يعد المكان المقدس في التدوينات الأدبية مكونا من مكونات الوعي ويتسامى عبر المكانة الروحية السامية بما يمتلك من ارتباطات شعورية تجعل منه حلقة وصل بين ماهو دنيوي وأخروي وتضيف المعطيات العمرانية والكثير من الدلالات العلمية المهمة ومقومات اخرى الى المنشور سمات تواصلية تساهم في خلق تأثيرية عالية ، وقيم معرفية تمنح المتلقي افاقا ابداعية حيوية ، مثل التحقيق الذي قدمته الكاتبة ( زهرة عطوان ) عن الجامع الاموي الذي كان معبدا مخصصا لعبادة الاوثان ويعبد فيه اله يسمى ( آذر ) وتحول في بداية فتح دمشق الى مسجد اسلامي ، وتم انجازه لمدة سبع سنوات في عهد سليمان بن عبد الله بن عبد الملك ، وفيه مقامات للكثير من الانبياء كمقام النبي هود وراس النبي يحي و( باب الزيادة) الذي أدخل منه اسارى اهل البيت عليهم السلام ، وهناك موضع ( مكان الراس الحسيني الشريف ) يقع بعد محراب ومسجد الامام زين العابدين عليه السلام مقام زين العابدين هو المكان الذي سجن فيه الامام السجاد عليه السلام ، ويبقى هذا الجامع معلما اثريا يحتفي به العالم ، وتعطي المسحة الشعورية جواذب مهمة تتجلى اثرها التواريخ لأضافة معلومات تستقرأ المكان ، وتأخذنا الكاتبة ( زهرة عطوان الكناني ) في موضوع آخر الى مرقد السيدة زينب عليها السلام ، يقع في الجهة الجنوبية من مدينة دمشق ، له اربعة مداخل واسعة وجميلة يحيط بها رواق عرضه اربعة امتار يرتكز سقفه على اقواس متميزة وسقف الحرم متدرج ، وقدمت وصفا مكانيا يستحضر الذاكرة التاريخية بكل ما عانت هذه المجاهدة الصابرة ، بلاغة وصفية تدخلنا المشهد المقدس اذ يزين الخزف رواق الصحن ورواق الحرم والاعمدة والدعائم والمئذنة والقبة ، وقد تم انشاء قبة مقام السيدة زينب بالذهب ثم اهدي له ضريحا من خشب الابنوس سنة 1955م ،و تشير التحقيقات في (رياض الزهراء ) الى اهتمام تدويني يسعى الى خلق موسوعة معلوماتية تضم جميع المراقد والمقامات داخل ـ خارج العراق ، وقدمت كاتبات الرياض تجربة متمكنة مبدعة ، تتنامى عاما بعد عام وتنفض مواضيع متنوعة داخل بوتقة المراقد والمزارات ـ اذ قدمت الكاتبة ( ازهار عبد الجبار ) تحقيقا عن مرقد النبي ابراهيم عليه السلام في مدينة بابل ، التي تحتوي على المواضع الاثرية والدينية ومنها موقع ( البرس ) مكان ولادة نبي الله ابراهيم عليه السلام .. بوابة خشبية ـ والصحن محاط بسور متوسط الارتفاع وارضه مكسورة بالمرمر ، وعبر هذه الرحلة الوصفية تأخذنا الى غارالنور ـ ومكان آخر هو طريق الملائكة ويضم المحرقة ـ المكان الذي جمع فيه الحطب وقذف به من قصر النمرود بحوالي (3كم) وهي الى الآن منطقة جرداء غير صالحة للزراعة رغم ان الاراضي المحيطة جميعها بساتين ومزارع واسعة ، وقدمت تحقيقا آخر عن ( جامع بر اثا ) ويعرف ( بالمنطقة ) وهو على بعد ( 5كم) من العتبة الكاظمية المقدسة ويقع في منطقة الكر خ ، مزار يقصده الآف الزائرين ـ ويعتقد انه كان بيتا للسيدة مريم وفيها ماء عين ابانها أمير المؤمنين علي عليه السلام ، كان عبارة عن دير يعتكف فيه راهب اسمه ( حباب ) وباني الدير يدعى ( براثا ) ولذلك سمي الجامع باسمه وقد مر به الامام علي عليه السلام بعد عودته من معركة النهروان ـ وباسلام الر اهب تحول هذا الدير الى مسجد ، وقدمت الكاتبة ( ازهار عبد الجبار ) موضوعا آخرا عن مزار الشريف المرتضى ـ هذا المرقد الذي قالت عنه الكاتبة ،
