إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

محطات قدسية ابطال كربلاء الحسين والعباس والسجاد {عليهم السلام } -

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • محطات قدسية ابطال كربلاء الحسين والعباس والسجاد {عليهم السلام } -



    اللهمّ صلِّ على محمّد وآل محمّد وعجّل فرجهم والعن أعدائهم


    اللهمّ صلِّ على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ما أحاط به علمك وأحصاه كتابك



    السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين


    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...



    نهنئكم بالمواليد الشعبانية المباركة ... مولد أبطال كربلاء


    ذكرى ميلاد سيد الشهداء
    وسيد شباب أهل الجنة الإمام الحسين ( عليه السلام )
    ( وأخيه أبي الفضل العباس قمر بني هاشم ( عليه السلام )
    والإمام علي بن الحسين السجاد زين العابدين ( عليه السلام )
    سائلين الباري عز وجل أن يعيد هذه الذكريات العطرة
    على الأمة الإسلامية جمعاء باليمن والعز
    والخير والبركة إنه سميع مجيب


    محطّات قدسيّة..الامام الحسين عليه السلام


    اسمه السماويّ
    «الحسين».. اختاره الله تعالى له، فهبط جبرئيل الأمين عليه السّلام يحمل أمر ربّه جلّ وعلا أن يُسمّى الوليد الثاني لأمير المؤمنين عليّ وسيّدة نساء العالمين فاطمة صلوات الله عليهما وعلى أبنائها الطاهرين بهذا الاسم المبارك. وكان الله عزّوجلّ قد حَجَب هذا الاسم عن العرب مِن قَبلُ وادَّخَره لسِبط حبيبه صلّى الله عليه وآله.
    وقد ورد اسم الإمام الحسين عليه السّلام في التوراة بلفظ «شُبير»، وفي الإنجيل بلفظ «طاب».

    الكُنية الشريفة
    «أبو عبدالله»، وهي الأشهر، وكُنّي أيضاً بأبي عليّ.. وفيما بعد كُنّي بـ «أبي الأئمّة».

    الألقاب الزاكية
    المبارك، السِّبط، الرشيد، الطيّب، السيّد، رَيحانة النبيّ صلّى الله عليه وآله، الوفيّ، الزكيّ، الوليّ، التابع لمرضاة الله، الدليل على ذات الله، سيّد الشهداء، سيّد شباب أهل الجنّة.. وهي حُلَل إلهيّة هبطت تكريماً لهذا الوليّ الكبير، وخِلَع ربّانيّة تحكي معالي مقامه السامي وشرفه الذي لم يسبق إليه سابق.

    نقش خاتمه
    «حَسْبيَ الله».

    مقامه الإلهيّ
    هو المعصوم الخامس من أصحاب الكساء: النبيّ، والوصيّ، والصدّيقة الكبرى، والحسن المجتبى صلوات الله عليهم.
    وهو الإمام الثالث بعد أبيه أمير المؤمنين وأخيه الحسن السِّبط عليهما السّلام.. وصيّاً وخليفة بأمر الله تعالى وبتثبيت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم.
    عاش سبعَ سنين مع جدّه النبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم، فكان ريحانته وفي ظِلّ عنايته ورعايته. وعاش مع أبيه الإمام عليّ عليه السّلام سبعاً وثلاثين سنة، ومع أخيه الحسن الزكيّ عليه السّلام سبعاً وأربعين سنة.
    أمّا مدّة خلافته وإمامته عليه السّلام فكانت عشر سنين وأشهُراً.

    مولده الأغرّ
    كان عشيّةَ الخميس ليلة الجمعة.. حيث أوحى الله عزّوجلّ إلى «مالِك» خازن النار أن أخْمِد النيران على أهلها، لكرامةِ مولودٍ وُلد لمحمّد في دار الدنيا. كما في رواية ابن عبّاس، نقلها عنه الحَمْوينيّ في (فرائد السِّمطين).
    فيما ذكر محمّد بن طلحة الشافعيّ أنّه عليه السّلام وُلد لستّة أشهر، وفيه أنزل الله تعالى: وحَمْلُهُ وفِصالُه ثَلاثونَ شهْراً (1). ويؤيّد ذلك ما رواه ابن قولَوَيه في (كامل الزيارات) من كلام للإمام جعفر الصادق عليه السّلام جاء فيه: ولم يُولَد مولودٌ لستّة أشهر إلاّ عيسى بن مريم والحسين بن عليّ صلوات الله عليهم.
    وكان ذلك في المدينة، لثلاثٍ خَلَون من شهر شعبان سنة أربع من الهجرة النبويّة المباركة. ولمّا جيء به إلى جدّه رسول الله صلّى الله عليه وآله استبشر به وغمرته الفرحة، فأذَّنَ في أُذُنه اليُمنى، وأقام في أُذنه اليُسرى، وحَنَّكَه بِرِيقه.. فلمّا كان اليوم السابع سمّاه ـ بأمر الله تعالى ـ حُسَيناً، وعَقَّ عنه بكبشَين، وحَلَق رأسه وتصدّق بوزنِ شَعره وَرِقاً، وطلى رأسه بالخَلُوق.
    قيل: وكان من شدّة شوق النبيّ صلّى الله عليه وآله إلى سِبطه الحسين عليه السّلام، أنّه ما أن علم بمولده حتّى نادى على أسماء بنت عُمَيس: يا أسماء، هاتي ابني. فدَفَعته إليه في خِرقةٍ بيضاء، ووضعه في حِجْره وبكى. سألته أسماء: فِداك أبي وأُمي، مِمَّ بكاؤك ؟! قال: مِن ابني هذا. قالت: إنّه وُلِدَ الساعة!
    قال: يا أسماء، تَقتُلُه الفئة الباغية مِن بَعدي ، لا أنالَهُمُ الله شفاعتي! يا أسماء، لا تُخبري فاطمة؛ فإنّها حديثُ عهدٍ بولادته.

    خصائصه وخصاله
    كان الإمام الحسين صلوات الله عليه أشبه الناس برسول الله صلّى الله عليه وآله، لا سيّما من صدره إلى رِجلَيه. وكان رَبْعةً، ليس بالطويل ولا بالقصير، واسعَ الجبين، كَثّ اللِّحية، واسعَ الصَّدر، عظيمَ المَنكِبَين، ضَخمَ العِظام، رَحْبَ الكَفَّين والقدَمَين، رَجِلَ الشَّعر، مُتماسك البدن، أبيضَ مشُرباً بحُمرة.
    وكان خَصيصَ رسول الله صلّى الله عليه وآله في أُمور كثيرة، حتّى عبّر عنه بأنّه ريحانتُه، وابنُه، واشتهر عنه قوله فيه بصريح العبارة: «حُسَين مِنّي وأنا مِن حسين، أحبّ اللهُ مَن أحبَّ حُسَيناً».

    المَحتِد الأجلّ
    للإمام الحسين صلوات الله عليه نسب لا يُضاهى ولا يُفاضَل.. فالجدّ أشرف الأنبياء والمرسلين محمّد المصطفى الصادق الأمين صلوات الله عليه وعلى آله الطاهرين.
    والأب سيّد الخلق بعد النبيّ وسيّد الوصيين، أمير المؤمنين عليّ سلام الله عليه.
    والأُمّ سيّدة نساء العالمين من الأوّلين والآخِرين، وسيّدة نساء أهل الجنّة، فاطمة بنت حبيب إله العالمين، عليه وآله وعليها أفضل الصلاة والسّلام.
    أمّا جدّته لاُمّه فهي اُمّ المؤمنين خديجة خير نساء النبيّ صلّى الله عليه وآله، الطاهرة الحنيفيّة، من خير نساء العالم الأربع.
    وجدّته لأبيه هي فاطمة بنت أسَد زوجة شيخ الأباطح أبي طالب، وأُم الوصيّ المرتضى عليّ بن أبي طالب، ومَن خَصَّها الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم بمراسم دفن خاصّة، صَبَّ عليها من لطفه وعنايته فيها.

