إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

وشهدت براءة

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • وشهدت براءة

    بسم الله الرحمن الرحيم
    والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الأنبياء والمرسلين أبي القاسم محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين
    قال الله تعالى في محكم كتابه المجيد

    {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}
    صدق الله العلي العظيم
    عزيزي القارئ : تعال معي تقرأ هذه القصة ونعقب معا على أحداثها ونستخرج دفائن كنوزها ونكشف عن أسرارها
    في يوم من أيام حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) هبط عليه الأمين جبرائيل (عليه السلام) قائلا : يا رسول الله إن الله تعالى يقرؤك السلام ويخصك بالتحية والأكرم ويقول لك أن اصدع بتبليغ هذه السورة , فيجيب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلى ربي السلام هاتها يا جبرائيل . ثم نادى أيها الناس علي بابي بكر فجائه أبو بكر فقال له النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : خذ هذه الصحيفة ولا تقرأ ما فيها حتى تصل قريش بمكة في الموسم فقرأها عليهم فقام أبو بكر والأرض لا تكاد تسعه من شدة الفرح حيث أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عهد أليه في أداء هذه المهمة مع وجود الأفضل وصاحب المواقف ويد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الطولى الإمام علي (عليه السلام) وما إن وصل منتصف الطريق حتى هبط الأمين جبرائيل (عليه السلام) قائلا يا رسول الله إن الله تعالى يقرأوك السلام ويخصك بالتحية والإكرام ويقول لك إما أن تبلغ أنت أو رجل منك فبعث بعلي (عليه السلام) فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأبو بكر ليس مني فقال الأمين جبرائيل (عليه السلام) نعم إنه ليس منك . فدعا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الإمام علي (عليه السلام) فأمره أن يركب ناقته العضباء ، ويلحق أبا بكر فيأخذ منه سورة براءة ويقرأها على الناس بمكة ، وسار الإمام علي (عليه السلام) حتى لحق أبا بكر ، فلما رآه أبو بكر فزع من لحوقه به وستقبله فقال : فيم جئت يا أبا الحسن ؟ أتريد مسايرتي أم جئت لأمر أخر ؟ فقال له الإمام علي (عليه السلام) إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أمرني أن ألحق بك فاقبض منك الصحيفة ، وأنبذ بها عهد المشركين إليهم ، وأمرني أن أخبرك بين أن تسير معي ، أو ترجع إليه . فقال : بل أرجع إليه ، وعاد إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فلما دخل عليه قال يا رسول الله ، إنك أهلتني لأمر طالت الأعناق فيه إلي ، فلما توجهت له رددتني عنه ، ما لي ، أنزل في قرآن ؟ . فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لا ، ولكن الأمين هبط إلي عن الله جل جلاله بأنه لا يؤدي عي إلا أنا أو رجل مني ، وعلي مني ، ولا يؤدي عني إلا علي . فلما قدم علي (عليه السلام) مكة وكان يوم النحر بعد الظهر وهو يوم الحج الأكبر قام ثم قال : إني رسول رسول الله إليكم فقرأ عليهم : " براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين فسيحوا في الأرض أربعة أشهر " عشرين من ذي الحجة ومحرم وصفر وشهر ربيع الأول وعشر من شهر ربيع الآخر ، وقال : لا يطوف بالبيت عريان ولا عريانة ولا مشرك ، ألا ومن كان له عهد عند رسول الله فمدته إلى هذه الأربعة الأشهر
    والآن عزيزي القارئ من الواضح لديك أن هناك أحاديث مروية عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) تصل ألينا بهيئات متعددة وبألسن مختلفة وهذا دليل على أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان مهتما بها اهتماما ملحوظا ويذكرها في مواطن متعددة , أو لكثرة من سمعها من الصحابة وتناقلوها في ما بينهم فاختلفت باختلاف ألسنتهم ومن هذه الأحاديث هو حديث سورة براءة فقد ورد ألينا بعدة ألسن
    منها: أن جبرائيل (عليه السلام) نزل على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: يا محمد لا يؤدي عنك إلا رجل منك،
    منها: لا يبلغ عنك إلا علي،
    منها: لا يؤدي عني إلى أنا أو رجل مني.

