بسم الله الرحمن الرحيم
المعرفة والجهل , مفهومان متضادان , كحركة الحياة وجمود الموت , وكشعاع النور وحلكة الظلام,
المعرفة والجهل , مفهومان متضادان , كحركة الحياة وجمود الموت , وكشعاع النور وحلكة الظلام,
ان الحركة نحو العلم والمعرفة كأي حركة اخرى تحتاج الى محرك،والمحرك يمكنه أن يكون احد الامور التالية:
أولا:جاذبية العلم والعشق للمعرفة التي أُودعتْ في روح الانسان منذ البداية.
ثانيا:الاطلاع على النتائج المثمرة والآثار القيمة للمعرفة، ووصول الانسان الى المراحل الرفيعة تحت ظلها.
ثالثا:الشعور بالمسؤولية والخوف من العواقب المؤلمة لفقدان المعرفة والجزاء الترتب عليها.
إن كلا من هذه الامور يمكنها أن تهيء الأرضية المناسبة لطيّ هذا الطريق المليء بالتعرجات، واذا ما تعاضدت هذه الامور مع بعضها البعض، فان الحركة نحو المعرفة ستكون أسرع وأعمق وأكثر ثماراً.
إن أكبر فخر للانسان هو العلم والمعرفة، والجاهلون هم موتى الأحياء.
إن بلوغ مرحلة المعرفة الكاملة، لا يتم إلاّ مع توفر الأسباب ورفع الموانع والحجب وتهيئة الأرضية المناسبة للوصول اليها, وهذا يحتاج منه الى الاحساس بالمسؤوليه اتجاه نفسه بابعاد حالة الجهل عنه.
إنّ الانسان ما لم يشعر بالمسؤولية لا يلتفت الى مصادر المعرفة وسوف لا يبالي بآيات الله ومواعظه.
ومن هنا ينبغى القول بان الاحساس بالمسؤولية والخوف من الله هو احدى ارضيات المعرفة التي تُعِدُّ روح الانسان وتهيئها لتقبل علوم ومعارف مختلفة.
وبالالتفات الى هذا التمهيد نتأمل في الآيات المباركة التالية:
أولا/قوله تعالى ( وَكَذلِكَ أخْذُ رَبِّكَ اِذا أَخَذَ الْقُرَى وهِيَ ظالِمَةٌ اِنَّ اَخْذَهُ اَلِيمٌ شَدِيْدٌ ـ اِنَّ فِي ذلِكَ لآيَةً لِمَنْ خافَ عَذابَ الآخِرَةِ).
ثانيا/ قوله تعالى ( اَفَلَمْ يَرَوا اِلى ما بَيْنِ اَيْدِيهِمْ وَمْا خَلْفَهُمْ مِنَ السَّماءِ وَالاْرْضِ اِنْ نَشَأْ نَخْسِ بِهِمْ الاْرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِنَ السَّماءِ اِنَّ فِي ذلِكَ لآيَةً لِكُلِّ عَبْد مُنِيب).
ثالثا/قوله تعالى ( وَتَرَكْنا فِيْها آيَةً لِلَّذِينَ يَخافُوْنَ الْعَذابِ الأَلِيْمَ).
إن الآية الاولى بعدما أشارت الى ماضي بعض من الاقوام السالفة (مثل قوم لوط وشعيب والفراعنة) ونزول أنواع من العذاب عليها، قالت: ( وَكَذلِكَ أخْذُ رَبِّكَ اِذا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظالِمَةٌ) ثم قالت في النهاية: (اِنَّ اَخْذَهُ اَلِيمٌ شَدِيدٌ)ثم قالت: ( اِنَّ فِي ذلِكَ لايَةً لِمَنْ خافَ عَذابَ الآخِرَةِ) أي في قصص الامم السالفة وعقابهم ونزول العذاب عليهم آية واضحة لمن خاف عذاب الآخرة.
لقد جاءت مفردة «آية» نكرة، وذلك للاشارة الى عظمة وأهمية هذه الآية الالهية ودور العبرة فيها، والتعبير بـ ( لِمَنْ خافَ عَذابَ الاْخِرَةِ) اشارة الى الارضية المُعدَّة للمعرفة عند اولئك الذين يخافون من عذاب الاخرة.
أما اولئك الذين لا يخافون عذاب الاخرة فلا يدركون علاقة هذه الذنوب بهذه الانواع من العذاب الرباني، فهم يعدون العذاب أمراً قهرى وجبرياً، أو يرجعون أسبابه الى حركة الافلاك والنجوم وأوهام وخرافات اخرى، ولا يدركون الاسباب الحقيقة له.
