إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

حوار مع الباحث الإسلامي الشيخ حيدر اللواتي موقع باب الحوائج الشهيد عبد الله الرضيع ع

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • حوار مع الباحث الإسلامي الشيخ حيدر اللواتي موقع باب الحوائج الشهيد عبد الله الرضيع ع

    بسم الله الرحمن الرحيم

    سماحة حجة الاسلام والمسلمين الشيخ حيدر اللواتي دام عزه
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    تحية طيبة وبعد

    * كيف أصبح عبد الله الرضيع (ع) باب من أبواب الحوائج الى الله سبحانه وتعالى ؟


    يقولون أن عظمة المصيبة من عظمة المصاب ، و المصاب جامع لعدة حيثيات محيطة بالواقعة منها شخص المصاب و منها المفجوعون بالمصاب و منها الاحداث المحيصة بالمصيبة و منها الميقات الذي وقعت فيه المصيبة و منها أسباب الحدث و منها دناءة العدو و منها براءة المصاب و الله يجتبي من يشاء و يصطفي من يريد.


    و مما لا يخفى على أحد قدر الضجة التي حدثت عند قتل الوحوش الإسرائيلية للطفل البريء محمد الدرة و هو برفقة والده و كيف أن هذا الطفل أصبح لدى كل حر في العالم علما و رمزا للبراءة المذبوحة و أصبح عنوانا يتوافد اليه القريب و البعيد ليعرضوا مظالمهم و معاناتهم.


    أما لو درسنا جميع جوانب مصاب عبدالله الرضيع بكربلاء من خلال الوجوه التي استعرضنا بعضا منها في بداية الجواب ، لحارت العقول و تاهت الأفهام لهول هذه الجريمة الكبرى التي لم يشهد التاريخ و لا الإنسانية لها مثيلا على الإطلاق فابن من كان هذا الصفل الرضيع من كان أبوه و جده و آباءه و أجداده و من المفجوع بهذه المصيبة ، ألم يكن حين عرضه أبوه في قماطه يتلظى من العطش و لماذا صوبت السهام الى نحره و... و.... و.... إنني لا أتمال أن أمسك عيني من الدموع كلما أتذكر هذا المصاب و لا أريد أن أقلب هذا الجواب الا مجلس عزاء و لكنني أريد أن أقول بأننا لو أردنا أن نستطرد في الحديث عن جوانب هذا المصاب لرجحت كفته عن جميع مصائب العالم مجتمعة.


    لذا أقول بإن السيد المبارك الهاشمي ، و المعصوم العظيم المحمدي ، و الوردة اليانعة الزهراوية ، و النور الوضاء العلوي ، و الدمعة الساكبة الحسينية و الآهة المزلزلة الزينبية ، إن سيد ي و مولاي عبدالله الرضيع (ع) قد اختاره الله تبارك و تعالى ليكون عنوانا لكل مظلوم و مغصوب حقه طوال التاريخ و لكل الشعوب و الأجيال.


    و لقد تميزت مصيبة عبدالله الرضيع (ع) بأنها لم تبق عذرا لقاتليه على قتله على الإطلاق ، لم يكن هناك أي مجال للخطأ حيث أن السهم اللعين قصده مباشرة ، مع العلم أن سيد الشهداء الإمام الحسين (ع) عموما لم يبق لأعدائه عذرا أو حجة على قتاله على الإطلاق.


    و من هنا و حيث أننا نعلم أن الله تبارك و تعالى قد اختار من عباده خلقا ليكونوا أبواب الحوائج اليه ، كما اختار بقايا و تراث بعض خلقه ابوابا لقضاء الحوائج حيث قال تبارك و تعالى في كتابه العزيز "وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلآئِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ"( البقرة 248)


    فإذا كان بقية مما ترك آل موسى و هارون بابا لقضاء حوائج بني إسرائيل فكيف لا يكون رضيع آل محمد (ص) العطشان الظامئ المذبوح ظلما بغير عذر و لا سبب ، كيف لا يكون بابا من أبواب الحوائج الى الله بل ينبغي أن لا يشك مسلم بأنه باب عظيم من أبواب الحوائج إلى الله.


