إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

دوافع الثورة الحسينية-متجدد

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • دوافع الثورة الحسينية-متجدد

    بسم الله الرحمن الرحيم

    لابد لاي باحث اجتماعي او تاريخي لقضية الامام الحسين عليه السلام ان يتعرض لبعض الفصول المهمة ويعطي النظرية الصحيحة لكل فصل منها ويدعمها بالشواهد والادلة والارقام التاريخية.
    ماهي الدوافع للثورة الحسينية وماهو هدف الامام الحسين عليه السلام من خلال عملية التغيير الاجتماعي التي كان يريدها وماهي الدوافع الكامنة لديه التي دفعته وحملته ليتحرك هذه الحركة العظيمة الخالدة ويثور وينهض بهذه الثورة وبالشكل الذي تعرفونه من الامتيازات والخصائص مما جعلها ثورة فريدة لانظير لها في تاريخ الثورات والحركات والعمليات التغيريية الاجتماعية وحتى عمليات الانبياء واوصياء الانبياء عليهم السلام لاتوجد عملية او حركة اجتماعية تشابه تلك العملية التي قام بها الامام الحسين عليه السلام فهي عملية فريدة في نفسها ومحتصة بخصائص تميزها عن غيرها .
    فعملية ثورة الامام الحسين عليه السلام عمليه اشبه ماتكون بحسب مظهرها بعملية انتحارية وقد قام بها اعقل الناس وارشد وارجح الناس عقلا ومقاما هو من يقوم بعملية من هذا القبيل فماذا كانت الدوافع من وراء هذه العملية ؟؟
    يوجد عادة اختلاف في التفسيرات التي تطرح في هذا الجانب وفي هذا الفصل بالذات في تبيين دوافع الحركة الحسينية والثورة الحسينية الا انه بالامكان في البداية تصنيفها الى صنفين:-
    الصنف الاول :التفسيرات التي اعطيت من بعض المستشرقين ومن بعض المسلمين ومن بعض الحكام انفسهم في زمن الامام وبعده وبحسب رايي هي تفسيرات باطلة اي التي تكون غير صحيحة لانها غير منسجمة مع طبيعة معتقدنا وتصوراتنا عن الامام الحسين عليه السلام فهي اي هذه التفسيرات اما نشأت من اغراض او امراض وهي جزء من الادوار التي يقوم بها الحكام المنحرفون وتقوم بها السلطة من اجل مسخ الثورة المباركة من عطائاتها واثارها في الامة فحاولوا تقديم تفسيرات وتحليلات وتبريرات عن موقع الامام الحسين عليه السلام من السلطة وسبب خروجه وبعض هذه التفاسير ناتجة من نوايا سيئة نجد بذورها من زمن الحكام الامويين وقد نجد بعض الباحثيين المتاخرين قد تاثروا بتلك الكلمات التي يجدونها مبثوثة في بعض التواريخ فحاولوا الاستناد والاعتماد عليها ليعطوا تفسيرات من هذا القبيل ؛وقد تكون هذه التفسيرات الباطلة ناتجة من ان اصحاب التفسير بعيدون عن مدرسة اهل البيت عليهم السلام وبعيدون عن حقيقة هؤلاء وبعيدون عن معنى وحقيقة الامامة لكونهم ليسوا مسلمين او من الشيعة فيكون من الطبيعي ان يخطر في اذهانهم هذه التفاسير الباطلة وهنا نستطيع ان نشير الى تفسيرين مشهورين من هذه التفاسير الباطلة :
    وهو تفسير على اساس قبلي وعشائري ففسروا حركة الامام الحسين عليه السلام على انها حلقة من حلقات صراع بين قبيلتين فهناك خط تاريخي للصراع بين قبيلة بني هاشم وقبيلة بني امية والى زمن مابعد الامام الحسين عليه السلام فهاتين القبيلتين كانتا متصارعتين على الزعامة والوجاهة في مجتمع مكة والحجاز وعلى البيت الحرام واشياء اخرى ثم بعد انتصار الاسلام وانتقال النبي صلى الله عليه واله الى المدينة المنورة وانتقال السلطة الى بني هاشم واندحار قبيلة بني امية وخسارتها حاولت قبيلة بني امية ان تضر بالامتيازات التي حصلت عليها قبيلة بني هاشم فدخلت الاسلام مكرهة وحصلت باساليب نفاقية على الحكم بواسطة زعيمها معاوية بن ابي سفيان وقد يحاولون الاستشهاد باقوال بعض الشعراء امثال الاخطل وغيره من شعراء السلاطين في تصوير هذا الصراع وكذا الاشعار التي قالها بعض السلاطين كيزيد مثلا.
