إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الاستشاره

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الاستشاره

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الإستشارة ــ أخلاق وفن وثقافة وإيمان . .


    نعرف أشخاصاً يمتازون بالأخلاق الطيبة والسلوك الحسن، وهم يعيشون حياة هادئة. قد وضعوا لأنفسهم سبل الوقاية لكي لايتعرضوا للأزمات والمشاكل، ولنقل: لكي لاتهجم عليهم الأزمات والمشاكل وإن هم رأوا المشاكل تهاجمهم فلديهم القدرة والقابلية على حلّها والتخلّص منها، لما يتمازون به من معرفة بقواعد الحياة وأصولها وآدابها.
    كما نعرف أشخاصاً آخرين، هم أغرب وابعد ما يكونون عن الطيب من الأخلاق، والسلوك الهادئ المتّزن، حتى أنهم أصبحوا بذلك عرضة لكل مشكلة وأزمة، وليس لهم رصيد يذكر من قوة الشخصية والمعرفة المطلوبة بأصول الحياة وقواعده، بل تراهم يعانون أزمةً مهمة جداً في حياتهم وهي الابتعاد عن الناس، وعدم مشاركتهم في ما يهتمون به، كما أنهم لايهتمون باقتراب الناس منهم.
    ولعل من إحدى أهم الأخلاق الطيبة. ومن أهم ملامح السلوك الرصين، ومن مقدمات سبل تحاشي الوقوع في المشاكل والأزمات، قضية الإستشارة، ونقصد بها أن يكون الإنسان على استعداد دائم لاستشارة الآخرين، وطلب الرأي والنصح منهم.
    إن وجود هذه الصفة في داخل الإنسان لاتأتي اعتباطاً، أو يكون وليد لحظة، إنما هو بحاجة إلى توجه متواصل، وتنمية هادفة و واعية ومقصودة. وحيث نجد من الأشخاص من يفتقرون إلى هذا الاستعداد لطلب آراء ونصيحة من حولهم، حيث لايهتمون بهذه القاعدة الأساسية لتحقيق الحياة السعيدة والهادفة لأنفسهم.
    ولكن ما هي الحاجة والضرورة لكي يتقدّم الفرد إلى الآخرين ويطلب نصيحتهم؟ خصوصاً إذا كان شخصاً متعلّماً أو عالماً أو ثرياً، أو كان يتمتع ويمتلك وسائل القوة؟ ألا يكفيه أن يريد شيئاً، ويقرّر أمراً، فيمارسه أو يحاول تحقيقه؟ أليس لديه من العقل وقدرة التفكير ما يكفي؟
    حقاً إنّ الفرد قد يكون لديه مستوى من العلم، أو مقدار من المال والثروة، أو مجموعةٌ من وسائل القوة، او تكون له الإرادة وقدرة التصميم والعقل والتفكير، ولكنه مهما ازدادت هذه الأشياء والأمور لديه، يبقى بحاجةٍ ماسّة إلى أفكار الآخرين وآرائهم وذلك لأسباب عديدة منها:
    أولاً: أنّ أيّ شخص باستثناء النبيّ الأكرم والأئمة المعصومين عليهم السلام لايستطيع الادّعاء بأنه يعرف كلّ شيء وبالتالي فهو بحاجةٍ في حقيقة الأمر لمعلومات الآخرين وآرائهم إذا ما أراد القيام بأمر ما.
    ثانياً: أنه بحاجة للإعلان للآخرين بأنه غير بعيدٍ عنهم، وبالتالي هو بحاجةٍ ليؤكّد ثقته بهم، وانه متواصل معهم دائماً، وهذه الثقة المتبادلة أول فقرة من قواعد الصداقة والعلاقة الطيبة ولايمكن للإنسان أن يستمرّ في الحياة بالشكل المطلوب دونما صداقاتٍ وعلاقات.
    ثالثاً: هناك حاجةٌ ضرورية تؤكّد للشخص أهمية استشارة غيره ممّن يثق بأشخاصهم وبمعرفتهم، حيث قد يفيدونه تجربةً تكفيه وتغنيه عن كثير من الجهود والطاقة والوسائل التي يبذلها ويستخدمها، ومن ذلك طاقة وجهود البدن والعقل والمال وغير ذلك.
    فتجارب الآخرين ومعلوماتهم تثبت للإنسان الذي يطلب منهم المشورة مدى محبته وإخلاصه لهم وإلى حدودٍ بعيدة، كما أنّ هذه المحبة والإخلاص والمشورة تضيف قدراتٍ عقلية ممتازةً وبنّاءةً إلى عقله، وقد قال الإمام جعفر الصادق عليه السلام: (أعقل الناس من جمع عقول الناس إلى عقله).
    فالاستشارة إذن؛ هي عملية تنمية للعقل ومضاعفةٌ للمعلومات والتجارب وهي بمنزلة النور والاضاءة لنقطة البداية في كلّ طريق. ولكن يبقى واجباً على من يطلب آراء الآخرين ونصائحهم ومعلوماتهم أن يختار بدقة لازمة من يسأل ويستشير.
    ومن أول العلامات الضرورية في الشخص المستشار، أن يكون أميناً غير خائن، يعني غير معروفٍ ومشهورٍ بالخيانة حينما يسأل ويستشار فيجيب ويشير دونما كذبٍ أو تمويهٍ، كذلك من الضروري أن يكون كتوماً حافظاً لأسرار الناس، فلا يحبّ التشهير بهم، أو فضح أسرارهم لمجرّد اللغو مثلاً.
    كما أن المطلوب من الإنسان أن لايكون مستبدّاً برأيه أو متكبّراً على غيره، أو مدّعياً بأنّه الأعلم والأعقل من بين الناس كذلك عليه أن يسعى إلى نصيحة غيره، ما استطاع إلى ذلك سبيلاً ولا يضطر الآخرين إلى التماسه النصيحة. فالمشورة والاستشارة من عوامل بناء الشخصية الإنسانية الإيجابية المليئة بالتفاؤل والثقة، كذلك هي تبني الأسرة الراغبة في أن تكون أسرةً هادئة بعيدة عن المشاكل ناجحة، فضلاً عن أن انتشار ثقافة الإستشارة من شأنها أن تصنع مجتمعاً ناجحاً في كافة مستوياته وأشخاصه وتطلّعاته.
    وقد جاء في الرواية الكريمة (ما خاب من استشار) ولماذا وكيف يخيب؟ وهو حينما يستشير ويوفّر عوامل الأستشارة الصحيحة والمطلوبة يكون في الواقع قد طرد عن تفكيره ونفسه الكثير الكثير من رذائل التصرف والسلوك، و وفر فيها فضائل جمّه مثل التواضع والرغبة في المعرفة، و زرع الثقة المتبادلة بينه وبين غيره
    sigpic
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X