الأبيجرام لغة: .. هو النقش .. لقد كانقدماء الإغريق .. ــ كذلك العرب ــ ينقشونبيتا او بيتين من الشعر
على قبور رجالاتهم. والكلمة تطلق على ايبيت شعري يتميز باختصار اللفظ وكثافة المعنى..او بما يمكن أن نسميه الجامع المانع..ويشرح كوليردج مفردة الابيجرام ...
(إنها كيان مكتمل وصغير
جسده الإيجاز،، والمفارقة روحه..)
كثيرة هي النقوش التي كتبت على شواهد قبورالعظماء على مر التأريخ..لكن حظوظها من الخلود تباينت بين اندثار الاثر.. والإهمال..وتدخلتعوامل الطبيعة ايضا لتمحو بعض الآثار..
ابو عبد الله الحسين عليه السلام حين دفن.لم يكتب عند قبره نقشا تذكره كتب التأريخ.. بل كانت هناك محاولات من خصومه ومحبيه ــعلى السواء ــ لإخفاء مكان قبره قدر الإمكان..
فعل خصومه ذلك بغضا وخوفا من سطوة سحر إسمالحسين في قلوب الناس.
. وفعل محبوه ذلك فرقا وإشفاقا من تدنيسمكانه الطاهر المقدس..
وبقي الأمر محفوفا بمحاولات محو الأثر لعقودمن السنين..
لكن ماهو السر في خلود النقش المعنوي لاالمادي ليوم الطف الخالد؟؟ والذي امتد الى يومنا هذا .. وسيمتد الى سنين قادمة..طالماوجد على الأرض بشر..؟؟
ماذا فعلت الساعات القليلة من صبيحة وظهيرةاليوم العاشر من شهر محرم عام 61 للهجرة؟؟.. وماهو سر خلودها؟؟ هل لأن الحسين عليهالسلام ابن بنت رسول الله؟؟
هل لأن الحسين تميز بالمبدأية والتقى والزهدوالصوم والصلاة؟؟والحرص على نقاء دين جده؟؟
قد تكون هذه العوامل راجحة لدى عامة المسلمين..لكن ماسرّ خلود نقش الحسين في نفوس حرة أبية لاتدين بدين الاسلام؟؟
ماالذي يدعو غاندي ونهرو وماو وجورج جرداقوجبران خليل جبران أن يتحدثوا بإكبار عن الحسين مثلا؟.
من الذي وحد شعوب ايران المختلفة الاعراقوالمذاهب بوجه الشاه لتطيح بنظامه نهاية سبعينات القرن الماضي؟؟ وكان من اكثر ألانظمةجبروتا في الشرق؟؟..
من الذي جعل العراقيين يرفضون الظلم والجبروتويقدمون الاف الشهداء على طريق الحرية والانعتاق؟؟ خلال عشرات القرون.. من عهد يزيدالى يومنا هذا؟
من الذي جعل العراقي أبي النفس لايرضى بالخنوعمن اين أتى؟؟ ومن جعله عصيا على الحكام فسلطوا عليه أسافل الناس كإبن زياد والحجاجوالقسري وعشرات الولاة من سلاجقة وعثمانيين. ورؤساء طغاة خلال القرن العشرين... وبقينافرا صعبا قياده؟؟؟
هو الابيجرام الحسيني الذي يرفض الزيف..هو الإباء.. هو الاشعاع الضوئي الذي يغمر الوجدان قبل اللسان. ويستنهض الروح قبل الدمعة..ويعزز الامل .. فيتبعه عمل.. الام ترضع طفلها نور الحسين.. وتهمس بإذنه وهو يتعرف علىاوليات اللغة. أن أحب حسينا.. ولا تخن حسينا..
خلد أمره . واتبع نهجه وأثره.. ونهجه العفةوالنزاهة.. ونهجه الإباء. ونهجه التضحية والايثار. لا ألإثرة والطمع.. نهجه نصرة المظلوم..والدفاععن الفقير المحروم..
من اجل كل ذلك بقي النقش معنويا خالدا.مكانه الوجدان والضمير.. لايحده زمان ولا مكان. من اجل كل ذلك بقي العراقي الفرد عصياعلى الاحتلالات.. عصيا على الانظمة الغاشمة.. لأن نقش الحسين في وجدانه..