إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

من هو ابي الفضل العباس عليه السلام ؟؟

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • من هو ابي الفضل العباس عليه السلام ؟؟

    السلام عليكم
    -------------------



    نسبه




    هو أبو الفضل العباس بن علي بن أبي طالب، الملقب ب"قمر بني هاشم"، فأبوه هو الإمام عليّ ابن أبي طالب الإمام الأول، وأخواه هما الحسن بن علي والحسين بن علي الملقبين بسيدا شباب أهل الجنة، وأمه أم البنين واسمها فاطمة بنت حزام، وأرجع بعضهم نسبها إلى عامر بن صعصعة



    مولده



    وينقل أن علي بن أبي طالب عليه السلام قال لأخيه عقيل بن أبي طالب وكان نسّابة عالماً بأخبار العرب وأنسابهم: « ابغِني امرأة وقد ولدتها الفحولة من العرب لأتزوجها فلإتلد لي غلاماً فارساً، فقال له: أين أنت عن فاطمة بنت حزام بن خالد الكلابية فإنه ليس في العرب أشجع من آبائها ولا أفرس، فتزوجها علي عليه السلام ... وأول ما ولدت العباس عليه السلام ... »[1].


    وقد ذُكر عن أم العباس عليه السلام : « وأبوها حزام من أعمدة الشرف في العرب، ومن الشخصيات النابهة في السخاء والشجاعة وقَرْي الأضياف، وأما أسرتها فهي من أجلّ الأسر العربية، وقد عرفت بالنجدة والشهامة، وقد اشتهر منهم جماعة بالنبل والبسالة »[2].


    ولد العباس عليه السلام سنة 26هـ واستشهد في سنة 61هـ وعمره أربع وثلاثون سنة عاش منها مع أبيه أربع عشرة سنة وحضر بعض الحروب فلم يأذن له أبوه في النزال. [1].

    سيرته



    يقول السيّد عبد الرزاق المقرّم: « هذه الفضائل كلها وان كان القلم يقف عند انتهاء السلسلة إلى أمير المؤمنين فلا يدري اليراع ما يخط من صفات الجلال والجمال وأنه كيف عرقها في ولده المحبوب ؟ قمر الهاشميين »[3].


    كما يقول أيضاً: « وقد ظهرت في أبي الفضل ( العباس ) الشجاعتان الهاشمية التي هي الأربى والأرقى فمن ناحية أبيه سيّد الوصيين، والعامرية فمن ناحية أمه أم البنين »[4].


    وروي عن جعفر الصادق "كان عمنا العباس بن عليّ نافذ البصيرة، صلب الإيمان، جاهد مع أبي عبد الله عليه السّلام وأبلى بلاءً حسناً ومضى شهيداً"[1].


    وروي أيضا عن علي زين العابدين : « رحم الله العباس فلقد آثر وأبلى وفدى أخاه بنفسه »


    وقد عاصر العباس الحروب التي خاضها أبوه والأحداث التي عصفت بالأمّة الإسلامية كمقتل عثمان بن عفان، ثم بيعة أبيه والنكث بها من قبل البعض، ثم معركة الجمل، ومعركة صفين، ومعركة النهروان.


    ألقابه



    وقد لُقّب بالسقّاء وقمر بني هاشم، وبطل العلقمي، و سبع الغضنفر، وسبع القنطره ، وجيدوم السرية أي (مقدام السرية), وحامل اللواء، وكبش الكتيبة، والعميد، وحامي الظعينة، وباب الحوائج ، وكُنيّ بأبي الفضل، وأبي القربة، وأبي القاسم.[5].

    في كربلاء



    كان صاحب لواء الحسين في معركة كربلاء واللواء هو العلم الأكبر ولا يحمله إلاّ الشجاع الشريف في المعسكر.


    و لما طلب الإمام الحسين من أصحابه الرحيل قام إليه العباس فقال: " ولِمَ نفعل ذلك ؟ لنبقى بعدك ؟ لا أرانا الله ذلك أبداً."


    ومن أشهر مواقفه في كربلاء لما أخذ عبد الله بن حزام ابن خال العباس أماناً من ابن زياد للعباس واخوته من أمه قال العباس وإخوته: لا حاجة لنا في الأمان، أمان الله خير من أمان ابن سمية.


    كما أجاب العباس الشمرَ ( وهو بعض أخواله ): لعنك الله ولعن أمانك، أتُؤمننا وابن رسول الله لا أمان له ؟!


    ومن شجاعته أنه في كربلاء حين حوصر أربعةُ رجال بين الأعداء ندب إليهم الحسين أخاه العباس فحمل على القوم وضرب فيهم بسيفه حتى فرّقهم عن أصحابه ووصل إليهم فسلموا عليه وأتى بهم ولكنهم كانوا جرحى... »."[1].


    واشتهر بالسقاء لأنه استشهد وهو يحاول احضار الماء للعطاشى من آل البيت ع في كربلاء وعندما عاد بالقربة غال به القوم وأوقعوه من فرسه وقطعو كفيه ومزقوا القربة.

    احضار الماء للعطاشى



    قال له الحسين ( ع ) . ان عزمت فاستسق لنا ماءا ، فاخذ قربته وحمل على القوم
    حتى ملأ القربة قالوا واغترف من الماء غرفة ثم ذكر عطش الحسين ( ع ) فلم تطعه نفسه على الارتواء قبل اخا الحسين فرمى بها وقال :
    يا نفس من بعد الحسين هوني ::: وبعده لا كنت او تكوني
    هذا حسين وارد المنـون ::: وتشربين بارد المعيـن




    استشهاده



    بعد استشهاده تروي المصادر أن الحسين عليه السلام وقف عليه وقال "الآن انكسر ظهري، وقلّت حيلتي، وشمت بي عدوي" وحاول حمله إلا أن العباس عليه السلام رفض معللا أنه يستحي من الأطفال ومن سكينة بنت الحسين لأنه لم يحضر الماء وكذلك قام بمواساة أخيه الحسين حيث قال العباس عليه السلام:"أنت تمسح الدم والتراب عني وتواسيني وتنقلني إلى الخيم بعد ساعة وعند سقوطك من سيمسح الدم والتراب عن وجهك, فدعني اواسيك بمصابك يا ابن رسول الله " [1].

    مرقده



    للعباس بن علي مشهد كبير في مدينة كربلاء بجوار مشهد الحسين تعلوه قبة ذهبية، وتحث المصادر الشيعية على زيارة قبره وأن زيارته مستحبة مع زيارة أخيه الحسين.


    كما ويوجد في لبنان ، في بلدة النبي شيت (ع)- البقاعية (بلدة الشهيد السيد عباس الموسوي رضوان الله عليه ) ، يوجد مزار موجود منذ الأزل في هذه البلدة ويسمى المزار (مزار أبو الفضل العباس ) عليه السلام كما ويوجد ضريح في هذا المزار ، ويقال أنه أثناء السبي من كربلاء إلى الشام قد مروا من بلدة النبي شيت وقبلها من بعلبك حيث وجود حاليا مقام وضريح السيدة خولة ع بنت الحسين ع التي استشهدت على الطريق مع عمتها زينب الحبيبة ع وهم في طريقهم إلى الشام ومعها كفيين العباس ع .

    -------------------

    وروي عن الإمام السجّاد ( عليه السلام ): « ... رحم الله عمي العباس
    فلقد آثر وأبلى وفدى أخاه بنفسه ».

  • #2
    سلمت يداك اخي الكريم
    مشكووووووووووووووووووووووووور
    sigpic
    **
    مع تحيات أخوكم نوفل الفيصل
    البصرة

    تعليق


    • #3
      احسنت احسنت احسنت

      طيب الله انفاسك اخي الغالي على الطرح المميز
      جعلكم الله مع ابا الفضل في الدنيا والاخرة

      تعليق


      • #4
        اللهم صل على محمد وال محمد
        الله يبارك فيكم وشكرا للمروركم ودعائكم وتعليقاتكم وفقكم الله جميعا

        تعليق


        • #5
          السلام عليك يا باب الحوائج

          مشكور على المجهود الرائع

          وجعله الله في ميزان حسناتك

          وقضى الله حوائجك وحوائج المؤمنين والمؤمنات بحق العباس عليه السلام

          بـــــــــــــــــــ الله فيك ـــــــــــارك

          تعليق


          • #6
            حياكم الله وفقكم الله لخدمة المذهب وشاكر تعليقكم ومروركم نسال الله القبول من الجميع

            تعليق


            • #7
              بسم الله الرحمن الرحيم
              السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
              اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف

