وهي منسوبة للامام زين العابدين عليه السلام والتي تعد من أشهر وأجمل قصائد الزهد في الدنيا ووصف الحال بعد الممات تقول القصيدة في ابياتها :
لَيْسَ الغَريبُ غَريبَ الشَّأمِ واليَمَنِ |
* | إِنَّ الغَريبَ غَريبُ اللَّحدِ والكَفَنِ |
إِنَّ الغَريِبَ لَهُ حَقٌّ لِغُرْبَتـِهِ |
* | على الْمُقيمينَ في الأَوطــانِ والسَّكَنِ |
سَفَري بَعيدٌ وَزادي لَنْ يُبَلِّغَنـي |
* | وَقُوَّتي ضَعُفَتْ والمـوتُ يَطلُبُنـي |
وَلي بَقايــا ذُنوبٍ لَسْتُ أَعْلَمُها |
* | الله يَعْلَمُهــا في السِّرِ والعَلَنِ |
مـَا أَحْلَمَ اللهَ عَني حَيْثُ أَمْهَلَني |
* | وقَدْ تَمـادَيْتُ في ذَنْبي ويَسْتُرُنِي |
تَمُرُّ سـاعـاتُ أَيّـَامي بِلا نَدَمٍ |
* | ولا بُكاءٍ وَلاخَـوْفٍ ولا حـَزَنِ |
أَنَـا الَّذِي أُغْلِقُ الأَبْوابَ مُجْتَهِداً |
* | عَلى المعاصِي وَعَيْنُ اللهِ تَنْظُرُنـي |
يَـا زَلَّةً كُتِبَتْ في غَفْلَةٍ ذَهَبَتْ |
* | يَـا حَسْرَةً بَقِيَتْ في القَلبِ تُحْرِقُني |
دَعْني أَنُوحُ عَلى نَفْسي وَأَنْدِبُـهـا |
* | وَأَقْطَعُ الدَّهْرَ بِالتَّذْكِيـرِ وَالحَزَنِ |
كَأَنَّني بَينَ تلك الأَهلِ مُنطَرِحــَاً |
* | عَلى الفِراشِ وَأَيْديهِمْ تُقَلِّبُنــي |
وَقد أَتَوْا بِطَبيبٍ كَـيْ يُعالِجَنـي |
* | وَلَمْ أَرَ الطِّبَّ هـذا اليـومَ يَنْفَعُني |
واشَتد نَزْعِي وَصَار المَوتُ يَجْذِبُـها |
* | مِن كُلِّ عِرْقٍ بِلا رِفقٍ ولا هَوَنِ |
واستَخْرَجَ الرُّوحَ مِني في تَغَرْغُرِها |
* | وصـَارَ رِيقي مَريراً حِينَ غَرْغَرَني |
وَغَمَّضُوني وَراحَ الكُلُّ وانْصَرَفوا |
* | بَعْدَ الإِياسِ وَجَدُّوا في شِرَا الكَفَنِ |
وَقـامَ مَنْ كانَ حِبَّ لنّاسِ في عَجَلٍ |
* | نَحْوَ المُغَسِّلِ يَأْتينـي يُغَسِّلُنــي |
وَقــالَ يـا قَوْمِ نَبْغِي غاسِلاً حَذِقاً |
* | حُراً أَرِيباً لَبِيبـاً عَارِفـاً فَطِنِ |
فَجــاءَني رَجُلٌ مِنْهُمْ فَجَرَّدَني |
* | مِنَ الثِّيــابِ وَأَعْرَاني وأَفْرَدَني |
وَأَوْدَعوني عَلى الأَلْواحِ مُنْطَرِحـاً |
* | وَصـَارَ فَوْقي خَرِيرُ الماءِ يَنْظِفُني |
وَأَسْكَبَ الماءَ مِنْ فَوقي وَغَسَّلَني |
* | غُسْلاً ثَلاثاً وَنَادَى القَوْمَ بِالكَفَنِ |
وَأَلْبَسُوني ثِيابـاً لا كِمامَ لهـا |
* | وَصارَ زَادي حَنُوطِي حيـنَ حَنَّطَني |
وأَخْرَجوني مِنَ الدُّنيـا فَوا أَسَفاً |
* | عَلى رَحِيـلٍ بِلا زادٍ يُبَلِّغُنـي |
وَحَمَّلوني على الأْكتـافِ أَربَعَةٌ |
* | مِنَ الرِّجـالِ وَخَلْفِي مَنْ يُشَيِّعُني |
