إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

عقائد الاسلام من القرآن الكريم (الجزء الأول) (لـ مرتضى العسكري)

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • عقائد الاسلام من القرآن الكريم (الجزء الأول) (لـ مرتضى العسكري)


    (بسم الله الرحمن الرحيم) (الَّم* ذلكَ الكِتابُ لا رَيبَ فيهِ هُدى‌ء لِلمُتَّقين* الّذِينَ يُؤمِنُونَ بِالغَيبِ وَيُقِيمُونَ الْصَّلاةَ وَممّا رَزَقناهُم يُنفِقُونَ* وَالَّذِينَ يُؤمِنُونَ بِما أُنزلَ إلَيكَ وَما أُنْزِلَ مِن قَبِلكَ وَبِالاخِرَةِ هُم يُوقِنُون) (البقرة 1 ـ‍4).
    (إنَّ هذا القُرآنَ يَهدِي لِلَّتي هِيَ أَقوَمُ وَيُبَشِّرُ المُؤمِنينَ الَّذينَ يَعمَلونَ الصّالحِاتِ أنَّ لَهُم أَجرا كَبيرا) (الاسراء 19).
    (فَأقِمْ وَجهَكَ لِلدِّينِ حَنيفا فِطرَةَ اللّهِ الَّتي فَطَرَ النّاسَ عَلَيها لاَ تَبديلَ لِخَلقِ اللّهِ ذلكَ الدِّينُ القَيِّمُ وَلكِنَّ أَكثَرَ النَّاسِ لاَ يَعلَمُونَ) (الروم 30).
    (إنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الاسلامُ وَمَا اختَلَفَ الَّذينَ أُوتُوا الكِتَابَ إلاّ مِنْ بَعدِ مَا جَاءهُمُ العِلمُ بَغْيا بَينَهُم وَمَن يَكفُر بآياتِ اللّهِ فإنّ اللّهَ سَرِيعُ الحِسَابِ* فَإن حَاجُّوكَ فَقُل أَسلَمتُ وَجهِيَ للّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَقُل لِلَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ وَالاُمِّيِّينَ ءأَسلَمتُم فَإن أَسلَمُوا فَقَدِ اهتَدوا وَإِن تَوَلّوا فَإنَّما عَلَيكَ البَلاَغُ وَاللّه بَصِيرٌ بِالعِبَادِ).
    (أَفَغَيرَ دِينِ اللّهِ يَبغُوْنَ وَلَهُ أَسلَمَ مَن في السَّمواتِ وَالارضِ طُوعا وَكَرها وَإلَيهِ يُرجَعُونَ* قُل آمَنّا باللّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَينَا وَمَا أُنزِلَ عَلى إبراهِيمَ وَإسماعِيلَ وَإسحَاقَ وَيَعقُوبَ وَالاسباطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى وَالنَّبِيّونَ مِن رَبِّهِم لا نُفَرِّقُ بَينَ أَحَدٍ مِنهُم وَنَحنُ لَهُ مُسلِمُونَ* وَمَن يَبتَغِ غَيرَ الاسلاَمِ دِينا فَلَن يُقبَلَ مِنهُ وَهُوَ فِي الاخِرَةِ مِنَ الخَاسِرينَ) (آل عمران 19 ـ 20 و83 ـ 85).
    (اليَومَ أَكمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُم وَأَتمَمتُ عَلَيكُم نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الاسلامَ دِينا) (المائدة 3).


    المُقدَمَةُ

    بسم الله الرحمن الرحيم الْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعَالَمينَ، والصلاة على محمّد وآله الطاهرين، والسلام على أصحابه المنتجبين.
    وبعد: فقد استعنت اللّه وقمت بتأليف هذا الكتاب رجاء أن يحقّق لي الاهداف الاتية:
    أ ـ لمّا رأيتُ المدارس الفكرية البشرية خالفت القرآن الكريم مدى العصور فيما تقوّلته عن بدء الخلق، وأنّ أصحاب الانظمة الاجتماعية بَنَت عليها ما شرّعت من قوانين للمجتمع البشري التي تناقض الاحكام القرآنية واستندَتْ إليها كذلك جيلا بعد جيل، وأنّ ذلك أدّى ببعض علماء المسلمين إلى أن يقوموا بشتّى المحاولات للتوفيق بين نظريات المخلوقين عن بدء الخلق وما أعلن الخالق عنه في القرآن الكريم واستند إليه الوحي في ما أنزل من تشريع، وأدّت تلك المحاولات إلى انعدام الرُّؤية الصحيحة لما بيَّنَه القرآن الكريم عن بدء الخلق وصلة الخلق باللّه الخالق الرّبّ.
    لمّا رأيتُ كلّ ذلك قمتُ في بحوث هذا الكتاب بمحاولة متواضعة في استنباط بعض ما قاله القرآن الكريم عن اللّه الخالق الرّبّ وأسمائه الحسنى، وبعض ما قاله عن الخلق وعن صلته بخالقه منذ بداية خلقه إلى يوم المعاد، دون أيَّ أنحراف عنها إلى شي‌ء مما قاله أصحاب النظريات من الخلق. فإن كنتُ قد نجحتُ في هذه المحاولة المتواضعة فللّه الحمدُ على ما وفَّق، وله الشكر على ما أنعم، وإن كنت قد زللت في بعض عملي فإنّه من قصوري وأسأله تعالى أن يتجاوز عنّي بفضله وكرمه.
    ب ـ بعد مناقشتي في المجلد الثاني من مجّلدات (القرآن الكريم وروايات المدرستين) روايات مدرسة الخلفاء الّتي أسندت إلى رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه أجاز تبديل أسماء اللّه في القرآن الكريم، بعضها ببعض، وجدت أنّ إيفاء البحث حقّه بحاجة إلى دراسة مقارنة بين موارد استعمال اسمين من أسماء اللّه، في القرآن الكريم بتفصيل.
    وكان في دراستي اسمي: (الالهُ) و(الرّبُّ) في هذا الكتاب مثالا يوضّح مبلغَ بُعد هذا القول عن الحقّ والصواب، وعدم صحة نسبة تلك الروايات إلى رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) وأصحابه.
    وأيضا، كنّا بحاجة ـ لدراسة روايات النسخ بمدرسة الخلفاء في ذلك الكتاب ـ إلى دراسة النسخ في مسيرة الرسل كما جاء في هذا الكتاب.
    ج ـ بعد أن انتهينا في المجمع العلمي الاسلامي من تنظيم ما أردنا تنظيمه من الكتب الدراسية للحوزات العلمية، ولم أجد كتابا يفي بحاجة أهل العصر في دراسة العقائد الاسلامية، استعنتُ اللّه وقمتُ بتقديم بحوث هذا الكتاب رجاء أن تسدّ هذا الفراغ بإذنه تعالى.
    د ـ لمّا رأيت ـ بعد قيام الجمهورية الاسلامية ـ تَطَلُّعا من الناس في كلّ مكان إلى معرفة الاسلام في بلادهم، وما شاهدت من هجرة جماهير المسلمين إلى بلاد الغرب وانقطاع صلتهم بمنابع الاسلام في بلدانهم، رأيتُ من الواجب علينا أن نقدّم سلسلة من الكتب لتعليمهم الاسلام في مستويات فكرية مختلفة. فاستعنتُ اللّه وقمتُ بوضع مخطّط لذلك، من ضمنه سلسلة (قيام الائمة بإحياء السنّة)، وطبع الجزء الاوّل منه تحت عنوان: مصطلحات اسلامية، وجعلته مقدّمة لهذا الكتاب.
    وفي هذا الكتاب عندما تقدّمت إلى رحاب القرآن الكريم للقيام بدراسة عقائد الاسلام، وجدتُ القرآن العظيم قد عرض عقائد الاسلام بسلاسة يفهمها كل لبيب عربّي اللّسان بلغ سنَّ الرُّشد، وأصبح مخاطبا فيه بقوله تعالى: (يَا أَيُّها النَّاس).
    غير أنَّ العلماء اعتمدوا في تفسير القرآن فلسفة الفلاسفة، وعرفان المتصوّفة، وكلام المتكلّمين، وروايات إسرائيلية، وأخرى رويت عن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) دون أن يقوموا بتمحيصها، وأوَّلوا ما ورد في القرآن الكريم بها، وبذلك جعلوا من عقائد الاسلام طلاسم وألغازا وأحاجي لا يفهمها غير من مارس حلَّها بطرق رسمها العلماء في علوم البلاغة والمنطق والكلام والفلسفة وأمثالها، وأدّى عملهم ذلك إلى تفرقة المسلمين إلى معتزلة وأشاعرة ومرجئة و... و... و...الخ.
    هـ ـ كذلك وجدت عقائد الاسلام في القرآن الكريم سلسلة متّصلة الحلقات يهدي بعضها إلى بعض، وهي في مجموعها وحدة منسجمة الاجزاء يكمّل بعضها بعضا.
    وعندما عرضها العلماء في تآليفهم فصلوا بعضها عن بعض، فاختفت بذلك حكمة عقائد الاسلام عن دارسيها.
    وللاسباب الّتي ذكرتها سرت في بحوث الكتاب وفق المنهج الاتي:


    منهاج البحث
    استقيت ـ في بحوث هذا الكتاب ـ عقائد الاسلام من معين القرآن الكريم. وبما أنّ اللّه تعالى أنزل كتابه المجيد بلغة العرب، وقال سبحانه وتعالى:
    أ ـ في سورة يوسف:
    (إِنَّا أَنزَلناهُ قُرآنا عَرَبِيّا لَعَلّكُم تَعقِلُون) (الاية 2).
    ب ـ في سورة الشعراء:
    (نَزَلَ بَهَ الرُّوحُ الامِينُ* عَلى قَلبِكَ لِتَكُونَ مِنَ المُنذِرِينَ* بِلِسانٍ عَربّيٍ مُبِين) (الايات 193 ـ‍ 195).
    ولِبُعدنا عن لغة العرب فى عصر نزول القرآن الكريم، رجعت أحيانا في تفسير الايات إلى معاجم اللغة.
    ورجعتُ لمعرفة تفسير الايات إلى روايات السيرة والحديث التي قمت بتمحيصها في مؤلّفاتي الاخرى، ودرست القليل منها عند قيامي بهذه البحوث.
    ومن ثمَّ اعتمدت في بحوث الكتاب ثلاثة أنواع من تفسير القرآن الكريم:
    1 ـ التفسير بالمأثور: (أي المروي) مثل ما فعله السيوطي (ت 911هـ) في الدر المنثور في تفسير القرآن بالمأثور، والبحراني (ت 1170هـ أو 1109هـ) في تفسيره البرهان، غير أنّي اعتمدت ما ثبتت عندي صحّته، والسيوطي ذكر كلّ ماوجد من روايه وفيها ما يناقض بعضها بعضا الاخر، وقد ناقشت بعضا مما رواه.
    ورجعت في الاحاديث التي اعتمدتها إلى ما لدى عامّة المسلمين من كتب الحديث، من صحاح ومسانيد وسنن وغيرها، ولم اقتصر على ما لدى مذهب إسلامي دون آخر، وأحيانا قمت بدراسة مقارنة بين حديث وآخر ورأي اعتمد حديثا وآخر مع إسناد الرأي إلى صاحبه، ودعمت رأيي بما لدينا من دليل عليه.
    وفي دراية الحديث اعتمدت نهج مشايخ الحديث إلى القرن السادس الهجري كما بيّنته في بحث (أئمة أهل البيت وضعوا مقاييس لمعرفة الحديث) في المجلد الثالث من معالم المدرستين.
    2 ـ التفسير اللّغوي: كما فعله السيوطي في اعتماده على ما رواه عن ابن عباس وغيره.
    ولمّا كان علماء اللغة ـ أحيانا ـ يطيلون البحث بإيراد المعنى الحقيقي للكلمة مع المعاني المجازية لها، تجنبت ذلك وأوردت ممّا ذكروا في معنى الكلمة ما يناسب سياق الاية، وتركت إيراد غيره مما ذكروه.
    3 ـ التفسير الموضوعي: مثل ما فعله الفقهاء في تفسيرهم: (آيات الاحكام).
    والانواع الثلاثة من التفسير هي الصحيحة والمرويّة عن أئمة أهل البيت (ع).
    ولمّا كان في آيات القرآن الكريم أكثر من مقصد واحد غالبا، فإنّي أذكر من ألفاظ الايات ما يخصّ مقصد البحث، وأحذف ما عداه ليسهل على الدارسين استيعاب البحث، ومن ثمّ قد يتكرّر ذكر آية أو آيات في بحث بعد بحث حسب تناسب معانيها مع موضوعات البحوث. وكذلك قد يتكرّر ذكر معنى اللّفظ‍ القرآني لبعد الموضع الثاني عن الموضع الاوّل بما يسبّب نسيان المعنى أو لتغيير معنى اللّفظ في الموضع الثاني عن معناه في الموضع الاوّل وفي ذكر الروايات رجعت أحيانا بالاضافة إلى الروايات التي تفسّر الايات إلى روايات فيها شرح وتوضيح لبعض أطراف البحث لمسيس الحاجة في استيعاب جميع جوانب البحث اليها. واستشهدتُ في بعض البحوث بما جاء في التوراة والانجيل مصدّقا لما ذكرناه وخاصّة في:
    أ ـ أخبار الانبياء؛ لانّ في العهدين أقدم نصّ تاريخي عن سيرة الانبياء قبل النبي الخاتم (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقد استشهد اللّه جلّ ذكره في القرآن الكريم بما جاء في التوراة في خبر تحريم إسرائيل على نفسه ما حرّم، بقوله تعالى في سورة آل عمران 93: (كلّ الطّعام كان حلاّ لبني إسرائيل إلاّ ما حرّم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزّل التوراة قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين).
    ونترك من أخبارهما ما نسب فيه إلى اللّه جلّ ذكره ما هو منزّه عنه وإلى رسله وأنبيائه ما هم منزّهون عنه، وكذلك نترك ما يخالف العقل والعلم.
    ب ـ ما جاء فيهما من بشارات ببعثة النبي الخاتم (صلى الله عليه وآله وسلم) كما استشهد القرآن الكريم ببشارة عيسى (ع) ببعثته في قوله تعالى في سورة الصف 6: (وإذ قال عيسى بن مريم يا بني إسرائيل إنّي رسول إليكم مصدّقا لما بين يديّ من التوراة ومبشّرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد...).
    وتجنّبت في التعبير ـ ما أمكنني ـ ذكر الاصطلاحات العلمية في البحوث، وبدّلتها بما يفهمه القارى‌ء العربيّ اللّسان غير المتخصّص بتلك العلوم.
    واقتصرت على ذكر الاقوال في موضوع البحث بالقول الذي نختاره مع بيان دليله. وأحيانا أختار رأيا مجانبا لاراء من سبقني من العلماء وأقدّم الدليل على ما اخترته بإذنه تعالى.
    ثمّ إنِّي سلسلت عقائد الاسلام في هذا الكتاب ـ كما وجدتها في القرآن الكريم ـ مجموعة متناسقة يكمّل بعضها بعضا، ويهدي البحث المتقدّم إلى موضوع البحث المتأخّر، وبذلك تدرك عقائد الاسلام وحكمتها، ولذلك لا يتيسّر استيعاب البحث المتأخّر في هذا الكتاب قبل استيعاب ما جاء في البحوث المتقدّمة عليه، كما يرى ذلك في مخطط البحوث الاتي:


    مخطّط البحوث
    1 ـ الميثاق: «ألَسْتُ بِرَبّكم»
    2 ـ بحوث الاُلوهيّة:
    أ ـ هل خلق الخلق مصادفة؟
    ب ـ معنى الاله.
    ج ـ معنى «لا إله إلاّ اللّه».
    د ـ أَللّهِ بنات وبنون.
    3 ـ أصناف خلق اللّه في القرآن الكريم:
    أ ـ الملائكة.
    ب ـ السموات، والارض وسماؤها.
    ج ـ الدواب.
    د ـ الجنّ والشياطين.
    هـ ـ الانسان.
    و ـ شرح الايات وتفسيرها من الرويات.
    4 ـ بحوث الربوبية:
    أ ـ الربّ.
    ب ـ وما ربّ العالمين؟
    ج ـ أنواع هداية ربّ العالمين لاصناف الخلق:
    أوّلا ـ التعليم المباشر لصنف الملائكة.
    ثانيا ـ التسخير للمُسَخَّرات.
    ثالثا ـ الالهام الغريزيّ للحيوان.
    رابعا ـ التعليم بالوحي بواسطة الرسل للانس والجنّ.
    5 ـ الدين والاسلام.
    6 ـ مُبلِّغون عن اللّه ومعلِّمون للنَّاس.
    آدم إلى آباء النبي من ذرية اسماعيل.
    7 ـ صفات المبلِّغين عن اللّه.
    8 ـ معارك الرسل مع أُممهم حول ربوبية ربّ العالمين وتشريعه الاسلام لهم.
    9 ـ النسخ في مسيرة الرسل أصحاب الشرايع بعد آدم (نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمّد صلوات اللّه عليهم أجمعين):
    أ ـ وحدة شرايع آدم ونوح وإبراهيم.
    ب ـ مصطلحا النسخ والاية ومعناهما.
    ج ـ تفسير آية (ما ننسخ من آية...)، وآية (وإذا بدّلنا آية مكان آية).
    د ـ اختصاص شريعة موسى ببني اسرائيل.
    هـ ـ إنتهاء أمد شريعة موسى (ع) ببعثة خاتم الانبياء.
    و ـ معنى النسخ في شريعة نبي واحد.
    10 ـ ربّ العالمين يجزي الانسان بآثار عمله:
    أ و ب ـ في الدنيا والاخرة.
    ج ـ عند الممات.
    د ـ في القبر.
    هـ ـ في المحشر.
    و ـ في الجنّة والنار.
    ز ـ جزاء الصبر.
    ح ـ توارث جزاء العمل.
    11 ـ الشفاعة جزاء لبعض الاعمال.
    12 ـ حبط الاعمال جزاء لبعض الاعمال.
    13 ـ مشاركة الجن والانس في أمر جزاء الاعمال.
    14 ـ من صفات الرّبِّ، أسماؤُه:
    أ ـ ذُو العَرشِ وَرَبِّ العَرشِ.
    ب ـ الْرَّحمن.
    ج ـ الرَّحيم.
    د ـ معنى الاسم.
    15 - وللّه الاسماء الحسنى:
    أ ـ اللّه.
    ب ـ معنى الكرسي.
    ج ـ معنى العبد والعبادة.
    (ما يتبع بحث الاسماء والصفات).
    16 ـ مشيئة اللّه ربّ العالمين.
    أ ـ معنى المشيئة.
    ب ـ في الرزق.
    ج ـ في الهداية.
    د ـ في الرحمة والعذاب.
    17 ـ البداء أو يمحو اللّه ما يشاء ويُثْبِت:
    أ ـ معنى البداء.
    ب ـ البداء في مصطلحات علماء العقائد الاسلامية.
    ج ـ البداء في القرآن.
    د ـ في روايات مدرسة الخلفاء.
    هـ ـ في روايات مدرسة أهل البيت (ع).
    18 ـ الجبر والتفويض:
    معنى الجبر والتفويض والاختيار.
    19 ـ القضاء والقدر.
    أ ـ معاني القضاء والقدر.
    ب ـ روايات أئمة أهل البيت (ع) في القضاء والقدر.
    ج ـ أسئلة وأجوبة.
    20 - خلاصة وخاتمة. اسلوب القرآن في طرح عقائد الاسلام.
    أسأله تعالى أن يجعل الكتاب معينا لمن أرادَ أن يأخذ عقائد الاسلام من القرآن الكريم بيسرٍ وسهولةٍ، ووسيلةً لمن شاء من المسلمين أن يتركوا التفرقة ويوحّدوا كلمتهم حول راية القرآن. وصدق اللّه العظيم حيث يقول في سورة النساء:
    (ياأيُّها الناسُ قد جاءكُم بُرهانٌ من ربِّكُم وأنزَْلنا إليكُم نورا مُبينا* فأمّا الّذين آمنوا باللّه واعتَصَموا به فسَيُدخلهُم في رَحمةٍ منه وفَضلٍ وَيَهديِهم إليه صِراطا مستقيما) (الايتان 174 ـ 175).
    وآخر دعوانا أن الحمدُ للّه ربِّ العالمين.

    المؤلّف

    (1)‍
    الميثاق

    ميثاق الاله الرّبّ مع بني آدم

    أـ آية: (أَلَستُ بِرَبِّكُم).
    ب ـ حركتا المعدة والدماغ في طلب الطعام والمعرفة.
    ج ـ تفسير الاية.
    د ـ المحيط والوالدان لا يجبران الانسان على أمر.


