إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

هذا هو السعيد حقا !

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • هذا هو السعيد حقا !


    هذا هو السعيد حقا !
    رُوِيَ عَنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ [1] ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ، عَنْ أَبِيهِ ( عليهم السلام ) ، قَالَ : بَيْنَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ( عليه السَّلام ) ذَاتَ يَوْمٍ جَالِسٌ مَعَ أَصْحَابِهِ يُعَبِّيهِمْ لِلْحَرْبِ إِذَا أَتَاهُ شَيْخٌ عَلَيْهِ شَحْبَةُ السَّفَرِ .
    فَقَالَ : أَيْنَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ؟
    فَقِيلَ : هُوَ ذَا .
    فَسَلَّمَ عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنِّي أَتَيْتُكَ مِنْ نَاحِيَةِ الشَّامِ ، وَ أَنَا شَيْخٌ كَبِيرٌ قَدْ سَمِعْتُ فِيكَ مِنَ الْفَضْلِ مَا لَا أُحْصِي ، وَ إِنِّي أَظُنُّكَ سَتُغْتَالُ ، فَعَلِّمْنِي مِمَّا عَلَّمَكَ اللَّهُ .
    قَالَ : " نَعَمْ يَا شَيْخُ ، مَنِ اعْتَدَلَ يَوْمَاهُ فَهُوَ مَغْبُونٌ ، وَ مَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هِمَّتَهُ اشْتَدَّتْ حَسْرَتُهُ عِنْدَ فِرَاقِهَا ، وَ مَنْ كَانَ غَدُهُ شَرَّ يَوْمَيْهِ فَهُوَ مَحْرُومٌ ، وَ مَنْ لَمْ يُبَالِ بِمَا رُزِئَ مِنْ آخِرَتِهِ إِذَا سَلِمَتْ لَهُ دُنْيَاهُ فَهُوَ هَالِكٌ ، وَ مَنْ لَمْ يَتَعَاهَدِ النَّقْصَ مِنْ نَفْسِهِ غَلَبَ عَلَيْهِ الْهَوَى ، وَ مَنْ كَانَ فِي نَقْصٍ فَالْمَوْتُ خَيْرٌ لَهُ .
    يَا شَيْخُ ، ارْضَ لِلنَّاسِ مَا تَرْضَى لِنَفْسِكَ ، وَ ائْتِ إِلَى النَّاسِ مَا تُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْكَ " .
    ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أَصْحَابِهِ ، فَقَالَ : " أَيُّهَا النَّاسُ أَ مَا تَرَوْنَ إِلَى أَهْلِ الدُّنْيَا يُمْسُونَ وَ يُصْبِحُونَ عَلَى أَحْوَالٍ شَتَّى ، فَبَيْنَ صَرِيعٍ يَتَلَوَّى ، وَ بَيْنَ عَائِدٍ وَ مَعُودٍ ، وَ آخَرُ بِنَفْسِهِ يَجُودُ ، وَ آخَرُ لَا يُرْجَى ، وَ آخَرُ مُسَجًّى ، وَ طَالِبِ الدُّنْيَا وَ الْمَوْتُ يَطْلُبُهُ ، وَ غَافِلٍ وَ لَيْسَ بِمَغْفُولٍ عَنْهُ ، وَ عَلَى أَثَرِ الْمَاضِي يَصِيرُ الْبَاقِي " .
    فَقَالَ لَهُ زَيْدُ بْنُ صُوحَانَ الْعَبْدِيُّ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، أَيُّ سُلْطَانٍ أَغْلَبُ وَ أَقْوَى ؟
    قَالَ : " الْهَوَى " .
    قَالَ : فَأَيُّ ذُلٍّ أَذَلُّ ؟
    قَالَ : " الْحِرْصُ عَلَى الدُّنْيَا " .
    قَالَ : فَأَيُّ فَقْرٍ أَشَدُّ ؟
    قَالَ : " الْكُفْرُ بَعْدَ الْإِيمَانِ " .
    قَالَ : فَأَيُّ دَعْوَةٍ أَضَلُّ ؟
    قَالَ : " الدَّاعِي بِمَا لَا يَكُونُ‏ " .
    قَالَ : فَأَيُّ عَمَلٍ أَفْضَلُ ؟
    قَالَ : " التَّقْوَى " .
    قَالَ : فَأَيُّ عَمَلٍ أَنْجَحُ ؟
    قَالَ : " طَلَبُ مَا عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ " .
    قَالَ : فَأَيُّ صَاحِبٍ لَكَ شَرٌّ ؟
    قَالَ : " الْمُزَيِّنُ لَكَ مَعْصِيَةَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ " .
    قَالَ : فَأَيُّ الْخَلْقِ أَشْقَى ؟
    قَالَ : " مَنْ بَاعَ دِينَهُ بِدُنْيَا غَيْرِهِ " .
    قَالَ : فَأَيُّ الْخَلْقِ أَقْوَى ؟
    قَالَ : " الْحَلِيمُ " .
    قَالَ : فَأَيُّ الْخَلْقِ أَشَحُّ ؟
    قَالَ : " مَنْ أَخَذَ الْمَالَ مِنْ غَيْرِ حِلِّهِ فَجَعَلَهُ فِي غَيْرِ حَقِّهِ " .
    قَالَ : فَأَيُّ النَّاسِ أَكْيَسُ ؟
    قَالَ : " مَنْ أَبْصَرَ رُشْدَهُ مِنْ غَيِّهِ ، فَمَالَ إِلَى رُشْدِهِ " .
    قَالَ : فَمَنْ أَحْلَمُ النَّاسِ ؟
    قَالَ : " الَّذِي لَا يَغْضَبُ " .
    قَالَ : فَأَيُّ النَّاسِ أَثْبَتُ رَأْياً ؟
    قَالَ : " مَنْ لَمْ يَغُرَّهُ النَّاسُ مِنْ نَفْسِهِ ، وَ مَنْ لَمْ تَغُرَّهُ الدُّنْيَا بِتَشَوُّفِهَا " .
    قَالَ : فَأَيُّ النَّاسِ أَحْمَقُ ؟
    قَالَ : " الْمُغْتَرُّ بِالدُّنْيَا وَ هُوَ يَرَى مَا فِيهَا مِنْ تَقَلُّبِ أَحْوَالِهَا " .
    قَالَ : فَأَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ حَسْرَةً ؟