              العباس بن علي.. قمر بني هاشم وحامل اللواء
              ما أشرف منبتَ أبي الفضل العبّاس وما أكرم نسبَه، فأبوه هو الإمام عليّ ابن أبي طالب عليه السّلام إمام المتقين وسيد الوصيين، وأخواه هما الحسن والحسين عليهما السّلام سيدا شباب أهل الجنة، وأمه أم البنين واسمها فاطمة بنت حزام، وأرجع بعضهم نسبها إلى عامر بن صعصعة.
              وينقل صاحب أعيان الشيعة عن كتاب عمدة الطالب أن أمير المؤمنين عليه السّلام قال لأخيه عقيل وكان نسّابة عالماً بأخبار العرب وأنسابهم: « ابغِني امرأة وقد ولدتها الفحولة من العرب لأتزوجها فتلد لي غلاماً فارساً، فقال له: أين أنت عن فاطمة بنت حزام بن خالد الكلابية فإنه ليس في العرب أشجع من آبائها ولا أفرس، فتزوجها أمير المؤمنين عليه السّلام... وأول ما ولدت العباس... ».
              وقد ذُكر عن أم العباس عليه السّلام: « وأبوها حزام من أعمدة الشرف في العرب، ومن الشخصيات النابهة في السخاء والشجاعة وقَرْي الأضياف، وأما أسرتها فهي من أجلّ الأسر العربية، وقد عرفت بالنجدة والشهامة، وقد اشتهر منهم جماعة بالنبل والبسالة ».
              وكان لبيد الشاعر يقول فيهم: « نحن خيرُ عامرِ بنِ صعصعة ».
              « وقد رأى الإمام عليه السّلام في زوجته ( أم البنين ) العقل الراجح، والإيمان الوثيق وسموّ الآداب، ومحاسن الصفات، فأعزّها وأخلص لها كأعظم ما يكون الاخلاص ».
              صفاته وميزاته
              يقول السيّد عبدالرزاق المقرّم: « هذه الفضائل كلها وان كان القلم يقف عند انتهاء السلسلة إلى أمير المؤمنين عليه السّلام فلا يدري اليراع ما يخط من صفات الجلال والجمال وأنه كيف عرقها في ولده المحبوب ؟ قمر الهاشميين ».
              كما يقول أيضاً: « وقد ظهرت في أبي الفضل ( العباس ) الشجاعتان الهاشمية التي هي الأربى والأرقى فمن ناحية أبيه سيّد الوصيين، والعامرية فمن ناحية أمه أم البنين ».
              في ظلّ هذه الأسرة وُلِد العباس بن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام، وقد لُقّب بالسقّاء وقمر بني هاشم، وبطل العلقمي، وحامل اللواء، وكبش الكتيبة، والعميد، وحامي الظعينة، وباب الحوائج، وكُنيّ بأبي الفضل، وأبي القربة، وأبي القاسم.
              شجاعته واخلاصه
              « كان العباس رجلاً وسيماً جميلاً، يركب الفرس المطهّم ورجلاه تخطان في الأرض، وكان يقال له: قمر بني هاشم. وكان لواء الحسين بن عليّ عليه السّلام معه يوم قُتل ».
              وروي عن أبي عبدالله الصادق عليه السّلام: « كان عمنا العباس بن عليّ نافذ البصيرة، صلب الإيمان، جاهد مع أبي عبدالله عليه السّلام وأبلى بلاءً حسناً ومضى شهيداً ».
              وعن عليّ بن الحسين عليه السّلام: « رحم الله العباس فلقد آثر وأبلى وفدى أخاه بنفسه » وكانت له عليه السّلام صفات عالية وأفعال جليلة امتاز بها، ( منها ) أنه كان أبداً شجاعاً فارساً وسيماً جسيماً وانه كان صاحب لواء الحسين عليه السّلام واللواء هو العلم الأكبر ولا يحمله إلاّ الشجاع الشريف في المعسكر.
              ( ومنها ) انه لما طلب الإمام الحسين عليه السّلام من أصحابه الرحيل قام إليه العباس عليه السّلام فقال: « ولِمَ نفعل ذلك ؟ لنبقى بعدك ؟ لا أرانا الله ذلك أبداً.
              ( ومنها ) انه لما أخذ عبدالله بن حزام ابن خال العباس أماناً من ابن زياد في كربلاء للعباس واخوته من أمه قال العباس وإخوته: لا حاجة لنا في الأمان، أمان الله خير من أمان ابن سمية.
              كما أجاب العباس الشمرَ ( وهو بعض أخواله ): لعنك الله ولعن أمانك، أتُؤمننا وابن رسول الله لا أمان له ؟!
              ومن شجاعته أنه في كربلاء حين حوصر أربعةُ رجال بين الأعداء ندب إليهم الحسين عليه السّلام أخاه العباس فحمل على القوم وضرب فيهم بسيفه حتى فرّقهم عن أصحابه ووصل إليهم فسلموا عليه وأتى بهم ولكنهم كانوا جرحى... ».
              العباس مع أبيه
              ولد العباس عليه السّلام سنة 26هـ وقتل في سنة 61هـ وعمره أربع وثلاثون عاش منها مع أبيه أمير المؤمنين عليه السّلام أربع عشرة سنة وحضر بعض الحروب فلم يأذن له أبوه في النزال.
              إن إمضاء هذه السنوات حتّى البلوغ مع أبيه عليه السّلام إنما يكشف عن عمق الاستفادة من أبيه علماً وأدباً وشجاعة وخلقا وتديّناً. إذ في هذه السنوات تكتمل المكوّنات وتبدو الملامح البارزة لشخصية الإنسان.
              « ولقد غذّاه أبوه بعلومه وتقواه، وأشاع في نفسه النزعات الشريفة، والعادات الطيبة ليكون مثالاً عنه، وأنموذجاً لمثله ».
              وقد « دعاه أبوه عليه السّلام في عهد الصبا وأجلسه في حجره وقال له: قل واحد، فقال: واحد، فقال له قل: اثنين، فامتنع، وقال: اني أستحي أن أقول اثنين بلسان قلت به واحداً ».
              « وإذا كان الإمام عليه السّلام يربي البعداء الأجانب بتلك التربية الصحيحة المأثورة حتى استفادوا منه أسرار التكوين، ووقفوا على غامض ما في النشأتين... فهل من المعقول أن يذر قرة عينه وفلذة كبده خلواً من أي علم ؟ ».
              قال المحقق الفقيه المولى محمد باقر القاييني نزيل بيرجند في كتاب الكبريت الأحمر / ج 3 / ص 45 /: « إن العباس من أكابر وأفاضل فقهاء أهل البيت عليهم السّلام، بل إنه عالم غير متعلم، وليس في ذلك منافاة لتعليم أبيه إياه ».
              وقد عاصر العباس عليه السّلام الحروب التي خاضها أبوه عليه السّلام والأحداث التي عصفت بالأمّة الإسلامية كفتنة مقتل عثمان، ثم بيعة الإمام عليه السّلام والنكث بها من قبل البعض، ثم معركة الجمل، ومعركة صفين، ومعركة النهروان.
              و « لقد شاهد أبو الفضل العباس عليه السّلام خلافة أبيه وما رافقها من الأحداث الجسام، وما قاساه أبوه من المصاعب والمشاكل في سبيل تطبيق العدالة الاجتماعية على واقع الحياة العامة بين المسلمين... ».
              « لقد وعى العباس الأهداف المشرقة التي كان ينشدها أبوه فآمن بها وجاهد في سبيلها، وقد انطلق مع أخيه سيّد الشهداء إلى ساحات الشرف والجهاد من أجل أن يعيد للمسلمين سيرة أبيهما الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام ومنهجه المشرق في عالم السياسة والحكم ».
              مع الحسن والحسين عليهم السّلام
              تسلّم الإمام الحسن عليه السّلام الخلافة بعد استشهاد أبيه عليه السّلام، ومالت الأمور لغير صالح الحسن عليه السّلام الذي ورث من أبيه جيشاً مفككاً، ميّالاً لحب الدنيا، متخاذلاً متقلباً متجابناً، وقد دبّت فيه حالة الخيانة والتثاقل إلى الأرض، والتقاعس عن الجهاد وعن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر...
              مما اضطُرّ الإمام الحسن عليه السّلام لأن يقيم صلحاً مع معاوية اشترط عليه فيه شروطاً خانها معاوية ولم يلتزم بها.
              فكان أول ما يعانيه الحسن والحسين ومعهما العباس عليهم السّلام بعد الصلح غدر معاوية بشيعة أبيهم عليه السّلام وقتلهم وسجنهم ومطاردتهم في الأمصار، حتى وصل الأمر إلى قتل الحسن عليه السّلام نفسه بدسّ السم إليه.
              وبالإجمال فقد استمرت معاناة العباس عليه السّلام والآلام تقرح قلبه وقلب اخوته وأهل بيته وشيعتهم منذ خلافة أبيه، وما عاناه حتى استشهاد الإمام الحسن عليه السّلام وما عقبه من ظلم وانحراف وتدليس للحق بالباطل وتحويل الخلافة الإسلامية الحقة إلى ملك عضوض كما يقول الجاحظ.
              وصبر العباس عليه السّلام مع أخيه الحسين عليه السّلام منذ شهادة الإمام الحسن عليه السّلام التزاماً بشروط الصلح مع معاوية وصبرا حتى يأتي اليوم الذي تدرك فيه الأمّة حقيقة المواجهة وأبعاد الصراع بين الحق والباطل، صبرا ينتظران الفرصة السانحة لكشف القناع والخداع والزيف الأموي.
              صبرا على مضض وأبوهما أمير المؤمنين وإمام المتقين عليه السّلام يُسَبّ على المنابر بأمر وتحريض من معاوية حتى غدا ذلك وكأنه من واجبات الدين ومتممات الخُطَب!
              ولقد مليء قلب الحسن وبعده الحسين والعباس قرحاً وغيظاً، وتألمت نفوسهم الأبية بانتظار الوقت المناسب للتحرك والثورة على الظلم والفساد.
              شهادة العباس
              مَن مثلُ العباس في منزلته وموقعه... إلى جنبٍ الحسين عليه السّلام في موقفه والتزامه.. يلتزمه إماماً ومنهجاً وقدوة وهادياً وقائداً إلى الجنة.. ولقد ضنّ به الحسين عليه السّلام عن الحرب والنزول للميدان حتّى ذاب قلب أبي الفضل أسى وحزناً، وضاق صدره لما عاناه إذ ظلّ في كربلاء يوم العاشر من المحرم وأخوه الحسين يستقبلان شاباً أو فتى أو غلاماً أو عزيزاً أو صاحباً مضرجاً بدمه، وهما يسمعان عويل الأيامى والثكالى والأيتام.. حتّى أرسل العباس رضي الله عنه إخوته الثلاثة لأمه أمامه ليطمئن على وفائهم لسيّد الشهداء ومبدئه عليه السّلام: « تقدموا يا بني أمي حتّى أراكم نصحتم لله ولرسوله.. ».
              ولشدة حاجة الحسين عليه السّلام لأخيه العباس واعتماده عليه خاطبه قائلاً: « أنت صاحب لوائي » « أنت قائد عسكري » وبعد شهادته وهو يرجع حاملاً قربة الماء للأطفال قال الحسين عليه السّلام يرثي حاله وأخاه وقد بقي بعده وحيداً فريداً:
              « الآن انكسر ظهري، وقلّت حيلتي، وشمت بي عدوي... »، « الآن تشتت عسكري » مع أن العباس رضي الله عنه كان آخر من بقي من الآل والأصحاب مع الحسين عليه السّلام.
              وخير ما نختم به اطلالتنا على جوانب من سيرة العباس عليه السّلام قول الشاعر:
              أحقُّ الناس أن يُبكَى عليـه فتى أبكى الحسينَ بكـربلاءِ
              أخوه وابـن والـده علـيٍّ أبو الفضل المضرَّج بالدماءِ
              ومن واساه لا يثنيه شـيء وجاد له على عطش بمـاءِ
              وقول شاعر آخر:
              لا تنـس للعبـاس حُسنَ مقامـه في الروع عند الغـارة الشعـواءِ
              واسى أخاه بهـا وجـاد بنفسـه في سَقْـي أطفـال لـه ونسـاءِ
              ردّ الألوف على الألوف معارضاً حـدّ السـيـوف بجبهـة غـرّاءِ
              ومع السلامة.

              تعليق


              • #8
                بسم الله الرحمن الرحيم
                السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف




                ((سيرة قمر بني هاشم العباس أبن أمير المؤمنين عليهما السلام))

                ولادته ونشأته:
                نسبه الوضاح | الأب | الأم | الوليد العظيم | سنة ولادته و تسميته و كنيته و ألقابه | ملامحه | تعويذ أم البنين له | مع أبيه | نشأته | انطباعات عن شخصيته

                وقبل أن أتحدّث عن ولادة أبي الفضل العباس (عليه السلام) و نشأته أعرض - بإيجاز - إلى نسبه الوضّاح، ذلك النسب الكريم الذي كان له الأثر التام في بناء شخصيته العظيمة، وتكوين سلوكه المشرّف القائم على الشرف والفضيلة وفيما يلي ذلك:

                نسبه الوضّاح:
                ليس في دنيا الأنساب نسب أسمى، ولا أرفع من نسب أبي الفضل فهو من صميم الأسرة العلوية، التي هي من أجلّ وأشرف الأسر التي عرفتها الإنسانية في جميع أدوارها، تلك الأسرة العريقة في الشرف والمجد، التي أمدّت العالم العربي والإسلامي بعناصر الفضيلة، والتضحية في سبيل الخير، وما ينفع الناس، وأضاءت الحياة العامة بروح التقوى، والإيمان، وهذا عرض موجز للأصول الكريمة التي تفرّع قمر بني هاشم، وفخر عدنان منها.

                الأب:
                أمّا الأب الكريم لسيّدنا العباس (عليه السلام) فهو الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام)، وصيّ رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وباب مدينة علمه، وختنه على حبيبته، وهو أول من آمن بالله، وصدّق رسوله وكان منه بمنزلة هارون من موسى، وهو بطل الإسلام، والمنافح الأول عن كلمة التوحيد، وقد قاتل الأقربين والأبعدين من أجل نشر رسالة الإسلام وإشاعة أهدافه العظيمة بين الناس، وقد تمثلت بهذا الإمام العظيم جميع فضائل الدنيا، فلا يدانيه أحد في فضله وعلمه، وهو - بإجماع المسلمين - أثرى شخصية علمية في مواهبه وعبقرياته بعد الرسول محمد (صلى الله عليه وآله)، وهو غنّي عن البيان والتعريف، فقد استوعبت فضائله ومناقبه جميع لغات الأرض… ويكفي العباس شرفاً وفخراً أنّه فرع من دوحة الإمامة، وأخ لسبطي رسول الله (صلى الله عليه وآله).

