إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

صناعة الألبسةالجاهزة في العراق.. واقع وطموحات

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • صناعة الألبسةالجاهزة في العراق.. واقع وطموحات

    صناعة الألبسةالجاهزة في العراق.. واقع وطموحات












    تحقيق:غزوان العيساوي-حسين السلامي- فتحي الربيعي

    قبل عقود كانت البضائع المحلية تحظى بوفرة إنتاج وأسعار مناسبة ونوعية جيدة حتى أصبحت علامتها في كل بيت تقريبا، وهذا الأمر شمل مختلف الصناعات والسلع والأجهزة، وعندما دخل العراق نفق الحروب المتتالية ومن ثم مرحلة الحصار الاقتصادي المدمر إبان تسعينيات القرن الماضي، راحت الصناعات العراقية تضمر ويخفت بريقها.

    وبعد التغيير الذي جرى في البلد عقب العام 2003 اصطدم أفق النهوض بواقع الصناعات المحلية، بموجات العنف والإرهاب التي ضربت البلاد، ورغم ذلك تحاول الدولة جاهدة إعادة ولو جزء يسير من قطاعات الإنتاج المحلية إلى العمل، ومن هذه القطاعات التي عادت للعمل بفاعلية متواضعة قطاع إنتاج الملابس الجاهزة وقد أجرت مجلة (الروضة الحسينية) التحقيق التالي للوقوف على واقعه الحالي وآمال تطوره، وعلاقته بالسوق المحلية وبالمُنتَج المستورد وكذلك بمعامل ومحلات الخياطة الأهلية.

    معمل الألبسة الجاهزة في النجف

    يبرز معمل الألبسة الجاهزة في محافظة النجف الأشرف كواحد من الصروح الانتاجية المشهود لها بالكفاءة وجودة النوعية، ورغم سنوات الضعف التي يمر بها الاقتصاد العراقي تحاول الحكومة إعادة مستوى العمل المعهود في هذا المعمل.. يقول المهندس علاء صبري من قسم الإنتاج" أن معمل الألبسة الرجالية في النجف أحد معامل الشركة العامة للصناعات النسيجية أحدى تشكيلات وزارة الصناعة والمعادن، يعد من المعامل المهمة في العراق، من خلال تغطية إنتاجه لجزء من حاجة السوق المحلية وبنسبة جيدة، كما تتوفر فيه إمكانية تصدير المنتَج إلى خارج العراق، فضلاً عن توفيره حوالي (1670) فرصة عمل. وأضاف صبري أنه" بسبب دخول البضائع المستوردة وبالأخص البضاعة الصينية رخيصة الثمن لم نتمكن من الاستمرار بالعمل لارتفاع التكاليف بالنسبة للإنتاج المحلي ما يؤدي الى ارتفاع سعر القطعة قياساً بالقطعة المستوردة الاجنبية التي يكون الاقبال عليها اكثر من المحلي باعتبارها مستوردة ونحن في معمل خياطة النجف للألبسة الجاهزة ننتج بضاعتنا وفق المواصفات والشروط العالية لكن المواطن مازال لا يعي هذا الموضوع.

    وبيّن صبري أن المعمل"يضمّ (1670) منتسبا لكن يعمل منهم (1443) بسبب الإجازات الطويلة للبعض لاسيما إجازات الأمومة حيث يمثل العنصر النسوي حوالي (84%) من عدد العاملين. وأضاف" يتوزع هؤلاء بواقع (200) موظف في الإدارة و (1100) أيدي ماهرة و(143) غير ماهرة، يشكلون نحو (64.1%) من العاملين في الصناعات النسيجية، و (16.3%) من إجمالي عدد العاملين في الصناعات الكبيرة، فيما كانت نسبة أجورهم (72%) من الأجور في الصناعات النسيجية و (12.3%) من إجمالي الأجور المدفوعة في الصناعات الكبيرة.