    قَالَ : " الَّذِي حُرِمَ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةَ ، ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ " .
    قَالَ : فَأَيُّ الْخَلْقِ أَعْمَى ؟
    قَالَ : " الَّذِي عَمِلَ لِغَيْرِ اللَّهِ يَطْلُبُ بِعَمَلِهِ الثَّوَابَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ " .
    قَالَ : فَأَيُّ الْقُنُوعِ أَفْضَلُ ؟
    قَالَ : " الْقَانِعُ بِمَا أَعْطَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ " .
    قَالَ : فَأَيُّ الْمَصَائِبِ أَشَدُّ ؟
    قَالَ : " الْمُصِيبَةُ بِالدِّينِ " .
    قَالَ : فَأَيُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ؟
    قَالَ : " انْتِظَارُ الْفَرَجِ " .
    قَالَ : فَأَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ عِنْدَ اللَّهِ ؟
    قَالَ : " أَخْوَفُهُمْ لِلَّهِ ، وَ أَعْمَلُهُمْ بِالتَّقْوَى ، وَ أَزْهَدُهُمْ فِي الدُّنْيَا " .
    قَالَ : فَأَيُّ الْكَلَامِ أَفْضَلُ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ؟
    قَالَ : " كَثْرَةُ ذِكْرِهِ ، وَ التَّضَرُّعُ إِلَيْهِ بِالدُّعَاءِ " .
    قَالَ : فَأَيُّ الْقَوْلِ أَصْدَقُ ؟
    قَالَ : " شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ " .
    قَالَ : فَأَيُّ الْأَعْمَالِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ؟
    قَالَ : " التَّسْلِيمُ وَ الْوَرَعُ " .
    قَالَ : فَأَيُّ النَّاسِ أَصْدَقُ ؟
    قَالَ : " مَنْ صَدَقَ فِي الْمَوَاطِنِ " .
    ثُمَّ أَقْبَلَ ( عليه السَّلام ) عَلَى الشَّيْخِ ، فَقَالَ : " يَا شَيْخُ ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَ خَلْقاً ضَيَّقَ الدُّنْيَا عَلَيْهِمْ ، نَظَراً لَهُمْ ، فَزَهَّدَهُمْ فِيهَا وَ فِي حُطَامِهَا ، فَرَغِبُوا فِي دَارِ السَّلَامِ الَّتِي دَعَاهُمْ إِلَيْهَا ، وَ صَبَرُوا عَلَى ضِيقِ الْمَعِيشَةِ ، وَ صَبَرُوا عَلَى الْمَكْرُوهِ ، وَ اشْتَاقُوا إِلَى مَا عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِنَ الْكَرَامَةِ ، فَبَذَلَوا أَنْفُسَهُمُ ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ ، وَ كَانَتْ خَاتِمَةُ أَعْمَالِهِمُ الشَّهَادَةَ ، فَلَقُوا اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ هُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ ، وَ عَلِمُوا أَنَّ الْمَوْتَ سَبِيلُ مَنْ مَضَى وَ مَنْ بَقِيَ ، فَتَزَوَّدُوا لآِخِرَتِهِمْ غَيْرَ الذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ ، وَ لَبِسُوا الْخَشِنَ ، وَ صَبَرُوا عَلَى الْبَلْوَى ، وَ قَدَّمُوا الْفَضْلَ ، وَ أَحَبُّوا فِي اللَّهِ ، وَ أَبْغَضُوا فِي اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ، أُولَئِكَ الْمَصَابِيحُ وَ أَهْلُ النَّعِيمِ فِي الْآخِرَةِ ، وَ السَّلَامُ " .
    قَالَ الشَّيْخُ : فَأَيْنَ أَذْهَبُ وَ أَدَعُ الْجَنَّةَ وَ أَنَا أَرَاهَا وَ أَرَى أَهْلَهَا مَعَكَ ، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ جَهِّزْنِي بِقُوَّةٍ أَتَقَوَّى بِهَا عَلَى عَدُوِّكَ .
    فَأَعْطَاهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ( عليه السَّلام ) سِلَاحاً ، وَ حَمَلَهُ ، وَ كَانَ فِي الْحَرْبِ بَيْنَ يَدَيْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ( عليه السَّلام ) يَضْرِبُ قُدُماً ، وَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ( عليه السَّلام ) يَعْجَبُ مِمَّا يَصْنَعُ ، فَلَمَّا اشْتَدَّ الْحَرْبُ أَقْدَمَ فَرَسَهُ حَتَّى قُتِلَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ ، وَ أَتْبَعَهُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ( عليه السَّلام ) ، فَوَجَدَهُ صَرِيعاً وَ وَجَدَ دَابَّتَهُ وَ وَجَدَ سَيْفَهُ فِي ذِرَاعِهِ ، فَلَمَّا انْقَضَتِ الْحَرْبُ أَتَى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ( عليه السَّلام ) بِدَابَّتِهِ وَ سِلَاحِهِ ، وَ صَلَّى عَلَيْهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ( عليه السَّلام ) ، وَ قَالَ : " هَذَا وَ اللَّهِ السَّعِيدُ حَقّاً ، فَتَرَحَّمُوا عَلَى أَخِيكُمْ " [2].