    ولا شك في نزول هذا الحديث في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، ولكن الكلام في مدلول هذا الحديث الشريف الذي ينطوي على دلالات مهمة تفوق مسألة التبليغ بسورة براءة كما يحاول كثير من العامة تصويرها على هذا الأساس . ولهذا وضعوا بعض الشبهات والإشكالات

    ألإشكال الأول :
    ويتبناه أبن كثير وغيره . أن كلام جبرائيل (عليه السلام) ( لا يؤدى عنك إلا أنت أو رجل منك ) مخصوص بتأدية براءة فقط من غير أن يشمل سائر الأحكام التي كان ينادى بها علي (عليه السلام) ، وأن تعيينه (صلى الله عليه وآله وسلم) عليا (عليه السلام) بتبليغ آيات براءة إنما هو لما كان من عادة العرب أن لا ينقض العهد إلا عاقده أو رجل من أهل بيته ومراعاة هذه العادة الجارية هي التي دعت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ان يأخذ براءة - وفيها نقض ما للمشركين من عهد - من أبى بكر ويسلمها إلى على (عليه السلام) ليستحفظ بذلك السنة العربية فيؤديها عنه بعض أهل بيته . قالوا : وهذا معنى قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) لما سأله أبو بكر قائلا : يا رسول الله هل نزل في شئ ؟ قال : ( لا ولكن لا يؤدى عنى إلا انا أو رجل منى ) ومعناه إني إنما عزلتك ونصبت عليا (عليه السلام) لذلك لئلا انقض هذه السنة العربية الجارية . ولذلك لم ينفصل أبو بكر من شأنه فقد كان قلده إمارة الحاج وكان لأبي بكر مؤذنون يؤذنون بهذه الأحكام كأبي هريرة وغيره من الرجال الذين لم يذكر أسماؤهم في الروايات ، وكان على (عليه السلام) أحد هؤلاء الذين أعدوا لهذا الشأن ، ولذا ورد في بعضها : أن أبا بكر خطب بمنى ولما فرغ من خطبته التفت إلى على (عليه السلام) وقال : قم يا علي وأدي رسالة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) .
    ورد عليه ,
    أولا : لم يكن ذلك من عادات العرب بل من عاداتهم أنهم يبعثون في إجراء العهد أو حله علية القوم وأصحاب الجاه والمكانة ومن يطمئنون به، لا فقط كونه من أهله والدليل على ذلك صلح الحديبية حيث بعثت قريش بـ(مسعود الثقفي) وهو ليس من قريش لإبرام العهد مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وذلك لأنه من علية القوم ومن الوجهاء في قومه ,

    ثانيا : بأن الواقعة في تبليغ سورة براءة ليست واقعة قبلية أو عائلية أو شخصية بل هي واقعة إلهية لا يتحملها إلا من هو أهل لها ومن هو مخول من قبل الله تعالى من نبي أو وصي نبي.

    ثالثا : إذا كان قصد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) المحافظة على عادات العرب فلماذا أرسل أبا بكر للمرة الأولى ثم عدل عنه هل كان غافلا أو ناسيا ,
    رابعا : بأن أخذ السورة من أبي بكر ودفعها للإمام علي (عليه السلام) كان بوحي من الله تعالى لا بطلب من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وهذا دليل واضح على أن الأمر أمر رباني وليس أمر عشائري وقبلي كما يدعون ,