:ـ انه مرقد يشع بتاريخ العقيدة والايمان ، وهذا المرقد هو دار السيد الشريف المرتضى ، ومن الطرائف التي تذكر ، عن وجود سرداب يوصل الى بيت الشريف الرضي والى مكان قبر جده الامام موسى الكاظم عليه السلام ، وشيد فوقه مسجد لصلاة النساء يضم المرقد قبة السيد الشريف المرتضى ، وامام المرقد شمالا صحن لصلاة الرجال ، وباحة يدخل من خلالها الزائرون ، وقدمت ايضا تحقيقا عن مقامي لكف ابي الفضل العباس عليه السلام عبر لقاء مع المؤرخ الحاج عبد الامير القريشي ، اذ يقع الكف الأيمن في الجهة الشمالية الشرقية من العتبة العباسية المقدسة والكف الايسر من الجهة الجنوبية الشرقية ، واستدل على مقام الكف الايسر برؤيا مباركة فانشأ صاحب الدار مقاما لها ، وكان عبارة عن مشبك صغير مرصوف في جدار صغير ، واليوم اصبح مقاما ببركة المولى واما الكف الايمن في زقاق (الصخني ) شيد هذا المقام من القرن الثالث عشر الهجري ، واعيد بناءه عام 1983م ، تعريفات تدوينية مهمة تبرز لنا قيمة الوعي المكاني ، نشر ثقافة المكان ومعرفة خصوصية كل اثر تأريخي مع خصوصية كل اسلوب ، وابعاد ما قدمت من محاور اثرية ، قد يكون انتقاء الاثر تابع لظرف خاص أو لأستحكامات البعد والقرب المكاني ، او لهدف له حضور يمتلك خصوصية موائمة معينة أو مكانية معينة في الوعي الجمعي ، مثل تحقيق المكانية عند ( مدينة محمد اكبر ) الذي كان عن جامع رأس الحسين ويقع في منطقة حي الحسين ، و يعرف بجامع ( نصف منارة ) مساحة كبيرة وحديقة واسعة وحضور كبير وقاعة خاصة للنساء ، تقام في هذا الجامع نشاطات اجتماعية وثقافية وفكرية ودينية عديدة ـ كما كتبت موضوعا آخرا عن مرقد ( اثيب اليماني ) من الرجال المخلصين في الولاء لأمير المؤمنين علي عليه السلام ، وكان زعيما مطاعا أنتزع منه قومه الملك والمال وجاء يشكو للامام علي عليه السلام في الحال فعلمه الدعاء المعروف ( باليماني ) وبعد قراءة الدعاء لمدة اربعين يوما عادت للرجل اليماني سلطته ببركة امير المؤمنين عليه السلام والدعاء المبارك فاوصى الرجل اليماني عند موته لابد ان تنقل جثمانه الى أرض الغري ، وذكر العديد من العلماء والمؤرخين ان قصة نقل الجثمان قصة معروفة ومثل هذه المعلومات تسهم في زيادة معرفية ، وهو اسلوب تنوعي يقدم المكان المقدس ومحتواه الرؤى المعروضة في بنى ابداعية ، تذكر الروايات نبوءة الامام علي عليه السلام وهو يخبرهم بقدوم الجنازة ويوصيهم بالاستعداد لأستقبالها قبل ثلاثة ايام وفعلا استقبل الامام بنفسه جنازة اليماني ، واشرف على دفن جسده ، ونشرت الكاتبة نفسها وعلى صفحة معالم مقدسة قصة الطفل الرضيع وموضوع الرسول ( ص) يحتضر فقضية الطفل الرضيع عليه السلام ، هي قصة انسانية كبيرة ولابد من تخصيص يوم مقتله يوما عالميا للطفل ( يوم الطفل العالمي ) والموضوع يدور في محورين .. المحور الاول .. هو كيف تعامل الرمز السلبي مع هذه الجريمة والمحورالثاني ... تعامل الرمز الايجابي مع القضية ، معرفة الطفل ومعرفة عوالم الاب والام ، وبالمناسبة لدينا وقفة تأمل اتجاه الموضوع ـ اولا ...