إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الإمام الحسين عليه السلام حارس الإسلام

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الإمام الحسين عليه السلام حارس الإسلام

    بسم الله الرحمن الرحيم
    إنّ جميع الطرق التي كان يمكن لسبط النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يستفيد منها لأجل حفظ تراث الإسلام العظيم مشهودة في حياة سيد الشهداء، من حيث التبيين والإنذار والحركة الإعلامية التبليغية وإيقاظ وجدان الناس...كل تلك الأمور كانت على مَرّ حياة سيّد الشهداء، وبعد وقوفه بوجه انحرافٍ كبير قاصداً مواجهته بالنفس، لم يكن الإمام الحسين عليه السلام غافلاً عن مصير هذه الحركة، كلا، بل قام عليه السلام برسم خطّة عمل ولم يستسلم ودعا الناس إلى النصرة. عندما ينظر المرء في كلمات الإمام عليه السلام يرى أنّه كان عازماً وجازماً على إتمام هذا العمل. فوقوفه عليه السلام مقابل حركة انحرافية استثنائية بخطرها في ذلك الزمان كان مستنداً إلى تعاليم الإسلام إذ يقول عليه السلام: "إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: مَنْ رَأَى سُلْطَاناً جَائِراً مُسْتَحِلّاً لِحُرُمِ اللهِ نَاكِثاً لِعَهْدِ اللهِ مُخَالِفاً لِسُنَّة رَسُولِ اللهِ يَعْمَلُ فِي عِبَادِ اللهِ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ثُمَّ لَمْ يُغَيِّرْ عليهِ بِفعلٍ ولا قولٍ كَانَ حَقاً عَلَى اللهِ أَنْ يُدْخِلَهُ مَدْخَلَه". لقد بيّن الإمام عليه السلام أنّ تكليفه إظهار المعارضة والتقدُّم على طريقها، وليكن المصير ما يكون. فإذا كان المصير هو الانتصار فما أَحسَنَه، وإذا كانت الشهادة فما أحسنها أيضاً. وهذا ما أضحى إيثاراً كاملاً وحفظاً للإسلام. هذا التحرّك نفسه هو الذي حفظ الإسلام وجعل القيم باقية ثابتة في المجتمع. فلو لم يتقبّل الإمام عليه السلام مثل هذه المخاطرة ولم يتحرّك ويقدّم ويبذل دمه ولم تحصل تلك الفجائع العظيمة، لما بقيت هذه الواقعة في التاريخ. فقد كان ينبغي، وبهذا النحو من العظمة، إحداث صدمة بوجه ذلك الانحراف في ذهن المجتمع والتاريخ وقد حصل. هذه هي تضحية الإمام الحسين عليه السلام وحراسته للإسلام.

    كربلاء موطن الجهاد والعرفان

    بالرغم من أنّ واقعة عاشوراء وأحداث كربلاء كانت ساحة جهادٍ وقتال وتضحية وشهادة إلّا أنّنا نرى الإمام الحسين عليه السلام يتكلم ويتعامل بلسان الحبّ والرضا والعرفان مع الله تعالى. ففي آخر المعركة وضع عليه السلام خدّه المبارك على تراب كربلاء اللّاهبة قائلاً: "إلهي رضاً بقضائك وتسليماً لأمرك". وكذا حين خروجه من مكّة قال عليه السلام: "من كان باذلاً فينا مهجته، وموطّناً على لقاء الله نفسه، فليرحل معنا". إنّ وجه العرفان والتضرع والابتهال تجلّى بوضوح في كربلاء.

    إنّ معنى هذا أنّ واقعة عاشوراء واقعة عرفانية. فإذا نظرتم إلى عمق نسيج هذه الواقعة الملحمية لرأيتم معالم العرفان، والمعنوية، والتضرع، وكنوز دعاء عرفة... فإنّ هذا الاندفاع المعنوي، والعرفان، والابتهال إلى الله والفناء فيه، وعدم رؤية الذات أمام إرادته المقدّسة، هو الذي أضفى على واقعة كربلاء هذا الجلال والعظمة والخلود. فبُعد الجهاد والشهادة جاء حصيلةً ونتاجاً للبعد العرفاني النابع من روح الإيمان، والمنبثق من قلبٍ يتحرّق شوقاً، والصادر عن روح متلهّفة للقاء الله، ومستغرقة في ذات الله سبحانه وتعالى.

