غريب بين البساطة المعروضة وبين الرؤيا الفلسفية التي تحتكم الوجود ..
( بيه تحف نخبه اصطفاها امن الازل رب البريه) فالمعروف في الرؤى النقدية ان لكل قصيدة شعر لها عوالمها التي منها تنبع فيض التجربة الحقيقية هذا التنوع بين فرحة المولد وحزن المصاب يحتاج الى تنوع في الاشتغال الشعري أيضا فالملاحظ مثلا خطوات الانتقال النوعي بين مباشرة الخطاب وبين التحاور الداخلي في قصيدة العليلة سعيا لآنسنة الدار المحاورة تلك التي هي مخاض شعوري يعمق الصلة الشعورية بين التلقي والرؤى التاريخية
كوسيلة تعبيرية
( خان الدهر بيهم حيف يا حيف الجانو مربع الوفاد والضيف
ما ضنن بعد يلتم شملنه الجانت بيهم اربوعي زهيه )
فمن الطبيعي ان اصبحت حية في وجدان الشاعر وسعى لنقل هذه الحياة الى العالم والشاعر بطبيعته لايتحاور مع الاشياء الميتة فهو أنسن الدار لتصير أمتدادا له لشعوريته وحنينه وأنسانيته ثمة فصل بين العين الداخلية وبين العين الخارجية التي يرى الشاعر المصيبة فيرويها وكانه ينقل أحداثا عاشها
( زينب لاخوها هلهلت من شافته
لمن حده وعله العده
( من العراق هواي .... جت كتب لحسين
تطلب حضوره بساع ويتعنه بالحين )
فكان الهم الشعري هو تجسيد الملحمة التاريخية بكل تفاصيلها دون ان يترك شيئا أو أن يهمل شيئا فالشاعر يثعر ان مسؤوليته التاريخية مطالبة بتدوين التاريخ وتوثيقه فهو ينقل لنا وقائع احداث استشهاد أمير المؤمنين وينهض عند حياة الزهراء ليوثق كل ما مر بها في حياتها وبعد حياتها وله علاقة بها مثل ميلاد الحسن والحسين واسشتهادهما ويرحل بنا الى عوالم غربة العليلة وشجاعة العباس ومعاناة سفير الحسين وينحمس عند شجاعة أبي الفضل العباس ومعظم رموز الطف ومن ثم يتوغل في صراع التاريخ حيث فرح المواليد المباركة وحزن المصائب بعضها كتب بالفصحى والاغلب كتب بالعامية وهو يرى الواقعية في التاريخ والدخول في حومته عبر السؤال يقرب صور الواقع التاريخي
( ما تدري شصار شصار هاذي الليلة
أبسيف بن ملجم كضة
حيدر علي الكرار هاذي الليلة )
ومثل هذا التماثل أمام التاريخ كان شعورا جمعيا ثمة استيعاب عام والتحام شعوري ولذلك نجد بعض الاشتغالات الشعرية قريبة عن بعضها البعض في تجارب العديد من الشعراء من حيث التخريج الانشادي اللحني وبعض القصائد وردت بمعنى المحاكاة مع تجارب أخرى من حيث المعنى
( شلون تقبل سيدي تنساني وأنته بضميري وخاطري ووجداني او لاطاح ذكرك سيدي من الساني هيهات ينظام الذي ابعز أحماك )
وتتنوع الشعرية بين المواليد والمصائبية لتمنح الوضوح الحنيني وروح الاتحاد مع أهل بيت الرحمة وهذا التنوع يعتبر وعيا حيث يتجسد الحضور حلا وارتحالا حضورا في الحضور وحضورا في الغياب وهذا وعي ايماني دخل شعلة الشعر هما يتداخل بين الفرح ـ الحزن فرحا يؤدي الى نتيجة مهمة هي التمسك بمحبة أهل البيت نجد ثمة توآلف غريب بين البساطة المعروضة وبين الرؤيا الفلسفية التي تحتكم الوجود ..
( بيه تحف نخبه اصطفاها امن الازل رب البريه) فالمعروف في الرؤى النقدية ان لكل قصيدة شعر لها عوالمها التي منها تنبع فيض التجربة الحقيقية هذا التنوع بين فرحة المولد وحزن المصاب يحتاج الى تنوع في الاشتغال الشعري أيضا فالملاحظ مثلا خطوات الانتقال النوعي بين مباشرة الخطاب وبين التحاور الداخلي في قصيدة العليلة سعيا لآنسنة الدار المحاورة تلك التي هي مخاض شعوري يعمق الصلة الشعورية بين التلقي والرؤى التاريخية
كوسيلة تعبيرية
( خان الدهر بيهم حيف يا حيف الجانو مربع الوفاد والضيف
ما ضنن بعد يلتم شملنه الجانت بيهم اربوعي زهيه )
فمن الطبيعي ان اصبحت حية في وجدان الشاعر وسعى لنقل هذه الحياة الى العالم والشاعر بطبيعته لايتحاور مع الاشياء الميتة فهو أنسن الدار لتصير أمتدادا له لشعوريته وحنينه وأنسانيته ثمة فصل بين العين الداخلية وبين العين الخارجية التي يرى الشاعر المصيبة فيرويها وكانه ينقل أحداثا عاشها
( زينب لاخوها هلهلت من شافته
لمن حده وعله العده
صال ونحرها ابهمته
والشاعر فؤاد العبادي تنوع في التجسيد في الالتحام بالشخصية حد الغوص في معناها تصبح أم القاسم نبضا فيه يتمحور النبع العاطفي الانساني
( عكبك أظل أمحيره أو محد ألي ترضه اروح مسيره او ما من ولي ) ولابد لقر اءة انطباعية ان تبحث عن خاصية الاستقرار فالخارج النصي ليس حقل تجارب لكي نعكسها على الواقع دون دراية فالشاعر العبادي واغلب شعراء جيله تعاملوا مع التاريخ ككيان واقعي مستقل بذاته فهو يجيد قراءة التاريخ ولذلك تجد زينب عليها السلام الام والاخت والحبيبة والعمة والصوت الصارخ ليمثا صوتها الصبور صوت المرأة بعيداً عن المحددات الزمانية والمكانية وهذا يعني شمولية التجسيد ومعنى الاستقرار يكمن في عملية دخول التاريخ والتماثل معه كوجود لايستخدم للهروب من الواقع بل يحضر التاريخ يافعا حيا ينبض بالحياة
تعليق