تأخذ الكتابة في صفحة ( لذة الأكتشاف) شكلا من اشكال السرد القصصي وتطل على حوار ابداعي يوضح معالم فكرية تبحث في مواضيع تأملية يمررها حوار يتم بين ام وابنتها ، وقد سعت الكاتبة ( عبير حسين ) الى البحث في الاثر النصي المؤمن ، عبر جلسات يومية لتوضيح بعض الموضوعات المتكررة عن العابر اليومي ، مثل حق المسلم على المسلم ، فان من اعظم واجمل ما دعا اليه الدين الاسلامي هو التآخي بين الناس ، والاسلام يحث على المشاركة الوجدانية ، لكن لم تكتف الكاتبة بهذا القدر الاعتيادي فانتقلت الى البحث عن رؤى لها القدرة على اثارة الدهشة أو معايشة الوعي كظاهرة التعاون مع الظالمين التي نهى الله عنها ورسوله الكريم ، وهذا المحور ياخذ بعدا اجتماعيا ونفسيا وهو يلقي الاضواء على ابعاد محورية مؤثرة كاستحقاق العقاب لمن يساعدهم ، عن الامام موسى بن جعفر عليه السلام ، (يا معشر الشيعة لاتذلوا رقابكم بترك طاعة سلطانكم ، فإن كان عادلاً فاسألوا الله إبقاءه ، وإن كان جائراً فاسألوا الله إصلاحه ، فإن صلاحكم في صلاح سلطانكم ، وإن السلطان العادل بمنزلة الوالد الرحيم ، فأحبوا له ما تحبون لأنفسكم ، واكرهوا له ما تكرهون لأنفسكم ) واما الحاكم الظالم ومصير المشتركين معه في الحكم قيد احياء الباطل واظهار الجور ، ومثل هذه التنوعات الموضوعية تشكل الموقف المستخلص عبر يقظة الطرح ، كالحديث عن الامامة ليتجاوز التعريف الى الاحاطة بمعرفة وجوب وجود الامام في كل عصر وهو يحمل لواء الهداية على عاتقه ومسؤولية تمثيل النبي ( ص) ليتبلور النموذج المعرفي عبر التماهي مع فكرة وجود الامام كمعنى يحمل قدرة التكوين ، فالامامة منصب الهي معد من قبل الله سبحانه تعالى ، وتبحث الكاتبة عبير حسين في الدور التاثيري لغياب الامام عن اعين الناس ، والذي يظهر الغيبة كنموذج رسالي كون الامام الغائب عليه السلام يحمل وظيفة رسالية ويتمثل في جوهر التكوين ( العصمة ) ، وتتوزع بعض المعاني العلائقية التي تسمح للتوسع بالتشكيل والا متداد ويكمن مثلا في الحديث عن الدعاء واستنطاق مدلولات الدعاء واهميته ... وبتشخيص نبي كريم فان الدعاء سلاح المؤمن وعمود الدين ونور السموات ، وهو ايضا من خصائص الشيعة وقراءة في معنى الدعاء كاثر ايماني يفهم معنى الانقطاع الى الله تعالى ، وطلب المغفرة واشتهرالارث الشيعي بوجود أدعية مشهورة كدعاء كميل ودعاء ابي حمزة الثمالي وغيرها ، ويظهر ان منهجية البحث عند هذه الكاتبة تتلخص في تسليط الضوء على العلائق ذات الصلة بمحاورها النقاشية ، ويعني انها تبحث في العمق المعنوي مثلا الموضوع الذي عرضت فيه بنية البداء ، باعتبارها جزء من معتقد مذهبي وثقافة امة مؤمنة ، وهو ظهور للمخلوقين على خلاف المتعود ، وعرفّت لنا مفهوم القضاء وانواعه الذي يحدد المعنى ، كالقضاء المحتوم ، الذي لايطلع عليه احد من الخلق ـ العلم المخزون ـ وغير المحتوم هو القضاء المعلوم عند الانبياء والملائكة ، والقضاء الغير محتوم وقوع معلق على شيء ، ودور هذا البداء ليضع امام الانسان املا ، ومثل هذه المواضيع تنشط القوة الذهنية وتصنع حراكا روحيا امام الانتقالة الكبيرة بين جلسة بيتية هادئة وبين ضخامة ما يطرح من عمق في المعنى ، فهي تتحدث عن البداء وعن الرجعة والر جعة اعادة قوم من الاموات الى الدنيا في صورهم التي كانوا عليها ، فيعز فريقا ويذل فريقا عند قيام الامام المهدي عجل الله فرجه الشريف ، الا من علت درجته من الايمان اوالعكس من الذين بلغوا الغاية القصوى من الفساد ، وحين يتحول مثل هذا الاثر الى منجز يحتوي السلاسة سيستقبل القراءة الشمولية من خلال توسيع مديات التلقي بواسطة آلية التحاور مستندة بمرجعية قرآنية ، مصدر الوحي الآلهي وبروايات اهل البيت عليهم السلام والحديث عن القرآن الكريم ،عرفّته الكاتبة بانه معجزة خالدة أعجزت البشر عن مجاراتها في البلاغة والفصاحة والحقائق العلمية وترى الأم في المرجع النصي