    * ما هو دور الطفل الرضيع (ع) في النهضة الحسينية ؟


    لا تستصغروا أحدا من أمة محمد (ص) فلعل صغيركم عند الله كبير ، هذا الكلام و إن لم تثبت روايته فإنه بذاته يدل على صدقه و كم من طفل أصبح عملاقا لا تتطاول إليه الأعناق. إن رضيع مولانا الإمام الحسين (ع) كان السهم القاضي بمظلمته على إدعاءات مسيرة الشر و الشيطان التي أخذت تسير في أمة رسول الله (ص) متقنعة بقناعات تخفي أبلستها و غدرها وراءها من قبيل قميص عثمان و الأحاديث التي اختلقها معاوية و بنوأمية لتحريف مسيرة الدين الحنيف.


    لقد كان سيدي و مولاي عبد الله الرضيع (ع) لبنة في بناء مولانا الإمام الحسين (ع) الذي أنشأه و شيده الله تبارك و تعالى لنصرة دينه الخاتم و بقاءً و استمراراً لرسالته الخالدة ، حتى يأذن الله تبارك و تعالى لخروج وليه بالحق الإمام المنتظر (عج) ليتمم ما بدأه جده الحسين (ع).


    لقد اختار الله تبارك و تعالى عبدالله الرضيع (ع) ليكون شاهدا على ظلم طغمة الشيطان ليحتج بها على أعداء محمد و آل محمد (ص) و لقد ورد في الحديث القدسي (من عادا لي وليا فقد آذنته بالحرب) فما بال أقوام ذبحوا رضيع محمد و آل محمد (ص) من الوريد الى الوريد.


    إن دور عبدالله الرضيع (ع) لهو دور اللبنة التي تم بها البناء الرباني لثورة مولانا الإمام أبي عبدالله الحسين (ع).


    * ماهو دور المرأة الحسينية في تربية الطفل الحسيني ؟


    أما المرأة الحسينية فحسبها آلام و آمال و صبر و فداء العقيلة الطاهرة العالمة غير معلمة و الفاهمة غير مفهمة سيدتنا و مولاتنا زينب (ع) حسبها ذلك لتتأسّى به و تتعلم منه. و لقد رأينا بعض أخواتنا من شيعة أهل البيت (ع) اللائي ملأ وجدانهن نفحات من روح سيدتنا زينب (ع) و بدا منهن مواقف لا تنتسى و هي عند الله تبارك و تعالى إنشاء الله. و من ذلك ما رأيناه من أخواتنا في جنوب لبنان.


    إن المرأة الحسينية أولا ينبغي أي تغذي وجدانها بحب الحسين (ع) و آل الحسين (ع) و لا سيما عبدالله الرضيع ، فإن إمتلاء الوجدان بهذه المحبة لهو خير رفيق و معين على السير على خطاهم. ثم إن هذا الولاء و هذه المشاعر ينبغي عليها أن تزرعها و تغرسها في أطفالها لتتشرب كل خلاياهم بها فتكون بذلك ليس فقط ساهمت في بناء جيل حسيني فاعل ، بل بضمان المستقبل الطاهر لأبنائها في الدنيا ، و السعادة الأبدية في الآخرة.


    * خلال عشرة الأولى من ليالي محرم الحرام عنونت كل ليلة بإسم أحد شهداء الطف، وعنونت ليلة العاشر بإسم الطفل الرضيع حيث يتطرق الخطباء بذكره؟ برأيكم ما السر في ذلك وما ضرورته؟


    لقد دأب الخطباء على تخصيص ليلة العاشر من محرم الحرام لذكر مصيبة عبدالله الرضيع (ع) و جرت هذه العادة منذ زمن بعيد ، قد نكون لا ندري حقيقة من الذي بدأ ذلك و لكن لعل وراء ذلك لطفا من ألطاف سيدي و مولاي الإمام المهدي (عج) ، و قد دأب أئمتنا عليهم السلام بالتأكيد على شيعتهم بإحياء ذكر مصائب أهل البيت لما في ذلك من إحياء لمعالم الدين و حفاظ عليه و ربط لقلوب المحبين بأهل البيت (ع) و قد أشير في كثير من الروايات بضرورة عدم السعي في حوائج الدنيا يوم العاشر من محرم الحرام ، و يا ترى بعد معايشة هول مصيبة عبدالله الرضيع هل تتمكن النفس من السعي في أمور الدنيا.


