(1)
مقالات
حقائق الشهادة لوصي الرسالة موجز بحث في علم الحقائق
أ د. وليد سعيد البياتي
مقدمة في حقيقة الامام علي عليه السلام:
أين نبحث عن الامام علي (ع)؟ هل نبحث عنه في الملأ الأعلىأم في حقيقة عالم التكوين؟ أم تراه وجوداً ماثلاً في حقيقة عالم الوجود؟ ألم يكن حاضراًفي عالم الذر: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْوَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ﴾ (1) وعالم الغيب كما هوفي عالم الشهادة، إليس هو الاول في كل لفظ للمؤمنين؟ وهو الاول في كل الوصيين والشهداءوالصالحين؟ أليس هو صاحب سورة الدهر (الانسان): ﴿ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰحُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّـهِلا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا ﴾ (2). وهو نفس رسول الله في آية المباهلة:﴿ فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْانَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللَّـهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ﴾ (3). أليس هوالاول في آية التطهير: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّـهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَالْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾ (4) فالامام علي (ع) كان حاضراً في جميع مفرداتحركة التاريخ، فلن يكون للتاريخ معنى ولا قيمة دون حضور الامام علي (ع)، فهؤلاء الذينأرادوا أن يخرجوه من حقيقة الواقع فشلوا، لان الحقيقة لا تتم إلا بالعلم وعلي (ع) هوسيد العلم. بل هو حقيقة العلم، فليس العلم في معرفة ظواهر الاشياء وتأثيراتها، ولكنحقيقة العلم تكمن في معرفة مبدأ الاشياء وأصولها وكيفية تعبيرها عن ذواتها لتظهر بالمظهرالذي تراه أبصارنا وتحسه حواسنا، فيمكن لنا رؤيته ويسهل علينا إدراكه.
فعن عبد الله بن العباس (رضي الله عنه): " لما نزلتهذه الاية ﴿ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ ﴾ (5) قام رجلان(6)فقالا يارسول الله، أهي التوراة؟ قال: لا. قالا: فهو الانجيل؟ قال: لا. قالا فهو القرآن؟قال: لا. فأقبل على علي (أمير المؤمنين) (ع) فقال: هو هذا الذي أحصى الله فيه علم كلشيء ". (7)
إن حقيقة الامام علي (ع) تكمن في قوله: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُاللَّـهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَالزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَن يَتَوَلَّ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَآمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّـهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ﴾. (8)
فهذا الارتباط بين الامام علي (ع) وبين الله ورسوله تعكسحقيقة الايمان ولهذا قال: ﴿ وَمَن يَتَوَلَّ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوافَإِنَّ حِزْبَ اللَّـهِ هُمُ الْغَالِبُونَ﴾ فالاتباع والتولي إذن مرتبط بهذا الاختيارالالهي دون غيره.
علي (ع) وحقيقة الموت:
في تلك المساحة اللامتناهية بين الموت والحياة، يحضر الوجود،وإنما قلت (اللامتناهية) لان الانسان تحكمه علاقات لامتناهية خلال عالم الوجود أولهاعلاقته بالله، ومنها علاقته بذاته وبالمثيل من بني جنسه وبالمجتمع وهكذا.
في هذه المساحة وبمفهوم التكوين والوجود والولاية والعصمةوالمعرفة وما لا نهاية من المفاهيم يكون حضور الامام علي (ع) في عالم الوجود، فعندماتكون الولادة بين جدران البيت الحرام، تتحقق قيمة الوجود، إن الانبياء والرسل والاوصياء(ع) هم المثل العليا التي تتجاوز مفردات المعايير لانهم التعبير الاصيل عن قضية خلافةالانسان على الارض كما ارادها الحق سبحانه.
فإذا كان الرسول الخاتم (صلوات الله عليه وآله) هو المثالالاعلى للتراث النبوي والرسالي منذ التكوين الاول، فإن الامام علي (ع) فان هو مثالالوصاية منذ التكوين الاول، إلا ترى كيف قرن الله تعالى نفس الرسالة بنفس الوصاية،فقال (انفسنا وأنفسكم).
وقد وجدنا أن العلاقة بين الموت والحياة علاقة تكاملية لايمكن من خلالها فصل احدهما عن الآخر إذ لا موت دون أن يكون هناك حياة، ولا حياة دونأن يكون هناك موت، فان هذا التكامل إنما يعكس طبيعة كل منهما في عالمي التكوين والوجود،لتتحقق الغايات التي خلقا من أجلها كما قال عزوجل:
﴿ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْأَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ ﴾. (9)
وإذا كان الشهداء (أحياء عند ربهم يرزقون)، فإن هذا تعبيريدل على إن في الموت حياة، وفي الحياة موت، في مسيرة المعرفة الالهية. فكيف إذا كانالشهداء أنبياءً ورسلاً وأوصياء؟
إن شهادة الامام علي عليه السلام لا تمثل إنقطاعه عن عالمالوجود، فحضوره هنا يبقى ثابتاً عندما ندرك ان قيم ومعايير عالم الملكوت أرقى وأعظممن قيم ومعايير عالم الوجود، فحقيقة عالم الوجود تظهر في حقيقة عالم الملكوت وليس العكس،إلا ترى كيف عبر الخالق عن حقيقة الحياة في عالم الملكوت فقال عنها: ﴿ وَمَا هَـٰذِهِالْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُلَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾ . (10)
فالشهادة هي حقيقة الموت لأنها تفصح عن أرقى قيمه ومعانيه،و(الحيوان) هي حقيقة الحياة لكونها تمثل الحقيقة التي ارادها الله لعباده المخلصينأن يحيوها، فالحياة الدنيا ما هي إلا مظهر من مظاهر الحياة الحيوان (حياة الاخرة)،التي تتجلى في الاخرى بحقيقة مظهرها. من أجل ذلك حدث التلاقي بين حقيقتي الموت والحياةفي شهادة الامام علي عليه السلام.
حضور عليٍ (ع) في الدارَين:
كان حضوره عليه السلام في الحياة الدنيا ليكون مع الرسولالخاتم شاهداً على مبدأ الحياة، كما ليكون هادياً للأمة: ﴿ إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌوَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ﴾. (11)
إن حضوره (عليه السلام) في الدارين، إنما كان ليكشف اللهلنا من خلاله حقيقتهما، فهو كمال العبادة والعلم والحكمة والمعرفة والزهد والصدق والجهاد،وفيه تكاملت كل الجوانب العليا في الصفات البشرية، والمعاني الانسانية، فكان المثلالاعلى والحجة التامة على العباد، وكان في الحياة الدنيا القرآن الناطق، وخزانة علمالله، فقال تعالى فيه: ﴿ ومن عنده علم الكتاب﴾ . (12)
وأما في الاخرة، كمال الشهداء والصديقين، فالانبياء والرسلوالاوصياء هم في الحياة الدنيا كما هم في الاخرة، وما مظاهرهم الدنيوية إلا لضروراتعالم الوجود، الذي لا يمكن أن يظهروا لنا به بحقيقتهم في عالم التكوين، وما ذاك إلالقصور حواسنا عن إدراك كنههم. فهم يحيون حقيقة الوجود كما كانوا في حقيقة التكوين ومنأجل هذا قال الرسول الخاتم (صلوات الله عليه وآله) للأمام علي عليه السلام: "ياعلي لا يعرف الله إلا أنا وأنت، ولا يعرفني، إلا الله وأنت، ولايعرفك، إلا الله وأنا". فهذه المعرفة لا تكون إلا بكمال العلم وبحقيقته.