    إخوته وأخواته
    لاُمّه وأبيه: الإمام الحسن المجتبى عليه السّلام، والمحسن السِّقط، وزينب الكبرى، وأُمّ كلثوم عليهم جميعاً سلام الله.
    أما إخوته لأبيه فقط، فهم: محمّد بن الحَنَفية، ومحمّد الأصغر وعُبَيدالله (الشهيدان مع الإمام الحسين عليه السّلام بكربلاء، أُمّهما ليلى بنت مسعود النَّهشَليّة)، وعمر الأطرَف، ويحيى (واُمّه أسماء بنت عُمَيس)، وجعفر والعبّاس وعبدالله وعثمان (أولاد أُمّ البنين عليها السّلام، وقد استُشهدوا بين يدَي أخيهم وإمامهم سيّد الشهداء عليه السّلام بكربلاء).
    وأخواته لأبيه: رقيّة (أُمّها اُم حبيب بنت ربيعة التَّغلِبيّة)، وأُمّ الحسن، ورَملة (أُمّهما أُمّ سعيد بن عُروة بن مسعود الثقفيّة)، وأُمّ كلثوم الصغرى، وجُمانة (أُمّ جعفر)، ومَيمونة، وخديجة، وفاطمة، وأُمّ الكرام، ونفيسة، وأُمّ سلمة، وأُمامة، وزينب الصغرى، وأُم هاني.

    نساؤه
    1. ليلى بنت أبي مُرّة بن عروة بن مسعود الثقفيّ، وهي اُمّ الشهيد عليّ الأكبر عليه السّلام.
    2. أُمّ إسحاق بن طلحة بن عبيدالله التَّيميّ.
    3. الرَّباب بنت امرئ القيس، وهي أُمّ وَلدِه عبدالله الرضيع (أو عليّ الأصغر).
    4. شَهربانو بنت كِسرى يَزْدَجُرد الثالث مَلِك الفرس، وكانت قد أُسِرت في القادسيّة فاختارت الإمام الحسين عليه السّلام أن تعيش في كَنَفه زوجة طيّبة، لتُرزق منه إماماً معصوماً هو عليّ بن الحسين، السجّاد زين العابدين عليه السّلام.
    5. القُضاعيّة (أُمّ ولده جعفر، الذي تُوفّي في حياة أبيه الحسين عليه السّلام).

    أولاده
    1. الإمام عليّ زين العابدين عليه السّلام.. ومنه نسلُ الإمام الحسين عليه السّلام والأئمّة الثمانية المعصومون: الباقر والصادق والكاظم والرضا والجواد والهادي والعسكريّ والمهديّ صلوات الله تعالى عليهم.
    2. عليّ الأكبر، الشهيد الذي فُجعت به أُمّه ليلى، كما فجع به سيّد الشهداء أبوه الحسين عليه السّلام فلم يَقْوَ على حمله.
    3. جعفر.
    4. عبدالله الرضيع أو عليّ الأصغر، الشهيد على ساعد أبيه الحسين سلام الله عليهما بسهم حرملة، فترك في قلوب الأئمّة والأولياء والمحبيّن لوعةً لا تنتهي.
    5. سكينة (أُمّها الرباب)، عُرفت هذه البنت بعبادتها حتّى عبرّ عنها أبوها الإمام الحسين عليه السّلام بقوله: غالبٌ عليها الاستغراق مع الله. وقد عاشت وقائع طفّ كربلاء بآلامها، كما شاركت عمّتها العقيلة زينب صلوات الله عليها فجائعَ عاشوراء ومرارات الأسر والسَّبي والسفر المضني حتّى عودتها إلى المدينة.
    6. فاطمة (أُمّها أُم إسحاق)، وكانت إلى جانب اُختها سكينة في رحلة الحزن المقدّس.
    7. رقيّة، الشهيدة بلوعة حزنها وشوقها لأبيها، ولم تَعِشْ أكثر من أربع سنين، حيث تُوفّيت في خربة الشام وهي سَبيّة في كَنَف عمّها زين العابدين وعمتها زينب الكبرى عليهما السّلام. ولها اليوم بناء شامخ ومشهد سامق على أنقاض مقبرة الأمويين المندرسة، يؤمّ قبرَها الشريف قلوب أهل الولاء للبيت النبويّ الشريف من أرجاء العالم.

    أصحابه
    هم كثير.. بعضهم ذَوو رحِمه من بني هاشم، وبعضهم رافقوه إلى ساحة الشهادة المُثلى، وبعضٌ أخلص له وأعذر، نقتصر هنا على ذكر هذه النخبة:
    أسلَم التُّركيّ، جَون (مولى أبي ذرّ)، حبيب بن مظاهر الأسديّ، الحُرّ بن يزيد الرِّياحيّ، زُهَير بن قيس البَجَليّ، سعيد بن عبدالله الحَنَفيّ، شَوْذَب (مولى بني شاكر)، عابِس الشاكريّ، عمرو بن خالد الصَّيداويّ، عبدالله بن يَقْطُر، أبو ثُمامةَ الصائديّ، مسلم بن عَوسَجَة الأسديّ، نافع بن هلال الجَمَليّ، واضِح الرُّوميّ، وَهْب بن حَبّاب الكَلبيّ، قيس بن مُسهِر الصَّيداوي، زُهَير بن القَيْن البَجَليّ، هانئ بن عُروَة، عبدالله بن عَفيف الأزديّ، جابر بن الحَجّاج التَّيميّ، جُنادة بن كَعب الأنصاريّ...

    بوّابه
    أسعد الهَجَريّ.

    شاعره
    يحيى بن الحكَم، وجماعة.

    الحكّام المعاصرون
    عاصر الإمام الحسين عليه السّلام حكم جدّه رسول الله صلّى الله عليه وآله في المدينة المنوّرة (1 ـ 11هـ)، وحكم أبيه أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام في الكوفة (36 ـ 40هـ)، والمدة اليسيرة التي حكم فيها أخوه الإمام الحسن عليه السّلام في الكوفة (40 ـ 41هـ).
    اضافة إلى معاصرته حكم:
    1. أبي بكر بن أبي قحافة (11 ـ 13 هجريّة).
    2. عمر بن الخطّاب (13 ـ 23 هجريّة).
    3. عثمان بن عفّان (23 ـ 35 هجريّة).
    4. معاوية (35 ـ 60 هجريّة).
    5. أول أيام حكم يزيد بن معاوية (60 ـ 64 هجريّة).