    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	1613390891-60313191.gif 
مشاهدات:	3 
الحجم:	60.4 كيلوبايت 
الهوية:	847153

    [1] أي الإمام موسى بن جعفر الكاظم ( عليه السَّلام ) ، سابع أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) .
    [2] من لا يحضره الفقيه : 4 / 381 ، للشيخ أبي جعفر محمد بن علي بن حسين بن بابويه القمي المعروف بالشيخ الصدوق ، المولود سنة : 305 هجرية بقم ، و المتوفى سنة : 381 هجرية ، طبعة انتشارات إسلامي التابعة لجماعة المدرسين ، الطبعة الثالثة ، سنة : 1413 هجرية ، قم / إيران .

    التعديل الأخير تم بواسطة الصدوق; الساعة 16-12-2013, 11:42 AM. سبب آخر: حذف رابط (وصلة)
    sigpic

  • #2
    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	Untitled-Stitched-12.jpg 
مشاهدات:	2 
الحجم:	244.1 كيلوبايت 
الهوية:	828386
    احسنتم بارك الله فيكم
    منتدى الكفيل
    الراية الحمراء

    تعليق


    • #3
      بسم الله الرحمن الرحيم

      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

      للسعادة في حياة الإنسان أهمية عظيمة . فهي أساس إستقراره و طمأنينته . وهي

      ليست شيئا ماديا يمكن أن يحصل عليها المرء من سوق الأحاسيس . و لكنها شعور داخلي خاص بالأمن و السلام

      و الطمأنينة . و في عالم يهيج و يموج بالضغوط المادية و الدنيوية على الأرواح و الأنفس و القلوب تبرز الحاجة في

      معرفة الطريق الموصل إلى السعادة و الطمانينة و السلام .

      و لست أرى السعادة جمع مال *** و لكن التقي هو السعيد .


      ففي ظل الله. و في رعاية الله و كنفة. و في لحظات التضرع له و الإستسلام بين يديه تعالى و في لحظات الخضوع

      و السجود له و في مناجاته و الإتصال به في جوف الليل البهيم و حين التفكر في خلقه و استشعار عظمته تناجيه

      و تقول : يارب . فيجيبك : عبدي . . تناديه و هو السميع البصير . . فيجيبك : لبيك عبدي لبيك . إنه معك يراك

      و يسمعك و يعلم قدر تذللك بين يديه و خضوعك و استسلامك له. . فكيف لا تشعر بالأمن و الإطمئنان؟

      ( يعلم مايلج فى الأرض ومايخرج منها وما ينزل من السماء ومايعرج فيها وهو معكم أين ماكنتم والله بما تعلمون بصير)

      الاخت الفاضلة والقديرة ام حيدر .. دائما تردفونا بما هو شيق ورائع

      دمتم بود

      تعليق


      • #4
        نعم والله هو السعيد قرأت الرواية بتمعن وكنت احدث نفسي بالقول ان السعادة تكمن بلقائهم والأنس بحديثهم والاستهاد بين يديهم ودنهم سلام الله عليهم آجمعين
        ادركت بالنهاية إن الرجل قد نال كل هولاء فهو سعيد بحق ودون منازع
        وفقكم الله أختي
        اباعبدالله اكل هذا الحنين للقياكَ
        ام انني لااستحق رؤياكَ
        ولذا لم يأذن الله لي بزيارتك ولمس ضريحك الطاهر

