إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

لم يأت بعد زمان الميزان

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • لم يأت بعد زمان الميزان

    لم يأت بعد زمان الميزان



    سَأَلَ حُمْرَانُ الإمامَ محمد بن علي الباقر ( عليه السَّلام ) ، فَقَالَ : جَعَلَنِيَ اللَّهُ فِدَاكَ ، لَوْ حَدَّثْتَنَا مَتَى يَكُونُ هَذَا الْأَمْرُ فَسُرِرْنَا بِهِ ؟
    فَقَالَ : " يَا حُمْرَانُ إِنَّ لَكَ أَصْدِقَاءَ وَ إِخْوَاناً وَ مَعَارِفَ (1)
    إِنَّ رَجُلًا كَانَ فِيمَا مَضَى مِنَ الْعُلَمَاءِ ، وَ كَانَ لَهُ ابْنٌ لَمْ يَكُنْ يَرْغَبُ فِي عِلْمِ أَبِيهِ ، وَ لَا يَسْأَلُهُ عَنْ شَيْ‏ءٍ ، وَ كَانَ لَهُ جَارٌ يَأْتِيهِ وَ يَسْأَلُهُ وَ يَأْخُذُ عَنْهُ .
    فَحَضَرَ الرَّجُلَ الْمَوْتُ ، فَدَعَا ابْنَهُ فَقَالَ : يَا بُنَيَّ إِنَّكَ قَدْ كُنْتَ تَزْهَدُ فِيمَا عِنْدِي ، وَ تَقِلُّ رَغْبَتُكَ فِيهِ ، وَ لَمْ تَكُنْ تَسْأَلُنِي عَنْ شَيْ‏ءٍ ، وَ لِي جَارٌ قَدْ كَانَ يَأْتِينِي وَ يَسْأَلُنِي وَ يَأْخُذُ مِنِّي وَ يَحْفَظُ عَنِّي ، فَإِنِ احْتَجْتَ إِلَى شَيْ‏ءٍ فَأْتِ، هِ وَ عَرَّفَهُ جَارَهُ .
    فَهَلَكَ الرَّجُلُ وَ بَقِيَ ابْنُهُ ، فَرَأَى مَلِكُ ذَلِكَ الزَّمَانِ رُؤْيَا فَسَأَلَ عَنِ الرَّجُلِ ، فَقِيلَ لَهُ : قَدْ هَلَكَ .
    فَقَالَ الْمَلِكُ : هَلْ تَرَكَ وَلَداً ؟
    فَقِيلَ لَهُ : نَعَمْ ، تَرَكَ ابْناً .
    فَقَالَ : ايتُونِي بِهِ .
    فَبُعِثَ إِلَيْهِ لِيَأْتِيَ الْمَلِكَ .
    فَقَالَ الْغُلَامُ : وَ اللَّهِ مَا أَدْرِي لِمَا يَدْعُونِي الْمَلِكُ ، وَ مَا عِنْدِي عِلْمٌ ، وَ لَئِنْ سَأَلَنِي عَنْ شَيْ‏ءٍ لَأَفْتَضِحَنَّ ، فَذَكَرَ مَا كَانَ أَوْصَاهُ أَبُوهُ بِهِ ، فَأَتَى الرَّجُلَ الَّذِي كَانَ يَأْخُذُ الْعِلْمَ مِنْ أَبِيهِ .
    فَقَالَ لَهُ : إِنَّ الْمَلِكَ قَدْ بَعَثَ إِلَيَّ يَسْأَلُنِي ، وَ لَسْتُ أَدْرِي فِيمَ بَعَثَ إِلَيَّ ، وَ قَدْ كَانَ أَبِي أَمَرَنِي أَنْ آتِيَكَ إِنِ احْتَجْتُ إِلَى شَيْ‏ءٍ .
    فَقَالَ الرَّجُلُ : وَ لَكِنِّي أَدْرِي فِيمَا بَعَثَ إِلَيْكَ ، فَإِنْ أَخْبَرْتُكَ فَمَا أَخْرَجَ اللَّهُ لَكَ مِنْ شَيْ‏ءٍ فَهُوَ بَيْنِي وَ بَيْنَكَ .
    فَقَالَ : نَعَمْ ، فَاسْتَحْلَفَهُ وَ اسْتَوْثَقَ مِنْهُ أَنْ يَفِيَ ، فَأَوْثَقَ لَهُ الْغُلَامُ .
    فَقَالَ : إِنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَسْأَلَكَ عَنْ رُؤْيَا رَآهَا ، أَيُّ زَمَانٍ هَذَا ؟
    فَقُلْ لَهُ : هَذَا زَمَانُ الذِّئْبِ .
    فَأَتَاهُ الْغُلَامُ ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ : أَ تَدْرِي لِمَا أَرْسَلْتُ إِلَيْكَ ؟
    فَقَالَ : أَرْسَلْتَ إِلَيَّ تُرِيدُ أَنْ تَسْأَلَنِي عَنْ رُؤْيَا رَأَيْتَهَا ، أَيُّ زَمَانٍ هَذَا ؟
    فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ : صَدَقْتَ ، فَأَخْبِرْنِي أَيُّ زَمَانٍ هَذَا ؟
    فَقَالَ لَهُ : زَمَانُ الذِّئْبِ .
    فَأَمَرَ لَهُ بِجَائِزَةٍ ، فَقَبَضَهَا الْغُلَامُ وَ انْصَرَفَ إِلَى مَنْزِلِهِ ، وَ أَبَى أَنْ يَفِيَ لِصَاحِبِهِ ، وَ قَالَ لَعَلِّي لَا أُنْفِدُ هَذَا الْمَالَ وَ لَا آكُلُهُ حَتَّى أَهْلِكَ ، وَ لَعَلِّي لَا أَحْتَاجُ وَ لَا أُسْأَلُ عَنْ مِثْلِ هَذَا الَّذِي سُئِلْتُ عَنْهُ ، فَمَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ .
    ثُمَّ إِنَّ الْمَلِكَ رَأَى رُؤْيَا فَبَعَثَ إِلَيْهِ يَدْعُوهُ ، فَنَدِمَ عَلَى مَا صَنَعَ ، وَ قَالَ وَ اللَّهِ مَا عِنْدِي عِلْمٌ آتِيهِ بِهِ ، وَ مَا أَدْرِي كَيْفَ أَصْنَعُ بِصَاحِبِي وَ قَدْ غَدَرْتُ بِهِ ، وَ لَمْ أَفِ لَهُ ؟!
