إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الإمام عليّ عليه السلام نوذج رسالي خالد

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الإمام عليّ عليه السلام نوذج رسالي خالد










    الإمام عليّ عليه السلام نوذج رسالي خالد


    يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه المجيد: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ}[الزّمر:9] ، ويقول سبحانه: {وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً}[طه:114] ، ويؤكّد الله تعالى أنّ مشكلة المشركين في الجاهليّة أنهم كانوا يفقدون العلم، ولذلك فإنّ الله تعالى يقول عندما يتحدّث عن المشركين: {وَقَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ}[البقرة:118] ، ولو علموا لما أشركوا.
    إنّ الإسلام الذي جاء بوحي الله وسنّة نبيّه، انطلق ليحوّل العالم كلّه من حال الجهل إلى حال العلم، واعتبر أنّ العلم هو القيمة الكبيرة التي لا بدّ لكلّ إنسان من أن يأخذ بها، لأنّ العلم هو الذي يعرّفنا بالله، وهو الذي يعرّفنا بالرسول وبالرسالة، وهو الذي يعرّفنا كيف نخطّط لأمورنا في الحياة، وكيف نميّز بين الخير والشر، وبين الحسن والقبيح. وقد أكّد الله دور العقل، وأراد للنّاس تنمية عقولهم، وذلك قوله تعالى: {إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ}[الرّعد:19]، وتحدّث عن بعض النّاس المنحرفين، أنّ {لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا}[الأعراف:179]، وإنما يتبعون الجاهلين في ما يؤكّدونه من خطوط الجهل.
    وقد كان الفرق بين الإسلام والجاهليّة، أنّ الإسلام أراد أن يحرّر النّاس وينقلهم من ذهنيّة الجاهليّة وحكمها وحركتها، إلى الذهنيّة العلميّة والحركة العلميّة، ولذلك قال: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ}[المائدة:50]. ونحن نروي في حديثٍ يرويه السنّة والشّيعة، "أنّ الله لما خلق العقل قال له: أقبل، فأَقبل، ثم قال له: أدبر، فأَدبر، ثم قال: وعزّتي وجلالي، ما خلقت خلقاً أعزّ عليَّ منك، إيَّاك آمر وإيَّاك أنهى، وبك أثيب وبك أعاقب".
    ولذلك نحن نقول إنَّ الله تعالى أرسل النبيَّ(ص) في الأربعين بعد أن استكمل عقله، وبعد أن رعى عقله ونمّاه وطوّره، لأنّ الله تعالى كان يرعى عقل النبيّ(ص)، والله تعالى أعطاه العلم الذي استطاع أن يفتح من خلاله عقول النّاس ووعيهم، وأراد لهم أن ينطلقوا على أساس أن يستفيدوا من هذا العلم ويعملوا به.
    ونحن نعتقد أنَّ مسألة الامتداد في حركة الإسلام في العالم، وفي مسؤوليّة المشرفين والولاة على المسلمين، أنّه لا بدَّ من أن يكون عقلهم أفضل العقول، وأن يكونوا في مستوى العلم الذي يعطون فيه النّاس من علمهم علماً يطوّر أوضاعهم، ويحسّن وعيهم، لأنّ دور النبيّ، والإمام الذي يخلف النبيّ، هو أن يجعل الواقع الإسلاميّ كلّه واقعاً حضاريّاً يتميّز بالإبداع العلميّ والرّحابة العلميّة والعمق العلميّ.
    عليّ(ع) وريث رسول الله(ص)
    ولهذا اختار رسول الله(ص)، بأمرٍ من الله تعالى، عليّاً(ع) ليكون خليفته، لأنّ عليّاً(ع) كان أعلم الصّحابة، ولم يكن هناك شخصيّة تساويه، فضلاً عن أن تتقدّم عليه؛ لأنّه(ع) أخذ علم رسول الله(ص) في كلّ ما أوحى الله به إلى رسوله، وانفتح عليه وطوّره. ونحن نقرأ في حديث عليّ(ع): "علّمني رسول الله ألف بابٍ من العلم ـ لأنّه كان لا ينفصل عن رسول الله؛ كان معه في طفولته وفي شبابه، وكان يقضي اللّيل والنّهار مع رسول الله، وكان(ص) يحدّثه بكلّ ما أوحى الله به إليه، وبكلّ ما ألهمه الله إيّاه، وبكلّ ما أذِن الله له في بعض تشريعاته. ولذلك فإنّه(ع) استوعب ذلك كلّه، ولم يكن(ع) مجرّد ناقلٍ للحديث، ولكنّه كان يسمع الحديث وينفتح به على آفاقٍ جديدةٍ ـ يُفتح لي من كلّ بابٍ ألف باب". ولذلك كان عليّ(ع) أعلم الصّحابة، ونحن نروي، كما يروي بعض علماء السنّة عن النبيّ(ص): "أنا مدينة العلم وعليّ بابها".
