دور منظمات المجتمع المدني في مكافحة الإرهاب
برامج منظمات المجتمع المدني هل هي مقترحات أم مجرد حلول ؟
الحلقة الثانية
متابعة نقدية لبرامج المركز العراقي لتنمية المواطنة والديمقراطية
جواد المنتفجي
مدخل :
تسهم معظم منظمات المجتمع المدني الناشطة والتي عملت كل حسب اختصاصها فور سقوط النظام بعد أن غابت عن الساحة العراقية عقود طويلة إلى الارتقاء بمهامها الإنسانية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية والصحية وذلك من اجل العمل بالنهوض بكافة أطياف المجتمع العراقي المتكامل وبمختلف معتقداته وطبقاته سعيا منها لبناء المواطن الفاعل والمسؤول على أساس تنمية وعيه وإدراكه لمعرفة قيم المواطنة ؟ وكيف يطبق واجباته ؟ وما هي القوانين التي بموجبها يحمي حقوقه والمطالبة بها للمشاركة في الحياة العامة ، إضافة إلى ما تقوم به من حملات وأمسيات ثقافية تتخللها الحوارات والنقاشات الموسعة حول المواطنة ومفهومها وتعريفاتها ليتمكن بدوره من ممارسة العمل الديمقراطي وبصورته الصحيحة بعيدا عن الأساليب العنفية التي قد تستغلها بعض الجهات التخريبية سوى أن جرى ذلك بالتظاهرات السلمية أو الاعتصام المشروع كلما شعر المواطنين بحرمانهم عن التعبير عن إرادتهم الحرة التي كفلها الدستور والقانون العراقي أو في التفكير والمشاركة باختيار ممثليهم في الانتخابات النيابية العامة أو مجالس المحافظات ممن يهتمون بتحقيق رغباتهم وطموحاتهم ، وبهذا تصب مجمل أهداف برامج هذه المنظمات في بودقة مصلحة التنمية البشرية والبنى التحتية ليقوم المواطنين بدورهم الفعال مساهمة منهم لبناء كافة قطاعات دولة العراق الحديثة بعيدا عن الولاءات الضيقة لأية جهة كانت سوى أن كانت تلك التي تمثل الطائفة والعائلة، أو غيرها من الانتماءات الأخرى والتي باتت تحتل الأولوية أحياناً على حساب المواطنة الحقة والانتماء للوطن بالابتعاد عن استخدام الشائعات والتحريض ضد الدولة ، وفي هذا يقول القاضي :
( كاظم عبد جاسم الزيدي ) في موضوعه المنشور في جريدة الإصلاح والذي جاء تحت عنوان (( الإرهاب الإعلامي )) : " ومن المعروف قد صدرت الكثير من الصحف والمجلات اليومية والأسبوعية والشهرية والفصلية ومنها صحف مستقلة ومنها تابعة لجهة حزبية أو مؤسسة معينة أو منظمة من منظمات المجتمع المدني أو حكومة محلية أو جهة حكومية حيث شهد عام 2003 وما تلاه صدور كم من هذه الصحف بالإضافة إلى فضائيات كثيرة وإذاعات بحيث لا تكاد تخلو المحافظة من إذاعة أو قناة تلفزيونية أرضية أو فضائية بالإضافة إلى صحف ومواقع الكترونية وشبكات الأخبار وهي تتبنى وجهات نظر مختلفة طالما شاهدنا الآراء والمقالات والمواضيع المنشورة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الجريدة ومن الملاحظ أن الكثير من القنوات الإعلامية وخصوصا الفضائيات تسارع في نقل أخبار الانفجارات والجرائم الإرهابية والتدمير تركز على بيان السلبيات دون الإشارة ولو لمرة واحدة إلى شيء ايجابي موجود على ارض الواقع في العراق " ( 1) ص 9. وهذا ما اطلعنا عليه أيضا ومن خلال تنقيبنا لبنود وفقرات النظام الداخلي للمركز العراقي لتنمية المواطنة والديمقراطية والمنشور في نص الصفحة الرابعة : " المركز العراقي لتنمية المواطنة والديمقراطية منظمة عراقية مستقلة تهتم بشؤون المواطن العراقي السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإعلامية ، ويهتم المركز بإحياء وبث وصيانة روح المواطنة والديمقراطية والوعي الفكري والثقافي بين أبناء المجتمع العراقي , ونبذ كل مظاهر العنف والتخلف والممارسات الخاطئة التي تحول دون تقدم الإنسان العراقي وتطوره " (2). ويضيف نص آخر عن فكرة تأسيسه وفي نفس الصفحة المذكورة : " وقد جاءت فكرة تأسيس المركز نظرا لما مر به العراق من دمار وخراب وتصدع في وحدة نسيج الصف الوطني العراقي لأكثر من 40 عام تقريبا , ونتيجة لتلك الممارسات التعسفية التي مورست على المواطن العراقي من قبل الأنظمة الدكتاتورية التي حكمت العراق وسيطرة المؤسسة العسكريّة ونظام الحزب الواحد على السُّلطة أدى إلى تحوّل الدولة الوطنيّة إلى دولة استبداد وقمع ،وهذا ساهم في ضعف شعور الانتماء للوطن وقتل روح المواطنة واللجوء إلى العشيرة والطائفة تعويضا عن الانتساب للوطن" ) 1) . هذا بالإضافة إلى ما نوه عنه ( الشيخ محمد مهدي شمس الدين ) في ملخص كتابه المعروض في جريدة الإصلاح والموسوم بـ (( فقه العنف المسلح في الإسلام )) : " وفي هذه المسيرة الطويلة الدامية الحافلة بالهزائم ، لم يعد الإسلام تحديا تنظيميا سياسيا ، فقد انحلت وتحطمت بناءه التنظيمية السياسية المتمثلة في صيغة الدولة بسقوط وانحلال الدولة العثمانية . ولم يعد تحديا اقتصاديا تجاريا بعد الثورة الصناعية والتقدم العلمي الشامل في الغرب الحضاري ، وامتلاك قوى الحضارة الحديثة نتيجة لذلك لجميع أزمة الاقتصاد في العالم . ولكن الإسلام بقي كما كان دائما تحديا ثقافيا للغرب الحضاري ولقواه المسيطرة . وهو تحدي ثقافي يحمل دائما في أحشائه مشروع انبعاث سياسي تنظيمي لعالمه . وهذا يجعله ضدا لقوى الغرب الحضاري ، ولمشروع السيطرة العالمي ثم الكوني الذي تحمله ." 3 ص9
ولهذا جاءت فكرت تأسيس المركز العراقي لتنمية المواطنة والديمقراطية بعد مداولات كثيرة ومناقشات مستفيضة بين مؤسسيه عن ماهية مستقبل هذا المركز ، ومدى فاعليته بين الجمهور من مواليه لاستقطاب العدد الأكبر من المتطوعين والذين تمثلوا بالمفكرين والمبدعين العاملين في شتى مجالات الحياة .. علما انه كان قد افتتح مؤخرا وبجهود وتفاني احد الزملاء ممن اشتهر بباعه الطويل في الفكر والسياسية والذي عمل جاهدا على أن يكون مقره الرئيسي في محافظة ذي قار رغم المغريات الكبيرة على افتتاحه في بغداد ،ألا انه أصر على أن يكون أساسه وبالذات في مدينة الناصرية .. مدينة أجدداه السومريون ليرد بعض جميلهم .. بل وليجزل بعطاءاته السخية سوى أن كانت المادية آو المعنوية والفكرية والأدبية والثقافية والاجتماعية لأبناء محافظته ومن تمويله ونفقته الخاصة .. وبعد المناقشات المستفيضة حول تسمية المركز والتي توصل أليها الباحث والكاتب ( ناجي الغزي ) بعد أن رسم شعاره ووضع خطة عمله ضمن كراس تم توزيعه على الجهات ذات العلاقة والزملاء الأعضاء ممن انتموا للمركز طوعيا حيث تمثلت أهم مواضيعه بـ ( نبذة عن المركز – وأهداف المركز – ورؤية المركز – ما الذي نأمل لتحقيقه – ما الذي تفعله معنا - آليات عملنا – النظام الداخلي للمركز والذي بموجبه ينظم جميع تلك الأعمال والعلاقات العامة بين أعضائه ) ، ولهذا استهوتني الكتابة وفي الحلقات التالية عن هذا المركز وبرامجه وذلك عن طريقة القيام بالبحث عن أهم البرامج التي ترسخ معنى المواطنة .. متمعنا بما ورد في الصفحة الثالثة من الكراس الموسوم للكاتب والبحث المذكور في أعلاه حيث يقول : " وقد جاءت فكرة تأسيس المركز – نظرا لما مر به العراق من دمار وخراب وتصدع في وحدة نسيج الصف الوطني العراقي لأكثر من ربع قرن تقريبا ، ونتيجة لتلك الممارسات التعسفية التي مورست على المواطن العراقي من قبل الأنظمة الدكتاتورية ..... وهذا السلوك الغير أخلاقي ساهم بعدم التعمق بمفهوم الديمقراطية والى أضعاف الشعور بالانتماء للوطن وقتل روح المواطنة مما أدى إلى اللجوء إلى العشيرة والطائفة تعويضا عن الانتساب للوطن " (2) ص 1، ومن هذا توصلنا وفي هذه الحلقة ومن خلال مبحثها عن مدى فاعلية تلك البرامج التي قام بها المركز المذكور وصولا إلى المقارنة بين ما طرح وما نفذ
