إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

جدلية تفضيل اهل البيت على الانبياء

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • جدلية تفضيل اهل البيت على الانبياء


    بسم الله الرحمن الرحيم
    هناك جدل قائم ليس فقط بين السنة والشيعة بل بين الشيعة انفسهم, حول تفضيل الأئمة الاثني عشر(ع) على الأنبياء(ع) عدا نبينا (ص) و إن كان الاتجاه العام يتجه بتفضيلهم على الانبياء(ع). و نحن في هذا الموضوع نريد أن نبين مجمل أدلة من أثبت ذلك ولكن قبل البدء لابد أن نشير إلى أمر بالغ الأهمية وهو ليس ثمة شرك أو كفر في هذا الموضوع كما يحلو للبعض, فالموضوع يخص تفضيل انسان على انسان وليس له علاقة بالشرك. نعم يدخل في الكفر إذا كان رداً على الله جل جلاله أو نبيه الكريم (ص) بما ثبت عنهما في الكتاب والسنة، ولكن ليس في الكتاب ولا في السنة ما يثبت تفضيل الأنبياء على من سواهم بالقطع، رغم وجود ما يدلُّ على تفاضلهم فيما بينهم، كما في قوله تعالى ( و لقد فضَّلنا بعض النبيين على بعض)[1]، و قوله تعالى (تلك الرسلُ فضَّلنا بعضهم على بعض)[2]، بل إننا نجد من ذهب لتفضيل أئمة أهل البيت عليهم السلام يدعم قوله بأدلة من الكتاب والسنة، ولذا لا يمكن بحال أن يدخل ذلك في الكفركما يقولُ المتطرفون.
    مقامُ النبوة ومقام الإمامة
    هناك أمر لا غنى عن معرفته و به يتضح الكثير مما نحن بصدده، و هو: هل أنَّ هناك منزلة تسمى الإمامة؟ و إذا وُجدت، فهل منزلة النبوة أرفع منها، أم أنَّها أرفع من النبوة؟؟نعرض الموضوع على كتاب الله ففيه تبيان كل شيء (ما فرطنا في الكتاب من شيء)[3].ولا ننسى أنَّ الله سبحانه أمرنا بالتدبر في آياته لنكتشف منها الحقيقة، و من التدبر أن نربط آيات الموضوع بعضها ببعض كي يوضح ويكشف بعضها بعضا, فمن اجتهد باتباع أمر الله في هذا التدبر فأصاب فبها، و إذا لم يصب فهو معذور، لكونه أفرغ جهده بما منحه الله من عقل في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه و آله، وينبغي علينا أن نحترم الرأي الذي ينبثق من هكذا فكر. قال تعالى: (وإذ ابتلى إبراهيمَ ربُّه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين)[4] هذه الآية الكريمة تفصِّل بين النبوة والإمامة, فالله سبحانه يبتلي إبراهيم عليه السلام ويختبره ويمتحنه بكلمات، وهذه الكلمات كما يتضح من القرآن الكريم هي قضايا ابتليَ بها وعهود إلهية أريدت منه، كابتلائه بالكواكب والأصنام، والنار والهجرة وترك أهله بوادٍ غير ذي زرع، وتضحيته بابنه، وهو أعظم الابتلاءات فقد ذكرت بوضوح حيث قال تعالى
    (قال يا بني اني أرى في المنام أني أذبحك، إلى أن قال: (إن هذا لهو البلاء المبين)[5] .
    ولعل تسمية هذه الابتلاءات بكلمات من باب كون الكلمات تؤدي إلى الخبر والأمر و النهي وما شابه والقضايا تبلغ عادة بالكلام.ومن الواضح - ولا نريد الإطالة بالاستدلال- أن هذه الآية أتت في أواخر حياة إبراهيم عليه السلام وذلك كون الآية تذكر أنَّ هناك ابتلاءات ومنها ذبح إسماعيل عليه السلام مع أنَّ الذرية لم تأته إلا وهو نبي كبير السن آيس، ويتلقى الملائكة، وحين بشروه قال أبشرتموني على أن مسني الكبر فبم تبشرون؟ قالوا، بشرناك بالحق فلا تكن من القانطين)[6].وآية الابتلاء تُصرِّح بأنَّ له ذرية حيث قال (ومن ذريتي؟؟) وبهذا يتضح بجلاء أنَّ نبي الله إبراهيم (ع) كان نبياً ودخل في سلسلة من الاختبارات الإلهية، وبعد أن نجح بامتياز جاءه الخطاب ليتوِّجه بمنصب الإمامة ( .. إني جاعلك للناس إماما..) امام, يأتم به الناس للدين والدنيا بل وتكون له الولاية عليهم كما قال تعالى (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم..).عن الصادق(ع):
    "إن الله - تبارك وتعالى- اتخذ إبراهيم عبداً قبل أن يتخذه نبيا، و إنَّ الله اتخذه نبياً قبل أن يتخذه رسولا، و إنَّ الله اتخذه رسولاً قبل أن يتخذه خليلا، و إنَّ الله اتخذه خليلاً قبل أن يجعله إماما. فلما جمع له الأشياء قال :
    " إني جاعلك للناس إماما" قال: فمن عِظَمِها في عين إبراهيم قال : ومن ذريتي...).
    فإن كان إمام الجماعة يُقتدى به في صلاة الجماعة فقط، و إمام المذهب –مثلاً- يُقتدى به في الفتيا، فهنا إمامة عامة, و لعظمتها سأل إبراهيمُ ربَّه عن ذريته –هل يكون فيهم أئمة؟- فجاء الجواب(لا ينال عهدي الظالمين)، أي أنَّ الظالم لا ينال منصب الإمامة ويكون خليفة الله وقائداً في أمور الدين والدنيا للجميع.ولا بأس أن نبتعد عن صلب الموضوع قليلا – و لكننا نبقى في أجواء الآية والإمامة- وذلك للفائدة فنشير إلى أمرين:
    1-الإمامة جَعْلٌ من الله سبحانه وليست انتخابا
    الآية الكريمة تقول(إني جاعلك)، و هذا يدلُّ على أنَّ الإمامة جعلٌ من الله سبحانه، حيث أنَّ الله تبارك و تعالى هو الذي يعلم صفات الإمام الباطنية التي لا يعلمها عامة الناس، فيكون النص عليه. و إذ عرفنا من الآية الكريمة أنَّ الإمامة بهذا المقام الرفيع، فلا يمكن أن يصلها كل أحد، و لا يمكن أن يتلبس بصفاتها من انتُخب انتخابا. و للتمثيل نقول: لو أنَّ إنساناً لم يكن شاعراً، فهل يصير شاعراً بالانتخاب؟؟بالطبع لا، فالشاعر شاعرٌ بذاته. ثمَّ هب أنَّ هناك آخرُ شاعرٌ بحق ولكنه لم ينتخب من قبَل الناس، فهل يؤثِّرُ ذلك في شاعريته؟و الجواب مرَّة أخرى هو النفي، فيبقى شاعراً حقيقة، ولا يسلب منه الشعر.
    2- دلالة الآية الكريمة على عصمة الإمام؟
    إنَّ قوله تعالى (لا ينالُ عهدي الظالمين) يدلُّ بوضوح على ضرورة عصمة المختارِ للإمامة، إذ نفى الله سبحانه نيل عهده الظالمَ مطلقاً، بغضِّ النظر عن كونه ظالماً لنفسه أو لغيره، إذ أنَّ الظالم تارةً يكون ظالماً لغيره، وتارةً أخرى لنفسه، فكل ذنب يذنبه يكون به ظالماً لنفسه على الأقل. قال تعالى (..ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه)[7]بل إنَّ كل ذنب فيه نسبة شرك. قال تعالىأرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا)[8]و قال تعالى: (ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين)[9].فالطاعة و الاتباع للهوى أو الشيطان في معصية الله نوع من الشرك ولذا قال تعالى: (وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون)[10].
    التعديل الأخير تم بواسطة سيد معد; الساعة 29-02-2012, 06:07 AM.

