الرسالة 22 وصية الإمام بابن ملجم :
وصيّتي لكم أن لا تشركوا باللّه شيئا . و محمّد صلّى اللّه عليه و آله فلا تضيّعوا سنّته . أقيموا هذين العمودين و خلاكم ذمّ . أنا بالأمس صاحبكم ، و اليوم عبرة لكم ، و غدا مفارقكم . إن أبق فأنا وليّ دمي ، و إن أفن فالفناء ميعادي . و إن أعف فالعفو لي قربة و هو لكم حسنة ، فاعفوا « أَ لاَ تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللّهُ لَكُمْ » . و اللّه ما فجئني من الموت وارد كرهته ، و لا طالع أنكرته . و ما كنت إلاّ كقارب ورد و طالب وجد « وَ مَا عِنْدَ اللّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ » .
المعنى :
( وصيتي لكم أن لا تشركوا باللّه شيئا ) . و كلمة شي ء هنا تفيد العموم و الشمول ، لأنها نكرة في سياق النفي .
و المعنى لتكن جميع أقوالكم و أفعالكم خالصة لوجه اللّه ، و لا تخافوا أو ترجوا أحدا إلا اللّه ، و لا تستمسكوا إلا بحبله وحده لا شريك له .
( و محمد ( ص ) فلا تضيعوا سنته الخ ) . . و سنة محمد عمل و جهاد لا تصوّف و رهبانية ، و اخوة و تعاون لا طوائف و مذاهب ، و حرية و كرامة لا عبودية و استسلام .
( و خلاكم ذم ) لا بأس عليكم و لا لوم اذا قمتم بواجب التوحيد و سنة الرسول .
و قال ابن أبي الحديد : « يرد الإمام بهذا على الذين كلفوا أنفسهم أمورا من النوافل شاقة جدا . . و هم يتلون قوله تعالى : يريد اللّه بكم اليسر و لا يريد بكم العسر . و قول الرسول الكريم : بعثت بالحنفية السهلة السمحة » . و نعطف على ذلك هذه الرواية : « دخل رسول اللّه يوما الى المسجد فرأى رجلا يتعبد الأوقات كلها فقال له : من يسعى عليك ؟ قال : أخي . فقال له النبي ( ص ) :
أخوك أعبد منك . »
( أنا بالأمس صاحبكم ) أدافع عنكم ، و أدبر أموركم ، و أهديكم سبيل الرشاد ( و اليوم عبرة لكم ) ملقى على فراش الموت لا أملك لنفسي نفعا و لا ضرا ( و غدا مفارقكم ) بلا رجعة الى دار الفناء .
( ان أبق فأنا الخ ) . . ان سلمت من هذه الضربة رأيت رأيي في صاحبها : أما عفوا و اما قصاصا ، و إلا فالموت غاية الأحياء إلا وجهه الكريم .
الإمام يوصي بقاتله :
( و هو أي العفو لكم حسنة ، فاعفوا أ لا تحبون أن يغفر اللّه لكم ) .
علي يأمر بالعفو عن قاتله ، و في رواية انه قال : أطيبوا طعامه ، و ألينوا فراشه . .
فهل هذه أريحية وجود ، أو رحمة و رأفة ؟ كلا ، انها رغبة في الجزاء الأكبر ،
و الثواب الأوفر ، لأن العفو أقرب للتقوى ، و التقوى مثل الإمام الأعلى ، و لذا قال ، و هو فرح باستشهاده بين يدي اللّه : فزت و رب الكعبة . و من قبل عاتب الإمام و طالب رسول اللّه ( ص ) بوعده له يوم أحد بالشهادة ، كما في الخطبة 154 و من أقواله : أكرم الموت القتل ، و الذي نفس ابن أبي طالب بيده لألف ضربة بالسيف أهون من ميتة على فراش . و اذن فلا بد أن يعفو الإمام عن قاتله ،
و إن بدا هذا العفو كأنه عطاء و رحمة .
( و اللّه ما فجئني من الموت الخ ) . . كان الإمام يتطلع الى الشهادة شوقا ،
و يعلم انها آتية لا ريب فيها ، لأن الصادق الأمين ( صل الله عليه واله وسلم ) وعده بها ، و ما لوعده مترك ، و كان ينتظرها بفارغ الصبر ، و يقول : ما ينتظر أشقاها أن يخضّب هذه من دم هذا ، كما في « الاستيعاب » لابن عبد البر ، باب « علي » . و قال أكثر من مرة : و اللّه ليخضبنها من فوقها . و بهذا نجد تفسير قوله : « ما فجئني من الموت الخ » . ثم أومأ الى السبب الموجب لحبه الموت بقوله تعالى : « و ما عند اللّه خير للأبرار 198 آل عمران » و علي صفوة الأبرار و إمام الأخيار .
