![]() وعدم جواز النظرة السلبية يعني عدم جواز سائر مظاهر الأذى ومصاديقه في القول وفي الممارسة العملية ، فلا تجوز الغيبة ولا البهتان ولا الاعتداء على أموال الآخرين وأعراضهم وأرواحهم ، بل يجب صيانة حرماتهم بجميع مظاهرها. وحثّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على مداراة الآخرين والرفق بهم ، والالتزام بهذه التوصيات من شأنه أن يؤدي إلى مراعاة جميع الحقوق الاجتماعية لانبثاقها منها وتفرعها عليها ، قال صلى الله عليه وآله وسلم : « مداراة الناس نصف الايمان ، والرفق بهم نصف العيش » (2). ومن أحب الأعمال إلى الله تعالى والواقعة في أُفق مراعاة الحقوق الاجتماعية هي ادخال السرور على المؤمنين ، قال صلى الله عليه وآله وسلم : « إنّ أحبّ الأعمال إلى الله عزَّ وجلَّ إدخال السرور على المؤمنين » (3). وإدخال السرور يتحقق باسماعهم الكلمة الطيبة والقول الجميل ، واحترامهم ، والتعاون في حلِّ مشاكلهم ، ومشاركتهم في آمالهم وآلامهم ، وأفراحهم وأحزانهم ، والدفاع عن أموالهم وأعراضهم وأنفسهم ، ورفع الأذى عنهم ، ونصرتهم للقيام بمواجهة أعباء الحياة. وحدّد الإمام جعفر الصادق عليه السلام سبعة من الحقوق تكون مصداقاً لادخال السرور على المؤمنين من أفراد المجتمع الكبير ، عن معلّى بن خنيس ، عن الصادق عليه السلام قال : قلت له : ما حقّ المسلم على المسلم ؟ قال له : « سبع حقوق واجبات ما منهنَّ حقّ إلاّ وهو عليه واجب ، إن ضيّع منها شيئاً خرج من ولاية الله وطاعته ، ولم يكن لله فيه من نصيب ... أيسر حقّ منها : أن تحبّ له ما تحبّ لنفسك ، وتكره له ما تكره لنفسك. ومنها : أن تجتنب سخطه ، وتتّبع مرضاته ، وتطيع أمره. ومنها : أن لا تشبع ويجوع ، ولا تروي ويظمأ ، ولا تلبس ويعرى. ومنها : أن تبرّ قسمه ، وتجيب دعوته ، وتعود مريضه ، وتشهد جنازته ، وإذا علمت أنَّ له حاجة تبادره إلى قضائها ، ولا تلجئه أن يسألكها، ولكن تبادره مبادرة ، فإذا فعلت ذلك وصلت ولايتك بولايته ، وولايته بولايتك» (4). وفي رواية أُخرى ذكر عليه السلام جملة من الحقوق فقال : « إنَّ من حقّ المؤمن على المؤمن : المودة له في صدره ، والمواساة له في ماله ، والخلف له في أهله ، والنصرة له على من ظلمه ، وان كان نافلة في المسلمين وكان غائباً أخذ له بنصيبه ، وإذا مات الزيارة في قبره ، وأن لا يظلمه ، وأن لايغشه ، وأن لا يخونه ، وأن لا يخذله ، وأن لا يكذب عليه ، وأن لا يقول له أفّ.. » (5). ومن الحقوق أن يناصح المؤمن غيره من المؤمنين ، قال الامام الصادق عليه السلام : « يجب للمؤمن على المؤمن أن يناصحه » (6). ومن الحقوق : صدق الحديث ، وأداء الأمانة ، والوفاء بالعهد ، وحسن الخلق ، والقرب من الناس ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « أقربكم مني غداً في الموقف أصدقكم للحديث ، وآداكم للأمانة ، وأوفاكم بالعهد ، وأحسنكم خلقاً ، وأقربكم من الناس » (7). ومن الحقوق تحكيم الأواصر المشتركة في العلاقات ، والتعامل من خلال الاُفق الواسع الذي يجمع الجميع في أُطر ونقاط مشتركة ، ونبذ جميع الأواصر الضيقة ، فحرّم الإسلام التعصب للعشيرة أو القومية ، ودعا إلى إزالة جميع المظاهر التي تؤدي إلى التعصب المقيت ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « ليس منّا من دعا إلى عصبية ، وليس منّا من قاتل على عصبية ، وليس منّا من مات على عصبية » (8). ومن أهم الحقوق إصلاح ذات البين ؛ لأنّه يؤدي إلى علاج كثير من الممارسات السلبية التي تفكّك أواصر الأخاء وتستأصل الوئام في أجوائه، لذا قال صلى الله عليه وآله وسلم : « إصلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة والصيام » (9). ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــ 1 ـ المحجة البيضاء 3 : 359. 2 ـ الكافي 2 : 117. 3 ـ الكافي 2 : 189. 4 ـ الكافي 2 : 169. 5 ـ الكافي 2 : 171. 6 ـ الكافي 2 : 208. 7 ـ تحف العقول : 32. 8 ـ كنز العمال 3 : 510 / 7657. 9 ـ ثواب الاعمال : 178. |
إعـــــــلان
تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.
المجتمع في الأحاديث الشريفة
تقليص
X
-
المجتمع في الأحاديث الشريفة
الكلمات الدلالية (Tags): لا يوجد
- اقتباس