لطالما إفتتن الشاعر ،والقاص، والتشكيلي، والمسرحي، والاديب ..بشكل عام بالمرأة النصف الاحلى ..والابهى.. والاجمل،فملهمة الخيال والابداع وشريكة الحياة ؛فيما يؤكد القاص القدير"عبد الهادي والي" أمنيات تحقيق الحرية والخلاص من الاستبداد التي جاءت بقصص تناولت الواقع العراقي في عهد الظلم ومصادرة الحريات؛في قصص حكت الوجع العراقي من الاستبداد والدكتاتورية ،أرشفت بأسلوب جذاب يسحب المتلقي الى مناطق الاشتغال في السرد المحكم لمعاناة العراقيين من البطش طيلة عقود البعث الغابرة... يُحسب القاص والاديب عبد الهادي الوالي على الجيل الستيني ؛وقد سبقه القاص والروائي الشهيرعبد الرحمن مجيد الربيعي في النشر وجايل العديد من المبدعين من أبناء مدينته الناصرية كالقاصين الراحلين صبري حامد، وقاسم الدراج،والاجيال الادبية الكثيرة من جاسم عاصي، ومحسن الخفاجي، والعشرات من الفنانين، والمبدعين بكافة المجالات الثقافية والفنية الذين تخرجوا من معطف مدينة الابداع التي تغفو على جانبي الفرات .. وتميز إسلوبه بتناول القضايا الواقعية محاكيا هموم المجتمع وتطلعاته بقدرة تفصح عن قراءة الماضي والحاضر والمستقبل ..فأرهاصات الواقع وأفرازته للعلائق الاجتماعية والاقتصادية والسياسية هي الثيمة التي يعبر عنها والي بقصصه، بأسلوب واقعي بعيدا عن الايغال بالايهام والرمزية المفرطة ودون الوقوع بفخاخ المباشرة، فالمتعة والانشداد، والانسيابية للسرد تتجلى بوضوح بمعظم قصصه التي دونها في-البحث عن وجه الشيطان- الصادر عن المطبعة العربية الهولندية بأمستردام-2008 وطيور خارج القفص الصادر عن دار الشؤون الثقافيه في بغداد 2008 وآخر إصداراته-إمرأة وكائنات أخرى- الصادرة في شباط 2009 عن دار الضياء في النجف الاشرف... إن تقنية الاديب عبد الهادي والي في كتابة القصة وصف الجانب الجمالي بالعلاقات الاسرية بين الاباء والاجداد والاحفاد كموروث عراقي يتميز بنسيج الوئام والحب والارتباط الروحي وهذا سر ديناميكية المجتمع وحميمية علاقاته، ليس كالمجتمعات المتفككة اسريا التي يعيش فيها الاحباط والاغتراب والتشظي والتمرد والعقوق فقصصه منتمية للواقع فهي منه وإليه، الفكرة الموحية من الواقع هي ثيمة القصة عند الاديب عبد الهادي والي وهي نقطة ارتكازه، وبؤرة السرد، وعالمه الذي يحلق به مستغنيا عن الاستطراد ،فلغته القصصية تعتمد التكثيف والمكاشفة دون الجنوح الى الفنتازيا...
في إصداره الاخير الذي توج تجربته القصصية بـ(19) قصة ثمرة وحيدة، أجنحة غير منظورة، ملامح متغيرة، عبارة متكررة، إمرأة وكائنات أخرى-سميت المجموعة بها- للسماء عيون تدمع احيانا،صدحات طائر حزين، شبح الخوف الاول، الجرح، الشجرة والعصافير، بخور وإمرأة ساحرة، أصوات أشبه بالعويل، همسات مريبة، تراتيل ليلية، طقوس فريضة سرية، وجوه كالحة، البحث عن وجه الشيطان، في الخلاء البعيد، الرجل الغريب.
يجسد فيها مواقف شخصية واجتماعية مؤطرة بنسق علاقات التقديس والاجلال للأم والاب والبراءة والطفولة كما في قصه(ثمرة وحيدة ص5): صوت أمي يحذرني من العبث بأغراض البيت فأتلصص منسحبا إلى الباحة وقد أخفيت في جيبي الصغير حفنة من الزبيب أو قطعا من السكر، على هيئة مكعبات،التهمها حال انشغال أمي.......... عباءة أبي تنتفخ بها الريح فتعبق رائحتها بشذى غريب محبب، وأنا أدفن رأسي بين تلافيفها، أحس بيد أبي الكبيرة الخشنة تمسح على شعري وابتسامة شحيحة ترف على شفتيه، وهو يسألني عن المدرسة وعن الدروس والعلامات التي أحصل عليها)... فهذه المدونات السردية القصيرة التي خاض غمارها تؤرشف للواقع الاجتماعي الذي يتماهى مع القيم والمثل النبيلة التي كنا نحياها ابان الستينات والسبعينات قبل أن تأخذ الحروب مأخذها من الجسد العراقي لان كارثيتها وفجائعيتها ودمويتها اسهمت بخلخلة الواقع الاسري..