  • #2
    الصفات الأخرى التي يجب توافرها في الإمام
    قال تعالى: (وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لمّا صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون)[11]في الآية الكريمة يشيرُ المولى سبحانه إلى صفتين إضافيتين لصفة عدم الظلم، تكونان موجبتين لاستحقاق بلوغ مقام الإمامة، و هما:
    1-الصبر واليقين
    الصبر في الآية مطلق ولم يقيَّد، فيكون صبراً على الطاعة وصبراً عن المعصية وصبر على البلاء والمصائب. و أما اليقين فهو درجة رفيعة، من لوازمها كشف الوجه الآخر للموجودات (الملكوت) قال تعالى: (وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين)[12] .فلكي يكون موقنا أراه الله ملكوت السموات والأرض.و نحن، إذا نظرنا إلى سمائنا وكواكبها، والتي تقاس لبعدها بالسنين الضوئية، والله سبحانه يقول في كتابه: (إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب)[13] ، عرفنا عظمة السماوات الأخرى والتي هي أعظم من السماء الدنيا. و هذه تكشفت حقيقتها وملكوتها لإبراهيم (ع) ليلتحق بالموقنين.وقال تعالى: (كلا لو تعلمون علم اليقين (5) لترون الجحيم (6) ثم لترونها عين اليقين (7))[14]فإن من وصل إلى اليقين يُكشف له عالم الملكوت حتى يرى الجحيم.
    يهدون بأمرنا
    فإذا كان صابراً و من الموقنين فقد كشفت له حقائق الأشياء فهو يهدي بما أفاض الله عليه من الأمر ولعلنا نجد تفسير (الأمر) في قوله تعالى: (إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون # فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء)[15]، وقوله (وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر)[16] ، فالملكوت وجه آخر للخلق، يواجهون به الله سبحانه، طاهر مطهر من قيود الزمان والمكان ، خال من التغير والتبدل وهو المراد بكلمة –( كن) الذي ليس إلا وجود الشيء العيني، وهو يختلف عن الخلق الذي هو وجه آخر من وجهي الأشياء فيه التغير والتدريج والانطباق على قوانين الحركة والزمان, قال تعالى: (..ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين)[17].