لقد تشرفت الحياة الدنيا بانه عاش فيها، فكانت كاللباس الذييتشرف بلابسه ولا يشرفه، لانه في الذروة القصوى ينحدر عنه السيل، ولا يرقى اليه الطير،إلا ترى كيف أنه أغنى الحياة ولم تغنيه، فكابدها ولم تكابده، إذ كانت أهون عندة عفطةعنز، إلا أن يقيم عدلاً. فليله في مناجاة الله، ونهاره في طاعة الله، لا يفتر لسانهعن ذكره الله، لأن الإيمان كان قد خالط لحمه ودمه، كما خالط لحم رسول الله ودمه، فهووصيه وأبو ولده، وصاحب حوضه، منتهى ما تهفو اليه قلوب العارفين بحقة، المدركين لفضله،الناصرين له.
هذا من فيض سيد الوصيين ويعسوب الدين وقائد الغر المحجلين،باب معرفة الله، وخازن علم الجبار، أمير المؤمنين الامام علي بن أبي طالب (عليهما السلام).
فسلام عليه يوم ولد في البيت الحرام ولا مثيل في ولادته،وسلام عليه يوم أستشهد بسيف الغدر فتعلمنا من شهادته حقيقة الموت، وسلام عليه يوم يبعثحياً.
.........................................
•1- الاعراف: 172.
•2- الانسان: 8-9.
•3- آل عمران: 61.
•4- الاحزاب: 33.
•5- يس: 12
•6- في معاني الاخبار:95 باب معنى الامام المبين حديث 1 وفيه" قام ابو بكر وعمر .... ".
•7- البرسي، مشارق انوار اليقين: 104. عن أمالي الصدوق:170 المجلس 32 حديث 5. و تأويل الآيات 477 سورة يس، والصراط المستقيم: 1/ 270 الباب8.
•8- المائدة: 55-56.
•9- الملك: 2.
•10- العنكبوت:64.
•11- الرعد: 7.
•12- الرعد:43.
&&&
(2)
شهيد الفجر الامام علي_ع_
د . حيدر الجبوري
صوتٌ ترددَ بين البوحِ والقلمِ
يخبوعلى ضرمٍ يشكو يراع فمي
يبعثرُ النفسَ أنّى كان مرشفها
أو ناصبت جهدها في زحمة العدمِ
ويحرق اللحظَ حتى شكّ مبصرهُ
أن فاته رمقٌ او غام في ظُلمِ
ويعجم الحرف حتى ظن مخرسه
انيمتريه خنا او عي في الكلمِ
مابين طرفة عين وانتباهتها
مابين لاءٍ لها أو قطّ في نعمِ
أو نازع اللوح فيما جفت الصحفُ
أو شكّ في (نبتهل) والنون والقلمِ
لما اُفق سكرةً والصحو في وسنٍ
مداديَ الشعرُ حتى حال عنه دمي
ماحمرٌةٌ سُكبت أو هامةٌ فٌلقت
لكنه قلمي يشكو فعال ذمي
الله اي دمٍ قد ضجّ صائحهُ
حتى استحال دما مستفهماكلمي
ياأيها الفجر في صومي وصومعتي
احللت سفك دمي في الاشهر الحرمِ
&&&
(3)
الشهادة مرثية لشهادة الامام علي (ع)
ا بواب الليل
اغلقها السكون
فتدلت عناقيد
الضوء
لترسم الفجر
بشفقه المطرز بالالوان
صدحت في الافق
تكبيرات الفجر
من محراب التقوى
عابد فطري
انتصب كالنخلة
يدعو ربه ويستغفره
وتسبيحات
يتلوها في كل الصلوات
والملائكة تدور حوله
ان وعد الله حق ))
الناسك المتعبد
وجه الله على الارض
كفه فارغة
بيضاء كالثلج
تملئها العدالة
وتمر على الوجوه الفقيرة
لتعطرها ببركات لاتنقطع
ياجبلا تكسرت على صفحاته الريح
وبقى شامخا
ترنو اليه الشمس باستحياء
حتى غدا قلعة من كبرياء
وشجاعة يمر عليها
الاعداء صاغرين
لينحت على صخرة
الحكم
مآثرعبدت الدروب
وطرزتها بالعدالة
الليلة...
هوى فيها القمر
ووشحته الدماء
انتفض المحراب قائما
يتلو صلواته ويضمد الجرح
النازف حد الموت
من اقصى السماء..
تردد الصوت
تحمله الملائكة
لتغطي به الجسد الناحل .....
&&&
(4)
(فزت ورب الكعبة)
علي التميمي
عندما تخضب جسد ألامام علي بالجراح في معركة " أحد" وزاره رسول الله "ص" يتفقد حاله , وكانت به ثمانون جراحة , فقال لهرسول الله "ص" كيف حالك ياعلي ؟
فقال : يارسول الله : لو حملت على ألاكف ماتركت نصرتك ؟
ثم قال لرسول الله : كنت أتمنى الشهادة يارسول الله ؟
فقال رسول الله لعلي بن أبي طالب : أنها ورائك ؟
وعندما جرح ألامام علي بن أبي طالب عليه السلام بسيف عبدالرحمن بن ملجم المسموم نتيجة غدر له قصة معروفة في التاريخ وتاريخ جرح ألامام في مسجدالكوفة وهو ساجد يصلي في يوم 19| شهر رمضان المبارك , ثم كانت شهادته يوم 21| من شهررمضان المبارك وهو من أيام وليالي القدر المبارك , لذلك قال الكلمة المشهورة : -
" فزت ورب الكعبة "
ثم عندما أجتمع حوله أبناؤه وأهل بيته قال لهم :-
" أوصيكم بكتاب الله لاتتركوه وراء ظهوركم , وسنة رسولالله عضوا عليها بنواجذكم "
ثم قال لهم :-
" كم أضطردت ألايام أبحث عن مكنون هذا ألامر , فأبىالله ألا أخفائه : هيهات سر مكنون , ثم قال لهم : أياكم والمثلة ولو بالكلب العقور, فأن أردتم القصاص فأنما هي ضربة بضربة ؟
وأذا قمت من ضربتي هذه فأنا وكيل به أي بالجاني وهو عبد الرحمنبن ملجم .
تمر علينا هذه ألايام ذكرى أستشهاد ألامام علي بن أبي طالبفي 21| من شهر رمضان المبارك , وذلك نتيجة تضافر جهود الغدر والخيانة من الذين وترهمألامام عليه السلام بسيفه في سبيل الله حيث أن القتال كان في المشروع ألاسلامي هو علىالشكل ألاتي:-
1- أن القتال هولدفع مظلمة
2- وأن القتال هولآسترجاع الحقوق
3- وأن القتال هولكبح جماح المستكبرين والمفسدين والطغاة
4- وأن المسلمينلايبدأون أحدا بالقتال ألا أن يكون هو من بدأهم أولا
ولذلك كان رسول الله "ص" يقول : -
" أعطيت الشفاعة , ونصرت بالرعب "
والرعب متضمن للقتال المشرع من قبل السماء , قال تعالى:-
1- وقاتلوا في سبيلالله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا أن الله لايحب المعتدين – 190- البقرة – وهكذا نرىأن الله الذي شرع القتال عند الضرورة , فأنه لايحب لآحد من المسلمين أن يكون معتديابحجة السماح بالقتال , فللقتال في ألاسلام موازين وأسس أخلاقية تراعى فيها حرمة الجميعويراعى فيها حقوق الجميع حتى الخصوم .