        تعليق


        • #5
          المشاركة الأصلية بواسطة ام حيدر مشاهدة المشاركة

          هذا هو السعيد حقا !
          رُوِيَ عَنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ [1] ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ، عَنْ أَبِيهِ ( عليهم السلام ) ، قَالَ : بَيْنَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ( عليه السَّلام ) ذَاتَ يَوْمٍ جَالِسٌ مَعَ أَصْحَابِهِ يُعَبِّيهِمْ لِلْحَرْبِ إِذَا أَتَاهُ شَيْخٌ عَلَيْهِ شَحْبَةُ السَّفَرِ .
          فَقَالَ : أَيْنَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ؟
          فَقِيلَ : هُوَ ذَا .
          فَسَلَّمَ عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنِّي أَتَيْتُكَ مِنْ نَاحِيَةِ الشَّامِ ، وَ أَنَا شَيْخٌ كَبِيرٌ قَدْ سَمِعْتُ فِيكَ مِنَ الْفَضْلِ مَا لَا أُحْصِي ، وَ إِنِّي أَظُنُّكَ سَتُغْتَالُ ، فَعَلِّمْنِي مِمَّا عَلَّمَكَ اللَّهُ .
          قَالَ : " نَعَمْ يَا شَيْخُ ، مَنِ اعْتَدَلَ يَوْمَاهُ فَهُوَ مَغْبُونٌ ، وَ مَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هِمَّتَهُ اشْتَدَّتْ حَسْرَتُهُ عِنْدَ فِرَاقِهَا ، وَ مَنْ كَانَ غَدُهُ شَرَّ يَوْمَيْهِ فَهُوَ مَحْرُومٌ ، وَ مَنْ لَمْ يُبَالِ بِمَا رُزِئَ مِنْ آخِرَتِهِ إِذَا سَلِمَتْ لَهُ دُنْيَاهُ فَهُوَ هَالِكٌ ، وَ مَنْ لَمْ يَتَعَاهَدِ النَّقْصَ مِنْ نَفْسِهِ غَلَبَ عَلَيْهِ الْهَوَى ، وَ مَنْ كَانَ فِي نَقْصٍ فَالْمَوْتُ خَيْرٌ لَهُ .
          يَا شَيْخُ ، ارْضَ لِلنَّاسِ مَا تَرْضَى لِنَفْسِكَ ، وَ ائْتِ إِلَى النَّاسِ مَا تُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْكَ " .
          ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أَصْحَابِهِ ، فَقَالَ : " أَيُّهَا النَّاسُ أَ مَا تَرَوْنَ إِلَى أَهْلِ الدُّنْيَا يُمْسُونَ وَ يُصْبِحُونَ عَلَى أَحْوَالٍ شَتَّى ، فَبَيْنَ صَرِيعٍ يَتَلَوَّى ، وَ بَيْنَ عَائِدٍ وَ مَعُودٍ ، وَ آخَرُ بِنَفْسِهِ يَجُودُ ، وَ آخَرُ لَا يُرْجَى ، وَ آخَرُ مُسَجًّى ، وَ طَالِبِ الدُّنْيَا وَ الْمَوْتُ يَطْلُبُهُ ، وَ غَافِلٍ وَ لَيْسَ بِمَغْفُولٍ عَنْهُ ، وَ عَلَى أَثَرِ الْمَاضِي يَصِيرُ الْبَاقِي " .
          فَقَالَ لَهُ زَيْدُ بْنُ صُوحَانَ الْعَبْدِيُّ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، أَيُّ سُلْطَانٍ أَغْلَبُ وَ أَقْوَى ؟
          قَالَ : " الْهَوَى " .
          قَالَ : فَأَيُّ ذُلٍّ أَذَلُّ ؟
          قَالَ : " الْحِرْصُ عَلَى الدُّنْيَا " .
          قَالَ : فَأَيُّ فَقْرٍ أَشَدُّ ؟
          قَالَ : " الْكُفْرُ بَعْدَ الْإِيمَانِ " .
          قَالَ : فَأَيُّ دَعْوَةٍ أَضَلُّ ؟
          قَالَ : " الدَّاعِي بِمَا لَا يَكُونُ‏ " .
          قَالَ : فَأَيُّ عَمَلٍ أَفْضَلُ ؟
          قَالَ : " التَّقْوَى " .
          قَالَ : فَأَيُّ عَمَلٍ أَنْجَحُ ؟
          قَالَ : " طَلَبُ مَا عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ " .
          قَالَ : فَأَيُّ صَاحِبٍ لَكَ شَرٌّ ؟
          قَالَ : " الْمُزَيِّنُ لَكَ مَعْصِيَةَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ " .
          قَالَ : فَأَيُّ الْخَلْقِ أَشْقَى ؟
          قَالَ : " مَنْ بَاعَ دِينَهُ بِدُنْيَا غَيْرِهِ " .
          قَالَ : فَأَيُّ الْخَلْقِ أَقْوَى ؟
          قَالَ : " الْحَلِيمُ " .
          قَالَ : فَأَيُّ الْخَلْقِ أَشَحُّ ؟
          قَالَ : " مَنْ أَخَذَ الْمَالَ مِنْ غَيْرِ حِلِّهِ فَجَعَلَهُ فِي غَيْرِ حَقِّهِ " .
          قَالَ : فَأَيُّ النَّاسِ أَكْيَسُ ؟
          قَالَ : " مَنْ أَبْصَرَ رُشْدَهُ مِنْ غَيِّهِ ، فَمَالَ إِلَى رُشْدِهِ " .
          قَالَ : فَمَنْ أَحْلَمُ النَّاسِ ؟
          قَالَ : " الَّذِي لَا يَغْضَبُ " .
          قَالَ : فَأَيُّ النَّاسِ أَثْبَتُ رَأْياً ؟
          قَالَ : " مَنْ لَمْ يَغُرَّهُ النَّاسُ مِنْ نَفْسِهِ ، وَ مَنْ لَمْ تَغُرَّهُ الدُّنْيَا بِتَشَوُّفِهَا " .
          قَالَ : فَأَيُّ النَّاسِ أَحْمَقُ ؟
          قَالَ : " الْمُغْتَرُّ بِالدُّنْيَا وَ هُوَ يَرَى مَا فِيهَا مِنْ تَقَلُّبِ أَحْوَالِهَا " .
          قَالَ : فَأَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ حَسْرَةً ؟
