نقرأ في كل مناسبة عاشورائية العديد من المقالاتوالدراسات والبحوث المنشورة في مواقع كثيرة، ونتداولها لمعرفة كنه البنى الثقافيةالمتنوعة، وهذه المرة لاحظنا مثل هذه الإسقاطات التي وردت في بعض الكتاباتالمنشورة في موقع (المثقف) ويقيناً في مواقع أُخَر، فنجد أن جميع الكتاب يدّعونالموضوعية في الطرح وعدم الانحياز وعدم التعاطف والحكم بروح ايجابية يجمّلها الصدقوطلب الحقيقة، ولكن عندما ندخل صلب مواضيعهم نجد ان اسقاطات الطيف الآخر تظهر منخلال اللاحيادية عندهم، ونجدهم للأسف محملين بايدلوجيات مؤثثة مسبقاً واحكام جاهزةمكررة في جميع مواضيعهم، دون أن يقف أحدهم يوماً ليرى ما في مواضيعه من شرخ وايهام،نجدهم كذلك مهيئين نفسياً لنقض كل التفسيرات المنطقية، معتمدين على انحياز مبرمجوتعاطف سلبي لايحتكم لأي ايجابية صحيحة، فأي استقلالية وعدم انحياز لكاتب يسقط آراءغريبة ومكررة، بل أصبحت رثة لكثرة ما يتشدق بها المتشدقون مع اعترافنا الكامل بمايمتلك أولئك الكتاب من مراتب عالية في الثقافة والأدب، ولكن مثل هذه الانحرافات قدتؤدي الى هباء غير محسوب.الكاتب الاستاذ (راغب الركابي) الذي نظر الى قضية الحسين(عليهالسلام) بأنها تمثل الجانب السياسي والانساني، اللذان أُدمجا كما يرى الكاتبالركابي لاستغلال الجهل والعاطفة، أليس هذا هو رأي قاطع وحاد؟، أين الانحيازيةوالحياد من استغلال سياسي للجهل والعاطفة؟ وهذا يعني محور حكم الشعائر الحسينيةعند الاستاذ الركابي، وهذا حكم فيه جزم لايصلح لمقدمة طويلة عريضة تتغنى بالتحليلالمنصف، بعد ذلك نجده يقترب تارة من الموضوع ويبتعد أخرى فهو يقترب الى عقدةالطائفية التي تحتوي الكثير من مواضيعه، والتي خصّص لها جهداً قيماً بالنسبة لهليقول ان القضية الحسينية بهذا الشكل تعد خطيئة أضرّت بوحدة الأمة ووحدة قيمها،وكأنّ قيم الأمة لاتُبارك إحياء قضية الحسين(عليه السلام)، فالسؤال المحيّر فعلاًهو كيف أضرّت هذه الشعائر بالأمة؟ والطائفة الشيعية كأمة تسعى لأن تكون قضية الحسين(عليهالسلام) جامعة تلم الشمل دون ان تحتكم الى دعائية يراها السيد الركابي، فماذا يقولالسيد راغب في تصريحاتٍ علنيةٍ وفتاوى تجيّشُ لتكفير أتباع أهل البيت(عليهمالسلام) والقتل بمرجعية دينية مجهزة ومسلفنة بدعائية استقبال نبوي لقاتل الشيعة فيجنات الله مع وجبة غداء فاخرة، قد يحتاج بعض الأخوان والأساتذة الكتاب الى تقويلبعض الشعائر أو تقويل الشيعة بأشياء تكبر في مخيلتهم او تساق بمورد آخر، يقول أستاذناالمبدع راغب الركابي (ان الحسين خرج لا من أجل عودة الحكم الى أهل البيت(عليهمالسلام) كما قد يتوهم البعض)، في حقيقة الأمر ليس هناك شيعي واحد يؤمن بان الحسين(عليهالسلام) خرج لأجل عودة الحكم، أو سعياً لحكم، لكننا نرى أن أهل البيت(عليهم السلام) هم الأحق بالحكم، وكانبودي أن يضع الكاتب الركابي بنفسه (عليهم السلام) مُذيلاً لذكر أهل البيت احترامالمُتلقّيه، ما دام هو يسعى الى شمولية التلقّي، وأنا أعرف قبل