2- وقاتلوهم حتىلاتكون فتنة ويكون الدين للله فأن أنتهوا فلا عدوان ألا على الظالمين – 193- البقرة– وهكذا نرى هنا أن القتال هو لدفع الفتنة بين الناس وسنرى أن ألاسلام يعتبر الفتنةأشد من القتل وذلك كما في ألاية -191 من سورة البقرة حيث قال تعالى :" وأقتلوهمحيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتنة أشد من القتل " ولذلك نرى اليومأعمال ألارهاب في التفرقة الطائفية والتخريب والدمار وتلوث النفوس بالجريمة والهبوطألاخلاقي مثل أغتصاب النساء , وذبح ألابرياء , هو أشد من القتل , وهذا ألامر أصبح الناسيعرفونه في العراق وفي سورية وبقية البلاد العربية وألاسلامية
3- كتب عليكم القتالوهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم واللهيعلم وأنتم لاتعلمون – 216- البقرة –
4- يسئلونك عن الشهرالحرام قتال فيه , قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وأخراجأهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل ولايزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكمأن أستطاعوا ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون– 217- البقرة – وهنا رأينا أن أخراج الناس عدوانا من المسجد الحرام هو أكبر من القتلثم هو فتنة والفتنة هي أكبر من القتل , وتهجير الناس اليوم من بيوتهم وتخريبها بأيديالعصابات ألارهابية كما يحدث في العراق وفي سورية هو فتنة والفتنة أشد وأكبر من القتل.
5- ألم تر الى الملآمن بني أسرائيل من بعد موسى أذ قالوا لنبي لهم أبعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله قالهل عسيتم أن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا , قالوا وما لنا ألا نقاتل في سبيل اللهوقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا فلما كتب عليهم القتال تولوا ألا قليلا منهم والله عليمبالظالمين – 246- البقرة- فألاخراج القسري من الديار هو من ألاسباب الشرعية الموجبةلقتال العدو الذي قام بذلك .
6- وأذ غدوت من أهلكتبوء المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم – أل عمران – 121-
هذه بعض الصور عن مشرعية القتال الذي تحدثت عنه ألايات القرأنيةمنه من وقع أيام موسى عليه السلام أو أيام دواود عليه السلام , ومنه من وقع أضطراراأيام رسول الله "ص" وشهدها ألامام علي بن أبي طالب عليه السلام الذي كانمدافعا عن ألاسلام عبر الوسائل التالية :-
1- الدفاع بالسيف: وهو الجهاد باليد الذي أعتبره ألاسلام من أولى مصاديق العمل على نهي المنكر, ومنالمعارك التي خاضها وقهر بها فرسان الكفر والشرك هي :-
أ- محاولة أبيسفيان منعه من أصطحاب عائلة رسول الله بالهجرة الى المدينة , حيث أرسل أبو سفيان خلفهعبدا له ليؤخر مسيرة علي حتى يلحق بهم أبو سفيان ويمنعهم من الهجرة الى المدينة , فماكان من علي بن أبي طالب ألا أن قتل ذلك العبد بعد أن أعترض طريقه , ولما وصل أبو سفيانوعلم بقتل العبد قال لعلي بن أبي طالب : لم تأخذ بنات عمنا ؟ فقال له علي بن أبي طالب: خولني من هو أحق بهن منك ؟
ب- بلائهبلاءا حسنا في معركة " بدر " في السنة الثالثة للهجرة حيث قتل تسعة من قادةكفار قريش وهم " طلحة ثم قتل أبنه سعد بن طلحة لما أخذ الراية ثم قتل مسافع لماأخذ الراية , ثم أخذها عبد لبني عبد الدارفقتله علي بن أبي طالب حتى وصل عدد من قتل من قادتهم وفرسانهم تسعة , ثم أخذت رايتهمأمرأة من بني كنانة .
ت- بلائهيوم معركة أحد التي وقعت الهزيمة بجماعة المسلمين نتيجة عدم ألتزام النفر الذين كانوامع عبيد الله بن جبير الذي وضعه رسول الله على رأس خمسين مقاتلا وقال له : لاتبرحوامكانكم حتى لو وصلت قريش الى منازلها في مكة , ولكن البعض منهم حدثتهم نفوسهم بالغنائموبدأوا يتسللون واحدا واحدا حتى لم يبق مع عبد الله بن جبي سوى أثنا عشر مقاتلا , وكانأبو سفيان قد أمر خالد بن الوليد على رأس مائتين من رجال قريش وقال له أذا رأيت المسلمينأنشغلوا بالغنائم فمل عليهم من الخلف وهكذا كان فعندما تسلل جماعة عبد الله بن جبيرلآخذ الغنائم هجم خالد مع جماعته على من تبقى من جماعة عبد الله بن جبير وقتلوهم وأجهزواعلى بقية المسلمين حتى شجت جبهة رسول الله "ص" وهو يقاتل ويدفع الكفار عنحياض المسلمين , وصمد مع رسول الله علي بن أبي طالب ونفر قليل وقتل يومها حمزة عم النبيبسهم من وحشي الذي كلفته هند زوج معاوية وقامت بأكل كبد حمزة لحقدها لذلك عرفت بأكلةألاكباد , وقد أصيب ألامام علي في معركة أحد بثمانين جراحة كما قالت النسوة الاتي قمنبمداواة جراحه .
ث- ثم موقفهالمشرف من مزاعم أبي سفيان الذي توعد بعد معركة أحد ليقتلن محمدا ويسبي نساء المسلمين, فما كان من علي بن أبي طالب عليه السلام ألا أن أخذ سرية من المهاجرين وألانصار وهوبتلك الحلة من الجراح التي تدمي جسده الشريف بعد معركة أحد , وتوجه الى منطقة حمراءألاسد لملاقاة أبي سفيان , فألتقى أبو سفيان بالشاعر " معد الخزاعي " فقالله ما وراءك ؟ فقال شعرا:-
كادت تهد من ألاصوات راحلتي
أذ سالت ألارض بالجرد البهاليل ؟
فعرف أبوسفيان أن عليا بن أبي طالب على رأس القوم وهو يعرفشجاعة وبطولة وبأس علي الذي لايرد وجهه عن السيف , فرجع هو وجماعته ولم يلاقوا عليا؟ ولهذا نزلت ألاية القرأنية الكريمة بحق علي كما أجمع الكثير من المفسرين على ذلك: قال تعالى :-
" وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهمفي سبيل الله وما ضعفوا وما أستكانوا والله يحب الصابرين – 146- أل عمران –
ومن ألايات التي نزلت بحق ألامام علي عليه السلام وهي كثيرةأحصاها المفسرون في أسباب النزول فكانت بالمئات وقد كتبت أنا كتابا عنوانه " ألامامعلي في القرأن الكريم " جمعت فيه " 220 " أية قرأنية كريمة مباركة نزلتمباشرة في علي عليه السلام ولم أسجل ألايات التي أعتبروها المفسرون بأنها نازلة بشكلغير مباشر بعلي فمثلا بعض المفسرين ذهبوا الى أن كل أية فيها " يا أيها الذينأمنوا " يقصد فيها ألامام علي لآنه كان في طليعة المؤمنين , قال تعالى:"
الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهمعند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون – 274 – البقرة – يا أيها الذين أمنوا أطيعواالله وأطيعوا الرسول وأولي ألامر منكم فأن تنازعتم في شيئ فردوه الى الله والرسول أنكنتم تؤمنون بالله واليوم ألاخر ذلك خير وأحسن تأويلا – 59- النساء .