    (1) و (2)
    أَلَستُ بِرَبِّكُمُ وحركة الدماغ

    أخذ اللّهَ سبحانه الميثاق من ذرّية بني آدم كما أخبر عن ذلك وقال في سورة الاعراف:
    (وَإذا أَخَذَ رَبُّكَ مَن بَني آدَمَ مِن ظُهُورِهِم ذُرّيّتَهُم وَأَشهَدَهُم عَلَى أَنفسِهِم أَلَستُ بِرَبِّكُم؟ قَالُوا بَلى، شَهِدنَا أَن تَقُولُوا يَومَ القِيَامَةِ إنّا كُنَّا عَن هذَا غَافِلينَ* أَو تَقُولُوا إنَّمَا أَشرَكَ آبَاؤنَا مِن قبلُ وَكُنّا ذُرّيّة مِن بَعدِهِم أَفَتُهِلكُنَا بِمَا فَعَلَ المُبْطلُون) (الايتان 172 ـ 173).
    نحتاج في تفسير هاتين الايتين إلى المقدّمة الاتية:
    عندما ينفصل الطفل عن بطن اُمّه وينقطع منه الحبل الّذي كان متّصلا بسرّته لنقل الغذاء من جسم أمّه إليه، تدفعه غريزة الجوع إلى التحرّك لطلب الغذاء، فيتشنّج جسمه كما يظهر ذلك على سحنات وجهه، فيبكي ويصرخ ولا يهدأ حتّى يلتقم الثدي ويدرّ اللّبن في فمه ويجري منه إلى معدته، وتستمرّ هذه الغريزة في دفع الانسان للتحرّك والعمل الدائب في طلب الطعام، طوال حياته. ويشارك الحيوان الانسان في هذه الغريزة والتي نسميها بحركة المعدة في طلب الطعام، وهي الغريزة الاولى التي تدفع الانسان إلى التحرك والعمل في الحياة، وبعد ذلك بسنوات تتدرج الغريزة الثانية بالنمو فيه وذلك بعد ما ينمو الطفل ويصبح صبيّا وتتدرج خلاياه الدماغية في التحرّك لطلب طعام المعرفة، عندئذٍ يلفت نظره وجود كلِّ موجود وحدوث كلّ حادث يراه ويوجّه السؤال إلى والديه عن سبب وجود الحادث. فإذا رأى الشمس ـ مثلا ـ تغرب في الافق يسأل أبويه ويقول:
    أين تذهب الشمس في اللّيل؟
    وإذا رأى عينا نابعة في أسفل الجبل يجري منها الماء، يسألهما:
    من أين يأتي هذا الماء؟
    وإذا رأى الغيوم تسير في السماء يسألهما:
    أين تذهب هذه الغيوم؟
    وهكذا يطِّرد انتباهه للموجودات وحركاتها وإيراده السؤال عن أسبابها من والديه أو أي إنسان آخر أكبر سنّا منه يصحبه، وهذه هي الغريزة الثانية الّتي تدفع الانسان إلى التحرّك لاشباع نهم هذه الغريزة، وهذه الغريزة في حقيقتها هي حركة العقل البشري في سبيل كسب المعرفة عن طريق البحث لمعرفة أسباب الحوادث، ويطَّرد عمل هذه الغريزة طوال عمر الانسان في البحث عن سبب وجود كلّ موجود، وسبب حركة كلّ موجود وسبب سكونه. وهذا هو السبيل الوحيد لكسب المعرفة الانسانية واكتساب جميع العلوم البشرية. وينتهي بحث الانسان عن سبب وجود الموجود إلى معرفة موجد الموجودات أي وجود الاله الخالق، وفي بحثه عن سبب حركة الموجودات وسكونها إلى معرفة موجد النظام لحياة كلّ موجود، مثل سير القمر حول الارض، والارض حول الشمس، أو حركة الذَّرّة في داخلها وحركة الكريّات البيض والحمر في الدّمّ، وإلى مالا يعدُّ ويحصى من أنظمة الحركة والسكون للموجودات، يهتدي الانسان في هذا النوع من البحث إلى أنَّ للموجودات في عالمنا الارضي والسماوي وما بينهما ربَّا نظَّم حياة كلّ فرد من الموجودات، وهذا معنى قوله تعالى في سورة الاعراف:
    (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ...) الاية.


    (3)
    تفسير الاية

    (وَإذ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَني آدَمَ مِن ظُهُورِهِم ذُرِّيَّتَهُم)، أي عندما أخذ اللّه من كلّ فرد من بني آدم ذرّيّته ونسلت الذرّيّة من ظهر أبيه (أَشْهَدَهُم عَلى أَنفُسِهِم)؛ استشهد كلّ فرد منهم على نفسه وسأله بما وهبه من فطرة البحث عن أسباب وجود كلّ موجود وأسباب حركة كلّ موجود وما أدركه بعقله أنَّ لكلّ مخلوق خالقا ولكلّ منظَّم منظِّما، وهي الغريزة الفطريّة التي بها يمتاز الانسان عن كلّ ما عداه من مخلوق، وبها يستنتج ويتعلّم مالا يتعلّمه غيره من الخلق كما يأتي بيانه في تفسير (وَعَلَّمَ آدَمَ الاسْماء كُلَّها) إن شأ اللّه تعالى.