    إن اختيار ليلة العاشر من محرم لذكر مصيبة عبدالله الرضيع اختيار يشير الى هول هذه المصيبة و عظمة عبدالله الرضيع (ع) كي يلتفت المحب الى مقامه و مكانته عند الله و لا يظن الظان أنه أقل شأنا أو منزلة من باقي شهداء آل محمد (ص) في كربلاء.


    * لكل من استشهد بين أصحاب الحسين و اهل بيته خصوصية و ميزة خاصة، فيوجد منهم صحابي و يوجد شاب و يوجد شيخ كبير و توجد إمرأة و يوجد نصراني أسلم و يوجد عبد أسود و .. إلخ، ولكن الأغرب من كل ذلك يوجد طفل رضيع، فما فسلفة حضور هذه الشرائح و بالذات الطفل الرضيع؟


    جرت سنة الله في أمة نبينا و سيدنا محمد صلّى الله عليه و آله و سلم أن يربط أمته به (ص) كي يكون لهم به أسوة حينة ، و من ثم فقد أظهر نبيه (ص) بصورة البشر العادي و أمره أن يقول "إنما أنا بشر مثلكم ..." و عندما أمره الله تبارك و تعالى بالمباهلة فإنه (ص) و نزلت الآية الكريمة عليه تقول "فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ" ، عندما نزلت هده الآية المباركة فكأني بالمسلمين و قد تخيلوا بأنهم جميعا مدعوون للخروج لمباهلة وفد نجران ، و لكن أمرهم رسول الله (ص) أن يمكثوا ثم حمل الحسين (ع) على صدره و أمسك بيد الحسن (ع) و أمرهم مولاتنا فاطمة (ع) أن تمشي وراءه و الإمام أمير المؤمنين (ع) أن يمشي وراءها كما جاء في بعض الروايات التفصيلية.


    فكان هو (ص) الداعي و أخوه علي (ع) نفسه يمثل جميع رجال الأمة إذ لم يكن في علم الله تبارك و تعالى في أمة نبيه محمد (ص) رجلا في منزلة على (ع) و السيدة الزهراء (ع) تمثل جميع نساء الأمة إذ لم يكن في علم الله تبارك و تعالى امرأة في هذه الأمة بمنزلتها كما كان الحسنان (ع) و هما يمثلان حينئذٍ جميع أبناء الأمة و ليس في علم من يبلغ شأنهما.


    فكان هؤلاء خلاصة الأمة و سنامها ، و لو تمعنّا في مقولة الإمام الحسين (ع) ليلة العاشر من محرم إذ يقول "إنّي لا أعلم أصحابا أوفى من أصحابي و لا أهل بيت أبرّ و أوصل من أهل بيتي" و تأملنا في هذا الكلام مع ملاحظة أن القائل فرد ممن نزلت فيهم الآية المباركة ".... وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ" يس 12 لوجدنا أن القائل (ع) يتحدث عن علمه و ليس وجدانه و كما لا يخفى أن العلم أوسع و أعم من الوجدان.


    بهذا التأمل و التدقيق في فهم هذا النص المبارك نعلم بوضوح أن الله تبارك و تعالى لعظمة هذا الحدث فقد جمع له أوفلى أوفياء الأمة ليكونوا شاهدا و ممثلا للأمة على امتدادها في الشعوب و التاريخ و بجميع أطيافها و طبقاتها.


    و من هنا نعرف مدى سعة رحمة الله و رسوله (ص) في رواية جابر الأنصاري (رض) قال: سمعت حبيبي رسول الله (ص) يقول من أحب قوما حشر معهم و من أحب عمل قوم أشرك في عملهم" فقد فتح الله تبارك و تعالى بابا واسعا لدخول حضرة قدسه و رحمته لكل من أحب الحسين (ع) و عمل أصحابه فلا نستثقل ما جعل الله من كرامة و عزة و غفران لمن دمعت عينه لهم.


    و لقد كان رضيع الحسين (ع) يمثل بوجوده جميع رضّع الأمة و هو هو ، فمن لم يفتق قلبه سماع مصيبته و لم تدمع له فلا خير في قلبه و إنما يقبل الله من جاء بقلب سليم.