                الأم:
                أمّا الأم الجليلة المكرّمة لأبي الفضل العباس (عليه السلام) فهي السيدة الزكية فاطمة بنت حزام بن خالد..، وأبوها حزام من أعمدة الشرف في العرب، ومن الشخصيات النابهة في السخاء والشجاعة وقرى الأضياف، وأما أسرتها فهي من أجلّ الأسر العربية، وقد عرفت بالنجدة والشهامة، وقد اشتهر جماعة بالنبل والبسالة منهم:

                1- عامر بن الطفيل:

                وهو أخو عمرة الجدة الأولى لأمّ البنين، وكان من ألمع فرسان العرب في شدّة بأسه، وقد ذاع اسمه في الأوساط العربية وغيرها، وبلغ من عظيم شهرته أن قيصر إذا قدم عليه وافد من العرب فإن كان بينه وبين عامر نسب عظم عنده، وبجّله وأكرمه، وإلا أعرض عنه.

                2- عامر بن مالك:

                وهو الجدّ الثاني للسيّدة أمّ البنين، وكان من فرسان العرب وشجعانهم ولقّب بملاعب الأسنّة لشجاعته الفائقة، وفيه يقول الشاعر:

                يـــلاعب أطـراف الأسـنة عامر فــراح لــــه حظّ الكتائب أجمع

                وبالإضافة إلى شجاعته فقد كان من أباة الضيم، وحفظة الذمام ومراعاة العهد، ونقل المؤرّخون عنه بوادر كثيرة تدلّل على ذلك.

                3- الطفيل:

                وهو والد عمرة الجدّة الأولى لأمّ البنين كان من أشهر شجعان العرب، وله أشقّاء من خيرة فرسان العرب، منهم ربيعة، وعبيدة، ومعاوية، ويقال لأمّهم (أمّ البنين) وقد وفدوا على النعمان بن المنذر فرأوا عنده الربيع بن زياد العبسي، وكان عدوّاً وخصماً لهم، فاندفع لبيد وقد تميّز من الغيظ فخاطب النعمان:

                يـــا واهـب الخير الجزيل من سعة نحــــن بـــــنو أمّ البــــنين الأربـعة

                ونحن خــــير عــــامر بن صعصعة المطـــــعمون الجــــفنة المـدعدعة

                الـــضاربون الهام وســط الحيصعة إليــــك جــــاوزنا بــــلاداً مســـبعة

                تخــبر عــــن هــــذا خبيراً فاسمعه مهــــلاً أبـــيت الـــلعن لا تأكل معه

                فـتأثّر النعمان للربيع، وأقصاه عن مسامرته، وقال له:
                شـــرّد برحلك عنّي حيث شئت ولا تكثر علـــيّ ودع عــــنك الأبــاطيلا

                قد قيـــــل ذلــــك إن حــقاً وان كذبا فــــما اعـــتذارك في شيء إذا قيلا

                ودلّ ذلك على عظيم مكانتهم، وسموّ منزلتهم الاجتماعية عند النعمان فقد بادر إلى إقصاء سميره الربيع عن مسامرته.

                4- عروة بن عتبة:

                وهو والد كبشة الجدّة الثانية لأم البنين، وكان من الشخصيات البارزة في العالم العربي، وكان يفد على ملوك عصره، فيكرّمونه، ويجزلون له العطاء، ويحسنون له الوفادة(1).

                هؤلاء بعض الأعلام من أجداد السيّدة الكريمة أمّ البنين، وقد عرفوا بالنزعات الكريمة، والصفات الرفيعة، وبحكم قانون الوراثة فقد انتقلت صفاتهم الشريفة إلى السيّدة أمّ البنين ثم منها إلى أبنائها الممجدين.

                قران الإمام بأمّ البنين:
                ولما ثكل الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) بوفاة بضعة الرسول (صلى الله عليه وآله) وريحانته سيّدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليهماالسلام) ندب أخاه عقيلاً، وكان عالماً بأنساب العرب أن يخطب له امرأة قد ولدتها الفحول ليتزوّجها لتلد غلاماً زكياً شجاعاً لينصر ولده أبا الشهداء في ميدان كربلاء(2) فأشار عليه عقيل بالسيّدة أمّ البنين الكلابية فإنّه ليس في العرب من هو أشجع من أهلها، ولا أفرس، وكان لبيد الشاعر يقول فيهم: (نحن خير عامر بن صعصعة) فلا ينكر عليه أحد من العرب، ومن قومها ملاعب الأسنّة أبو براء الذي لم يعرف العرب مثله في الشجاعة(3)، فندبه الإمام إلى خطبتها، وانبرى عقيل إلى أبيها فعرض عليه الأمر فأسرع فرحاً إليها فاستجابت باعتزاز وفخر، وزفّت إلى الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام)، وقد رأى فيها العقل الراجح، والإيمان الوثيق وسموّ الآداب، ومحاسن الصفات، فأعزّها، وأخلص لها كأعظم ما يكون الإخلاص.

                •• رعايتها لسبطيّ النبيّ (صلى الله عليه وآله):

                وقامت السيّدة أمّ البنين برعاية سبطي رسول الله (صلى الله عليه وآله) وريحانتيه وسيّدي شباب أهل الجنّة الحسن والحسين (عليهما السلام)، وقد وجدا عندها من العطف والحنان ما عوّضهما من الخسارة الأليمة التي مُنيابها بفقد أمّهما سيّدة نساء العالمين فقد توفّيت، وعمرها كعمر الزهور فقد ترك فقدها اللوعة والحزن في نفسيهما.

                لقد كانت السيدة أم البنين تكنّ في نفسها من المودّه والحبّ للحسن والحسين (عليهما السلام) ما لا تكنّه لأولادها الذين كانوا ملء العين في كمالهم وآدابهم.

                لقد قدّمت أم البنين أبناء رسول الله (صلى الله عليه وآله)، على أبنائها في الخدمة والرعاية، ولم يعرف التاريخ أن ضرّة تخلص لأبناء ضرّتها وتقدّمهم على أبنائها سوى هذه السيّدة الزكيّة، فقد كانت ترى ذلك واجباً دينياً لأن الله أمر بمودّتهما في كتابه الكريم، وهما وديعة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وريحانتاه، وقد عرفت أمّ البنين ذلك فوفت بحقّهما وقامت بخدمتهما خير قيام.

                •• مكانتها عند أهل البيت عليهم صلوات الله:

                ولهذه السيّدة الزكية مكانة متميّزة عند أهل البيت (عليهم السلام)، فقد أكبروا إخلاصها وولاءها للإمام الحسين (عليه السلام)، وأكبروا تضحيات أبنائها المكرمين في سبيل سيّد الشهداء (عليه السلام)، يقول الشهيد الأول وهو من كبار فقهاء الإمامية:

                (كانت أمّ البنين من النساء الفاضلات، العارفات بحقّ أهل البيت (عليهم السلام)، مخلصة في ولائهم، ممحضة في مودّتهم، ولها عندهم الجاه الوجيه، والمحلّ الرفيع، وقد زارتها زينب الكبرى بعد وصولها المدينة تعزّيها بأولادها الأربعة، كما كانت تعزّيها أيام العيد..)(4).

                إنّ زيارة حفيدة الرسول (صلى الله عليه وآله) وشريكة الإمام الحسين (عليه السلام) في نهضته زينب الكبرى(عليهاالسلام) لأمّ البنين، ومواساتها لها بمصابها الأليم بفقد السادة الطيبين من أبنائها، مما يدلّ على أهميّة أمّ البنين وسموّ مكانتها عند أهل البيت (عليهم السلام).

                •• مكانتها عند المسلمين:

                وتحتلّ هذه السيّدة الجليلة مكانة مرموقة في نفوس المسلمين، ويعتقد الكثيرون إلى أنّ لها منزلة عظيمة عند الله، وأنّه ما التجأ إليها مكروب، وجعلها واسطة إلى الله تعالى إلا كشف عنه ما ألمّ به من المحن والخطوب، وهم يفزعون إليها إن ألمّت بهم كارثة من كوارث الزمن أو محنة من محن الأيّام، ومن الطبيعي أن تكون لها هذه المنزلة الكريمة عند الله، فقد قدّمت في سبيله أفلاذ أكبادها، وجعلتهم قرابين لدينه.

                الوليد العظيم:
                وكان أوّل مولود زكيّ للسيّدة أمّ البنين هو سيّدنا المعظّم أبو الفضل العباس (عليه السلام)، وقد ازدهرت يثرب، وأشرقت الدنيا بولادته وسرت موجات من الفرح والسرور بين أفراد الأسرة العلوية، فقد ولد قمرهم المشرق الذي أضاء سماء الدنيا بفضائله ومآثره، وأضاف إلى الهاشميين مجداً خالداً وذكراً ندياً عاطراً.

                وحينما بشّر الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) بهذا المولود المبارك سارع إلى الدار فتناوله، وأوسعه تقبيلاً، وأجرى عليه مراسيم الولادة الشرعية فأذّن في أذنه اليمنى، وأقام في اليسرى، لقد كان أوّل صوت قد اخترق سمعه صوت أبيه رائد الإيمان والتقوى في الأرض، وأنشودة ذلك الصوت.

                (الله أكبر…).

                (لا إله إلا الله).

                وارتسمت هذه الكلمات العظيمة التي هي رسالة الأنبياء، وأنشودة المتّقين في أعماق أبي الفضل، وانطبعت في دخائل ذاته، حتى صارت من أبرز عناصره، فتبنى الدعوة إليها في مستقبل حياته، وتقطّعت أوصاله في سبيلها.

                وفي اليوم السابع من ولادة أبي الفضل (عليه السلام)، قام الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) بحلق شعره، والتصدّق بزنته ذهباً أو فضّة على المساكين وعقّ عنه بكبش، كما فعل ذلك مع الحسن والحسين (عليهما السلام) عملاً بالسنّة الإسلامية.

                سنة ولادته:
                أفاد بعض المحقّقين أن أبا الفضل العباس (عليه السلام) ولد سنة (26 هـ) في اليوم الرابع من شهر شعبان(5).

                تسميته:
                سمّى الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) وليده المبارك (بالعباس) وقد استشفّ من وراء الغيب أنه سيكون بطلاً من أبطال الإسلام، وسيكون عبوساً في وجه المنكر والباطل، ومنطلق البسمات في وجه الخير، وكان كما تنبّأ فقد كان عبوساً في ميادين الحروب التي أثارتها القوى المعادية لأهل البيت (عليهم السلام)، فقد دمّر كتائبها وجندل أبطالها، وخيّم الموت على جميع قطعات الجيش في يوم كربلاء، ويقول الشاعر فيه:

                عبــست وجـوه القوم خوف الموت والعـــبّاس فــــيهم ضــاحك متبسّم

                كنيته:

                وكنّي سيّدنا العبّاس (عليه السلام) بما يلي:

                1. أبو الفضل:

                كنّي بذلك لأنّ له ولداً اسمه الفضل، ويقول في ذلك بعض من رثاه:

                أبا الفضل يا مـــن أسّس الفضل والإبا أبى الفـــضل إلا أن تــــكون لــه أبا

                وطابقت هذه الكنية حقيقة ذاته العظيمة فلو لم يكن له ولد يسمّى بهذا الاسم، فهو - حقّاً - أبو الفضل، ومصدره الفياض فقد أفاض في حياته ببرّه وعطائه على القاصدين لنبله وجوده، وبعد شهادته كان موئلاً وملجأً لكل ملهوف، فما استجار به أحد بنيّة صادقة إلا كشف الله ما ألمّ به من المحن والبلوى.

