الكاتب: صباح محسن كاظم
وصف إبن حديد المعتزلي: بلاغة الامام علي-عليه السلام- كلامه دون كلام الله فوق كلام البشر) لما يمتاز به من علوم البلاغة من بيان.. وعلم للمعاني.. والبديع ،وقد فصل الشراح للنهج من العلماء والباحثين هذه الفنون الجميلة التي تتحلى بها خطب، ورسائل ،وقصائد، وعهود الامام علي بن إبي طالب ،فكلامه الخلاب يثير الالباب لما فيه من محاسن لغوية جمالية يترك إنطباعاً لدى قاريء أي نص بأن الاسلوبية التي يتمتع بها لاتضاهيها أي قدرة بلاغية في التعبير.. فالحكمة المتعالية في كلام الامام علي -عليه السلام- تتضمن البعد النفسي والاجتماعي والاخلاقي والروحي ،فالقدرة المتناهية بتوليد الالفاظ والمعاني المحبكة بالتعبير جعل الاساليب البلاغية في نهج البلاغة لا تدانى وتأخذ بالعروج بك في التفكير بالملكوت الالهي،ووجود الانسان،وثنائية الخير والشر،والدعاء،وصف الظلم،والنفاق ،وصف الحق، وصف النبي وعلاقته معه باب الدعاء كدعاء كميل مثلاً... إلخ من الولوج في تفاصيل الوجود الانساني،،..
وفي قراءة الاديب (علي حسين الخباز) في سلسلة قراءات إنطباعية في نهج البلاغة - الصادرة عن العتبة العباسية المقدسة -قسم الشؤون الفكرية والثقافية-شعبة الاعلام-3 أجزاء- الجزء الاول ب65صفحة ..تعد من الدراسات القيمة والمهمة في الكشف عن الدلالات البلاغية في كلام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب -عليه السلام- فقد تناول الاديب علي الخباز موضوعات مختلفة كبلاغية المفردة والنهج الرصين في بلاغة أمير المؤمنين عليه السلام وفن السجع والتشبيه والاختزال والتوثيقية وعلم الدلالة والترادف والاسلوبية واستخدامات (كان) والصورة الفنية والمكانية والاستفهامية والالوان وأخيراً التناص في نهج البلاغة.. ففي ص3 بلاغية المفردة والنهج الرصين يقول الخباز(عندما تكون المفردة البلاغية منسجمة داخل الخطاب الفكري، وخاصة حين تنضوي تحت راية المجاز،التي بدورها تمثل التجسيد الواعي للإمكانية البلاغية، وجوهر المحتوى الفكري قد يأخذنا الانبهار لتوالي مثل هذه المفردات....) يضرب مثلا ((..فلتكن الدنيا في أعينكم أصغر من حثالة القرظ وقراضة الجلم..)) وفي ص11 يتناول الخباز فن التشبيه في بلاغة أمير المؤمنين -عليه السلام-(التشبيه هو فن من الفنون الكلامية التي تشكل في البيان العربي عنصرا أساسيا من عناصر الإبداع قي عملية التركيب الجملي- فنجد إن المعنى القصدي للمبدع داخل النتاج لا يتم إلا به... يقول الإمام علي(ع ):{فَمَا رَاعَنِي إلا والنَّاسُ كَعُرْفِ الضَّبُعِ إِلَيَّ يَنْثَالُونَ عَلَيَّ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ}. وعرف الضبع: ما كثر على عنقها من الشعر، وهو ثخين يضرب به المثل في الكثرة والازدحام. وينثالون: أي يتتابعون مزدحمين.. فنجد إن بلاغة سيد البلغاء أمير المؤمنين (ع) لا يقصد بها العمل التشبيهي، كغاية منشودة. بل هي وسيلة من الوسائل البلاغية التي يتم عبرها التوصيل، فتبنى على ضرورة الصياغة والتركيب) ويعطي مثلاسيد الأوصياء(ع) فهو يقول: (حَتى لَقَدْ وُطِئَ الحَسَنَانِ وشُقَّ عِطْفَايَ مُجْتَمِعِينَ حَوْلِي كَرَبِيضَةِ الْغَنَمِ) وشق عطفاه تعني: خدش جانباه من الاصطكاك ـ وكان هذا من الازدحام لأجل البيعة على الخلافة. وربيضة الغنم ـ الطائفة الرابضة من الغنم - يصف ازدحامهم حوله، وجثومهم بين يديه. ولو تأملنا داخل هذا المسعى البلاغي، لوجدنا إن التشبيه يمنح النتاج روعة واستقامة كقوله (ع): (ولالْفَيْتُمْ دُنْيَاكُمْ هَذِهِ أَزْهَدَ عِنْدِي مِنْ عَفْطَةِ عَنْزٍ) .... وفي موضوع الألوان في نهج البلاغة يقول الاديب علي حسين الخباز من خلال قراءة جمالية ،وتفكيكية للنصوص التي تتسم بالبلاغة الفائقة في نهج البلاغة الذي خاض غمار موضوعاته الخباز بسلاسة ورؤية معاصرة تحيلنا الى التأمل في سباكة النهج المحكمة.. في ص57
(عرف الأدب العربي ما للون من حضور دلالي، يمنح المشهد الخطابي تجانسا وتمازجا، ينسجم مع البؤرة النصية للقصد الإبداعي، حيث يقول الإمام علي عليه السلام في نهج البلاغة: (ومَعْرِفَة يَفْرُقُ بِهَا بَيْنَ الحَقِّ والبَاطِلِ والأَذوَاقِ والمَشَامِّ والأَلوَانِ والأَجْنَاسِ مَعجُونا بِطِينَة الأَلوَان الْمُخْتَلِفَةِ). ومعجون: صفة إنسانية. والألوان المختلفة: الضروب والفنون، وتلك الألوان هي التي ذكرها من الحر والبرد، والبلة والجمود. فيمنح المتلقي فرصة اكبر للتأمل، لكون التعامل مع اللغة عبر العديد من الأجيال، غيّرت صبغة الكثير من الألفاظ، فمثلا قوله عليه السلام: (وحِليَةِ مَا سُمِطَتْ بِهِ مِنْ نَاضِرِ أَنْوَارِهَا). أنوار الزهر: أي حلية القلادة. وسمط: علق عليه السموط ،وهي الخيوط التي تنظم فيها القلادة. ويرى الشيخ محمد عبده: إن أصل سمطت، هو شمطت بالشين، إذا خلط ألوانه بلون آخر، والشميط: من النبات، ما كان فيه لون الخضرة، مختلطا بلون الزهر.
أو كقوله عليه السلام: (ولمْ يَنَمْ وَمِيضُهُ فِي كَنَهْوَرِ رَبَابه) والرباب: كسحاب الأبيض المتلاحق منه، فهذه الألوان لها حمولة جمالية واجتماعية، تدخل حقل التعاطف والمشاركة الوجدانية، لتحيزات اللون، بما مطبوع في سليقة الذاكرة، عبر إيحاءات معنونة، قد تختلف عن بعض.. فالدالة اللونية، تحمل معانٍ متعددة، تستجيب لإيقاعات نفسية شعورية، وقوة إستعارية إلى بنية مفتوحة.. والإحساسات البصرية، بطبيعتها تميل إلى الأسلوب الانطباعي، المعتمد على تسجيل الانطباع الداخلي، وانعكاسات الألوان، التي تخضع إلى تغيرات طبيعية، تتناسب والتغيرات الزمانية والمكانية، والمؤثرة على طبيعة التلقي.......) وينهي الجزء الاول من القراءة الانطباعية بموضوع(التناص في نهج البلاغة) ص61 عرف النقد العربي ظاهرة التناص مبكرا تحت عدة مسميات مثل التضمين، والاقتباس، والاحتذاء، والإشارة. وقد أشار حازم القرطاجني الى تداخل النصوص بتصرف وتغيير. ومعنى التناص عند(مفتاح): هو عبارة عن فسيفساء تتكون من دمج عدة نصوص بتصنيفات مختلفة، سعيا الى مناقضة أو تعضيد يسميها (التآلف النصي)، ونفي التطابق عنها. ويرى(جيرار جينيت): إن الشكل الصريح للتناص هو الاستشهاد. ويسميه (محمد بينيس): النص الغائب.