    ثُمَّ قَالَ : لَآتِيَنَّهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ ، وَ لَأَعْتَذِرَنَّ إِلَيْهِ وَ لَأَحْلِفَنَّ لَهُ ، فَلَعَلَّهُ يُخْبِرُنِي .
    فَأَتَاهُ ، فَقَالَ : إِنِّي قَدْ صَنَعْتُ الَّذِي صَنَعْتُ ، وَ لَمْ أَفِ لَكَ بِمَا كَانَ بَيْنِي وَ بَيْنَكَ ، وَ تَفَرَّقَ مَا كَانَ فِي يَدِي ، وَ قَدِ احْتَجْتُ إِلَيْكَ ، فَأَنْشُدُكَ اللَّهَ أَنْ لَا تَخْذُلَنِي ، أَنَا أُوثِقُ لَكَ أَنْ لَا يَخْرُجَ لِي شَيْ‏ءٌ إِلَّا كَانَ بَيْنِي وَ بَيْنَكَ ، وَ قَدْ بَعَثَ إِلَيَّ الْمَلِكُ ، وَ لَسْتُ أَدْرِي عَمَّا يَسْأَلُنِي .
    فَقَالَ : إِنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَسْأَلَكَ عَنْ رُؤْيَا رَآهَا أَيُّ زَمَانٍ هَذَا ؟
    فَقُلْ لَهُ : إِنَّ هَذَا زَمَانُ الْكَبْشِ .
    فَأَتَى الْمَلِكَ ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ .
    فَقَالَ : لِمَا بَعَثْتُ إِلَيْكَ ؟
    فَقَالَ : إِنَّكَ رَأَيْتَ رُؤْيَا ، وَ إِنَّكَ تُرِيدُ أَنْ تَسْأَلَنِي أَيُّ زَمَانٍ هَذَا ؟
    فَقَالَ لَهُ : صَدَقْتَ ، فَأَخْبِرْنِي أَيُّ زَمَانٍ هَذَا ؟
    فَقَالَ : هَذَا زَمَانُ الْكَبْشِ ، فَأَمَرَ لَهُ بِصِلَةٍ فَقَبَضَهَا وَ انْصَرَفَ إِلَى مَنْزِلِهِ ، وَ تَدَبَّرَ رَأْيَهُ فِي أَنْ يَفِيَ لِصَاحِبِهِ أَوْ لَا يَفِيَ ، فَهَمَّ مَرَّةً أَنْ يَفْعَلَ وَ مَرَّةً أَنْ لَا يَفْعَلَ .
    ثُمَّ قَالَ : لَعَلِّي لَا أَحْتَاجُ إِلَيْهِ بَعْدَ هَذِهِ الْمَرَّةِ أَبَداً ، وَ أَجْمَعَ رَأْيَهُ عَلَى الْغَدْرِ وَ تَرْكِ الْوَفَاءِ ، فَمَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ .
    ثُمَّ إِنَّ الْمَلِكَ رَأَى رُؤْيَا ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ ، فَنَدِمَ عَلَى مَا صَنَعَ فِيمَا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ صَاحِبِهِ ، وَ قَالَ : بَعْدَ غَدْرٍ مَرَّتَيْنِ كَيْفَ أَصْنَعُ ، وَ لَيْسَ عِنْدِي عِلْمٌ !
    ثُمَّ أَجْمَعَ رَأْيَهُ عَلَى إِتْيَانِ الرَّجُلِ ، فَأَتَاهُ فَنَاشَدَهُ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى ، وَ سَأَلَهُ أَنْ يُعَلِّمَهُ ، وَ أَخْبَرَهُ أَنَّ هَذِهِ الْمَرَّةَ يَفِي لَهُ ، وَ أَوْثَقَ لَهُ ، وَ قَالَ : لَا تَدَعْنِي عَلَى هَذِهِ الْحَالِ ، فَإِنِّي لَا أَعُودُ إِلَى الْغَدْرِ ، وَ سَأَفِي لَكَ ، فَاسْتَوْثَقَ مِنْهُ .
    فَقَالَ : إِنَّهُ يَدْعُوكَ يَسْأَلُكَ عَنْ رُؤْيَا رَآهَا ، أَيُّ زَمَانٍ هَذَا ؟
    فَإِذَا سَأَلَكَ ، فَأَخْبِرْهُ أَنَّهُ زَمَانُ الْمِيزَانِ .
    قَالَ : فَأَتَى الْمَلِكَ ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ .
    فَقَالَ لَهُ : لِمَ بَعَثْتُ إِلَيْكَ ؟
    فَقَالَ : إِنَّكَ رَأَيْتَ رُؤْيَا وَ تُرِيدُ أَنْ تَسْأَلَنِي أَيُّ زَمَانٍ هَذَا ؟
    فَقَالَ : صَدَقْتَ ، فَأَخْبِرْنِي أَيُّ زَمَانٍ هَذَا ؟
    قَالَ : هَذَا زَمَانُ الْمِيزَانِ .
    فَأَمَرَ لَهُ بِصِلَةٍ ، فَقَبَضَهَا ، وَ انْطَلَقَ بِهَا إِلَى الرَّجُلِ ، فَوَضَعَهَا بَيْنَ يَدَيْهِ ، وَ قَالَ قَدْ جِئْتُكَ بِمَا خَرَجَ لِي ، فَقَاسِمْنِيهِ .
    فَقَالَ لَهُ الْعَالِمُ : إِنَّ الزَّمَانَ الْأَوَّلَ كَانَ زَمَانَ الذِّئْبِ ، وَ إِنَّكَ كُنْتَ مِنَ الذِّئَابِ ، وَ إِنَّ الزَّمَانَ الثَّانِيَ كَانَ زَمَانَ الْكَبْشِ يَهُمُّ وَ لَا يَفْعَلُ ، وَ كَذَلِكَ كُنْتَ أَنْتَ تَهُمُّ وَ لَا تَفِي ، وَ كَانَ هَذَا زَمَانَ الْمِيزَانِ ، وَ كُنْتَ فِيهِ عَلَى الْوَفَاءِ ، فَاقْبِضْ مَالَكَ لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ وَ رَدَّهُ عَلَيْهِ (2)
    .