    (4)
    المحيط والوالدان لا يجبران الانسان على أمر

    بالغريزة الّتي جبلهم اللّه عليها (أَشْهَدَهُمْ على أَنْفُسِهِم) وقال لهم: (أَلَستُ بِرَبِّكُم)؟ وأجابوا بلسان الفطرة ـ أيضا ـ: (بَلى شَِهدْنا)، وهذا هو معنى الحديث المروي عن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم):
    «كُلُّ مَولُودٍ يُوْلَدُ عَلى الفِطرَةِ حَتَّى يَكُونَ أَبَواهُ يُهِّودانِهِ وَيُنِّصرانِه» (1) .
    وفي رواية آخرى بعدها: «وَيُمَجِّسانِه» (2) .
    أي أنّ كل إنسان يولد على فطرة معرفة الربوبيّة كما يأتي شرحها إن شاء اللّه تعالى، وأنَّ والديه يحرفانه عن فطرته السليمة، ويدخلانه في دين اليهود أو النصارى أو المجوس المنحرفين عن دين الفطرة والمحرّفين لدين اللّه جل اسمه، كما سيأتي بيانه إن شاء اللّه تعالى.
    وإنّما أشهدهم على الايمان بالرّبّ دون الاشهاد على الايمان بالاله لانّ الايمان بالرّبّ المشرِّع لنظام الحياة للخلق يستلزم الايمان بوجود الاله الخالق لهم دون العكس، كما يأتي بيانه ضمن تفسير: (الَّذي خَلَقَ فَسَوّى) إن شاء اللّه تعالى.
    أشهدهم اللّه تعالى بذلك على أنفسهم لئلاّ يقولوا يوم القيامة: (إنّا كُنّا عَن هذا غافِلِين) ولم نتنبّه لربوبيّتك، ولم تُقِم لنا حجّة عليها، ولم تكمل عقولنا لندرك بها الربوبية.
    أو يقول قائل منهم: (إنَّما أَشرَكَ آباؤُنا مِن قَبلُ وَكُنّا ذرِّيَّةً مِن بَعدِهِم).
    أي: إنَّما نشأ آباؤنا قبلنا على الشرك بالالوهية والكفر بالربوبيّة، وكنّا ذرّيّة جئنا إلى الدنيا من بعدهم لا نعرف شيئا من الحياة، وهم الّذين وجّهونا إلى الكفر بالالوهية والشرك بالربوبيّة، فنشأنا على ما ربّونا ووجّهونا، فالذنب ذنبهم وتقع التبعة عليهم: (أَفَتُهِلكُنا بِما فَعَلَ المبطِلُون)؛ أفتعذبنا بما ربّانا عليه الاباء والامّهات، وذلك ما يعبّر عنه في عرفنا اليوم بأثر المحيط على الطفل خاصّة وعلى الانسان بصورة عامّة، وقال اللّه سبحانه: ليس لكم أن تقولوا ذلك لانّنا فطرناكم على غريزة البحث عن الاسباب.
    وبذلك اكتشف الخلف بعد السلف ما لم يعرفه الاسلاف، وكانوا ينكرون بعضها ويكفرون ببعض مثل؛ قوة البخار، وطاقة الكهرباء، وسير النور، ودوران الكواكب بعضها حول بعض وإلى ما يتعسّر إحصاؤها من أمثالها مما تمكّن الخلف من إثبات بطلان أقوال السلف وعقائدهم حولها.
    وهكذا قال اللّه تعالى لنا: بما فطرناكم عليه من غريزة البحث عن الاسباب ومنحناكم العقل الذي تميّزون به الصحيح من الخطأ والحقّ من الباطل، أتممنا الحجّة عليكم، وليس لكم أن تقولوا: إنّا كنّا عن هذا غافلين، أو تقولوا إنّما أشرك آباؤنا واتّبعناهم وأثَّر فينا محيطنا. وقد ضرب اللّه مثلا في القرآن الكريم على تمكّن الانسان من مخالفة المحيط الّذي نشأ فيه كما جاء في سورة التحريم:
    (ضَرَبَ اللّهُ مَثَلا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امرَأَةَ نُوحٍ وَامرَأَةِ لُوطٍ كَانَتَا تَحتَ عَبدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَين فَخَانَتَاهُمَا فَلَم يُغِنيَا عَنهُما مِنَ اللّهِ شَيئا وَقيلَ ادْخُلا النّاَر مَعَ الدّاِخلينَ* وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلا لِلّذينَ آمَنُوا امرَأَتَ فِرعَونَ إذ قَالَت رَبِّ ابنِ لي عِندَكَ بَيتا في الجنّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرعَونَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِن القَومِ الظَّالِمِين* وَمَريمَ ابنَتَ عِمرَانَ الّتِي أَحصَنَت فَرجَهَا فَنَفَخنا فيهِ مِن رُوحِنا وَصَدَّقَت بِكَلِماتِ رَبِّها وَكُتُبِهِ وَكانَت مِنَ القَانِتين) (الايات 10 ـ 12).
    كانت آسية في أسرة كافرة ومحيط كافر وزوجة لمن يدَّعي الالوهية والرّبوبية. إذا فإنّ آسية كانت ربّة وآلهة على حدّ زعم قومها، ومع ذلك فإنّها خالفت قومها وأسرتها وزوجها وآمنت بربّ العالمين، وتبرّأت من فرعون وعمله وقالت: (نَجِّني مِن فِرعَونَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّني مِنَ القَوم الظّالمين) أي قومها، وقاومتهم حتّى استشهدت في سبيل الايمان بربِّ العالمين.
    وكذلك كانت كلّ من امرأة نوح وامرأة لوط في بيت نبيّ يدعو الخلق إلى ربِّ العالمين، فكفرتا بربِّ العالمين وبزوجيهما. وكان أكثر خلافا منهنّ للمحيط ابن نوح الّذي أخبر اللّه تعالى عنه في سورة هود (ع) أنّه عصى أباه نوحا (ع) لما ركب السفينة فقال:
    (وَهِيَ تَجرِي بِهِم في مَوجٍ كَالجِبَال وَنَادَى نُوحٌ ابنَهُ وَكانَ في مَعزِلٍ يابُنَيَّ ارْكَب مَعَنَا وَلاتَكُن مَعَ الكَافِرين* قَالَ سَآوِي إلى جَبَلٍ يَعصِمُني مِنَ الماء قَالَ لاَ عَاصِمَ اليَومَ مِن أَمِر اللّه إلاّ مَن رَحِمَ وَحَالَ بَينَهُمَا الموجُ فَكَانَ مِنَ المُغرقين) (الايتان 42 ـ 43).
    إنّ كلاّ من زوجة نوح ولوط خالفت زوجها، وإنَّ ابن نوح (ع) خالف أباه وامتنع من ركوب السفينة وهو يرى آثار عذاب اللّه: (الامواج الّتي ظهرت كأنّها الجبال) متابعة منهما ومنه لهوى النفس.
    وإن امرأة فرعون خالفت قومها وأسرتها وزوجها مخالفة منها لهوى النفس واتّباعا لامر ربّها، وإنَّ مريم (ع) ابنة عمران صدَّقت بكلمات ربّها وكتبه وهي في أسرة مؤمنة. إذا إنَّ الاسرة والمحيط لايقسران الانسان على الكفر أو الايمان، وإنّما توجد في الانسان الرغبة في متابعة المحيط كما أخبر اللّه في سبعة مواضع من كتابه الكريم، أنّ الامم قالت لانبيائها إنّها تتّبع آباءها في عبادة الاصنام والملائكة، مثل ما جاء في خبر إبراهيم (ع) مع قومه:
    أ ـ في سورة الانبياء:
    (وَلَقَد آتَينَا إبرَاهِيمَ رُشدَهُ مِن قَبلُ وَكُنّا بِهِ عالمِين* إِذ قَالَ لابيهِ وَقَومِهِ مَا هذِهِ التَّماثيلُ الّتي أَنْتُم لَهَا عَاكِفُون* قالُوا وَجَدنَا آباءنا لَهَا عابِدين) (الايات 51 ـ 53).
    ب ـ في سورة الشعراء:
    (وَاتلُ عَلَيهِم نَبَأَ إبراهِيمَ* إذ قالَ لاِبيهِ وَقَومِهِ مَاتَعبُدُونَ* قالُوا نَعبدُ أَصناما فَنَظَلُّ لَها عاكِفين* قالَ هل يَسْمَعُونَكُمٌ إذ تَدعُون* أو يَنفَعُونَكُم أَو يَضُرُّون* قالُوا بل وَجَدنَا آباءنَا كَذلِكَ يَفعَلُون) (الايات 69 ـ 74).
    وجاء في خبر موسى (ع) مع قومه في سورة يونس:
    (قالَ مُوسى أَتَقُولُونَ لِلحَقِّ لَمّا جاءكُم أَسِحرٌ هذَا وَلاَ يُفلِحُ السّاحِرُونَ* قالُوا أَجئْتَنَا لَتَلفِتَنَا عَمَّا وَجدْنَا عَليهِ آباءنا وَتَكُونَ لَكُما الكِبرِياء في الارضِ وَمَا نَحنُ لَكُما بِمُؤمِنين) (الايتان 77 ـ‍ 78).
    ومثل ما جاء في خبر خاتم الانبياء مع قومه في:
    أ ـ سورة المائدة:
    (وَإِذا قِيلَ لَهُم تَعالَوْا إلى ما أنْزَلَ اللّهُ وَإلى الرَّسول قالُوا حَسْبُنا ما وَجَدْنا عَليهِ آباءنا أوَلَوْ كانَ آباؤُهَم لا يَعلمُونَ شَيئا ولا يَهتَدُون) (الاية 104).
    ب ـ سورة لقمان:
    (وَمِنَ النّاسِ مَن يُجادِلُ في اللّهِ بغَيرِ عِلمٍ وَلا هُدىً وَلا كتابٍ مُنير* وإذا قيل لَهُمُ اتّبعوا ما أنزَلَ اللّهُ قالُوا بَل نَتَّبِعُ ما وَجَدْنا عَلَيهِ آباءنا أَوَ لَو كانَ الشَّيطَانُ يَدعُوهُم إِلى عَذابِ السَّعير) (الايات 20 ـ‍ 21).
    ج ـ سورة الزخرف:
    (وَجَعَلُوا المَلائكَةَ الَّذِينَ هُم عِبادُ الرَّحمنِ إناثا أَشَهدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُم وَيُسأَلُون* وَقَالُوا لَو شاء الرَّحمنُ مَا عَبَدنَاهُم مَا لَهُم بِذلكَ مِن عِلم إنْ هُم إلاّ يَخْرُصُون* أَمْ آتَينَاهُم كتابا مِن قَبلِهِ فَهُم بِهِ مُستَمسِكُون* بَل قَالُوا إنّا وَجَدْنا آباءنا على أُمّةٍ وَإنّا على آثارِهِم مُهتَدُون) (الايات 19 ـ 22).
    د ـ وجاء في خبر الامم السابقة في قوله تعالى في السورة نفسها:
    (وَكَذلكَ ما أَرْسَلْنا مِن قَبلِكَ في قَريَةٍ مِن نَذيرٍ إلاّ قالَ مُترَفُوها إنّا وَجَدْنا آباءنا عَلى أُمَّةٍ وَإنّا عَلى آثارِهِم مُقتَدُون* قالَ أَوَلَو جئتُكُم بَأَهدى ممّا وَجَدتُم عَلَيهِ آباءكُم قالُوا إنَّا بِما أُرسِلتُم بِهِ كافِرُون* فَانتَقَمنا مِنهُم فَانْظُر كَيفَ كانَ عاقِبةُ المُكَذِّبين) (الايات 23 ـ 25).


