إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

فصل الخطاب في تقييم الأصحاب

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • فصل الخطاب في تقييم الأصحاب




    لا شك أن الصحابة بشر غير معصومين عن الخطأ، و هم كسائر الناس العاديين يجب عليهم ما يجب على كل الناس و يحق لهم ما يحق لكل الناس، و إنما لهم فضل الصحبة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا احترموها و رعوها حق رعايتها، و إلا فإن العذاب يكون مضافاً لأن عدل الله سبحانه اقتضى أن لا يعذب البعيد القاضي كالقريب الداني، فليس الذي سمع من النبي مباشرة و رأى نور النبوة و شهد المعجزات و تيقن منها و حظي بتعاليم النبي نفسه، كمن عاش في زمن ما بعد النبي و لم يسمع منه مباشرة.
    والعقل والوجدان يفضلان رجلاً يعيش في زماننا و يقيم علي احترام الكتاب و السنة و تنفيذ تعاليمهما، على صحابي عاش مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم و صاحبه و لما يدخل الإيمان في قبله و أسلم استسلاماً أو صاحبه على البر والتقوى طيلة حياته ولكنه ارتد وانقلب بعد وفاته.و هذا ما يقرره كتاب الله و سنة رسوله إضافة للعقل والوجدان و كل من له دراية بالقرآن الكريم و السنة النبوية الشريفة، لا يرتاب في هذه الحقيقة و لا يجد عنها محيصاً.و مثال ذلك قوله تعالى: "يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين و كان ذلك علي الله يسيراً" (الأحزاب:" 30)فالصحابة فيهم المؤمن الذي استكمل إيمانه، و فيهم ضعيف الإيمان، و فيهم الذي لم يدخل الإيمان قبله، و فيهم التقي الزاهد، و فيهم المتهور الذي لا يعرف غير مصلحته، و فيهم العادل الكريم، و فيهم الظالم اللئليم، و فيهم أهل الحق المؤمنين، و فيهم البغاة الفاسقون، و فيهم العلماء العاملون، و فيهم الجهلة المبتدعون، و فيهم المخلصون و فيهم المنافقون و الناكثون و المارقون و المرتدون.
    و إذا كان القرآن الكريم، والسنة النبوية الشريفة و التاريخ أقروا هذه الأمور و أوضحوها بأجلى بيان، فيصبح قول "السنة و الجماعة" بأن الصحابة كلهم عدول قولاً هراء لا عبرة به ولا قيمة، لأنه يعارض القرآن و السنة و يعارض التاريخ و العقل والوجدان، فهو محض التعصب، و هو قول بلا دليل و كلام بلا منطق.
    و قد يتعجب الباحث في هذه الأمور من عقيلة "أهل السنة و الجماعة" الذين يخالفون العقل و النقل و التاريخ.ولكن عندما يقرأ الباحث الأدوار التي لعبها الأمويون و كذلك الأساليب التي اتبعها العباسيون لتركيز هذه العقيدة - أعني احترام الصحابة و عدم انتقادهم و القول بعدالتهم - يزول عجبه ولا يساوره أدني شك في أنهم إنما منعوا الحديث في الصحابة لكيلا يصل إليهم النقد و التجريح لأفعالهم الشنيعة التي ارتكبوها تجاه الإسلام و نبي الإسلام و الأمة الإسلامية.و إذا كان أبو سفيان و معاوية و يزيد و عمرو بن العاص و مروان بن الحكم و المغيرة بن شيعة و بسر بن أرطأة، كلهم من الصحابة و قد تولوا أمارة المؤمنين و حكموهم، فكيف لا يمنعون الخوض في نقد الصحابة، و كيف لا يختلقون لهم روايات مكذوبة تقول بعدالتهم جميعاً لكي تشملهم تلك الفضائل، ولا يتجرأ أحد على نقدهم أو ذكر أفعالهم.و من يفعل ذلك من المسلمين يسموه كافراً و زنديقاً و يفتوا بقتله و عدم تغسيله و تكفينه، و إنما يدفع بخشبة حتى يواري في حفرته - كما تقدم ذكره - و كانوا إذا أرادوا قتل الشيعة، اتهموهم بست الصحابة، و معني سب الصحابة عندهم، هو نقدهم و تجريحهم فيما فعلوه، و هذه وحده يكفي للقتل و التنكيل.بل وصل الحد إلى أبعد من ذلك، و يكفي أن يتساءل أحد عن مفهوم الحديث حتى يلاقي حتفه، فإليك الدليل:
    أخرج الخطيب البغدادي في تاريخه قال: ذكر عند هارون الرشيد حديث أبي هريرة: إن موسى لقي آدم فقال له: أنت آدم الذي أخرجتنا من الجنة؟ فقال رجل قرشي كان في المجلس: أين لقي آدم موسى؟! فغضب الرشيد و قال: النطع والسيف، زنديق يطعن في حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم و إذا كان هذا الرجل بلا شك من الأعيان، لأنه يحضر مجلس الرشيد يلاقي الموت بقطع رأسه بالسيف لمجرد تساؤله عن المكان الذي لقي فيه آدم موسى.