    وقائع مهمّة في حياته عليه السّلام
    • لم تُعرف لأهل البيت عليهم السّلام طفولة، إذ نزّههم الله تعالى من الجهل، حتّى أدركوا ما كان يجري من وقائع وأحداث وأحاديث. فعايش الإمام أبو عبدالله الحسين عليه السّلام تاريخ الرسالة الإسلاميّة، واستنشق عبير الوحي، ونشأ في بيت النبوّة ومهبط التنزيل ومختلَف ملائكة الرحمن.. وكانت أُذنه ـ كاُذن أبيه ـ واعية، فوعى ما حدث، وعانى ما رأى وسمع.
    بعد تلك الحروب المريرة يُتوفّى حبيبه وجدّه رسول الله محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم، فتعظم المصيبة بفقده أوّلاً وانقطاع الوحي ثانياً. ثمّ تكون الحوادث متتابعة تنطوي على الفتن والابتلاءات الشديدة. وتحلّ الفاجعة الكبرى بشهادة أُمّه الصدّيقة فاطمة الزهراء عليها السّلام، وقبلها ابنها السِّقط الذي سمّاه النبيّ صلّى الله عليه وآله من قبلُ بـ «المُحسِن» سلامُ الله عليه.
    ويكون الإمام عليّ عليه السّلام بعد أن بويع في غدير خُمّ بإمرة المؤمنين وأنّه وصيّ رسول ربّ العالمين.. جليسَ الدار، فيلازمه ولده الحسين صلوات الله عليهما لا يبارحه هو وأخوه الحسن الزكيّ عليهما السّلام. هكذا.. وبعد ربع قرن تُعاد الخلافة الظاهريّة إلى الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السّلام، وعيناه وعضُداه الحسن والحسين سلام الله عليهما.. فيشتركان مع أبيهما في حروبه الثلاث ضدّ الناكثين والقاسطين والمارقين: الجمل وصفّين والنهروان.
    إلى أن كانت الفاجعة الكبرى بشهادة وليّ الله الأعظم في محرابه، فيتجدّد الحزن العميق في قلب الإمام الحسين عليه السّلام، وتمرّ عليه سنوات مريرة، وهو يلازم أخاه الإمام الحسن عليه السّلام مقدِّماً له كلَّ أدب واحترام وطاعة.. ويعيش معه تلك الوقائع المؤلمة، حيث يكون من القوم الخيانةُ والتمرّد وأثَرة الدنيا وطلب الراحة، ثمّ المخالفة والملامة على الإمام، والانكفاء على الوجوه هرباً من فرض الولاية لأهل البيت عليهم السّلام.
    إلى أن كانت الفاجعة الاُخرى بسقي الإمام الحسن المجتبى عليه السّلام ذلك السمّ الذي قذف معه كبده المقدس وأحشاءه الشريفة، ليكون بعد أيّام محمولاً في نعشه لا يُجاز له أن يُزار به جدّه لتجديد العهد معه في قبره الشريف.
    ويطول من الإمام الحسين عليه السّلام حُزنُه، وهو يرى أهل بيته يغادرونه شهداء مظلومين، والناس في اختبار عصيب لم يثبت منهم أمام عواصف الترغيب والترهيب إلاّ ثلّة قليلة، ورياح الفتن السوداء أعمت الكثير من القلوب والعيون، فلم تعد تطلب الحقيقة. ثمّ الأمرّ والأخطر أن يأخذ المُضِلّون بتحريف معالم الإسلام وتشويه عقائده وشرائعه الحقّة، فضلاً عن إغواء الناس وجرّهم إلى مواقع الفساد والرذيلة.
    فيبلغ الإمام الحسين عليه السّلام تكليفه الإلهيّ الحقّ، فيرى أنّ هذا الدين الذي بذل النبيّ وأهل بيته صلوات الله عليهم مهجهم المقدّسة دونه لا يُحمى إلاّّ بدمه الزاكي، ولا يُبعث إلاّ بالتضحيات الكبيرة. فنهض عليه السّلام بنفسه أوّلاً، وبأهل بيته وأعزّته وأفلاذ كبده ثانياً، وبالأوفياء الخلّص الأخيار من أصحابه ثالثاً.. وأعدّ الركب الشريف في السفر إلى الله تعالى، إلى ملحمة العشق الإلهيّ والعروج المبارك في ساحة كربلاء.
    وقد بعث إلى الكوفة قبل ذلك سفيره وثقته ابن عمّه مسلم بن عقيل رضوان الله عليه، فغُدر به وقُتل على يد الظالم عبيدالله بن زياد قتلة منكرة.. فبكى له الحسين عليه السّلام بدموع عزيزة وغزيرة.
    ولكنّ القافلة الحسينيّة الشريفة، وفيها حُرم وحرمات رسول الله صلّى الله عليه وآله.. سارت، وقد ضمّت إليها الجلال السامي زينب العقيلة بنت أمير المؤمنين عليه السّلام، لتروي قصّة الطف قولاً صادعاً وعملاً واقعاً. بل كان في القافلة الحسينيّة المباركة مع سيّد الشهداء وسيد شباب أهل الجنّة إمامان وريثان له: الإمام عليّ بن الحسين، وابنه الإمام محمّد الباقر ـ وكان عمره يوم ذاك بين الثالثة والرابعة ـ صلوات الله عليهم.
    وكانت الواقعة الرهيبة المهيبة في عاشر المحرم الحرام، سنة إحدى وستين من الهجرة النبويّة، ما يعجز الوصف والبيان عن تصويرها، وتجفّ الأقلام والألسن عن تفصيلها، وترتهب لها قلوب العارفين وأهل المعنى والموالين والمحبيّن، إذ تجزع وتفقد صبرها عن سماع النزر مما وقع.. وما أدرانا ما وقع!
    لقد تغيّرت العوالم، وهبطت ملائكة الحزن والبكاء، وكان ما لا ينتهي التفجّع عليه إذ أصبح ثاراً لله الجبّار! ويكفي أن يُشار إلى ما حدث إشارات.. حيث لا تهنأ بعد ذلك روح، ولا ترقأ دمعة.
    ثمّ بعد تقطيع الأجساد الزكيّة الطاهرة الشريفة.. لا يكون دفن، إلى ثلاثة أيّام، أبدان مجزّرة في عراء الأرض غيّرتها حرارة الشمس.. لا تُعرف إذ فُصلت عنها الرؤوس الكريمة. حتّى يُقبل الإمام السجّاد عليّ بن الحسين عليه السّلام، ليدفن الأجساد الشريفة في مشهد ملؤه الأسى.. وذلك في الثالث عشر من المحرّم الحرام سنة 61 هجريّة.
    ولا تنتهي فاجعة كربلاء حتّى تكون بعدها قصّة السَّبي والأسر وحرق الخيام ونهب الركب الحسينيّ، وأحداث متتابعة ينظر إليها المرء مدهوشاً مذهولاً لا يدري ماذا يقول ؟!
    ويحيا الحسين صلوات الله عليه علَماً شامخاً، ورمزاً ومظهراً لكلّ خير وفضيلة وشرف وعُلىً وكرامة.. ويُقتَل قَتلتُه ويُرمى بهم في مستنقعات الخزي الأبديّ والعار الدائميّ، ويُنقَلون إلى حُفَر النيران ينتظرون مصيراً لا يُوصف عذابه!
    ويتجلّى للإمام الحسين عليه السّلام قبرٌ شُيّد من الإباء، وقبّة ترتقي على قواعد العزّ، ومشهد وروضة وحريم للزائرين من أقطار الدنيا جميعاً، يؤدّون هنالك حجّ القلوب والأرواح، ويسكبون عند الضريح القدسيّ عبرات الحزن والعزاء، ودموع الشوق والولاء، ويجدّدون معه ميثاق الوفاء.
    ولا يمرّ محرّم.. إلاّ وللإمام الحسين عليه السّلام مآتم في كلّ بلد وبلدة، وفي كلّ أرجاء العالم وأطرافه. بل لا يمرّ يوم إلاّ وذِكر سيّد الشهداء عليه السّلام يَصدع بالحقّ، ويروي قصة الشهادة وملحمة العشق الإلهيّ.


    المصادر



    1 ـ الإرشاد، للشيخ المفيد.


    2 ـ الاستيعاب، لابن عبدالبَرّ.


    3 ـ إعلام الورى، للطبرسيّ.


    4 ـ تهذيب الأحكام، للطوسيّ / ج 6.


    5 ـ تاريخ دمشق، لابن عساكر ـ ترجمة الإمام الحسين بن عليّ عليهما السّلام.


    6 ـ تاريخ الطبريّ / ج 5.


    7 ـ تذكرة خواصّ الاُمّة، لسبط ابن الجوزيّ.


    8 ـ فرائد السمطين، للحموينيّ / ج 2.


    9 ـ الفصول المهمّة، لابن الصبّاغ المالكيّ.


