إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مناظرة بهلول مع عمرو بن العطاء العدوي

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مناظرة بهلول مع عمرو بن العطاء العدوي

    حكى صاحب المجالس عن الشيخ الاَجل المتكلم محمد بن جرير بن رستم الطبري انّه روى في كتاب الايضاح أن البهلول كان ماراً في بعض أزقة البصرة فرأى جماعة يسرعون في المشي أمامه فقال لرجل منهم : هؤلاء البهائم الشاردون بلا راع إلى أين يذهبون ؟!
    فقال له ذلك الرجل من باب المزاح : يطلبون الماء والكلأ !!
    فقال له البهلول : كيف ذلك مع قلة الحمى والمنع الشديد ، والله لقد كان العلف كثيراً رخيصاً ولكنهم أحرقوه بالنار ، ثم أنشد هذه الاَبيات :
    بـرئت إلــى الله من ظالم
    لسبط النبــي أبي القاسـم
    ودنــت إلهي بحب الوصي
    وحب النبي أبـي فاطــم
    وذلك حـــرز من النائبات
    ومـن كل متهــم‌غاشـم
    بهم أرتجـي الفوز يوم المعاد
    وأنجو غداً من لظى ضارم
    فلما سمعوا كلامه رجعوا إليه ، وقالوا له : إنهم ذاهبون إلى مجلس والي البصرة محمد بن سليمان ابن عم الرشيد .
    فقال : لاَي شيءٍ تذهبون إليه ؟
    فقالوا : إن عمرو بن عطاء العدوي من أولاد عمر بن الخطاب ، ومن علماء الزمان حضر مجلسه ، ونريد تحقيق حاله ومعرفة مبلغ فضله وكماله ، وإن كنت تذهب معنا لتناظره كان ذلك حسناً !
    فقال لهم بهلول : ويلكم ، مجادلة العاصي توجب زيادة جرأته على العصيان ، ويمكن أن توقع أصحاب البصيرة في الشبهة ، ولا شكّ في وجود الله تعالى ، ولا شبهة في الحق ولا التباس ، فإذا كنتم من أهل المعرفة تقنعون بما أخذتم من أهل العرفان .
    فلما يئسوا منه ذهبوا إلى مجلس محمد بن سليمان ، وحكوا له ما جرى لهم مع البهلول ، فأمر غلمانه بإحضاره فأحضروه ، فلما وصل إلى قرب دار محمد بن سليمان ، قام عمرو بن عطاء العدوي واستأذن محمد بن سليمان في مناظرة بهلول؟ فإذن له .
    فلما وصل بهلول إلى الدار قال : السلام على من اتبع الهدى وتجنب الضلالة والغوى .
    فقال عمرو بن عطاء : السلام على المسلمين ، إجلس يا بهلول ؟
    فقال بهلول : أتأمرني بشيء لا مدخل لك فيه ، وتتقدم فيه على رجل فضله عليك ظاهر ، ومثلك في هذا الباب مثل رجل طفيلي على خوان رجل آخر ويريد أن يمتن على الناس ويعطيهم من هذا الخوان !!
    فبقي عمرو بن عطاء مبهوتاً لا يحير جواباً !!
    فحينئذٍ قال محمد بن سليمان لعمرو بن عطاء : كنت تريد أن تناظره ، وهو في حديث الورود جعلك ساكتاً مبهوتاً !
    فقال بهلول : أيها الاَمير هذا الاَمر ليس صعباً عند الله تعالى ، أما قرأت قوله تعالى : فبهتَ الذي كفرَ واللهُ لا يهدي القومَ الظالمين
    ثم قال محمد بن سليمان للبهلول : المجلس مجلسي وقد أذنت لك في الجلوس !
    فدعا له بهلول فقال : عمر الله مجلسك ، وأسبغ نعمه عليك ، وأوضح برهان الحق لديك ، وأراك الحق حقاً ، وأعانك على اتباعه ، وأراك الباطل باطلاً ، وأعانك على اجتنابه .
    فقال عمرو بن عطاء : يا بهلول التزم طريق الحق وابتعد عن الهزل ، وتكلم كلاماً حسناً !؟
    فقال بهلول : ويلك ! هل يوجد كلام أحسن من هذا الكلام الاِلهي ؟ وهل يوجد كلام جدي غيره ؟ فأنت تكلم كلاماً تقياً ، ولا تشر إلى عيوب الناس قبل أن تنظر في عيب نفسك !