    كذلك أسهمت قيمة الإنتاج والمستلزمات والقيمة المضافة بنحو (59.4%) و(58.7%) و(64.8%) على التوالي في الصناعات النسجية و(2.2%) و(7%) و(0.4%) على التوالي من إجمالي المتحقق في الصناعات. وختم صبري حديثه بالقول" مازلنا نعاني من الملابس المستوردة ذات النوعية الرديئة جدا والتي تنافس السوق المحلي بزهد أسعارها، حيث تقبل عليها شرائح المجتمع الفقيرة..

    أوجه المنافسة.. جولة في كربلاء

    وفي جولة على محلات الخياطة والمهتمين بخياطة الملابس في مدينة كربلاء المقدسة التقينا احمد الغالبي، مهندس ميكانيك، فقال" أنا أفضل أن أخيط ملابسي حتى تكون على حسب رغبتي لكن بسبب عدم صدق بعض الخياطين والكلفة الباهظة دفعني لأن اشتري المستورد حيث تعددت المصادر والأسعار". مضيفا" إن بعض الخياطين أصبحوا يعتمدون على (الصُنّاع) الذين لا يحسن أغلبهم استخدام القياسات وضبطها، ففي كثير من الأحيان تكون الملابس مخالفة للقياسات ما دفعني لأن أهجر الخياطة وأتجه نحو الملابس الجاهزة". حسن خضير موظف في دائرة الصحة قال" اختلاف أنواع الأقمشة الخام جعلنا نشتري المستورد لان هناك القماش الهندي والكوري والصيني وكلها متشابهة ولا نستطيع ان نميز بينها فنشتري الخام من (البزاز) ونذهب لنخيطه فنجد نفس القماش بسعر انسب ولن يخبرنا الخياط انه من صناعة مختلفة، فتحدث مشكلة فاضطررنا للاعتماد على البضاعة المستوردة.

    أبو فاطمة (27 عاما) يرى" أن مهنة الخياطة تأثرت بعد عام 2003 والسبب الرئيسي هو دخول الألبسة الجاهز رخيصة الأسعار مما دفع المواطن الى اقتناء المستورد، وأسباب اخرى كانقطاع التيار الكهربائي وارتفاع أسعار إيجار المحلات ولوازم الخياطة هذا ما يجبر الخياط الى رفع أجور العمل. وأضاف أن" الكثير من الخياطين تركوا مهنتهم التي يعشقونها ومارسوا مهنا أخرى مثل التجارة وبيع الأجهزة الكهربائية” مطالبا الحكومة بدعم معامل صناعة الملابس في سبيل إنعاش الاقتصاد العراقي وفرض ضرائب كمركية على البضائع المستوردة.

    الخياطون: المهنة في تراجع

    الخياط عباس الغزالي يقول" كان عملنا في السابق يعتمد بشكل كبير على خياطة البدلات الرجالية وكان هناك زخم من الزبائن، أما الان فيقتصر عملنا على خياطة المفرد من البنطلون والقميص فقط ". مشيرا الى" إن البعض القليل لا زال يرغب (بالفصال) وفقا للموديل الذي يريده".

    أما الخياط ابو غاندي، بكربلاء يقول" إن ارتفاع أعداد السكان في كربلاء خلال السنوات السابقة ساهمَ بشكل مباشر في تحسّن عمل الخياطة في المحافظة". مستدركا" إن المهنة تراجعت بعد ذلك وخصوصا فيما يتعلق بتفصيل البدلات الرجالية بسبب استيراد البدلات الرجالية الجاهزة الأرخص ثمنا وغيرها من مختلف أنواع الملابس وأشكالها".