ان علينا تصديق نبوة اهل الشرائع السابقة لأن المسلم قد آمن بها لإيمانه بكل ماصدق وما صدقه النبي (ص) وتذهب الى مغزى ابداعي آخر حيث صورت هذه الكاتبة الأم العراقية المسلمة بخير صورة فهي أم متفتحة ونراها موسوعة معلوماتية ومعلمة لها اسلوب تبسيطي تواصلي قادرة على قيادة منطقة التاثير الايجابي ، وهذا الحوار ينتمي الى جنس القصة المحكية لكنها حمّلت بموضوعات فكرية لاتخلو من روح التأريخ وتحقق القصد الانشائي ، نشر الفكر المؤمن ، قد تكشف الاجابة على سؤال ما هي اكبر الذنوب بقراءة سلوكية تعطينا المغزى الاحتوائي وتعرّف معنى العدوان باعتباره ظلما وبين الحد الذي اشار له الصوت المعصوم من اهل بيت النبوة والكرامة والتقى ( ان من ظلم مظلمة أخذ بها في نفسه أو في ماله أو في ولده ) ، عن المولى جعفر الصادق (ع) من اتهم اخاه في دينه فلا حرمة بينهما ، وهذه المنطقة تحمل الكثير من المسكوت عنه والذي يحمل بين طياته واقعا مريرا تعاني منه شيعة اهل البيت عليه السلام حيث يطعن زورا وبهتانا في هويتهم الدينية والانتمائية والمذهبية ، فيتحول النص بعدها من لغة هادئة الى صرامة النصائح لتبرز لغة التصريح ولتحث على صدق الحديث واداء الامانة ، وتركز على الحكمة الفاصلة ( المؤمن ليس بحقود ) واجد ان الاسلوب المدروس في الكتابة يؤدي الى مرونة تسهم في يقظة السؤال القلق ، لماذا نعصي الله تعالى ؟ ليرتقي شغف التدوين الى تحليل توضيحي يفسر الفارق اولا بين العمى البصري وعمي القلب ، وقد حدد الموضوع العمل المصيري بثلاب مراحل ..الحال /والملكة / ثم الاتحاد او التحقيق ، والحال يزول بزوال المؤثر ، والملكة يتعسر زوالها كملكة الشجاعة في الشجاع والعدالة في العادل وتكون جزءا من وجوده ، ، وامتلاك البصيرة الداخلية وركائزه التحليلية المعرفية جعلتنا امام قراءة واعية لغيبيات مؤمنة كالقيامة والجنة والنار وحضور الشفيع الرسالي المتمثل بنبينا محمد (ص) لأجراء عملية العتق ، ومثل هذه الدلالات المثيرة تنتج محفزات دقيقة لاصلاح آخر فهي روادع خفية للتلقي قادرة على ارشاده نحو الصلاح ـ المشكلة اننا لسنا امام صور متخيلة لكننا نعيش في خضم التسامي الغيبي ، الحاصل على التصديق بطبيعته الايمانية ، فالأبنة تسأل ما المقصود بالبعث والمعاد ؟ فتجيب الام باعتقادنا ان الله تعالى يبعث الناس بعد الموت في خلق جديد في يوم المعاد ، ويؤيد وجود هذا المعاد مصدرا قرآنيا واخبار نبي كريم ، وترى الكاتبة ( عبير حسين ) في حوارياتها ان ليس هناك ضرورة للبحث في تفاصيل المعاد الجسماني اكثر من التي وردت في القرآن الكريم ، معلومات توضيح المدلول لتضع لنا الفارق بين السعادة الآنية والدائمة يعني السعادة الصالحة و الصلاحية هنا تعني جميع اوجه الموضوع ، والا فاية سعادة نشعر بها ونحن نشكو من عدم تحقيق الامانة في المجتمع ونفقد اشياء اخرى مثل الايمان والصدق والاخلاق والايثار ، وتلك العناوين من عوالم وافكار مهمة تشكل غيابها غياب السعادة الصالحة ، ويأتي صلاح
السعادة من عدم التغيير او التبديل ، وكل عنوان من تلك العناوين لها مفاهيمه الخاصة والقائمة بذاتها كسعادة ايمان وسعادة الايثار وسعادة الصدق .. وغيرها من السعادات ، وهناك صياغات لغوية تستمد وضوحها من منطقة الجذب الفكري ومن زهو المعرفي لترتبط هذه البنى بعلمية الامام علي عليه السلام ، باعتبار وجوب المعرفة بعلميته وضرورتها للحصول على الهداية كونها أحدى طرق معرفة الله ، فحقيقة الامام يعني المضمون المعرفي ، ووجوب هذه المعرفة مشخصة دونها يموت الانسان مينتة جاهلية ، ويقول الامام علي عليه السلام ، في تفسير ( فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين(الأعراف 44)) انا ذلك المؤذن ، واستطاعت الكاتبة ان تنجح في عمودها ( لذة الاكتشاف ) لاظهار الخصوبة في نصوص فكرية عميقة المعنى وهذا الاسلوب الاستظهاري هو مسعى تواصلي من مساعي مجلة رياض الزهراء ،