ومعظم النقاد يرونه أمراً لابد منه لأن العمل الأدبي يدخل في شجرة عريقة وممتدة، فالنص لا يأتي من فراغ. ومنهم من يراه ترسبات اللاوعي. وللتناص في نهج البلاغة خصوصية تجاوزت السعي الجمالي الى مهام أخرى. فالسعي الى تعميق المعنى القرآني من خلال التضمين كقوله عليه السلام: (لمْ يُوجِسْ مُوسَى (عليه السلام) خِيفَة عَلَى نَفْسِهِ بَلْ أَشْفَقَ مِنْ غَلَبَةِ الجُهَّالِ ودُوَلِ الضَّلالِ) ومثل هذا التضمين يحمل تلميحا لبعض لمسات من الواقع الفعلي أو اقتباسا لحكاية قرآنية، مثل قوله عليه السلام: (فَقَالَ سُبْحَانَهُ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا الا إِبلِيسَ اعتَرَتهُ الحَمِيَّة وغَلبَتْ عَلَيْهِ الشِّقوَةُ وتَعَزَّزَ بِخِلقَةِ النَّارِ واسْتَوْهَنَ خَلْقَ الصَّلْصَالِ). والشقوة: الشقاء. وهذا يوضح بعض العمق التأويلي.
ان القراءة الجمالية التي اطلعنا عليها في الجزء الاول هي تمهيد لقراءات أخرى في الجزء الثاني والثالث، إن الحكمة المتناهية والراقية والروحية التي وصلتنا في نهج البلاغة تحيلنا إلى قدرة الامام علي -عليه السلام- في كل المجالات الحياتية فهو واضع اسس علم النحو ،حينما أمر ابو الاسود الدؤلي بالكتابة بأن الكلام اسم وفعل وحرف وظاهر ومستتر، وقد بذل الاديب علي الخباز مجهودا جميلا، وهو جهد علمي وأدبي وثقافي في الخوض في غمار النهج العلوي.
الذي إفتتن به السابقون واللاحقون...
يتبع الجزء الثاني والثالث
وصف إبن حديد المعتزلي: بلاغة الامام علي-عليه السلام- كلامه دون كلام الله فوق كلام البشر) لما يمتاز به من علوم البلاغة من بيان.. وعلم للمعاني.. والبديع ،وقد فصل الشراح للنهج من العلماء والباحثين هذه الفنون الجميلة التي تتحلى بها خطب، ورسائل ،وقصائد، وعهود الامام علي بن إبي طالب ،فكلامه الخلاب يثير الالباب لما فيه من محاسن لغوية جمالية يترك إنطباعاً لدى قاريء أي نص بأن الاسلوبية التي يتمتع بها لاتضاهيها أي قدرة بلاغية في التعبير.. فالحكمة المتعالية في كلام الامام علي -عليه السلام- تتضمن البعد النفسي والاجتماعي والاخلاقي والروحي ،فالقدرة المتناهية بتوليد الالفاظ والمعاني المحبكة بالتعبير جعل الاساليب البلاغية في نهج البلاغة لا تدانى وتأخذ بالعروج بك في التفكير بالملكوت الالهي،ووجود الانسان،وثنائية الخير والشر،والدعاء،وصف الظلم،والنفاق ،وصف الحق، وصف النبي وعلاقته معه باب الدعاء كدعاء كميل مثلاً... إلخ من الولوج في تفاصيل الوجود الانساني،،..