                2. أبو القاسم:

                كنّي بذلك لأنّ له ولداً اسمه (القاسم) وذكر بعض المؤرّخين أنّه استشهد معه يوم الطفّ، وقدّمه قرباناً لدين الله، وفداءً لريحانة رسول الله (صلى الله عليه وآله).

                ألقابه:
                أمّا الألقاب التي تضفى على الشخص فهي تحكي صفاته النفسية حسنة كانت أو سيّئة، وقد أضيفت على أبي الفضل (عليه السلام) عدّة ألقاب رفيعة تنمّ عن نزعاته النفسية الطيبة، وما اتصف به من مكارم الأخلاق وهي:

                1.قمر بني هاشم:
                كان العبّاس (عليه السلام) في روعة بهائه، وجميل صورته آية من آيات الجمال، ولذلك لقّب بقمر بني هاشم، وكما كان قمراً لأسرته العلوية الكريمة، فقد كان قمراً في دنيا الإسلام، فقد أضاء طريق الشهادة، وأنار مقاصدها لجميع المسلمين.

                2. السقّاء:
                وهو من أجلّ ألقابه، وأحبّها إليه، أما السبب في إمضاء هذا اللقب الكريم عليه فهو لقيامه بسقاية عطاشى أهل البيت (عليهم السلام) حينما فرض الإرهابي المجرم ابن مرجانة الحصار على الماء، وأقام جيوشه على الفرات لتموت عطشاً ذرية النبيّ (صلى الله عليه وآله)، محرّر الإنسانية ومنقذها من ويلات الجاهلية… وقد قام بطل الإسلام أبو الفضل باقتحام الفرات عدّة مرّات، وسقى عطاشى أهل البيت، ومن كان معهم من الأنصار، وسنذكر تفصيل ذلك عند التعرّض لشهادته.

                3. بطل العلقمي:
                أمّا العلقمي فهو اسم للنهر الذي استشهد على ضفافه أبو الفضل العباس (عليه السلام)، وكان محاطاً بقوى مكثّفة من قبل ابن مرجانة لمنع ريحانة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسيّد شباب أهل الجنّة، ومن كان معه من نساء وأطفال من شرب الماء، وقد استطاع أبو الفضل بعزمه الجبّار، وبطولته النادرة أن يجندل الأبطال، ويهزم أقزام ذلك الجيش المنحطّ، ويحتلّ ذلك النهر، وقد قام بذلك عدّة مرّات، وفي المرّة الأخيرة استشهد على ضفافه ومن ثمّ لقّب ببطل العلقمي.

                4. حامل اللواء:
                ومن ألقابه المشهورة (حامل اللواء) وهو أشرف لواء، إنّه لواء أبي الأحرار الإمام الحسين (عليه السلام)، وقد خصّه به دون أهل بيته وأصحابه، وذلك لما تتوفر فيه من القابليات العسكرية، ويعتبر منح اللواء في ذلك العصر من أهمّ المناصب الحسّاسة في الجيش وقد كان اللواء الذي تقلّده أبوالفضل يرفرف على رأس الإمام الحسين (عليه السلام) منذ أن خرج من يثرب حتّى انتهى إلى كربلاء، وقد قبضه بيد من حديد، فلم يسقط منه حتى قطعت يداه، وهوى صريعاً بجنب العلقمي.

                5. كبش الكتيبة:
                وهو من الألقاب الكريمة التي تمنح إلى القائد الأعلى في الجيش، الذي يقوم بحماية كتائب جيشه بحسن تدبير، وقوّة بأس، وقد أضفي هذا الوسام الرفيع على سيّدنا أبي الفضل، وذلك لما أبداه يوم الطفّ من الشجاعة والبسالة في الذبّ والدفاع عن معسكر الإمام الحسين (عليه السلام)، فقد كان قوّة ضاربة في معسكر أخيه، وصاعقة مرعبة ومدمّرة لجيوش الباطل.

                6. العميد:
                وهو من الألقاب الجليلة في الجيش التي تمنح لأبرز الأعضاء في القيادة العسكرية، وقد قلّد أبو الفضل (عليه السلام) بهذا الوسام لأنّه كان عميد جيش أخيه أبي عبدالله، وقائد قوّاته المسلّحة في يوم الطفّ.

                7. حامي الضعينة:
                ومن الألقاب المشهورة لأبي الفضل (عليه السلام) (حامي الضعينة).

                يقول السيّد جعفر الحلّي في قصيدته العصماء التي رثاه بها:

                حـامي الضعينة أين منه ربيعة أم أيــــن مـــن عليا أبيه مكرم

                وانّما اضفي عليه هذا اللقب الكريم لقيامه بدور مشرّف في رعاية مخدرات النبوة وعقائل الوحي، فقد بذل قصارى جهوده في حمايتهنّ وحراستهنّ وخدمتهنّ، فكان هو الذي يقوم بترحيلهنّ، وأنزالهنّ من المحامل طيلة انتقالهنّ من يثرب إلى كربلاء.

                ومن الجدير بالذكر أن هذا اللقب أطلق على بطل من شجعان العرب وفرسانهم وهو ربيعة بن مكرم، فقد قام بحماية ظعنه، وأبلى في ذلك بلاءً حسناً(6).

                8. باب الحوائج:
                وهذا من أكثر ألقابه شيوعاً، وانتشاراً بين الناس، فقد آمنوا وأيقنوا أنه ما قصده ذو حاجة بنية خالصة إلا قضى الله حاجته، وما قصده مكروب إلا كشف الله ما ألمّ به من محن الأيام، وكوارث الزمان، وكان ولدي محمد الحسين ممن التجأ إليه حينما دهمته كارثة ففرّج الله عنه.

                إنّ أبا الفضل نفحة من رحمات الله، وباب من أبوابه، ووسيلة من وسائله، وله عنده الجاه العظيم، وذلك لجهاده المقدّس في نصرة الإسلام، والذبّ عن أهدافه ومبادئه، وقيامه بنصرة ريحانة رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى استشهد في سبيله، هذه بعض ألقاب أبي الفضل، وهي تحكي بعض معالم شخصيته العظيمة وما انطوت عليه من محاسن الصفات ومكارم الأخلاق(7).

                تعليق


                • #9
                  ملامحه:
                  أمّا ملامحه فقد كان صورة بارعة من صور الجمال، وقد لقّب بقمر بني هاشم لروعة بهائه، وجمال طلعته، وكان متكامل الجسم قد بدت عليه آثار البطولة والشجاعة، ووصفه الرواة بأنه كان وسيماً جميلاً، يركب الفرس المطهم(8) ورجلاه يخطان في الأرض(9).

                  تعويذ أمّ البنين له:
                  واستوعب حب العباس قلب أمّه الزكيّة، فكان عندها أعزّ من الحياة، وكانت تخاف عليه، وتخشى من أعين الحسّاد من أن تصيبه بأذى أو مكروه، وكانت تعوذه بالله، وتقول هذه الأبيات:

                  أعيــــذه بـــــــالــــواحـد مــــن عــــين كلّ حاسد

                  قـــــائــــمـــهم والــقاعد مســـــلمــهم والــجاحد

                  صــــادرهـــم والــــوارد مـــولدهم والوالد(10)

                  مع أبيه:
                  كان الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) يرعى ولده أبا الفضل في طفولته، ويعنى به كأشدّ ما تكون العناية فأفاض عليه مكوّنات نفسه العظيمة العامرة بالإيمان والمثل العليا، وقد توسّم فيه أنه سيكون بطلاً من أبطال الإسلام، وسيسجّل للمسلمين صفحات مشرقة من العزّة والكرامة.

                  كان الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) يوسع العباس تقبيلاً، وقد احتلّ عواطفه وقلبه، ويقول المؤرّخون: إنّه أجلسه في حجره فشمّر العبّاس عن ساعديه، فجعل الإمام يقبّلهما، وهو غارق في البكاء، فبهرت أمّ البنين، وراحت تقول للإمام:

                  (ما يبكيك؟)

                  فأجابها الإمام بصوت خافت حزين النبرات:

                  (نظرت إلى هذين الكفّين، وتذكّرت ما يجري عليهما..)

                  وسارعت أمّ البنين بلهفة قائلة:

                  (ماذا يجري عليهما؟)..

                  فأجابها الإمام بنبرات مليئة بالأسى والحزن قائلاً:

                  (إنّهما يقطعان من الزند..)

                  وكانت هذه الكلمات كصاعقة على أمّ البنين، فقد ذاب قلبها، وسارعت وهي مذهولة قائلة:

                  (لماذا يقطعان؟)..

                  وأخبرها الإمام (عليه السلام) بأنّهما إنّما يقطعان في نصرة الإسلام والذبّ عن أخيه حامي شريعة الله ريحانة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فأجهشت أمّ البنين في البكاء، وشاركتها من كانت معها من النساء لوعتها وحزنها(11).

                  وخلدت أمّ البنين إلى الصبر، وحمدت الله تعالى في أن يكون ولدها فداءً لسبط رسول الله (صلى الله عليه وآله) وريحانته.

                  نشأته:
                  نشأ أبو الفضل العبّاس (عليه السلام) نشأة صالحة كريمة، قلّما يظفر بها إنسان فقد نشأ في ظلال أبيه رائد العدالة الاجتماعية في الأرض، فغذّاه بعلومه وتقواه، وأشاع في نفسه النزعات الشريفة، والعادات الطيّبة ليكون مثالاً عنه، وأنموذجاً لمثله، كما غرست أمّه السيّدة فاطمة في نفسه، جميع صفات الفضيلة والكمال، وغذّته بحبّ الخالق العظيم فجعلته في أيّام طفولته يتطلّع إلى مرضاته وطاعته، وظلّ ذلك ملازماً له طوال حياته.

                  ولازم أبو الفضل أخويه السبطين ريحانتي رسول الله (صلى الله عليه وآله) الحسن والحسين سيّدي شباب أهل الجنّة فكان يتلقّى منهما قواعد الفضيلة، وأسس الآداب الرفيعة، وقد لازم بصورة خاصة أخاه أبا الشهداء الإمام الحسين (عليه السلام) فكان لا يفارقه في حله وترحاله، وقد تأثّر بسلوكه، وانطبعت في قرارة نفسه مثله الكريمة وسجاياه الحميدة حتى صار صورة صادقة عنه يحكيه في مثله واتجاهاته، وقد أخلص له الإمام الحسين كأعظم ما يكون الإخلاص وقدّمه على جميع أهل بيته لما رأى منه من الودّ الصادق له حتى فداه بنفسه.

                  إنّ المكونات التربوية الصالحة التي ظفر بها سيّدنا أبو الفضل العبّاس (عليه السلام) قد رفعته إلى مستوى العظماء والمصلحين الذين غيّروا مجرى تاريخ البشرية بما قدّموه لها من التضحيات الهائلة في سبيل قضاياها المصيرية، وإنقاذها من ظلمات الذلّ والعبودية.

