إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

قمر بني هاشم في كلام الائمة عليهم السلام

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • قمر بني هاشم في كلام الائمة عليهم السلام

    بسم الله الرحمن الرحيم
    كلّ مطّلع على نصوص كربلاء يلمس بوضوح أن العباس (عليه السلام) كان يمثّل الشخصية الثانية بعد الإمام الحسين (عليه السلام)
    .
    ومن مجمل النصوص التي تتحدّث عن العباس (عليه السلام) نكتشف أننا أمام شخصيّة فريدة، لها طابعها المميّز، ينبغي علينا أن نحاول معرفتها وإدراك أبعاد العظمة فيها حتى لا نُحرم من بركاتها في الدنيا على صعيد العمل والتأسّي، وفي الآخرة على صعيد الأجر والثواب والمقام الرفيع مع محمد وآله (صلوات الله عليهم أجمعين).
    أوّل من عظّم العباس وتحدّث عن سموّ منزلته هم أهل البيت (عليهم السلام).. حيث ورد في شأنه عن أمير المؤمنين (عليه السلام):
    (إن ولدي العباس قد زقّ العلم زقًّا)

    ويقول إمامنا جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام):
    )كان عمّنا العباس بن علي نافذَ البصيرة، صلْبَ الإيمان، جَاهَدَ مع أبي عبد الله عليه السلام وأبلى بلاءً حسنًا ومضى شهيدًا(.

    وقال إمامنا السجّاد زين العابدين (عليه السلام) متحدثًا عن مآثره ومنزلته:
    (فلقد آثر وأبلى وفدى أخاه بنفسه حتى قُطعت يداه فأبدله الله عز وجل منهما جناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنّة كما جعل لجعفر بن أبي طالب، وإن للعباس عند الله تبارك وتعالى منزلة يغبطه عليها جميع الشهداء يوم القيامة).

    ويتبوّأ العباس (عليه السلام) في كل زيارة من زيارات الإمام الحسين (عليه السلام) تقريبًا مركزًا خاصًا، حيث يرد ذِكْرُه مقرونًا بالسلام عليه مع تمجيدٍ لمَوَاقِفِه، هذا عدا عن الزيارات الخاصة به التي وردت عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، فنقرأ في زيارته التي رواها أبو حمزة الثمالي عن الإمام الصادق (عليه السلام) ما يلي:

    (سلام الله، وسلام ملائكته المقرّبين، وأنبيائه المرسلين، وعباده الصالحين، وجميع الشهداء والصدّيقين، والزاكيات الطيّبات فيما تغتدي وتروح عليك يا ابن أمير المؤمنين، أشهد لك بالتسليم والتصديق والوفاء والنصيحة لخلف النبي المرسل، والسّبط المنتجب، والدليل العالِم، والوصي المبلّغ، والمظلوم المهتضَم، فجزاك الله عن رسوله، وعن أمير المؤمنين، وعن الحسن والحسين صلوات الله عليهم أفضل الجزاء بما صبرتَ واحتسبت وأعنتَ، فنِعْمَ عقبى الدار. لعن الله مَن قتلكَ، ولعن الله مَن جهلَ حقّك واستخفّ بحرمتك، ولعن الله مَن حال بينك وبين ماء الفرات).
    فصيغة السلام الواردة في هذه الزيارة تُظهر الفئة التي ينتمي إليها العباس (عليه السلام)، فهو ينتمي بحسب توضيح الإمام الصادق (عليه السلام) إلى فئة الملائكة والأنبياء والشهداء والصدّيقين.. لأن نهج العباس (عليه السلام) كان نهج الأنبياء والصديقين والصالحين عبر التاريخ، بل جاء العباس - عليه السلام - كما جاءت ملحمة الشهادة في كربلاء لترسيخ أصول هذا النهج الإلهي، فاستحق سلام الأنبياء والربانيين جميعاً..
    فبالشهادة، وبتلك الدماء الزاكيات، حفظ الله سبحانه مواريث الأنبياء من الضياع في زحمة أساطير الطغاة، وهكذا كان الإمام الحسين (عليه السلام) وارث الأنبياء جميعاً..
    وتُبيّن الشهادة التالية لمقطع السلام، مبرّرات انتماء العباس (عليه السلام) إلى هذه الفئات من عباد الله الصالحين، فهو: مسلّم، مصدِّق، وفـيٌّ، ناصح للإمام الحسين (عليه السلام)، أي أنه وفـيٌّ بالتزامه الإيماني النابع من كونه مسلمًا مخلصًا، لأن الحسين (عليه السلام) هنا ليس أخًا، بل هو قائد الإسلام.
    إنها كلمات تعبر عن الصفات المثلى لأبي الفضل؛ فالتسليم مثلاً هو من الدرجات العظيمة التي ينالها البشر الذين يرتقون مدارج الإيمان، حيث نتلو في القرآن الكريم أن نبــي الله إبراهيم (عليه السلام) سأل ربه في أواخر أيام حياته أن يجعله الله وابنه إسماعيل من المسلمين، حيث قال : {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَآ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}. ولقد بلغ العباس (عليه السلام) درجة التسليم، ونحن نشهد له بذلك، فمن سلَّم لله تعالى لا بد أن يصدّق بولي الله، وأن يدافع عنه ويصبر، ويفي بعهده معه.
    وبعد أن حدّد الإمام الصادق (عليه السلام) في المقطع السابق الفئة التي ينتمي إليها أبو الفضل (عليه السلام)، يعود في مقطع آخر من نفس الزيارة ليصنّفه من جديد مع فئة أخرى كان لها أثرٌ حاسم في مسيرة الإسلام ألا وهي فئة "البدريّين"، ولا يخفى أن هؤلاء يحتلّون أسمى مرتبة في قوافل الشهداء الكرام الذين رزقوا الشهادة بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله).
    يقول سلام الله عليه: (أشهدُ وأُشهِدُ الله أنك مضيت على ما مضى عليه البدريّون المجاهدون في سبيل الله، الناصحون له في جهاد أعدائه، المبالغون في نصرة أوليائه، الذابّون عن أحبّائه …).
    وهذه شهـادة حق تنبعث من فم الإمام المعصوم؛ الإمام الصادق (عليه السلام)، على أن طريق العباس (عليه السلام) كان طريق أهل بدر.
    فالبدريون هم الذين ساهموا في ترسيخ دعائم الرسالة الإلهية، واستبسلوا في الدفاع عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وهم قلة قليلة، واجهوا عدواً يفوقهم عدداً وعدة.
    وكذلك العباس (عليه السلام) وسائر أنصار الحسين (عليه السلام) ساهموا في ترسيخ أصول الحق في مواجهة الردة التحريفية لبني أمية، وواجهوا الأعداء الشرسين، وقاتلوا مُحتسبين حتى قتلوا، وكان التقدير الإلهي أن يجعل من شهادتهم نصراً لرسالتهم، ومن دمائهم شهادة على صدقهم.
    من خلال ما تقدّم من النصوص المباركة المختصرة - وغيرها كثير - نستنتج أن أوّل مَن عظّم العبّاس (عليه السلام) ورسم ملامح شخصيّته الفذّة وعرّفنا طبيعةَ ملكاته السامية ومواقفه الخالدة ودرجة يقينه وإخلاصه وتقواه.. هم أئمة الهدى من أهل بيت النبوة صلوات الله عليهم أجمعين.
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X