إضافة الى هذا، فان الانسان لا يقطع بالعذاب الدنيوي ما لم يقطع بالعذاب الاخروي، لان كلاهما وليد شيء واحد وهو معرفة الله ومعرفة عدالته.
إن جملة « وهي ظالمة » تلميح الى ان الاخذ والدمار كان بسبب ظلم تلك القرى- وبتعبير آخر- فان جميع الانحرافات العقائدية والسلوكية داخلة في مفردة الظلم.
والآية الثانية بعدما أشارت الى آيات الله في السموات والارض وبيان قدرته على كلّ شيء أكّدت بأن اللهَ لم يعجز عن عذاب اولئك العصاة الذين سخروا بآيات الله ورموك بالجنون، واعتبروا المعاد محالا، إنْ شئنا خسفنا بهم الارض، أو أسقطنا عليهم من السماء أحجاراً سماوية (اِنْ نَشَأْ نَخْسِفُ بِهِمُ الاْرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِنَ السَّماءِ).
إن « كِسَفا » جمع كِسْف ويعني القماش المقطّع قطعاً قطعاً، وقد استعملت هذه المفردة هنا اشارة الى بعض الكرات السماوية التي تنفجر تحت ظروف خاصة وتتحول الى قطع متعددة تسبح في السماء، واذا ما دخلت في مدار الارض، تحولت (بايعاز من الله) إلى أمطار من حجر، او سقطت على وجه الارض بصورة قِطّع حجرية كبيرة، كلٌّ منها يمكنها تدمير منطقة واسعة من سطح الارض، كما ان العلماء اكتشفوا نماذَج من هذه الكُتَل الحجرية في منطقة «سيبيريا».
ثم قالت الآية في النهاية: (اِنَّ فِي ذلِكَ لآيَةً لِكُلِّ عَبْد مُنِيب) أي لكل عبد راجع الى الله وخائف من عذابه ومتخذ سبيل التوبة.
المسلم به هو ان هذه الآيات عامة لجميع البشر، لكن لا ينتفع بها إلاٍّ من خاف الله وشعر بالمسوؤلية - وبتعبير آخر- فان جملة (لِكُلِّ عَبْد مُنِيب) بمثابة بيان لسبب جملة (اِنَّ فِي ذلِكَ لآيَةً)، أي ان الالتفات الى حقيقة العبودية والتوبة والإِنابة سبب للانتفاع بهذه الآيات.
وفي الحقيقة، إذا ما درسنا حقيقة مفهوم العبودية، رأيناه لا يخلو من التوبة والإِنابة عند اقتراف الذنب.
أما ثالث آية ، فقد أشارت مرة اخرى الى المصير الرهيب لقوم لوط ذلك المجتمع الذي بلع من العار أَقصاه، وسخر من جميع قيم الايمان والانسانية وغمر في وحل الفساد والفحشاء...
إن الآية بعدما أشارت الى تدمير مدنهم وتخريبها قالت: (وَتَرَكْنا فِيها آيَةً لِلَّذِينَ يَخافُونَ الْعَذابَ الأَلِيمَ) يعتقد الكثير أن مدن قوم لوط كانت في الشامات قرب «البحر الميت» أو بين الشام والحجاز، وكان يطلق عليها «المدائن المؤتفكة»، ويقال: إنه عندما زلزلت الارضُ من مدنَهم هدمتها، ثم نزلت عليهم أمطار من الاحجار، وانشقت عندها الارض شقاً نفذ فيه ماء «البحر الميت»، وبدل هذه المدن الى مستنقعات نتنة، ولهذا يدعي البعض العثور على آثار من الاعمدة وغيرها من هذه المدن في أطراف البحر الميت.
وعلى أيّ حال، فان هذه الآثار الباقية ـ سواء كانت في اليابسة أو تحت المستنقعات الآسنة ـ دروس وعبرة، ولا ينتفع بهذا الدرس إلاّ الذين يخافون عذاب الله، ويشعرون بالمسؤولية (وتواجدت فيهم أرضية المعرفة).
آية العبرة هذه هي لاولئك الذين من شأنهم أن يخافوه لسلامة فطرتهم ورقة قلوبهم دون من عداهم من ذوي القلوب القاسية فانهم لا يعتدون بها ولا يعدونها آية ودليلا.