          قَالَ : " الَّذِي حُرِمَ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةَ ، ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ " .
          قَالَ : فَأَيُّ الْخَلْقِ أَعْمَى ؟
          قَالَ : " الَّذِي عَمِلَ لِغَيْرِ اللَّهِ يَطْلُبُ بِعَمَلِهِ الثَّوَابَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ " .
          قَالَ : فَأَيُّ الْقُنُوعِ أَفْضَلُ ؟
          قَالَ : " الْقَانِعُ بِمَا أَعْطَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ " .
          قَالَ : فَأَيُّ الْمَصَائِبِ أَشَدُّ ؟
          قَالَ : " الْمُصِيبَةُ بِالدِّينِ " .
          قَالَ : فَأَيُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ؟
          قَالَ : " انْتِظَارُ الْفَرَجِ " .
          قَالَ : فَأَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ عِنْدَ اللَّهِ ؟
          قَالَ : " أَخْوَفُهُمْ لِلَّهِ ، وَ أَعْمَلُهُمْ بِالتَّقْوَى ، وَ أَزْهَدُهُمْ فِي الدُّنْيَا " .
          قَالَ : فَأَيُّ الْكَلَامِ أَفْضَلُ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ؟
          قَالَ : " كَثْرَةُ ذِكْرِهِ ، وَ التَّضَرُّعُ إِلَيْهِ بِالدُّعَاءِ " .
          قَالَ : فَأَيُّ الْقَوْلِ أَصْدَقُ ؟
          قَالَ : " شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ " .
          قَالَ : فَأَيُّ الْأَعْمَالِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ؟
          قَالَ : " التَّسْلِيمُ وَ الْوَرَعُ " .
          قَالَ : فَأَيُّ النَّاسِ أَصْدَقُ ؟
          قَالَ : " مَنْ صَدَقَ فِي الْمَوَاطِنِ " .
          ثُمَّ أَقْبَلَ ( عليه السَّلام ) عَلَى الشَّيْخِ ، فَقَالَ : " يَا شَيْخُ ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَ خَلْقاً ضَيَّقَ الدُّنْيَا عَلَيْهِمْ ، نَظَراً لَهُمْ ، فَزَهَّدَهُمْ فِيهَا وَ فِي حُطَامِهَا ، فَرَغِبُوا فِي دَارِ السَّلَامِ الَّتِي دَعَاهُمْ إِلَيْهَا ، وَ صَبَرُوا عَلَى ضِيقِ الْمَعِيشَةِ ، وَ صَبَرُوا عَلَى الْمَكْرُوهِ ، وَ اشْتَاقُوا إِلَى مَا عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِنَ الْكَرَامَةِ ، فَبَذَلَوا أَنْفُسَهُمُ ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ ، وَ كَانَتْ خَاتِمَةُ أَعْمَالِهِمُ الشَّهَادَةَ ، فَلَقُوا اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ هُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ ، وَ عَلِمُوا أَنَّ الْمَوْتَ سَبِيلُ مَنْ مَضَى وَ مَنْ بَقِيَ ، فَتَزَوَّدُوا لآِخِرَتِهِمْ غَيْرَ الذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ ، وَ لَبِسُوا الْخَشِنَ ، وَ صَبَرُوا عَلَى الْبَلْوَى ، وَ قَدَّمُوا الْفَضْلَ ، وَ أَحَبُّوا فِي اللَّهِ ، وَ أَبْغَضُوا فِي اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ، أُولَئِكَ الْمَصَابِيحُ وَ أَهْلُ النَّعِيمِ فِي الْآخِرَةِ ، وَ السَّلَامُ " .
          قَالَ الشَّيْخُ : فَأَيْنَ أَذْهَبُ وَ أَدَعُ الْجَنَّةَ وَ أَنَا أَرَاهَا وَ أَرَى أَهْلَهَا مَعَكَ ، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ جَهِّزْنِي بِقُوَّةٍ أَتَقَوَّى بِهَا عَلَى عَدُوِّكَ .
          فَأَعْطَاهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ( عليه السَّلام ) سِلَاحاً ، وَ حَمَلَهُ ، وَ كَانَ فِي الْحَرْبِ بَيْنَ يَدَيْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ( عليه السَّلام ) يَضْرِبُ قُدُماً ، وَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ( عليه السَّلام ) يَعْجَبُ مِمَّا يَصْنَعُ ، فَلَمَّا اشْتَدَّ الْحَرْبُ أَقْدَمَ فَرَسَهُ حَتَّى قُتِلَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ ، وَ أَتْبَعَهُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ( عليه السَّلام ) ، فَوَجَدَهُ صَرِيعاً وَ وَجَدَ دَابَّتَهُ وَ وَجَدَ سَيْفَهُ فِي ذِرَاعِهِ ، فَلَمَّا انْقَضَتِ الْحَرْبُ أَتَى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ( عليه السَّلام ) بِدَابَّتِهِ وَ سِلَاحِهِ ، وَ صَلَّى عَلَيْهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ( عليه السَّلام ) ، وَ قَالَ : " هَذَا وَ اللَّهِ السَّعِيدُ حَقّاً ، فَتَرَحَّمُوا عَلَى أَخِيكُمْ "


          عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام أن أمير المؤمنين عليه السلام خطب بالبصرة، فقال بعد ما حمد الله عزوجل وأثنى عليه وصلى على النبي وآله:


          « المدة وإن طالت قصيرة، والماضي للمقيم عبرة، والميت للحي عظة، وليس لامس مضى عودة ، ولا المرء من غد على ثقة [إن] الاول للاوسط رائد والاوسط للاخر قائد، وكل لكل مفارق، وكل بكل لاحق، و الموت لكل غالب، واليوم الهائل لكل آزف، وهو اليوم الذي لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم. ثم قال عليه السلام: معاشر شيعتي اصبروا على عمل لا غنى بكم عن ثوابه، و اصبروا عن عمل لا صبر لكم على عقابه، إنا وجدنا الصبر على طاعة الله أهون من الصبر على عذاب الله عزوجل، اعلموا أنكم في أجل محدود، وأمل ممدود، ونفس معدود، ولابد للاجل أن يتناهى، وللامل أن يطوى، وللنفس أن حصى، ثم دمعت عيناه، وقرأ

          " وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَامًا كَاتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ (12) " [الإنفطار/10-12] »



          بحار الأنوار - العلامة المجلسي - (ج 74 / ص 380)



          أحسنتم وأجدتم أختنا الفاضلة / أم حيدر

          موضوع قيّم




          عن عبد السلام بن صالح الهروي قال :
          سمعتُ أبا الحسن علي بن موسى الرضا (عليهما السلام) يقول
          :


          " رَحِمَ اللهُ عَبداً أَحيا أمرَنا "

          فقلت له: وكيف يحيي أمركم؟

          قال (عليه السلام) :

          " يَتَعَلَّمُ عُلومَنا وَيُعَلِّمُها النّاسَ ، فإنَّ النّاسَ لوَ عَلِموا مَحاسِنَ كَلامِنا لاتَّبَعونا "


          المصدر : عيون أخبار الرضا (عليه السلام) - للشيخ الصدوق (رحمه الله) - (2 / 276)


          تعليق


          • #6
            «.¨`.¸ أم حيدر¸..¨`»


            جزاكِ الله خيرعلى هذه المشاركة العطرة



            ووفقكِ المولى الكريم في الدنيا والآخرة



            نسألكم الدعاء
            آنِي آرَيدُ آمَنْا َيَا آبَنْ فَاطِمَةَ ... مُسْتمَسِگـاً بِيَدَي مَنْ طارَقِِ آلزَِمَنِ ِ

            تعليق


            • #7


              اللهم صل وسلم وبارك على خير المرسلين

              محمد عبدك ورسولك ونبيك

              وخاتم النبين المقفى على اثارهم

              وعلى اله وصحبه

              الطاهرين الميامين

              أسعدني وأفرحني

              تواجدكم النير بنور الاسلام

              أخوتي

              المشرفين

              الصدوق

              الناصح

              والراية الحمراء

              فاطمة يوسف

              مروركم العطر بموضوعي

              انار الله دربكم بنوره

              واسعد ايامكم بالخير

              وتقبل أعمالكم الصالحة

              لكم من أجمل التحايا

              اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	1265338343.gif 
مشاهدات:	1 
الحجم:	19.9 كيلوبايت 
الهوية:	828393

              sigpic

              تعليق


              • #8
                هذا هو السعيد حقا !

                هذا هو السعيد حقا !