أنما وليكم الله ورسوله والذين أمنوا الذين يقيمون الصلاةويؤتون الزكاة وهم راكعون – 55- المائدة – وقد تبث ا، الذي أدى الزكاة وهو راكع هوألامام علي عليه السلام
أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن أمن بالله واليومألاخر وجاهد في سبيل الله لايستون عند الله والله لايهدي القوم الظالمين – 19- التوبة– وهذه من ألايات التي نزلت في علي بن أبي طالب فهو الذي أمن بالله واليوم ألاخر وجاهدفي سبيل الله وقد بينا المواطن التي جاهد فيها بسيفه وكل مايملك في سبيل الله حتى قيلأن شعار " لاسيف ألا ذو الفقار ولا فتى ألا علي قد نادى به جبرئيل يوم بدر ولميعرف له قائل من الناس .
ج-غزوة خيبر : وهو حصن لليهود كانوا قد تحصنوا فيه وهم يشنونالدسائس , ويحرضون على حرب رسول الله , وقد أرسل اليهم رسول الله كتيبتين بقيادة كلمن أبو بكر بن قحافة صاحب رسول الله "ص" في الهجرة , وعمر بن الخطاب , ولميتمكنا من فتح حصن خيبر لليهود حتى حزن المسلمون من ذلك وأصابهم الوجوم , ثم قال رسولالله "ص" : لآعطي الراية غدا لمن يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ؟ وبقيالسلمون ليلتهم يحلمون من يكون هذا ؟ وعند الصباح نادى رسول الله على علي بن أبي طالبوقال له : خذ الراية ولا تلتفت ؟ وعندما أمتطى جواده أراد أن يسأل رسول الله الى أيحد يقاتلهم , ولذلك أرجع فرسه الى الخلف ألتزاما بقول رسول الله الذي قال له : خذ الرايةولا تلتفت ؟ فكان عليه السلام مصداقا للآلتزام بطاعة رسول الله في كل شيئ , فقال لهرسول الله لما رأه يرجع فرسه الى الخلف : مابك ياعلي ؟ قال يارسول الله الى أي حد أقاتلهم؟ قال "ص" : حتى يشهدوا أن لاأله ألا ألله وأن محمدا رسول الله ؟
ح-معركة الخندق : حيث قتل عمرو بن ود العامري أشهر فرسانالعرب , والذي لم يقو أحد على منازلته ألا علي بن أبي طالب , وعندما قتله علي بن أبيطالب قالت أخت عمرو بن ود العامري : لو أن قاتله غير الذي قتله , لبكيت عليه طول دهري؟
خ- مبيته في فراش النبي عند هجرة النبي سرا الى المدينةخشية من كفار قريش الذين قرروا قتل النبي من قبل كل القبائل حتى يضيع دمه بينهم , فأمررسول الله "ص" عليا أن ينام في تلك الليلة في فراش النبي تمويها حتى يظلواينتظروا الصباح ليهجموا على رسول الله , ولما وجدوا عليا في فراشه أسقط بأيديهم وأستطاع رسول الله "ص" الخروج من مكة, وهذه من المواقف الفريدة التي تميز بها علي بن أبي طالب في الدفاع عن رسول الله"ص" فهو الفدائي ألاول لرسول الله "ص" بلغة اليوم .
2- الدفاع بالفقهوالفكر والبيان : وهو الجهاد باللسان , فقد كان ألامام علي عليه السلام أفقه أصحابرسول الله "ص" حيث قال عنه رسول الله "ص" " علي أقضاكم" وكان عمر بن الخطاب يقول : لا أبقاني الله لمسألة ليس لها أبو الحسن "وبوجوده قال أبو بكر عندما ولي الخلافة : لقد وليت عليكم ولست بخيركم " وكان يقصدألامام علي عليه السلام فهو ألافقه وألاعلم وألاكثر حضورا في معارك ألاسلام وفي ميادينالمناظرة والفتوى
3- وللامام مواقفعلمية فهو من قام بالتجارب العلمية التالية قبل عصر العلوم وألاكتشافات التي ظهرت فيأوربا ومن تلك التجارب :-
أ- تجارب الكيمياءالحياتية : حيث أدعت أمرأة على أحدهم ووضعت زلال البض على ثوبها , وعندما تقدمت بالشكوىالى ألامام علي أمر أن يسكب الماء المغلي على الثوب وقال لهم أن جمد الزلال فقد بطلتدعواها وأن لم يجمد ننظرر في ألامر ولما جمد الزلال عرف أنه بياض البيض وليس المادةالمنوية للرجل التي لاتجمد بالماء المغلي
ب- تجارب التحليل النفسي : في الحادثة التي وقعت بين أمرأتينعلى طفل كل تدعي بأنه أبنها ؟ ولما أمر ألامام بأن يقطع رأس الطفل في محاولة لآكتشافمن الصادقة في أمومتها , سقطت ألام الحقيقة على الطفل قائلة أقتلني قبله فعرف أنهاأمه الحقيقية ؟
ت- تجارب الفيزياء فيما يعرف اليوم بقاعدة أرخميس التي تقولوزن الماء المزاح يساوي وزن الجسم الغاطس , وألامام قام بهذه التجربة قبل معرفتها منقبل الناس وذلك عندما نذرت أمرأة وزنا من التمر يعادل وزن الفيل فأحتارزا بتنفيذ نذرهاوعندما سألوا ألامام علي عليه السلام قال لهم : ضعوا سفينة في الماء وضعوا فيها فيلاثم أخرجوا الفيل وأملؤها تمرا حتى يصل الماء الى ما وصل اليه عندما كان الفيل في السفينفذلك هو وزن الفيل ؟
ثم أن ألامام هو أول من وضع ألابجدية وتنقيط الحروف وأعرابالكلمة وعلم ذلك لآبي ألاسود الدوئلي ؟
هذا هو ألامام علي بن أبي طالب , وهذه هي شخصيته الموشاةبالعلم والفطنة والشجاعة والكرم مع وجود النصوص التي تثبت أمامته وعصمته التي تدل عليهاحياته وسلوكه , فهل لنا أن نتمثل حياة هذا ألامام لنعالج من خلالها أخفاقاتنا في السياسةوألاجتماع وهو من قال : أهل البيت هم عيش العلم وموت الجهل ؟
مقالات
حقائق الشهادة لوصي الرسالة موجز بحث في علم الحقائق
أ د. وليد سعيد البياتي
مقدمة في حقيقة الامام علي عليه السلام:
أين نبحث عن الامام علي (ع)؟ هل نبحث عنه في الملأ الأعلىأم في حقيقة عالم التكوين؟ أم تراه وجوداً ماثلاً في حقيقة عالم الوجود؟ ألم يكن حاضراًفي عالم الذر: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْوَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ﴾ (1) وعالم الغيب كما هوفي عالم الشهادة، إليس هو الاول في كل لفظ للمؤمنين؟ وهو الاول في كل الوصيين والشهداءوالصالحين؟ أليس هو صاحب سورة الدهر (الانسان): ﴿ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰحُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّـهِلا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا ﴾ (2). وهو نفس رسول الله في آية المباهلة:﴿ فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْانَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللَّـهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ﴾ (3). أليس هوالاول في آية التطهير: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّـهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَالْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾ (4) فالامام علي (ع) كان حاضراً في جميع مفرداتحركة التاريخ، فلن يكون للتاريخ معنى ولا قيمة دون حضور الامام علي (ع)، فهؤلاء الذينأرادوا أن يخرجوه من حقيقة الواقع فشلوا، لان الحقيقة لا تتم إلا بالعلم وعلي (ع) هوسيد العلم. بل هو حقيقة العلم، فليس العلم في معرفة ظواهر الاشياء وتأثيراتها، ولكنحقيقة العلم تكمن في معرفة مبدأ الاشياء وأصولها وكيفية تعبيرها عن ذواتها لتظهر بالمظهرالذي تراه أبصارنا وتحسه حواسنا، فيمكن لنا رؤيته ويسهل علينا إدراكه.