أولا:جاذبية العلم والعشق للمعرفة التي أُودعتْ في روح الانسان منذ البداية.
ثانيا:الاطلاع على النتائج المثمرة والآثار القيمة للمعرفة، ووصول الانسان الى المراحل الرفيعة تحت ظلها.
ثالثا:الشعور بالمسؤولية والخوف من العواقب المؤلمة لفقدان المعرفة والجزاء الترتب عليها.
إن كلا من هذه الامور يمكنها أن تهيء الأرضية المناسبة لطيّ هذا الطريق المليء بالتعرجات، واذا ما تعاضدت هذه الامور مع بعضها البعض، فان الحركة نحو المعرفة ستكون أسرع وأعمق وأكثر ثماراً.
إن أكبر فخر للانسان هو العلم والمعرفة، والجاهلون هم موتى الأحياء.
إن بلوغ مرحلة المعرفة الكاملة، لا يتم إلاّ مع توفر الأسباب ورفع الموانع والحجب وتهيئة الأرضية المناسبة للوصول اليها, وهذا يحتاج منه الى الاحساس بالمسؤوليه اتجاه نفسه بابعاد حالة الجهل عنه.
إنّ الانسان ما لم يشعر بالمسؤولية لا يلتفت الى مصادر المعرفة وسوف لا يبالي بآيات الله ومواعظه.
ومن هنا ينبغى القول بان الاحساس بالمسؤولية والخوف من الله هو احدى ارضيات المعرفة التي تُعِدُّ روح الانسان وتهيئها لتقبل علوم ومعارف مختلفة.
وبالالتفات الى هذا التمهيد نتأمل في الآيات المباركة التالية:
أولا/قوله تعالى ( وَكَذلِكَ أخْذُ رَبِّكَ اِذا أَخَذَ الْقُرَى وهِيَ ظالِمَةٌ اِنَّ اَخْذَهُ اَلِيمٌ شَدِيْدٌ ـ اِنَّ فِي ذلِكَ لآيَةً لِمَنْ خافَ عَذابَ الآخِرَةِ).
ثانيا/ قوله تعالى ( اَفَلَمْ يَرَوا اِلى ما بَيْنِ اَيْدِيهِمْ وَمْا خَلْفَهُمْ مِنَ السَّماءِ وَالاْرْضِ اِنْ نَشَأْ نَخْسِ بِهِمْ الاْرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِنَ السَّماءِ اِنَّ فِي ذلِكَ لآيَةً لِكُلِّ عَبْد مُنِيب).
ثالثا/قوله تعالى ( وَتَرَكْنا فِيْها آيَةً لِلَّذِينَ يَخافُوْنَ الْعَذابِ الأَلِيْمَ).
إن الآية الاولى بعدما أشارت الى ماضي بعض من الاقوام السالفة (مثل قوم لوط وشعيب والفراعنة) ونزول أنواع من العذاب عليها، قالت: ( وَكَذلِكَ أخْذُ رَبِّكَ اِذا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظالِمَةٌ) ثم قالت في النهاية: (اِنَّ اَخْذَهُ اَلِيمٌ شَدِيدٌ)ثم قالت: ( اِنَّ فِي ذلِكَ لايَةً لِمَنْ خافَ عَذابَ الآخِرَةِ) أي في قصص الامم السالفة وعقابهم ونزول العذاب عليهم آية واضحة لمن خاف عذاب الآخرة.
لقد جاءت مفردة «آية» نكرة، وذلك للاشارة الى عظمة وأهمية هذه الآية الالهية ودور العبرة فيها، والتعبير بـ ( لِمَنْ خافَ عَذابَ الاْخِرَةِ) اشارة الى الارضية المُعدَّة للمعرفة عند اولئك الذين يخافون من عذاب الاخرة.
أما اولئك الذين لا يخافون عذاب الاخرة فلا يدركون علاقة هذه الذنوب بهذه الانواع من العذاب الرباني، فهم يعدون العذاب أمراً قهرى وجبرياً، أو يرجعون أسبابه الى حركة الافلاك والنجوم وأوهام وخرافات اخرى، ولا يدركون الاسباب الحقيقة له.
إضافة الى هذا، فان الانسان لا يقطع بالعذاب الدنيوي ما لم يقطع بالعذاب الاخروي، لان كلاهما وليد شيء واحد وهو معرفة الله ومعرفة عدالته.
