إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الصوم لله......

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الصوم لله......

    الصوم لله

    المتبادر الى الذهن أن الصوم هو تكليف إلهي فُرض على العباد، وينبغي أداءه . وهو أحد فروع الدين، أو ركن من أركان الإسلام، وبما قرره الفقهاء، أن فعل الصيام على صورته الشرعية وبشروطه ، مبرأ لذمة العبد ومُخرِج من تبعاته، وهذا كله حق لا غبار عليه.
    لكن ربما تكون هنالك زاوية نظر أخرى تسلط الضوء على الصيام من أعلاه، وهي الزاوية المستفادة من رواية الرسول الأعظم عن ربه جل جلال والتي رواها السنة والشيعة، حيث يقول سبحانهكل عمل ابن آدم له إلا الصيام فهو لي وأنا أجزي به –أُجزى به-)، فإن نظرنا من هذه الزاوية فُتح لنا فهماً جديداً للصوم ، وارتقينا به الى ما هو أدق من الفهم السابق وأعمق، وذلك بما أن الصوم لله على خلاف بقية العبادات، يصبح حينئذٍ ليس تكليفاً ينبغي الخروج من عهدته - إنما هذا أدنى مراتب فهومه- ، بل هو تقدمة يقدمها العبد لمولاه، عندما يخبرنا ربنا متفضلاً أن هذا العمل له وليس لنا ، وليس كبقية الأعمال تسجل لنا حسنات، يتوقع منا –لو جاز التعبير- أن نقبل عليه بصدور شَرِحة وقلوب فَرِحة، أن نقدم له هذه التقدمة بأكمل صوره وأتمها وأسناها، بل نبحث عن مكامن مرضاته في زوايا ذلك الفعل.
    عندما يبين لنا الحق سبحانه العمل الذي يريده له وليس لغيره –لأي علة كانت- ينبغي علينا أن نعي أن هذا باب فُتِح لنا لكي نقدم للمنعم والمتفضل الذي ما انقطع تفضله، ما نريد ونتمنى أن نقدمه له، وكأن سبحانه يقول: عبدي إن أحببت أن تقدم لي شيئاً فعليك بالصيام.
    وعليه وجب على العاقل المحب المبصر لأيادي ربه، عندما يقدم هذه التقدمة ويرفعها الى حضرة الحق سبحانه، أن يقدمها في أعلى مراتب كمالها وجمالها ، وأن يصونها من كل شوب وعيب، كي تكون جديرة بأن ترفع لتلك الحضرة، فإن من يستقبلها هو الكمال المطلق سبحانه.
    فوجب على من يرى صومه من هذه الزاوية ، أن يحقق أعلى مراتب الصوم لكي يتقبلها الله تبارك وتعالى بأعلى مراتب القبول ، ويُكّون من خلالها صورته الجديدة التي يرسمها لنفسه في الملأ الأعلى ، ويمحو الصورة السابقة.
    وللارتقاء بمرتبة الصوم والتسامي به الى من يستحق أن يرفع له هذا العمل ، يكون عبر النظر العملي فيما بينه لنا سبحانه عن طريق كتبه ورسله وأولياءه.
    فقد بين الرسول الأعظم (ص) بعض حدود الصوم في وصيته : (إذا صمت فانوِ بصومك، كف النفس عن الشهوات، وقطع الهمة عن خطوات الشيطان، وانزل نفسك منزلة المرضى لا تشتهي طعاماً ولا شراباً، وتوقع في كل لحظة شفاك من مرض الذنوب ، وطهّر باطنك من كل كذب وكدر وغفلة وظلمة يقطعك عن معنى الإخلاص لوجه الله تعالى). وهذا الذي بينه الرسول الأكرم لا أظنه الصوم الذين يصمه أغلبنا!.
    وكذلك بين أمير المؤمنين (ع) مرتبة أخرى من مراتب الصوم، إذ يقول : (صوم الجسد الإمساك عن الأغذية بإرادة واختيار خوفاً من العقاب وطمع ورغبة في الثواب والأجر، وصوم النفس إمساك الحواس الخمس عن سائر المآثم ، وخلو القلب عن جميع أسباب الشر). والذي نفهمه من هذه المرتبة، هو تخلية القلب وتنزيهه عن مسببات الشر والفساد ، وهي الصفات الدانية والأخلاق الرذيلة ، ثم السيطرة على منافذ القلب وهي الحواس الخمس ، لكيلا يدخل الى القلب ما يزرع فيه الشر والفساد.
    وقد ورد أيضاً عنه (ع) : (صيام القلب عن الفكر في الآثام، أفضل من صيام البطن عن الطعام) أي إن صيام العقل عن الأفكار السيئة والخواطر الفاسدة ، أعلى مرتبة من الصيام عن الأكل، لمن أراد الرقي بصومه.
    ونستفيد من هذه الآثار، أن الصوم ليس مرتبة واحدة، وإنما مراتب متعددة متدرجة، ولكل جهة من جهات الانسان صومها الخاص بها. ومن أراد أن يقدم تقدمة الى ربه، وجب عليه أن يتحرى أزكاها وأعلاها وأنقاها، وإلا فقد بخل على ربٍ كريم. يقول عز وجلّ : (من لم تصم جوارحه عن محارمي فلا حاجة لي في أن يدع طعامه وشرابه من أجلي).
    -وله المنة-
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X