    فلا تسأل عن الشيعي الذي يقول بأن أبا هريرة كذاب، استناداً لتكذيب الصحابة له و على رأسهم عمر بن الخطاب. و من هنا يفهم الباحث كل التناقضات التي جاءت في الأحاديث و المنكرات و المستحيلات و الكفر الصريح. و مع ذلك سجلت بأنها صحيحة و ألبست ثوب القداسة و التنزيه.كل ذلك لأن النقد و التجريح كانا ممنوعين و يجران إلي الموت و الهلاك. بل إن الذي يتساءل عن بعض المعاني ليصل إلي الحقيقة و يشتم منه رائحة التفتيش و التنقيب فهو مقتول لا محالة ليكون مثالاً لغيره، فلا يجرؤ أحد بعده أن يتكلم.و قد موهوا على الناس بأن الذي يطعن في حديث أبي هريرة أو أحد الصحابة حتى العاديين منهم، بأنه طعن على رسول اللهصلى الله عليه وآله وسلم، و بذلك وضعوا هالة على الأحاديث الموضوعة التي اختلقها بعض الصحابة بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأصبحت من المسلمات.و كنت كثيراً ما أحتج على بعض علمائنا بأن الصحابة لم يكن عندهم هذا التقديس بل كانوا أنفسهم يشككون في حديث بعضهم إذا تعارض حديثه بما يخالف القرآن، و بأن عمر بن الخطاب ضرب أبا هريرة بالدرة و نهاه عن الحديث و اتهمه بالكذب إلي غير ذلك، فكانوا يردون علي دائماً بأن الصحابة من حقهم أن يقولوا في بعضهم ما شاؤوا، أما نحن فلسنا في مستواهم حتى نرد عليهم أو ننتقدهم.أقول: يا عباد الله، إنهم تقاتلوا و كفر بعضهم بعضاً و قتل بعضهم بعضاً؟!
    يقولون: كلهم مجتهدون للمصيب منهم أجران و للمخطئ أجر واحد، و ليس لنا نحن أن نخوض في شؤونهم.
    و من المؤكد أن هؤلاء ورثوا هذه العقيدة من آبائهم و أجدادهم سلفاً عن خلف فهم يرددونها ترديد الببغاء بدون تدبر ولا تمحيص.و إذا كان إمامهم الغزالي نفسه قد اتخذ هذا الرأي وبثه في الناس فأصبح بذلك حجة الإسلام و المسلمين، فقد قال في كتابه "المستصفي": "والذي عليه السلف و جماهير الخلف أن عدالة الصحابة معلومة بتعديل الله عز و جل إياهم و ثنائه عليهم في كتابه، و هو معتقدنا فيهم".و أنا أتعجب من الغزالي و من "أهل السنة و الجماعة" عموماً على استدلالهم بالقرآن على عدالة الصحابة، و ليس في القرآن أية واحدة تدل على ذلك، بل في القرآن آيات كثيرة تنفي عدالتهم و تفضح سرائرهم و تكشف نفاقهم.و قد أفردنا فصلاً كاملاً لهذا الموضوع في كتابنا "فاسألوا أهل الذكر" من صفحة 113 إلي 127 فمن أراد مزيد البحث و الوقوف على تلك الحقائق، فليرجع للكتاب المذكور ليعرف قول الله و قول الرسول فيهم. ولكي يعرف الباحث بأن الصحابة لم يكونوا يحلمون يوماً بالمنزلة التي اخترعها لهم "أهل السنة و الجماعة" فما عليه إلا قراءة كتب الحديث و كتب التاريخ التي طفحت بأفعالهم الشنيعة و تفكير بعضهم، و كيف أن الكثير منهم كان يشك في نفسه إن كان من المنافقين.فها هو البخاري يخرج في صحيح بأن ابن مليكة أدرك ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم كلهم يخاف النفاق على نفسه و ما منهم أحد يقول إنه على إيمان جبرئل.