فعن عبد الله بن العباس (رضي الله عنه): " لما نزلتهذه الاية ﴿ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ ﴾ (5) قام رجلان(6)فقالا يارسول الله، أهي التوراة؟ قال: لا. قالا: فهو الانجيل؟ قال: لا. قالا فهو القرآن؟قال: لا. فأقبل على علي (أمير المؤمنين) (ع) فقال: هو هذا الذي أحصى الله فيه علم كلشيء ". (7)
إن حقيقة الامام علي (ع) تكمن في قوله: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُاللَّـهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَالزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَن يَتَوَلَّ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَآمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّـهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ﴾. (8)
فهذا الارتباط بين الامام علي (ع) وبين الله ورسوله تعكسحقيقة الايمان ولهذا قال: ﴿ وَمَن يَتَوَلَّ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوافَإِنَّ حِزْبَ اللَّـهِ هُمُ الْغَالِبُونَ﴾ فالاتباع والتولي إذن مرتبط بهذا الاختيارالالهي دون غيره.
علي (ع) وحقيقة الموت:
في تلك المساحة اللامتناهية بين الموت والحياة، يحضر الوجود،وإنما قلت (اللامتناهية) لان الانسان تحكمه علاقات لامتناهية خلال عالم الوجود أولهاعلاقته بالله، ومنها علاقته بذاته وبالمثيل من بني جنسه وبالمجتمع وهكذا.
في هذه المساحة وبمفهوم التكوين والوجود والولاية والعصمةوالمعرفة وما لا نهاية من المفاهيم يكون حضور الامام علي (ع) في عالم الوجود، فعندماتكون الولادة بين جدران البيت الحرام، تتحقق قيمة الوجود، إن الانبياء والرسل والاوصياء(ع) هم المثل العليا التي تتجاوز مفردات المعايير لانهم التعبير الاصيل عن قضية خلافةالانسان على الارض كما ارادها الحق سبحانه.
فإذا كان الرسول الخاتم (صلوات الله عليه وآله) هو المثالالاعلى للتراث النبوي والرسالي منذ التكوين الاول، فإن الامام علي (ع) فان هو مثالالوصاية منذ التكوين الاول، إلا ترى كيف قرن الله تعالى نفس الرسالة بنفس الوصاية،فقال (انفسنا وأنفسكم).
وقد وجدنا أن العلاقة بين الموت والحياة علاقة تكاملية لايمكن من خلالها فصل احدهما عن الآخر إذ لا موت دون أن يكون هناك حياة، ولا حياة دونأن يكون هناك موت، فان هذا التكامل إنما يعكس طبيعة كل منهما في عالمي التكوين والوجود،لتتحقق الغايات التي خلقا من أجلها كما قال عزوجل:
﴿ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْأَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ ﴾. (9)
وإذا كان الشهداء (أحياء عند ربهم يرزقون)، فإن هذا تعبيريدل على إن في الموت حياة، وفي الحياة موت، في مسيرة المعرفة الالهية. فكيف إذا كانالشهداء أنبياءً ورسلاً وأوصياء؟
إن شهادة الامام علي عليه السلام لا تمثل إنقطاعه عن عالمالوجود، فحضوره هنا يبقى ثابتاً عندما ندرك ان قيم ومعايير عالم الملكوت أرقى وأعظممن قيم ومعايير عالم الوجود، فحقيقة عالم الوجود تظهر في حقيقة عالم الملكوت وليس العكس،إلا ترى كيف عبر الخالق عن حقيقة الحياة في عالم الملكوت فقال عنها: ﴿ وَمَا هَـٰذِهِالْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُلَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾ . (10)
فالشهادة هي حقيقة الموت لأنها تفصح عن أرقى قيمه ومعانيه،و(الحيوان) هي حقيقة الحياة لكونها تمثل الحقيقة التي ارادها الله لعباده المخلصينأن يحيوها، فالحياة الدنيا ما هي إلا مظهر من مظاهر الحياة الحيوان (حياة الاخرة)،التي تتجلى في الاخرى بحقيقة مظهرها. من أجل ذلك حدث التلاقي بين حقيقتي الموت والحياةفي شهادة الامام علي عليه السلام.
حضور عليٍ (ع) في الدارَين:
كان حضوره عليه السلام في الحياة الدنيا ليكون مع الرسولالخاتم شاهداً على مبدأ الحياة، كما ليكون هادياً للأمة: ﴿ إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌوَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ﴾. (11)
إن حضوره (عليه السلام) في الدارين، إنما كان ليكشف اللهلنا من خلاله حقيقتهما، فهو كمال العبادة والعلم والحكمة والمعرفة والزهد والصدق والجهاد،وفيه تكاملت كل الجوانب العليا في الصفات البشرية، والمعاني الانسانية، فكان المثلالاعلى والحجة التامة على العباد، وكان في الحياة الدنيا القرآن الناطق، وخزانة علمالله، فقال تعالى فيه: ﴿ ومن عنده علم الكتاب﴾ . (12)
وأما في الاخرة، كمال الشهداء والصديقين، فالانبياء والرسلوالاوصياء هم في الحياة الدنيا كما هم في الاخرة، وما مظاهرهم الدنيوية إلا لضروراتعالم الوجود، الذي لا يمكن أن يظهروا لنا به بحقيقتهم في عالم التكوين، وما ذاك إلالقصور حواسنا عن إدراك كنههم. فهم يحيون حقيقة الوجود كما كانوا في حقيقة التكوين ومنأجل هذا قال الرسول الخاتم (صلوات الله عليه وآله) للأمام علي عليه السلام: "ياعلي لا يعرف الله إلا أنا وأنت، ولا يعرفني، إلا الله وأنت، ولايعرفك، إلا الله وأنا". فهذه المعرفة لا تكون إلا بكمال العلم وبحقيقته.