وفي قراءة الاديب (علي حسين الخباز) في سلسلة قراءات إنطباعية في نهج البلاغة - الصادرة عن العتبة العباسية المقدسة -قسم الشؤون الفكرية والثقافية-شعبة الاعلام-3 أجزاء- الجزء الاول ب65صفحة ..تعد من الدراسات القيمة والمهمة في الكشف عن الدلالات البلاغية في كلام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب -عليه السلام- فقد تناول الاديب علي الخباز موضوعات مختلفة كبلاغية المفردة والنهج الرصين في بلاغة أمير المؤمنين عليه السلام وفن السجع والتشبيه والاختزال والتوثيقية وعلم الدلالة والترادف والاسلوبية واستخدامات (كان) والصورة الفنية والمكانية والاستفهامية والالوان وأخيراً التناص في نهج البلاغة.. ففي ص3 بلاغية المفردة والنهج الرصين يقول الخباز(عندما تكون المفردة البلاغية منسجمة داخل الخطاب الفكري، وخاصة حين تنضوي تحت راية المجاز،التي بدورها تمثل التجسيد الواعي للإمكانية البلاغية، وجوهر المحتوى الفكري قد يأخذنا الانبهار لتوالي مثل هذه المفردات....) يضرب مثلا ((..فلتكن الدنيا في أعينكم أصغر من حثالة القرظ وقراضة الجلم..)) وفي ص11 يتناول الخباز فن التشبيه في بلاغة أمير المؤمنين -عليه السلام-(التشبيه هو فن من الفنون الكلامية التي تشكل في البيان العربي عنصرا أساسيا من عناصر الإبداع قي عملية التركيب الجملي- فنجد إن المعنى القصدي للمبدع داخل النتاج لا يتم إلا به... يقول الإمام علي(ع ):{فَمَا رَاعَنِي إلا والنَّاسُ كَعُرْفِ الضَّبُعِ إِلَيَّ يَنْثَالُونَ عَلَيَّ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ}. وعرف الضبع: ما كثر على عنقها من الشعر، وهو ثخين يضرب به المثل في الكثرة والازدحام. وينثالون: أي يتتابعون مزدحمين.. فنجد إن بلاغة سيد البلغاء أمير المؤمنين (ع) لا يقصد بها العمل التشبيهي، كغاية منشودة. بل هي وسيلة من الوسائل البلاغية التي يتم عبرها التوصيل، فتبنى على ضرورة الصياغة والتركيب) ويعطي مثلاسيد الأوصياء(ع) فهو يقول: (حَتى لَقَدْ وُطِئَ الحَسَنَانِ وشُقَّ عِطْفَايَ مُجْتَمِعِينَ حَوْلِي كَرَبِيضَةِ الْغَنَمِ) وشق عطفاه تعني: خدش جانباه من الاصطكاك ـ وكان هذا من الازدحام لأجل البيعة على الخلافة. وربيضة الغنم ـ الطائفة الرابضة من الغنم - يصف ازدحامهم حوله، وجثومهم بين يديه. ولو تأملنا داخل هذا المسعى البلاغي، لوجدنا إن التشبيه يمنح النتاج روعة واستقامة كقوله (ع): (ولالْفَيْتُمْ دُنْيَاكُمْ هَذِهِ أَزْهَدَ عِنْدِي مِنْ عَفْطَةِ عَنْزٍ) .... وفي موضوع الألوان في نهج البلاغة يقول الاديب علي حسين الخباز من خلال قراءة جمالية ،وتفكيكية للنصوص التي تتسم بالبلاغة الفائقة في نهج البلاغة الذي خاض غمار موضوعاته الخباز بسلاسة ورؤية معاصرة تحيلنا الى التأمل في سباكة النهج المحكمة.. في ص57
(عرف الأدب العربي ما للون من حضور دلالي، يمنح المشهد الخطابي تجانسا وتمازجا، ينسجم مع البؤرة النصية للقصد الإبداعي، حيث يقول الإمام علي عليه السلام في نهج البلاغة: (ومَعْرِفَة يَفْرُقُ بِهَا بَيْنَ الحَقِّ والبَاطِلِ والأَذوَاقِ والمَشَامِّ والأَلوَانِ والأَجْنَاسِ مَعجُونا بِطِينَة الأَلوَان الْمُخْتَلِفَةِ). ومعجون: صفة إنسانية. والألوان المختلفة: الضروب والفنون، وتلك الألوان هي التي ذكرها من الحر والبرد، والبلة والجمود. فيمنح المتلقي فرصة اكبر للتأمل، لكون التعامل مع اللغة عبر العديد من الأجيال، غيّرت صبغة الكثير من الألفاظ، فمثلا قوله عليه السلام: (وحِليَةِ مَا سُمِطَتْ بِهِ مِنْ نَاضِرِ أَنْوَارِهَا). أنوار الزهر: أي حلية القلادة. وسمط: علق عليه السموط ،وهي الخيوط التي تنظم فيها القلادة. ويرى الشيخ محمد عبده: إن أصل سمطت، هو شمطت بالشين، إذا خلط ألوانه بلون آخر، والشميط: من النبات، ما كان فيه لون الخضرة، مختلطا بلون الزهر.