غيري امكانية الكاتبالركابي وإيمانه بثقافته ومرتكزه الايماني بأن الحسين(عليه السلام)، هو الأولى وإنالنظام الوراثي الشرير من قبل معاوية يخالف منطق الشرع وإرادته، وإدراك قيمة هذاالانتهاك القانوني الدستوري للإسلام مع أننا نختلف معه في نقاط عديدة ومهمة قدتكون جوهرية، لكوننا نؤمن بأن الإمامة مطلب إلهي وليست خلافة دنيوية سياسية وإنماهي رسالة متممة للرسالة النبوية، ونقف عنداقرار الكاتب الركابي بأن الوصية من معاوية هي شكل مخالف للشريعة فنطالبه بالوقوف أمامالحقبة الراشدية بالوصية الانتقالية، التي نصّبت الخليفة الثاني(رضي الله عنه)ويعني أن هذا الشكل المخالف هو إرث سلوكي مجهّز ومصدّر، ثم نأتي الى موضوعة الجوهرالمزيف في الرواية والتي فعلاً تحتاج الى أمانة عالية في النقل، وأدعو أولاً الأستاذالركابي الى مراجعة واعية مع الذات ومع المصادر حول ماورد عن موافقته(عليه السلام)على مبايعة يزيد، ويدعي بأن القول رُدّد من قبل علماء الشيعة -حسب تعبير الأستاذالركابي أطال الله عمره-، كالشيخ المفيدوالشيخ الطوسي والسيد المرتضى ويحيلنا الى كتاب إشكالية الخطاب لوقعة كربلاء للشيخ الركابي، والشيخ الركابي-دامذكره عزيزاً-، لايشكّل لنا أثراً مهمّاً رغم علمنا بما كتبه الأستاذ الركابي من بحوث ودراسات حول هذا الكتاب، وهذا تأثر انطباعي لا يُعدّ مصدراً، بل هو نقل واضح عنكتاب -مقاتل الطالبيين- لأبي الفرج الأصفهاني، الذي يرى أن الحسين(عليه السلام) قدذكر ثلاثة مطالب: أن تتركوني ألحق بيزيد، أو أرجع من حيث أتيت، أو أمضي الى بعضثغور المسلمين، وأبو الفرج ليس من علماء الشيعة، وعلى كل حال الجميع يعلم أنالقضية مفبركة من قبل عمر بن سعد الذي أرادأن يصل الى حكم الري دون قتال، ودون أن يتورط بدم الحسين(عليه السلام)، وفعلاً انكشف المخطط على يد شمر بن ذي الجوشن الحسودالأول لقائد الجيش...ابن سعد، ويرى الكاتب في أقسى سطوره أن الحسين أراد البيعة لأنالشرط الجماهيري انتفى وجوده، وهو الذي كتب قبل سطرين من هذه الجملة المريرة (أنالقوة تمكنت من رقاب الناس وأجبرتهم على التخلي عن دعوتهم من خلال القهر والدعاية المضللةواستمالة ضعاف النفوس) فهل هذه التشخيصات تجعل الحسين(عليه السلام) يقتنع ببيعةيزيد، أيها الأخوة أنتم أساتذتنا وأصحاب ثقافة ورأي، الى متى تنسون ثقافتكموحيادتيكم وتستخدمون بؤر الاسقاط العنيد، ألا ينظرُ الكاتب وهو صاحب تجربة واسعةوفطنة، كيف استطاع بهفوة أن يجمع النقيض بين الموافقة على بيعة يزيد وبين قوله(عليهالسلام): "هيهات منا الذلة" الواردة في مقالته؟