فرضية البحث المستخدمة في أعداد هذه الحلقة :
في مقالة للأستاذ ( ليث زيدان ) والتي جاءت تحت عنوان ( مفهوم المواطنة في النظام الديمقراطي " : ( فعلى الرغم من أن المواطنة لا تعتمد على مبادئ عامة وعلى الرغم من أنها لا تحمل معناً واحداً ثابتاً متفقاً عليه ، إلا أنها تحتوي على مبدأ أساسي وعنصر حيوي هو الانتماء الذي لا يمكن أن يتحقق بدون التربية المواطنية فهي ضرورية لتحقيق مفهوم ومعنى المواطنة الحقيقية وبدونها يبقى الفرد مواطناً تابعاً ليس أكثر( "( 4) ص2.. ولهذا وتأسيسا على ما ورد في النص المذكور تمكنا من وضع فروض البحث والتي باستطاعتها أن تطلعنا على الدور الأساسي الذي تلعبه منظمات المجتمع المدني لتنمية روح المواطنة والتي من شانها أن تقف سدا منيعا لمكافحة الإرهاب بكافة أنواعه وذلك من خلال الأسئلة التي تولدت لدينا وكان ترتيبها على النحو التالي :
1- كيف تخطط منظمات المجتمع المدني بناء على ما طرحته من أفكار جادة والتي وظفتها ضمن استتراجية برامجها وخصوصا تلك التي من شانها العمل على تحقيق هدفها الأسمى الساعي على رفع قدرات المواطن من خلال ورش العمل النشطة والفعالة التي تقيمها لتنمية روح المواطنة فيه ليتمكن بدوره من النجاح بإدارة شؤون عمله في المؤسسة أو المحيط الذي يعيش ويتعامل فيه مع الآخرين في مجمل المجالات الإدارية والثقافية أو الاجتماعية أو اقتصادية وغيرها ؟
2- ما هي السبل المشروعة والمشتركة بين منظمات المجتمع المدني والمؤسسات التربوية ودوائر الدولة الأخرى والتي تساعد على ترسيخ مفهوم المواطنة في نفسية المواطن ليتمكن بدوره من اتخاذ قراراته بنفسه داخل المؤسسات التي يعمل ضمن مجالاتها والذود عنها بالغالي والنفيس دون التأثر بالأفكار التي يروجها العصابات الإرهابية والتكفيرية وفئاتها الضالة التي انحرفت عن مسار السلوك القويم للمجتمع قاطبة واستغلال الفرص من اجل الهيمنة للنيل بمقدراته والذي نعيش نحن من ضمنه ، إضافة إلى التركة الثقيلة التي خلفتها الظروف والأحداث العصيبة الآنية والمتداخلة ومخاضها العسير من تفجير وتكفير والقتل على الهوية أو التهجير وذلك عن طريق تفهمه ما له من حقوق وما عليه من واجبات لقطع دابر العناصر الإرهابية التي تحاول التوغل بين صفوف المواطنين والتأثير على سلوكهم الفكري والاجتماعي بصورة وأخرى ليكونوا أدوات تخريبية سوى أن حدث ذلك بإشاعة الفساد المالي أو الإداري للنيل من تلك المؤسسات؟ وهذا ما نوه عنه الباحث ( ليث زيدان ) في نفس المصدر المذكور في أعلاه: " يقع على عاتق كل مؤسسة تربوية أن تقوم بوظيفتها بشكل متكامل ومترابط مع المؤسسة الأخرى ضمن أطار هذه الأفكار الفلسفية التي تم شرحها ، فعملية صهر آراء المواطن وأفكاره ومعتقداته وسلوكه وقيمه تتم من خلال هذه المؤسسات التربوية التي تتمثل بالأسرة والمدرسة والمؤسسة الدينية والزمرة ( الأصدقاء ، الجيران ، الرفاق ...الخ ) ، ووسائل الأعلام ، وبالتالي يجب أن تكون عملية الصهر هذه متوافقة ومبادئ المواطنة ومعناها الحقيقي وما يترتب عليها بدون اي قيود قد تفرض على هذه التربية المواطنية " (4) ص6.