    10 ـ كامل الزيارات، لابن قولَويه.


    11 ـ كشف الغمّة، للإربلّيّ / ج 2.


    12 ـ مجمع الزوائد، للهيثمّي / ج 9.


    13 ـ مَسارّ الشيعة، للشيخ المفيد.


    14 ـ مصباح المتهجّد، للشيخ الطوسيّ.


    15 ـ مطالب السّؤول، لمحمّد بن طلحة الشافعيّ.


    16 ـ مقاتل الطالبيّين، لأبي فرج الإصفهانيّ.


    17 ـ مناقب آل أبي طالب، لابن شهرآشوب / ج 4.


    18 ـ نور الأبصار، للشبلنجيّ.



  • #2

    محطّات قدسيّة..باب أبى الفضل العباس (عليه السلام)





    أبوه: عليّ بن أبي طالب، سيّد الأوصياء، وعماد الأصفياء، أمير المؤمنين، وإمام الصالحين.. متراس الحقّ ونبراس الهدى بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم.
    أمّه: فاطمة بنت حِزام المكنّاة بـ « أُمّ البنين ».. المرأة النجيبة المخلصة الفاضلة.
    إخوته: الإمام الحسن المجتبى، والإمام الحسين عليهما السّلام.. وباقي أولاد أمير المؤمنين عليه السّلام. أمّا إخوته لأمّه وأبيه فهم: عبدالله وعثمان وجعفر.

    أخواته: زينب العقيلة، وأمّ كلثوم.. وباقي بنات أمير المؤمنين عليه السّلام.
    ولادته: وُلد في المدينة المنوّرة في الرابع من شعبان الخير سنة 36 هجريّة.

    كنيته: أبو الفضل.
    ألقابه: السقّاء، قمر العشيرة، وقمر بني هاشم.

    مواقفه: شهد معركة صفّين مع أبيه أمير المؤمنين عليه السّلام، ولازم أخاه الإمامَ الحسن عليه السّلام بعد شهادة أبيه، ثمّ لازم أخاه الحسين عليه السّلام ولم يفارقه حتّى فرّق الموت بينهما في أرض كربلاء.
    زوجته: لبابة بنت عبيدالله بن العبّاس بن عبدالمطّلب.
    أولاده: عبيدالله ـ وذريّة العبّاس عليه السّلام منه ـ، والفضل ـ وبه كُنّي عليه السّلام ـ، والقاسم.. وله بنت واحدة.

    عمره المبارك: 34 سنة.
    قبره الشريف: شامخ رفعةً وجلالاً عليه صندوق نفيس، وفوقه شبّاك زاهٍ، ثمّ قبّة ذهبيّة تشعّ هيبة وبهاء في كبد السماء، تُرى من عشرات الأميال. والمسلمون يزدحمون من جميع العالم لزيارته والسّلام عليه، والصلاة والدعاء عنده.

    مقامه العلميّ
    كان العبّاس بن عليّ عليهما السّلام عالماً، ويكفيه شهادة أهل البيت عليهم السّلام بالقول: إنّه زُقّ العلمَ زقّا.. وشهادةُ أهل العلم، ومنهم: الشيخ عبّاس القمّي، المحدّث المحقّق الذي قال فيه: ويظهر منه ( أي الحديث المروي عن الإمام الباقر عليه السّلام ) أنّه كان عند وفاة أمير المؤمنين عليه السّلام على درجة رفيعة ومرتبة عظيمة من العلم والجلالة، مثل أخيه؛ محمّد بن الحنفيّة(1).
    والشيخ عبدالحسين الحليّ، حيث قال: كان العبّاس من أكابر فقهاء أهل البيت وعلمائهم وعظمائهم، وانّه كان ناسكاً عابداً وَرِعاً، بين عينَيه أثر السجود، ووجهه كفِلقة القمر ليلة البدر، يعلوه نور لم يغيّر ولم يقلّل القتلُ منه شيئاً(2).
    وقد عاش أبو الفضل العباس سلام الله عليه في بيت الرسالة، وعاصر أربعة أئمّة هداة، هم: أبوه الإمام عليّ، وأخواه الحسن والحسين، وابن أخيه زين العابدين صلوات الله عليهم أجمعين. أمّا أُخته التي لم يفارقها، وهي العالمة الفاضلة الجليلة.. فزينب الكبرى ثانية أُمّها الزهراء البتول عليها السّلام، ولم يفرّق بينهما إلاّ السيف الذي قطّع أوصال هذا الأخ الغيور الذي تعهّد في حِفظ كيانها الشريف.
    ولتواجد العباس عليه السّلام بين أئمّة الهدى عليهم السّلام طوال عمره الشريف، لم يظهر للناس مقامه العلميّ الرفيع، وهو الذي يتحلّى بالأدب العالي.. فلا يسبق إخوته بحديث ولا يقاطعهم بكلام، وكان يعظّمهم ويجلّ إمامتهم، فكيف يستطيع مع وجودهم أن يملي علومه ؟!
    لكنّ ألمع علوم أبي الفضل العبّاس عليه السّلام وعيُه لمرتبة الإمامة، ومعرفته ما يجب عليه تجاهها وما ينبغي له من التسليم والاتّباع وهو الذي وهبه الله تعالى بصيرة نافذة وقلباً مؤمناً وروحاً محلِّقة في آفاق التقوى والمكارم والفضائل. فبذل عمره في طاعة الخلفاء الشرعيّين، حتّى بذل مهجته بين يدَي إمامه ناصراً له وثابتاً عند تكليفه الحقّ، مطيعاً بذلك لله تعالى ولرسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم حتّى قال فيه الإمام عليّ بن الحسين عليه السّلام: رحم اللهُ العبّاس.. فقد آثر وأبلى، وفدى أخاه بنفسه حتّى قُطعت يداه... وإنّ للعبّاس عند الله تبارك وتعالى منزلةً يغبطه بها جميع الشهداء يوم القيامة(3).
    وقال الإمام الصادق عليه السّلام فيه: كان عمُّنا العبّاس نافذَ البصيرة، صلب الإيمان. جاهد مع أبي عبدالله الحسين عليه السّلام وأبلى بلاءً حسناً ومضى شهيداً(4).
    وفي زيارته خاطبه الإمام الصادق عليه السّلام: السّلام عليك أيّها العبد الصالح، المطيعُ لله ولرسوله ولأمير المؤمنين والحسن والحسين عليهم السّلام... فجزاك الله أفضلَ الجزاء، وأكثر الجزاء، وأوفر الجزاء، وأوفى جزاءِ أحدٍ ممّن وفى ببيعته، واستجاب له دعوته، وأطاع ولاة أمره. وأشهد أنّك قد بالغتَ في النصيحة وأعطيتَ غاية المجهود... وأشهد أنّك لم تهن ولم تنكل، وأنّك مضيت على بصيرة من أمرك، مقتدياً بالصالحين، ومتَّبِعاً للنبيّين، فجَمَعَ اللهُ بيننا وبينك وبين رسوله وأوليائه في منازل المُخْبِتين، فإنّه أرحم الراحمين(5).
    وواضح أنّ أبا الفضل العبّاس سلام الله عليه برزت فيه فضيلتان فاخرتان: الشجاعة مقرونةً بالهداية، والعلم الخاصّ الذي أدرك به المسؤولية تجاه الإمامة المعيّنة من الله تعالى في أمير المؤمنين وأولاده الأمناء المهديّين صلوات الله عليهم أجمعين.
    وهذا ليس بقليل في آفاق العلم، وكان أحدَ أسرار جهاد أبي الفضل العبّاس وشجاعته وثباته سلام الله عليه في أرض الطفّ بكربلاء حتّى شهادته السامقة التي يُغبَط عليها.. وهو على درجة اليقين لمّا أتاه اليقين.. فتأتي عبارات زيارته من فم الإمام الصادق عليه السّلام مثلاً في ليلة القدر:
    ـ السّلام عليك أيّها العبد الصالح، المطيع لله ولرسوله، أشهد أنّك قد جاهدتَ ونصحت وصبرتَ حتّى أتاك اليقين(6).
    وفي زيارة أخرى:
    ـ السّلام عليك أيّها الوليّ الصالح الناصح الصدّيق، أشهد أنك آمنت بالله، ونصرت ابن رسول الله صلّى الله عليه وآله، ودعوتَ إلى سبيل الله، وواسيتَ بنفسك وبذلت مهجتك، فعليك من الله السّلام التامّ (7)..
    وتلك مقامات: إيمانيّة روحيّة، وعلميّة معرفيّة، وأخلاقيّة وجدانيّة.. هي من شؤون الأولياء الصالحين والعارفين.

