إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

بحث تحليلي حول رحلة المستبصرين الى مذهب اهل البيت(الفصل الثاني)

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • بحث تحليلي حول رحلة المستبصرين الى مذهب اهل البيت(الفصل الثاني)

    الفصل الثاني
    اهتمام المستبصرين بالبحوث العقائديّة:
    إنّ عقليّة الشخص الذي يوفّق للاستبصار عقليّة علميّة تحاول باستمرار أن تقف وقفة التأمل والتمحيص عند مرتكزاتها الفكريّة و أصولها العقائديّة، لتستبدل أفكارها الخاطئة بالأفكار الصحيحة وتحفّز عقلها على الانعتاق من دوائر التبعيّة والتقليد الأعمى، لتستطيع عبر البحث المبني على القواعد العلميّة الرّصينة أنْ تكوّن لنفسها عقيدة صادقة وأصول و مبادىء سليمة.
    لأنّ عقليّة هكذا شخص تدرك بوضوح أهميّة البحث في المجال العقائدي، وتدرك ما للعقيدة من صلة وثيقة بنشاط الإنسان الحيوي والعملي، وتعي أثر المعتقد على الإنسان نفسياً واجتماعياً وفكرياً.
    وبهذه العقليّة يدرك هكذا شخص أنّه ينبغي أن يقوم بدراسة دقيقة لأفكاره و موروثاته العقائديّة، ولا يصلح له أن يتغافل عنها أو يغضّ الطرف دونها، لئلا يسير على المسار الخاطىء وهو لا يشعر، ولئلا يستطيع الانتهازيون صرفه عن الحق وهو جاهل، ولئلا يتعلّق بأذيال فهم خاطىء، أو يقع في شباك فرقة ضالّة، ولئلا يكون "إمّعة" في تصديق الأفكار والمعتقدات التي تعرض عليه.
    فلهذا لا يكون هكذا الشخص من الذين يقفون من أمر عقائدهم موقف اللامبالاة، أو من الذين يكون موقفهم موقف من لا يعنيه شيء من أمر عقيدته، أو يقومون باغلاق عقولهم عن التفكير في هذا المجال.
    بل يقوم هكذا شخص بعمليّة غربلة معتقداته ليطرح أفكاره الرديئة ويستبدلها بالافكار والرؤى السامية، ويخوض رحلة فكريّة بحثا عن الحقيقة، فيحكّم عقله
    ويقوم بتمحيص الحقّ ليعرفه من بين ركام الباطل.