    وها هو الغزالي نفسه يخرج في كتابه بأن عمر بن الخطاب كان يسأل حذيفة بن اليمان إن كان رسول الله سماه في جملة المنافقين الذين أعلمه بأسمائهم
    ولا عبرة لقول من يقول بأن المنافقين ليسوا من الصحابة إذا عرفنا أن المصطلح الذي اتفقوا عليه هو ما سمعناه آنفاً أن كل من رأى رسول الله مؤمناً به فهو صحابي حتى لو لم يجالسه.و قولهم: مؤمناً به، فيه أيضاً تكلف، لأن كل الذين صاحبوا النبي نطقوا بالشهادتين، و قبل النبي صلى الله عليه وآله وسلم منهم ذلك الإسلام الظاهري و قال: "أمرت أن أحكم بالظاهر و الله يتولى السرائر" و لم يقل في حياته لواحد منهم: أنت منافق فلا أقبل منك إسلامك!و لذلك أيضاً نجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم يسمي المنافقين - بـ "أصحابي" - و هو يعلم نفاقهم، و إليك الدليل:أخرج البخاري بأن عمر بن الخطاب طلب من النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يضرب عنق عبدالله بن أبي المنافق فقال: يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق! فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: دعه لا يتحدث الناس بأن محمداً يقتل أصحابه. و قد يحاول بعض العلماء من "أهل السنة و الجماعة" إقناعنا بأن المنافقين كانوا معروفين فلا نخلطهم بالصحابة، و هذا أمر مستحيل لا سبيل إليه، بل منافقون هم من جملة الصحابة الذين لا يعلم خفاياهم إلا الله سبحانه، و قد كانوا يصلون و يصومون و يعبدون الله و يتقربون إلي النبي بكل الوسائل. و إليك الدليل:أخرج البخاري في صحيحه بأن عمر بن الخطاب طلب من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مرة أخري أن يأذن به بضرب عنق ذي الخويصرة عندما قال النبي: أعدل! ولكن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لعمر: دعه فإن له أصحاباً يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية. و لست مبالغاً إذا قلت بأن أكثرية الصحابة لم يكونوا بعيدين عن النفاق بما قرره كتاب الله في العديد من الآيات و بما قرره رسول الله في العديد من الأحاديث. فمن كتاب الله قوله تعالى: «بل جاءهم بالحق و أكثر هم للحق كارهون» (المؤمنون: 70)، و قوله «الأعراب أشد كفراً و نفاقاً» (التوبة: 97)، و قوله «و من أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم» (التوبة: 101)، و قوله «و ممن حولكم من الأعراب منافقون» (التوبة: 101)
    و تجدر الإشارة بأن بعض العلماء من "أهل السنة و الجماعة" يحاولون جهدهم تغطية الحقائق، فيفسرون "الأعراب" بأنهم ليسوا من الصحابة، و إنما هم سكان البادية من أطراف الجزيرة العربية.و لكننا وجدنا عمر بن الخطاب عندما أشرف على الموت أوصى إلى الخليفة من بعده قائلاً: و أوصيه بالأعراب خيراً فإنهم أصل العرب و مادة الإسلام فإذا كان أهل العرب و مادة الإسلام هم أشد كفراً و نفاقاً و أجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله و الله عليهم حكيم، فلا قيمة لقول "أهل السنة و الجماعة" بأن الصحابة كلهم عدول.و لمزيد البيان، و حتى يتحدث الباحث بأن الأعراب هم أنفسهم عامة الصحابة، فقد جاء في القرآن الكريم بعد ذكر الأعراب أشد كفراً و نفاقاً، قال سبحانه: "و من الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر و يتخذ ما ينفق قربات عند الله و صلوات الرسول ألا إنها قربة لهم سيد خلهم الله في رحمته إن الله غفور رحيم" (التوبة: 99)أما ما قرره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في السنة النبوبة الشريفة فقوله: يؤخذ بأصحابي إلى النار، فأقول: يا رب هؤلاء أصحابي! فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك فأقول: سحقاً من بدل بعدي ولا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم . إلى أحاديث أخري كثيرة ضربنا عنها صفحاً من أجل الاختصار،
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X