    واستُشهد لهذه النظرية بما ذُكروا في كتب التاريخ على ان الصراع كان واقعه صراعا قبليا وايضا يعززه بان مجتمع المسلمين رغم مجئ الاسلام ومجتمع العرب انذاك كان يسوده النظام القبلي بحسب الحقيقة وكانت مشايخ العرب وشيوخ القبائل هي الطبقة الحاكمة على المجتمع العربي حتى بعد مجئ الاسلام وهذا النظام القبلي والعشائري لم يتم ذوبانه مطلقا حتى بعد مجئ الاسلام بل بقيت هذه العشائر واعرافها لها الدور البالغ في تسيير الامور .
    اذن من المعقول ان يكون ان يكون هناك اثر لهذه الروح القبلية الموجودة بين العشيرتين في ثورة الامام الحسين عليه السلام لاستعادة الحكم الذي سلب عنهم .
    وهذا التفسير لايمكن قبوله ولا المساعدة عليه باي وجه فهذا التفسير مبني على ان للامام دوافع دنيوية من وراء حركته اذن من ناحية المعتقد هذا التفسير يتنافى مع اصل العقيدة الاسلامية في اهل البيت عليهم السلام والذين طهرهم الله واذهب عنهم الرجس وهذا معنى من معاني الرجس ان يكون دوافع الانسان ومنطلقاته دنيوية .
    واما من ناحية تاريخية فايضا لا يمكن الالتزام بهذا التفسير فلو كان منطلق الامام عليه السلام عشائريا كان يبنبغي عليه ان ينهض بعشيرته خصوصا وهو زعيم قومه لكننا نجد ان اكثر اتباعه هم من غير قبيلته وايضا كان ينبغي ان ينهض في الحجاز وهو موطن عشيرته فبنو هاشم لم يكونوا في الكوفة ولا في البصرة بل كانوا في المدينة ومكة فلو كانت المشاعر العشائرية والقبلية هي المنطلق لهذه الثورة لكان ينبغي من مهد تلك العشيرة ومن خلال سواعد تلك العشيرة بينما المسالة لم تكن بهذا الترتيب فلا الارض ارض العشيرة ولا الاصحاب من العشيرة ثم ان الذين دعوا الامام للقدوم للعراق هم ليسوا من عشيرته فقطعا هذا التفسير لا يصلح لان يفسر لنا نهضة الامام الحسين عليه السلام.
    ثم ان تصريحات الامام تناقض هذه النظرية فهو لم يقل انه خرج للانتصار لعشيرته بل قال خرجت لطلب الاصلاح لامة جدي اذن كان منطلقه عقائديا لا قبليا.
    اذن هذا التفسير مرفوض من الجهة العقائدية والتاريخية؛وهو من تضليلات السلطة الحاكمة بعد ان هُزت بعملية الامام الحسين عليه السلام وتزعزعت اركانها .
    والحمد لله رب العالمين.

  • #2
    بسم الله الرحمن الرحيم
    مازلنا في بيان الاقوال في دوافع الامام الحسين عليه السلام في ثورته والتي صدرت اما من غير المسلمين او من اتباع الفرق الاسلامية من خارج المذهب وكلامنا في النظرية الثانية:
    وخلاصة هذه النظرية وهو ان الامام ثار على يزيد بسبب مزاج خاص ورثه من ابيه امير المؤمنين عليهما السلام فالامام الحسين عليه السلام يأبى الضيم وهو في صرامته يشبه اباه لايهدأ له حال لظليمة تقع على مسلم من المسلمين فهذه الروح الثورية هي التي دفعته الى ان يثور بوجه يزيد .كما كان اباه يرفض السكوت والمهادنة كما حصل في ما يسمى بالشورى التي اخترعها عمر بن الخطاب وطلب عبد الرحمن بن عوف من امير المؤمنين عليه السلام ان يحكم بسيرة الشيخين حتى يصوت له فرفض الامام رفضا قاطعا واصر ان يحكم تبعا للكتاب والسنة فقط؛ وكما حصل عندما طلب طلحة والزبير ابقاء معاوية حاكما على الشام حتى لا يثور عليه ولكنه عليه السلام واجههم بالرفض ايضا وهذه الروح قد ورثها الامام من ابيه بينما الامام الحسن عليه السلام لم يرثها ولهذا كان اقرب للمهادنة والصلح.
