إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الفهم الخاطئ للوحدة الإسلامية

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الفهم الخاطئ للوحدة الإسلامية

    وحدة الأمة فريضة شرعية على جميع المسلمين ، ومطلب لجميعهم ، لكنها مع ذلك حلمٌ بعيد المنال !
    والسبب هو السياسة التي فرقت وما زالت تفرق الأمة !
    وأهم مشاريع الوحدة ثلاثة:
    1- الوحدة بالإجبار على مذهب الخليفة وطاعته:
    وهي تعني سيطرة خليفة أو حاكم على الأمة وفرض مذهبه وأفكاره عليها بالقوة ، ومصادرة حريات المعارضين الثقافية والمذهبية والسياسية
    وهي التي طبقها أبو بكر وعمر وعثمان بعد النبي(ص)وكذلك بنو أمية وبنو العباس ، ثم طبقتها الدول المنشقة عنهم كدولة الأدارسة في المغرب ، ودولة الأمويين في الأندلس ، ثم الدول الوارثة لهم كدولة المماليك في مصر ، وأخيراً دولة الخلافة العثمانية
    وهي الوحدة التي يتبناها أصحاب مشروع الخلافة الإسلامية في عصرنا ، كحزب الإخوان المسلمين وحزب التحرير الإسلامي ، وكل الحركات التي تدعو الى إعادة أمجاد الإسلام والخلافة
    ونحن بصفتنا أتباع مذهب أهل البيت(ع)وفقهه ، لانستطيع أن نعتبر دول الخلافة دولاً شرعية ، ولا إسلامية بالمعنى الحقوقي ، لأن الحكم فيها قام على الغلبة والقهر ، وليس على دستور ونظام حكم محدد الأجهزة والآليات ! ولأنها صادرت الحريات الشرعية لفئات واسعة من الأمة ، إن لم يكن لجميعها ، وهما أمران يحتاجان الى بحث مستقل
    ونستثني دولة أمير المؤمنين علي(ع)لأنه الحاكم الوحيد الذي قام حكمه على البيعة بالإختيار ، ولم يجبر أحداً على بيعته أو القتال معه ، وأعاد الى المسلمين حريتهم في التعبير والعمل معه أو ضده !
    إن نقطتي الضعف هاتين(الحكم بالغلبة، ومصادرة الحريات) هما السبب في انهيار الدول التي قامت في تاريخنا الإسلامي ، رغم أنها كانت تملك أفضل الظروف ، وأقوى عوامل الثبات والإستمرار !
    فقد كانت النتيحة الطبيعية للنظام القرشي الذي ولدته السقيفة وقمعت لأجله الأنصار وأهل البيت(ع)، أن يتسلط بنو أمية ، وأن يسببوا في الأمة ردة فعل فيتسلط بنو العباس ، ثم تتسلط عسكرتاريا المماليك والأتراك ، ثم تدفن الخلافة العثمانية بيد الغربيين في استانبول ، وبمساعدة حركات (التحرر) العربية ، والحركة الوهابية السلفية !
    2- الوحدة التلفيقية بين المذاهب:
    يتصور البعض أن بالإمكان توحيد المسلمين مذهبياً بالإتفاق على المشتركات في العقائد والفقه ، وحل المسائل الخلافية بحلول وسط
    ويكثر هذا التصور في المثقفين على الطريقة الغربية ، الذين لايعني لهم الدين شيئاً كثيراً ، فضلاً عن فروقات مذاهبه ! كما يوجد في مناطق تعايش السنة والشيعة ، فيقول بعضهم: أنا مسلم وكفى ، نريد إسلاماً بلا مذاهب !
    والإشكال عليه أنه مشروع نظري غير قابل للحياة ، فليس له ضابطة تعيِّن المشتركات ، ولا مَن سيختارون المذهب الملفق من المذاهب ؟!
    ولو فرضنا أنه تحقق في صيغة من الصيغ ، وصار المذهب (المنتخب) قوانين حكومية ، فسيكون سبباًً لخلافات جديدة بين الناس !
    قد يقال: نعم ، ولهذا يستدل العلمانيون على ضرورة القوانين العلمانية ، بأن المسلمين مختلفون على المذهب الذي يجب تطبيقه ، فالأفضل أن تكون القوانين مدنية حتى لا نقع في مشكلة الصراع المذهبي
    والجواب: أن الحل الإسلامي للقوانين لاينحصر بفرض مذهب بالغلبة والقهر ، أو مذهب تلفيقي ! بل يكون بإعطاء الحرية المذهبية للمسلمين
    وثانياً ، أن النظام العلماني نفسه ليس إلا شكلاً غربياً لنظام القهر والغلبة ! فهو لايحل مشكلة الدستور والقوانين ، بل يلجأ الى الحكم العسكري لخوفه من الإنتخابات الحرة !