    دوافع اهتمام المستبصرين بالبحوث العقائديّة:
    إنّ الشخص الذي يوفّق للاستبصار ـ كما ذكرنا ـ دأبه التطلّع نحو المعرفة المُبتنية على الأدلّة الرّصينة والبراهين السديدة، وديدَنه السير في طريق البحث من أجل الوصول إلى الحقيقة.
    وهذه الحركة نحو البحث من أجل فهم الواقع لا تتقدّم إلاّ عبر وجود ما يحفّزها، ومن جملة الدوافع الكثيرة التي تستثير همّة الانسان للبحث العقائدي، الحقيقة، وتشعل في صدره جذوة البحث عن الحقيقة، يمكننا ذكر الأمور التالية:
    1 ـ حبّ المعرفة والاستطلاع والشعور بالرغبة في تلمّس الحقيقة، وتوسيع دائرة الوعي، والنهوض بالمستوى العلمي، والاستزادة من معرفة الحق، والوقوف على كنهه وحقيقته.
    2 ـ التوجّه بعد سموّ الوعي إلى الاهتمام بتنقيح القناعات وبنائها على ضوء الفكر السليم، والبحث الجادّ من أجل تطهير العقل من الخرافات المحتملة التي تأخذ بيده إلى.
    عالم الأوهام، لأن الرأي الفاسد الواحد يكفي لتهيئة العقل لتقبّل المزيد من شاكلته.3 ـ إيقاظ روح الجري وراء الحقيقة وتقصّيها، والتطلّع إلى كسب البراهين، من أجل الوصول إلى العقيدة والرؤى الفكريّة التي لم ينسجها الخيال البشري وفق ما تقتضي مصالحه ومآربه وأهواءه النفسيّة، ومن ثم التمكّن من صيانة النفس من الاتجاهات الباطلة والوصول إلى العقيدة السليمة التي تحفظ الإنسان من قبول الأفكار الضالة والمنحرفة.
    وبعبارة أخرى، الوصول إلى العقيدة التي تقدّم لصاحبها الحقيقة بصورة مقنعة وشاملة، وتعينه ليحصل على اليقين الكامل والتفسير النهائي، بحيث تهديه إلى الصراط المستقيم وتوصله إلى سبيل الرشاد.
    4 ـ إبراء الذمّة أمام الله سبحانه وتعالى، لأن الرسول (صلى الله عليه وآله) حذّر أمته بأنّها ستفترق
    إلى ثلاث وسبعين فرقة كلّها في النار إلاّ واحدة، وهذا ما يوجب على المسلم الاهتمام بمعرفة الحقّ.ولهذا يقول محمد علي المتوكّل:
    " فالأمر كما ترى جد خطير، فمجرّد أن يكون هناك احتمال، ولو بنسبة 1%، أنْ تكون من الأغلبيّة الضالّة هو أمر يدعو إلى الخوف ويدفع إلى التدقيق وإمعان النظر في كلّ الموروث ومراجعته، علّه يكون زائفاً.
    وطالما أن الأمر أمرُ جنّة أو نار، فهو جدير بأن ينذر المرء ما تبقى من أيّام عمره- إذا تطلب الأمر- للبحث والتحقيق وتحري السبيل التي تقود إلى النجاة والطريق التي تنتهي به إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله).
    ثم التصميم على اتّباع نتائج البحث حتى ولو كانت نسفاً لكلّ التراث الفكري والعقائدي، وخروجاً على الأسرة والمجتمع.
    قد لاتكون في شك من سلامة أيٍّ من معتقداتك ومسلّماتك التاريخيّة، مع أنّها في الغالب تكون مجرّد تقليد أعمى وتبعيّة ساذجة للاسرة والمجتمع، فلماذا لا تخصّص جزءاً من وقتك واهتمامك للتحقق من مطابقة معتقداتك لحقائق الدين، ومسلّماتك التاريخيّة للواقع التاريخي؟ فإنّك إن فعلت لن تخسر شيئاً، بل تكون لك الحجة إذا ما سئلت عن مصدر قناعاتك، ولا تكون من الذين يقولون إنّا وجدنا آباءنا على ملّة وإنّا على آثارهم مقتدون، وعندئذ تكون حجّتك داحضة وعذرك مردوداً "
    (1).
    5 ـ الرغبة في توسيع آفاق الرؤية والمعرفة وازدياد البصيرة و رفع مستوى الثقافة الدينيّة من خلال الانفتاح على باقي المذاهب.
    ويندفع الباحث إلى هذه الأمور لتكون زاوية رؤيته للامور الدينيّة رحبة ومتسمة بالشموليّة، وليتسنّى له بعد الالمام بالرؤية الدينية ان يتّبع أحسنها وأن يسلك أفضلها، ولعلّه يجد ضالّته المنشودة في مذهب آخر!
    6 ـ انقاذ النفس من التيه والضياع والتخبّط والفوضى في الصعيد الفكري والفراغ العقائدي والخواء الروحي، و ملئه بعقيدة تعيد للإنسان توازنه المفقود، وتمدّه بالعطاء والغذاء الروحي، وتأخذ بيده إلى الكمال والتسامي، بحيث يترك ذلك أثره الإيجابي في سلوكه وتصرفاته وتوجّهاته.
    7 ـ ارتقاء المستوى الفكري وبلوغ مرتبة النضج في الادراك والتفكير، والتمكّن من الموازنة بين الأمور بتعقّل وحكمة، ومن ثم التوجّه انطلاقاً من الشعور بالثقة والاحساس بالجدارة نحو البحث عن معين يغذّي العقل بمفاهيم نقيّة لا تشوبها أيّة شائبة.
    8 ـ عدم الاكتفاء بما تملي الاجواء من انتماء، بل ربّما الشك في صحّتها بعد إمعان النظر فيها، والشعور بوجود شيء ينقصها، ومن ثم اتّخاذ قرار البحث والتنقيب ليكون المرء على بصيرة من أمر دينه، وعالماً بقضايا مذهبه، وليكون انتماؤه مرتكزاً على الأدلّة الساطعة، ومبتنياً وفق ما تملي عليه الحجج والبراهين الواضحة.
    9 ـ الاقتناع بأنّ حب الاستطلاع في الأمور الدينيّة بحاجة إلى فكر ينفتح ويتّسع في آفاق البحث، ليتحرّر من حالة التقليد الأعمى والجمود واحترام المقدّسات المزيّفة، ومن ثم الانطلاق بقوّة وبجدّية نحو البحث وتحدّي كلَّ العقبات التي تعتري حركة البحث باتجاه الوصول إلى الحقيقة التي يطمئن إليها القلب.
    10 ـ الشعور بحالة سلبية نتيجة تراكم الشبهات والتساؤلات العقائديّة في الذهن، ومن ثم الاحساس بلزوم التوجه إلى مصدر يجيب عن هذه الأسئلة والاستفسارات من أجل التمكّن من اقتحام جميع المجاهيل المقفلة بعد الحصول على الأجوبة المقنعة للاسئلة الحائرة.
    لأن الإنسان حينما يسمو وعيه تساوره بعض الشكوك حول المبادىء التي يعتنقها وتخطر على باله بعض الأسئلة والشبهات، فتعتريه حالة قلق المعرفة، وتبدأ هذه الحالة تستشري في نفسه وتلح عليه ليتطلّع نحو الحقيقة ولينطلق بفكر منفتح وعقلية واعية ليعبّد لنفسه طريق الوصول إلى العقيدة الحقّة.
    11 ـ الانتباه إلى النفس ورؤيتها بأنّها لا تعتمد على ركن وثيق في أهم جانب من جوانبها الحياتيّة وهي العقيدة، والاقتناع على أثر النظر إلى البنية الفكرية بالحاجة إلى إعادة النظر في المرتكزات الفكريّة، ومن ثم العزم على تشييد عقيدة مبتنية على الأسس المتينة والدعائم الراسخة.
    يذكر أحد المستبصرين قائلاً: ذهبت قبل الاستبصار إلى العلماء من أهل السنّة لعلّي أجد عندهم ما يدلّني على الانتماء العقائدي الصحيح، وطلبت منهم الاجابة عن الشكوك العالقة بذهني واقناعي بردود واجابات شافية ومقنعة تسكن حيرتي وتشفي غليلي وتريح ضميري، لكنّهم ثاروا بوجهي واتّهموني بالضلال، فقرّرت بعدها الاعتماد على نفسي، فانفردت بنفسي، فوجدت أنّني بحاجة ماسّة إلى التزوّد من المعرفة، ومن هنا نشأت في نفسي رغبة ملحة للبحث والمطالعة في الأمور العقائديّة.
    -------------------------------

    1- محمد علي المتوكّل/ ودخلنا التشيّع سجّداً: 8.


المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X