، وأخيراً يصل بنا الكاتبالى تناقضات لابدّ أن يراجعها جيداً، ونقرأ مقالاً ثانياً للكاتب (جاسم محمد مطر) إذيذهب في موضوعة الشعائر الحسينية من الأسطورة الى الواقعية، الى اسقاطات الانتماءالنقيض بقوة، فهو يرى أن هناك تفسيراً عند الشيعة للواقعة هو تفسير روحي، وأراد أنيُبعدَ الكاتب نفسه عن تحمل المسؤولية، فجعل الأمر بين فريقين ليتجاوزهما الى أشياءمتخيّلة، تشدّ أزر إسقاطاته الفكرية، وإلا ليس هناك أحد من الشيعة يمارس هذهالطقوس باعتبارها نوعاً من العقوبة، ومثل هذه الانعكاسات النفسية عند أهل الدياناتالأُخَر، وهي غير موجودة في الذاكرة الشيعية، أي النظر على نحو التكفير عن الذنب،لكنهم ينظرون الى شفاعة سيد الشهداء ليغفر الله لهم كل ذنوبهم، ومثل هذا التقويلوالتنظير المضاف هو مراد الفكرة النقيضة، ونعني هو الاسقاط المتبع والمقصود، وأماالنظر باتجاه بعض فرديات الشباب الشيعي المغترب فهذا تعميم غير منصف، وبالمقابل هناكمواكب حسينية لأبناء العامة اليوم ومواكب لبقية أصحاب المذاهب والأديان المختلفة تقيمالعزاء والمواساة وتقدم الغالي والنفيس لمواكب الحسين(عليه السلام)، وأما الموضوعالثالث الذي نشر في نفس العدد ليوم 24/ 11 في موقع (المثقف) والذي يحتوي على مثلهذه الاسقاطات هو موضوع (الأستاذ جواد السعيد)، الذي حاول جاهداً الإلتفاف الذكيحول الموضوع برمته لكونه يمتلك خبرة تدوينية عالية، وراح يضخّم في أمور لاتحتاجالى نقاش، فالرؤية الغيبية لقضية الحسين(عليه السلام) عند الشيعة لاتمنع من التحاورالفكري، ومتابعة جوهر الواقعة، بالنظر إليهامن جميع المحاور الانسانية والعلمية، وثانياً، ليس هناك أحد من الشيعة يعطي الخصوصيةالتضحوية للحسين(عليه السلام) دون سائر الائمة، بل الشيعة ترى أن هناك إرث تضحوييبدأ من معاناة الرسول(صلى الله عليه وآله)ومن ثم تضحية الإمام علي واستشهاده واستشهاد الزهراء واستشهاد الحسن(عليهم سلامالله)، وهكذا يمتد الارث التضحوي حتى يصل آخر الائمة الأطهار، في حين نرى الأستاذالمبدع يذهب ويعود لنفس المنطلق دون أن يصل الى نتيجة مهمة، فيبقى يحاور مسائلثانوية دون أن يسأل نفسه لو كان الفكر الشيعي خصص التضحوية لأئمة أهل البيت(عليهم السلام)فلماذا احتفى بشهداء واقعة الطف وجميع الشهداء المجاهدين إلا اللهم هناك اعتراضسياسي على إشكالية الجهاد التفخيخي الذييذبح أمة الإسلام دون تمييز، ولا أحد خصص التماثل الحسيني ضمن أطر مذهبية، فليحتفِمن يشاء بالحسين(عليه السلام) وهذا مبلغ السرور الروحي عند الشيعة، وأما الالتفافواسقاطات التمويهات الخائبة فلتترك جانباً، كي لاتدخل الثقافة العراقية في مطبّاتالنشيج الطائفي، ولنرفض سوية كل أذى يمس الانسانية والوطن.
إعـــــــلان
تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.
( إسقاطات الطيف الآخر على واقعة الطف )
تقليص
X
-
الاستاذ الفاضل علي الخباز
احسنت
طرح جيد وقراءة فريدة تكشف مدى التناقض عند البعض في قراءة احداث الطف الخالدة متناسين او متجاهلين ان الامام الحسين عليه السلام امام منصّب من قبل الله تعالى وقد ورد بحقه الكثير من النصوص الدالة على عصمته سلام الله عليه , وما تلك الكتابات في ظني الا اظهار لمقدرتهم في التلاعب بالكلمات
دمت موفقاًيا كاشف الكرب عن وجه اخيه الحسين (عليه السلام)
اكشف كربي بحق وجه اخيك الحسين ( عليه السلام )
- اقتباس
- تعليق
تعليق