أو كقوله عليه السلام: (ولمْ يَنَمْ وَمِيضُهُ فِي كَنَهْوَرِ رَبَابه) والرباب: كسحاب الأبيض المتلاحق منه، فهذه الألوان لها حمولة جمالية واجتماعية، تدخل حقل التعاطف والمشاركة الوجدانية، لتحيزات اللون، بما مطبوع في سليقة الذاكرة، عبر إيحاءات معنونة، قد تختلف عن بعض.. فالدالة اللونية، تحمل معانٍ متعددة، تستجيب لإيقاعات نفسية شعورية، وقوة إستعارية إلى بنية مفتوحة.. والإحساسات البصرية، بطبيعتها تميل إلى الأسلوب الانطباعي، المعتمد على تسجيل الانطباع الداخلي، وانعكاسات الألوان، التي تخضع إلى تغيرات طبيعية، تتناسب والتغيرات الزمانية والمكانية، والمؤثرة على طبيعة التلقي.......) وينهي الجزء الاول من القراءة الانطباعية بموضوع(التناص في نهج البلاغة) ص61 عرف النقد العربي ظاهرة التناص مبكرا تحت عدة مسميات مثل التضمين، والاقتباس، والاحتذاء، والإشارة. وقد أشار حازم القرطاجني الى تداخل النصوص بتصرف وتغيير. ومعنى التناص عند(مفتاح): هو عبارة عن فسيفساء تتكون من دمج عدة نصوص بتصنيفات مختلفة، سعيا الى مناقضة أو تعضيد يسميها (التآلف النصي)، ونفي التطابق عنها. ويرى(جيرار جينيت): إن الشكل الصريح للتناص هو الاستشهاد. ويسميه (محمد بينيس): النص الغائب.
ومعظم النقاد يرونه أمراً لابد منه لأن العمل الأدبي يدخل في شجرة عريقة وممتدة، فالنص لا يأتي من فراغ. ومنهم من يراه ترسبات اللاوعي. وللتناص في نهج البلاغة خصوصية تجاوزت السعي الجمالي الى مهام أخرى. فالسعي الى تعميق المعنى القرآني من خلال التضمين كقوله عليه السلام: (لمْ يُوجِسْ مُوسَى (عليه السلام) خِيفَة عَلَى نَفْسِهِ بَلْ أَشْفَقَ مِنْ غَلَبَةِ الجُهَّالِ ودُوَلِ الضَّلالِ) ومثل هذا التضمين يحمل تلميحا لبعض لمسات من الواقع الفعلي أو اقتباسا لحكاية قرآنية، مثل قوله عليه السلام: (فَقَالَ سُبْحَانَهُ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا الا إِبلِيسَ اعتَرَتهُ الحَمِيَّة وغَلبَتْ عَلَيْهِ الشِّقوَةُ وتَعَزَّزَ بِخِلقَةِ النَّارِ واسْتَوْهَنَ خَلْقَ الصَّلْصَالِ). والشقوة: الشقاء. وهذا يوضح بعض العمق التأويلي.
ان القراءة الجمالية التي اطلعنا عليها في الجزء الاول هي تمهيد لقراءات أخرى في الجزء الثاني والثالث، إن الحكمة المتناهية والراقية والروحية التي وصلتنا في نهج البلاغة تحيلنا إلى قدرة الامام علي -عليه السلام- في كل المجالات الحياتية فهو واضع اسس علم النحو ،حينما أمر ابو الاسود الدؤلي بالكتابة بأن الكلام اسم وفعل وحرف وظاهر ومستتر، وقد بذل الاديب علي الخباز مجهودا جميلا، وهو جهد علمي وأدبي وثقافي في الخوض في غمار النهج العلوي.
الذي إفتتن به السابقون واللاحقون...
يتبع الجزء الثاني والثالث