    تعليق


    • #3
      تفضيل الإمام على النبي
      إلى هنا اتضحت لنا معالم الإمامة على ضوء القرآن الكريم و أنها أعلى مرتبة من النبوة، وهنا نقف على أعتاب المرحلة الثانية من البحث وهي أنَّ كثيراً من الأنبياء هم أئمة أيضا فكيف يفضل أئمة أهل البيت عليهم عدا النبي صلى الله عليه و آله ؟؟وللإجابة يمكن أن نركز على أول أهل البيت الإثني عشر علي بن أبي طالب عليه السلام، فإذا كان هناك دليلٌ ناهضٌ على أفضليته، ثبت المطلوب، كون أن المشكلة عند البعض هي تفضيل الإمام على النبي.نرجع إلى كتاب الله، لنرى فيه الصفات التي يفضل بها إنسان على آخر.
      1-العلم
      قال تعالى: (.. هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب)[18]مما لا شك فيه أن أعلم الأمة بعد النبي صلى الله عليه و آله، أميرُ المؤمنين وهذا مما لا مرية فيه لمن اطَّلع على مصادر المسلمين على صعيد أحاديث النبي صلى الله عليه و آله وكشف هذه الحقيقة للأمّة أو على الصعيد العملي .ولكن موضوعنا يخص التفضيل على الأنبياء فلابد أن نرجع إلى القرآن الكريم:قال تعالى عن موسى: (وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة )[19]وقال تعالى عن عيسى: ( و لأبيِّن لكم بعض الذي تختلفون فيه )[20]وقال عن صاحب سليمانقال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك...)[21]يتضح هنا أن الله سبحانه كتب لموسى عليه السلام من كل شيء وليس كل شيء, وعيسى عليه السلام ليبين لهم بعض وليس كل، والذي أتى بعرش بلقيس عنده علم من الكتاب وليس علم الكتاب، بيد أنّا نرى الله سبحانه يقول:
      (و لا رطب و لا يابس إلا في كتاب مبين)[22]
      وقال تعالى: (وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون)[23]. ثم أثبت سبحانه أن علم هذا الكتاب أعطي لشخص في الأمة قال تعالى: (يقول الذين كفروا لست مرسلا قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب)[24]. وقد أوضحت الآية منزلة هذا الإنسان حيث أن الآية ذكرت أن للنبي صلى الله عليه و آله شاهدان، هما الله و من عنده علم الكتاب، وكفى بهما شهيدين، ففهمنا من ذلك أن هذا الشخص شاهد وعنده علم الكتاب.و قد قال تعالى في آية أخرى: (أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه..)[25]
      ويتبين من هذه الآية المباركة بضميمة الآية 43 من سورة الرعد الآنفة الذكر، أنَّ الذي عنده علم الكتاب و الشاهد يكون مقرباً من النبي -منه- صلى الله عليه و آله و ليس بعيداً عنه, وحينما نرجع إلى النبي صلى الله عليه و آله، نراه يركز على هذا الأمر ويوضحه لنا بروايات كثيرة منها:في صحيح البخاري كتاب الصلح باب كيف يكتب...:وقال(ص) لعلي أنت منى و أنا منك)وفي المعجم الكبير للطبراني ج12 ص15 (عن ابن عباس قال: قال رسول الله(ص) لأم سلمة هذا علي بن أبي طالب لحمه لحمي ودمه دمي هو مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي).و هذا التجانس و انشقاق الواحد من الآخر لم يكن ناظراً إلى الرحمية فقط بل إلى الروحية و النورانية, و حمل مسؤولية الرسالة بعده, وحمل علومه. وقد وضحت آية المباهلة وحديث المنزلة وحديث الأشباح وغير ذلك هذا الأمر بجلاء. وبشهادة الآيتين والأحاديث الآتية ثبت أن الذي عنده علم الكتاب هو عليُّ بن أبي طالب وتبين بطلان من يقول أن الذي عنده علم الكتاب عبد الله بن سلام أو أهل الكتاب، هذا مع ما ثبت بروايات أهل البيت. وتشهد لنا كتب إخواننا أيضاً، ففي تفسير الثعلبي ج5 ص303 (و روى أبو عوانة عن أبي الخير قال: قلت لسعيد بن جبير(ومن عنده علم الكتاب) أهو عبد الله بن سلام؟ قال: كيف يكون عبد الله بن سلام وهذه السورة مكية)؟؟.
      نفس المصدر(حدثني بن عبد الله ابن عطاء قال: كنت جالسا مع أبي جعفر في المسجد فرأيت ابن عبد الله بن سلام جالسا في ناحية فقلت لأبي جعفر: زعموا أن الذي عنده علم الكتاب عبد الله بن سلام . فقال : إنما ذلك علي بن أبي طالب).ونذكر هنا رواية تؤيد أن الشاهد منه هو أمير المؤمنين عليه السلام، ففي الدر المنثور ج3ص324: (أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو نعيم في المعرفة عن علي بن أبي طالب(رض) قال ما من رجل من قريش إلا نزل فيه طائفة من القرآن، فقال له رجل ما نزل فيك قال أما تقرأ سورة هود "أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه" رسول الله (ص) على بينة من ربه وأنا شاهد منه).إن شريعتنا خاتمة الشرائع وكتابنا مهيمنٌ على الكتب كلها قال تعالى: (وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه)[26]... وهو أحسن الحديث قال تعالى: (الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها)[27], فكتابنا هو الشامل وهو المهيمن على الكتب السابقة فيكون علمه أعظم من الكتب السابقة وهذا العلم عند علي بن أبي طالب كما بينا وبهذا نكون قد توصلنا إلى أن علم أمير المؤمنين أعظم من علم الأنبياء السابقين كون كتابنا فيه كل شيء.(...عن الإمام الصادق (ع) :
      ما يقول الناس في أولي العزم وصاحبكم أمير المؤمنين؟ قال: قلت: ما يقدمون على أولي العزم أحدا، قال: فقال أبو عبد الله(ع): إن الله تبارك وتعالى قال لموسى(ع): (وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة) ولم يقل كل شيء موعظة، وقال لعيسى(ع): (و لأبين لكم بعض الذي تختلفون فيه) ولم يقل كل شيء، وقال لصاحبكم أمير المؤمنين(ع): (قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب) وقال الله عز وجل(ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين) وعلم هذا الكتاب عنده.
      في بحار الأنوار: (عن أبي عبد الله(ع) قال: إن الله خلق أولي العزم من الرسل وفضلهم بالعلم، وأورثنا علمهم، وفضلنا عليهم في علمهم وعلّم رسول الله(ص) ما لم يعلموا، وعلمنا علم الرسول وعلمهم).ننتقل الآن إلى قوله تعالى: (إنه لقرآن كريم(77) في كتاب مكنون(78)لا يمسه إلا المطهرون)[28]فالقرآن الكريم في كتاب مكنون، وهناك لا يمسه إلا المطهرون, ولكن حينما نرجع إلى القرآن والسنة نجد أن الله طهر أهل البيت وقد حدد النبي(ص) أهل البيت بأصحاب الكساء كما سيأتي بإيجاز.ولكن جاء في الدر المنثور: (عن ابن عباس عن النبي(ص) (إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون) قال:
      عند الله في صحف مطهرة (لا يمسه إلا المطهرون) قال: المقربون.
      ومع هذا التفسير فأن أمير المؤمنين أيضا يظهر هو المقرب فقد قال تعالى: (والسابقون السابقون(10) أولئك المقربون(11))[29]. و أمير المؤمنين هو السابق في الإسلام والسابق في الجهاد والسابق بالعلم والزهد والكرامات جميعا بل إن النص جاء بهذا: نقل السيوطي في الدر المنثور( ج 6 ص154 عن ابن عباس في قوله والسابقون السابقون قال نزلت في حزقيل مؤمن آل فرعون وحبيب النجار الذي ذكر في يس وعلي بن أبي طالب وكل رجل منهم سابق أمته وعليٌ أفضلهم سبقا. فكون القرآن طاهراً يستلزم أن يكون الذي يمس باطنه طاهراً قال تعالى: (في صحف مكرمة ( 13 ) مرفوعة مطهرة(14))[30].
      ولعل هذا الاندماج بتطبيق ظاهر القرآن ومسِّباطنه من أمير المؤمنين بطهارته أشار إليه النبي(ص) فقد نقل الحاكم في المستدرك على الصحيحين: (عن أبي ثابت مولى أبي ذر قال كنت مع علي(رض) يوم الجمل فلما رأيت عائشة واقفة دخلني بعض ما يدخل الناس فكشف الله عنى ذلك عند صلاة الظهر فقاتلت مع أمير المؤمنين فلما فرغ ذهبت إلى المدينة فأتيت أم سلمة فقلت إني والله ما جئت أسأل طعاماً و لا شراباً، ولكني مولى لأبي ذر، فقالت مرحباً، فقصصت عليها قصتي فقالت أين كنت حين طارت القلوب مطائرها قلت إلى حيث كشف الله ذلك عنى عند زوال الشمس. قالت: أحسنت سمعت رسول الله(ص) يقول علي مع القرآن والقرآن مع علي لن يتفرقا حتى يردا على الحوض * هذا حديث صحيح الإسناد).
      التعديل الأخير تم بواسطة سيد معد; الساعة 29-02-2012, 06:18 AM.