    و هكذا يتضح لنا من دقة و رقة دور مولانا عبدالله الرضيع (ع) و وجوده ضمن شهداء الطف بل على رأسهم.


    * الإمام زين العابدين عليه السلام من بين قتلة كل الشهداء سأل فقط عن حرملة قاتل الطفل الرضيع، ما سبب ذلك؟


    أولا أود أن أؤكد بأن الإمام زين العابدين (ع) قد رزء بما لم يرزأ به أحد من قبل و لا من بعد ، فيا ترى لو قارنا بين مصاب يعقوب (ع) بمصيبته (ع) فهل هناك وجه مقارنة ، و من بعد ذلك فقد عاش الإمام (ع) طويلا يبكي و يبل طعامه و شرابه بالدموع مع العلم بأنه كلما كان قلب الإنسان أرق كان حزنه و ألمه أشد ، فمن مثل زين العابدين (ع) الذي أجمعت الأمة كلها بأنه زين العابدين.


    و سؤال الإمام (ع) عن حرملة (قاتل الرضيع) خاصة ، يبين لنا كم كان هذا المصاب جليلا و مزلزلا لعرش الله تبارك و تعالى ، فما أظن أنه يمكن أن يكون في علم الله أقسى من هذا الأثيم أذاقه الله الحميم في كل آن ، عليه لعائن الله أبد الآبدين.


    إن الإمام كان على الدوام يذكر بتفاصيل هذه الواقعة الأليمة ليحيي ذكرها و ذكراها في قلوب الأمة و ذلك ليحافظ على جذوتها و يبث في قلوب الناس المعاني و المثل و القيم التي حملتها ثورة الإمام الحسين (ع).


    و لا يخفى أن مصاب عبدالله الرضيع (ع) أمر لا يستطيع أن يختلف عليه اثنان مهما كان المعادي أثيما و معاندا و مهما كان حقده و بغضه لرسول الله (ص) و لأهل بيته الطاهرين. و من هنا تذكير الإمام زين العابدين (ع) بمقتل عبدالله الرضيع (ع) كان يلقم الحجر للذين يريدون تثبيت المشروع الشيطاني و يفضح أكاذيبهم.


    * حينما ذبح الطفل الرضيع رفعه الإمام الحسين إلى السماء و كما ورد في المقاتل: "ثم أخذ بكفه من دمه الطاهر ورمى به نحو السماء فلم يسقط منه قطرة" ما معنى ذلك ولماذا فعل الإمام ذلك؟


    لقد اشتملت أحداث كربلاء على جوانب غيبية لها آثار تكوينية خافية عن عقولنا الصغيرة التي لا تكاد تدرك إلا القليل القليل "... وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً" اسراء 85 إن الحسين (ع) حينما فعل ذلك قال: "الهي لا يكن أهون عليك من دم فصيل ناقة صالح" و بالنظر الى ما تلا من أحداث بعد هذه الواقعة و حتى اليوم فإنه يبدو أن أهل الباطل لا بد لهم أن يدفعوا الثمن غاليا ليس في الآخرة فحسب و إنما في الدنيا كذلك و الله يمهل و لا يهمل. و يبدو أن الله تبارك و تعالى قد أمهل أهل الباطل بعد قتلهم الأنبياء حتى لقد وصلوا الى قمة طلمهم في قتل رضيع الحسين (ع) و الله بالغ أمره.


    و كما لا يخفى إن نداء إمامنا المهدي (ع) سوف يكون يت لثارات الحسين (ع) و هو الطالب بذحول الأنبياء و أبناء الأنبياء و الذحول هي الثارات.


    إن هذا الدم الزكي الطاهر الذي سكن الجنان ، و أغضب الرحمن لسوف يكون وبالا على أهل الباطل بحيث يبيدهم و يفنيهم حتى يتمكن العدل الإلهي من حكومة الأرض و إن الله بالغ أمره.