أهمية أبواب الحلقة وبيان الحاجة أليها :
تبرز أهمية البحث في هذا الحلقة من دراستنا إلى التعرف على ماهية نتائج البرامج ومدى تأثيرات نشاطاتها في تنمية روح المواطنة والديمقراطية ومفهومهما لدى الإفراد المنتمين إلى ( المركز العراقي لتنمية المواطنة والديمقراطية ) والتي نفذت بين الفترة من 11 / 4 / 2010 ولغاية أعداد هذه الحلقة
أهداف الحلقة :
تهدف هذه الحلقة من الدراسة البحث والتمحيص والتنقيب عن أهم البرامج التي قام بها المركز والمقارنة بما جاء بنصوص وأهداف المركز العراقي لتنمية المواطنة والديمقراطية ، وهل يا تراه نجح في مسعاه فعلا ومن خلال تنفيذها إلى ترسيخ روح المواطنة والديمقراطية لدى الأفراد لخلق لديهم الشعور بالانتماء الوطني الصحيح للوطن ومنها :
1- البرامج التي عملت على ترسيخ وتثبيت أنواع المعارف والمهارات لدى الأفراد ليكونوا قادة المستقبل وليقوموا بدورهم إلى نقل هذه المعلومات التي اكتسبوها من خلال تنفيذها إلى أفراد المجتمع ، وهذا ما جاء بأحد نصوص دراسة الباحث( ليث زيدان) " يقول الدكتور رجا بهلول في كتابه " التربية والديمقراطية " ( إن كل مجتمع يسعى جاهداً لإعادة "خلق للنفس " في كل عضو جديد ينضم أليه . وليس هناك من اسم أفضل لتلك العملية المؤدية إلى هذه الغاية من " التربية " ) (4 ) ص18
2- ما هي أهم أنواع وأساليب وسائل الجذب الفعالة التي استخدمت عند تنفيذ مجمل النشاطات والتي من شانها جذب اكبر عدد من المواطنين الراغبين بالانضمام إلى هذه المنظمة
أساليب البحث :
جرت أساليب البحث عن موضوع هذه الحلقة وذلك بالاطلاع المباشر ومتابعة البرامج وتوثيقها وأرشفتها ضمن أفلام فديويه وأقراص DVD، والتي وأودعت لدى أدارة المركز ، وبإمكان أي متتبع لقراءة هذه الحلقات الاطلاع عليها بمراجعة موقع المركز الموجود في مدينة الناصرية أو موقعه الالكتروني: info@iraqicc.com
مصادر مراجع بحث هذه الحلقة :
1- الإرهاب الإعلامي . القاضي كاظم عبد جاسم الزيدي . . جريدة الإصلاح . العدد (285 ) الخميس 26 تشرين الثاني 2009
2- النظام الداخلي للمركز العراقي لتنمية المواطنة والديمقراطية . الكاتب والباحث ناجي الغزي
3- فقه العنف المسلح في الإسلام . الشيخ محمد مهدي شمس الدين . جريدة الإصلاح . العدد (285 ) الخميس 26 تشرين الثاني 2009
4- مفهوم المواطنة في النظام الديمقراطي . ليث زيدان
تنويه : يتبع في الحلقات القادمة
الباحث
برامج منظمات المجتمع المدني هل هي مقترحات أم مجرد حلول ؟
الحلقة الثانية
متابعة نقدية لبرامج المركز العراقي لتنمية المواطنة والديمقراطية
جواد المنتفجي
مدخل :
تسهم معظم منظمات المجتمع المدني الناشطة والتي عملت كل حسب اختصاصها فور سقوط النظام بعد أن غابت عن الساحة العراقية عقود طويلة إلى الارتقاء بمهامها الإنسانية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية والصحية وذلك من اجل العمل بالنهوض بكافة أطياف المجتمع العراقي المتكامل وبمختلف معتقداته وطبقاته سعيا منها لبناء المواطن الفاعل والمسؤول على أساس تنمية وعيه وإدراكه لمعرفة قيم المواطنة ؟ وكيف يطبق واجباته ؟ وما هي القوانين التي بموجبها يحمي حقوقه والمطالبة بها للمشاركة في الحياة العامة ، إضافة إلى ما تقوم به من حملات وأمسيات ثقافية تتخللها الحوارات والنقاشات الموسعة حول المواطنة ومفهومها وتعريفاتها ليتمكن بدوره من ممارسة العمل الديمقراطي وبصورته الصحيحة بعيدا عن الأساليب العنفية التي قد تستغلها بعض الجهات التخريبية سوى أن جرى ذلك بالتظاهرات السلمية أو الاعتصام المشروع كلما شعر المواطنين بحرمانهم عن التعبير عن إرادتهم الحرة التي كفلها الدستور والقانون العراقي أو في التفكير والمشاركة باختيار ممثليهم في الانتخابات النيابية العامة أو مجالس المحافظات ممن يهتمون بتحقيق رغباتهم وطموحاتهم ، وبهذا تصب مجمل أهداف برامج هذه المنظمات في بودقة مصلحة التنمية البشرية والبنى التحتية ليقوم المواطنين بدورهم الفعال مساهمة منهم لبناء كافة قطاعات دولة العراق الحديثة بعيدا عن الولاءات الضيقة لأية جهة كانت سوى أن كانت تلك التي تمثل الطائفة والعائلة، أو غيرها من الانتماءات الأخرى والتي باتت تحتل الأولوية أحياناً على حساب المواطنة الحقة والانتماء للوطن بالابتعاد عن استخدام الشائعات والتحريض ضد الدولة ، وفي هذا يقول القاضي :
( كاظم عبد جاسم الزيدي ) في موضوعه المنشور في جريدة الإصلاح والذي جاء تحت عنوان (( الإرهاب الإعلامي )) : " ومن المعروف قد صدرت الكثير من الصحف والمجلات اليومية والأسبوعية والشهرية والفصلية ومنها صحف مستقلة ومنها تابعة لجهة حزبية أو مؤسسة معينة أو منظمة من منظمات المجتمع المدني أو حكومة محلية أو جهة حكومية حيث شهد عام 2003 وما تلاه صدور كم من هذه الصحف بالإضافة إلى فضائيات كثيرة وإذاعات بحيث لا تكاد تخلو المحافظة من إذاعة أو قناة تلفزيونية أرضية أو فضائية بالإضافة إلى صحف ومواقع الكترونية وشبكات الأخبار وهي تتبنى وجهات نظر مختلفة طالما شاهدنا الآراء والمقالات والمواضيع المنشورة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الجريدة ومن الملاحظ أن الكثير من القنوات الإعلامية وخصوصا الفضائيات تسارع في نقل أخبار الانفجارات والجرائم الإرهابية والتدمير تركز على بيان السلبيات دون الإشارة ولو لمرة واحدة إلى شيء ايجابي موجود على ارض الواقع في العراق " ( 1) ص 9. وهذا ما اطلعنا عليه أيضا ومن خلال تنقيبنا لبنود وفقرات النظام الداخلي للمركز العراقي لتنمية المواطنة والديمقراطية والمنشور في نص الصفحة الرابعة : " المركز العراقي لتنمية المواطنة والديمقراطية منظمة عراقية مستقلة تهتم بشؤون المواطن العراقي السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإعلامية ، ويهتم المركز بإحياء وبث وصيانة روح المواطنة والديمقراطية والوعي الفكري والثقافي بين أبناء المجتمع العراقي , ونبذ كل مظاهر العنف والتخلف والممارسات الخاطئة التي تحول دون تقدم الإنسان العراقي وتطوره " (2). ويضيف نص آخر عن فكرة تأسيسه وفي نفس الصفحة المذكورة : " وقد جاءت فكرة تأسيس المركز نظرا لما مر به العراق من دمار وخراب وتصدع في وحدة نسيج الصف الوطني العراقي لأكثر من 40 عام تقريبا , ونتيجة لتلك الممارسات التعسفية التي مورست على المواطن العراقي من قبل الأنظمة الدكتاتورية التي حكمت العراق وسيطرة المؤسسة العسكريّة ونظام الحزب الواحد على السُّلطة أدى إلى تحوّل الدولة الوطنيّة إلى دولة