                رُوِيَ عَنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ 1 ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ، عَنْ أَبِيهِ ( عليهم السلام ) ، قَالَ : بَيْنَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ( عليه السَّلام ) ذَاتَ يَوْمٍ جَالِسٌ مَعَ أَصْحَابِهِ يُعَبِّيهِمْ لِلْحَرْبِ إِذَا أَتَاهُ شَيْخٌ عَلَيْهِ شَحْبَةُ السَّفَرِ .
                فَقَالَ : أَيْنَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ؟
                فَقِيلَ : هُوَ ذَا .
                فَسَلَّمَ عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنِّي أَتَيْتُكَ مِنْ نَاحِيَةِ الشَّامِ ، وَ أَنَا شَيْخٌ كَبِيرٌ قَدْ سَمِعْتُ فِيكَ مِنَ الْفَضْلِ مَا لَا أُحْصِي ، وَ إِنِّي أَظُنُّكَ سَتُغْتَالُ ، فَعَلِّمْنِي مِمَّا عَلَّمَكَ اللَّهُ .
                قَالَ : " نَعَمْ يَا شَيْخُ ، مَنِ اعْتَدَلَ يَوْمَاهُ فَهُوَ مَغْبُونٌ ، وَ مَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هِمَّتَهُ اشْتَدَّتْ حَسْرَتُهُ عِنْدَ فِرَاقِهَا ، وَ مَنْ كَانَ غَدُهُ شَرَّ يَوْمَيْهِ فَهُوَ مَحْرُومٌ ، وَ مَنْ لَمْ يُبَالِ بِمَا رُزِئَ مِنْ آخِرَتِهِ إِذَا سَلِمَتْ لَهُ دُنْيَاهُ فَهُوَ هَالِكٌ ، وَ مَنْ لَمْ يَتَعَاهَدِ النَّقْصَ مِنْ نَفْسِهِ غَلَبَ عَلَيْهِ الْهَوَى ، وَ مَنْ كَانَ فِي نَقْصٍ فَالْمَوْتُ خَيْرٌ لَهُ .
                يَا شَيْخُ ، ارْضَ لِلنَّاسِ مَا تَرْضَى لِنَفْسِكَ ، وَ ائْتِ إِلَى النَّاسِ مَا تُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْكَ " .
                ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أَصْحَابِهِ ، فَقَالَ : " أَيُّهَا النَّاسُ أَ مَا تَرَوْنَ إِلَى أَهْلِ الدُّنْيَا يُمْسُونَ وَ يُصْبِحُونَ عَلَى أَحْوَالٍ شَتَّى ، فَبَيْنَ صَرِيعٍ يَتَلَوَّى ، وَ بَيْنَ عَائِدٍ وَ مَعُودٍ ، وَ آخَرُ بِنَفْسِهِ يَجُودُ ، وَ آخَرُ لَا يُرْجَى ، وَ آخَرُ مُسَجًّى ، وَ طَالِبِ الدُّنْيَا وَ الْمَوْتُ يَطْلُبُهُ ، وَ غَافِلٍ وَ لَيْسَ بِمَغْفُولٍ عَنْهُ ، وَ عَلَى أَثَرِ الْمَاضِي يَصِيرُ الْبَاقِي " .
                فَقَالَ لَهُ زَيْدُ بْنُ صُوحَانَ الْعَبْدِيُّ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، أَيُّ سُلْطَانٍ أَغْلَبُ وَ أَقْوَى ؟
                قَالَ : " الْهَوَى " .
                قَالَ : فَأَيُّ ذُلٍّ أَذَلُّ ؟
                قَالَ : " الْحِرْصُ عَلَى الدُّنْيَا " .
                قَالَ : فَأَيُّ فَقْرٍ أَشَدُّ ؟
                قَالَ : " الْكُفْرُ بَعْدَ الْإِيمَانِ " .
                قَالَ : فَأَيُّ دَعْوَةٍ أَضَلُّ ؟
                قَالَ : " الدَّاعِي بِمَا لَا يَكُونُ‏ " .
                قَالَ : فَأَيُّ عَمَلٍ أَفْضَلُ ؟
                قَالَ : " التَّقْوَى " .
                قَالَ : فَأَيُّ عَمَلٍ أَنْجَحُ ؟
                قَالَ : " طَلَبُ مَا عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ " .
                قَالَ : فَأَيُّ صَاحِبٍ لَكَ شَرٌّ ؟
                قَالَ : " الْمُزَيِّنُ لَكَ مَعْصِيَةَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ " .
                قَالَ : فَأَيُّ الْخَلْقِ أَشْقَى ؟
                قَالَ : " مَنْ بَاعَ دِينَهُ بِدُنْيَا غَيْرِهِ " .
                قَالَ : فَأَيُّ الْخَلْقِ أَقْوَى ؟
                قَالَ : " الْحَلِيمُ " .
                قَالَ : فَأَيُّ الْخَلْقِ أَشَحُّ ؟
                قَالَ : " مَنْ أَخَذَ الْمَالَ مِنْ غَيْرِ حِلِّهِ فَجَعَلَهُ فِي غَيْرِ حَقِّهِ " .
                قَالَ : فَأَيُّ النَّاسِ أَكْيَسُ ؟
                قَالَ : " مَنْ أَبْصَرَ رُشْدَهُ مِنْ غَيِّهِ ، فَمَالَ إِلَى رُشْدِهِ " .
                قَالَ : فَمَنْ أَحْلَمُ النَّاسِ ؟
                قَالَ : " الَّذِي لَا يَغْضَبُ " .
                قَالَ : فَأَيُّ النَّاسِ أَثْبَتُ رَأْياً ؟
                قَالَ : " مَنْ لَمْ يَغُرَّهُ النَّاسُ مِنْ نَفْسِهِ ، وَ مَنْ لَمْ تَغُرَّهُ الدُّنْيَا بِتَشَوُّفِهَا " .
                قَالَ : فَأَيُّ النَّاسِ أَحْمَقُ ؟
                قَالَ : " الْمُغْتَرُّ بِالدُّنْيَا وَ هُوَ يَرَى مَا فِيهَا مِنْ تَقَلُّبِ أَحْوَالِهَا " .
                قَالَ : فَأَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ حَسْرَةً ؟
                قَالَ : " الَّذِي حُرِمَ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةَ ، ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ " .
                قَالَ : فَأَيُّ الْخَلْقِ أَعْمَى ؟
                قَالَ : " الَّذِي عَمِلَ لِغَيْرِ اللَّهِ يَطْلُبُ بِعَمَلِهِ الثَّوَابَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ " .
                قَالَ : فَأَيُّ الْقُنُوعِ أَفْضَلُ ؟
                قَالَ : " الْقَانِعُ بِمَا أَعْطَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ " .
                قَالَ : فَأَيُّ الْمَصَائِبِ أَشَدُّ ؟
                قَالَ : " الْمُصِيبَةُ بِالدِّينِ " .
                قَالَ : فَأَيُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ؟
                قَالَ : " انْتِظَارُ الْفَرَجِ " .
                قَالَ : فَأَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ عِنْدَ اللَّهِ ؟
                قَالَ : " أَخْوَفُهُمْ لِلَّهِ ، وَ أَعْمَلُهُمْ بِالتَّقْوَى ، وَ أَزْهَدُهُمْ فِي الدُّنْيَا " .
                قَالَ : فَأَيُّ الْكَلَامِ أَفْضَلُ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ؟
                قَالَ : " كَثْرَةُ ذِكْرِهِ ، وَ التَّضَرُّعُ إِلَيْهِ بِالدُّعَاءِ " .
                قَالَ : فَأَيُّ الْقَوْلِ أَصْدَقُ ؟
                قَالَ : " شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ " .
                قَالَ : فَأَيُّ الْأَعْمَالِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ؟
                قَالَ : " التَّسْلِيمُ وَ الْوَرَعُ " .
                قَالَ : فَأَيُّ النَّاسِ أَصْدَقُ ؟