    اتحاد المنطق والعاطفة

    للعاطفة دورٌ مميَّز في واقعة كربلاء وفي استمرارها. فواقعة كربلاء ليست قضيّة جافّة ومقتصرة على الاستدلال المنطقي فحسب، بل هي قضيّة اتّحد فيها الحب والعاطفة والشفقة والبكاء.

    لقد كانت زينب الكبرى عليها السلام تخطب في الكوفة والشام خطباً منطقية، إلا أنها كانت في الوقت نفسه تقيم مآتم العزاء. وقد كان الإمام السجاد عليه السلام بتلك القوة والصلابة حيث كانت كلماته تنزل كالصاعقة على رؤوس بني أمية عندما يصعد المنبر، إلا أنه كان يعقد مجالس العزاء أيضاً.

    إنَّ مجالس العزاء مستمرة إلى يومنا هذا، ولا بد أن تستمر إلى الأبد، لأجل استقطاب العواطف. فمن خلال أجواء العاطفة والمحبة والشفقة تُفهم الكثير من الحقائق التي يصعب فهمها خارج نطاق هذه الأجواء.

    ولكن هذه المآتم المقامة والدموع الجارية ليست لمجرد الحزن والبكاء، بل إنها للقيم. فالذي ينطوي خلف كل هذه المآتم ولطم الرؤوس والصدور وذرف الدموع هو أعزّ وأكرم النفائس التي يمكن أن تحتوي عليها كنوز الإنسانية. إنها القيم المعنوية الإلهية المتبلورة في الحسين بن علي عليهما السلام ونحن نريد الحفاظ عليها، ولهذا السبب فقد جعل شعبنا ومسؤولونا وقادتنا وإمامنا الخميني الكبير قدس سره العزاء محوراً وأساساً للتحرك في قيام الثورة الإسلامية، ونظام الجمهورية الإسلامية، من الألف إلى الياء.

    إنّ هذه الحقيقة من أعزّ ما لدينا، فلا يجدر التلاعب بها، ولا يحق لأحد العبث بحقائق واقعة عاشوراء.

    النهضة الحسينية مدرسة الأحرار

    إنّ عالمنا اليوم مليء بالظلم والجور، فما يحدث في فلسطين والعراق والبلدان الأخرى، وما يُرتكب من جرائم بحق شعوب العالم، ونهبٍ لثروات الأمم والشعوب ظاهر وواضح للجميع.

    إنّ الأبعاد العظيمة لنهضة الإمام الحسين بن علي عليهما السلام تتسع لتشمل كافة هذه الميادين المترامية. فلقد علّم الإمام الحسين عليه السلام أحرار العالم والأجيال جميعاً درساً في الجهاد ومقارعة الظالم.

    إنّ عزاء الإمام الحسين عليه السلام لا بد أن يهدف إلى نشر البيان والتبيين والوعي وتعزيز الإيمان وتقوية روح التدين والشجاعة والغيرة على الدين والقضاء على حالة اللامبالاة وفقدان الوعي والنشاط التي يعاني منها البعض. فهذا هو معنى النهضة الحسينية وإقامة مجالس عزاء الإمام الحسين عليه السلام في عصرنا الحاضر، وهي ظاهرة حية، وستبقى حية ونابضة مدى الزمان.

    إنّ البعد العاطفي لهذه المراسم يترك أثره على مشاعر وأحاسيس الجماهير، أما البعد المعنوي العميق فإنه يرسخ الوعي لدى أرباب الفكر والبصيرة. فعن أمير المؤمنين عليه السلام: "ألا لا يحمل هذا العَلَم إلا أهل البصر والصبر". وهذا العَلَم هو عَلَم الإنسانية ولواء الإسلام والتوحيد، فلا يحمله إلا أهله، وإن الإمام الحسين عليه السلام هو مظهر البصيرة والصبر.
    التعديل الأخير تم بواسطة الراصد الجديد; الساعة 12-11-2012, 10:01 PM. سبب آخر: حذف روابط
    sigpic
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X