    الحجيمي أضاف" إن الاعتماد أصبح حاليا على المستورد من الخارج سواء كان من الصين أو تركيا أو سورية، حيث تصنَّف البدلات التركية في المرتبة الأولى ونرى الكثير من الرجال يفضلون البدلات الجاهزة على عملها لدى الخياط... وقد يكون ذلك لسهولة الحصول عليها أو لأنها أرخص من (الفصال)". فيما قال الخياط عبد حسن جواد" إن إقبال الناس على الخياطة سابقا كان أفضل بكثير من الآن بحيث يطلب الخياط موعدا قد يتجاوز أكثر من شهر أو شهرين من زبائنه لإكمال بدلاتهم لزخم العمل لديه، في حين تغير الوضع الآن حيث نرى إقبال الناس على الملابس الجاهزة في الأسواق اكبر من الإقبال على الخياط. ولفت إلى وجود فرق في السعر بين الألبسة المستوردة الرخيصة وأجرة البدلات التي تخاط لدى الخياط، مما دفع بالعديد من محلات الخياطة أن تخسر زبائنها وتتحول إلى أماكن لبيع القماش فقط. وأكد جواد إن" هناك معوقات من نوع آخر أمام عمل الخياطين منها موضوع الكهرباء التي تتسبب في تأخر العمل، مطالبا الحكومة بتحسين الطاقة الكهربائية وتقليل ساعات القطع الذي تحول من مبرمَج إلى عشوائي ولا معقول".

    وجهة نظر تجّار الأقمشة..

    من جانبه قال سعد علي عبد الحسن، وهو احد تجار الأقمشة في كربلاء المقدسة" إن هناك إقبالا ضعيفا على الأقمشة". معللا ذلك الى "ارتفاع أسعار الأقمشة حيث بلغ سعر المتر الواحد من القماش الرجالي إلى ما يناهز 12 ألف دينار عراقي". وأضاف" أما الملابس الجاهزة بأنواعها فهي ارخص من الخياطة العادية، ولكن هناك زبائن لا يستغنون عن (الفصال) والخياطة المحلية".

    أما تاجر الأقمشة مهدي محمد العلي فلهُ وجهة نظر أكثر تفاؤلاً حيث قال" رغم أوجه المنافسة الصعبة مع الملابس الجاهزة إلا أن لدينا مواطنين يحبون مواكبة كل جديد في عالم الأقمشة، فضلا عن اعتمادنا بصورة كبيرة على بيع مختلف الأقمشة على الزائرين الآتين إلى كربلاء المقدسة من مختلف أصقاع الأرض وخاصة الإيرانيين حيث يتواجدون بكثرة، وهؤلاء يحبون دائما أن يتسوقوا القماش لهم ولأهلهم كهدايا وبركات من أرض كربلاء المقدسة.."

    في حين تقول المواطنة سعاد حسين" إن الخياطة تكلفني كثيرا، فعلى سبيل المثال لو أردت خياطة بدلة (فستان) سيكلفني الكثير من المال بين سعر القماش وتكلفة عمل الخيّاطة فضلا عن الوقت الطويل الذي تستغرقه الخياطة في العمل، في حين يكلِّف شراء بدلة جديدة مبلغا أقل ودون جهد وانتظار. مضيفة أن" الشيء الوحيد الذي لم يتأثر بالمستورَد هو خياطة العباءة لأن المرأة العراقية تميزت بها ولا تحب ارتداء غيرها".

    تأثير الألبسة المستوردة على معامل الخياطة في بغداد أما في العاصمة بغداد فإن حال معامل الخياطة المحلية كحال الخياطين في باقي المحافظات وأكثر كساداً، فقد أثرت موجة الملابس الجاهزة منخفضة الأسعار على معامل بغداد للخياطة، وهجرها عمّالها بحثا عن أعمال أخرى أكثر جدوى..

    وللوقوف على تفاصيل هذه الحالة التقينا عدنان المالكي، صاحب شركة بيدر الخير للخياطة، والتي كانت تعمل ليل نهار من اجل الوفاء بموعد تسليم الإنتاج- حسب قول صاحبها- ولكن بعد الانفتاح الذي شهده العراق عقب العام 2003 أحيلت مكائن هذه الشركة إلى التقاعد لعدم الجدوى الاقتصادية. وأضاف المالكي الذي يزاول هذه المهنة منذ حوالى أربعين عاما أن" الإنتاج المحلي كان له دور كبير في تغطية متطلبات السوق المحلية، بل كان يفوق المستورد جودةً لوفرة المواد الأولية وعراقة نوعيتها، بعكس الوقت الحاضر الذي أصبحت فيه الكهرباء واحدة من أهم العوامل التي تعطل عمل الشركات عموماً ومنها معامل الخياطة".