ان الامام عليه السلام ما جاء بالطفل لساحة المعركة ولا رفعه ليطلب له ماءا ، اغلب المقاتل تركز على مسألة التوديع انه اراد توديع ولده الرضيع فاخذه من يد عمته عليها السلام ليقبل جبينه وحينها استغل حرملة الموقف فرماه بسهم .. والمسالة الثانية ان للطفل الرضيع اليوم مقاما في قلب كربلاء المقدسة وفي احدى الازقة المتشعبة من شارع السدرة ، مرقد صغير لابد من وقفة تأملية لحدود رمزيته والبناء المشيد ودعائم مستندات وضعه في هذا المكان دون غيره ، واما الموضوع الثاني الذي نشرته الكاتبة فكان عن قبر النبي (ص) والوصف العمراني للقبر وتاريخ البناء ، وقدمت لنا الكاتبة معلومات رائعة عن القبر المبارك منها معلومة تقول ان القبر شيد من قبل ( نور الدين ) ونزل باساسه الى منابع المياه ثم سكب عليه الرصاص ، لايستطيع أحد حفره ، وكتبت وصفا دقيقا للقبة الخضراء وللروضة الشريفة ، ونجد ان تنوع اختيارات تحقيق الامكنة المقدسة يمثل مظهرا طبيعيا يعتمد على التكامل الذوقي والثقافي والجمالي ومنح قيمة اسمى للمنجز الكلي ـ لكونه قادر على ان يغطي كامل الامكنة المقدسة ، الكاتبة ( لوية هادي الفتلاوي ) قدمت تحقيقا عن مرقد ( احمد بن هاشم ) وعن مرقد (السيد محمد السيد جودة )،تقوم هذه المواضيع على مجموعة من الدوافع القيمية ومنها الدافع الولائي الذي يحرص على تقديم صاحب المرقد ، فهو السيد شرف الدين بن احمد بن أبي الفائز الموسوي الحائري ، ويرجع نسبه الى السيد ابراهيم المجاب ، ثم الدافع الاخر ( الدافع المعرفي ) الذي يقدم جغرافية المكان والاطر المعمارية ، مشهد وصفي لقياسات الطول والعرض ولارتفاع السقف والقبة ، ووصف للمشهد المعماري ، وقد تم اكتشاف القبر عبر رؤيا مباركة ، صدقت بالحفر وظهرت الاستدلالات الواضحة والاسم والنسب المنحوت على صخرة فوق القبر المبارك ، واما مرقد السيد جودة فهو للسيد محمد السيد عبود السيد جودة ، عبارة عن غرفة صغيرة مساحتها ( 20م) وهذه الغرفة كانت مكانا مخصصا لتجمع موكب ابناء عشيرة بني اسد الذي ينطلق يوم الثالث عشر من محرم ليمارس عملية دفن الاجساد الشريفة تماثلا لما حدث في المشهد المرجعي لدفن الاجساد الشريفة في واقعة الطف المباركة ، ، ونجد ان نجاح هذه المواضيع لكونها تقدم هذه المراقد والمقامات مادة للتداول في القراءة أو في المعطى العام للشمول المعرفي ، وبهذا المعنى لابد ان يتم اشغال المساحة المتاحة من حرية الاعلام ، واقصد الجوهر الكامن داخل حدود الممنوع ايام خلت ، هذا نداء روح وفصول تسامي واطلالة وعي تجعلنا امام تجارب تدوينية متنوعة كتجربة الكاتبة ( دعاء جمال ) في موضوع مقام الامام جعفر الادق عليه السلام ، وتجربة الكاتبة ( امآل كاظم الفتلاوي ) في موضوع مقام( مرد الشمس ) وتجربة الكاتبة ( ليلى ابراهيم رمضان ) في موضوع عن حرم الامام الحسين عليه السلام ، مقام الامام جعفر الصادق هو اثر من اثاره تقول الروايات عن وروده لزيارة كربلاء واغتساله بنهر الفرات ، ويقال ان الزعيم البكتاشي بناه اثر رؤية مباركة ، وهدم المقام عام 1991م / وبعدها اعيد البناء ليصبح يهذه الصورة ، ومقام (مرد الشمس) فهو مسجد صغير ترتفع عليه قبة مقرنصة ، يعود تأريخ بناء هذا المقام الى زمن السلاجقة وهندسته صعبة جدا فهو احد ا ربع قباب مبنية بهذا الشكل في العالم ( قبة قبر السيدة زبيدة / قبة قبر عمر السهروردي / الحدباء في الموصل / وقبة مرد الشمس ) واما موضوع الكاتبة ليلى ابراهيم رمضان كان عن (عمارة حرم الحسين عليه السلام ) في لقاء مع مؤرخ كربلاء الدكتور( سلمان هادي آل طعمة) الذي اعطى الصورة الواضحة لأول عمارة حسينية ...، نجد ان هذا التدوين هو تلبية لضمير يحث على التواصل الولائي وكاتبات ( مجلة رياض الزهراء ) قدمن منجزا كبيرا يتقربن به الى الله تعالى والى المسيرة الابداعية المؤمنة ـ