وَقَدَّموني إِلى المحرابِ وانصَرَفوا |
* | خَلْفَ الإِمـَامِ فَصَلَّى ثـمّ وَدَّعَني |
صَلَّوْا عَلَيَّ صَلاةً لا رُكوعَ لهـا |
* | ولا سُجـودَ لَعَلَّ اللـهَ يَرْحَمُني |
وَأَنْزَلوني إلـى قَبري على مَهَلٍ |
* | وَقَدَّمُوا واحِداً مِنهـم يُلَحِّدُنـي |
وَكَشَّفَ الثّوْبَ عَن وَجْهي لِيَنْظُرَني |
* | وَأَسْكَبَ الدَّمْعَ مِنْ عَيْنيهِ أَغْرَقَني |
فَقامَ مُحتَرِمــاً بِالعَزمِ مُشْتَمِلاً |
* | وَصَفَّفَ اللَّبِنَ مِنْ فَوْقِي وفـارَقَني |
وقَالَ هُلُّوا عليه التُّرْبَ واغْتَنِموا |
* | حُسْنَ الثَّوابِ مِنَ الرَّحمنِ ذِي المِنَنِ |
في ظُلْمَةِ القبرِ لا أُمٌّ هنــاك ولا |
* | أَبٌ شَفـيقٌ ولا أَخٌ يُؤَنِّسُنــي |
فَرِيدٌ وَحِيدُ القبرِ، يــا أَسَفـاً |
* | عَلى الفِراقِ بِلا عَمَلٍ يُزَوِّدُنـي |
وَهالَني صُورَةً في العينِ إِذْ نَظَرَتْ |
* | مِنْ هَوْلِ مَطْلَعِ ما قَدْ كان أَدهَشَني |
مِنْ مُنكَرٍ ونكيرٍ مـا أَقولُ لهم |
* | قَدْ هــَالَني أَمْرُهُمْ جِداً فَأَفْزَعَني |
وَأَقْعَدوني وَجَدُّوا في سُؤالِهـِمُ |
* | مَـالِي سِوَاكَ إِلهـي مَنْ يُخَلِّصُنِي |
فَامْنُنْ عَلَيَّ بِعَفْوٍ مِنك يــا أَمَلي |
* | فَإِنَّني مُوثَقٌ بِالذَّنْبِ مُرْتَهــَنِ |
تَقاسمَ الأهْلُ مالي بعدما انْصَرَفُوا |
* | وَصَارَ وِزْرِي عَلى ظَهْرِي فَأَثْقَلَني |
واستَبْدَلَتْ زَوجَتي بَعْلاً لهـا بَدَلي |
* | وَحَكَّمَتْهُ فِي الأَمْوَالِ والسَّكَـنِ |
وَصَيَّرَتْ وَلَدي عَبْداً لِيَخْدُمَهــا |
* | وَصَارَ مَـالي لهم حـِلاً بِلا ثَمَنِ |
فَلا تَغُرَّنَّكَ الدُّنْيــا وَزِينَتُها |
* | وانْظُرْ إلى فِعْلِهــا في الأَهْلِ والوَطَنِ |
وانْظُرْ إِلى مَنْ حَوَى الدُّنْيا بِأَجْمَعِها |
* | هَلْ رَاحَ مِنْها بِغَيْرِ الحَنْطِ والكَفَنِ |
خُذِ القَنـَاعَةَ مِنْ دُنْيَاك وارْضَ بِها |
* | لَوْ لم يَكُنْ لَكَ إِلا رَاحَةُ البَدَنِ |
يَـا زَارِعَ الخَيْرِ تحصُدْ بَعْدَهُ ثَمَراً |
* | يَا زَارِعَ الشَّرِّ مَوْقُوفٌ عَلَى الوَهَنِ |
يـَا نَفْسُ كُفِّي عَنِ العِصْيانِ واكْتَسِبِي |
* | فِعْلاً جميلاً لَعَلَّ اللهَ يَرحَمُني |
يَا نَفْسُ وَيْحَكِ تُوبي واعمَلِي حَسَناً |
* | عَسى تُجازَيْنَ بَعْدَ الموتِ بِالحَسَنِ |
ثمَّ الصلاةُ على الْمُختـارِ سَيِّدِنـا |
* | مَا وَصَّـا البَرْقَ في شَّامٍ وفي يَمَنِ |
والحمدُ لله مُمْسِينَـا وَمُصْبِحِنَا |
* | بِالخَيْرِ والعَفْوْ والإِحْســانِ وَالمِنَنِ |
تعليق