    ولذلك، فإنّنا إذا أردنا أن نفهم رسول الله وعمله، فإنّنا نفهمه في صفائه ونقائه من خلال عليّ(ع)، وعندما يقول رسول الله(ص): "عليّ مع الحقّ والحقّ مع عليّ يدور معه حيثما دار"، بحيث إنّه ليس هناك فاصلٌ بين الحقّ وبين عليّ، فالباطل لا يدخل بينهما، فإننا نقول: إنّ الذين يعملون الباطل ويلتزمونه، ويتّبعون أمراء الباطل ويقولون إنهم يوالون عليّاً، هم ليسوا صادقين، لأنّك كلّما اقتربت من الباطل ابتعدت عن عليّ(ع).
    منـزلة عليّ(ع) عند رسول الله(ص)
    وعليّ(ع) هو الّذي كان يتحدّث عن المستوى الذي بلغه وعن علاقته برسول الله(ص)، ففي بعض كلماته في نهج البلاغة يقول: "ولقد علم المستحفَظون ـ الذين أودعهم النبيّ أمانة سرّه وطالبهم بحفظها ـ من أصحاب محمّد(ص)، أني لم أردّ على الله ولا على رسوله ساعةً قطّ، ولقد واسيته ـ أي أشركته في نفسي ـ في المواطن التي تنكص ـ تتراجع ـ فيها الأبطال، وتتأخّر فيها الأقدام، نجدةً ـ شجاعة ـأكرمني الله بها، ولقد قُبض رسول الله(ص) وإنّ رأسه على صدري، ولقد سالت نفسه في كفّي، فأمررْتها على وجهي، ولقد وُلّيت غسله(ص) والملائكة أعواني، فضجّت الدار والأفنية ـ ما اتّسع أمام الدّار من كثرة الملائكة ـ ملأٌ يهبط وملأٌ يعرُج، وما فارقت سمعيهينمة منهم ـ الصّوت الخفيّ ـيصلّون عليه حتى واريناه ضريحه. فمن ذا أحقّ به مني حيّاً وميتاً؟ فانفذوا على بصائركم ـ البصيرة ضياء الحقّ ـ ولتصدق نيّاتكم في جهاد عدوّكم، فوالذي لا إله إلا هو، إني لعلى جادة الحقّ وإنهم لعلى مزلّة الباطل ـ المزلّة هي مكان الزّلل الموجب للسّقوط في الهلكة ـ أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم".
    وصايا الإمام
    ثم يقول(ع) للنّاس الذين يملكون بعض العلم: "من عَلِم عَمِل، والعلم يهتف بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل". ويحدّثنا(ع) عن مستوى علمه، فيقول: "بل اندمجت على مكنون علمٍ لو بُحت به لاضطربتم اضطراب الأرشية في الطُوى البعيدة"، أي اضطراب الحبل في البئر البعيدة.
    ثم يعلّمنا أمير المؤمنين كيف نتعاطى مع الفتنة، يقول(ع): "أمّا بعدَ حمدِ الله والثناءِ عليه، أيّها النّاس، فإني فقأت عين الفتنة ـ قلعتها ـ ولم يكن ليجترئ عليها أحدٌ غيري، بعد أن ماج غيهبها ـ ظلمتها وموجها، وهو عبارة عن شمولها وامتدادها ـ واشتدّ كَلَبُها ـ هو داء يصيب الكلاب ـ فاسألوني قبل أن تفقدوني ـ وهو ما يجب على كلّ العلماء، أن يستجيبوا لكلّ سؤال للنّاس. علينا أن نتعلّم منه(ع) كيف نتحمّل مسؤوليّة النّاس لنعلّمهم ونرفع مستواهم ـ فوالذي نفسي بيده، لا تسألوني عن شيءٍ فيما بينكم وبين السّاعة، ولا عن فئةٍ تهدي مائة وتُضلّ مائة، إلا أنبأتكم بناعقها ـ الداعي إليها ـ وقائدها وسائقها ومناخ ركابها ـ وهو محلّ البروك ـ ومحطّ رحالها، ومن يُقتل من أهلها قتلاً، ومن يموت منها موتاً، ولو قد فقدتموني ونزلت بكم كرائه الأمور وحوازب الخطوب ـ الأمور الشديدة ـ لأَطرق كثيرٌ من السائلين ـ لأنهم لا يملكون جواباً ـ وفَشِل الكثير من المسؤولين، وذلك إذا قلّصت حربكم ـ تمادت واستمرت ـ وشمّرت عن ساقٍ، وضاقت عليكم ضيقاً تستطيلون معه أيّام البلاء عليكم حتى يفتح الله لبقيّة الأبرار منكم".