    المواقف المشرّفة
    وهي رشحات الإيمان والتقوى، والهدى والبصيرة، والأخلاق الكريمة الحميدة، مُفْصِحة عن الأُصول الطيّبة والأعراق الزاكية التي ينحدر عنها أبو الفضل العبّاس عليه السّلام.
    وقد كانت حياته الشريفة في غمرة الامتحانات العصيبة، فأظهر ذلك مكامنَ خصاله الفذّة وشرائف طباعه الكريمة.. فكان منه: الوفاء والتضحية والإخلاص، والصدق والثبات والشجاعة، والكرم والفداء، والجهاد في سبيل الله والنهوض بتكاليف الشرع الحنيف، والالتزام بالمسؤوليّات الكبيرة والمهامّ الثقيلة.
    وقد ردّ العبّاس بن عليّ عليه السّلام أمانَين بُعثا إليه وإلى إخوته، يُراد بهما عزلُه عن أخيه الحسين صلوات الله عليه، لينصرف عن نصرته.. فيأبى أبو الفضل وهو الشَّهْم الغيور، عالي الهمّة مترفّعاً عن الذلّة، فيجيب رسول أخواله القادم بأمانه: اقرأ خالَنا السّلام وقل له: لا حاجة لنا في أمانكم، أمان الله خيرٌ من أمان ابن سميّة ( أي عبيدالله بن زياد )(8).
    وفي ساحة الشهادة على أرض كربلاء، ويوم عاشوراء.. يُقدَّم له ولإخوته أمانٌ آخر يبادر به شمر بن ذي الجوشن، حيث يخرج بين الصفَّين منادياً: أين بنو أُختنا ؟ أين العبّاس وإخوته ؟ فلم يُجبه العبّاس ولا إخوته، فيقول لهم إمامهم وأخوهم أبو عبدالله الحسين سلام الله عليه: أجيبوه ولو كان فاسقاً. وامتثالاً لأمر الإمام المطاع يقوم أبو الفضل العبّاس عليه السّلام فيقول لشمر صائحاً به: ما تريد ؟ قال: أنتم آمنون يا بني أُختنا. فلا يصبر أبو الفضل إلاّ أن يُنزل عليه هذه الكلمات كالصاعقة: لعنك الله ولعن أمانك، أتُؤمِنُنا وابنُ رسول الله لا أمانَ له ؟! وقام إخوة العبّاس عليه وعليهم السّلام فتكلّموا بنحو ذلك، ثمّ رجعوا إلى صفوفهم مكاتفين أخاهم أبا عبدالله الحسين عليه السّلام(9).
    ومواقف العبّاس عليه السّلام كلّها شامخة أبيّة لا تنتهي حتّى تحلّ شهادته العالية، وهو على ثباته ووفائه، وإخلاصه وفدائه.. لم يتزلزل رغم عِظم الواقعة وشدّة الموقف. حتّى يُقتَلَ إخوته ثلاثتهم بين يديه، وقد دفعهم إلى الجهاد باعثاً فيهم روح التضحية، قائلاً لهم: يا بَني أُمّي تقدّموا حتّى أراكم نصحتم لله ولرسوله، فإنّه لا ولْدَ لكم.(10) فيراهم بأُمّ عينيه يُقتَّلون ويُجزَّرون على رمال كربلاء، فلا تضعف عزيمته، ولا تفترُ همّتُه.
    وإذا سمع صراخ الأيتام والصبية وقد أضرّ بهم العطش.. وجد نفسه لا يُطيق ذلك، فاستأذن سيّدَه الحسين عليه السّلام، وكان قد تكرر منه الاستئذان فلم يَدَعه أخوه، إلاّ هذه المرّة، فهمّ بالحصول على الماء وسقي الأطفال والنساء، وأبى أن يسبقهم في شربه وقد نزل في الفرات بعد أن كشف صفوف الأعداء، أبت نفسه الكبيرة أن يرتوي من عذب الماء رغم عطشه وهو يتذكر أخاه الحسين وأطفال الحسين وصبيةً قد التهب جوف كلّ واحد منهم حتّى أشرف على الهلاك، فهمّ بإيصال الماء ولم تكن همّته متوجهة إلى القتال، فكانت في ذلك السبيل شهادته، قضاءً من الله تعالى وهو العليم الحكيم.

    هكذا قالوا :
    • قال أبو الفرج الإصفهانيّ: كان العبّاس رجلاً وسيماً.. وكان يُقال له « قمر بني هاشم »، وكان لواء الحسين بن عليّ معه يوم قُتل(11).
    • ورثاه حفيده الفضل بن محمّد فقال:

    إنّـي لأذكـرُ للـعبّـاس مـوقـفـه بكربـلاءَ وهـامُ القـوم تُختَـطَـفُ
    يحمي الحسينَ ويحيمه علـى ظـمـأٍ ولا يولّـي ولا يثـنـي فيـختـلـفُ
    ولا أرى مشـهـداً يومـاً كمشهـده مع الحسين.. عليه الفضلُ والشـرفُ
    أكرِمْ بـه مشهـداً بانـت فضيلـتُـه وما أضاع لـه أفعـالَه خَلَـفُ(12)

    • وقال حفيده الآخر محمّد بن عليّ راثياً إيّاه:
    أحقُّ الناسِ أن يُبكـى علـيـه فتىً أبكى الحسينَ بـكـربـلاءِ
    أخـوه وابـنُ والـدهِ عـلـيٍّ أبو الفضل المضرَّجُ بالـدماءِ
    ومَن واساهُ لا يَثـنيـهِ شـيءٌ وجادَ له على عطشٍ بماءِ(13)
    • وقال أبو القاسم النراقي: هو من حواريّي أخيه الحسين عليه السّلام، وهو السقّاء، قُتل معه بكربلاء.. وله عند الله شأنٌ من الشأن، وفي الجنّة له مقام يغبطه عليه الأوّلون والأخِرون (14).
    • وقال الشيخ الدربنديّ: إن تأمّلتم الأخبارَ والآثار التي تضمّنت كيفيّة شهادة العبّاس عليه السّلام، وما صدر من هذا المظلوم من الأفعال والأقوال يوم الطفّ، وما قاله في شأنه الحججُ الطاهرون والأئمّة المعصومون عليهم السّلام.. علمتُم أنّ مقامه في الفضل والشرف ليس بما يَسَعه الطروس ( أي الأوراق )(15).