    فقال عمرو بن عطاء : أنت ترى نفسك من مشهوري زمانك ، وتدعي الاطلاع على المعارف ، فأريد إما أن تسألني أو أسألك ؟
    فقال بهلول : لا أحب أن أكون سائلاً ولا مسؤلاً !!
    فقال العدوي : لماذا ؟
    قال : لاَني إذا سألتك عن شيء لا تعلمه ؟ لا تقدر أن تجيبني عنه ، وإذا سألتني تسألني بطريق أهل التعنت والعناد ؟ فيختلط الحق بالباطل ، والذين هم كذلك نهى الله تعالى عن مجالستهم بقوله تعالى : وإذا رأيتَ الَّذينَ يَخُوضونَ في آياتِنا فأعرِض عنهُم حتى يخُوضُوا في حديثٍ غَيرهِ وإِما يُنسينَّكَ الشيطانُ فلا تقعُد بعدَ الذكرى مع القومِ الظالمين
    فقال العدوي : إن كنت من أهل الاِيمان ، فقل لي ما هو الاِيمان ؟
    فقال بهلول : قال مولاي جعفر بن محمد الصادق عليه السلام : الاِيمان عقد بالقلب ، وقول باللسان ، وعمل الجوارح والاَركان.
    فقال العدوي : تقول ان إمامك الصادق ! فيظهر من هذا انه في زمانه لم يكن صادق غيره ؟
    فقال بهلول : هو كذلك ، ومع ذلك فهذا يجري عليك فإن سُميَّ أبا بكر الصديق ، فهل في زمانه لم يكن صديق غيره ؟!
    فقال العدوي : بلى ، لم يكن غيره ؟
    فقال بهلول : كلامك هذا ردٌ على الكتاب والسنة ، أما الكتاب : فلأن الله تعالى جعل من آمن بالله ورسوله صدِّيقاً ، فقال : والذين آمنوا بالله ورسُله أولئك هُمُ الصديقُون ، وأما السنة فلأن الرسول صلى الله عليه وآله قال لبعض أصحابه : إذا فعلت الخير كنتَ صدِّيقاً
    .
    فقال العدوي : إن أبا بكر سمي صدِّيقاً لاَنه أول رجل صَدق الرسول صلى الله عليه واله .
    فقال بهلول : مع أن الاَولوية ممنوعة ، تخصيصه بذلك خطأ في اللغة ، ورداً على الآية المذكورة ؟!
    فترك العدوي هذه الجهة وجعل ينتقل معه من غصن إلى غصن إلى أن قال لبهلول : من إمامك ؟
    قال : إمامي من أوجب الرسول صلى الله عليه وآله له على الخلق الولاء ، وتكاملت فيه الخيرات ، وتنزّه عن الاَخلاق الدنيات ، ذلك إمامي وإمام البريات.
    فقال له العدوي : ويلك إذاً لا ترى أن إمامك هارون الرشيد ؟
    فقال البهلول : أنت لاَي شيءٍ ترى أن أمير المؤمنين خال من هذه الصفات والمحامد ، والله إني لا أظن إلا أنك عدو لاَمير المؤمنين ، مخالف له في الباطن وتظهر الاعتقاد بخلافته ، وأقسم بالله لو بلغه هذا الخبر لاَدبك تأديباً بليغاً.
    فضحك عند ذلك محمد بن سليمان ! وقال لعمرو بن عطاء : والله لقد ضيعك بهلول ، وجعلك لا شيءَ ، وأوقعك في الورطة التي أردت أن توقعه فيها ، وما أحسن بالاِنسان أن يبتعد عما لا يحسنه ، وما أقبح به أن يدخل في شيءٍ يعلم أنه ليس من أهله ، ثمّ أمر بعض غلمانه فأخذ بيد عمرو بن عطاء وأخرجه من المجلس !
    وقال لبهلول : ما الفضل إلا فيك ، وما العقل إلا عندك ، والمجنون من سماك مجنوناً ، يا بهلول ، أخبرني : أيهما أفضل علي بن أبي طالب عليه السلام أو أبو بكر؟
    فقال بهلول : أصلح الله الاَمير : إن علياً من النبي صلى الله عليه وآله كالصنو من الصنو، والعضد من الذراع ، وأبو بكر ليس منه ، ولا يوازيه في فضله إلا مثله ، ولكل فاضل فضله !
    ثم قال محمد بن سليمان لبهلول : أخبرني أولاد علي أحق بالخلافة أو أولاد العباس ؟
    فرأى بهلول أن المقام حرج ! فسكت خوفاً من محمد !
    فقال له محمد : لم لا تتكلم ؟
    فقال بهلول : أين للمجانين قوة تمييز وتحقيق هذه الاَمور ؟!