    وهذا التفسير مرفوض ايضا لانه يتنافى ايضا مع العقيدة الحقة بالامام الحسين عليه السلام فنحن نعتقد بانالائمة عليهم السلام في مجال العمل الاجتماعي والرسالي لافرق بينهم فان الحسن والحسين امامان قاما او قعدا فهم نور واحد وبمستوى واحد من حيث ان انطلاقهم من وظيفتهم يحدده الموقف الشرعي والمسؤلية الشرعية من دون أي تأثر بمزاج او طبع او عادة موروثة او مكتسبة.
    فما كان يمتلكه الامام الحسين كان يمتلكه الامام الحسن عليهما السلام .
    اذن عقيدتنا لا تساعد على مثل هذا اللون من التفسير .هذا اولا
    وثانيا:عندما نراجع التاريخ والحوادث الخارجية نجد ان المسألة من الناحية التاريخية ايضا مرفوضة فنحن نعلم ان الامام الحسين عليه السلام عاش مع الامام الحسن عليه السلام عشر سنين ولم يثر مع انه دُعي الى الثورة اكثر من مرة وكذا بعد استشهاد الامام الحسن عليه السلام بقي الامام ملتزم ببنود الصلح رغم عدم التزام الطرف الاخر بينما كانت الكتب تاتيه تترى فقد راسله سليمان بن صرد الخزاعي وطلب منه الخروج ولم يخرج الامام (1) والتزم بنفس المنهج الذي سار عليه الامام الحسن عليه السلام وكذا في زمن الامام الحسن طُرح علي الامام الحسين بعض الشيعة المتحمسين الثورة لكن الامام استمر في الرفض (2)فهذه المواقف من الامام الحسين عليه السلام تدل على تاييده لموقف الامام الحسن عليه السلام وانه كان يراه الموقف الصحيح ولم يكن يرى الخيار هو الثورة.
    فاذن هذه التفسيرات من ناحية عقائديو وتاريخية مرفوضة ولايمكننا الموافقة عليها

    --------------------------
    (1)موسوعة كلمات الامام الحسين صفحة291
    (2)موسوعة كلمات الامام الحسين صفحة251 وايضا الامامة والسياسة لابن قتيبة ج1ص141تحقيق الزيني

    تعليق


    • #3
      بسم الله الرحمن الرحيم
      النظريات الاسلامية في بيان الدافع للثورة:
      في قبال النظريتين السابقتين هناك عدة نظريات صدرت من مفكرين شيعة وهذه النظريات وان لم يرد عليها الاشكالات السابقة فهي لاتصتدم مع المعتقدات الحقة في الامام عليه السلام ولايرد عليها الاشكالات التاريخية ايضا لكن اثبات انها الدافع الحقيقي للامام الحسين عليه السلام يحتاج الى بحث فهي في صحتها كواقع خارجي تحتاج الى دراسة التاريخ والشواهد وملاحظة جميع ابعاد المسالة .
      وهذه التفسيرات يمكن تلخيصها في ثلاث نظريات :
      النظرية الاولى :نصطلح عليها بالنظرية الغيبية لحركة الامام الحسين عليه السلام.
      النظرية الثانية :نصطلح عليها بالنظرية السياسية لحركة الامام الحسين عليه السلام.
      النظرية الثالثة :نصطلح عليها بالنظرية الرسالية التاريخية في قضية الامام الحسين عليه السلام.
      فلابد من استعراض هذه النظريات الثلاثة مع ادلتها وشواهدها:
      النظرية الاولى :النظرية الغيبية والتفسير الغيبي لحركة الامام الحسين عليه السلام:
      هذه النظرية تحاول ان تفسر دوافع هذه الثورة المباركة على اساس اوامر عالم الغيب والتكاليف التي كلف الله تعالى بها الامام عليه السلام فالامام يقوم بهذه المهمة بسبب تكليف خاص به باعتباره انسانا خاصا ومعصوما مرتبطا بعالم الغيب لايشاركه في هذا الارتباط غيره من الناس .