لقد تشرفت الحياة الدنيا بانه عاش فيها، فكانت كاللباس الذييتشرف بلابسه ولا يشرفه، لانه في الذروة القصوى ينحدر عنه السيل، ولا يرقى اليه الطير،إلا ترى كيف أنه أغنى الحياة ولم تغنيه، فكابدها ولم تكابده، إذ كانت أهون عندة عفطةعنز، إلا أن يقيم عدلاً. فليله في مناجاة الله، ونهاره في طاعة الله، لا يفتر لسانهعن ذكره الله، لأن الإيمان كان قد خالط لحمه ودمه، كما خالط لحم رسول الله ودمه، فهووصيه وأبو ولده، وصاحب حوضه، منتهى ما تهفو اليه قلوب العارفين بحقة، المدركين لفضله،الناصرين له.
هذا من فيض سيد الوصيين ويعسوب الدين وقائد الغر المحجلين،باب معرفة الله، وخازن علم الجبار، أمير المؤمنين الامام علي بن أبي طالب (عليهما السلام).
فسلام عليه يوم ولد في البيت الحرام ولا مثيل في ولادته،وسلام عليه يوم أستشهد بسيف الغدر فتعلمنا من شهادته حقيقة الموت، وسلام عليه يوم يبعثحياً.
.........................................
•1- الاعراف: 172.
•2- الانسان: 8-9.
•3- آل عمران: 61.
•4- الاحزاب: 33.
•5- يس: 12
•6- في معاني الاخبار:95 باب معنى الامام المبين حديث 1 وفيه" قام ابو بكر وعمر .... ".
•7- البرسي، مشارق انوار اليقين: 104. عن أمالي الصدوق:170 المجلس 32 حديث 5. و تأويل الآيات 477 سورة يس، والصراط المستقيم: 1/ 270 الباب8.
•8- المائدة: 55-56.
•9- الملك: 2.
•10- العنكبوت:64.
•11- الرعد: 7.
•12- الرعد:43.
&&&
(2)
شهيد الفجر الامام علي_ع_
د . حيدر الجبوري
صوتٌ ترددَ بين البوحِ والقلمِ
يخبوعلى ضرمٍ يشكو يراع فمي
يبعثرُ النفسَ أنّى كان مرشفها
أو ناصبت جهدها في زحمة العدمِ
ويحرق اللحظَ حتى شكّ مبصرهُ
أن فاته رمقٌ او غام في ظُلمِ
ويعجم الحرف حتى ظن مخرسه
انيمتريه خنا او عي في الكلمِ
مابين طرفة عين وانتباهتها
مابين لاءٍ لها أو قطّ في نعمِ
أو نازع اللوح فيما جفت الصحفُ
أو شكّ في (نبتهل) والنون والقلمِ
لما اُفق سكرةً والصحو في وسنٍ
مداديَ الشعرُ حتى حال عنه دمي
ماحمرٌةٌ سُكبت أو هامةٌ فٌلقت
لكنه قلمي يشكو فعال ذمي
الله اي دمٍ قد ضجّ صائحهُ
حتى استحال دما مستفهماكلمي
ياأيها الفجر في صومي وصومعتي
احللت سفك دمي في الاشهر الحرمِ
&&&
(3)
الشهادة مرثية لشهادة الامام علي (ع)
ا بواب الليل
اغلقها السكون
فتدلت عناقيد
الضوء
لترسم الفجر
بشفقه المطرز بالالوان
صدحت في الافق
تكبيرات الفجر
من محراب التقوى
عابد فطري
انتصب كالنخلة
يدعو ربه ويستغفره
وتسبيحات
يتلوها في كل الصلوات
والملائكة تدور حوله
ان وعد الله حق ))
الناسك المتعبد
وجه الله على الارض
كفه فارغة
بيضاء كالثلج
تملئها العدالة
وتمر على الوجوه الفقيرة
لتعطرها ببركات لاتنقطع
ياجبلا تكسرت على صفحاته الريح
وبقى شامخا
ترنو اليه الشمس باستحياء
حتى غدا قلعة من كبرياء
وشجاعة يمر عليها
الاعداء صاغرين
لينحت على صخرة
الحكم
مآثرعبدت الدروب
وطرزتها بالعدالة
الليلة...
هوى فيها القمر
ووشحته الدماء
انتفض المحراب قائما
يتلو صلواته ويضمد الجرح
النازف حد الموت
من اقصى السماء..
تردد الصوت
تحمله الملائكة
لتغطي به الجسد الناحل .....
&&&
(4)
(فزت ورب الكعبة)
علي التميمي
عندما تخضب جسد ألامام علي بالجراح في معركة " أحد" وزاره رسول الله "ص" يتفقد حاله , وكانت به ثمانون جراحة , فقال لهرسول الله "ص" كيف حالك ياعلي ؟
فقال : يارسول الله : لو حملت على ألاكف ماتركت نصرتك ؟
ثم قال لرسول الله : كنت أتمنى الشهادة يارسول الله ؟
فقال رسول الله لعلي بن أبي طالب : أنها ورائك ؟
وعندما جرح ألامام علي بن أبي طالب عليه السلام بسيف عبدالرحمن بن ملجم المسموم نتيجة غدر له قصة معروفة في التاريخ وتاريخ جرح ألامام في مسجدالكوفة وهو ساجد يصلي في يوم 19| شهر رمضان المبارك , ثم كانت شهادته يوم 21| من شهررمضان المبارك وهو من أيام وليالي القدر المبارك , لذلك قال الكلمة المشهورة : -
" فزت ورب الكعبة "
ثم عندما أجتمع حوله أبناؤه وأهل بيته قال لهم :-
" أوصيكم بكتاب الله لاتتركوه وراء ظهوركم , وسنة رسولالله عضوا عليها بنواجذكم "
ثم قال لهم :-
" كم أضطردت ألايام أبحث عن مكنون هذا ألامر , فأبىالله ألا أخفائه : هيهات سر مكنون , ثم قال لهم : أياكم والمثلة ولو بالكلب العقور, فأن أردتم القصاص فأنما هي ضربة بضربة ؟
وأذا قمت من ضربتي هذه فأنا وكيل به أي بالجاني وهو عبد الرحمنبن ملجم .
تمر علينا هذه ألايام ذكرى أستشهاد ألامام علي بن أبي طالبفي 21| من شهر رمضان المبارك , وذلك نتيجة تضافر جهود الغدر والخيانة من الذين وترهمألامام عليه السلام بسيفه في سبيل الله حيث أن القتال كان في المشروع ألاسلامي هو علىالشكل ألاتي:-
1- أن القتال هولدفع مظلمة
2- وأن القتال هولآسترجاع الحقوق
3- وأن القتال هولكبح جماح المستكبرين والمفسدين والطغاة
4- وأن المسلمينلايبدأون أحدا بالقتال ألا أن يكون هو من بدأهم أولا
ولذلك كان رسول الله "ص" يقول : -
" أعطيت الشفاعة , ونصرت بالرعب "
والرعب متضمن للقتال المشرع من قبل السماء , قال تعالى:-
1- وقاتلوا في سبيلالله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا أن الله لايحب المعتدين – 190- البقرة – وهكذا نرىأن الله الذي شرع القتال عند الضرورة , فأنه لايحب لآحد من المسلمين أن يكون معتديابحجة السماح بالقتال , فللقتال في ألاسلام موازين وأسس أخلاقية تراعى فيها حرمة الجميعويراعى فيها حقوق الجميع حتى الخصوم .