                  لقد نشأ أبوالفضل على التضحية والفداء من أجل إعلاء كلمة الحقّ، ورفع رسالة الإسلام الهادفة إلى تحرير إرادة الإنسان، وبناء مجتمع أفضل تسوده العدالة والمحبة، والإيثار، وقد تأثر العباس بهذه المبادئ العظيمة وناضل في سبيلها كأشدّ ما يكون النضال، فقد غرسها في أعماق نفسه، ودخائل ذاته، أبوه الإمام أمير المؤمنين وأخواه الحسن والحسين (عليهم السلام)، هؤلاء العظام الذين حملوا مشعل الحرية والكرامة، وفتحوا الآفاق المشرقة لجميع شعوب العالم وأمم الأرض من أجل كرامتهم وحرّيتهم، ومن أجل أن تسود العدالة والقيم الكريمة بين الناس.

                  انطباعات عن شخصيّته:
                  واحتلّ أبو الفضل (عليه السلام) قلوب العظماء ومشاعرهم، وصار أنشودة الأحرار في كلّ زمان ومكان، وذلك لما قام به من عظيم التضحية تجاه أخيه سيّد الشهداء، الذي ثار في وجه الظلم والطغيان، وبنى للمسلمين عزّاً شامخاً، ومجداً خالداً.

                  وفيما يلي بعض الكلمات القيّمة التي أدلى بها بعض الشخصيات الرفيعة في حقّ أبي الفضل (عليه السلام).

                  1- الإمام زين العابدين:

                  أمّا الإمام زين العابدين فهو من المؤسسين للتقوى والفضيلة في الإسلام، وكان هذا الإمام العظيم يترحّم - دوماً - على عمّه العبّاس، ويذكر بمزيد من الإجلال والإكبار تضحياته الهائلة لأخيه الحسين وكان مما قاله في حقّه هذه الكلمات القيّمة:

                  (رحم الله عمّي العباس، فلقد آثر وأبلى، وفدى أخاه بنفسه، حتى قطعت يداه، فأبدله الله بجناحين، يطير بهما مع الملائكة في الجنّة، كما جعل لجعفر بن أبي طالب، وان للعبّاس عند الله تبارك وتعالى منزلة يغبطه عليها جميع الشهداء يوم القيامة..)(12).

                  وألمّت هذه الكلمات بأبرز ما قام به أبو الفضل من التضحيات تجاه أخيه أبي الأحرار الإمام الحسين (عليه السلام)، فقد أبدى في سبيله من ضروب الإيثار وصنوف التضحية ما يفوق حدّ الوصف، وما كان به مضرب المثل على امتداد التاريخ، فقد قطعت يداه الكريمتان يوم الطفّ في سبيله، وظلّ يقاوم عنه حتى هوى إلى الأرض صريعاً، وان لهذه التضحيات الهائلة عند الله منزلة كريمة، فقد منحه من الثواب العظيم، والأجر الجزيل ما يغبطه عليه جميع شهداء الحقّ والفضيلة في دنيا الإسلام وغيره.

                  2- الإمام الصادق:

                  أمّا الإمام الصادق (عليه السلام) فهو العقل المبدع والمفكّر في الإسلام فقد كان هذا العملاق العظيم يشيد دوماً بعمّه العبّاس، ويثني ثناءً عاطراً ونديّاً على مواقفه البطولية يوم الطفّ، وكان مما قاله في حقّه:

                  (كان عمّي العبّاس بن علي (عليه السلام) نافذ البصيرة، صلب الإيمان، جاهد مع أخيه الحسين، وأبلى بلاءً حسناً، ومضى شهيداً..)(13).

                  وتحدّث الإمام الصادق (عليه السلام) عن أنبل الصفات الماثلة عند عمّه العبّاس والتي كانت موضع إعجابه وهي:

                  أ - نفاذ البصيرة:

                  أمّا نفاذ البصيرة، فإنها منبعثة من سداد الرأي، وأصالة الفكر، ولا يتّصف بها إلا من صفت ذاته، وخلصت سريرته، ولم يكن لدواعي الهوى والغرور أي سلطان عليه، وكانت هذه الصفة الكريمة من أبرز صفات أبي الفضل فقد كان من نفاذ بصيرته، وعمق تفكيره مناصرته ومتابعته لإمام الهدى وسيّد الشهداء الإمام الحسين (عليه السلام)، وقد ارتقى بذلك إلى قمّة الشرف والمجد، وخلدت نفسه العظيمة على امتداد التأريخ، فما دامت القيم الإنسانية يخضع لها الإنسان، ويمجّدها فأبو الفضل قد بلغ قمّتها وذروتها.

                  ب - الصلابة في الإيمان:

                  والظاهرة الأخرى من صفات أبي الفضل (عليه السلام) هي الصلابة في الإيمان وكان من صلابة إيمانه انطلاقه في ساحات الجهاد بين يدي ريحانة رسول الله مبتغياً في ذلك الأجر عند الله، ولم يندفع إلى تضحيته بأي دافع من الدوافع المادية، كما أعلن ذلك في رجزه يوم الطفّ، وكان ذلك من أوثق الأدلة على إيمانه.

                  ج - الجهاد مع الحسين:

                  وثمّة مكرمة وفضيلة أخرى لبطل كربلاء العباس (عليه السلام) أشاد بها الإمام الصادق (عليه السلام) وهي جهاده المشرق بين يدي سبط رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وسيّد شباب أهل الجنّة، ويعتبر الجهاد في سبيله من أسمى مراتب الفضيلة التي انتهى إليها أبو الفضل، وقد أبلى بلاءً حسناً يوم الطفّ لم يشاهد مثله في دنيا البطولات.

                  د - زيارة الإمام الصادق:

                  وزار الإمام الصادق (عليه السلام) أرض الشهادة والفداء كربلاء، وبعدما انتهى من زيارة الإمام الحسين وأهل بيته والمجتبين من أصحابه، انطلق بشوق إلى زيارة قبر عمّه العبّاس، ووقف على المرقد المعظّم، وزاره بالزيارة التالية التي تنمّ عن سموّ منزلة العبّاس، وعظيم مكانته، وقد استهلّ زيارته بقوله:

                  (سلام الله، وسلام ملائكته المقرّبين، وأنبيائه المرسلين، وعباده الصالحين، وجميع الشهداء والصديقين والزاكيات الطيّبات فيما تغتدي وتروح عليك يا ابن أمير المؤمنين..).

                  لقد استقبل الإمام الصادق عمّه العباس بهذه الكلمات الحافلة بجميع معاني الإجلال والتعظيم، فقد رفع له تحيات من الله وسلام ملائكته، وأنبيائه المرسلين، وعباده الصالحين، والشهداء، والصدّيقين، وهي أندى وأزكى تحيّة رفعت له، ويمضي سليل النبوّة الإمام الصادق (عليه السلام) في زيارته قائلاً:

                  (وأشهد لك بالتسليم، والتصديق، والوفاء، والنصيحة لخلف النبيّ المرسل، والسبط المنتجب، والدليل العالم، والوصي المبلّغ والمظلوم المهتضم..)

                  وأضفى الإمام الصادق (عليه السلام) بهذا المقطع أوسمة رفيعة على عمّه العباس هي من أجلّ وأسمى الأوسمة التي تضفى على الشهداء العظام، وهي:

                  أ- التسليم:

                  وسلّم العباس (عليه السلام) لأخيه سيّد الشهداء الإمام الحسين (عليه السلام) جميع أموره، وتابعه في جميع قضاياه حتّى استشهد في سبيله، وذلك لعلمه بإمامته القائمة على الإيمان الوثيق بالله تعالى، وعلى أصالة الرأي وسلامة القصد، والإخلاص في النيّة.

                  ب - التصديق:

                  وصدّق العبّاس (عليه السلام) أخاه ريحانة رسول الله (صلى الله عليه وآله) في جميع اتجاهاته، ولم يخامره شكّ في عدالة قضيّته، وأنّه على الحق، وأن مَن نصب له العداوة وناجزه الحرب كان على ضلال مبين.

                  ج - الوفاء:

                  من الصفات الكريمة التي أضافها الإمام الصادق (عليه السلام) على عمّه أبي الفضل (عليه السلام)، الوفاء فقد وفى ما عاهد عليه الله من نصرة إمام الحق أخيه أبي عبد الله الحسين (عليه السلام)، فقد وقف إلى جانبه في أحلك الظروف وأشدّها محنة وقسوة، ولم يفارقه حتى قطعت يداه، واستشهد في سبيله.

                  لقد كان الوفاء الذي هو من أميز الصفات الرفيعة عنصراً من عناصر أبي الفضل وذاتياً من ذاتياته، فقد خلق للوفاء والبرّ للقريب والبعيد.

                  د - النصيحة:

                  وشهد الإمام الصادق بنصيحة عمّه العبّاس لأخيه سيّد الشهداء (عليه السلام)، فقد أخلص له في النصيحة على مقارعة الباطل، ومناجزة أئمّة الكفر والضلال، وشاركه في تضحياته الهائلة التي لم يشاهد العالم مثلها نظيراً في جميع فترات التاريخ… ولننظر إلى بند آخر من بنود هذه الزيارة الكريمة، يقول (عليه السلام):

                  (فجزاك الله عن رسوله، وعن أمير المؤمنين، وعن الحسن والحسين صلوات الله عليهم أفضل الجزاء بما صبرت، واحتسبت، وأعنت فنعم عقبى الدار...).

                  وحوى هذا المقطع على إكبار الإمام الصادق (عليه السلام) لعمّه العبّاس وذلك لما قدّمه من الخدمات العظيمة، والتضحيات الهائلة لسيّد شباب أهل الجنّة، وريحانة رسول الله (صلى الله عليه وآله) الإمام الحسين (عليه السلام) فقد فداه بروحه، ووقاه بمهجته، وصبر على ما لاقاه في سبيله من المحن والشدائد مبتغياً في ذلك الأجر عند الله، فجزاه الله عن نبيّه الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) وعن باب مدينته الإمام أمير المؤمنين، وعن الحسن والحسين أفضل الجزاء على عظيم تضحياته.

                  ويستمرّ مجدّد الإسلام الإمام الصادق (عليه السلام) في زيارته لعمّه العبّاس، فيذكر صفاته الكريمة، وما له من المنزلة العظيمة عند الله تعالى، فيقول بعد السلام عليه:

                  (أَشهد، وأُشْهِد الله أنّك مضيت على ما مضى به البدريون والمجاهدون في سبيل الله، المناصحون له في جهاد أعدائه، المبالغون في نصرة أوليائه، الذابّون عن أحبّائه، فجزاك الله أفضل الجزاء وأكثر الجزاء وأوفر الجزاء وأوفى جزاء أحد ممن وفي ببيعته، واستجاب لدعوته، وأطاع ولاة أمره...).

                  لقد شهد الإمام الصادق - العقل المفكّر والمبدع في الإسلام وأشهد الله تعالى على ما يقول: من أنّ عمّه أبا الفضل العبّاس (عليه السلام) قد مضى في جهاده مع أخيه أبي الأحرار الإمام الحسين (عليه السلام)، على الخطّ الذي مضى عليه شهداء بدر الذين هم من أكرم الشهداء عند الله فهم الذين كتبوا النصر للإسلام، وبدمائهم الزكية ارتفعت كلمة الله عالية في الأرض وقد استشهدوا وهم على بصيرة من أمرهم، ويقين من عدالة قضيّتهم، وكذلك سار أبو الفضل العبّاس على هذا الخطّ المشرق، فقد استشهد لإنقاذ الإسلام من محنته الحازبة، فقد حاول صعلوك بني أميّة حفيد أبي سفيان أن يمحو كلمة الله، ويلف لواء الإسلام، ويعيد الناس لجاهليتهم الأولى، فثار أبو الفضل بقيادة أخيه أبي الأحرار في وجه الطاغية السفّاك، وتحققت بثورتهم كلمة الله العليا في نصر الإسلام وإنزال الهزيمة الساحقة بأعدائه وخصومه.