    • وقال أشرف علي عبدالولي: العبّاس.. كان له فضلٌ فائق، ومرتبة فاخرة، وقد بذل مهجتَه في ابتغاء رضاء ربّه ورضاء أخيه الحسين عليه السّلام، ونال بذلك مقاماً كريماً، ومُلْكاً عظيماً (16).
    • وقال الشيخ عبدالواحد المظفّر: العبّاس بن أمير المؤمنين.. ذاك البطل المجاهد، والسيّد العظيم، المتفادي عن الانقياد للمذلة؛ أنفةً وإباءً، الناهض بالدفاع عن الدين والمجد معاً، غَيرةً وحماساً.. الذي كانت له مرتبة سامية ومكانة مكينة عند الله ورسوله وأئمّة أهل البيت الهداة عليهم السّلام(17).
    • وقال الشيخ محمّد عليّ الزهيري: كان حاملَ لواء الحسين عليه السّلام، أمّا أخلاقه الفاضلة فهي في منتهى مراتب الكمال، فإذا أردتَ أن تقف على معرفتها فخُذْها من كلمات الأئمّة عليهم السّلام(18).
    • وقال السيّد هبة الدين الشهرستانيّ يصفه: الممتاز في الكمال والجمال، وقمر بني هاشم، وحامل راية الحسين وعقيد آماله، في المحافظة على رحله وعياله(19).
    • وقال الكاتب المصريّ خالد محمّد خالد: وعلى أثرها ( أي واقعة كربلاء ) تمدّدت أجسادُهم الكريمة، يسبقها جثمان العبّاس بن عليّ.. الذي كان لبهاء طلعته، وتألُّق شخصيّته، يُلقَّب بـ « قمر قريش »(20)
    ****************

    1 ـ سفينة البحار، للشيخ عبّاس القمّي 392:3 ـ باب عبس.
    2 ـ النقد النزيه، لعبد الحسين الحليّ 96 ـ 97.
    3 ـ أمالي الصدوق 374، حديث 10 ـ المجلس 70.
    4 ـ سرّ السلسلة العلويّة، لأبي نصر البخاريّ 89.
    5 ـ كامل الزيارات، لابن قولويه 258.
    6 ـ مفاتيح الجنان، للشيخ عبّاس القمّي ـ باب زيارته عليه السّلام.
    7 ـ المزار الكبير، للشيخ محمّد بن المشهديّ ـ باب زيارته عليه السلام.
    8 ـ تاريخ الطبريّ 236:6.
    9 ـ إبصار العين في أنصار الحسين، للشيخ محمّد السماويّ 31.
    10 ـ الإرشاد، للشيخ المفيد 240.
    11 ـ مقاتل الطالبيّين، لأبي الفرَج الإصفهانيّ 56.
    12 ـ أعيان الشيعة، للسيّد محسن الأمين العامليّ 283:42.
    13 ـ الغدير، للشيخ عبدالحسين الأمينيّ 3:3.
    14 ـ شُعب المقال، لأبي القاسم النراقي 86.
    15 ـ أسرار الشهادة، للفاضل الدربنديّ 323.
    16 ـ رياض الجِنان في نيل مشتهى الجَنان، لأشرف علي عبدالولي 232.
    17 ـ بطل العلقميّ، للشيخ عبدالواحد المظفّر 3:1.
    18 ـ المعارف الإسلاميّة، للشيخ محمّد عليّ الزهيري 107:1.
    19 ـ نهضة الحسين عليه السّلام، لهبة الدين الشهرستانيّ 129.
    20 ـ أبناء الرسول في كربلاء، لخالد محمّد خالد 175.

    تعليق


    • #3




      محطّات قدسيّة..الإمام السجاد عليه السلام




      النسب الأزكى
      الإمام عليّ بن الإمام الحسين السِّبط الشهيد بن الإمام عليّ بن أبي طالب عليه الصلاة والسّلام.


      الكُنى الشريفة
      أبو محمّد، أي محمّد الباقر عليه السّلام، وهو الإمام من بعده. وكُنّي بأبي الحسن، وقيل: بأبي القاسم أيضاً. كما قيل: هو أبو الأئمّة، إذ منه تناسل وُلد الإمام الحسين عليه السّلام.


      ألقابه المباركة
      وهي من دلائل إمامته، إذ هي معالم واضحة لسمّو شأنه ومكانته عليه السّلام.. وأشهرها: زين العابدين، لِما رُوي عن ابن عبّاس من قوله: إنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله قال: إذا كان يومُ القيامةِ ينادي مُنادٍ: أين زَينُ العابدين ؟ فكأني أنظر إلى وَلَدي عليِّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب يَخطر بين الصفوف.
      ولُقّب في بعض الروايات بـ (سيّد العابدين)، كما اشتهر بلقب (السجّاد)، إذ عُرف بكثرة سجوده الذي ترك آثاره في مواضع السجود عنده. ولُقّب بـ (ذي الثَّفِنات)؛ حيث كان في موضع سجوده آثار ناتئة.
      كذا كان من ألقابه: سيّد الساجدين، والزكيّ، والأمين، وزين الصالحين، ووارث علم النبيّين، ووصيّ الوصيّين، ومنار القانتين، والخاشع، والمتهجّد، والزاهد، والبكّاء، والخالص، وخازن وصايا المرسلين، وإمام المؤمنين.


      نقش خاتمه
      من مجموع الأخبار يتبيّن أنّه أكثر من نقش، فروي من هذه النصوص الشريفة: «وما توفيقي إلاّ بالله»، «العزّةُ لله»، «الحمد لله العليّ العظيم». قيل: وكان عليه السّلام يتختّم بخاتم أبيه الإمام الحسين عليه السّلام، وكان نقشه: «إنّ اللهَ بالغُ أمرِه».
      كما قيل: كان على خاتم عليّ بن الحسين عليهما السّلام: «خزِيَ وشقيَ قاتلُ الحسين بن عليّ» صلوات الله عليهما.


      منصبه الإلهيّ
      في المعصومين.. هو السادس، وفي الأئمّة الهداة هو الرابع بعد: جدّه عليّ أمير المؤمنين، وعمّه الحسن المجتبى، وأبيه الحسين الشهيد صلوات الله عليهم جميعاً.
      عاش مع جدّه الإمام عليّ عليه السّلام سنتين، ومع أبيه الإمام الحسين عليه السّلام ثلاثاً وعشرين سنة، وبعد أبيه سبعاً وثلاثين سنة ـ وهي مدّة إمامته سلام الله عليه.

      مولده البهيج
      هناك مَن قال إنّ مولد الإمام السجّاد عليه السّلام كان في الكوفة، حيث كانت أُسرة أمير المؤمنين عليه السّلام كلّها هناك بعد الانتقال إليها وجَعْلِها عاصمة الخلافة الإسلاميّة يومذاك. ولكنّ أغلب المصادر تذكر أنّ مولده كان في المدينة، وذلك يوم الجمعة.. قيل: في النصف من جُمادى الآخرة، والأشهر في الخامس من شهر شعبان. واختُلف في السنة التي وُلد فيها، فمنهم مَن ذكر سنة 36 هجريّة يوم فتح البصرة وانتصار أمير المؤمنين عليه السّلام في واقعة الجمل. ومنهم مَن ذكر سنة 38 هجريّة ـ ولعلّ هذا التاريخ هو الأشهر.


      الأُرومة المثلى
      من أشرف سلالة وأزكى نسب وأطهر أصل..
      الجد الأعلى حبيب الله وسيّد الخلق، محمّد صلّى الله عليه وآله. والجدّ الآخر: وليّ الله وسيّد الأوصياء، عليّ عليه السّلام.
      والجدّة: عصمة الله وسيّدة نساء العالمين، الصدّيقة الكبرى فاطمة الزهرا عليها أفضل الصلاة والسّلام.
      والأب: ثار الله وسيّد شباب أهل الجنّة، وسيّد الشهداء، وريحانة النبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم.. الإمام أبو عبدالله الحسين سلامُ الله عليه.
      أمّا الأُمّ.. فلا ريب أنّ الأئمّة عليهم السّلام لابدّ أن يكون الله تعالى قد اختار لهم أرحاماً طاهرةً مطهّرة، وأُمّهات هن في معالي النجابة والشرف والعبادة والكرامة. قيل: اسمها «شاه زنان» ـ أي ملكة النساء، وقيل: شهربانويه ـ إذ كانت تُدعى سيّدة النساء.. وهي بنت الملك يزدجرد بن شهريار بن كسرى ملك الفُرس.
      روي أنّ أمير المؤمنين عليّاً عليه السّلام كان ولّى حُريث بن جابر الجعفيّ جانباً من المشرق، فبعث إليه ببنتَي يزدجرد بن شهريار، فنحل ابنه الحسين عليه السّلام إحداهما فأولدها زينَ العابدين عليه السّلام، ونحل الاُخرى محمّد بن أبي بكر فولدت له القاسم بن محمّد.. الذي كان من بناته أُمّ فروة (فاطمة) زوجة الإمام الباقر عليه السّلام وأُمّ الإمام الصادق عليه السّلام.
      وقد سمّى أمير المؤمنين عليه السّلام «شاه زنان» هذه (مريم)، وقيل: (فاطمة).. فحَظِيَت أن أصبحت زوجةً لإمام، وأُمّاً لإمام.