      تعليق


      • #4
        2-التقوى
        من أهم صفات التفضيل في كتاب الله التقوى: قال تعالى: (...إن أكرمكم عند الله أتقاكم..(13) الحجرات) و التقوى هي: أن لا يفقدك الله حيث أمرك ولا يجدك حيث نهاك، و بمعنى أبسط، أن تقيم الواجبات وتجتنب وتتقي المحرمات، فإن كان العلم الميزة الأولى فالعمل به هنا يكون الصفة الثانية للكرامة عند الله.نرجع إلى القرآن الكريم قال تعالى: (..إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا)[31]. والرجسُ: كل مستقذر مادي أو معنوي، فكل ما هو رجس عند الشريعة أذهبه الله تعالى عنهم فلا ذنب عندهم، ومن ثم هم مطهرون (تطهيرا) بصيغة المفعول المطلق لتأكيد هذه الطهارة, إذاً فهذه الآية الكريمة بصيغة الحصر، وإذهاب الرجس والتطهير بصيغة التوكيد لم تأت لأحد من العالمين غيرهم .ثم إن الإرادة الإلهية هنا هي من سنخ الإرادة التكوينية لا التشريعية، لأنه سبحانه أسند الإذهاب إلى نفسه القدسية، لا إليهم، فلم يقل:
        (إنما يريدُ الله أن تُذهبوا ....الخ).
        وبهذا نعلم أن أهل البيت عليهم السلام معصومون بأرقى درجات العصمة، ليس من الذنوب فحسب، بل من كلِّ ما ينقض غرض المشرِّع الحكيم، وهذا ما نقوله.وقد خصَّص النبي صلى الله عليه و آله أهل البيت في علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام:ففي صحيح مسلم كتاب الفضائل باب فضائل أهل البيت: (قالت عائشة خرج النبي صلى الله عليه و آله غداة، وعليه مرط مرحل من شعر أسود، فجاء الحسن بن علي فأدخله ثم جاء الحسين فدخل معه ثم جاءت فاطمة فأدخلها ثم جاء عليٌ فأدخله، ثم قال:
        (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا)).
        وهكذا خصَّص النبي(ص) مفهوم أهل البيت في هؤلاء الأربعة، ولا نريد التفصيل في ذلك فيطول بنا المقام، وفي ما مرَّ من الآية الكريمة وهذا الحديث كفاية، سيما و أننا نرى الخطأ صدر من نساء النبي صلى الله عليه و آله كخروج عائشة على إمام زمانها، و عدم قرارها في بيتها كما أمرها الله في كتابه.ثمَّ إنَّ هذا التطهير، بلحاظ حيثيات الآية الكريمة يعني التقوى بأعلى مراتبها, فيكون فضلهم وكرامتهم على الله أكثر من غيرهم.
        3-الاصطفاء
        قال تعالى: (إنَّ الله اصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين( 33 ) ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم)[32]. و قال تعالى: (قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى آلله خير أما يشركون)[33].حين نراجع كتاب الله نجد أنَّ الاصطفاء خصه الله للأنبياء والأولياء، وقد رأينا أن الاصطفاء ملازم ومقدمة للطهارة قال تعالى: (وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك...) فمن طهره الله لابد أن يكون من المصطفين، و أهلُ البيت عليهم السلام مطهَّرون بنص الآية الكريمة، فهم إذاً مصطفون.
        4-الارتباط بأفضل نبي وكتاب و أمَّة
        بعد أن بينّا علم أمير المؤمنين, وتقواه بآية التطهير التي تثبت أعلى مراتب التقوى -من دون خوض في ذكر سيرته و سيرة الأئمة عليهم السلام الفريدة التي تنبئ عن تقواهم، مكتفين بالشهادة القرآنية- وذكرنا أيضا أنهم من المصطفين الأخيار، نريد هنا الإشارة إلى أن كتابنا خير الكتب و أمتنا خير الأمم ورسولنا صلى الله عليه و آله الذي هو الفاتح بنوره الخلق والخاتم برسالته الأديان خير الرسل، فإذا كان أهل البيت مطهرين فيفضلون على غيرهم ممن تطهر من باقي الأمم كونهم مرتبطين بأشرف الخلق ويعلمون علم الكتاب الذي هو مهيمنٌ على باقي الكتب، وكونهم في خير أمة وقد وضحنا منزلة الإمامة و أنها أعلى رتبة من النبوة فتكون إمامتهم أعظم و أشرف من إمامة الأمم السابقة لارتباطها بهذه الشريعة كما قلنا.
        قرن أهل البيت بالنبي(ص)
        :هناك نصوص تربط أهل البيت برسول الله صلى الله عليه و آله، مما يوحي لك بشرفهم الشامخ الذي لا يضاهيه أحد إلا رسول الله صلى الله عليه و آله نفسه، وكذلك يتبين من ذلك أن أهل البيت هو مصطلح خاص بعلي وفاطمة والحسنين عليهم السلام, و به تعرف أنهم كالمرآة الصافية من الكدر التي ملئت من نور الشمس فهم وعاء طاهر ينعكس فيه فيض النبي صلى الله عليه و آله من علمه وروحانيته وخلقه العظيم، ولذا فهم منصهرون فيه، فصعدوا به وبشريعته منازل عن غيرهم ممن مضى وممن أتى.و هاك بعض النصوص الدالة على الاقتران:
        -آية التطهير:
        من ذلك آية التطهير و أن النبي صلى الله عليه و آله أدخل معه في الكساء فاطمة وعلياً والحسنين، وقرأ الآية الكريمة كما مر في صحيح مسلم فخصَّهم بها، ولم يسمح أن يدخل معهم غيرهم، ففي مسند أحمد ج6ص323 : (عن أم سلمة أن رسول الله(ص) قال لفاطمة ائتيني بزوجك وابنيك فجاءت بهم فألقى عليهم كساء فدكياً، قال ثم وضع يده عليهم ثم قال اللهم إن هؤلاء آل محمد فاجعل صلواتك وبركاتك على محمد وعلى آل محمد إنك حميد مجيد. قالت أم سلمة فرفعت الكساء لأدخل معهم فجذبه من يدي وقال إنك على خير).
        – المباهلة:
        صحيح مسلم كتاب فضائل الصحابة باب من فضائل علي بن أبي طالب عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال أمر معاوية بن أبي سفيان سعدا فقال ما منعك أن تسب أبا التراب..و لمّا نزلت هذه الآية فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال اللهم هؤلاء أهلي. وفي هذه الحادثة التي تستوجب أن يأخذ النبي صلى الله عليه و آله أقرب الخلق إلى الله كي يبتهل بهم في مباهلته مع نصارى نجران، لم يُخرج معه من المسلمين إلا هؤلاء الأربعة فقرنهم معه.-
        الصلاة عليهم معه
        صلى الله عليه و آله:في صحيح البخاري كتاب أحاديث الأنبياء الباب العاشر: (عبد الرحمن بن أبي ليلى قال لقيني كعب بن عجرة فقال: ألا أهدي لك هدية سمعتها من النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقلت: بلى فأهدها لي، فقال: سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا: يا رسول الله كيف الصلاة عليكم أهل البيت فإنَّ الله قد علمنا كيف نسلم؟ قال: قولوا اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد. اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد)فهنا نجد النبي صلى الله عليه و آله الذي لا ينطق عن الهوى يأمر المسلمين أن يصلوا عليهم مقترنين معه وهو يشرح لهم الآية الكريمة و أمْرَ الله فيها، ولم يشرك معهم الصحابة. -
        خلقهم قبل آدم و توسله بهم:

        عن أبي هريرة عن النبي(ص) أنه قال: لما خلق الله تعالى آدم أبا البشر ونفخ فيه من روحه التفت آدم يمنة العرش فإذا في النور خمسة أشباح سجَّداً و رُكَّعا، قال آدم: هل خلقت أحداً من طين قبلي؟! قال: لا يا آدم قال: فمن هؤلاء الخمسة الأشباح الذين أراهم في هيئتي وصورتي؟! قال: هؤلاء خمسة من ولدك لولاهم ما خلقتك، هؤلاء خمسة شققت لهم خمسة أسماء من أسمائي لولاهم ما خلقت الجنة والنار، ولا العرش ولا الكرسي، ولا السماء ولا الأرض، ولا الملائكة ولا الإنس ولا الجن، فأنا المحمود وهذا محمد، وأنا العالي وهذا علي، وأنا الفاطر وهذه فاطمة، وأنا الإحسان وهذا الحسن، وأنا المحسن وهذا الحسين، آليت بعزتي أن لا يأتيني أحد بمثقال ذرة من خردل من بغض أحدهم إلا أدخلته ناري، ولا أبالي.
        يا آدم، هؤلاء صفوتي بهم أنجيهم وبهم أهلكهم، فإذا كان لك إلي حاجة فبهؤلاء توسل.
        فقال النبي صلى الله عليه وآله: نحن سفينة النجاة من تعلق بها نجا، ومن حاد عنها هلك، فمن كان له إلى الله حاجة، فليسأل بنا أهل البيت.قال الأميني في الغدير: أخرجه شيخ الإسلام الحموي في الباب الأول من" فرايد السمطين". وروى قريبا منه الخطيب الخوارزمي في " المناقب " ص 252 .وفي تفسير الدر المنثور للسيوطي ج1ص61: (عن ابن عباس قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب عليه قال سأل بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلا تبت عليَّ فتاب عليه).أما في كتب الشيعة فجاء مضمون ذلك في كثيرة، منها ما في بحار الأنوار:
        (عن أبي سعيد الخدري...؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و آله: أنا وعلي وفاطمة والحسن والحسين، كنا في سرادق العرش نسبح الله وتسبح الملائكة بتسبيحنا قبل أن يخلق الله عز وجل آدم بألفي عام، فلما خلق الله عز و جل آدم أمر الملائكة أن يسجدوا له، ولم يأمرنا بالسجود، فسجدت الملائكة كلهم إلا إبليس فإنه أبى أن يسجد، فقال الله تبارك وتعالى: (استكبرت أم كنت من العالين) أي من هؤلاء الخمس المكتوب أسماؤهم في سرادق العرش). (عن أنس عن النبي صلى الله عليه و آله قال:
        إن الله خلقني وخلق عليا وفاطمة والحسن والحسين قبل أن يخلق آدم(ع) حين لا سماء مبنية، ولا أرض مدحية، ولا ظلمة ولا نور ولا شمس ولا قمر ولا جنة ولا نار، فقال العباس: فكيف كان بدء خلقكم يا رسول الله؟ فقال: يا عم، لمّا أراد الله أن يخلقنا تكلم بكلمة خلق منها نورا" ، ثم تكلم بكلمة أخرى فخلق منها روحا "، ثم مزج النور بالروح، فخلقني وخلق عليا " وفاطمة والحسن والحسين، فكنا نسبحه حين لا تسبيح، ونقدسه حين لا تقديس..).
        و اذا كانوا مع النبي صلى الله عليه و آله ، و هو أشرف الكائنات قبل الخلق نوراً، و آدم يستشفع بهم، وبهم ختم فهذا يعني أنهم أفضل من الجميع.
        التعديل الأخير تم بواسطة سيد معد; الساعة 29-02-2012, 06:23 AM.