    (1) قال العلامة المجلسي ( رحمه الله ) : قوله ( عليه السَّلام ) " إن لك أصدقاء و إخوانا " لعل المقصود من إيراد الحكاية بيان أن هذا الزمان ليس زمان الوفاء بالعهود ، فإن عرفتك زمان ظهور الأمر فلك أصدقاء و معارف فتحدثهم به فيشيع الخبر بين الناس و ينتهي إلى الفساد ، و العهد بالكتمان لا ينفع لأنك لا تفي به إذ لم يأت بعد زمان الميزان . أو المعنى : أن لك معارف فانظر إليهم هل يوافقونك في أمر أو يفون بعهدك في شي‏ء ، فكيف يظهر الإمام ( عليه السَّلام ) في مثل هذا الزمان . أو المراد : أنه يمكنك استعلام ذلك فانظر في حال معارفك و إخوانك فمهما رأيت منهم العزم على الانقياد و الطاعة و التسليم التام لإمامهم فاعلم أنه زمان ظهور القائم عجل الله تعالى فرجه ، فإن قيامه مشروط بذلك ، و أهل كل زمان يكون عامتهم على حالة واحدة كما يظهر من القصة . قوله " و لكني أدري " لعل علمه كان بإخبار ذلك العالم و كان العالم أخذه من الأنبياء حيث أخبروا بوحي السماء أن الملك سيرى تلك الأحلام و هذه تعبيرها ، أو بأن أخذ من العالم نوعا من العلم يمكنه استنباط أمثال تلك الأمور به ، على أنه يحتمل أن يكون نبيا علم ذلك بالوحي ، ( بحار الأنوار ( الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار ( عليهم السلام ) ) : 14 / 500 ، للعلامة الشيخ محمد باقر المجلسي ، المولود بإصفهان سنة : 1037 ، و المتوفى بها سنة : 1110 هجرية ، طبعة مؤسسة الوفاء ، بيروت / لبنان ، سنة : 1414 هجرية ) .
    (2) بحار الأنوار : 14 / 497 .

    sigpic

  • #2
    شكرآ أختي العزيزة أم حيدر على الكلام الجميل والقصة الرائعة
    وبارك الله بكم وتسلم أناملكم التي كتبت وخطت هذه القصة الرائعة عن
    أهل البيت عليهم السلام وتقبلي مروري ودمتم سالمين.....؟؟؟

    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
    x
    يعمل...
    X