      فدافع الامام الحسين عليه السلام هو امتثال هذه الاوامر فلم يكن له دوافع سياسية ولا اجتماعية ؛فاصحاب هذا القول يحاولون ان يجعلوا هذا التكليف الغيبي الخاص هو الدافع الحقيقي رغم اعترافهم بترتب اثار كثيرة ونتائج مهمة في التاريخ الاسلامي على هذه النهضة لكن هذه النتائج هي مقصودة لله تبارك وتعالى ولم تكن مقصودة للامام عليه السلام فهو عليه السلام قام بالثورة امتثالا وتعبدا ولم يكن يعلم بهذه الاثار والنتائج.
      ويستشهدون على ذلك ببعض النصوص الواردة منه عليه السلام والتي قد يكون ظاهرها بهذا المعنى ومن هذه النصوص مافعله الامام عليه السلام عندما جاء الحاكم الاموي وطلب منه بيعة يزيد فقد طلب منه ان يمهله ليلة او ليلتين فذهب الى مرقد النبي صلى الله عليه واله فاخذته حالة النوم ورأى في المنام النبي صلى الله عليه واله فطلب الامام من النبي ان ياخذه اليه فقال النبي صلى الله عليه واله لا انه شاء الله ان يراك قتيلا(1).
      وكذا المحاورة التي جرت بين الامام عليه السلام واخيه ابن الحنفيه سلام الله عليه وقد ذكرها السيد ابن طاووس فيقول:
      ((سار محمد ابن الحنفية للامام الحسين ليلة اراد الخروج الى مكة فقال:يااخي ان اهل الكوفة من قد عرفت غدرهم بابيك واخيك وقد خفت ان يكون حالك بحال من مضى فان رأيت ان تقيم فانك اعز من في الحرم وامنعه ؛فقال يااخي قد خفت ان يغتالني يزيد ابن معاوية في الحرم فاكون ممن تستباح به حرمة هذا البيت فقال له ابن الحنفية :فان خفت ذلك فسر الى اليمن او بعض نواحي البر فانك امنالناس به بقدر عليك فقال انظر فيما قلت فلما كان السحر ارتحل الحسين فبلغ ذلك ابن الحنفية فلحقه فاخذ زمام ناقته التي ركبها فقال :يااخي الم تعدني النظر فيما سالتك ؟قال بلى ؛قال فما حداك على الخروج عاجلا؟قال:اتاني رسول الله بعد مافارقتك فقال :ياحسين اخرج فان الله شاء ان يراك قتيلا فقال ابن الحنفية ان لله وانا اليه راجعون فما معنى حملك هولاء وانت تخرج على مثل هذه الحال :فقال له:قد قال لي (النبي):ان الله شاء ان يراهن سبايا))(2)
      وكذلك في ضمن الرسائل التي ينقلها صاحب كامل الزيارات رسالة عن الامام الحسين عليه السلام الى اخيه محمد ابن الحنفية :
      ((بسم الله الرحمن الرحيم..............من الحسين بن علي ومن قبله من بني هاشم ؛اما بعد فان من لحق بي فقد استشهد ومن لم يلحق لم يدرك الفتح.))(3).
      فيمكن ان يقال بان هذا دليل على ان الامام الحسين عليه السلام هدفه انه يستشهد لان الله ورسوله قد بلغاه ذلك ويمكن استخراج شواهد من هنا وهناك على ان العمليه كان امتثالا لامر الغيب .
      فهذا هو الدافع الذي حرك الامام الحسين عليه السلام فلو كان دافع غير هذا لقاله الامام لاخيه ابن الحنفيه فهو اخوه واقرب الناس اليه .
      مناقشة هذه النظرية :
      ونجملها في عدة ملاحظات:
      الملاحظة الاولى:ان تفسير قضية الامام الحسين عليه السلام بهذا الشكل يتنافى مع الطبيعة البشرية لعمل الانبياء والاوصياء ؛فنحن وان كنا نعتقد بان الانبياء والائمة الاطهار هم ثقل الله في الارض وهم الواسطة بين العباد وبين الله الا اننا نعتقد انهم عليهم السلام كانوا بشرا في اعمالهم اي ان لاعمالهم غايات عقلائية مفهومة وخصوصا الاعمال التي ترتبط بالجانب الاجتماعي من حياة الناس فكانت منطلقاتهم ودوافعهم دوافع بشرية فهم ليسوا كالملائكة وموجودات عالم الغيب فافعالهم وتصرفاتهم كانت لها دوافع يفهمها الناس ولولا ذلك لما استطاعوا ان يغيروا البشر ولهذا الايات القرانية اشارت الى هذه الحقيقة بقوله تعالى ((وقالوا لولا انزل عليك ملك ولو انزلنا ملكا لقضي الامر ثم لا ينظرون ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون )) (4)فحتى الملك لو اُنزل الى الارض لكانت طبيعته بشرية لكي يتمكن من التاثير في الناس لان افعاله حينئذ تكون لها دوافع مفهومة فاذا فهمها الناس واعتقدوا صحتها فانهم يسعون معه لتحقيقها وهذا هو التغيير المطلوب .