    شرح الكلمات (3)
    1 ـ التمثال: ما صُنعَ من فلز أو نُحِتَ من حجر أو خشب يحاكى به ما خلق اللّه، أو يُرمز به إلى شي‌ء من ذلك.
    2 ـ عاكفون: ملازمون للمعبد ومقيمون فيه لعبادة الاصنام.
    3 ـ تلفتنا: تَصْرِفُنا.
    4 ـ سعير: السعير: لهيب النار أو النار الملتهبة، والمراد منه في الاية: نار جهنّم.
    5 ـ يَخرُصُون: يكذبون.
    6 ـ أُمّة: الاُمّة: كلّ جماعة يجمعهم أمر ما، دينا واحدا كان أو زمانا واحدا أو مكانا واحدا.
    7 ـ المترف: المتنعّم؛ المتوسّع في ملاذّ الدنيا وشهواتها والّذي أبطرته النعمة فبغى.


    تفسير الايات
    في هذه الايات أخبر اللّه سبحانه أنّ خليله إبراهيم (ع) سأل قومه قائلا لهم: ما هذه التماثيل الّتي أنتم عاكفون على عبادتها؟ هل يسمعونكم حين تدعونهم؟ أو ينفعونكم أو يضرّونكم؟ قالوا: بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون!
    وأخبر عن موسى أنَّه قال لقوم فرعون: أتقولون للايات الّتي هي حقّ إنَّها سحرٌ؟ فقالوا: أجئتنا لتصرفنا عمّا وجدنا عليه آباءنا!
    وأخبر عمّا جرى لخاتم الانبياء مع مشركي قريش فقال تعالى:
    (وَإذا قِيلَ لَهُم تَعالَوْا إلى ما أَنْزَلَ اللّهُ قالوا حَسبُنا ما وَجَدْنا عَلَيهِ آباءنا).
    وقال: (ومِنَ النّاسِ مَن يُجادِلُ في اللّهِ بِغَيرِ عَلمٍ ولاَ هُدىً وَلا كتابٍ مُنير) (الحج 8).
    وإنَّ كفّار قريش كانوا يعبدون الملائكة ويزعمون أنّها إناث ـ بنات اللّه ـ، فيسأل سبحانه وتعالى على سبيل الاستفهام الاستنكاري ويقول: أشَهِدُوا خلق الملائكة ورأوا أنّهم خُلقوا اناثا؟ أم أنزل اللّه عليهم كتابا مثل التوراة والانجيل ذكر فيه ذلك، فهم به مستمسكون؟ لا لم يقولوا ذلك بل، قالوا: إنّا وجدنا آباءنا على أمّة وإنّا على آثارهم مهتدون.
    وأخبر اللّه سبحانه رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) مسليّا له، وقال تعالى: وكذلك ما أرسلنا قبلك في مدينة ممن بعثوا لانذار الناس إلاّ وقد قال المترفون في المدينة إنّا وجدنا آباءنا على دين وإنّنا نقتدي بهم، فقال لهم الّذي بعثه اللّه لينذرهم: أوَلَو جئتكم بأهدى ممّا وجدتم عليه آباءكم، قالوا: إنّا بما أرسلتم به كافرون.
    إذا فإنّ العصبيّة القومية الجاهلية هي الّتي توجد هوىً في نفس الانسان، وتجعلها تخالف فطرته السليمة الّتي تهديه إلى معرفة الاله الخالق والرّبّ المربّي للخلق!

    خلاصة البحث
    إذا كانت نفس الانسان طُلَعَة (4) تبحث عن المعرفة طوال حياته، كما تطلب معدته الشرهة الطعام طوال حياته، فإنّه عندما يبحث عن سبب حركة كلّ متحرّك ووجود كل موجود؛ يحكم عقله بأنَّ لكلّ حركة سببا محرّكا، ولكلّ مخلوقٍ منظَّمٍ وجودُهُ، ومُتَّزِنٍ بموازينَ محكمةِ الصنعِ؛ خالقا، والخالق اسمه الاله. إذا ليس لاحد من الناس أن يقول يوم القيامة:
    (إِنّا كَنّا عَن هذا غافِلين).
    أو يقول:
    (إِنَّما أَشرَكَ آباؤُنا مِن قَبلُ وَكَنّا ذُرّيَّةً مِن بَعدَهِم أَفَتُهِلكُنا بِما فَعَلَ المبطِلُون) لانّ مثلهم في ذلك مثل الناس في الحياة الدنيا، فإنّ الناس كانوا يعيشون قبل كشف الطاقة الكهربائية في ظلام دامس، وبسبب ما اُوتوه من غريزة البحث توصّل الابناء إلى كشف الطاقة الكهربائية، وكذلك الشأن في كشف كلّ جيل من المكتشفات العلمية مالم يبلغها أسلافه، ولهذا السبب ليس لاحد أن يقول: كان آبائي في ظلام الشرك أو الالحاد ـ إنكار الخالق ـ واتّبعتهم اضطرارا، أضف إلى ذلك أنّ اللّه أتم الحجّة على الناس بارسال الرسل لتذكير الغافلين، كما قال سبحانه لخاتم أنبيائه (صلى الله عليه وآله وسلم) في سورة الغاشية: (فَذَكِّرْ إِنّما أَنتَ مُذَكِّر* لَستَ عَلَيهِم بِمُصَيطِر) (الايات 21 ـ 22).
    وَسَمَّى القُرْآنَ بالذّكْرِ، وَقَالَ تَعالَى في سُورة النَّحل: (... وَأَنزَلنا إلَيكَ الذِّكر لِتُبِّينَ لِلنّاسِ مَانُزِّلَ إِلَيهِم وَلَعَلَّهُم يَتَفَكَّرون) (الاية 44).
    وفي البحث القادم ندرس ما أجملنا ذكره هنا بالتفصيل بحوله تعالى.