        تعليق


        • #5
          الاستفادة من مريم وفاطمة عليهما السلام
          في هذا العنوان نذكر الدليل الأكبر على تفضيل الأنبياء على أهل البيت فنجيب عليه، بل ونجعله مؤيدا على تفضيل أهل البيت لا العكس وهو:إن ما يرتكز في نفوسنا نحن المسلمين ونحن نتلو كتاب الله وآياته الكريمة وهي طافحة بذكر الأنبياء وتكرار أسمائهم وذكر كراماتهم و اصطفائهم على العالمين، أنهم أفضل من غيرهم ولا يقربهم أحد فكيف تقولون بتفضيل أئمة أهل البيت والحال كما ترون؟
          الجواب نجده في المقارنة بين مريم وفاطمة(ع): لو نظرنا إلى مريم(ع) في كتاب الله لتبادر إلى ذهننا في الوهلة الأولى أنها أفضل نساء العالمين، فقد اجتباها الله واصطفاها وطهرها وجعلها محل إعجازه وكان يأتيها رزقها إلى محرابها وكانت أمّاً لعيسى عليه السلام من غير أب, وكانت تكلمها الملائكة, وقد تكرر ذكرها في القرآن 34 مرة.
          وللمثال نذكر آية واحدة.قال تعالى: (وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين)[34].و في الآية الكريمة نجد:1- أن الملائكة تكلمها 2- أنها مصطفاة 3- مطهرة 4- مصطفاةٌ على نساء العالمين.وبهذا يتراءى لنا أن مقامها الرفيع لا تدانيه امرأة أخرى. تنبيه: هناك اصطفاءان وهما مختلفان و للمفسرين آراء في ذلك ليس هذا محل الخوض فيها.ولكن حينما نأتي إلى ما اجتمعت عليه الأمة فإنا نجد أن فاطمة الزهراء أفضل منها، بل أفضل نساء العالمين. فأما رأي الشيعة فهذا لا غبار عليه، و أما رأي السنة فأيضا جاء في الصحاح وغيرها واليك بعضها:في صحيح البخاري: (وقال النبي(ص) فاطمة سيدة نساء أهل الجنة).وفي المستدرك على الصحيحين:
          (عن عائشة(رض) أن النبي(ص) قال وهو في مرضه الذي توفي فيه يا فاطمة ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء العالمين وسيدة نساء هذه الأمة وسيدة نساء المؤمنين) * هذا إسناد صحيح ولم يخرجاه هكذا.وكما هو معلوم فإن الجنة تشمل مريم(ع) وغيرها. و إذا كانت فاطمة(ع) سيدة نساء أهل الجنة فهي أفضل من مريم(ع) وهي سيدة المؤمنات ومنهن مريم. بقي هناك توضيح لا بد منه، و هو:
          ما معنى اصطفاء مريم على نساء العالمين؟هناك أكثر من رأي منها: إنَّ كلمة "العالمين" التي جاءت في مريم (ع) لا تتعارض مع تفضيل فاطمة(ع)، فقد وردت هذه الكلمة في القرآن وفي الكلام العام بمعنى الناس الذين يعيشون في عصر واحد، كما جاء بشأن بني إسرائيل (يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين)[35]. فلا شك أن تفضيل مؤمني بني إسرائيل كان على أهل زمانهم, وليس على أمتنا. وكذلك مريم فهي مصطفاة على نساء عالمها وقد جاءت روايات كثيرة بهذا الصدد، ففي الأمالي للشيخ الصدوق مثلا: (عن النبي(ص) : . . أهي سيدة نساء عالمها ؟ فقال النبي(ص) .... ذاك لمريم بنت عمران، فأما ابنتي فاطمة فهي سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين ....), ومنها:
          أن اصطفائها على العالمين كان بحملها بنبي الله من دون أن يمسها بشر, وهذا لا ينافي أن يكون غيرها مصطفى من وجوه أخرى . والنتيجة التي نتوصل إليها في هذه المقارنة أنَّ ما جاء في مريم لا يقل شأناً عما ورد في الأنبياء، فكثر ورود اسمها واصطفائها وطهارتها و امومتها بل ووردت سورة باسمها.أما فاطمة(ع) فلم يورد الله سبحانه اسمها في كتابه ولم يصرح مباشرة بشأنها, مع أن هناك آيات نزلت بحقها غير مباشرة أعني غير واضحة للقراء إذا لم يراجعوا التفاسير ومع هذا فقد ثبت أن فاطمة(ع) أفضل منها .وهذا تماما ينطبق على أمير المؤمنين علي(ع) والأنبياء فقد جاء ذكر بعض الأنبياء في كتاب الله سبحانه ولم يذكر هو عليه السلام باسمه، إلا أنَّ هناك الكثير من الآيات التي نزلت في فضله ومقامه, فما المانع أن يكون كفاطمة(ع) ومريم و أنه أفضل من الأنبياء؟
          ولم نرَ فارقا إلا النبوة، وقد أثبتنا سابقا أنَّ مقام الإمامة أعلى من منزلة النبوة في كتاب الله، و لا بأس أن نضرب هنا مثلاً:لو أنَّ رئيس أمريكا أناب أحداً ليدير هذه الدولة بعلاقاتها الخارجية والداخلية وبرها وبحرها وصناعتها وسياستها وما إلى ذلك، فمن أكثر تأثيراً و أعلى مقاماً، هو آم رئيس دولة فعلي أقلُّ شأنا من أمريكا كملك النرويج مثلاً؟.فأمير المؤمنين كما قلنا هو الإمام والخليفة على أمة كتابها أشملُ الكتب، ونبيها أشرف الأنبياء، وهي التي استوعبت الديانات الأخرى و زادت، و كانت صالحة إلى يوم القيامة تتماشى مع التطور و الإبداع. و علي(ع) الذي عنده علم كتابها وعلم الرسول صلى الله عليه و آله، فلا غرابة بعد هذا أن يكون أفضل ممن هو مسؤول على شريعة منسوخة أقل شأناً من هذه الشريعة مع عظمتها.
          التعديل الأخير تم بواسطة سيد معد; الساعة 29-02-2012, 06:34 AM.