      إخوته وأخواته
      1. عليّ الأكبر، الشهيد في عنفوان شبابه، وقد فُجع به أبوه الحسين عليه السّلام، واُمه ليلى الثقفيّة.
      2. جعفر بن القضاعيّة، وقد تُوفّي صغيراً في حياة والده الحسين عليه السّلام.
      3. عبدالله الرضيع (أو عليّ الأصغر) وقد استُشهد وهو على يد والده، ولم يكن له من العمر إلاّ ستّة أشهر.
      4. سكينة.
      5. فاطمة.
      6. رُقيّة.. وكُنّ ثلاثتهنّ مع أبيهنّ الإمام الحسين عليه السّلام في سفر الشهادة إلى كربلاء، ثمّ دخَلنَ في ركب السَّبي إلى الكوفة والشام، والعودة إلى المدينة مروراً ووقوفاً على مقابر كربلاء. إلاّ أنّ رُقيّة قد تُوفّيت بغصّتها على أبيها، وهي في خَربة الشام، ولم يكن لها من العمر أكثر من أربع سنوات، فدُفنت هناك، وخفي قبرها ثمّ ظهر بكرامة إلهيّة وعناية خاصّة، كان لها بعد ذلك مشهد عامر مهيب.


      زوجته
      ابنة عمّة الإمام الحسن عليه السّلام، فاطمة.. المرأة الطاهرة، ذات الكرامات المعروفة. وقد كان منها الإمام الخامس محمد الباقر سلامُ الله عليه.


      أبناؤه
      1. أشرفهم الإمام أبو جعفر محمّد الباقر عليه السّلام.
      2. زيد الشهيد المظلوم، الثائر في وجه الكفر الأُمويّ، والذي تعرّض بدنه الشريف للنبش والصَّلب والمُثْلَة.
      3. عبدالله الباهر.
      4. الحسن.
      5. الحسين.
      6. الحسين الأصغر.
      7. عبدالرحمن.
      8. عمر الأشرف.
      9. سليمان.
      10. عليّ الأصغر.
      11. محمّد الأصغر.
      12. عبيدالله.
      13. خديجة.
      14. فاطمة.
      15. عليّة.
      16. أُمّ كلثوم.


      أصحابه
      أشهرهم: جابر بن عبدالله الأنصاريّ، سعيد بن جبير، أبو خالد الكابُليّ، إبراهيم بن محمّد بن الحنَفَيّة، الحسن بن محمّد بن الحنَفَيّة، فرات بن الأحنف، أبو حمزة الثُّماليّ، جابر بن محمّد بن أبي بكر، طاووس بن كَيْسان، أبان بن تَغلِب،.. وآخرون.


      شاعره
      كثير عَزَّة، وقيل: الفرزدق أيضاً.


      بوّابه
      أبو جبلة، وأبو خالد الكابُليّ، ويحيى المطعميّ.

      إقامته
      كانت في المدينة، فأصبح عليه السّلام فيها مَفزَعاً للمهمّات وملاذاً للناس، فأفاض عليهم علماً وسخاءً ورحمة.

      آثاره
      كان وجوده المبارك الشريف كلّه ـ وما يزال ـ آثاراً طيّبة تهدي إلى الخير والسعادة، إلاّ أنّ الذي حُفظ منها نصوصٌ شريفة صدرت عنه، منها: رسالة الحقوق، والصحيفة السجّاديّة.


      الحكّام المعاصرون
      1. أمير المؤمنين عليه السّلام عليّ بن أبي طالب ( 35 ـ 40 هجريّة).
      2. الإمام الحسن المجتبى عليه السّلام ( 40 ـ 41 هجريّة).
      3. معاوية بن أبي سفيان ( 35 ـ 60 هجريّة).
      4. يزيد بن معاوية ( 60 ـ 64 هجريّة).
      5. معاوية بن يزيد (معاوية الثاني) ( 64 ـ 64 هجريّة).. ولم يحكم إلاّ أيّاماً حيث خلع نفسه وتمرّد على بني اُميّة، وخطب خطبة فضح فيها جدّه معاوية وأباه يزيد، قيل: وأشار إلى الإمام عليّ بن الحسين عليه السّلام أنّه الخليفة الحقّ.
      6. عبدالله بن الزبير بن العَوّام (64 ـ 73 هـ).
      7. مروان بن الحكم (64 ـ 65 هـ).
      8. عبدالملك بن مروان (65 ـ 86 هـ).
      9. الوليد بن عبدالملك (86 ـ 96 هـ).. وفي حكمه كانت شهادة الإمام زين العابدين عليّ بن الحسين عليه السّلام.