    خامسا : إن عليا (عليه السلام) كما كان ينادى ببراءة ، كذلك كان ينادى بأحكام آخرى
    منها : إن من كانت له مدة فهو إلى مدته ومن لم يكن له مدة فمدته أربعة أشهر : وهذا أيضا مما يدل عليه آيات براءة .
    منها : انه لا يطوفن بالبيت عريان ، وهو أيضا حكم إلهي أستدل عليه بقوله تعالى : (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ)
    منها : انه لا يطوف أو لا يحج البيت مشرك بعد هذا العام وقد استدل عليه بقوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا ) وهناك حكم أخر ذكر في بعض الروايات انه (عليه السلام) كان ينادى به وهو انه لا يدخل الجنة إلا مؤمن وهذا وان لم يذكر في سائر الروايات ، والاعتبار لا يساعد على ذلك لنزول آيات كثيرة مكية ومدنية في ذلك وخفاء الأمر في ذلك على المشركين إلى سنة تسع من الهجرة كالمحال عادة لكن ذلك أيضا مدلول للآيات الكريمة ، وعلى أي حال لم تكن رسالة علي (عليه السلام) مقصورة على تبليغ آيات براءة فحسب بل ولتبليغ ثلاثة أو أربعة أحكام قرآنية أخرى ، والجميع مشمول لما أنزل به جبرائيل عن الله سبحانه وتعالى على رسوله (صلى الله عليه وآله سلم) : انه لا يؤدى عنك إلا أنت أو رجل منك ، إذ لا دليل على تقييد الكلام على إطلاقه أصلا .

    سادسا : وهو رأي صاحب الميزان والذي أتبرك بذكره بالنص هنا ,
    فليت شعري من أين تسلموا أن هذه الجملة التي نزل بها جبرائيل : ( انه لا يؤدى عنك إلا أنت أو رجل منك ) مقيدة بنقض العهد لا يدل على أزيد من ذلك ، ولا دليل عليه من نقل أو عقل فالجملة ظاهرة أتم ظهور في أن ما كان على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يؤديه لا يجوز أن يؤديه إلا هو أو رجل منه , سواء كان نقض العهد من جانب الله تعالى كما في مورد براءة أو حكما آخر إلهيا على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يؤديه ويبلغه

    ألإشكال الثاني :
    هو أن أبا بكر كان أمير الحاج في ذلك العام ولم ينفصل من إمارة الحاج عندما أخذ علي (عليه السلام) سورة براءة منه . إذن أخذ السورة من أبي بكر لم يؤثر على موقعه القيادي ألذي دفعه أليه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)

    ورد عليه
    أولا : إن كتب السير والتاريخ مختلفة في كون أمارة الحاج بيد أبي بكر في ذلك العام أو بيد غيره، وقد أكد أكثر من مصدر بأن أبا بكر رجع إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ليستفهم منه سبب منعه من تبليغ براءة

    ثانيا : أن أبا بكر لم يكن هو الأمير إلى الأبد بل تولى الأمارة غيره أيضا. إذن أمارة الحاج لم تكن دليل الأفضلية بين أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ,

    ثالثا : ليس كل أمرة دليل على الأفضلية . إنما الإمرة التي تدل على الأفضلية هي الإمرة التي تكون على المعارف الإلهية ومواد الوحي النازلة من السماء في أمر الدين .كما في براءة .
    أما إمرة الحاج وغيرها هي من شعب الولاية الإسلامية العامة التي شأنها التصرف في الأمور الحيوية للمجتمع الإسلامي ، وإجراء الأحكام والشرائع الدينية ، ومن هذا المنطلق نرى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ينصب يوما أبا بكر أو عليا (عليه السلام) لإمارة الحاج ، ويؤمر يوما أسامة على أبى بكر وعامة الصحابة في جيشه ، ويولى يوما ابن أم مكتوم على المدينة وفيها من هو أفضل منه ، ويولى هذا مكة بعد فتحها ، وذاك اليمن ، وذاك أمر الصدقات ، وقد استعمل (صلى الله عليه وآله وسلم) أبا دجانة ألساعدي أو سباع بن عرفطة الغفاري على ما جاء في سيرة ابن هشام على المدينة عام حجة الوداع ، وفيها أبو بكر لم يخرج إلى الحج على ما رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وغيرهم .

