بــســـــم الـله الرحمن الرحيم
عملت زينب خادمة في مرقد السيدة سكينة بنت امير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وهي تتكفل خمسة عشر يتيما من ولدها وولد اخيها ، تسكن زينب في منطقة (داريا ) وهي تعمل كمنظفة للمرافق الصحية التابعة للمرقد المبارك، وهكذا تراها تكرر التنظيف بين وقت لوقت تبعا للوفود القادمة ،على شكل مجموعات ( كروب )قادمة من ايران او العراق
،
يذهب وفد ويدخل أخر والزوار كثيرون على مدار الساعة والمسكينة غالبا ما تعمل مبتلة الثياب
وجسدها يرتجف و هي لاترتاح ولاتهدأ ابدا، والمشكلة انها أمراة فقدت أحدى عينها إثر حادث سابق واضطر الطبيب ان يستبدل احدى عيناها بعين زجاجية لاتشبه العين الأخرى بأي شكل من الأشكال فلا شبيه لخلقة الخالق عز وجل الذي صورنا بأكمل صورة ولامجال لتقليد الخلقة أبدا، يبعد البيت عن المرقد الشريف بمسافة بعيدة جدا ولتصل لعملها يجب ان تركب كل يوم ثلاثة باصات ذهابا
وثلاثة إيابا فتنفق تقريبا ثلث اجرتها واكثر في المواصلات ،
واهل الخير من الزوار لاينسونها من الصدقات وبعض الاشياء الأخرى ،وهذه كلها من بركات السيدة (ع ) مع ان الجمعية الخيرية تقوم بواجبها اتجاه زينب ،.. تقربت منها، فأنا احب جدا هذا الصنف المجاهد من الناس واشعر بمأساته ومعاناته، وفرحت زينب بصحبتي لتضع كل همومها في قلب مزقه الهم.. لكن لم اشعرها بهمومي ابدا لتستطيع تفريغ كل ماعندها وترتاح بعض الشيء
فقر مرض وعوز ومعاناة.. تعب بجميع اشكاله ، لفت أنتباهي ماروته لي من عطف الله عز وجل الذي يعطي الكثير بالقليل ويعطي من سأله ومن لم يسأله تحننا منه ورحمة.. فهي خادمة أهل البيت ع وأجرها عند الله عظيم ومن منا لايتمنى ان يكون خادما لخدام اهل البيت ع؟ انه شرف كبير و فرح بالأجر لا بالأجرة..
قالت : بأنها كانت جالسة في بيتها تقلب محطات التلفاز واوقفتها محطة يعرض فيها مراسم العمرة والحج فصارت تبكي بحرقة وهي تحن لبيت الله الحرام ولامجال للوصول اليه الا بالأحلام..
بعد انتهاء عرض القناة ذهبت لتنام فما استطاعت النوم، مازالت صورة العمرة تمر امامها فجلست وخرجت الى حديقة دارها المهجورة وضعت طاولة بمنتصف الحديقة وصارت تطوف حولها وهي تردد لبيك اللهم لبيك .. ابكتني جدا وما استطعت حبس دموعي امام عظمة مشاعرها وبعد طوافها سبع مرات بخيالها حول الكعبة صارت تمشي بالحديقة ذهابا وايابا تقلد المسعى بين الصفا والمروة الى ان انتهت فوقفت بخيالها تصلي
وراء مقام ابراهيم ع وفي هذا الليل الحالك السواد لايراها أحد الا صاحب الوجود جل وعلا،
انسانة رائعة تعرف قدر زيارة بيت الله حق معرفتها،
انتهت على حسابها من مناسك العمرة وذهبت للنوم مرهقة من الحزن والبكاء واستيقظت صباحا على رنات الهاتف.. كان المتكلم عضو مؤسسة الشهيد بدمشق الخاصة بالأرامل والايتام قال لها: ام محمد هل لديك جواز سفر؟ ارتبكت وقالت لا لم؟ اجابها لقد رشح اسمك ضمن اسماء المرشحات للسفر للعمرة لهذا العام.. يا إلهي سقطت سماعة الهاتف من يدها فرحا ورهبة ممن كان يراقبها طوال الليل وهي تعتمر وكأنها في
بيته الحرام واستجاب لها بمثل لمح البصر وهكذا ذهبت زينب للعمرة وعلى رأسها تاج رضى الله فهي مؤمنة موالية مجاهدة وخادمة لأهل البيت ع وفوق هذا كافلة ايتام واجر كافل اليتيم لايعلمه الا الله ومازالت تعمل بحرم السيدة ع بكل فرح وامتنان لايثنيها عن خدمة اهل البيت ع تعب او مرض ، ادركت من قصة هذه المرأة ان الحج قسمة من الله تحتاج الى دعاء يباركه قلب سليم
تعليق