إن جملة « وهي ظالمة » تلميح الى ان الاخذ والدمار كان بسبب ظلم تلك القرى- وبتعبير آخر- فان جميع الانحرافات العقائدية والسلوكية داخلة في مفردة الظلم.
والآية الثانية بعدما أشارت الى آيات الله في السموات والارض وبيان قدرته على كلّ شيء أكّدت بأن اللهَ لم يعجز عن عذاب اولئك العصاة الذين سخروا بآيات الله ورموك بالجنون، واعتبروا المعاد محالا، إنْ شئنا خسفنا بهم الارض، أو أسقطنا عليهم من السماء أحجاراً سماوية (اِنْ نَشَأْ نَخْسِفُ بِهِمُ الاْرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِنَ السَّماءِ).
إن « كِسَفا » جمع كِسْف ويعني القماش المقطّع قطعاً قطعاً، وقد استعملت هذه المفردة هنا اشارة الى بعض الكرات السماوية التي تنفجر تحت ظروف خاصة وتتحول الى قطع متعددة تسبح في السماء، واذا ما دخلت في مدار الارض، تحولت (بايعاز من الله) إلى أمطار من حجر، او سقطت على وجه الارض بصورة قِطّع حجرية كبيرة، كلٌّ منها يمكنها تدمير منطقة واسعة من سطح الارض، كما ان العلماء اكتشفوا نماذَج من هذه الكُتَل الحجرية في منطقة «سيبيريا».
ثم قالت الآية في النهاية: (اِنَّ فِي ذلِكَ لآيَةً لِكُلِّ عَبْد مُنِيب) أي لكل عبد راجع الى الله وخائف من عذابه ومتخذ سبيل التوبة.
المسلم به هو ان هذه الآيات عامة لجميع البشر، لكن لا ينتفع بها إلاٍّ من خاف الله وشعر بالمسوؤلية - وبتعبير آخر- فان جملة (لِكُلِّ عَبْد مُنِيب) بمثابة بيان لسبب جملة (اِنَّ فِي ذلِكَ لآيَةً)، أي ان الالتفات الى حقيقة العبودية والتوبة والإِنابة سبب للانتفاع بهذه الآيات.
وفي الحقيقة، إذا ما درسنا حقيقة مفهوم العبودية، رأيناه لا يخلو من التوبة والإِنابة عند اقتراف الذنب.
أما ثالث آية ، فقد أشارت مرة اخرى الى المصير الرهيب لقوم لوط ذلك المجتمع الذي بلع من العار أَقصاه، وسخر من جميع قيم الايمان والانسانية وغمر في وحل الفساد والفحشاء...
إن الآية بعدما أشارت الى تدمير مدنهم وتخريبها قالت: (وَتَرَكْنا فِيها آيَةً لِلَّذِينَ يَخافُونَ الْعَذابَ الأَلِيمَ) يعتقد الكثير أن مدن قوم لوط كانت في الشامات قرب «البحر الميت» أو بين الشام والحجاز، وكان يطلق عليها «المدائن المؤتفكة»، ويقال: إنه عندما زلزلت الارضُ من مدنَهم هدمتها، ثم نزلت عليهم أمطار من الاحجار، وانشقت عندها الارض شقاً نفذ فيه ماء «البحر الميت»، وبدل هذه المدن الى مستنقعات نتنة، ولهذا يدعي البعض العثور على آثار من الاعمدة وغيرها من هذه المدن في أطراف البحر الميت.
وعلى أيّ حال، فان هذه الآثار الباقية ـ سواء كانت في اليابسة أو تحت المستنقعات الآسنة ـ دروس وعبرة، ولا ينتفع بهذا الدرس إلاّ الذين يخافون عذاب الله، ويشعرون بالمسؤولية (وتواجدت فيهم أرضية المعرفة).
آية العبرة هذه هي لاولئك الذين من شأنهم أن يخافوه لسلامة فطرتهم ورقة قلوبهم دون من عداهم من ذوي القلوب القاسية فانهم لا يعتدون بها ولا يعدونها آية ودليلا.
إن الخوف سواء كان بمعنى الخوف من الله أو من عذابه أو من الذنب والمعصية (لأن جميعها ترجع الى معنى واحد)، يُعِدُّ الأرضية لروح الانسان لتقبل الحقائق والمعارف، لأن الانسان مالم يشعر بالمسؤولية لا يتجه نحو مصادر المعرفة ولا يبحث في آيات الآفاق والأنفس والتكوين والتشريع ويبقى في جمود الموت وحلكة الظلام.
تعليق