                  ويستمرّ الإمام الصادق (عليه السلام) في زيارته لعمّه العباس فيسجّل ما يحمله من إكبار وتعظيم، فيقول:

                  (أشهد أنّك قد بالغت في النصيحة، وأعطيت غاية المجهود فبعثك الله في الشهداء، وجعل روحك مع أرواح السعداء، وأعطاك من جنانه أفسحها منزلاً، وأفضلها غرفاً، ورفع ذكرك في علّيين وحشرك مع النبيّين، والصديقين والشهداء، والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً.

                  أشهد أنّك لم تهن ولم تنكل، وأنّك مضيت على بصيرة من أمرك، مقتدياً بالصالحين، ومتبعاً للنبيّين، فجمع الله بيننا، وبينك وبين رسوله وأوليائه في منازل المخبتين، فإنّه أرحم الراحمين..)(14).

                  ويلمس في هذه البنود الأخيرة من الزيارة مدى أهميّة العبّاس، وسموّ مكانته عند إمام الهدى الإمام الصادق (عليه السلام)، وذلك لما قام به هذا البطل العظيم من خالص النصيحة، وعظيم التضحيّة لريحانة رسول الله (صلى الله عليه وآله) الإمام الحسين (عليه السلام)، كما دعا الإمام له ببلوغ المنزلة السامية عند الله التي لا ينالها إلا الأنبياء، وأوصيائهم، ومن امتحن الله قلبه للإيمان.

                  3- الإمام الحجة:

                  وأدلى الإمام المصلح العظيم بقيّة الله في الأرض قائم آل محمد (صلى الله عليه وآله) بكلمة رائعة في حقّ عمّه العبّاس (عليه السلام) جاء فيها:

                  (السلام على أبي الفضل العبّاس ابن أمير المؤمنين، المواسي أخاه بنفسه، الآخذ لغده من أمسه، الفادي له، الواقي، الساعي إليه بمائه، المقطوعة يداه، لعن الله قاتليه يزيد بن الرقاد، وحكيم بن الطفيل الطائي..)(15).

                  وأشاد بقيّة الله في الأرض بالصفات الكريمة الماثلة في عمّه قمر بني هاشم وفخر عدنان، وهي:

                  1- مواساته لأخيه سيّد الشهداء (عليه السلام)، فقد واساه في أحلك الظروف، وأشدّها محنة وقسوة، وظلّت مواساته له مضرب المثل على امتداد التاريخ.

                  2- تقديمه أفضل الزاد لآخرته، وذلك بتقواه، وشدّة تحرّجه في الدين، ونصرته لإمام الهدى.

                  3- تقديم نفسه، وأخوته، وولده فداءً لسيّد شباب أهل الجنّة الإمام الحسين (عليه السلام).

                  4- وقايته لأخيه المظلوم بمهجته.

                  5- سعيه لأخيه وأهل بيته بالماء حينما فرضت سلطات البغي والجور الحصار على ماء الفرات من أن تصل قطرة منه لآل النبيّ (صلى الله عليه وآله).

                  4- الشعراء:

                  وهام الأحرار من شعراء أهل البيت(عليهم السلام) بشخصية أبي الفضل التي بلغت قمّة الشرف والمجد، وسجّلت صفحات من النور في تاريخ الأمّة الإسلامية، وقد نظموا في حقّه روائع الشعر العربي إكباراً وإعجاباً بمثله الكريمة، فيما يلي بعضهم:

                  1- الكُمْيت:

                  أمّا شاعر الإسلام الأكبر الكُمْيت الأسدي فقد انطبع حبّ أبي الفضل في أعماق نفسه، وقد تعرّض لمدحه في إحدى هاشمياته الخالدة قال:

                  وأبـو الفــضل إنّ ذكـرهم الحلو شفاء النفوس من أسقام(16)
                  إنّ ذكر أبي الفضل العباس (عليه السلام)، وسائر أهل البيت (عليهم السلام) حلو عند كل شريف لأنّه ذكر للفضيلة والكمال المطلق، كما أنّه شفاء للنفوس من أسقام الجهل والغرور، وسائر الأمراض النفسية.

                  2- الفضل بن محمد:

                  من الشعراء الملهمين الذين هاموا بشخصية أبي الفضل (عليه السلام) هو حفيده الشاعر الكبير الفضل بن محمد بن الفضل بن الحسن بن عبيد الله بن العباس فقد قال:

                  إنـــــي لأذكـــــر لـــــلعبّاس مـوقفه بكربــــلاء وهــــام الــقوم يختطف

                  يـــحمي الحسين ويحميه على ظمأٍ ولا يـــــولّي ولا يــــثني فــــيختلف

                  ولا أرى مشـــــهداً يـــوماً كمشهده مع الحسين عليه الفضل والشرف

                  أكــــرم بـــــه مشهداً بانت فضيلته وما أضــــاع لـه أفعاله خلف(17)

                  وصوّرت هذه الأبيات شجاعة أبي الفضل (عليه السلام) وما قام به من دور مشرق يدعو إلى الاعتزاز والفخر في حماية أخيه أبي الأحرار، ووقايته له بمهجته، وسقايته له ولأفراد عائلته وأطفاله بالماء، فلم يكن هناك مشهد أفضل ولا أسمى من هذا الموقف الرائع الذي وقفه أبو الفضل مع أخيه أبي عبد الله (عليه السلام) … وقد استولت مواقف أبي الفضل على حفيده الفضل فهام بها ورثاه بذوب روحه، وكان من رثائه له هذه الأبيات الرقيقة:

                  أحــــق الــــناس أن يبكى عليه فـــتى أبـــكى الحسين بكربلاء

                  أخـــــوه وابــــن والــــــده علي أبو الفــــضل المضرّج بالدماء

                  ومــــن واســــاه لا يثنيه شيء وجادله على عطش بماء(18)

                  نعم إن أحق الناس أن يمجد ويبكى على ما حلّ به من رزء قاصم هو أبو الفضل رمز الإباء والفضيلة، فقد رزأ الإمام الحسين (عليه السلام) بمصرعه، وبكاه أمرّ البكاء لأنّه فقد بمصرعه أبرّ الإخوان، وأعطفهم عليه.

                  3- السيّد راضي القزويني:

                  وهام الشاعر العلوي السيّد راضي القزويني بشخصية أبي الفضل (عليه السلام) قال:

                  أبـــا الفضل يا من أسس الفضل والإبا أبى الفــــــضل إلا أن تــــكون لــــه أبا

                  تطلـــــبت أســـــباب العــــلى فبــلغـتها وما كـــــل ســـــاع بـــــالغ مــــا تـطلبا

                  ودون احتـــــمال الضــــــيم عـزّ ومنعة تخـــــيرت أطـــــراف الأســـــنّة مركبا

                  إنّ أبا الفضل من المؤسسين للفضل والإباء في دنيا العرب والإسلام فقد سما إلى طرق المجد، وأسباب العلى، فبلغ قمّتها، وقد تخير أطراف الأسنّة والرماح حتى لا يناله ذلّ، ولا ضيم.

                  4 - محمد رضا الأزري:

                  وأشاد الشاعر الكبير الحاج محمد رضا الأزري في رائعته بالمثل الكريمة التي تحلّى بها قمر بني هاشم، والتي احتلت عواطف الأحرار ومشاعرهم يقول:

                  فانهض إلى الذكــر الجميل مشمّراً فالذكر أبــــقى مـــا اقــتنته كرامها

                  أومـــــا أتـــاك حـــديث وقعة كربلا أنّى وقــــد بـــلغ الســــماء قـتامها

                  يــوم أبو الفضل استجار به الهدى والشـــمس من كدر العجاج لثامها

                  ودعا الأزري بالبيت من رائعته إلى اقتناء الذكر الجميل الذي هو من أفضل المكاسب التي يظفر بها الإنسان فإنه أبقى، وأخلد له، ودعا بالبيت الثاني إلى التأمّل والاستفادة من واقعة كربلاء التي تفجّرت من بركان هائل من الفضائل والمآثر لآل النبيّ (صلى الله عليه وآله)، وعرج بالبيت الثالث على أبي الفضل العبّاس (عليه السلام) الذي استجار به سبط النبيّ (صلى الله عليه وآله) وريحانته، ولنستمع إلى ما قام به العبّاس من النصر والحماية لأخيه، يقول الأزري:

                  فحمى عــــرينته ودمـــدم دونــــــها ويذب مـن دون الشرى ضرغامها

                  والبيض فوق البيض تحسب وقعها زجل الـــرعود إذا اكفــهرّ غمامها

                  مـــن بــاسل يلـــقى الكتــيبة باسماً والشـــوس يرشــح بالمنية هامها

                  واشـــــم لا يــــحتل دار هـــضـــيمة أو يســــتقلّ عــلى النجوم رغامها

                  أولــــم تـــــكن تــــدري قــريش أنّه طــــلاع كـــل ثــــنية مقــــدامــــها

                  وهذه الأبيات منسجمة كل الانسجام مع بطولات أبي الفضل، فقد صوّرت بسالته، وما قام به من دور مشرف في حماية أخيه أبي الأحرار فقد انبرى كالأسد يذبّ عن أخيه في معركة الشرف والكرامة، غير حافل بتلك الوحوش الكاسرة التي ملأت البيداء دفاعاً عن ذئاب البشرية، وقد انطلق أبو الفضل باسماً في ميادين الحرب وهو يحطّم أنوف أولئك الأوغاد ويجرّعهم غصص الموت في سبيل كرامته وعزّة أخيه، وقد استبان للقبائل القرشية في هذه المعركة أن أبا الفضل طلاع كل ثنية، وأنه ابن من أرغمها على الإسلام وحطّم جاهليتها وأوثانها.
                  ونختم الموضوع بابيات ملا عطيه الجمري بلقصيده التي ادمت اعيون الزهراء البتول:

                  وين الكفين ... يسردال الحرب ... وين الكفين ؟

                  إلى آخر القصيده على العباس بطل العلقمي.

