إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

محبة الرسول واله صلى الله عليه وآله

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • محبة الرسول واله صلى الله عليه وآله

    محبة الرسول واله صلى الله عليه وآله
    إنّ محبَّة النبيّ وأهلِ بيته الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين ومودَّتهم من أُصول الاِسلام الّتي أكدَّ عليها القرآنُ والسُّنة، فقد قال القرآن الكريمُ في هذا الصَّدَد: ﴿قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم منَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِى سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ وَاللهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ(التوبة:24).

    وقال في آية أُخرى:﴿فالّذينَ آمَنُوا به وَعزَّرُوهُ ونَصَرُوهُ واتّبَعُوا النُّورَ الّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلئِكَ هُمُ المُفْلِحُون(الاَعراف:157).

    فَإنّ الله تعالى يَعُدُّ في هذه الآية أربع خصوصيات للمفلحين وهي
    1- الاِيمانُ بالنبي: (آمَنُوا به).
    2- تكريمهُ وتوقيره: (وعَزّرُوه).
    3- نصرهُ وتأييده: (ونَصَروه).
    4- إتّباعُ النور (القرآن) الذي أُنزِلَ معه: (واتّبَعَوا النّوُر الّذي أُنزِلَ مَعَهُ).

    ونظراً إلى أن "نصرةَ" النبيّ الاَكرم جاءَت في الخصيصة الثالثة لذا لا مناص من أنْ يكون المرادُ بلفظة "عَزّرُوه" في الخصيصة الثانية هو تكريمُ النبيّ الاَكرم صلى الله عليه وآله وسلم وتعظيمه ولاشك أنّ تعظيمه وتكريمه لا يختص بزمان حياته، كما أَنّ الاِيمان الذي ورد ذكره في الآية ليس محدوداً كذلك.

    وفي مجال لزوم محبّة أهل بيته ومودّتهم يكفي أنّ القرآن الكريم اعتبرها أجراً للرسالة (أي أنّه بمنزلة الاَجر لا الاَجر الواقعي)، إذ يقول تعالى:﴿قُلْ لا أسألكُمْ علَيه أجْراً إلاّ المودَّةَ فِي القربى(الشورى:23).

    إنّ الدعوة إلى محبّة النبيّ، ومودَّته والحث عليها لم يرد في القرآن الكريم وحده. بل جاء التأكيد عليها حتى في الاَحاديث الشريفة التي نذكر منها نموذجين على سبيل المثال لا الحصر:

    1- قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لا يُؤمِنُ أحدُكم حتى أكونَ أحبَّ إليه من وُلْدِهِ والناسِ أجمعين"1.

    2- وقال صلى الله عليه وآله وسلم في حديثٍ آخر: "ثلاثٌ مَن كُنَّ فيه، ذاقَ طَعمَ الاِيمانِ: مَنْ كانَ لا شيءَ أحبَّ إليه من الله ورسوله، وَمَنْ كان لئِن يُحَرق بالنّارِ أحبّ إليه من أن يرتدَّ عن دِينهِ، وَمَنْ كانَ يحبُّ لله ويُبْغِضُ لله"2.

    كما أنّ محبَّة أهلِ بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومودَّتهم جاءَ التأكيدُ والحثُّ عليها في الاَحاديث الشَرِيفة أيضاً ونود ذكر بعض تلك الاَحاديث على سبيل النموذج:

    1- قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لا يُؤمِنُ عَبْدٌ حَتّى أكونَ أحبَّ إليه من نَفْسِهِ وَتكونُ عِترتي أحبَّ إليه من عِترَتِهِ ويكون أهلي أحبَّ إليه من أَهْلِهِ"3.

    2- وقال صلى الله عليه وآله وسلم في حديثٍ آخر: "مَنْ أحبَّهُمْ أحَبَّهُ الله، ومَنْ أبْغَضَهُمْ أبَغْضَهُ اللهُ"4.

    إلى هنا تَعَرّفنا على أَدلّة هذا الاَصل (وهو لزوم محبّة النبيّ وعترتِهِ ومودّتهم) والآن ينطرح السؤالان التالِيان
    1- ما هي الثمرة الّتي تجنيها الاَُمّةُ من مودَّة النبيّ وعترته؟

    2- ما هي كيفيَّة مَودّةِ النبيّ وعترتهِ؟

    لابدّ في هذا المجال أن نذكرَ أنّ محبّة الاِنسانِ الفاضِل الكامِل ومودَّته توجب بنفسها صعودَ الاِنسان في مدارج الكمال، فإنَّ الاِنسان إذا أحبّ شخصاً من صميم قلبه سعى إلى التشبّه به في حركاته وسكناته، وتحصيل ما يُسرُّ ذلك الشخص في نفسه وذاته، وترك ما يؤذيه ويزعجه.

    ومن الواضح أنَّ وجودَ مثلَ هذه الروحيّة في الاِنسان توجب التحوّل فيه، وتبعَثُه على سلوكِ طريقِ الطاعة واجتنابِ طريقِ المعصيَة دائماً.

    إنّ الّذي يُظهرُ التعلُّقَ بأحدٍ ويتظاهر بمودته بينما يخالِفه في مقام العمل يفتقد المحبَّةَ الحقيقيّة.

    وقد نُسِب بيتان من الشِعر إلى الاِمام جعفر الصادق عليه السلام جاءت الاِشارة فيهما إلى هذه النقطة، إذ يقول:


    تعصي الاِلَه وأنتَ تُظْهِرُ حُبَّه هذا لَعْمري في الِفعالِ بَديعُ
    لَــو كانَ حُبُّكَ صادِقاً لاََطعتـهُ إنّ المحبَّ لِمَنْ يُحِبُّ مُطِيْع5




    والآن وبعد أن تَبَيَّن بعضُ ثمرات مودّةِ النبيّ وعترتِه يجب أن نشيرَ إلى أُسلوب إظهار تلك المودة.