    * هل تعتقد أن الأمة الاسلامية أستفادت حقا من مبادىء الثورة الحسينية ومن الدماء الطاهرة والسخية التي بذلها ريحانة رسول الله الإمام الحسين (عليه السلام) وأهل بيته وأصحابه؟


    إنه من الإجحاف حقا بحق الثورة الحسينية أن نقول أن الأمة الإسلامية استفادت منها ، و إنما الأمة الإسلامية لولا هذه الثورة المباركة لم يكن لها وجود و لكان القرآن الكريم قد تم تحريفه و لكان قد انتهى من الدين الا اسمه. أليس هذا ما حدث للأمم السابقة. لقد قال تبارك و تعالى "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ" نعم إن الله تبارك و تعالى ضمن حفظه للذكر و لكن جرت سنة الله تبارك و تعالى أن يجرى الأمور بأسبابها و لقد كانت ثورة الإمام الحسين (ع) هي عمود خيمة الحفاظ على الذكر المبين.


    هذا مع أننا ينبغي أن لا ننسى ما زرعته هذه الثورة المباركة من روح الإمام و الشمم و العزة و الكرامة في جسد الأمة الإسلامية و لقد ظلت هذه الثورة على مر الأجيال الوقود الذي يغذي مسيرة الأمة نحو الكمال ، و إن كان في الأمة فدائيين فإنما هم من نتاج روح الحسين (ع) و أصحاب الحسين (ع). لقد ظل رسول الله يربي في أصحابه روح الشهادة و هم يأنفون و وجدنا ما حدث لهم في خيبر في رجعوا من القتال يجبن بعضهم بعضا و يوم حنين إذ هربوا من حول رسول الله (ص) و تركوه مع ثلة قليلة من حوله ، و لكن هذه الروح الإستشهادية الحية التي بذرها الرسول (ص) أينعت و أثمرت و برزت جلية في كربلاء يوم كان أصحاب الحسين (ع) يقولون : و الله لو قتلنا و حرقنا ثم أحيينا و قتلنا و يفعل بنا ذلك سبعين مرة ما تركناك فكيف و هي قتلة واحدة و بعدها الجنة. هذه الروح التي خلفها الإمام الحسين (ع) في البشرية لمنار للإحرار و الثائرين على مر الأجيال و لجميع الأمم. و كل أحرار العالم و فدائيوه متسولون على أبواب موائد الثمار التي أنتجتها هذه الشجرة اليانعة المباركة بيد أبي الأحرار جعلنا الله ترابه كحلا لأعين السائرين على نهجه.


    هذا من جهة و جهة أخرى فهي قد فتحت بابا كبيرا لأولئك الذين تتوق أنفسهم الى الفداء و الشهادة و تهون عليهم الدنيا أن ينالوا من أجر الله تبارك و تعالى و معية هؤلاء الطاهرين في الآخرة و ذلك بتربية أنفسهم على هذا النمط الفدائي الكبير ، و إن عافاهم الله من الإبتلاء بمثل هذه البليات فإنه لم يحرمهم من الأجر و المثوبة في الحياة الباقية الأخروية بمشاركتهم بالحزن القلبي و المواساة بإحياء ذكراهم و مبادئهم و رسالتهم التضحوية الفدائية في سبيل الله و الحق و ذلك بتزكية أنفسهم و صناعتها على مثال النفوس التي بذلت بين يدي الإمام أبي عبد الله في كربلاء و قد أوجدت لهم المقاييس و المعايير التي ينبغي أن ترتسم بها النفوس الحرة الأبية.


    أما المثل العليا التي مثلتها ثورة الإمام الحسين (ع) فلقد يقف أمامها الأعلام حيارى هائمين لم يزالوا يستلهمون نفحاتها ، فمن مقابلة الإساءة بالإحسان بمثل أن يسقي الإمام من أتوا ليقاتلوه و يمنعوه الماء ، أو قوله كرهت أن أبدأهم بقتال ، أو امتناع مسلم بن عقيل من قتل عبيد الله بن زياد بعد تمكنه منه في بيت هانئ بن عروة على اعتبار ان الإيمان (الإسلام) قيد الفتك فلا يقتل المؤمن غيلة ، أو أن يقدم الإمام ابنه شبيه رسول الله (ص) خلقا و خلقا ليقتل أمام ناظريه أو ... أو... صور تمثل أعلى درجات السلام مع أعلى درجات الوفاء مع أعلى درجات الفدائية .... لا أدري كيف للعبارة أن تترجم ما يفيض من المعاني و إنما و الله لو أردنا مقدار ما استفادت الأمة من حركمة الإمام الحسين لوقفنا حيارى كمن وقف أمام كثبان الرمال في صحراء ممتدة النظر ليعد حبات التراب.


