ماذا تعرف عن مالك الأشتر
وكان مالك الأشتر مِن زعماء العراق الأشداء، فارساً صنديداً لا يشق له غبار ، شديد البأس ، رئيس أركان الجيش لعساكر عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) في معاركه، وكان قائداً عسكريّاً محنكًا،
ومِن بطولاته يوم صفين أنَّه برز إليه مِن أهل الشام أبطال مستميتون وتصدى لهم مالك الأشتر فقتل منهم في واقعة واحدة سبعة أبطال وهم:
صالح بن فيروز العكي، ومالك بن أدهم السلماني، ورياح بن عتيك الغساني، والأحلج بن منصور الكندي، وإبراهيم بن وضاح الجمحي، وزامل بن عبيد الخزامي، ومحمد بن الجمحي، هؤلاء السبعة الذين برزوا إلى الأشتر واحدًا بعد آخر فقتلهم جميعًا حتى جبن مَن يبرز إليه،
ثمَّ هجم الأشتر ومَن معه على الفرات وأقبل يضرب بسيفه على جيش الشام بقيادة أبي الأعور السلمي فكشفهم عن الماء واستولى على الشريعة، وهو يرتجز ويقول:
لا تذكروا ما قد مضى وفاتا * والله ربي باعث الأمواتا
مِن بعد ما صوروا صدى رفاتا * لأوردن خيلي الفراتا
ضعث النواصي أو يقال ماتا .
وقد جمع مالك بين الشجاعة والكرم والسخاء و الحلم، ويعدُّ مِن الأكياس الحازمين في السياسة جمع بين اللين والعنف، وقد شهد له بذلك أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال عنه: إنه ممن لا يخاف وهنه ولا سقطته، ولا بطؤه عما الإسراع إليه أحزم، ولا إسراعه إلى ما البطء عنه أمثل .
وهو خطيب بارع ، وشاعر ألمعي، وناثر متكلم، وقد استطاع أن يخمد بذلاقة لسانه مِن الفتن العمياء ما أعيى السيف إطفاؤها في كثير مِن المواقف والشواهد التي نصر فيها الحق وحارب الباطل، فهو من شخصيات التاريخ الإسلامي النادرة.
وأرسله أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى مصر بعد استشهاد محمد بن أبي بكر ، سنة (38) هـ وجعله والياً عليها، وكتب لأهل مصر:«أما بعد، فاني قد وجهت اليكم عبداً مِن عباد الله لا ينام أيام الخوف ولا ينكل عن الأعداء حذار الدوائر، أشد على الفَّجار مِن حريق النار وهو مالك بن الحارث الأشتر أخو مذحج فاسمعوا له وأطيعوا فانه سيف من سيوف الله…». فلما سافر مالك الأشتر الى مصر أرسل معاوية بن أبي سفيان شخصاً الى مالك كي يلاقيه في طريقه إلى مصر، فلقيه وسقاه العسل المسموم، فمات به ، فلما وصل خبر استشهاده الى معاوية فرح فرحاً كثيراً بحيث لم تسعه الدنيا مِن الفرح وقال: الا وان لله جنوداً من عسل. ولما بلغ نبأ استشهاده إلى أمير المؤمنين عليه السلام حزن كثيراً وتأسف على مالك فصعد المنبر وقال:
وأمَّا قبره فزعم بعضهم أنَّه في بعلبك، وقيل: هذا الزعم ليس بصحيح لأنَّ مالك الأشتر مات مسمومًا بالقلزم في طريقه إلى مصر، وقيل: إنه نقل إلى المدينة فدفن بها، قال الحموي: وقبره بالمدينة معروف.
«إنا لله وانا اليه راجعون والحمد الله رب العالمين، اللهم اني أحتسبه عندك فإنّ موته مِن مصائب الدهر، رحم الله مالكاً فلقد أوفى بعهده وقضى نحبه ولقى ربه مع انا قد وطنا أنفسنا على نصبر على كل مصيبة بعد مصابنا برسول الله صلى الله عليه وآله فانها من أعظم المصيبات».)
وقال (عليه السلام) أيضاً: «رَحِمَ اللهُ مالِكاً فَلَقَدْ كانَ لي كَما كُنْتُ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِR
تعليق