      فتغيير البشرية وتكميلها لابد وان يكون من خلال افعال معروفة الدوافع والا لختصت حالة التكامل بالشخص المأمور باوامر الغيب فقط فافتراض ان الامام الحسين عليه السلام كان له تكليف خاص ولم يكن الدافع في ثورته معلوما للاخرين حتى لمثل محمد بن الحنفية وامثاله يتنافى بوضوح مع اصل القضية التي نحن نؤمن بها في حقيقة وطبيعة عمل الانبياء والاوصياء عليهم الصلاة والسلام .
      ولهذا نجد ان الامام الحسين عليه السلام كان قاصدا في تحركه هذا ان يأخذ معه كل من كان مستعدا لهذ العمل وهم من كان يؤمن بدوافع الثورة ولهذا كتب ((ومن لم يلحق بنا لم يدرك الفتح))كل هذا لاستنهاض الهمم وليحرك الناس لان يأتوا معه بينما لو كان فعله امتثالا لامر غيبي فقط لاختصت الحركة به عليه السلام ولما كان هناك دافع للاخرين فكيف يقوم باستنهاضهم ؟
      بينما نحن نجد ان هؤلاء متجهون طوعا مع الامام الحسين عليه السلام وهم كانوا متاثرين بقضية الامام تاثيرا غير من تصوراتهم وغير من روحيتهم ونفسياتهم فنجدهم يخاطبون الناس ويوعظونهم ويجعلونهم امام مسؤليتهم فكيف يمكن لهؤلاء ان يبلغوا هذا المبلغ ويصبحوا بهذا الشكل مع انهم لا يعرفون دوافع العمل الذي سيؤدي الى قتلهم بناء على نظرية الامر الغيبي للامام عليه السلام؟
      الملاحظة الثانية:ان هذا التفسير خلاف تصريحات الامام عليه السلام نفسه فهناك كلمات وخطب صريحة صدرت من الامام في يوم عاشوراء وقبله في مكة وغيرها في ان القضية لها دوافعها القابلة للفهم من الاخرين وقابلة لان تطرح على الجماهير بل بالفعل طرحها الامام عليه السلام فكان الامام وفي مناسبات متعددة يبين اسباب ثورته ودوافع خروجه ويحاول ان يبين الاهداف الرسالية التي وراء حركته ؛وهذه النصوص سوف نذكره عند بيان النظرية الثانية.
      الملاحظة الثالثة:ان مثل هذا التفسير يجعل من قضية الامام الحسين عليه السلام قضية غير مؤثرة وغير مربية للبشرية فنحن اذا اعتبرنا هذة القضية دافعها حكم غيبي خاص بالامام عليه السلام فهذا الدافع من المستحيل ان يربي الناس في زمن الامام فضلا من ان تبقى هذه الفاعلية وهذا المد وهذه الهزة الى الان لان الناس عندما لايفهمون القضية فهما عقلائيا ويفهمونها كحكم خاص بالامام المعصوم فهذا الحكم مختص بانسان معصوم وبما ان باقي الناس ليسوا معصومين فلايشملهم الحكم وبعبارة فقهية يكونوا خارجين عن الحكم تخصصا.