          تعليق


          • #6
            أدلة أخرى:
            هناك أدلة كثيرة يمكن أن نستفيد منها، ولكننا نختار بعضها، ليكون تأييداً لما مرَّ، فتتعاضد الأدلة ليقوي بعضها بعضاً, وكما قلنا يكون التركيز على أمير المؤمنين(ع).
            1- آية المباهلة:قوله تعالى (و أنفسنا): اتفق المسلمون على أنها تخص أمير المؤمنين (ع) ، إذ لم يدعُ النبي صلى الله عليه و آله غيرَه، فلدعوة الأبناء أخرج الحسنين، و للنساء فاطمة، و لأنفسنا علياً(ع)، فوصفه الله بنفس النبي صلى الله عليه و آله، و هذا تطابق تام إلا ما خرج بدليل آخر كالنبوة التي خرجت بحديث المنزلة، ومن كان نفسَ أشرف الخلق، يكون أشرف من غيره .
            2- المختار الثاني بعد نبيه(ص):ورد في المعجم الكبير للطبراني ج11 ص77 عن النبي(ص): (...يا فاطمة: إن الله عز وجل اختار من أهل الأرض رجلين أحدهما أبوك والآخر زوجك). ولم يقل الحديث اختار من هذه الأمة مثلاً، بل من الأرض التي تضم كل الأنبياء.
            3- فضله على الناس كجبرائيل على الملائكة:في كفاية الطالب للكنجي الشافعي الباب السابع والثمانون في حديث طويل، إلى أن قال صلى الله عليه و آله (.. فضل علي على سائر الناس كفضل جبرائيل على سائر الملائكة. قلت (والكلام للكنجي): هذا حديث حسن عال...).
            4- أحب الخلق الى الله: - نقل الحاكم في مستدركه: (عن أنس بن مالك(رض) قال كنت أخدم رسول الله (ص) فقدم لرسول الله (ص) فرخ مشوي فقال اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير. قال: فقلت اللهم اجعله رجلاً من الأنصار، فجاء علي رضي الله عنه، فقلت: إن رسول الله (ص) على حاجة، ثم جاء فقلت: إن رسول الله(ص) على حاجة، ثم جاء فقال رسول الله(ص) افتح فدخل فقال رسول الله(ص): ما حبسك عليَّ؟ فقال: إن هذه آخر ثلاث كرّات، يردُّني أنس يزعم أنك على حاجة، فقال: ما حملك على ما صنعت؟ فقلت:
            يا رسول الله سمعت دعاءك فأحببت أن يكون رجلاً من قومي، فقال رسول الله (ص): إن الرجل قد يحب قومه * هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه).
            ففي هذا الحديث، عليٌ عليه السلام أحب الخلق إلى الله بعد النبي صلى الله عليه و آله كونه هو الداعي فيخرج عن الخلق. وكما هو معلوم، إننا مأمورون أن نحب في الله ونبغض في الله، ويزداد الحب لأوليائه على قدر قربهم من الله سبحانه، و يزداد بغضهم على قدر بعدهم عن الله سبحانه وعنادهم، فالله يحب النبي صلى الله عليه و آله لكونه أقرب الناس إليه فهو الحبيب صلى الله عليه و آله ومن بعده علي عليه السلام كما ثبت في هذا الحديث , فيكون أفضل من باقي الأنبياء.- وفي مجمع الزوائد للهيثمي ج9ص127 استأذن أبو بكر على النبي(ص) فسمع صوت عائشة وهي تقول لقد علمت أن عليا أحب إليك من أبي مرتين أو ثلاثا.
            قال: فاستأذن أبو بكر فدخل، فأهوى إليها فقال: يا بنت فلانة لا أسمعك ترفعين صوتك على رسول الله (ص). قلتُ رواه أبو داود غير ذكر محبة علي(رض) رواه البزار ورجاله رجال الصحيح.
            5- سيد المؤمنين:وفي الطبراني الصغير: 2 / 88 : قال رسول الله(ص) : إن الله عز وجل أوحى إليَّ في علي بن أبي طالب ثلاثة أشياء ليلة أسرى بي: إنه سيد المؤمنين وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين.
            6- حديث الأشباه:له طرق كثيرة ففي المسند الصحيح محمد حياة الأنصاري ص102 قال: ( عن أبي الحمراء قال : قال رسول الله(ص) : "من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في فهمه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى يحيى بن زكريا في زهده، وإلى موسى في بطشه، فلينظر إلى علي بن أبي طالب". (البداية والنهاية) ج7 ص357 وفي هذا الباب عن جابر بن عبد الله الأنصاري وأنس بن مالك وغيرهما، فالحديث صحيح غيره بشواهده), وقد تجمعت صفات الأنبياء العظام في شخصه الكريم فيكون أفضل.