أما في قصصه العاطفية فالوجد والحب والتعلق لعاشق متيم تراه بوضوح فهناك احتدام درامي وخصوصا بقصته إمرأة وكائنات أخرى ص33(ألمح قفاك بعباءتك المتسدلة على طول فارع وقوام ممتليء، أتملى أستدارتك الفائتة، تبرز صفحة وجهك، برموشك السود وهي تطرف بنظرات ماكرة، متلصصة، أبتسم في داخلي، تستغرقك أحاديث النسوة...) تناول والي بقصصه حياة القرية والفلاح والمدينة، وسطوة النظام الفاشستي ورجاله القساة وتجبرهم وظلمهم كما في قصة طقوس فريضة سرية التي تحكي الاسلوب الفج والوقح في تعامل ازلام الطاغوت مع المجتمع ص97 ((توقفت سيارة المنظمة الحزبية البيضاء،قرب المدرسه، أطل وجه السائق الجهم، أدار عينيه وسط الادارة المحتشدة بالمعلمين، طلب بصورة عاجلة أن ارافقه الى المبنى هناك، حيث المسؤول الكبير بأنتظاري. كان يبحث بعينين متفرستين، عن شخصي ضمن الوجوه التي خيم عليها خوف مفاجيء، صمتت الافواه وبانت الحيرة في القسمات تتطوع المدير وهو يشير ناحيتي مستفسرا من السائق بأدب جم،تمتم السائق بكلمات مبهمة وهو على عجل واضح من امره:
(نريد المعلم المذكور لدقائق!)...... وهذه القصة تحكي عن واقع مؤلم عاشه شعبنا الذي كان يحسب عليه أنفاسه من خلال رفاق الشيطان ومامن عراقي وطني الا وأُستدعي الى وكر من أوكار الخفافيش ليتجوب لماذا لديك أخ او أب أو قريب أو صديق في خارج الوطن؟! لماذا لم توقع استمارة انتماء للعفالقة؟!!...... فهذه القصة تختزل معاناة شعب طيلة اربعة عقود من البؤس...كذلك في قصته الرائعة في الخلاء البعيد ص121 وهو يؤرشف حالة تثير الفزع بعد انتفاضة شعبنا في شعبان 1991 ودخول قوات النظام الفاشستي الى المدن بعد تحريرها اسابيع من قبضته فكيف ساق الناس بالجملة الى المقاصل والمقابر الجماعية، وكيف عامل أوغاد البعث أبناء شعبهم الثائر بلا هوادة ولا رحمة.. ((في نهار موحش غريب، ظلت غمامة سوداء عين الشمس، لتحجبها عن الطلوع، في ذلك النهار، كان صف النسوة الطويل الزاحف بأتجاه البناية المعزولة عند تخوم المدينة، والذي يكتنفة شتات من الرجال الكهول، وجمهرة كبيرة من الصغار يزحفون وسط الشارع الرئيس للمدينة الفزعة، يخطون بأنتظام، مترامين كخط النمل، وجوه تبرز مقنعة وعيون تبرق بها حيرة تبحث عن منفذ لتهرب عبرة من حصار الوجوه المتنمرة، المفترسة، الوجوه التي تكاد تبيح تقاطيعها الصلفة، المتحجرة كان الزحف قد اكتمل بعويل الاطفال بين الصفوف المندفعة الى البحر الى الصحراء الى مقابر جماعية، لافرق....)) ويستمر القاص المبدع عبد الهادي والي في سرده المؤرشف الى حقبة سوداء دهماء أطلت برعبها على مدن العراق، والمرتجى من الادباء أرشفة تلك الحالات التي اقترفها اللانظام بحق ابناء شعبه فالادب
الجاد يصور معاناة الانسان ومراحله الاجتماعية بلغة ساحرة وهي لغة الجمال لغة السرد
في إصداره الاخير الذي توج تجربته القصصية بـ(19) قصة ثمرة وحيدة، أجنحة غير منظورة، ملامح متغيرة، عبارة متكررة، إمرأة وكائنات أخرى-سميت المجموعة بها- للسماء عيون تدمع احيانا،صدحات طائر حزين، شبح الخوف الاول، الجرح، الشجرة والعصافير، بخور وإمرأة ساحرة، أصوات أشبه بالعويل، همسات مريبة، تراتيل ليلية، طقوس فريضة سرية، وجوه كالحة، البحث عن وجه الشيطان، في الخلاء البعيد، الرجل الغريب.