      الانسان قد يتاثر ويتالم ويبكي على الامام الحسين عليه السلام من غير ان يتخذ من هذه القضية دروسا وعبرة لنفسه ولا يعتبر هذا السلوك قدوة يسعى لتطبيق سلوكه عليه لانها قضية خاصة من قبيل سائر الاحكام الخاصة بالنبي صلى الله عليه واله كحكم تعدد الزوجات اكثر من اربعة الخاص بالنبي صلى الله عليه واله فهل يمكن ان يجعل الانسان هذا الحكم ويطبق سلوكه عليه ؟
      فالحكم الخاص لا يمكن ان يكون مربيا للناس بينما نحن نعلم ان قضية الامام الحسين اريد لها ان تكون منهجا تسير عليه الامة في رفض الظلم والخضوع لسلطة الجائرين فقضية الامام الحسين عليه السلام هي من اقوى العوامل التي ربت المجتمعات الاسلامية على طول التاريخ ولا تزال هي الفاعلة والمؤثرة والمبقية لمدرسة اهل البيت عليهم السلام سيما الجانب السياسي من هذه المدرسة ؛الجانب الذي يرفض كل انواع الحكام الظلمة .
      اذن هؤلاء تاثروا لانهم شاهدوا ان هذا العمل الذي عمله الامام الحسين عليه السلام انما عمله باعتباره احد المكلفين الرساليين المسؤلين على حمل الرسالة وتطبيق احكام الله والشريعة الاسلامية وهذه التكاليف كما هي موجهة اليه موجهة لكل فرد من المسلمين بل الاخرون اولى بالتضحية لان اي انسان بهذه المنزلة العظيمة ضحى بما يملك في سبيل تطبيق احكام الله وفي سبيل رفض هذا الخطر المحدق بالامة الاسلامية فالناس الاخرون اولى ان يضحوا لان الامام قد ضحى بالاعز والاغلى فمن له اخ كالعباس ليضحي به ومن له ابن كعلي الاكبر ومن له اهل بيت كاهل بيت الحسين او اصحاب كاصحابه سلام الله عليهم اجمعين؟
      اذن هذا التفسير يجعل من قضية الامام الحسين قضية باهته لافائدة فيها ولا تاثير فيها على الاخرين ولا ينبغي للانسان لن يستفيد منها دروسه وعبره وتكاليفه الشرعية وانه لابد ان ينهض كما نهض الامام الحسين عليه السلام.
      الملاحظة الرابعة:ثم ان الادلة التي يستدلون بها لاتفيد دعواهم بل غاية ما تفيده ان الامام عليه السلام كان عالما بنهايته وانه سيستشهد وان النساء ستسبى وهذا غير الدافع الذي نتكلم عنه هذا طبعا مع غض االنظر عن المناقشات السندية في متن هذه الروايات .
      فهذه الروايات لاتدل على غيبية الدوافع كما يريدها اصحاب النظرية الغيبية بل دوافع الثورة كانت معلومة ومفهومة لدى الناس وهي حفظ الاسلام من الخطر الكبير الذي كان محدقاً به لكن هذا الدافع موقوف على عملية صعبة وهي التضحية بالغالي والنفيس من قبل من يؤمن بهذا الدافع.
      وهذا ما اشارت اليه هذه الروايات.
      فالامام كان يصرح في العديد من المناسبات ويبينه لمن يلتحق به ويقول له ان مصيرنا هذا المصير فهل عندك استعداد ان تكون شهيدا في سبيل الله وفي سبيل الرسالة والا فهم يريدونني فاتخذ من الليل جملا كما قال لاصحابه ليلة العاشر .
      وبهذا يتم الكلام عن النظرية الاولى.
      والحمد لله رب العالمين.
      ------------------------------------------------------
      ((1))ينابيع المودة للقندوزي ج3ص60
      ((2))اللهوف لابن طاووس ص40
      ((3))كامل الزيارات لابن قولويه ص157
      ((4))سورة الانعام اية 8و9

      تعليق


      • #4
        بسم الله الرحمن الرحيم
        النظرية الثانية:النظرية السياسية:
        يدعي اصحاب هذا التفسير ان التحرك الذي قام به الامام عليه السلام كان من ورائه استلام السلطة لاقامة حكم الله في الارض .
        طبعا لابد ان يعلم ان اصحاب هذا التفسير لايريدون من هذه النظرية ان الامام عليه السلام كان دافعه التسلط والتامر على الناس فان هذا خلاف منطق الامام عليه السلام ولا يتناسب مع مقام وعصمة الامام عليه السلام ؛انما كان تخطيطه ان يقيم حكم الله في الارض من باب ان استلام السلطة والحكم باب لاقامة حكم الله في الارض حيث ان الرسالة واحكامها وانظمتها في زمن المعصوم لا يمكن ان تقوم الا من خلال حاكمية المعصوم وخلافته وحكومته على الناس .