    ألإشكال الثالث :
    إن بعض الشيعة يكبرون هذه المزية لعلى (عليه السلام) كعادتهم ويضيفون إليها ما لا تصح به رواية ، ولا تؤيده دراية فيستدلون بها على تفضيله على أبى بكر وكونه أحق بالخلافة منه ، ويزعمون أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عزل أبا بكر من تبليغ سورة براءة لان جبرائيل أمره بذلك ، وانه لا يبلغ عنه إلا هو أو رجل منه ولا يخصون هذا النفي بتبليغ نبذ العهود وما يتعلق به بل يجعلونه شاملا لأمر الدين كله . مع استفاضة الأخبار الصحيحة بوجوب تبليغ الدين على المسلمين كافة كالجهاد في حمايته والدفاع عنه ، وكونه فريضة لا فضيلة فقط ومنها قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) في حجة الوداع على مسمع الألوف من المسلمين ( ألا فليبلغ الشاهد الغائب ) وهو مكرر, وفي بعض الروايات عن ابن عباس : فو الذي نفسي بيده إنها لوصيته إلى أمته ( فليبلغ الشاهد الغائب ) الخ وحديث : ( بلغوا عنى ولو آية ) ولولا ذلك لما انتشر الإسلام ذلك الانتشار السريع في العالم .

    ورد عليه
    بأن هذا التبليغ يمتاز عن غيره لأنه التبليغ الأول عن السماء حيث أن الحكم لم يعلن بعد على مسامع المسلمين وغيرهم بل اختص به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ومن هنا ورد في الرواية أن الكتاب كان لدى أبي بكر مغلق لا يعلم ما فيه إلى أن أخذه الإمام منه. وهذا يغاير إبلاغ بقية الأحكام بتوسط من سمعها إلى من لم يسمعها التي كان النبي (صلى الله عليه وأله وسلم) قد أعلن عنها في ملأ المسلمين في مناسبات عدة، فمقام تبليغ سورة براءة هو مقام الناطق الرسمي عن الله تعالى .
    فإن قيل : هذا يعني أن عليا (عليه السلام) شارك النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في النبوة .
    قلنا : بأن الوارد في الرواية هو لا يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك وليس الوارد لا يؤدي إلا أنت أو رجل منك، وواضح الفرق بين المعنيين بأدنى تأمل.
    وهناك جواب للسيد صاحب الميزان هذا نصه (وهذا غير ما كان من أقسام الرسالة منه (صلى الله عليه وآله وسلم) مما ليس عليه أن يؤديه بنفسه الشريفة كالكتب التي أرسل بها إلى الملوك والأمم والأقوام في الدعوة إلى الإسلام وكذا سائر الرسالات التي كان يبعث بها رجالا من المؤمنين إلى الناس في أمور يرجع إلى دينهم والإمارات والولايات ونحو ذلك . ففرق جلى بين هذه الأمور وبين براءة ونظائرها فان ما تتضمنه آيات براءة وأمثال النهى عن الطواف عريانا ، والنهى عن حج المشركين بعد هذا العام أحكام إلهية ابتدائية لم تبلغ بعد ولم تؤد إلى من يجب تبليغه بها ، وهم المشركون بمكة والحجاج منهم ، ولا رسالة من الله في ذلك إلا لرسوله ، وأما سائر الموارد التي كان يكتفى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ببعث الرسل للتبليغ بها فقد كانت مما فرغ (صلى الله عليه وآله وسلم) فيها من أصل التبليغ والتأدية ، بتبليغه من وسعه تبليغه ممن حضر كالدعوة إلى الإسلام وسائر شرائع الدين وكان يقول : ( ليبلغ الشاهد منكم الغائب ) ثم إذا دعت الحاجة إلى تبليغه بعض من لا وثوق عادة في بلوغ الحكم إليه أو لا أثر لمجرد البلوغ إلا ان يعتني لشانه بكتاب أو رسول أو توسل عند ذلك إلى رسالة أو كتاب كما في دعوة الملوك . وليتأمل الباحث المنصف قوله : ( لا يؤدى عنك إلا أنت أو رجل منك ) فقد قال : ( لا يؤدى عنك إلا أنت ) ولم يقل : ( لا يؤدى إلا أنت أو رجل منك ) حتى يفيد اشتراك الرسالة ، ولم يقل : ( لا يؤدى عنك إلا رجل منك ) حتى يشمل سائر الرسالات التي كان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقلدها كل من كان من صالحي المؤمنين فإنما مفاد قوله : ( لا يؤدى عنك إلا أنت أو رجل منك ) أن الأمور الرسالية التي يجب عليك بنفسك ان تقوم بها لا يقوم بها غيرك عوضا عنك إلا رجل منك أي لا يخلفك فيما عليك كالتأدية الابتدائية إلا رجل منك )