    * الا تعتقدون أن ذبح عبد الله الرضيع ذو الستة أشهر فقط بنبلة مسمومة ذات ثلاث شعب من يد حرملة بن كاهل الأسدي الكوفي يفند ويفضح المزاعم التي كان يختبىء وراءها أعداء الله وأعداء الإنسانية .. حيث كانوا يبررون قتلهم للإمام الحسين (عليه السلام) بأنه خارجي وخرج على أمر الخليفة يزيد بن معاوية ؟ فإذا كان للكبار ذنب فما هو ذنب الصغار والأطفال الرضع؟.


    نعم هذا الذي أردنا بيانه في سؤال سابق ، إن حادثة الطفل الرضيع قد كانت السهم الأخير الذي ثبت في نعش إدعاءات طغمة الشيطان هذه. و نعم هم قد يكونوا ربحوا المعركة حسب مقاييسهم الموقتة و لكن الحرب ربحها الحق ليس فقط بمقاييس الحق و إنما كذلك بمقاييسهم هم ، أليس كانوا يقاتلون الإمام بدعوى أنه خارجي خرج على الأمير يزيد (لعنه الله) و لكن مذبحة سيدنا و مولانا عبدالله الرضيع (ع) ظلت تطارد ادعاءاتهم و تلبسهم حتى زال عنهم القناع تماما و قامت الثورات تلو الثورات لتهدم عرش بني أمية الفاسد.


    و لقد كان معاوية يعبر كثيرا عن استيائه من علو نداء أشهد أن محمدا رسول الله (ص) على مآذن المسلمين و لعمري لولا ثورة الإمام الحسين (ع) و إتمام الحجة بقتلهم عبدالله الرضيع (ع) بهذه الطريقة الفضيعة التي لم تبق لهم باقية لما توانى يزيد من أن يغير في الأذان و يحرف القرآن و يمحو معالم الدين.


    * في أحد أعمالي الفنية رسمت فيها للإمام الحسين (عليه السلام) وهو يحمل رأسه بيده ويقول:
    خذوا من رأسي ما شئتم دما ومساجدا

    ولا تنسوا تقوى الله ووصايا أحمدا

    ترى كيف تقرأ هذه العبارة ؟


    الله أكبر ... الله أكبر ... نعم هذا هو مولانا الحسين (ع) و هو يقول إن كان دين محمد لم يستقم إلا بقتلي يا سيوف خذيني ، و لقد اعترض علينا بعض الأخوة على قولنا "لم يستقم" إذ يعتقد بأنه ينبغي أن يقال "لا يستقيم". و لكن ليعلم إنه إذا قيل :"لا يستقيم" فإنه ليس له دلالة على ثبوت الإستقامة في الواقع بعد الحدث ، فالإستثناء من الماضي لا يقتضي الجزم بثبوته في المستقبل حتى يثبت ذلك بالفعل. و لكن باستخدام صيغة الماضي قبل الإستثناء يفيد الجزم بوقوعه.


    يقول الله تبارك و تعالى عن نبيه الكريم "و ما محمد إلا رسول" فهل يعني ذلك أنه ليس بنبي و لا زوج و لا أب أو شيئا من ذلك ، بالطبع لا أحد يقول بذلك ، و لكن هذه المقولة دلالتها في التأكيد على أنه (ص) يمثل الرسالة فأفعاله و أقواله و حركاته و سكناته كلها مظهر للرسالة التي يحملها.


    كذلك نقول بأن الحسين (ع) هو المبادئ ، هو القيم ، هو الدين ـ هو الاستقامة على طريقة جده رسول الله (ص) ، و لا ننسى قوله عليه السلام "إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدّي أريد أن آمر بالمعروف و أنهى عن المنكر و أسير بسيرة جدّي و أبي" فنعم ما وفقكم الله اليه.