استبداد وقمع ،وهذا ساهم في ضعف شعور الانتماء للوطن وقتل روح المواطنة واللجوء إلى العشيرة والطائفة تعويضا عن الانتساب للوطن" ) 1) . هذا بالإضافة إلى ما نوه عنه ( الشيخ محمد مهدي شمس الدين ) في ملخص كتابه المعروض في جريدة الإصلاح والموسوم بـ (( فقه العنف المسلح في الإسلام )) : " وفي هذه المسيرة الطويلة الدامية الحافلة بالهزائم ، لم يعد الإسلام تحديا تنظيميا سياسيا ، فقد انحلت وتحطمت بناءه التنظيمية السياسية المتمثلة في صيغة الدولة بسقوط وانحلال الدولة العثمانية . ولم يعد تحديا اقتصاديا تجاريا بعد الثورة الصناعية والتقدم العلمي الشامل في الغرب الحضاري ، وامتلاك قوى الحضارة الحديثة نتيجة لذلك لجميع أزمة الاقتصاد في العالم . ولكن الإسلام بقي كما كان دائما تحديا ثقافيا للغرب الحضاري ولقواه المسيطرة . وهو تحدي ثقافي يحمل دائما في أحشائه مشروع انبعاث سياسي تنظيمي لعالمه . وهذا يجعله ضدا لقوى الغرب الحضاري ، ولمشروع السيطرة العالمي ثم الكوني الذي تحمله ." 3 ص9
ولهذا جاءت فكرت تأسيس المركز العراقي لتنمية المواطنة والديمقراطية بعد مداولات كثيرة ومناقشات مستفيضة بين مؤسسيه عن ماهية مستقبل هذا المركز ، ومدى فاعليته بين الجمهور من مواليه لاستقطاب العدد الأكبر من المتطوعين والذين تمثلوا بالمفكرين والمبدعين العاملين في شتى مجالات الحياة .. علما انه كان قد افتتح مؤخرا وبجهود وتفاني احد الزملاء ممن اشتهر بباعه الطويل في الفكر والسياسية والذي عمل جاهدا على أن يكون مقره الرئيسي في محافظة ذي قار رغم المغريات الكبيرة على افتتاحه في بغداد ،ألا انه أصر على أن يكون أساسه وبالذات في مدينة الناصرية .. مدينة أجدداه السومريون ليرد بعض جميلهم .. بل وليجزل بعطاءاته السخية سوى أن كانت المادية آو المعنوية والفكرية والأدبية والثقافية والاجتماعية لأبناء محافظته ومن تمويله ونفقته الخاصة .. وبعد المناقشات المستفيضة حول تسمية المركز والتي توصل أليها الباحث والكاتب ( ناجي الغزي ) بعد أن رسم شعاره ووضع خطة عمله ضمن كراس تم توزيعه على الجهات ذات العلاقة والزملاء الأعضاء ممن انتموا للمركز طوعيا حيث تمثلت أهم مواضيعه بـ ( نبذة عن المركز – وأهداف المركز – ورؤية المركز – ما الذي نأمل لتحقيقه – ما الذي تفعله معنا - آليات عملنا – النظام الداخلي للمركز والذي بموجبه ينظم جميع تلك الأعمال والعلاقات العامة بين أعضائه ) ، ولهذا استهوتني الكتابة وفي الحلقات التالية عن هذا المركز وبرامجه وذلك عن طريقة القيام بالبحث عن أهم البرامج التي ترسخ معنى المواطنة .. متمعنا بما ورد في الصفحة الثالثة من الكراس الموسوم للكاتب والبحث المذكور في أعلاه حيث يقول : " وقد جاءت فكرة تأسيس المركز – نظرا لما مر به العراق من دمار وخراب وتصدع في وحدة نسيج الصف الوطني العراقي لأكثر من ربع قرن تقريبا ، ونتيجة لتلك الممارسات التعسفية التي مورست على المواطن العراقي من قبل الأنظمة الدكتاتورية ..... وهذا السلوك الغير أخلاقي ساهم بعدم التعمق بمفهوم الديمقراطية والى أضعاف الشعور بالانتماء للوطن وقتل روح المواطنة مما أدى إلى اللجوء إلى العشيرة والطائفة تعويضا عن الانتساب للوطن " (2) ص 1، ومن هذا توصلنا وفي هذه الحلقة ومن خلال مبحثها عن مدى فاعلية تلك البرامج التي قام بها المركز المذكور وصولا إلى المقارنة بين ما طرح وما نفذ