    وتابع" كما إن الاستيراد أصبح اليوم سهلا جدا وغير خاضع إلى سيطرة نوعية، ولا لضريبة دخل أو ضوابط مهنة، ولا جمارك، وهذا الامر شجع الكثيرين ممن ليس لهم شأن سابق بالخياطة بالدخول إلى هذا الاختصاص من خلال الاستيراد العشوائي الذي يعتمد على رخص المادة فقط دون أي اهتمام بنوعيتها".

    حسين محمد، الخياط الذي حوّلَ معمله إلى محل لبيع الملابس المستوردة قال" منيت مهنة الخياطة بالتراجع منذ فترة الحصار في تسعينيات القرن الماضي بسبب ضعف الدعم، ورغم ذلك استمر إنتاجنا لقناعتنا أن الأمور سوف تتحسن مستقبلا، لكن بعد سنة 2003 حين بدأ التدهور الأمني وفتحت الحدود أبوابها للبضائع الأجنبية دون أية ضوابط دخلت الملابس المستوردة من دون رقابة ولا ضريبة وبأسعار منخفضة جدا مما أدى إلى صعوبة الاستمرار بالعمل في معامل الخياطة بسبب وجود فرق كبير في الأسعار". وتطرّقَ الخياط محسن، الذي كان يعمل في أحد معامل خياطة شارع الخيام إلى التيه الذي يعانيه أصحاب هذه المهنة في الوقت الحاضر مبيناً" إن شارع الخيام كان مليئا بمعامل الخياطة في السابق، وترانا فرحين عندما كنّا نشاهد إنتاجنا يملأ المحلات والأسواق ولكن في الوقت الحاضر تجدني كل يوم في عمل جديد بعد أن أغلقت المعامل أبوابها نتيجة انقطاع الكهرباء وتدهور الأمن ومنافسة الملابس المستوردة وميل الناس وانصرافهم عنها".

    ويختم محسن بالقول" قد لا تصدّق إذا قلت لك بأن صاحب المعمل كان يرجونا للبقاء حتى الليل لإتمام الطلبيات، وكان يعطينا أجورا مضاعفة من أجل العمل يوم الجمعة في أحيان كثيرة". في حين بيّنَ تاجر الألبسة المستورَدة أبو سجى أنه" منذ ثمانينيات القرن الماضي وأنا اعمل باستيراد الملابس، وقد كان تعاملنا مع المعامل المحلية كبيرا جدا واستمر الحال جيدا لسنوات، ولكن بعد الحرب العراقية الإيرانية وما تلاها من ويلات وظروف قاسية ترك أغلب أصحاب معامل الخياطة عملهم واتجهوا صوب مهن أخرى في حين خلَتْ المعامل من العمال بسبب إجبارهم على الذهاب لجبهات القتال أبان حكم النظام البائد".

    وتابع أبو سجى" أنه وبعد التغيير في العراق فُتحت أبواب التجارة مع العالم على مصراعيها، وبما أن أغلبية المجتمع تستحسن الأسعار المنخفضة فقد اتجهنا نحن التجار صوب المناشئ الرخيصة سعيا لتوفير حاجيات أغلبية الناس وخاصة محدودي الدخل والفقراء". ولا أخفيك سراً إن قُلت أن العديد من التجار العراقيين قد فتحوا معامل للخياطة في دول الجوار وخاصة سوريا، مستغِلّين رخص المواد الأولية وانخفاض أجور العمال ووفرة الكهرباء وبالطبع استتباب الأمن".
    التعديل الأخير تم بواسطة الحسيني; الساعة 22-05-2020, 09:37 AM.

المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X