        فالهدف الذي كان يخطط له الامام الحسين عليه السلام بدافع التكليف الشرعي وبدافع اداء المسؤلية هواستلام السلطة كما كان موقف النبي صلى الله عليه واله حينما كان يتصدى لاستلام السلطة في مكة والمدينة لاقامة الحكم الاسلامي في الارض فهو اراد ان يتسلط بما هو نبي لا بما هو سلطان كذلك الامام عليه السلام منذ البداية كان واضحا ان هدفه من اجل الوصول الى السلطة فهدفه كان هدفا بشريا واضحا للجميع لكن نتيجة بعض المصادفات والاتفاقات انعكس الامر ولم ييصل هذا االتخطيط الى نهايته بل انقلب اهل الكوفة عليه فانتهى الى ذلك المصير المفجع .
        ففرق بين ان نشخص دوافع الامام عليه السلام وبين النتيجة التي حصلت فليس كل ما خطط له المعصومون يجب ان يحصل يقول الامام علي عليه السلام ((عرفت الله بفسخ العزائم وحل العقود ونقض الهمم)) (1)فكون الامام الحسين خطط لهذه للوصول الى نتيجة ما لايجب ان تحصل هذه النتيجة كما خطط النبي صلى الله عليه واله للنصر في معركة احد لكن حصلت بعض الامور الغير متوقعة فلم يصل الى ماخطط له وكما خطط امير المؤمنين عليه السلام في معركة صفين لكن حدث مالم يكن بالحسبان من مسالة التحكيم وما حصل بعدها .
        فالتخطيط لاستلام الحكم من قبل امام ما لا يعني ان هذه النتيجة لابد وان تتحقق لان هؤلاء عليهم السلام في عملهم الاجتماعي لايخرجون عن الجانب البشري في العمل مع الناس فعمل الانبياء والائمة عليهم الصلاة والسلام الاجتماعي يكون بنفس الاساليب والوسائل البشرية .
        والخلاصة ان هذه النظرية عكس النظرية السابقة القائلة ان الامام كان هدفه ودافعه الوحيد هو امتثال امر الله تبارك وتعالى من دون ان يكون له اي دافع وغرض مفهوم اخر اما هذه النظرية فمفادها ان الامام كان له اهداف متعارفة وهي الوصول الى السلطة بدافع الحكم باحكام الله تعالى ولم يكن له تكليف خاص بذلك .
        امتيازات التفسر الساسي على التفسير الغيبي:
        1. ان هذا االتفسير يجعل قضية الامام الحسين عليه السلام قضية مفهومة ومعقولة اجتماعيا وعلى مستوى الرأي العام لا انها كالتفسير الغيبي للقضية فيجعلها قضية مبهمة ومن الامور الخاصة بالمعصومين عليهم السلام.
        2. ومن مميزات هذا التفسير انه سيكون هناك لقضية الامام الحسين مدلول روحي ورسالي فيثبن ان المسؤلية الرسالية والتكليف السياسي من جملة التكاليف المتوجهة الى كل مسلم لانه يجعل للقضية هدف مشخص وواضح هو استلام الحكم وهذا يثبت للناس ان استلام السلطة من اساسيات الرسالة واصول التكاليف الشرعية ؛فليست الرسالة الاسلامية مجموعة من التكاليف والعبادات الفردية كالصلاة والصيام والحج .....الخ بل هناك مسؤليات اخرى وتكاليف اهم بل هذا التكليف له الاولوية على كل التكاليف وهو التكليف السياسي فكل انسان مكلف بان يقيم حكم الله في الارض وان يسعى لايجاد نظام اسلامي فهذه النظرية تبين اهمية هذا التكليف .

        الادلة والشواهد على هذا التفسير:
        1. من جملة الشواهد التي يستشهد بها اصحاب هذه النظرية نفس ارسال مسلم بن عقيل عليه السلام الى الكوفة ف لو كان الامام الحسين عليه السلام يسعى الى الاستشهاد فلماذا بعث مسلم بن عقيل الى الكوفة ليفاوض الناس ويفحص نواياهم ويدرس وضع الامة والموالين ثم كتب الى الامام الحسين عليه السلام ((ان الرائد لايكذب اهله (1) فاقدم على جنود لك (2).

