إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

معنى حب الله لعبده

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • معنى حب الله لعبده

    (معنى حب الله لعبده)


    اعلم ان شواهد الكتاب و السنة ناطقة بان الله-سبحانه-يحب العبد، كقوله-تعالى-: «يحبهم و يحبونه‏» (1) . و قوله-تعالى-: «ان الله يحب الذين يقاتلون في سبيله‏» (2) . و قوله-تعالى-: «ان الله يحب التوابين و يحب المتطهرين‏» (3) .
    و قوله-تعالى-: «قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله و يغفر لكم ذنوبكم‏» (4) .
    و قال رسول الله (ص) : «ان الله يعطى الدنيا من يحب و من لا يحب، و لا يعطى الايمان الا من يحب‏» . و قال (ص) : «اذا احب الله عبدا لم يضره ذنب‏» . و قال (ص) : «اذا احب الله عبدا ابتلاه، فان صبر اجتباه، و ان رضى اصطفاه‏» . و قال (ص) : «من اكثر ذكر الله احبه الله‏» . و قال (ص)
    حاكيا عن الله: «لا يزال العبد يتقرب الى بالنوافل حتى احبه، فاذا احببته كنت‏سمعه الذى يسمع به، و بصره الذى يبصر به، و لسانه الذى ينطق به‏» . و قال (ص) : «اذا احب الله عبدا، جعل له واعظا من نفسه، و زاجرا من قلبه، يامره و ينهاه‏» . . . و امثال ذلك اكثر من ان تحصى.
    ثم حقيقة الحب-و هو الميل الى موافق ملائم-غير متصور في حق الله -تعالى-، بل هذا انما يتصور في حق نفوس ناقصة، و الله-سبحانه- صاحب كل جمال و كمال و بهاء و جلال، و كل ذلك حاضر له بالفعل ازلا و ابدا، اذ لا يتصور تجدده و زواله، فلا يكون له الى غيره نظر من حيث انه غير، بل ابتهاجه بذاته و صفاته و افعاله. و ليس في الوجود الا ذاته و صفاته و افعاله، و لذلك قال بعض العرفاء-لما قرئ قوله-تعالى-: «يحبهم و يحبونه‏» -: «نحن نحبهم، فانه ليس يحب الا نفسه‏» ، على معنى انه الكل و انه في الوجود ليس غيره. فمن لا يحب الا ذاته، و صفات ذاته، و افعال ذاته و تصانيف ذاته، فلا يجاوز حبه و ذاته و تواضع ذاته من حيث هى متعلقة بذاته، فهو اذا لا يحب الا ذاته. و ليس المراد من محبة الله لعبده هو الابتهاج العام الذى له-تعالى-بافعاله له، اذ المستفاد من الآيات و الاخبار: ان له-تعالى- خصوصية محبة لبعض عباده ليست لسائر العباد و المخلوقات، فمعنى هذه المحبة يرجع الى كشف الحجاب عن قلبه حتى يراه بقلبه، و الى تمكينه اياه من القرب اليه، و الى ارادته ذلك به في الازل، و الى تطهير باطنه عن حلول الغير به، و تخليته عن عوائق تحول بينه و بين مولاه، حتى لا يسمع الا بالحق و من الحق، و لا يبصر الا به، و لا ينطق الا به-كما في الحديث القدسى- فيكون تقربه بالنوافل سببا لصفاء باطنه، و ارتفاع الحجاب عن قلبه، و حصوله في درجة القرب من ربه، و كل ذلك من فضل الله-تعالى-و لطفه به.
    ثم قرب العبد من الله لا يوجب تغيرا و تجددا في صفات الله-تعالى-، اذ التغير عليه-سبحانه-محال، لانه لا يزال في نعوت الكمال و الجلال و الجمال على ما كان عليه في ازل الآزال، بل يوجب مجرد تغير العبد بترقيه في مدارج الكمال، و التخلق بمكارم الاخلاق التى هى الاخلاق الالهية، فكلما صار اكمل صفة و اتم علما و احاطة بحقائق الامور، و اثبت قوة في قهر الشياطين و قمع الشهوات، و اظهر نزاهة عن الرذائل، و اقوى تصرفا في ملكوت الاشياء، صار اقرب الى الله. و درجات القرب غير متناهية، لعدم تناهى درجات الكمال، فمثل تقرب العبد الى الله ليس كتقرب احد المتقاربين الى الآخر اذا تحركا معا، بل كتقرب احدهما مع تحركه الى الآخر الذى كان ساكنا، او كتقرب التلميذ في درجات الكمال الى استاذه، فان التلميذ متحرك مترق من حضيض الجهل الى بقاع العلم، و يطلب القرب من استاذه في درجات العلم و الكمال، و الاستاذ ثابت واقف، و ان كان التلميذ يمكن ان يصل الى مرتبة المساواة الاستاذه لتناهى كمالاته، و اما العبد، كائنا من كان، لا يمكن ان يصل الى كمال يمكن ان يكون له نسبة الى كمالاته -سبحانه-، لعدم تناهي كمالاته شدة و قوة و عدة، و علامة كون العبد محبوبا عند الله. ان يكون هو محبا له-تعالى-، مؤثرا اياه على غيره من المحاب، و ان يرى من بواطن اموره و ظواهره انه-تعالى-يهى‏ء له اسباب السعادة فيها، و يرشده الى ما فيه خيره، و يصده عن المعاصى باسباب يعلم حصولها منه-سبحانه-، انه-تعالى-يتولى امره، ظاهره و باطنه، و سره و جهره، فيكون هو المشير عليه، و المدبر لامره، و المزين لاخلاقه، و المستعمل لجوارحه، و المسدد لظاهره و باطنه، و الجاعل لهمومه هما واحدا، و المبغض للدنيا في قلبه، و الموحش له من غيره، و المونس له بلذة المناجاة في خلواته و المكاشف له عن الحجب بينه و بين معرفته.
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X