2- وقاتلوهم حتىلاتكون فتنة ويكون الدين للله فأن أنتهوا فلا عدوان ألا على الظالمين – 193- البقرة– وهكذا نرى هنا أن القتال هو لدفع الفتنة بين الناس وسنرى أن ألاسلام يعتبر الفتنةأشد من القتل وذلك كما في ألاية -191 من سورة البقرة حيث قال تعالى :" وأقتلوهمحيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتنة أشد من القتل " ولذلك نرى اليومأعمال ألارهاب في التفرقة الطائفية والتخريب والدمار وتلوث النفوس بالجريمة والهبوطألاخلاقي مثل أغتصاب النساء , وذبح ألابرياء , هو أشد من القتل , وهذا ألامر أصبح الناسيعرفونه في العراق وفي سورية وبقية البلاد العربية وألاسلامية
3- كتب عليكم القتالوهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم واللهيعلم وأنتم لاتعلمون – 216- البقرة –
4- يسئلونك عن الشهرالحرام قتال فيه , قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وأخراجأهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل ولايزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكمأن أستطاعوا ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون– 217- البقرة – وهنا رأينا أن أخراج الناس عدوانا من المسجد الحرام هو أكبر من القتلثم هو فتنة والفتنة هي أكبر من القتل , وتهجير الناس اليوم من بيوتهم وتخريبها بأيديالعصابات ألارهابية كما يحدث في العراق وفي سورية هو فتنة والفتنة أشد وأكبر من القتل.
5- ألم تر الى الملآمن بني أسرائيل من بعد موسى أذ قالوا لنبي لهم أبعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله قالهل عسيتم أن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا , قالوا وما لنا ألا نقاتل في سبيل اللهوقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا فلما كتب عليهم القتال تولوا ألا قليلا منهم والله عليمبالظالمين – 246- البقرة- فألاخراج القسري من الديار هو من ألاسباب الشرعية الموجبةلقتال العدو الذي قام بذلك .
6- وأذ غدوت من أهلكتبوء المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم – أل عمران – 121-
هذه بعض الصور عن مشرعية القتال الذي تحدثت عنه ألايات القرأنيةمنه من وقع أيام موسى عليه السلام أو أيام دواود عليه السلام , ومنه من وقع أضطراراأيام رسول الله "ص" وشهدها ألامام علي بن أبي طالب عليه السلام الذي كانمدافعا عن ألاسلام عبر الوسائل التالية :-
1- الدفاع بالسيف: وهو الجهاد باليد الذي أعتبره ألاسلام من أولى مصاديق العمل على نهي المنكر, ومنالمعارك التي خاضها وقهر بها فرسان الكفر والشرك هي :-
أ- محاولة أبيسفيان منعه من أصطحاب عائلة رسول الله بالهجرة الى المدينة , حيث أرسل أبو سفيان خلفهعبدا له ليؤخر مسيرة علي حتى يلحق بهم أبو سفيان ويمنعهم من الهجرة الى المدينة , فماكان من علي بن أبي طالب ألا أن قتل ذلك العبد بعد أن أعترض طريقه , ولما وصل أبو سفيانوعلم بقتل العبد قال لعلي بن أبي طالب : لم تأخذ بنات عمنا ؟ فقال له علي بن أبي طالب: خولني من هو أحق بهن منك ؟
ب- بلائهبلاءا حسنا في معركة " بدر " في السنة الثالثة للهجرة حيث قتل تسعة من قادةكفار قريش وهم " طلحة ثم قتل أبنه سعد بن طلحة لما أخذ الراية ثم قتل مسافع لماأخذ الراية , ثم أخذها عبد لبني عبد الدارفقتله علي بن أبي طالب حتى وصل عدد من قتل من قادتهم وفرسانهم تسعة , ثم أخذت رايتهمأمرأة من بني كنانة .
ت- بلائهيوم معركة أحد التي وقعت الهزيمة بجماعة المسلمين نتيجة عدم ألتزام النفر الذين كانوامع عبيد الله بن جبير الذي وضعه رسول الله على رأس خمسين مقاتلا وقال له : لاتبرحوامكانكم حتى لو وصلت قريش الى منازلها في مكة , ولكن البعض منهم حدثتهم نفوسهم بالغنائموبدأوا يتسللون واحدا واحدا حتى لم يبق مع عبد الله بن جبي سوى أثنا عشر مقاتلا , وكانأبو سفيان قد أمر خالد بن الوليد على رأس مائتين من رجال قريش وقال له أذا رأيت المسلمينأنشغلوا بالغنائم فمل عليهم من الخلف وهكذا كان فعندما تسلل جماعة عبد الله بن جبيرلآخذ الغنائم هجم خالد مع جماعته على من تبقى من جماعة عبد الله بن جبير وقتلوهم وأجهزواعلى بقية المسلمين حتى شجت جبهة رسول الله "ص" وهو يقاتل ويدفع الكفار عنحياض المسلمين , وصمد مع رسول الله علي بن أبي طالب ونفر قليل وقتل يومها حمزة عم النبيبسهم من وحشي الذي كلفته هند زوج معاوية وقامت بأكل كبد حمزة لحقدها لذلك عرفت بأكلةألاكباد , وقد أصيب ألامام علي في معركة أحد بثمانين جراحة كما قالت النسوة الاتي قمنبمداواة جراحه .
ث- ثم موقفهالمشرف من مزاعم أبي سفيان الذي توعد بعد معركة أحد ليقتلن محمدا ويسبي نساء المسلمين, فما كان من علي بن أبي طالب عليه السلام ألا أن أخذ سرية من المهاجرين وألانصار وهوبتلك الحلة من الجراح التي تدمي جسده الشريف بعد معركة أحد , وتوجه الى منطقة حمراءألاسد لملاقاة أبي سفيان , فألتقى أبو سفيان بالشاعر " معد الخزاعي " فقالله ما وراءك ؟ فقال شعرا:-
كادت تهد من ألاصوات راحلتي
أذ سالت ألارض بالجرد البهاليل ؟
فعرف أبوسفيان أن عليا بن أبي طالب على رأس القوم وهو يعرفشجاعة وبطولة وبأس علي الذي لايرد وجهه عن السيف , فرجع هو وجماعته ولم يلاقوا عليا؟ ولهذا نزلت ألاية القرأنية الكريمة بحق علي كما أجمع الكثير من المفسرين على ذلك: قال تعالى :-
" وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهمفي سبيل الله وما ضعفوا وما أستكانوا والله يحب الصابرين – 146- أل عمران –
ومن ألايات التي نزلت بحق ألامام علي عليه السلام وهي كثيرةأحصاها المفسرون في أسباب النزول فكانت بالمئات وقد كتبت أنا كتابا عنوانه " ألامامعلي في القرأن الكريم " جمعت فيه " 220 " أية قرأنية كريمة مباركة نزلتمباشرة في علي عليه السلام ولم أسجل ألايات التي أعتبروها المفسرون بأنها نازلة بشكلغير مباشر بعلي فمثلا بعض المفسرين ذهبوا الى أن كل أية فيها " يا أيها الذينأمنوا " يقصد فيها ألامام علي لآنه كان في طليعة المؤمنين , قال تعالى:"
الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهمعند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون – 274 – البقرة – يا أيها الذين أمنوا أطيعواالله وأطيعوا الرسول وأولي ألامر منكم فأن تنازعتم في شيئ فردوه الى الله والرسول أنكنتم تؤمنون بالله واليوم ألاخر ذلك خير وأحسن تأويلا – 59- النساء .