        فارسال مسلم معناه ان الامام كان يحتمل احتمالا قويا ان التخطيط للوصول الى السلطة قد يصل الى النتيجة المطلوبة وان هناك احتمال لحصول تحرك جماهيري واسع يسقط حكم بني امية .
        2-ومن جملة الادلة التي يذكرونها في هذا المجال التصريحات الصادرة من الامام الحسين عليه السلام نفسه وهي كثيرة وجميعها تدل على ان الامام الحسين عليه السلام كان يستهدف من وراء تحركه هدفا سياسيا فمن جملة النصوص ما ينقله الطبري انه كتب كتابا لاهل الكوفة فيه ((اما بعد فان الله اصطفى محمدا على خلقه واختاره لرسالته ثم قبضه الله اليه وكنا اهله واوصياءه واحق الناس بمقامه بين الناس فاستأثر علينا قومنا بذلك فرضينا وكرهنا الفرقة واحببنا العافية ونحن نعلم انا احق بذلك الحق ممن تولاه ؛وقد بعثت رسولي اليكم مع هذا الكتاب وانا ادعوكم الى كتاب الله وسنة ونبيه ؛فان السنة قد اميتت وان البدعة قد احييت وان تسمعوا امري وتطيعوا قولي اهدكم سبيل الرشاد ))(3)فهذه الرسالة واضحة في الادلة على ان الامام الحسين عليه السلام كان يستهدف الاطاحة بالحكم واستلام الحق المسروق والذي من دونه لا يمكن اقامة حكم الله تبارك وتعالى.
        3-ومن جملة الشواهد رسالة بعثها الامام عليه السلام مع شخص اخر عندما تحرك من مكة الى العراق ايضا ينقلها الطبري ((اما بعد فان كتاب مسلم بن عقيل جائني يخبر فيه بحسن رأيكم واجتماع ملئكم على نصرنا والطلب بحقنا فسالت الله ان يحسن لنا الصنع وانه يثيبكم على ذلك اعظم الاجر ))(4).
        والرسالة مليئة بالدلالة على ان الامام الحسين عليه السلام كان يستهدف اسقاط الحكم وكان يدعو الله للذين اجتمع شملهم واجتمعوا على نصرته وكله تفائل وامل ثم يقول ((وقد شخصت اليكم من مكة يوم الثلاثاء بثمان مضين من ذي الحجة يوم التروية فاذا وصلكم رسولي فانكمشوا في امركم وجَدوا فاني قادم عليكم في ايامي هذه )) (5).
        4-ايضا يستدلون برسالة اخرى بعثها الامام عليه السلام مع مسلم بن عقيل الى الكوفة ولعلها تكملة للرسالة السابقة حيث يقول ((قد بعثت رسولي اليكم وانا ادعوكم الى كتاب الله وسنة نبيه فان السنة قد اميتت وان..........الى ان يقول فان كتب اليَ قد اجتمع راي ملئكم وذوي الحجا منكم على ما قدمت به رسلكم ؛اقدم اليكم ان شاء الله .فلعمري ما الامام الا العامل بالكتاب والقائم بالقسط والدائن بدين الحق والصلاح ))
        وهذا واضح في ان الامام ارسل مسلما ليستطلع الوضع وليرى ان اهل الحل والعقد من اهل الكوفة مستعدون للقتال والنهزض بهذا العبأ الثقيل .
        5-وايضا من الشواهد خطبته عليه السلام يوم عاشوراء في دعوة اهل الكوفة الذين كتبوا له الرسائل وبعثوا له الرسل ثم غدروا به قال((....تبا لكم ايها الجماعة ؛وترحا احين استصرختمونا والهين فاصرخناكم موجفين سللتم علينا سيفا لنا في ايمانكم وحششتم علينا نارا اقتدحناها على عدونا وعدوكم فاصبحتم البا لاعدائكم على اوليائكم من غير عدل افشوه فيكم و لا امل حصل لكم فيهم فهلا لكم الويلات تركتمونا والسيف مشيم والجأش طامن والرأي لم يستصحف ))(6).
        ونجد هذا التفسير لحركة الامام الحسين عليه السلام في كتاب بحار الانوار ينقله عن السيد المرتضى علم الهدى (قدس سره) .
        تبقى المناقشات لهذه النظرية نذكرها في المشاركة اللاحقة ان شاء الله تعالى.

        تعليق

        المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
        حفظ-تلقائي
        Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
        x
        يعمل...
        X