((إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا))
انشداد الجماهير الى كل ما يرتبط بالامام المهدي ويقرب ظهوره المبارك جعل من البعض ممن يحسب رصيدهم على التشيع بدلاً من ان يستثمر هذه الجذوة الوقادة في نفوس الشيعة ومحبي الامام (عجل الله فرجه) راح يستغلها ضد عقيدة هؤلاء المؤمنين بإمامهم ليمهد الطريق لآخرين يفعلون أفعالاً تؤثر على نفوس الشيعة وشيئاً فشيئاً تخفت هذه الجذوة ظناً منهم انهم سوف يطفئونها في يوم من الايام الا ان الله تعالى الذي حفظ هذا النور وادام ضيائه يأبى الا ان يتم نوره ولو كره هؤلاء، ومن بين النماذج الانحرافية التي تعيشها ساحتنا الفكرية والجماهيرية هي دعوى احمد السلمي ابوة الامام المهدي النسبية له وان الامام عليه السلام -بدلاً من اسماعيل كاطع- ابوه الذي اولده من امه، ورغم ان هذه الدعوى لا يمكن تصديقها بحال لما يكتنفها بعد التدقيق والتأمل من مخالفة لأبسط الموازين الشرعية وارتكاب لأوضح الضرورات الدينية، ولا نريد الخوض في تفاصيل ذلك بل نكتفي بالاشارة الى ان الانتساب الصلبي لهذا المدعي البنوة للامام المهدي يعني مخالفةً لضرورة من ضرورات الاسلام في باب النكاح. وحيث ان هذه الدعوى واضحة البطلان ولا تحتاج الى اكثر من ان ينبه عليها المؤمنون لكي لا يستدرجوا ويستغلوا في عواطفهم استغلالاً سلبياً من قبل فئات ارتباطها واضح بايادٍ تهدف الى اسقاط مذهب اهل البيت عليهم السلام في عيون معتنقيه وفي عيون العالم بعد ان اضحى ينتشر بين افراد العالم كانتشار النور في الظلام الا اننا نريد ان نلفت الانتباه الى ضرورةٍ تسالم عليها علماء هذه الطائفة فضلاً عن جمهورها في ان كل من يدعي الارتباط المباشر والارتباط الملكوتي والارتباط التمثيلي عن الامام المهدي (عجل الله فرجه) قبل انقضاء الغيبة الكبرى فهو كافر كذاب ضال مضل منمس(1) يجب لعنه بمقتضى الآية التي صدّرنا بها البحث وكذلك الفتوى.
تقريب الاستدلال على اقتضاء اللعن للمدعي بدلالة الاية: فاننا لا نشك في ان من يهدف من خلال حركة او فعل او عقيدة الى اسقاط مذهب اهل البيت (عليهم السلام) او الانتقاص منه فانه يجب لعنه لأن الله تعالى قد اذن لنا بلعنه، وانه تعالى يلعنه، فلا نشك في ان من يفعل ما يوجب توهين المذهب والانتقاص منه فانه يؤذي الله ورسوله وبالتالي فانه يجب لعنه، وحيث ان ما صدر من هؤلاء على اقل وصف نصفهم به انهم وهنوا مذهب اهل البيت فبالتالي يكون مضمون الاية صادقاً عليهم هذا اذا لم نقل ان هؤلاء شوّهوا صورة الامام باسم الامام (أي بادعائهم نصرة الامام وانتسابهم المباشر له) وصوّروه على انه فرد عاجز لا يتمكن من تحقيق وعد الله الالهي الا بالاستعانة بامثال هؤلاء المتهلوسين وصوّروه على انه رجل ينتهك المحرمات ويرتكب ما نهى الله سبحانه وتعالى عنه لأنه في نظرهم لا اشكال في ان يتقرب الامام من النساء المحصنات والا قل لي بربك كيف خرج احمد من صلب الامام وامه على ذمة رجل آخر!، وبالتالي يكون لعنهم والتبرّي منهم أمراً لا يدخله الريب والشك.
يعلم الله ان الامام يتأذى من ذلك ويتفطر قلبه حزناً لما يفعل هؤلاء باسمه، بل لا نشك ان كثيراً من الآم الامام والمصائب التي يراها لما يحدث في العالم هي أهون بكثير عليه مما فعله هؤلاء به من خلال ادعاءاتهم المنحرفة وادعاءهم الالتصاق به والتمهيد لظهوره.
هذا وان في روايات اهل البيت (عليهم السلام) ما يشهد على ان من يدعي الولد للامام المهدي ملعون من قبل الله والناس والملائكة اجمعين ويكفي بهذه الرواية شاهداً على ما قدّمناه.
في الهداية الكبرى للحسين ابن حمدان الخصيبي الباب الرابع عشر باب الامام المهدي المنتظر (عليه السلام) ص361 عن المفضل بن عمر قال: سمعت ابا عبد الله عليه السلام يقول: اياكم والتنويه والله ليغيبن مهديكم سنين من دهركم يطول عليكم وتقولون أي وليت ولعل وكيف، وتتمحصوا وتطلع الشكوك في انفسكم حتى يقال مات أو هلك فبأي وادٍ سلك، ولتدمعن عليه اعين المؤمنين ولتكفؤن كما تنكفئ السفن في امواج البحر حتى لا ينجو الا من اخذ الله ميثاقه وكتب الايمان في قلبه وايده بروح منه، ولترفعن اثنى عشر راية مشتبهة لا يدرون امرها ما تصنع.
قال المفضل: فبكيت وقلت سيدي وكيف تصنع أولياؤكم؟ فنظر الى شمس قد دخلت في الصفة فقال: ترى هذه الشمس يا مفضل؟ قلت نعم يا مولاي،
قال: والله لأمرنا انور وابين منها وليقال ولد المهدي في غيبته ومات،
ويقولون بالولد منه، واكثرهم تجحد ولادته وكونه، اولئك عليهم لعنة الله والناس اجمعين.
ومعنى ذلك ان من يقول بان المهدي صار له اولاد ايام غيبته فعليه لعنة الله والناس اجمعين.
ومن يقول ان المهدي (عليه السلام) قد ولد له او يدعي احد انه ولده فعليه لعنة الله والناس أجمعين.
انه لو كان لا بد ان يكون للامام (عليه السلام) من ولد في عصر الغيبة الكبرى لذكرت لنا الروايات ذلك ولبشّر به الائمة الاطهار (عليهم السلام)، فلم يكتفوا بعدم ذكرهم له، بل نفوا ذلك كما جاء في هذا الحديث واحاديث اخرى منها:
ما رواه الشيخ الطوسي في الغيبة في ص 224 عن علي بن ابي حمزة انه دخل على الرضا (عليه السلام) فقال له: انت امام؟.
قال: نعم، فقال له: اني سمعت جدك جعفر بن محمد عليهم السلام يقول: لا يكون الامام الا وله عقب.
فقال: انسيت يا شيخ او تناسيت؟ ليس هكذا قال جعفر عليه السلام، انما قال جعفر عليه السلام:
لا يكون الامام الا وله عقب الا الامام الذي يخرج عليه الحسين بن علي عليهما السلام فانه لا عقب له، فقال له: صدقت جعلت فداك هكذا سمعت جدك يقول.
كيف وقد روى الصدوق وغيره عن امير المؤمنين (عليه السلام): ((صاحب هذا الامر الشريد الطريد الفريد الوحيد)).
تعليق