فرضية البحث المستخدمة في أعداد هذه الحلقة :
في مقالة للأستاذ ( ليث زيدان ) والتي جاءت تحت عنوان ( مفهوم المواطنة في النظام الديمقراطي " : ( فعلى الرغم من أن المواطنة لا تعتمد على مبادئ عامة وعلى الرغم من أنها لا تحمل معناً واحداً ثابتاً متفقاً عليه ، إلا أنها تحتوي على مبدأ أساسي وعنصر حيوي هو الانتماء الذي لا يمكن أن يتحقق بدون التربية المواطنية فهي ضرورية لتحقيق مفهوم ومعنى المواطنة الحقيقية وبدونها يبقى الفرد مواطناً تابعاً ليس أكثر( "( 4) ص2.. ولهذا وتأسيسا على ما ورد في النص المذكور تمكنا من وضع فروض البحث والتي باستطاعتها أن تطلعنا على الدور الأساسي الذي تلعبه منظمات المجتمع المدني لتنمية روح المواطنة والتي من شانها أن تقف سدا منيعا لمكافحة الإرهاب بكافة أنواعه وذلك من خلال الأسئلة التي تولدت لدينا وكان ترتيبها على النحو التالي :
1- كيف تخطط منظمات المجتمع المدني بناء على ما طرحته من أفكار جادة والتي وظفتها ضمن استتراجية برامجها وخصوصا تلك التي من شانها العمل على تحقيق هدفها الأسمى الساعي على رفع قدرات المواطن من خلال ورش العمل النشطة والفعالة التي تقيمها لتنمية روح المواطنة فيه ليتمكن بدوره من النجاح بإدارة شؤون عمله في المؤسسة أو المحيط الذي يعيش ويتعامل فيه مع الآخرين في مجمل المجالات الإدارية والثقافية أو الاجتماعية أو اقتصادية وغيرها ؟
2- ما هي السبل المشروعة والمشتركة بين منظمات المجتمع المدني والمؤسسات التربوية ودوائر الدولة الأخرى والتي تساعد على ترسيخ مفهوم المواطنة في نفسية المواطن ليتمكن بدوره من اتخاذ قراراته بنفسه داخل المؤسسات التي يعمل ضمن مجالاتها والذود عنها بالغالي والنفيس دون التأثر بالأفكار التي يروجها العصابات الإرهابية والتكفيرية وفئاتها الضالة التي انحرفت عن مسار السلوك القويم للمجتمع قاطبة واستغلال الفرص من اجل الهيمنة للنيل بمقدراته والذي نعيش نحن من ضمنه ، إضافة إلى التركة الثقيلة التي خلفتها الظروف والأحداث العصيبة الآنية والمتداخلة ومخاضها العسير من تفجير وتكفير والقتل على الهوية أو التهجير وذلك عن طريق تفهمه ما له من حقوق وما عليه من واجبات لقطع دابر العناصر الإرهابية التي تحاول التوغل بين صفوف المواطنين والتأثير على سلوكهم الفكري والاجتماعي بصورة وأخرى ليكونوا أدوات تخريبية سوى أن حدث ذلك بإشاعة الفساد المالي أو الإداري للنيل من تلك المؤسسات؟ وهذا ما نوه عنه الباحث ( ليث زيدان ) في نفس المصدر المذكور في أعلاه: " يقع على عاتق كل مؤسسة تربوية أن تقوم بوظيفتها بشكل متكامل ومترابط مع المؤسسة الأخرى ضمن أطار هذه الأفكار الفلسفية التي تم شرحها ، فعملية صهر آراء المواطن وأفكاره ومعتقداته وسلوكه وقيمه تتم من خلال هذه المؤسسات التربوية التي تتمثل بالأسرة والمدرسة والمؤسسة الدينية والزمرة ( الأصدقاء ، الجيران ، الرفاق ...الخ ) ، ووسائل الأعلام ، وبالتالي يجب أن تكون عملية الصهر هذه متوافقة ومبادئ المواطنة ومعناها الحقيقي وما يترتب عليها بدون اي قيود قد تفرض على هذه التربية المواطنية " (4) ص6.