                  تعليق


                  • #10
                    بسم الله الرحمن الرحيم
                    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                    اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف

                    العباس بن الإمام علي (عليهما السلام).
                    اسمه ونسبه :
                    أبو الفضل ، العباس بن الإمام علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ) .
                    ألقابه :
                    نذكر منها ما يلي : السقَّاء ، قمر بني هاشم ، باب الحوائج ، سَبع القنطرة ، كافل زينب ، بطل الشريعة .
                    أُمّه :
                    السيّدة فاطمة بن حزام العامرية الكلابية ، المعروفة بأمِّ البنين ( عليها السلام ) .
                    ولادته :
                    ولد العباس في الرابع من شعبان 26 هـ .
                    زواج الإمام علي ( عليه السلام ) لأجله :
                    روي أنّ الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قال لأخيه عقيل ـ وكان نسّابة عالماً بأخبار العرب وأنسابهم ـ : ( أبغي امرأة قد ولدتها الفحولة من العرب ؛ لأتزوّجها فتلد لي غلاماً فارساً ) ، فقال له : أين أنت عن فاطمة بنت حزام الكلابية العامرية ، فإنّه ليس في العرب أشجع من آبائها ولا أفرس ، فتزوّجها أمير المؤمنين (2) ، فولدت له وأنجبت ، وأوّل ما ولدت العباس ( عليه السلام ) ، وبعده عبد الله ، وبعده جعفراً ، وبعده عثمان .
                    صفاته :
                    كان العباس رجلاً وسيماً جسيماً ، يركب الفرس المطهَّم ، ورجلاه تخطَّان في الأرض (3) .
                    وقال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( كان عمُّنا العباس بن علي نافذ البصيرة ، صلب الإيمان ، جاهد مع أبي عبد الله ( عليه السلام ) ، وأبلى بلاءً حسناً ، ومضى شهيداً ) (4) .
                    وقد كان صاحب لواء الحسين ( عليه السلام ) ، واللِّواء هو العلم الأكبر ، ولا يحمله إلاَّ الشجاع الشريف في المعسكر .
                    ترحّم الإمام عليه :
                    قال الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) : ( رحم الله العباس ، فلقد آثر وأبلى ، وفدى أخاه بنفسه حتّى قطعت يداه ، فأبدله الله عزّ وجل بهما جناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنّة كما جعل لجعفر بن أبي طالب ، وإنّ للعباس عند الله تبارك وتعالى منزلة يغبطه بها جميع الشهداء يوم القيامة ) (5) .
                    عدم قبوله أمان ابن زياد :
                    لمَّا أخذ عبد الله بن حزام ابن خال العباس ( عليه السلام ) أماناً من ابن زياد للعباس وأخوته من أُمِّه ، قال العباس وأخوته : ( لا حاجة لنا في الأمان ، أمانُ الله خير من أمان ابن سمية ) .
                    ولمَّا نادى شمر : أين بنو أختنا ؟ أين العباس وأخوته ؟ فلم يجبه أحد ، فقال الحسين ( عليه السلام ) : ( أجيبوه وإن كان فاسقاً ، فإنَّه بعض أخوالكم ) (6) .
                    فأجابه العباس ( عليه السلام ) : ( ماذا تريد ) ؟ فقال : أنتم يا بني أُختي آمنون ، فقال له العباس ( عليه السلام ) : ( لعنك الله ، ولعن أمانك ، أتؤمِّننا وابن رسول الله لا أمان له ) ؟! وتكلَّم أخوته بنحو كلامه ، ثمَّ رجعوا .
                    موقفه يوم العاشر :
                    أتى أمر من عبيد الله بن زياد إلى عمر بن سعد يستحثه على المنازلة ، فركبوا خيولهم وأحاطوا بالحسين ( عليه السلام ) وأهل بيته وأصحابه ، فأرسل الحسين ( عليه السلام ) أخاه العباس ومعه جملة من أصحابه ، وقال : ( سلهم التأجيل إلى غد إن استطعت ) (7) ، فذهب ( عليه السلام ) إلى قادة العسكر وتكلّم معهم على التأجيل فأجّلوه .
                    موقفه يوم العاشر (8)
                    وذاب قلب أبي الفضل أسىً وحزناً ، وودّ أن المنيّة قد اختطفته ، ولا يشاهد تلك الكوارث والخطوب التي تذهل كل كائن حيّ ، وتميد بالصبر ، ولا يقوى على تحملها أي إنسان إلاّ أولي العزم من أنبياء الله الذين امتحن الله قلوبهم للاِيمان واصطفاهم على عباده.
                    ومن بين تلك الكوارث المذهلة التي عاناها أبو الفضل عليه السلام أنّه كان يستقبل في كل لحظة شاباً أو غلاماً لم يراهق الحلم من أهل بيته قد مزّقت أشلاءهم سيوف الاَمويين وحرابهم ، ويسمع صراخ بنات الرسالة ، وعقائل النبوة ، وهنّ يلطمن وجوههن ، ويندبن بأشجى ما تكون الندبة أُولئك البدور الذين تضمخوا بدم الشهادة دفاعاً عن ريحانة رسول الله صلى الله عليه وآله ... ومن بين المحن الشاقة التي عاناها أبو الفضل عليه السلام أنّه يرى أخاه ، وشقيق روحه الاِمام الحسين عليه السلام قد أحاطت به أوغاد اهل الكوفة لتتقرّب بقتله إلى سليل الاَدعياء ابن مرجانة ، وقد زادته هذه المحن إيماناً وتصميماً على مناجزة أعداء الله ، وبذله حياته فداءً لسبط رسول الله صلى الله عليه وآله .
                    العباس مع اخوته
                    وانبرى بطل كربلاء إلى أشقّائه بعد شهادة الفتية من أهل البيت عليهم السلام فقال لهم :
                    " تقدّموا يا بني أمّي حتى أراكم نصحتم لله ولرسوله ، فانه لا ولد لكم..." (9).
                    لقد طلب من اخوانه الممجدين أن يقدموا نفوسهم قرابين لدين الله ، وأن ينصحوا في جهادهم لله ورسوله ، ولم يلحظ في تضحيتهم أي اعتبار آخر من النسب وغيره ، والتفت أبو الفضل إلى أخيه عبدالله فقال له: "تقدّم يا أخي حتى أراك قتيلاً ، واحتسبك.." (10).
                    واستجابت الفتية إلى نداء الحق فهبّوا للدفاع عن سيّد العترة وإمام الهدى الحسين عليه السلام .
                    قول رخيص
                    ومن أهزل الاَقوال ، وأبعدها عن الحق ما ذكره ابن الاَثير إنّ العباس عليه السلام قال لاَخوته: " تقدّموا حتى أرثكم ، فانه لا ولد لكم.." (11).
                    لقد قالوا بذلك ، ليقلّلوا من أهمية هذا العملاق العظيم الذي هو من ذخائر الاِسلام ، ومن مفاخر المسلمين ، وهل من الممكن أن يفكّر فخر هاشم في الناحية المادية في تلك الساعة الرهيبة التي كان الموت المحتم منه كقاب قوسين أو أدنى ، مضافاً إلى الكوارث التي أحاطت به ، فهو يرى أخاه قد أحاطت به جيوش الاَمويين ، وهو يستغيث فلا يغاث ، ويسمع صراخ عقائل النبوة ومخدرات الرسالة ، فقد كان همّه الوحيد الرحيل من الدنيا ، واللحوق بأهل بيته الذين حصدتهم سيوف الاَمويين ، وبالاضافة لهذا كله فان السيدة أم البنين أم السادة الاَماجد كانت حيّة فهي التي تحوز ميراث أبنائها لاَنها من الطبقة الاَولى لو كان لاَبنائها أموال فان أباهم الاِمام أمير المؤمنين قد انتقل من هذه الدنيا ولم يخلف صفراءً ولا بيضاء ، فمن أين جاءت أبناءه الاَموال... ومن المحتمل قوياً أن يكون الوارد في كلام سيّدنا أبي الفضل عليه السلام "حتّى أثأركم.." أي أطلب بثاركم فحرّف كلامه.
                    مصارع اخوة العباس ع
                    واستجاب السادة اخوة العباس إلى نداء أخيهم فهبّوا للجهاد ، ووطّنوا نفوسهم على الموت دفاعاً عن أخيهم ريحانة رسول الله صلى الله عليه وآله ، فقد برز عبدالله ابن أمير المؤمنين عليه السلام والتحم مع جيوش الامويين وهو يرتجز:
                    شيخي علي ذو الفخار الاَطول هذا حسين بـن النبي المرسل تفديه نفســي من أخ مبجّل من هاشم الخير الكريم المفضل عنه نحامـي بالحسام المصقل يا رب فامنحنـي ثواب المنزل
                    لقد أعرب بهذا الرجز عن اعتزازه وافتخاره بأبيه الامام أمير المؤمنين عليه السلام باب مدينة علم النبيّ صلى الله عليه وآله ووصيه ، كما اعتزّ بأخيه سيّد شباب أهل الجنّة الاِمام الحسين عليه السلام ، وقد أعلن أنّه انّما يدافع عنه لاَنّه ابن النبيّ صلى الله عليه وآله ويلتمس بذلك أن يمنحه الله الدرجات الرفيعة.
                    ولم يزل الفتى يقاتل أعنف القتال وأشدّه حتى شدّ عليه رجس من أرجاس أهل الكوفة وهو هاني بن ثبيت الحضرمي فقتله (12).
                    وبرز من بعده أخوه جعفر ، وكان له من العمر تسعة عشر سنة فجعل يقاتل قتال الاَبطال فبرز إليه قاتل أخيه فقتله (13).
                    وبرز من بعده أخوه عثمان وهو ابن إحدى وعشرين سنة فرماه خولي بسهم فأضعفه ، وشدّ عليه رجس من بني دارم وأخذ رأسه ليتقرّب به إلى ابن الاَمة الفاجرة عبيدالله بن مرجانة (14).
                    لقد سمت أرواحهم الطاهرة إلى الرفيق الاَعلى ، وهي أنضر ما تكون تفانياً في مرضاة الله ، وأشدّ ما تكون إيماناً بعدالة تضحيتهم التي هي من أنبل التضحيات في العالم.
                    ووقف أبو الفضل على اشقّائه الذين مزّقت أشلاءهم سيوف الاَعداء فجعل يتأمّل في وجوههم المشرقة بنور الاِيمان ، وأخذ يتذكّر وفاءهم ، وسموّ آدابهم ، وأخذ يذرف عليهم أحرّ الدموع ، وتمنّى أن تكون المنيّة قد وافته قبلهم ، واستعدّ بعد ذلك إلى الشهادة ، والفوز برضوان الله.
                    مصرع أبي الفضل العباس ع
                    ولما رأى أبو الفضل عليه السلام وحدة أخيه ، وقتل أصحابه ، وأهل بيته الذين باعوا نفوسهم لله انبرى إليه يطلب الرخصة منه ليلاقي مصيره المشرق فلم يسمح له الاِمام ، وقال له بصوت حزين النبرات: "أنت صاحب لوائي..".
                    لقد كان الاِمام يشعر بالقوّة والحماية ما دام أبو الفضل فهو كقوة ضاربة إلى جانبه يذبّ عنه ، ويردّ عنه كيد المعتدين ، وألحّ عليه أبو الفضل قائلاً: " لقد ضاق صدري من هؤلاء المنافقين ، وأريد أن آخذ ثأري منهم..".
                    لقد ضاق صدره ، وسئم من الحياة حينما رأى النجوم المشرقة من أخوته ، وأبناء عمومته صرعى مجزرين على رمضاء كربلاء فتحرّق شوقاً للاَخذ بثأرهم والالتحاق بهم.
                    وطلب الاِمام منه أن يسعى لتحصيل الماء إلى الاَطفال الذين صرعهم العطش فانبرى الشهم النبيل نحو أولئك الممسوخين الذين خلت قلوبهم من الرحمة والرأفة فجعل يعظهم ، ويحذّرهم من عذاب الله ونقمته ، ووجّه خطابه بعد ذلك إلى ابن سعد: "يا بن سعد هذا الحسين ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله قد قتلتم أصحابه وأهل بيته ، وهؤلاء عياله وأولاده عطاشى فاسقوهم من الماء ، قد احرق الظمأ قلوبهم ، وهو مع ذلك يقول: " دعوني أذهب إلى الروم أو الهند ، وأخلّي لكم الحجاز والعراق..".
                    وساد صمت رهيب على قوّات ابن سعد ، ووجم الكثيرون ، وودّوا أن الاَرض تسيخ بهم ، فانبرى إليه الرجس الخبيث شمر بن ذي الجوشن فردّ عليه قائلاً: يا بن أبي تراب ، لو كان وجه الاَرض كلّه ماءً ، وهو تحت أيدينا لما سقيناكم منه قطرة إلاّ أن تدخلوا في بيعة يزيد . . .
                    لقد بلغت الخسّة ، ولؤم العنصر ، وخبث السريرة بهذا الرجس إلى مستوى ما له من قرار... وقفل أبو الفضل راجعاً إلى أخيه فأخبره بعتوّ القوم وطغيانهم ، وسمع فخر عدنان صراخ الاَطفال ، وهم يستغيثون ، وينادون: " العطش العطش..".
                    ورآهم أبو الفضل قد ذبلت شفاهم ، وتغيّرت ألوانهم ، وأشرفوا على الهلاك ، من شدّة العطش ، وفزع أبو الفضل ، وسرى الاَلم العاصف في محيّاه ، واندفع ببسالة لاِغاثتهم ، فركب فرسه ، وأخذ معه القربة ، فاقتحم الفرات ، فانهزم الجيش من بين يديه ، واستطاع أن يفكّ الحصار الذي فرض على الماء ، فاحتلّه ، وكان قلبه الشريف كصالية الغضا من شدّة العطش ، فاغترف من الماء غرفة ليشرب منه ، إلاّ أنه تذكّر عطش أخيه ، ومن معه من النساء والاَطفال ، فرمى الماء من يده ، وامتنع أن يروي غليله ، وقال: يَا نفسُ مِن بعد الحُسين هوني هَذا الحسينُ وَارِدَ المَنونِ ومِن بعدِهِ لا كُنتِ أن تَكُوني وتشرَبينَ بَاردَ المَعينِ تاللهِ مَا هَذي فِعَال دِيني
                    إنّ الاِنسانية بكل إجلال واحترام لتحيّي هذه الروح العظيمة التي تألّقت في دنيا الفضيلة والاِسلام وهي تلقي على الاَجيال أروع الدروس عن الكرامة الاِنسانية.
                    ان هذا الاِيثار الذي تجاوز حدود الزمان والمكان كان من أبرز الذاتيات في خلق سيّدنا أبي الفضل ، فلم تمكّنه عواطفه المترعة بالولاء والحنان أن يشرب من الماء قبله ، فأي إيثار أنبل أو أصدق من هذا الاِيثار ، ... واتجه فخر هاشم مزهواً نحو المخيم بعدما ملاَ القربة ، وهي عنده أثمن من حياته ، والتحم مع أعداء الله وأنذال البشرية التحاماً رهيباً فقد أحاطوا به من كلّ جانب ليمنعوه من إيصال الماء إلى عطاشى آل النبيّ صلى الله عليه وآله ، وأشاع فيهم القتل والدمار وهو يرتجز:
                    لا أرهبُ الموتَ إذا الموتُ رَقَا نفسي لنفسِ المُصطَفَى الطُّهر وَقَا حتّى أواري في المصَاليتِ لُقَى إنّي أنا العبَّاس أغدو بالسقَا ولا أخافُ الشرَّ يوم المُلتَقَى (15) .
                    لقد أعلن بهذا الرجز عن شجاعته النادرة ، وانّه لا يخشى الموت ، وانّما يستقبله بثغر باسم دفاعاً عن الحق ، وفداءً لاَخيه سبط النبيّ صلى الله عليه وآله .. وانه لفخور أن يغدو بالسقاء مملوءً من الماء ليروي به عطاشى أهل البيت.
                    وانهزمت الجيوش من بين يديه يطاردها الفزع والرعب ، فقد ذكرهم ببطولات أبيه فاتح خيبر ، ومحطّم فلول الشرك ، إلاّ ان وضراً خبيثاً من جبناء أهل الكوفة كمن له من وراء نخلة ، ولم يستقبله بوجهه ، فضربه على يمينه ضربة غادرة فبراها ، لقد قطع تلك اليد الكريمة التي كانت تفيض برّاً وكرماً على المحرومين والفقراء ، والتي طالما دافع بها عن حقوق المظلومين والمضطهدين ، ولم يعن بها بطل كربلاء وراح يرتجز: واللهِ إنْ قَطعتُمُ يَميني وعَن إمامٍ صَادِقِ اليقين إنِّي أُحَامي أبداً عن ديني نَجلُ النبيِّ الطاهِرِ الأمينِ
                    ودلل بهذا الرجز على الاَهداف العظيمة ، والمثل الكريمة التي يناضل من أجلها فهو انّما يناضل دفاعاً عن الاِسلام ، ودفاعاً عن إمام المسلمين وسيّد شباب أهل الجنّة.
                    ولم يبعد العباس قليلاً حتى كمن له من وراء نخلة رجس من أرجاس البشرية وهو الحكيم بن الطفيل الطائي فضربه على يساره فبراها ، فقال ( عليه السلام ) : يا نفسُ لا تَخشي مِن الكُفَّارِ مَعَ النَّبيِّ السيِّد المختار وأبشِري بِرَحمة الجَبَّارِ قَد قطعوا بِبَغيِهم يَساري فأصْلِهِم يَا ربِّ حَرَّ النَّارِ.

