بِسمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَالحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعالَمِيْنَ وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلى أشْرَفِ الْأَنْبِياءِ وَالْمُرْسَلِينَ أَبِي الْقاسِمِ مُحَمَّدٍ وَعَلى آلِهِ الْطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِين ..
عن جعفر بن محمد، عن آبائه، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام قال:
" لما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وآله: " طوبى لهم وحسن مآب " أتى المقداد بن الاسود الكندي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله وما طوبى ؟ قال: شجرة في الجنة لو سار الراكب الجواد لسار في ظلها مائة عام قبل أن يقطعها ورقها برود خضر، وزهرها رياض صفر، وأقناؤها سندس واستبرق، وثمرها جلل خضر، وصمغها زنجبيل وعسل، وبطحاؤها ياقوت أحمر، وزمرد أخضر وترابها مسك وعنبز، وحشيشها زعفران ينيع، وألنجوج يتأجج من غير وقود ويتفجر من أصلها السلسبيل، والرحيق والمعين، فظلها مجلس من مجالس شيعة علي بن أبي طالب يجمعهم. فبينما هم يوما في ظلها يتحدثون إذا جائتهم الملائكة يقودون نجبا قد جبلت من الياقوت، لم ينفخ فيها الروح، مزمومة بسلاسل من ذهب كأن وجوهها المصابيح نضارة وحسنا، وبرها حشو أحمر،، ومرعز أبيض، مختلطان لم ينظر الناظرون إلى مثلها حسنا وبهاء ذلل من غير مهانة، نجب من غير رياضة، عليها رجال ألوانها من الدر والياقوت، مفضضة باللؤلؤ والمرجان، صفائحها من الذهب الاحمر ملبسة بالعبقرى والارجوان فأناخوا تلك النجائب إليهم ثم قالوا لهم: ربكم يقرئكم السلام فتزورونه فينظر إليكم ويحييكم ويزيدكم من فضله وسعته، فانه ذو رحمة واسعة وفضل عظيم. قال: فيتحول كل رجل منهم على راحلته، فينطلقون صفا واحدا معتدلا لا يفوت منهم شئ شيئا ولا يفوت اذن ناقة ناقتها، ولا بركة ناقة بركتها، ولا يمرون بشجرة من شجر الجنة إلا أتحفتهم بثمارها، ورحلت لهم من طريقه كراهية لان تنثلم طريقتهم، وأن يفرق بين الرجل ورفيقه. فلما رفعوا إلى الجبار تبارك وتعالى قالوا: ربنا أنت السلام ومنك السلام ولك يحق الجلال والاكرام قال: فقال: أنا السلام ومني السلام ولي يحق الجلال والاكرام، فمرحبا بعبادي الذين حفظوا وصيتي في أهل بيتي، وراعوا حقي و خلفوني بالغيب، وكانوا مني على كل حال مشفقين. قالوا: أما وعزتك وجلالك ما قدرناك حق قدرك، وما أدينا إليك كل حقك، فائذن لنا بالسجود، قال لهم ربهم عزوجل: إني قد وضعت عنكم مؤونة العبادة، وأرحت لكم أبدانكم، فطالما أنصبتم لي الابدان، وعنتم لي الوجوه فالان أفضيتم إلى روحي ورحمتي فاسألوني ما شئتم، وتمنوا علي أعطكم أمانيكم وإني لم أجزكم اليوم بأعمالكم، ولكن برحمتي وكرامتي وطولي وعظيم شأني بحبكم أهل بيت محمد صلى الله عليه وآله. فلم يزالوا يا مقداد محبي علي بن أبي طالب في العطايا والمواهب حتى أن المقصر من شيعته ليتمنى في أمنيته مثل جميع الدنيا منذ خلقها الله إلى يوم القيامة قال لهم ربهم تبارك وتعالى: لقد قصرتم في أمانيكم، ورضيتم بدون ما يحق لكم فانظروا إلى مواهب ربكم فإذا بقباب وقصور في أعلا عليين من الياقوت الاحمر و الاخضر والابيض والاصفر، يزهر نورها، فلو لا أنه مسخر مسخد إذا للمعت الابصار منها. فما كان من تلك القصور من الياقوت مفروش بالسندس الاخضر، وما كان منها من الياقوت الابيض فهو مفروش بالرياط الصفر مبثوثة بالزبرجد الاخضر، والفضة البيضاء والذهب الاحمر، قواعدها وأركانها من الجوهر، ينور من أبوابها وأعراضها، نور شعاع الشمس عنده مثل الكوكب الدري في النهار المضئ وإذا على باب كل قصر من تلك القصور جنتان مدهامتان فيهما من كل فاكهة زوجان. فلما أرادوا الانصراف إلى منازلهم حولوا على براذين من نور، بأيدي ولدان مخلدين، بيد كل وليد منهم حكمة برذون من تلك البراذين، لجمها وأعنتها من الفضة البيضاء، وأثفارها من الجواهر فإذا دخلوا منازلهم وجدوا الملائكة يهنؤنهم بكرامة ربهم حتى إذا استقر قرارهم قيل لهم: هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا ؟ قالوا: نعم ربنا رضينا فارض عنا قال: برضاي عنكم وبحبكم أهل بيت نبيي حللتم داري، وصافحتم الملائكة، فهنيئا هنيئا عطاء غير مجذوذ ، ليس فيه تنغيص، فعندها قالوا: الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور ، الذي أحلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب "
بحار الأنوار - العلامة المجلسي - (ج 65 / ص 71)
تعليق