    (2)
    بحوث الاِلوهيَّة


    أ ـ هل خلق الخلق مصادفة؟
    ب ـ معنى الاله.
    ج ـ معنى لا إله إلاّ اللّه.
    الاله هو الخالق، ولا خالق غير اللّه.
    ولا يعبد غير الخالق.
    أي: لا خالق ولا معبود غير اللّه الاحد.
    إذا: لا إله إلاّ اللّه.
    د ـ أللّهِ بنات وبنون؟


    أ ـ هل خلق الخلق مصادفة؟
    في الناس من يقول ما خلاصته: إنّ الخلق والنظام وجدا مصادفة دون أن يكون للخلق خالق وللنظام منظم، أي أنّهم قالوا:
    إنّ ما لا يعدّ ولا يحصى من الخلق خُلِقَ (بطريق المصادفة) أي إنَّ الذرّات تلاقت وتجمّعت على نِسَبٍ وأوضاع خاصة (عن طريق المصادفة) فكوّنت العناصر الاصلية: (الاوكسجين والهيدروجين و... و...الخ.)
    ثمّ تلاقت هذه العناصر وتجمّعت وتمازجت (بالمصادفة) على نسب صالحة (بالمصادفة) وفي مدد كافية (بالمصادفة) وأجواء ملائمة (بالمصادفة)، فتكوّنت هذه الانواع التي لا تعد ولا تحصى من الخلق، وخلقت الحياة من هذه المصادفات!!!
    ونذكر المثال الاتي لايضاح زيف هذا القول بحوله تعالى:
    خذ عشر كريات صغار بحجم واحد، رَقِّمْهَا من 1 ـ 10 ثمّ ضعها في كيس وهزّها هزّا شديدا، ثمّ حاول أن تسحبها من الكيس حسب ترتيبها من 1 ـ 10.
    إنّ احتمال سحب الكرية رقم 1 هي بنسبة 1 إلى 10، واحتمال سحب رقم 1 ورقم 2 متتابعين هي بنسبة 1 إلى 100، واحتمال سحب الكريات المرقمة: 1 و2 و3 ومتتالية هي بنسبة 1 إلى 1000، واحتمال سحب الكريات المرقمة: 1 و2 و3 و4 متوالية هي بنسبة 1 إلى 10000، وهكذا حتى يصبح احتمال سحب الكريات العشر بترتيبها الاول أي من 1 إلى 10 هي بنسبة 1 إلى عشرة ملايين(5) .
    إذا كان هذا رأي العلم في تحقيق إخراج عشرة أعداد متوالية من كيس واحد مصادفة، فما رأي العلم في ايجاد هذه النظم التي نعلمها اليوم لما لا يعدّ ولا يحصى من الخلق؟!! وهل يصحّ لعاقل أن يقول:
    خُلِقت جميعها مصادفة، وأصبح لكلّ فرد منها جزيئة، ولكلّ جزيئة من أجزائها هذه النظم مصادفة؟!!
    وصدق اللّه العظيم حيث يقول:
    أ ـ في سورة الحجر
    (وَلَقَد جَعَلنا في السَّماء بُرُوجا وَزَيَّنّاها لِلنّاظِرِينَ) (الاية 16).
    (وَالارضَ مَدَدناها وَأَلقَيّنا فِيها رَواسِيَ وَأَنبَتنا فِيها مِن كُلِّ شَي‌ء مَوزونٍ) (الاية 19).
    ب ـ في سورة البقرة:
    (إنَّ في خَلقِ السَّمواتِ وَالارضِ وَاختِلافِ اللّيلِ وَالنَّهارِ وَالفُلكِ الّتي تَجري في البَحرِ بِما يَنفَعُ النّاسَ وَما أَنْزَلَ اللّهُ مِنَ السَّماء مِن ماء فَأحيا بِهِ الارضَ بَعدَ مَوتها وَبَثّ فِيها مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَتصريفِ الرِّياحِ وَالسَّحابِ المُسَخَّرِ بَين السَّماء وَالارضِ لاياتٍ لقَومٍ يَعْقِلُون) (الاية 164).
    إي وربّي إنَّ في خلق السماوات والارض، والنظام المتقن في بروج السماء وكواكبها، والميزان المحكم في كلّ ما نبت من الارض لايات لقوم يعقلون.
    ولكن هوى النفس يمنع الانسان العاقل من التعقّل!!!


    ب ـ معنى الاله
    أوّلا ـ في معاجم اللغة:
    موجز ما في المعاجم حول الـ «إله»:
    «إله» على وزن كتاب من مادة أَلِهَ يألَه بمعنى عبد، يعبد، عبادة: أي أطاع إطاعة بتذلّل وخضوع، ثمّ إنّ لفظ «إله» كـ «كتاب» مصدر واسم مفعول معا، فكما أنّ الكتاب مكتوب، فإنّ الذي جاء بمعنى «مألوه» يأتي أيضا بمعنى معبود أو مُطاع.
    إذا إله في اللغة يعني:
    1 ـ العبادة: بتذلّل وخضوع.
    2 ـ الاطاعة المطلقة.
    كان ذلكم معنى (إله) في اللغة.

    ثانيا ـ في محاورات العرب:
    جاء الاله في محاورات العرب بمعنيين:
    1 ـ أَلِهَ: أي أجرى للمعبود العبادات الدينية مثل: الصلاة والدعاء وتقديم القرابين. و (إلاها) على وزن كتابا: بمعنى المألوه أي المعبود الذي يُعبَد وتُجرى له الطقوس الدينية كما أن الكتاب يرد بمعنى المكتوب. والعرب تسمي كل ما يُعبد: (إلها)، وجمعها: (الالهة) خالقا كان ذلك الاله أو مخلوقا، مثل الاصنام والتماثيل والشمس والقمر والابقار التي يعبدها الهنود.
    2 ـ يأتي الاله أحيانا بمعنى المطاع (6) كما جاء في القرآن الكريم في قوله تعالى:
    1 ـ في سورة الفرقان:
    (أرَأيتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهُه هَواهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ علَيهِ وَكيلا) (الاية 43).
    2 ـ في سورة الجاثية:
    (أَفَرَأَيتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَههُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللّهُ على عِلْم) (الاية 23).
    والمعنى في الايتين: (أَرَأَيتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَههُ هَوَاه): أي أطاع هوى نفسه، ويدل على ذلك قوله تعالى في سورة القصص:
    (وَمَن أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيرِ هُدىً مِنَ اللّهِ) (الاية 50).
    3 ـ في سورة الشعراء فى حكاية قول فرعون لموسى (ع):
    (لَئنِ اتَّخَذتَ إلها غَيرِي لاجعَلَنَّكَ مِنَ المسجُونين) (الاية 29).
    ويدل على ذلك (أي على أنّ فرعون وقومه كانت لهم آلهة يعبدونها) كما حكى عنهم سبحانه وتعالى في سورة الاعراف فقال:
    (وَقَالَ اَلمَلا مِن قَومِ فِرعَونَ أَتَذَرُ مُوسى وَقَومَهُ لِيُفسِدُوا في الارضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ) (الاية 127).
    إنّ الالهة التي ذكرت هنا كانت معبودات فرعون وقومه، يقرّبون لها القرابين ويُجرون لها الطقوس الدينيّة.
    أمّا فرعون نفسه فقد كان إلها، أي مطاعا.
    ومن المحتمل أنّ فرعون ـ أيضا ـ كان يدَّعي لنفسه الالوهية بالمعنى الاول، كما جاء عن بعض الاقوام أنهم كانوا يزعمون انّ ملوكهم من سلالة الالهة (شمسا كانت أو غيرها)، ويجرون لهم بعض الطقوس العبادية.