                قَالَ : " مَنْ صَدَقَ فِي الْمَوَاطِنِ " .
                ثُمَّ أَقْبَلَ ( عليه السَّلام ) عَلَى الشَّيْخِ ، فَقَالَ : " يَا شَيْخُ ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَ خَلْقاً ضَيَّقَ الدُّنْيَا عَلَيْهِمْ ، نَظَراً لَهُمْ ، فَزَهَّدَهُمْ فِيهَا وَ فِي حُطَامِهَا ، فَرَغِبُوا فِي دَارِ السَّلَامِ الَّتِي دَعَاهُمْ إِلَيْهَا ، وَ صَبَرُوا عَلَى ضِيقِ الْمَعِيشَةِ ، وَ صَبَرُوا عَلَى الْمَكْرُوهِ ، وَ اشْتَاقُوا إِلَى مَا عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِنَ الْكَرَامَةِ ، فَبَذَلَوا أَنْفُسَهُمُ ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ ، وَ كَانَتْ خَاتِمَةُ أَعْمَالِهِمُ الشَّهَادَةَ ، فَلَقُوا اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ هُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ ، وَ عَلِمُوا أَنَّ الْمَوْتَ سَبِيلُ مَنْ مَضَى وَ مَنْ بَقِيَ ، فَتَزَوَّدُوا لآِخِرَتِهِمْ غَيْرَ الذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ ، وَ لَبِسُوا الْخَشِنَ ، وَ صَبَرُوا عَلَى الْبَلْوَى ، وَ قَدَّمُوا الْفَضْلَ ، وَ أَحَبُّوا فِي اللَّهِ ، وَ أَبْغَضُوا فِي اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ، أُولَئِكَ الْمَصَابِيحُ وَ أَهْلُ النَّعِيمِ فِي الْآخِرَةِ ، وَ السَّلَامُ " .
                قَالَ الشَّيْخُ : فَأَيْنَ أَذْهَبُ وَ أَدَعُ الْجَنَّةَ وَ أَنَا أَرَاهَا وَ أَرَى أَهْلَهَا مَعَكَ ، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ جَهِّزْنِي بِقُوَّةٍ أَتَقَوَّى بِهَا عَلَى عَدُوِّكَ .
                فَأَعْطَاهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ( عليه السَّلام ) سِلَاحاً ، وَ حَمَلَهُ ، وَ كَانَ فِي الْحَرْبِ بَيْنَ يَدَيْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ( عليه السَّلام ) يَضْرِبُ قُدُماً ، وَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ( عليه السَّلام ) يَعْجَبُ مِمَّا يَصْنَعُ ، فَلَمَّا اشْتَدَّ الْحَرْبُ أَقْدَمَ فَرَسَهُ حَتَّى قُتِلَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ ، وَ أَتْبَعَهُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ( عليه السَّلام ) ، فَوَجَدَهُ صَرِيعاً وَ وَجَدَ دَابَّتَهُ وَ وَجَدَ سَيْفَهُ فِي ذِرَاعِهِ ، فَلَمَّا انْقَضَتِ الْحَرْبُ أَتَى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ( عليه السَّلام ) بِدَابَّتِهِ وَ سِلَاحِهِ ، وَ صَلَّى عَلَيْهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ( عليه السَّلام ) ، وَ قَالَ : " هَذَا وَ اللَّهِ السَّعِيدُ حَقّاً ، فَتَرَحَّمُوا عَلَى أَخِيكُمْ " 2.

                1. أي الإمام موسى بن جعفر الكاظم ( عليه السَّلام ) ، سابع أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) .
                2. من لا يحضره الفقيه : 4 / 381 ، للشيخ أبي جعفر محمد بن علي بن حسين بن بابويه القمي المعروف بالشيخ الصدوق ، المولود سنة : 305 هجرية بقم ، و المتوفى سنة : 381 هجرية ، طبعة انتشارات إسلامي التابعة لجماعة المدرسين ، الطبعة الثالثة ، سنة : 1413 هجرية ، قم / إيران .
                حسين منجل العكيلي

                تعليق


                • #9
                  سلام من السلام عليك أستاذي كلام جدا ثمين
                  sigpic
                  إحناغيرحسين *ماعدنا وسيلة*
                  ولاطبعك بوجهي"بابك إ تسده"
                  ياكاظم الغيظ"ويامحمدالجواد "
                  لجن أبقه عبدكم وإنتم أسيادي

                  تعليق


                  • #10

                    تعليق

                    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                    حفظ-تلقائي
                    Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
                    x
                    يعمل...
                    X