أنما وليكم الله ورسوله والذين أمنوا الذين يقيمون الصلاةويؤتون الزكاة وهم راكعون – 55- المائدة – وقد تبث ا، الذي أدى الزكاة وهو راكع هوألامام علي عليه السلام
أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن أمن بالله واليومألاخر وجاهد في سبيل الله لايستون عند الله والله لايهدي القوم الظالمين – 19- التوبة– وهذه من ألايات التي نزلت في علي بن أبي طالب فهو الذي أمن بالله واليوم ألاخر وجاهدفي سبيل الله وقد بينا المواطن التي جاهد فيها بسيفه وكل مايملك في سبيل الله حتى قيلأن شعار " لاسيف ألا ذو الفقار ولا فتى ألا علي قد نادى به جبرئيل يوم بدر ولميعرف له قائل من الناس .
ج-غزوة خيبر : وهو حصن لليهود كانوا قد تحصنوا فيه وهم يشنونالدسائس , ويحرضون على حرب رسول الله , وقد أرسل اليهم رسول الله كتيبتين بقيادة كلمن أبو بكر بن قحافة صاحب رسول الله "ص" في الهجرة , وعمر بن الخطاب , ولميتمكنا من فتح حصن خيبر لليهود حتى حزن المسلمون من ذلك وأصابهم الوجوم , ثم قال رسولالله "ص" : لآعطي الراية غدا لمن يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ؟ وبقيالسلمون ليلتهم يحلمون من يكون هذا ؟ وعند الصباح نادى رسول الله على علي بن أبي طالبوقال له : خذ الراية ولا تلتفت ؟ وعندما أمتطى جواده أراد أن يسأل رسول الله الى أيحد يقاتلهم , ولذلك أرجع فرسه الى الخلف ألتزاما بقول رسول الله الذي قال له : خذ الرايةولا تلتفت ؟ فكان عليه السلام مصداقا للآلتزام بطاعة رسول الله في كل شيئ , فقال لهرسول الله لما رأه يرجع فرسه الى الخلف : مابك ياعلي ؟ قال يارسول الله الى أي حد أقاتلهم؟ قال "ص" : حتى يشهدوا أن لاأله ألا ألله وأن محمدا رسول الله ؟
ح-معركة الخندق : حيث قتل عمرو بن ود العامري أشهر فرسانالعرب , والذي لم يقو أحد على منازلته ألا علي بن أبي طالب , وعندما قتله علي بن أبيطالب قالت أخت عمرو بن ود العامري : لو أن قاتله غير الذي قتله , لبكيت عليه طول دهري؟
خ- مبيته في فراش النبي عند هجرة النبي سرا الى المدينةخشية من كفار قريش الذين قرروا قتل النبي من قبل كل القبائل حتى يضيع دمه بينهم , فأمررسول الله "ص" عليا أن ينام في تلك الليلة في فراش النبي تمويها حتى يظلواينتظروا الصباح ليهجموا على رسول الله , ولما وجدوا عليا في فراشه أسقط بأيديهم وأستطاع رسول الله "ص" الخروج من مكة, وهذه من المواقف الفريدة التي تميز بها علي بن أبي طالب في الدفاع عن رسول الله"ص" فهو الفدائي ألاول لرسول الله "ص" بلغة اليوم .
2- الدفاع بالفقهوالفكر والبيان : وهو الجهاد باللسان , فقد كان ألامام علي عليه السلام أفقه أصحابرسول الله "ص" حيث قال عنه رسول الله "ص" " علي أقضاكم" وكان عمر بن الخطاب يقول : لا أبقاني الله لمسألة ليس لها أبو الحسن "وبوجوده قال أبو بكر عندما ولي الخلافة : لقد وليت عليكم ولست بخيركم " وكان يقصدألامام علي عليه السلام فهو ألافقه وألاعلم وألاكثر حضورا في معارك ألاسلام وفي ميادينالمناظرة والفتوى
3- وللامام مواقفعلمية فهو من قام بالتجارب العلمية التالية قبل عصر العلوم وألاكتشافات التي ظهرت فيأوربا ومن تلك التجارب :-
أ- تجارب الكيمياءالحياتية : حيث أدعت أمرأة على أحدهم ووضعت زلال البض على ثوبها , وعندما تقدمت بالشكوىالى ألامام علي أمر أن يسكب الماء المغلي على الثوب وقال لهم أن جمد الزلال فقد بطلتدعواها وأن لم يجمد ننظرر في ألامر ولما جمد الزلال عرف أنه بياض البيض وليس المادةالمنوية للرجل التي لاتجمد بالماء المغلي
ب- تجارب التحليل النفسي : في الحادثة التي وقعت بين أمرأتينعلى طفل كل تدعي بأنه أبنها ؟ ولما أمر ألامام بأن يقطع رأس الطفل في محاولة لآكتشافمن الصادقة في أمومتها , سقطت ألام الحقيقة على الطفل قائلة أقتلني قبله فعرف أنهاأمه الحقيقية ؟
ت- تجارب الفيزياء فيما يعرف اليوم بقاعدة أرخميس التي تقولوزن الماء المزاح يساوي وزن الجسم الغاطس , وألامام قام بهذه التجربة قبل معرفتها منقبل الناس وذلك عندما نذرت أمرأة وزنا من التمر يعادل وزن الفيل فأحتارزا بتنفيذ نذرهاوعندما سألوا ألامام علي عليه السلام قال لهم : ضعوا سفينة في الماء وضعوا فيها فيلاثم أخرجوا الفيل وأملؤها تمرا حتى يصل الماء الى ما وصل اليه عندما كان الفيل في السفينفذلك هو وزن الفيل ؟
ثم أن ألامام هو أول من وضع ألابجدية وتنقيط الحروف وأعرابالكلمة وعلم ذلك لآبي ألاسود الدوئلي ؟
هذا هو ألامام علي بن أبي طالب , وهذه هي شخصيته الموشاةبالعلم والفطنة والشجاعة والكرم مع وجود النصوص التي تثبت أمامته وعصمته التي تدل عليهاحياته وسلوكه , فهل لنا أن نتمثل حياة هذا ألامام لنعالج من خلالها أخفاقاتنا في السياسةوألاجتماع وهو من قال : أهل البيت هم عيش العلم وموت الجهل ؟