            7- علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل:قال العجلوني في كتابه كشف الخفاء: (علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل). قال السيوطي في الدرر لا أصل له ... وقبله الدميري و الزركشي وزاد بعضهم: ولا يعرف في كتاب معتبر، وقد مضى في أكرموا حملة القرآن، كاد حملة القرآن أن يكون أنبياء إلا أنهم لا يوحى إليهم.و روي أيضا في كتب الشيعة ففي البحار مثلاً: وقال صلى الله عليه وآله:علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل.ونشير هنا إلى أمر يكون مؤيدا لهذا الحديث وهو أن أنبياء بني إسرائيل يرسلون لأناس قليل عادة قياسا لبعض علماء هذه الأمة الذي يتبعهم الملايين ويستضئ بنور علمهم أجيال بما كتبوه وهم يحملون علم هذه الشريعة المهيمنة على الشرائع السابقة. و إذا ثبت هذا الحديث فمن المتيقن أن الإمام يكون أفضل من العلماء بنسبة كبيرة جدا، فيكون أفضل من الأنبياء.
            8- الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة و أبوهما خير منهما :في المستدرك على الصحيحين عن عبد الله(رض) قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة وأبوهما خير منهما * هذا حديث صحيح بهذه الزيادة ولم يخرجاه؟وهذا الحديث الصحيح يثبت أن الحسنين عليهما السلام سيدا الجنة، كون الجنة ليس فيها شيوخ و أبوهما أمير المؤمنين عليه السلام أعلى رتبة منهما. فيخرج بذلك الرسول صلى الله عليه و آله لقطعية الدليل بذلك، وليس هناك دليلٌ قاطعٌ يُخرج الأنبياء فيكونان و أبوهما خيراً من الأنبياء الآخرين.
            9- عيسى عليه السلام يصلي خلف المهدي عليه السلام:صحيح البخاري باب نزول عيسى: عن أبي هريرة: عن النبي(ص): (كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم و إمامكم منكم) وذكر الألباني حديثاً في السلسلة الصحيحة "منا الذي يصلي عيسى خلفه", وبهذا الحديث يتضح أن نبي الله عيسى عليه السلام يصلي خلف الإمام المهدي ويكون تحت لوائه, وهو يدل على شرف الإمام المهدي آخر الأئمة الإثني عشر على الانبياء.
            10- بعثت الأنبياء على ولاية النبي صلى الله عليه و آله وعلي عليه السلام:
            نقل الحاكم النيسابوري في كتابه معرفة علوم الحديث: (عن عبد الله قال: قال النبي(ص) يا عبد الله أتاني ملك فقال يا محمد و سل من أرسلنا من قبلك من رسلنا على ما بعثوا قال قلت على ما بعثوا قال على ولايتك و ولاية علي بن أبي طالب) قال الحاكم تفرد به علي بن جابر عن محمد بن خالد عن محمد بن فضي ولم نكتبه إلا عن ابن مظفر وهو عندنا حافظ ثقة مأمون), وهذا يدل على عظيم ولايته فقد قرنت بولاية النبي(ص) و أن الأنبياء بُعثوا على الإقرار بها.
            خاتمة
            قال السيد الخميني في كتابه الحكومة الإسلامية: (..من ضروريات مذهبنا أنه لا يصل أحد إلى مراتب الأئمة المعنوية حتى الملك المقرب والنبي المرسل ، وفي الأساس فإن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام - وبحسب رواياتنا - كانوا أنوارا في ظل العرش قبل هذا العالم ، وهم يتميزون في انعقاد النطفة والطينة ، ولهم من المقامات إلى ما شاء الله..).
            [1]- الإسراء 55
            [2]- البقرة 253
            [3]- الأنعام 38
            [4]- البقرة 124
            [5]- الصافات 106
            [6]- الحجر 55
            [7]- الطلاق 1
            [8]- الفرقان 43
            [9]- يس 60
            [10]- يوسف 106
            [11]- السجدة 24
            [12]- الأنعام 75
            [13]- الصافات 6
            [14]- التكاثر
            [15]- يس 82 و 83
            [16]- القمر 50
            [17]- الأعراف 54
            [18]- الزمر 9
            [19]- الأعراف 145
            [20]- الزخرف 63
            [21]- النمل 40
            [22]- الأنعام 59
            [23]- الأنعام 38
            [24]- الرعد 43
            [25]- هود 17
            [26]-المائدة 48
            [27]- الزمر 23
            [28]- الواقعة 79
            [29]- الواقعة
            [30]- عبس
            [31]- الأحزاب 33
            [32]- آل عمران 34
            [33]- النمل 59
            [34]- آل عمران 42
            [35]- البقرة 47
            التعديل الأخير تم بواسطة سيد معد; الساعة 29-02-2012, 06:40 AM.

            تعليق

            المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
            حفظ-تلقائي
            Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
            x
            يعمل...
            X