      أهم الوقائع
      الإمام هو أعلم الناس قاطبة، فهو وارث العلم النبويّ، حيث يرى ما يجري بوضوح.. ببصيرة إلهيّة وعناية ربّانية. وهذه من مزايا الإمام المعصوم، والإمام عليّ بن الحسين عليه السّلام قد خصّ بحوادث هائلة، أبرزها:
      • وفاة والدته « شاه زنان » عند ولادته عليه السّلام، فكانت في منزلة الشهيد وحُكمه ـ كما يُستفاد من الحديث الشريف.
      • شهادة جدّه أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام في محراب عبادته، ثمّ شهادة عمّه الإمام الحسن الزكيّ عليه السّلام غدراً بالسمّ.
      • وفي كلّ ذلك كانت الحوادث الخطيرة تجري ولا تخلو من الفتن والاختبارات الصعبة. وقد لازم عليّ بن الحسين عليه السّلام والده في حِلّه وتَرحاله، لم يفارقه في جميع المواقف، لا سيّما بعد تسلّط يزيد بن معاوية وفرضه الوضع الفاسد على حياة الاُمّة الإسلاميّة.
      • وحين شدّ الإمام الحسين سلام الله عليه رحاله إلى العراق، في ركب الشهادة المهيب، معترضاً على حكومة الطغيان، وصادعاً بالغيرة على الدين، ومحارباً للمشوِّهين والمحرِّفين.. كان زين العابدين عليّ عليه السّلام أوّل المرافقين لسيّد الشهداء عليه السّلام في تلك الرحلة المقدّسة سنة 60 هجريّة.
      • وحلّ الركب الحسينيّ الشريف ساحة كربلاء، وبدأت معركة العدوان على آل رسول الله صلّى الله عليه وآله، فذكرت الأخبار أنّ الإمام عليّ بن الحسين عليه السّلام كان يومها عليلاً في ساحة كربلاء، وقد حضر بعض القتال فدفع الله تعالى عنه، ثمّ أُخذ أسيراً. ويرد اسمه عليه السّلام في بعض مصادر الواقعة، لم يُحدّد من هو عليّ: السجّاد عليه السّلام أم أخوه عليّ الأكبر عليه السّلام ؟!
      لكنّه جاء في أقدم نصّ مأثور عن أهل البيت عليهم السّلام في ذكر أسماء من حضر مع الإمام الحسين عليه السّلام أنّ الإمام عليّ بن الحسين عليه السّلام قد قاتل في ذلك اليوم، وجُرح.. كما جاء في كتاب (تسمية مَن قُتل مع الحسين عليه السّلام من أهل بيته واخوته وشيعته)، الذي جمعه المحدّث الفضيل بن الزبير الأسديّ الرسّان الكوفيّ، وهو من أصحاب الإمامَين: الباقر والصادق عليهما السّلام، حيث ذكر ما نصّه:
      وكان عليّ بن الحسين عليلاً، وارتُثّ يومئذٍ، وقد حضر بعض القتال.
      و«ارتُثّ» تعني أنّه حُمل من ساحة المعركة بعد أن قاتل وأُثخن بالجراح، فأُخلي من أرض القتال وبه رمق. أجل... فصار صلوات الله عليه عليلاً، يُغمى عليه ويقعده المرض، فيهمّ بالدفاع عن حريم إمامه وأبيه الحسين عليه السّلام فيُرجع من قِبل عمّته العقيلة زينب سلام الله عليها؛ حفاظاً على نسل الإمامة من أن ينقطع. وتمرّ وقائع عاشوراء مريرة، يعيشها الإمام زين العابدين عليه السّلام بتفاصيلها المفجعة.
      • ثمّ يُقاد سلام الله عليه أسيراً إلى الكوفة، فيعود بعد ثلاث لدفن الأجساد الطاهرة في ساحة الطفّ. ويعيش أيّاماً في الحبس والأسر، ويشاهد سبيَ عمّاته وأهل بيته، ويعيش آلام اليتامى والأرامل والأطفال العطاشى الجياع.
      حتّى تكون المحنة الاُخرى في الشام، في قصر يزيد، فيتعرّض للقتل أكثر من مرّة، إلاّ أنّ العناية الإلهيّة تدّخره وتحفظه. وتكون له خطبة غرّاء في عقر دار يزيد الطاغية، يهزّ بها كيان الحكم الأُمويّ، ويدوّي بنهضة الإمام الحسين عليه السّلام في كربلاء.
      • ثمّ تكون العودة إلى المدينة.. مروراً بالأحبّة الشهداء في ساحة الطفّ، حيث الزيارة المقدّسة. وعلى مشارف المدينة يبعث الإمام زين العابدين عليه السّلام مَن ينعى الإمام الحسين عليه السّلام، ثمّ يدخل الركب الحسينيّ الحزين، فتنقلب المدينة إلى حال جديد، وتبدأ بذور الثورات على الحكم الأُمويّ.
      • وتكون خطة العمل الجديدة إعادة تربية الاُمّة على العقائد التوحيدية السليمة والأخلاق الإلهية النبوية، وتوجيه القلوب إلى العبادة والمعرفة والإيمان والتقوى، لخلق جيل يحيا الإسلام ويرفض الكفر المتقمّص والفساد المستشري.
      • وتنهض الاُمّة من جديد ولا تهدأ: ثورة في الكوفة بقيادة المختار الثقفي يُقتل فيها قتلةُ الإمام الحسين عليه السّلام، وثورة ثانية تضمّ التّوابين بقيادة سليمان بن صُرَد الخُزاعيّ.. وثالثة في اليمن ورابعة في المدينة، وخامسة وسادسة، ولا تنتهي حتّى تُقوَّض أُسس الحكومة الأُمويّة حتّى تؤول بعدئذ إلى الانهيار.
      هذا، والإمام السجّاد عليّ عليه السّلام كان ما يَفتأ يبعث النهضة الحسينيّة في صور عديدة ، لتعطي آثارها مِن دون أن تثير انتباه السلطان الظالم. حتّى اجتمعت الكتل الثوريّة من كلّ مكان، ونهضت بعضها نهضاتٍ غيورةً موفّقة، أدّت تكاليفها الشرعيّة، وخلّفت حالة اجتماعيّة رافضة للحكم اللاّشرعيّ القائم يومذاك.. وكان منها: نهضة زيد بن الإمام عليّ بن الحسين عليه السّلام.
      • وإلى جانب ذلك.. كان الإمام عليّ بن الحسين زين العابدين عليه السّلام ينشر المعارف الإسلاميّة، ويبثّ روح العبادة في أدعيته المباركة، ويشيع الفضائل والقيم الأخلاقيّة الرفيعة من خلال سلوكه الشريف وتعامله مع المجتمع. ورسالة الحقوق هي إحدى وثائقه الرائعة في تنظيم العلاقات.. بين العبد وربّه جلّ وعلا، بين الإنسان ونفسه، بين المرء وذويه من الأهل والإخوان وذوي الأرحام والأصدقاء وغيرهم.

      شهادته
      كانت على يد الوليد بن عبدالملك بن مروان، الذي لم يُطِق أن يرى أو يسمع أنّ هنالك وصيّاً لرسول الله صلّى الله عليه وآله يُجلّه الناس ويحترمونه ويأخذون عنه العلم والخلُق الكريم والدعاء والارتباط الصميميّ بالله عزّوجلّ.. فدسّ إليه سُمّاً ناقعاً كان سبب شهادته يوم السبت الخامس والعشرين من شهر محرّم الحرام (على أغلب التواريخ) سنة خمس وتسعين من الهجرة النبويّة الشريفة.. وله من العمر يومذاك سبع وخمسون سنة.
      ودُفن سلام الله عليه في البقيع إلى جوار عمّه الإمام الحسن المجتبى عليه السّلام، في قبر يُزار وتُنال عنده الكرامات والبركات، حتّى هدمته أيدي العدوان الآثمة في الثامن من شوّال عام 1344 هجريّة، فبقي اليوم أثراً تحنّ إليه قلوب الموحّدين ويقصده آلاف المؤمنين، ويُبكى عنده على ظُلامة أئمّة الهدى عليهم السّلام هناك: الإمام الحسن، والإمام السجّاد، والإمام الباقر، والإمام الصادق صلوات الله عليهم.. حيث مراقدهم الطاهرة.


      المصادر
      1 ـ الإرشاد، للشيخ المفيد.
      2 ـ إعلام الورى، للطبرسيّ.
      3 ـ إقبال الأعمال، للسيّد بن طاووس.
      4 ـ تاريخ ابن الغضائريّ.
      5 ـ تذكرة خواصّ الاُمّة، لسبط ابن الجوزيّ.
      6 ـ دلائل الإمامة، للطبريّ الإماميّ.
      7 ـ روضة الواعظين، للفتّال النيسابوريّ.
      8 ـ علل الشرائع، للشيخ الصدوق.
      9 ـ الفصول المهمّة، لابن الصبّاغ المالكيّ.
      10 ـ قرب الاسناد، للحِميَريّ.
      11 ـ الكافي، للشيخ الكليني / ج 1.
      12 ـ كشف الغمّة، للإربلّيّ / ج 2.
      13 ـ مجلّة تراثنا الفصليّة / العدد الثاني ص 150 ـ قمّ 1406 هـ. مقال حول كتاب (تسمية مَن قُتل مع الحسين عليه السّلام من أهل بيته وإخوته وشيعته).
      14 ـ المُستجاد، للعلاّمة الحلّيّ.
      15 ـ مصباح المتهجّد، للشيخ الطوسيّ.
      16 ـ معاني الأخبار، للشيخ الصدوق.
      17 ـ مناقب آل أبي طالب، لابن شهراشوب / ج 4.
      18 ـ نور الأبصار، للشبلنجيّ.




      متباركيـــــن بالمواليــــــد


      تعليق


      • #4
        شكرا لك على الموضوع



        تعليق

        المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
        حفظ-تلقائي
        Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
        x
        يعمل...
        X