  • #2
    هو : أبو وهيب بهلول بن عمر الصيرفي الكوفي ، ولد بالكوفة وعن مجالس المؤمنين ، أن بهلولاً كان من أصحاب الاِمام الصادق عليه السلام وأنّه كان يستعمل التقية ، وان الرشيد كان يسعى في قتل الاِمام الكاظم عليه السلام ، ويحتال في ذلك ، فأرسل إلى حملة الفتوى يستفتيهم في إباحة دمه متهماً أياه بارادة الخروج عليه ، ومنهم البهلول ، فخاف من هذا واستشار الكاظم عليه السلام فأمره بإظهار الجنون ليسلم ، وفي روضات الجنات : ان الرشيد أراد منه ان يتولى القضاء ، فأبى ذلك ، وأراد أن يتخلص منه فاظهر الجنون ، فلما أصبح تجانن وركب قصبة ودخل السوق وكان يقول : طرقوا خلوا الطريق لا يطأكم فرسي ، فقال الناس : جن بهلول ، فقال هارون : ما جنّ ولكن فر بدينه منا ، وبقي على ذلك إلى أن مات ، ويظهر من أخباره ومناظراته انّه كان من أهل الموالاة والتشيع لاَهل البيت عليه السلام عن بصيرة نافذة ، وله كلمات حسنة ومواعظ بليغة وأشعار رائقة منها قوله :
    يـا مـن تمتع بالدنيا وزينتها *** ولا تنام عن اللذات عيناه
    شغلت نفسك فيما ليس تدركه *** تقول لله مـاذا حين تلقاه
    وقال للرشيد يوماً :
    هب أنك قد ملكت الاَرض يوماً *** ًودان لك العباد فكان ماذا
    ألست تـصير فـي قبر ويحث *** وعليك ترابه هـذا وهذا
    قيل توفي سنة 190 هـ ، وقبره ببغداد.
    الاخت الفاضلة
    تقوى القلوب
    نشكركم على نقل هذه المناظرة العلمية
    sigpic

    تعليق


    • #3

      sigpic

      تعليق


      • #4
        شكرا اختي الكريمة
        ونتمنى لك التالق دائما
        اللهم صل على محمد وال محمد​

        تعليق


        • #5
          تحياتي لكم بعطر تراب كربلاء

          سرني تواجدكم



          تعليق


          • #6
            شكرا لك أختي

            (تقوى القلوب)


            بارك الله بك ودمت بتوفيق الله
            آنِي آرَيدُ آمَنْا َيَا آبَنْ فَاطِمَةَ ... مُسْتمَسِگـاً بِيَدَي مَنْ طارَقِِ آلزَِمَنِ ِ

            تعليق


            • #7
              حياكم الله اخواتي

              دعائكم لخادمتكم تقوى



              تعليق


              • #8
                بسم الله الرحمن الرحيم

                اللهم صل على محمد وال محمد الابرار الاخيار

                اللهم عجل لوليك الفرج

                بارك الله فيك على الموضوع القيم والمميز


                تعليق


                • #9
                  تقوىة القلوب ..جزيل الشكر على هذا الموضوع المميز وزادك الله ايمانا وتميزا ووفقك الله.

                  تعليق


                  • #10
                    يااهلا بكم اخوتي الاطايب

                    شكرا لمروركم



                    تعليق

                    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                    حفظ-تلقائي
                    Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
                    x
                    يعمل...
                    X