    والآن عزيزي القارئ فالنتسائل : هل كان الله تعالى يعلم بأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) سيبعث أبا بكر أو لا ؟ والجواب الذي لا شك فيه أن الله تعالى يعلم بذالك فإذا كان يعلم فلماذا ترك النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقدم أبا بكر ثم يبعث أليه أن قدم عليا (عليه السلام) ؟
    وعن هذا التساؤل يمكن أن نجيب بعدة أجوبة

    أولا : بأن تبليغ الإمام علي (عليه السلام) لبراءة أمر ألهي لا دخل لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فيه كما في سد الأبواب المطلة على المسجد إلا باب الإمام علي (عليه السلام) فقد أكد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على ذلك عندما خاض الناس في سد الأبواب وفتح باب علي (عليه السلام) فلما سمع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ذلك صعد المنبر فقال : ما الذي تخوضون فيه ما أنا بالذي سددت أبوابكم وفتحت باب علي ولكن الله سد أبوابكم وفتح باب علي .
    وكذا عندما نصب عليا خليفة له في يوم الغدير وأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نوه إلا ذلك عندما جائه الحرث بن النعمان الفهري على ناقة ، فأناخ راحلته ونزل عنها وقال : يا محمد ! أمرتنا عن الله عز وجل بشهادة أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله فقبلنا منك ، وأمرتنا أن نصلي خمسا فقبلنا منك ، وأمرتنا بالزكاة فقبلنا ، وأمرتنا أن نصوم رمضان فقبلنا ، وأمرتنا بالحج فقبلنا ، ثم لم ترض بذلك حتى رفعت بضبعي ابن عمك تفضله علينا . فقلت : من كنت مولاه فعلي مولاه ! فهذا شئ منك أم من الله عز وجل ؟ فقال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : والذي لا إله إلا هو ، إن هذا من الله عز وجل . فولى الحارث بن النعمان يريد راحلته وهو يقول : اللهم إن كان ما يقول محمد حقا فأمطر علينا حجارة من السماء ، أو ائتنا بعذاب أليم ، فما وصل راحلته حتى رماه الله عز وجل بحجر ، سقط على هامته وخرج من دبره وقتله ، وأنزل الله تعالى (سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ*لِلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ*مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ)

    ثانيا : إن الله تبارك وتعالى أراد أن يبين للأمة إنه من ليس أهلا لتبليغ آيات من القرآن لا يمكن أن يكون قائدا للمسلمين وخليفة لرسول رب العالمين

    ثالثا : بأن الله تعالى يريد أن يبين أنه لا يمكن أن يبلغ عن الله تعالى إلا من كان عارفا بالله حق معرفته وأبو بكر لم يشهد له النبي بأنه من العارفين بالله بل شهد للإمام علي (عليه السلام) بذلك حيث قال (ما عرف الله حق قدره إلا أنا وأنت )

    خامسا : بأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أراد أن يمهد لخلافة الإمام علي (عليه السلام) ويشير أليها من بعيد وقريب وكما قال الشاعر
    ألعبد يفهم بالعصا والحر تكفيه الاشارة

    سادسا : أنه يشير إلى مقام عظيم للإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) وأن مقام تأدية الأحكام الإلهية لا يكون إلا للنبي أو من يؤديه عنه وهو منه،
    سابعا : أن ما يبلغه الإمام وبقية الأئمة لا ينحصر فيما بلغه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بل حتى الموارد التي لم يبلغها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) للأمة فهم يبلغونها عنه، وتشمل الأخذ عن مقامه النوري بعد مماته كما هو الحال في مصحف فاطمة (عليها السلام) لأن رواياتهم عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ليست روائية حسية سماعية كما هو المتعارف في نقلة الحديث خاضعة لشرائط الحس والمشاهدة، بل هي رواية نورية.
    هذا والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين أبي القاسم محمد وأل بيته الطيبين الطاهرين
    نادي عليا مظهر العجائب
    تجده عونا لك في النوائب

  • #2
    بوركت على الموضوع

    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
    x
    يعمل...
    X