يجسد فيها مواقف شخصية واجتماعية مؤطرة بنسق علاقات التقديس والاجلال للأم والاب والبراءة والطفولة كما في قصه(ثمرة وحيدة ص5): صوت أمي يحذرني من العبث بأغراض البيت فأتلصص منسحبا إلى الباحة وقد أخفيت في جيبي الصغير حفنة من الزبيب أو قطعا من السكر، على هيئة مكعبات،التهمها حال انشغال أمي.......... عباءة أبي تنتفخ بها الريح فتعبق رائحتها بشذى غريب محبب، وأنا أدفن رأسي بين تلافيفها، أحس بيد أبي الكبيرة الخشنة تمسح على شعري وابتسامة شحيحة ترف على شفتيه، وهو يسألني عن المدرسة وعن الدروس والعلامات التي أحصل عليها)... فهذه المدونات السردية القصيرة التي خاض غمارها تؤرشف للواقع الاجتماعي الذي يتماهى مع القيم والمثل النبيلة التي كنا نحياها ابان الستينات والسبعينات قبل أن تأخذ الحروب مأخذها من الجسد العراقي لان كارثيتها وفجائعيتها ودمويتها اسهمت بخلخلة الواقع الاسري..
أما في قصصه العاطفية فالوجد والحب والتعلق لعاشق متيم تراه بوضوح فهناك احتدام درامي وخصوصا بقصته إمرأة وكائنات أخرى ص33(ألمح قفاك بعباءتك المتسدلة على طول فارع وقوام ممتليء، أتملى أستدارتك الفائتة، تبرز صفحة وجهك، برموشك السود وهي تطرف بنظرات ماكرة، متلصصة، أبتسم في داخلي، تستغرقك أحاديث النسوة...) تناول والي بقصصه حياة القرية والفلاح والمدينة، وسطوة النظام الفاشستي ورجاله القساة وتجبرهم وظلمهم كما في قصة طقوس فريضة سرية التي تحكي الاسلوب الفج والوقح في تعامل ازلام الطاغوت مع المجتمع ص97 ((توقفت سيارة المنظمة الحزبية البيضاء،قرب المدرسه، أطل وجه السائق الجهم، أدار عينيه وسط الادارة المحتشدة بالمعلمين، طلب بصورة عاجلة أن ارافقه الى المبنى هناك، حيث المسؤول الكبير بأنتظاري. كان يبحث بعينين متفرستين، عن شخصي ضمن الوجوه التي خيم عليها خوف مفاجيء، صمتت الافواه وبانت الحيرة في القسمات تتطوع المدير وهو يشير ناحيتي مستفسرا من السائق بأدب جم،تمتم السائق بكلمات مبهمة وهو على عجل واضح من امره:
(نريد المعلم المذكور لدقائق!)...... وهذه القصة تحكي عن واقع مؤلم عاشه شعبنا الذي كان يحسب عليه أنفاسه من خلال رفاق الشيطان ومامن عراقي وطني الا وأُستدعي الى وكر من أوكار الخفافيش ليتجوب لماذا لديك أخ او أب أو قريب أو صديق في خارج الوطن؟! لماذا لم توقع استمارة انتماء للعفالقة؟!!...... فهذه القصة تختزل معاناة شعب طيلة اربعة عقود من البؤس...كذلك في قصته الرائعة في الخلاء البعيد ص121 وهو يؤرشف حالة تثير الفزع بعد انتفاضة شعبنا في شعبان 1991 ودخول قوات النظام الفاشستي الى المدن بعد تحريرها اسابيع من قبضته فكيف ساق الناس بالجملة الى المقاصل والمقابر الجماعية، وكيف عامل أوغاد البعث أبناء شعبهم الثائر بلا هوادة ولا رحمة.. ((في نهار موحش غريب، ظلت غمامة سوداء عين الشمس، لتحجبها عن الطلوع، في ذلك النهار، كان صف النسوة الطويل الزاحف بأتجاه البناية المعزولة عند تخوم المدينة، والذي يكتنفة شتات من الرجال الكهول، وجمهرة كبيرة من الصغار يزحفون وسط الشارع الرئيس للمدينة الفزعة، يخطون بأنتظام، مترامين كخط النمل، وجوه تبرز مقنعة وعيون تبرق بها حيرة تبحث عن منفذ لتهرب عبرة من حصار الوجوه المتنمرة، المفترسة، الوجوه التي تكاد تبيح تقاطيعها الصلفة، المتحجرة كان الزحف قد اكتمل بعويل الاطفال بين الصفوف المندفعة الى البحر الى الصحراء الى مقابر جماعية، لافرق....)) ويستمر القاص المبدع عبد الهادي والي في سرده المؤرشف الى حقبة سوداء دهماء أطلت برعبها على مدن العراق، والمرتجى من الادباء أرشفة تلك الحالات التي اقترفها اللانظام بحق ابناء شعبه فالادب
الجاد يصور معاناة الانسان ومراحله الاجتماعية بلغة ساحرة وهي لغة الجمال لغة السرد