إلى أن يقول :
طربت وما شوقاً إلى البيض أطرب | ولا لعباً منّـي وذو الشـيب يلعبُ |
ولم يلهنـي دار ولا رسـم منـزل | ولـم يتطربنـي بنـان مخضّـبُ |
ولا أنا ممّـن يزجـر الطيـر همّه | أصـاح غراب أم تعرّض ثعلـبُ |
ولا السانحـات البارحـات عشيّـة | أمرَّ سـليم القرن أم مرّ أعضـبُ |
ولكن إلى أهل الفضـائل والنهـى | وخيـر بني حوّاء والخير يطلـبُ |
إلى النفـر البيـض الذين بحبّهـم | إلـى الله فيمـا نابنـي أتقــرّبُ |
بنـي هاشـم رهـط النبي فإننـي | بهم ولهم أرضى مراراً وأغضـبُ |
خفضـت لهـم منّي جناحي مودّة | إلى كنف عطفـاه أهـل ومرحبُ |
وكنت لهـم من هـؤلاء وهـؤلا | مِجنّـاً على أنـي أُذمّ وأقصــبُ |
وأُرمى وأًَرمـي بالعـداوة أهلهـا | وإنــي لأوذى فيهــم وأؤنّـبُ |
فما ساءني قول امريء ذي عداوة | بعوراء فيهـم يجتدينـي فيجـدبُ |
فقل للذي في ظل عميـاء جونـة | يرى الجور عدلاً أين لا أين تذهبُ |
بـأي كتـاب أم بأيّـة ســـنّة | ترى حبّهـم عاراً عليّ وتحسـبُ |
فإني عن الأمـر الذي تكرهونـه | بقولي وفعلي ما اسـتطعت لأجنبُ |
وإنـي لمـن شايعتـم لمشايـع | وإنـي فيمـن سـبّكم لمســبّبُ |
يُشـيرون بالأيدي إليّ وقولهـم | ألا خاب هذا والمشـيرون أخيـبُ |
فطائفـة قـد كفّرتنـي بحبّـكم | وطائفة قالـوا مسـىِءٌ ومذنـبُ |
فما سـاءني تكفير هاتيك منهـم | ولا عيب هاتيك التي هي أعيـبُ |
يعيبونني من خبثهـم وضـلالهم | على حبّكم بل يسـخرون وأعجبُ |
وقالـوا ترابـي هـواه ورأيُـه | بذلـك أدعــى فيهـم وألقّـبُ |
فلا زلت فيهـم حيث يتهموننـي | ولا زلت في أشـياعكم أتقلّــبُ |
إلى أن يقول :
فيا مُوقداً ناراً لغيـرك ضـؤها | ويا حاطباً في غير حبّلك تحطـبُ |
ألم ترنـي من حـب آل محمّـد | أروح وأغـدوا خائفـاً أترقّـبُ |
كأنـي جـان محـدث وكأنـما | بهم يتقى من خشية العرّ أجرب |
على أي جـرم أم بأيّـة سـيرة | أعنّفُ في تقريظهـم وأؤنّـبُ |
أناس بهم عزّت قريش فأصبحوا | وفيهم خباء المكرمات المطنّبُ |