أهمية أبواب الحلقة وبيان الحاجة أليها :
تبرز أهمية البحث في هذا الحلقة من دراستنا إلى التعرف على ماهية نتائج البرامج ومدى تأثيرات نشاطاتها في تنمية روح المواطنة والديمقراطية ومفهومهما لدى الإفراد المنتمين إلى ( المركز العراقي لتنمية المواطنة والديمقراطية ) والتي نفذت بين الفترة من 11 / 4 / 2010 ولغاية أعداد هذه الحلقة
أهداف الحلقة :
تهدف هذه الحلقة من الدراسة البحث والتمحيص والتنقيب عن أهم البرامج التي قام بها المركز والمقارنة بما جاء بنصوص وأهداف المركز العراقي لتنمية المواطنة والديمقراطية ، وهل يا تراه نجح في مسعاه فعلا ومن خلال تنفيذها إلى ترسيخ روح المواطنة والديمقراطية لدى الأفراد لخلق لديهم الشعور بالانتماء الوطني الصحيح للوطن ومنها :
1- البرامج التي عملت على ترسيخ وتثبيت أنواع المعارف والمهارات لدى الأفراد ليكونوا قادة المستقبل وليقوموا بدورهم إلى نقل هذه المعلومات التي اكتسبوها من خلال تنفيذها إلى أفراد المجتمع ، وهذا ما جاء بأحد نصوص دراسة الباحث( ليث زيدان) " يقول الدكتور رجا بهلول في كتابه " التربية والديمقراطية " ( إن كل مجتمع يسعى جاهداً لإعادة "خلق للنفس " في كل عضو جديد ينضم أليه . وليس هناك من اسم أفضل لتلك العملية المؤدية إلى هذه الغاية من " التربية " ) (4 ) ص18
2- ما هي أهم أنواع وأساليب وسائل الجذب الفعالة التي استخدمت عند تنفيذ مجمل النشاطات والتي من شانها جذب اكبر عدد من المواطنين الراغبين بالانضمام إلى هذه المنظمة
أساليب البحث :
جرت أساليب البحث عن موضوع هذه الحلقة وذلك بالاطلاع المباشر ومتابعة البرامج وتوثيقها وأرشفتها ضمن أفلام فديويه وأقراص DVD، والتي وأودعت لدى أدارة المركز ، وبإمكان أي متتبع لقراءة هذه الحلقات الاطلاع عليها بمراجعة موقع المركز الموجود في مدينة الناصرية أو موقعه الالكتروني: info@iraqicc.com
مصادر مراجع بحث هذه الحلقة :
1- الإرهاب الإعلامي . القاضي كاظم عبد جاسم الزيدي . . جريدة الإصلاح . العدد (285 ) الخميس 26 تشرين الثاني 2009
2- النظام الداخلي للمركز العراقي لتنمية المواطنة والديمقراطية . الكاتب والباحث ناجي الغزي
3- فقه العنف المسلح في الإسلام . الشيخ محمد مهدي شمس الدين . جريدة الإصلاح . العدد (285 ) الخميس 26 تشرين الثاني 2009
4- مفهوم المواطنة في النظام الديمقراطي . ليث زيدان
تنويه : يتبع في الحلقات القادمة
الباحث