    وثالثاً ، أن النظام العلماني ليس حلاً لمشكلة المذهبية ، بل هو إحداث قول ثالث ومذهب إضافي تعارضه أكثرية المسلمين من مختلف المذاهب !
    3- الوحدة السياسية مع حفظ الحريات الإقليمية والمذهبية:
    وهو الأكثر ملاءمة للإسلام وروح العصر ، لأنه لايقوم على القهر والغلبة ، بل يعطي الحرية المذهبية للمسلمين ، ويركز على وحدتهم في حفظ مصالحهم العليا كشؤون الدفاع ، والتنمية ، والحفاظ على الثقافة الإسلامية
    وهذه الوحدة التي دعا اليها أهل البيت(ع)بعد أن خسرت الأمة وحدتها الطبيعية بوفاة النبي(ص)ودخلت تحت وحدة الإجبار على مذهب الخليفة!
    مقولة إخفاء المذهب من أجل الحفاظ على الوحدة !
    كنا في الستينات نفكر أنَّنا كأصحاب مشروع نهضوي بالأمة ، لابد أن نحرص على وحدتها ، ونغض النظر عن مذهبنا، ونخاطبها إسلامياً لامذهبياً !
    وبما أن أئمتنا(ع)أئمة لكل الأمة ، فعلينا أن نقدمهم بصفتهم قادة عملوا لإغناء المسار الإسلامي وتصحيحه لكنه تصور خاطئ للأسباب التالية:
    1- أن مخاطبة الأمة بالإسلام بدون مذهب أو بإخفائه ، قد يصح من شخص يحتاج الى إخفاء مذهبه مثل السيد جمال الدين الأفغاني ، لأن إظهار مذهبه يضر بهدفه الذي نذر له حياته ، وهو المحافظة على الأمة من الغزو الغربي ، والعمل لتقوية قيادتها المتمثلة بالخلافة العثمانية
    أما الحركة التي تنطلق من علماء في الحوزة العلمية في النجف ، وتعمل في وسط شيعي ، وأحياناً نادرة في وسط سني ، فلا يمكنها أن تواصل مخاطبتها للأمة بدون مذهب إلا مدة قصيرة ! لأن مذهبها معروف من سلوك أفرادها ، وسوف ينظر أتباع المذاهب الأخرى بريبة الى أسلوبهم في إخفاء مذهبهم ، ويطلبون منهم تحديد موقفهم من المذاهب
    وهذا ما حدث بالفعل، فقد تم تصنيف الحركات الإسلامية المرتبطة بعلماء الشيعة الى حركات مذهبية ، سواء من الحكومات أو الجمهور السني ، وصار ذلك لازمةً لها لاتنفك عنها ، ولم ينفعها ابتعادها عن إعلان مذهبها ، ولا تحاشيها الخطاب المذهبي في ثقافتها !
    2- أن من أقوى عوامل نجاح الوحدة بين المسلمين ، صدق الداعية الى الوحدة في طرحه وممارسته ، فداعية الوحدة سيكون أقدر على تحقيق هدفه إذا أظهر مذهبه الذي يعتقد به، فقال أنا شيعي أتبع مذهب أهل البيت(ع) ، أو أنا سني أتبع المذهب الشافعي ، ومع ذلك أدعو وأعمل لوحدة المسلمين وتآخيهم ، للنهوض بواقعهم الى واقع أفضل
    فهذا الصدق في الشخصية ، شخصاً أو حركة ، أدْعَى الى ثقة الموافق والمخالف ، بينما إخفاء المذهب أو تعويمه ، يعني وجود ظلال مبهمة تؤثر سلبياً على الثقة ، وقد يخطر في بال الذين يدعوهم الى الوحدة والتعاون ، أن هذا لو كان مخلصاً لمذهبه لأظهره ، وحيث لم يظهره ولم يكن صادقاً مع مذهبه ، فكيف يكون صادقاً في دعوته لوحدة المسلمين؟!