    * هل تعتقدون أن خروج الإمام الحسين (ع) على الأعداء وهو يحمل طفله الرضيع (ع) طالبا له الماء مع علمه بقساوة قلوب الأعداء .. كان فيه رسالة مهمة للعالم ؟


    لقد خرج بأبي هو و أمي حاملا ابنه عبد الله الرضيع (عليهما السلام) يوم كربلاء ملفوفا بقماطه و كما تقول بعض الروايات يغطيه بعباءته ليقيه من حرارة الشمس ، ثم لما اقترب من الأعداء أخرجه و رفعه ليراه كلهم. لقد مر على هذه الوقفة قرابة أربعة عشر قرن من الزمان. و لكنه حينها كان يخاطب الزمان كله و الإنسانية كلها و كأن لسان حاله يقول أيها الناس إن سبيل الشيطن سيصل بكم الى مثل هذا الحال حتى يهون عندكم مثل هذا الدم البريء الطاهر العظيم ، "ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا السُّوأَى أَن كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِؤُون"الروم 10.


    لا يخفى عليكم فإن الله تبارك و تعالى بين في هذه الآية المباركة أن التكذيب بآيات الله كان بمثابة جزاء ، ذلك لعظم هذه الخطيئة و فداحة عاقبتها.


    كأن لسان حاله عليه السلام يقول: أيها الناس هذا الذي أرفعه بين يدي كريم آل محمد (ص) خير البرية أقدمه فداءا لله و تعظيما لدينه و قيمه و مبادئه ، أيها الناس هذا الذي بين يدي لا ذنب له إلا تخاذلكم عن نصرة الحق أو لا تنصروه.


    * كيف تقيمون فكرة تخصيص يوم للطفل الرضيع (ع) .. بعنوان اليوم العالمي لإحياء ذكرى مظلومية الطفل الرضيع .. والذي حدده"المجمع العالمي لإحياء ذكرى مظلومية الطفل الرضيع عليه السلام" في صباح أول جمعة من عاشوراء (صباح أول جمعة من شهر محرم الحرام من كل عام)؟


    أقول إن الأمة التي لا تنظر إلى جذورها أمة لا تستحق أن يعلو شأنها ، إن هذه المظلمة التي وقعت على أهل بيت سيد الخلائق حضرة بني الله الأعظم محمد (ص) ليست بأقل جرما من جريمة الذي عقر ناقة صالح ، و لقد روي أن الإمام الحسين (ع) قال حينها "إلهى لا يكن أهون عليك من دم فصيل ناقة صالح"


    نعم البداية هذه و أسأل الله تبارك أن تكون هذه خطوة تجاه إيصال هذه المظلمة بوجهيها سواءا الفدائي الوضاء الذي لم تعرف له البشرية مثيلا ، و الوجه الثاني الأليم الذي كذلك لم تعرف البشرية له فظيعاً.


    و لعمري إني لأعتقد جازما بأنه بركة إحياء هذه الذكرى ، ستشق فلول الحاسدين و الباغين و ستكون سببا لانتباه الكثير إلى فضل أهل البيت و تهدي قلوب الناس إليهم.


    أسأل الله لكم التوفيق و التأييد في مسعاكم الخير النير ، و إني لخادم معكم في هذه القضية الربانية الكبرى.


    و أضيف لكم بأن أول مجلس عزاء عام وفقني الله لإحيائه في القاهرة ، كان عدد الحضور فيه كبير و لأن الحاضرين لم يكونوا قد حضروا قبلها مجلس عزاء كما أن أغلبهم كانوا على غير مذهب التشيع اخترت أن أتحدث عن مصيبة مولانا و سيدنا على الأصغر (ع) و لقد أذهلني وقعه على مسامع الحاضرين فقد ظل الناس يبكون و يصخرون في المجلس بشكل لا أشهد له مثيلا و لمدة جاوزت الساعتين بعد انتهائه.


    و إني لأرى أن ما تقومون به لخير صنيع لجذب انتباه الغير الى ما نقوم به ناهيك عن أثره في قلوب المعتدين ، فجزاكم الله خير الجزاء.
    ---------------------------------------------------------------------------------------------------

    موقع باب الحوائج الشهيد عبد الله الرضيع عليه السلام

    التعديل الأخير تم بواسطة الراصد; الساعة 03-12-2010, 11:54 PM.
    موقع باب الحوائج الشهيد عبد الله الرضيع عليه السلام
    http://www.al-asghar.com/arabic/
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X