                    وحمل القربة بأسنانه ـ حسبما تقول بعض المصادر ـ وجعل يركض ليوصل الماء إلى عطاشى أهل البيت عليهم السلام وهو غير حافل بما كان يعانيه من نزف الدماء وألم الجراح ، وشدّة العطش ، وكان ذلك حقّاً هو منتهى ما وصلت إليه الاِنسانية من الشرف والوفاء والرحمة... وبينما هو يركض وهو بتلك الحالة إذ أصاب القربة سهم غادر فأريق ماؤها ، ووقف البطل حزيناً ، فقد كان إراقة الماء عنده أشدّ عليه من قطع يديه ، وشدّ عليه رجس فعلاه بعمود من حديد على رأسه الشريف ففلق هامته ، وهوى إلى الاَرض ، وهو يؤدّي تحيّته ، ووداعه الاَخير إلى أخيه قائلاً: "عليك منّي السلام أبا عبدالله...".
                    وحمل الاَثير محنته إلى أخيه فمزّقت قلبه ، ومزّقت أحشاءه ، وانطلق نحو نهر العلقمي حيث هوى إلى جنبه أبو الفضل ، واقتحم جيوش الاَعداء ، فوقف على جثمان أخيه فألقى بنفسه عليه ، وجعل يضمخه بدموع عينيه ، وهو يلفظ شظايا قلبه الذي مزّقته الكوارث قائلاً: " الآن انكسر ظهري ، وقلّت حيلتي ، وشمت بي عدويّ...".
                    وجعل إمام الهدى يطيل النظر إلى جثمان أخيه ، وقد انهارت قواه ، وانهدّ ركنه وتبددت جميع آماله ، وودّ أن الموت قد وافاه قبله ، وقد وصف السيّد جعفر الحلّي حالته بقوله:
                    فمشى لمصرعه الحسين وطرفه ألفـاه محجـوب الجمال كـأنّه فأكب منحنيـاً عليـه ودمعـه قـد رام يلثمه فلم يـر موضعاً نـادى وقد ملاَ البوادي صيحة أأخـي يهنيك النعيم ولـم أخل أأخي مـن يحمي بنـات محمّد مـا خلت بعدك أن تشلّ سواعدي لسـواك يـلطم بـالاَكف وهـذه ما بين مصرعك الفضيع ومصرعي هـذا حسامك من يذلّ بـه العـدا هونت يا باابن أبي مصارع فتيتي بيـن الخيـام وبينـه مـتقسم بـدر بمنحطـم الـوشيج ملثم صبـغ البسيط كأنّما هـو عندم لـم يدمه عـضّ السلاح فيلثم صـم الصخـور لهولهـا تتألّم ترضى بأن أرزى وأنت مـنعم اذ صرن يسترحمن من لا يرحم وتكف بـاصرتي وظهري يقصم بيض الضبا لك فـي جبيني تلطم إلاّ كمـا أدعـوك قبـل وتنعـم ولـواك هـذا مـن بـه يتقـدم والجـرح يسكنـه الذي هـو آلم
                    وهو وصف دقيق للحالة الراهنة التي حلّت بسيّد الشهداء بعد فقده لاَخيه ووصف شاعر آخر وهو الحاج محمّد رضا الاَزري وضع الاِمام عليه السلام بقوله:
                    وهـوى عليـه مـا هنـالك قائلاً اليـوم سـار عـن الكتائب كبشها اليـوم آل إلـى التفـرق جمعنـا اليوم نـامت أعيـن بـك لـم تنم اشقيق روحي هل تراك علمت ان قد خلت اطبقت السماء على الثرى لكـن أهـان الخطب عندي انني اليوم بان عـن اليميـن حسـامها اليوم بـان عـن الهـداة امـامها اليـوم حلّ عـن البنود نـظامها وتسهّـدت أخـرى فعـز منامها غـودرت وانثالت عليك لئـامها أو دكـدكت فـوق الربى أعلامها بك لاحق أمـراً قضـى علامهـا
                    ومهما قال الشعراء والكتّاب فانهم لا يستطيعون أن يصفون ما ألمّ بالاِمام من فادح الحزن ، وعظيم المصاب ، ووصفه أرباب المقاتل بأنّه قام من أخيه وهو لايتمكّن أن ينقل قدميه ، وقد بان عليه الانكسار ، وهو الصبور ، واتجه صوب المخيّم ، وهو يكفكف دموعه ، فاستقبلته سكينة قائلة:
                    " أين عمّي أبو الفضل ، ..".
                    فغرق بالبكاء ، واخبرها بنبرات متقطّعة من شدّة البكاء بشهادته ، وذعرت سكينة ، وعلا صراخها ، ولما سمعت بطلة كربلاء حفيدة الرسول صلى الله عليه وآله بشهادة أخيها الذي ما ترك لوناً من ألوان البرّ والمعروف إلاّ قدّمه لها أخذت تعاني آلام الاحتضار ، ووضعت يدها على قلبها المذاب ، وهي تصيح: " وا أخاه ، واعبّاساه ، وا ضعيتنا بعدك...".
                    يالهول الفاجعة. يالهول الكارثة.
                    لقد ضجّت البقعة من كثرة الصراخ والبكاء ، وأخذت عقائل النبوة يلطمن الوجوه وقد أيقن بالضياع بعده ، وشاركهنّ الثاكل الحزين أبو الشهداء في محنتهنّ ومصابهنّ ، وقد علا صوته قائلاً: "واضيعتنا بعدك يا أبا الفضل...".
                    لقد شعر أبو عبدالله عليه السلام بالضيعة والغربة بعد فقده لاَخيه الذي ليس مثله أخ في برّه ووفائه ومواساته ، فكانت فاجعته به من أقسى ما مُني به من المصائب والكوارث.
                    وداعاً يا قمر بني هاشم.
                    وداعاً يا فجر كل ليل.
                    وداعاً يا رمز المواساة والوفاء.
                    سلام عليك يوم ولدت ، ويوم استشهدت ، ويوم تُبعث حيّاً.
                    ====
                    المصادر والأدلة:
                    1ـ أُنظر : أعيان الشيعة 7 / 429 .
                    2ـ عمدة الطالب : 357 .
                    3ـ مقاتل الطالبيين : 56 .
                    4ـ عمدة الطالب : 356 .
                    5ـ الأمالي للشيخ الصدوق 548 .
                    6ـ عمدة الطالب : 357 .
                    7ـ أبصار العين : 31 .
                    8 ـ العبّاس بن علي عليهما السلام رائد الكرامة والفداء في الإسلام : باقر شريف القرشي ، ص 216 ـ 226.
                    9 ـ الارشاد: 269.
                    10 ـ مقاتل الطالبيين: 82.
                    11 ـ تأريخ ابن الاَثير 3: 294.
                    12ـ حياة الاِمام الحسين 3: 262.
                    13 ـ الاِرشاد: 269.
                    14 ـ مقاتل الطالبيين: 83.
                    15ـ مقتل الحسين : 179 .
                    ومع السلامة.

                    تعليق

                    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                    حفظ-تلقائي
                    Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
                    x
                    يعمل...
                    X