    3- إن القول بأن أئمتنا(ع)أئمةٌ لكل المسلمين ، وأنهم حملوا همَّ الإسلام والأمة كلها ، مَنْ وافقهم ومن خالفهم ، وعملوا لمصلحة الجميع ، وأنا يجب أن نقدمهم الى جميع الأمة والى العالم بأحسن أسلوب
    هذا كله صحيحٌ ، لكنه لايجيز لنا بحال أن ننسب الى هؤلاء المعصومين الطاهرين المطهرين(ع)أنهم أقروا مسار الأمة المنحرف ، أو نحمِّلهم شيئاً من أوزار أنظمتها وجرائم طغاتها في صراعهم على السلطة وأنهار الدماء التي أجروها من ملايين المسلمين المخالفين لهم !
    وكيف يجوز لنا أن نحمِّل المعصومين الأطهار(ع)الذين دفعوا حياتهم ثمناً لمعارضة حكام الجور، شيئاً من أوزار الإنحرافات الخطيرة عن الإسلام ، التي سببت أسوأ الكوارث في الأمة ، حتى أدت الى انهيار كيانها بالكامل وتسليط الغربيين على شؤونها ومقدراتها ؟!
    البحث العلمي المذهبي لاينافي الوحدة الإسلامية:
    كان المهم عند أساتذتنا بعد الموجة الشيوعية: العمل للإسلام كما يفهمونه فقد اعتبروا ذلك فريضةً متفقاً عليها ، وأصدروا حكمهم على الذين لايرونها فريضةً بأنهم موالون للسلطة ، أو خائفون لايملكون الشجاعة !
    ومع أنهم لم يبحثوا المسألة بحثاً فقهياً في موقف الأئمة(ع)ورواياتهم الشريفة في الخروج على الحاكم ، وفتاوى الفقهاء !
    مع ذلك كانت الأولوية المطلقة عندهم لعمل التوعية على هذا الخط فقط
    ولهذا السبب ، كانت نظرتهم الى البحث العلمي المذهبي سلبية ، لأنه في تصورهم إشغالٌ للأمة ببعضها ، ناتجٌ عن عدم الوعي، أو عن تحريك أعداء الإسلام ، وأنَّ واجبنا الإبتعاد عنها ، ونُصح أصحابها ، وأحياناً مقاومتها !
    هكذا وبكل بساطة ، شطب هؤلاء المحترمون على كل فعاليات البحوث العلمية لبيان التشيع ، ورد الحملات الظالمة عليه ! وكأن مقاومة أعداء الأمة والعمل لإقامة حياتها على أساس الاسلام ، يستلزم سكوتنا عن الطعن في مذهب أهل البيت(ع)، ويتنافى مع الدفاع عنه وبيان جواهره للأمة والعالم !
    وبذلك وجَّهونا ولو عن غير قصد ، الى مقاومة دفاعات علماء الشيعة وكتَّابهم عن التشيع ، بحجة أنها أعمال مذهبية ، تضر بمسيرة الأمة نحو وحدتها ومقاومة أعدائها !
    كانت خسارتنا كبيرة طوال انشغالنا عن الدفاع عن مذهب أهل البيت الطاهرين(ع) ، ولم تقتصر على خسارتنا لثقافتنا المذهبية اللازمة ، بل تحولنا عن غير قصد الى عامل يعضد تلك الحملات الضارية ، التي يشنها النواصب والأجانب على مذهب أهل البيت(ع)وأتباعه ، بمن فيهم نحن !!
    نضحي بوحدة الطائفة ولا نربح وحدة الأمة:
    من مفارقات أصحاب هذا الإتجاه أنهم مشغوفون بالوحدة الإسلامية ، يلهجون بها دائماً ويعملون لها ، ويرقبون أي عمل قد يثير أحداً من أبناء المذاهب فيقفون ضده
    حسناً جزاكم الله خيراً ، فأنتم كمن يعمل للحفاظ على وحدة أهل حيِّه الذي يسكن فيه ، لكن هل يصح له أن يخرب وحدة بيته ؟!
    ما بالكم لاتراعون جمهور الشيعة وعلماءهم ومراجعهم الذين يخالفونكم بمقدار ما تراعون فلان السلفي ، أو فلان الحنفي؟ أليس الدار قبل الجار ؟!
    الحـق المبيـن في معرفة المعصومين(ع)


    بحوث مستفادة من محاضرات المرجع الديني الوحيد الخراساني مد ظله



    تأليف
    الشيخ علي الكوراني
    العاملي
    sigpic
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X