    ثم يوجّهنا الإمام(ع) إلى القرآن وتدبّره، وهي وصيّة للنّاس كلّهم وللحياة كلّها: "وتعلّموا القرآن فإنّه أحسن الحديث، وتفقّهوا فيه فإنّه ربيع القلوب، واستشفوا بنوره فإنّه شفاء الصدور، وأحسنوا تلاوته فإنّه أنفع القصص، وإنّ العالم العامل بغير علمه ـ علمه شيء وسلوكه شيء آخر ـ كالجاهل الحائر الذي لا يستضيق من جهله، بل الحجّة عليه أعظم، والحسرة له ألزم، وهو عند الله ألوم"، يعني أشدّ لوماً لنفسه لأنّه لا يجد عذراً يُقبل أو يُردّ.
    وأختم كلامي بوصيّته(ع) للحسن والحسين (عليهما السّلام) ولمن بلغه كتابه. يقول(ع) بعد أن ضربه ابن ملجم: "أوصيكما بتقوى الله، ولا تبغيا الدّنيا وإن بغتكما ـ لا تطلباها طلب الذي يستغرق فيها وإن طلبتكما ـ ولا تأسفا على شيءٍ منها زوي عنكما ـ أي قُبض ونُحّي عنكما ـ وقولا بالحقّ ـ أن تكون كلمتكم هي كلمة الحقّ، في شعاراتكم وهتافاتكم وفي كلّ قضاياكم ـ واعملا للأجر ـ اعملا للقرب من الله ـ وكونا للظّالم خصماً وللمظلوم عوناً... أوصيكما وجميع وُلدي وأهلي ومن بلغه كتابي ـ وقد بَلَغنا كتابه ـ بتقوى الله ونظم أمركم ـ حافظوا على نظام المجتمع، وحافظوا عليه في مصالحه وقضاياه وفي حربه وسلمه ـ وصلاح ذات بينكم، فإني سمعت رسول الله(ص) يقول: "صلاح ذات البين أفضل من عامّة الصّلاة والصّيام" ـ الصّلاة المستحبّة والصيام المستحبّ ـ الله الله في الأيتام، فلا تغبّوا أفواههم، ولا يضيعوا بحضرتكم... الله الله في جيرانكم، فإنهم وصيّة نبيّكم، ما زال يوصي بهم حتى ظننّا أنه سيورّثهم... الله الله في القرآن، لا يسبقكم بالعمل به غيركم... الله الله في الصّلاة فإنها عمود دينكم... الله الله في بيت ربّكم لا تخلوه ما بقيتم، فإنّه إن تُرك لا تُناظَروا... الله الله في الجهاد بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم في سبيل الله. وعليكم بالتواصل والتباذل، وإيّاكم والتّدابر والتّقاطع. لا تتركوا الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر فيولّى عليكم شرارُكم، ثم تدعون فلا يُستجاب لكم ـ ثم يتوجّه(ع) إلى عشيرته الأقربين ـ يا بني عبد المطلب، لا أُلفينّكم تخوضون دماء المسلمين خوضاً، تقولون: قُتل أمير المؤمنين، ألا لا تقتُلُنّ بي إلا قاتلي ـ في الإسلام لا طبقيّة في القصاص، ومَنْ هناك أعظم بعد النبيّ(ص) من عليّ(ع)، ومع ذلك فإنّه يأمر عشيرته بأن لا تخوض في دماء عشيرة القاتل أو جماعته ـ انظروا إذا أنا متّ من ضربته هذه، فاضربوه ضربةً بضربة، ولا تمثّلوا بالرّجل ـ بحيث تقطّعون يديه ورجليه ـ فإني سمعت رسول الله(ص) يقول: إيّاكم والمُثلة ولو بالكلب العقور".
    أيّها الأحبّة: هذا هو عليّ(ع)، هذا هو الإنسان الذي أحبّ الله ورسوله وأحبّه الله ورسوله، هذا الإنسان الذي باع نفسه لله، هذا الإنسان الذي لا نملك إلا أن نحبّه بكلّ عقولنا وقلوبنا وحياتنا، هو المعصوم في فكره وفي عمله وفي حكمه، إنها ولاية عليّ(ع)، هي ولايةٌ لرسول الله(ص)، وهي ولايةٌ لله تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ}[المائدة:55].
    والسّلام عليه يوم وُلد، ويوم استُشهد، ويوم يُبعَث حيّاً.

  • #2
    أسعدبالمشاركة معكم

    اللهم صل على محمد وآله الطيبين الطاهرين

    السلام عليكم أخي القدير ( kerbalaa )--

    أشكر طرحك النير-وجهدكم الموفق-

    ولي عودة الى القراءة بتأني وتأمل


    بارك الله فيكم

    جزاك الله خيرا من نور الآل الأطهار-ع-

    حفظك الله ورعاك صاحب الزمان-عج-

    أختك ندى ممنونة لك
    sigpic

    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
    x
    يعمل...
    X