( في ظلال نهج البلاغة / بتصرف )
وصيّتي لكم أن لا تشركوا باللّه شيئا . و محمّد صلّى اللّه عليه و آله فلا تضيّعوا سنّته . أقيموا هذين العمودين و خلاكم ذمّ . أنا بالأمس صاحبكم ، و اليوم عبرة لكم ، و غدا مفارقكم . إن أبق فأنا وليّ دمي ، و إن أفن فالفناء ميعادي . و إن أعف فالعفو لي قربة و هو لكم حسنة ، فاعفوا « أَ لاَ تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللّهُ لَكُمْ » . و اللّه ما فجئني من الموت وارد كرهته ، و لا طالع أنكرته . و ما كنت إلاّ كقارب ورد و طالب وجد « وَ مَا عِنْدَ اللّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ » .
المعنى :
( وصيتي لكم أن لا تشركوا باللّه شيئا ) . و كلمة شي ء هنا تفيد العموم و الشمول ، لأنها نكرة في سياق النفي .
و المعنى لتكن جميع أقوالكم و أفعالكم خالصة لوجه اللّه ، و لا تخافوا أو ترجوا أحدا إلا اللّه ، و لا تستمسكوا إلا بحبله وحده لا شريك له .
( و محمد ( ص ) فلا تضيعوا سنته الخ ) . . و سنة محمد عمل و جهاد لا تصوّف و رهبانية ، و اخوة و تعاون لا طوائف و مذاهب ، و حرية و كرامة لا عبودية و استسلام .
( و خلاكم ذم ) لا بأس عليكم و لا لوم اذا قمتم بواجب التوحيد و سنة الرسول .
و قال ابن أبي الحديد : « يرد الإمام بهذا على الذين كلفوا أنفسهم أمورا من النوافل شاقة جدا . . و هم يتلون قوله تعالى : يريد اللّه بكم اليسر و لا يريد بكم العسر . و قول الرسول الكريم : بعثت بالحنفية السهلة السمحة » . و نعطف على ذلك هذه الرواية : « دخل رسول اللّه يوما الى المسجد فرأى رجلا يتعبد الأوقات كلها فقال له : من يسعى عليك ؟ قال : أخي . فقال له النبي ( ص ) :
أخوك أعبد منك . »
( أنا بالأمس صاحبكم ) أدافع عنكم ، و أدبر أموركم ، و أهديكم سبيل الرشاد ( و اليوم عبرة لكم ) ملقى على فراش الموت لا أملك لنفسي نفعا و لا ضرا ( و غدا مفارقكم ) بلا رجعة الى دار الفناء .
( ان أبق فأنا الخ ) . . ان سلمت من هذه الضربة رأيت رأيي في صاحبها : أما عفوا و اما قصاصا ، و إلا فالموت غاية الأحياء إلا وجهه الكريم .
الإمام يوصي بقاتله :
( و هو أي العفو لكم حسنة ، فاعفوا أ لا تحبون أن يغفر اللّه لكم ) .
علي يأمر بالعفو عن قاتله ، و في رواية انه قال : أطيبوا طعامه ، و ألينوا فراشه . .
فهل هذه أريحية وجود ، أو رحمة و رأفة ؟ كلا ، انها رغبة في الجزاء الأكبر ،
و الثواب الأوفر ، لأن العفو أقرب للتقوى ، و التقوى مثل الإمام الأعلى ، و لذا قال ، و هو فرح باستشهاده بين يدي اللّه : فزت و رب الكعبة . و من قبل عاتب الإمام و طالب رسول اللّه ( ص ) بوعده له يوم أحد بالشهادة ، كما في الخطبة 154 و من أقواله : أكرم الموت القتل ، و الذي نفس ابن أبي طالب بيده لألف ضربة بالسيف أهون من ميتة على فراش . و اذن فلا بد أن يعفو الإمام عن قاتله ،
و إن بدا هذا العفو كأنه عطاء و رحمة .
( و اللّه ما فجئني من الموت الخ ) . . كان الإمام يتطلع الى الشهادة شوقا ،
و يعلم انها آتية لا ريب فيها ، لأن الصادق الأمين ( صل الله عليه واله وسلم ) وعده بها ، و ما لوعده مترك ، و كان ينتظرها بفارغ الصبر ، و يقول : ما ينتظر أشقاها أن يخضّب هذه من دم هذا ، كما في « الاستيعاب » لابن عبد البر ، باب « علي » . و قال أكثر من مرة : و اللّه ليخضبنها من فوقها . و بهذا نجد تفسير قوله : « ما فجئني من الموت الخ » . ثم أومأ الى السبب الموجب لحبه الموت بقوله تعالى : « و ما عند اللّه خير للأبرار 198 آل عمران » و علي صفوة الأبرار و إمام الأخيار .
( في ظلال نهج البلاغة / بتصرف )