    *** كان ذلكم معنى الاله لدى العرب وغيرهم من الاقوام البائدة والحاضرة.

    ثالثا ـ في المصطلح الاسلامي:
    الاله في المصطلح الاسلامي من أسماء اللّه الحسنى، ومعناه: المعبود، وخالق الخلق. وقد جاء في القرآن الكريم بالمعنى اللغوي مع وجود قرينة تدلّ على أنَّ المقصود معناه اللغوي، مثل قوله تعالى في سورة الحجر:
    (الّذينَ يَجعَلُونَ مَعَ اللّهِ إلها آخَرَ) (الاية 96).
    فإنّ لفظي: (آخر) و(مع اللّه) في الاية يدلاّن على أن المقصود من الاله: معناه اللغوي: المطاع والمعبود، وجاء مطلقا في معناه الاصطلاحي في آيات كثيرة أخرى من القرآن الكريم، والتي تحصر الالوهية في اللّه سبحانه كما سنذكره مفصلا في البحث الاتي.
    واجمع القول في معنى الاله ما نقله ابن منظور في مادة (اله) من لسان العرب عن أبي الهيثم أنّه قال:
    قال اللّه عزّ وجلّ: (ما اتَّخذَ اللّهُ من وَلَدٍ وما كان معه من إلَهٍ إذا لَذَهَبَ كُلُّ إلَهٍ بما خَلَقَ). قال: ولا يكون إلَها حتى يكون مَعْبُودا، وحتى يكون لعابده خالقا ورازقا ومُدبِّرا، وعليه مقتدرا، فمن لم يكن كذلك فليس بإله، وإن عُبِدَ ظُلْما، بل هو مخلوق ومُتَعَبَّد.

    ج ـ معنى لا إله إلاّ اللّه
    إنّ معنى الاله في القرآن الكريم يتّضح بالتدبّر في الايات التي جاءت في دحض أقوال المشركين في الالوهية وحصرها في اللّه العلي القدير، وما حكاه من محاورات الانبياء معهم حولها، كما نراها في الايات الاتية من سورة المؤمنون.
    قال اللّه سبحانه:
    (وَلَقَد خَلَقنا الانسانَ مِن سُلالَةٍ مِن طين* ثُمَّ جَعَلناه نُطفَةً في قَرارٍ مَكين* ثُمَّ خَلَقنَا النُّطفةَ عَلَقَةً فَخَلَقنا العَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقنا المُضْغَةَ عِظامَا فَكَسَوْنا العِظامَ لَحما ثُمَّ أَنشَأناهُ خَلقا آخَرَ فَتَبارَكَ اللّهُ أَحسَنُ الخالقين) (المؤمنون 13 ـ 14).


    شرح الكلمات
    أ ـ سُلالَة:
    سلَّ الشي‌ء من الشي‌ء: انتزعه وأخرجه برفق، يقال: سلَّ الشعرة من العجين. والسلالة: الصفو الذي ينتزع برفق، وسمَّيت النطفة سلالة لانّها مستخلصة من الغذاء.
    ب ـ نُطْفَة:
    اَلنُّطْفَة: القليل من الماء. وسمّي ماء الرجل والمرأة (أي منيُّهما): نطفة.
    ج ـ قَرار:
    قرَّ الشي‌ء في مكانه قرارا: إذا ثبت ثبوتا جامدا مستقرا. وأُريد به مقر النطفة.
    د ـ مَكِين:
    مَكَنَ الشي‌ء مكانه: استقر وثبت في موضعه لا يتزلزل فهو مكين.
    والمعنى: جعلنا النطفة في مقرّها ـ الرحم ـ.
    هـ ـ العَلَق: الدم الجامد الغليظ الذي يعلق بما مسّه، والقطعة منه علقة.
    و ـ مُضْغَة:
    مضغ اللّحم: حرّكه في فمه وقطّعه بأسنانه ليبتلعه، ويقال لقطعة اللحم التي هي قدر ما يمضغ: مُضغة، ومن ثمّ يقال للجنين في بطن الحامل حين يصير قطعة لحم قدر ما يمضغ في الفم: مضغة بعد أن كان علقة.
    ز ـ أَنشَأ:
    أَنشَأَ الشي‌ء: أوجده وأحدثه وربّاه.
    وأنشأ اللّه الخلق: خلقهم وربّاهم.


    تفسير الايات
    ولقد خلقنا الانسان من صفو منتزع من طين الارض، ثمّ جعلناه نطفة في مكان مستقر وهو الرحم، ثمّ صيرّنا النطفة دما جامدا غليظا يلزق بما مسّه، ثمّ صيّرنا ذلك الدم الجامد لحما كالممضوغ وبقدر ما يحويه الفم.
    ثمّ صيرّنا المضغة عظاما.
    فكسونا العظام لحما، ثمّ صيّرناه خلقا آخر له أعضاء وروح، فتبارك اللّه أحسن الخالقين الذي خلق هذا المخلوق.
    ____________
    (1)مادة (الفطرة) من سفينة البحار.
    (2) اللفظ لمسلم في صحيحه، كتاب القدر، باب معنى كلّ مولود يولد على الفطرة الاحاديث: 22 ـ 25، ص: 2047 ـ 2049.
    وصحيح البخاري كتاب الجنائز، باب إذا أسلم الصبي، 1 / 161 ـ 162، وباب ما قيل في أولاد المشركين، 1 /167، وكتاب التفسير، تفسير سورة الروم، 3 / 116، وكتاب القدر باب اللّه أعلم بما كانوا عاملين، 4 / 96.
    وسنن أبي داود، كتاب السنّة، باب في ذراري المشركين، 4 / 316 ـ 317، الحديث: 4714.
    وسنن الترمذي كتاب القدر، باب ما جاء كلّ مولود يولد على الفطرة، 8 / 303.
    وموطأ مالك، كتاب الجنائز باب جامع الجنائز 1 / 241، ح: 52.
    ومسند أحمد 2 / 233 و253 و275 و282 و315 و346 و393 و410 و481 و3 / 435 و4 / 24.
    (3) رجعنا لتفسير الالفاظ المذكورة في المتن إلى مفردات الراغب أولا، ثمّ إلى معجم ألفاظ القرآن الكريم، ثمّ لسان العرب، ثمّ المعجم الوسيط.
    (4) نفسٌ طُلَعَة: كثيرةُ التَطَلُّع إلى ما تهواه، والمعنى هنا: كثيرة: التطلُّع إلى كسب المعرفة.
    (5) العلم يدعو للايمان، ط. مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، 1373 هـ، ص 49، بتصرف، تأليف: أ. كريسي موريسون morrison cressy.a ترجمة محمود صالح الفلكي.
    رد به على مؤلّف كتاب: الانسان يقوم وحده aione manstandsa وسمّاه: الانسان لا يقوم وحده man aione doesnotstand.
    (6) راجع مادة (أَلهَ) في مفردات الراغب. وكتاب «التحقيق في كلمات القرآن».
    التعديل الأخير تم بواسطة المفيد; الساعة 28-08-2012, 11:43 AM. سبب آخر: حذف الروابط..
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X