    لاشك أنّ المقصودَ من "الحبّ" ليس هو الحبُّ الباطنيّ العاريّ عن أيّ عمل يناسبُه، بل المقصودُ هو المودّة التي تَظهَر آثارُها المناسبة على قول الاِنسان وفعله.

    ومن أحد الآثار البارزة لمحبّة النبيّ وآله الطاهرين هو اتّباعه العمليّ كما مرّت الاِشارة إلى ذلك، ولكن الحديث هنا هو عن الآثار الاَُخرى لهذه الحالة الباطنية، وتتمثل في كلّ ما يعدّه الناس من الاَقوالِ والاَفعال، علامةً للحبّ والمودّة تحتَ هذه القاعدة، شريطة أن يكون تكريم النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعملٍ مشروعٍ لا بعملٍ حرامٍ.

    وعلى هذا فإنّ تكريمَ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته: في كلّ زمانٍ، وبخاصة في مواليدهم أو وَفياتهم،يتحقّق بإظهار المودة لهم وإبراز التكريم لشَخصيّاتِهم.

    فالاِِحتفال بمواليدهم وإشعال المصابيح ونصب الاََعلام والرّايات الملونة، ونشر معالم الزينة، وإقامة مجالس تُعرَضُ فيها فضائلُ النبيّ أو أهل بيته يُعدّ آيةَ المودة وعلامة المحبّة لهم، وعلى هذا الاََساس كان تكريمُ النبي في يوم مولِدهِ سنّةً مستمرةً بين المسلمين.

    يقول القسطلاني في كتابه "المواهب اللدنيّة": ولا يزال أهل الاِسلامِ يَحتَفلون بشهر مولده عليه السلام، ويعملون الولائم، ويتصدّقون في لياليه بأنواع الصدقات، ويظهرون السرور، ويزيدون في المبرّات، ويعتنون بقراءة مولده الكريم، ويظهر عليهم من بركاتِه كل فضلٍ عميم6.

    إقامة مجالس العزاء
    من البيان السابق اتّضَحَت فلسفةُ وحكمةُ إقامة مجالس العزاء، والمآتم لاَئمةِ الدّين، لاَنّ إقامةَ مثل هذه المجالس من أجل ذكر مصائبهم وبيان ما جرى عليهم من المحَن في سبيل الدين، هو نوعٌ من أَنواع إظهار المودَّة والمحبَّة لهم. فإذا ما بكى يعقوبُ لِفِراق وَلَدِهِ العزيز "يوسف" سنيناً عديدة، وذرف دموعاً كثيرة7. فإنّ ذلك نابعٌ مِن محبته وعلاقتِهِ القَلبيّة بابنِهِ.

    وإذا ما بكى محبُّو أهلِ البيت في مُصابهم بسبب علاقتهم القلبيّة بهم، وحبّهم العميق لهم، فإنّهم يتّبعون في هذا العمل النبيّ يعقوبَ عليه السلام.

    إنّ إقامة مجلس في مصاب الاَحبّة والبكاء لفقدانهم هي في الاَساس عملٌ أسَّسَهُ رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم، وذلك عندما سمع نساء الانصار يبكين قتلاهن في معركة "أحُد"، فقال وهو يَذكر عمّه "حمزة" سيد الشهداء: "وَلكِنَّ حمزة لا بواكي له"8.

    وعندما عرف أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم برغبته في إقامة مجلس العزاء لعمّه "حمزة" أمروا أزواجهم بأن يبكين على قتلاهم الشهداء وعلى "حمزة" ويقمن مجلس العزاء له، فأُقيم مجلسٌ لذلك الغرض فلمّا بلغ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما فعلَهُ الاَنصارُ وأزواجهم شكَرَهُم على ذلك، ودعا في حقّهم قائلاً: "رَحم اللهُ الاَنصار"، ثم طلب من أصحابه من الاَنصار بأن يأمُروا أزواجهنّ بأن يَعدن إلى منازِلِهنّ9.
    وثمة روايات عديدة تكاد تبلغ حدّ التواتر تعرب عن أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بكى على الحسين سبطه الاَصغر لما يلمَّ به وبأهله وأنصاره على أيدي الفئة الباغية، في وقعة كربلاء10.

    كما رثاه وبكاه طائفة من علماء الاِسلام من سنة وشيعة وانشأوا في مصابه القصائد المطوّلة.

    فهذا الاِمام الشافعي يقول
    تأوّب قلبي فالفؤاد كئيب وأرّق نومي فالسهاد غريب

    إلى أن يقول
    فمن مُبلغٌ عَنّي الحسينَ رسالةً وإن كَـرِهَتْها أنفــسٌ وقلــوبُ
    ذَبيحٌ بـلاَ جُــــرمٍ كــأنَّ قميصَه صَبِيغ بماءِ الاَُرجوان خضيبُ11




    هذا مضافاً إلى أنّ لاِقامة المآتم ومجالس العزاء للشهداء في سبيل الحق فلسفة هامّة أُخرى وهي أنّ إحياء ذكراهم يوجب الحفاظ على عقيدتهم التي قُتلوا من أجلها... تلك العقيدة التي يتكوّن جوهرُها من التفاني في سبيل الدين وعدم الخضوع للذُلّ، والهوان وهم يردّدون شعار "الموت في عزٍ خيرٌ من الحَياة في الذلّ" ويجدّدون في كلّ يوم عاشوراء هذا المنطق العظيم ويتعلم الشعوب والاَُمم دروساً حيويّة من نهضتهم وثورتهم الكبرى.







    sigpic
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X